عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2008, 06:18 PM   #25
دمعة خيانه
V I P


الصورة الرمزية دمعة خيانه
دمعة خيانه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21073
 تاريخ التسجيل :  08 2007
 أخر زيارة : 18-03-2013 (05:34 AM)
 المشاركات : 6,409 [ + ]
 التقييم :  56
لوني المفضل : Cadetblue


فصل‏:‏ القسم الثاني‏:‏ متطبب جاهل باشرت يده من يطبه

فتلف به، فهذا إن علم المجني عليه أنه جاهل لا علم له، وأذن له في طبه لم يضمن، ولا تخالف هذه الصورة ظاهر الحديث، فإن السياق وقوة الكلام يدل على أنه غر العليل، وأوهمه أنه طبيب، وليس كذلك، وإن ظن المريض أنه طبيب، وأذن له في طبه لأجل معرفته، ضمن الطبيب ما جنت يده، وكذلك إن وصف له دواء يستعمله، والعليل يظن أنه وصفه لمعرفته وحذقه فتلف به، ضمنه، والحديث ظاهر فيه أو صريح‏.‏

فصل‏:‏ القسم الثالث‏:‏ طبيب حاذق

أذن له، وأعطى الصنعة حقها، لكنه أخطأت يده، وتعدت إلى عذضو صحيح فأتلفه، مثل‏:‏ أن سبقت يد الخاتن إلى الكمرة، فهذا يضمن؛ لأنها جناية خطأ، ثم إن كانت الثلث فما زاد، فهو على عاقلته، فإن لم تكن عاقلة، فهل تكون الدية في ماله، أو في بيت المال‏؟‏ على قولين‏:‏ هما روايتان عن أحمد‏.‏ وقيل‏:‏ إن كان الطبيب ذميًا، ففي ماله، وإن كان مسلمًا، ففيه الروايتان، فإن لم يكن بيت مال، أو تعذر تحميله، فهل تسقط الدية، أو تجب في مال الجاني‏؟‏ فيه وجهان أشهرهما‏:‏ سقوطها‏.‏

فصل‏:‏القسم الرابع‏:‏ الطبيب الحاذق الماهر بصناعته

اجتهد فوصف للمريض دواء، فأخطأ في اجتهاده، فقتله، فهذا يخرج على روايتين‏:‏ إحداهما‏:‏ أن دية المريض في بيت المال‏.‏

والثانية‏:‏ أنها على عاقلة الطبيب، وقد نص عليهما الإمام أحمد في خطإ الإمام والحاكم‏.‏

فصل‏:‏القسم الخامس‏:‏ طبيب حاذق

أعطى الصنعة حقها، فقطع سلعة من رجل أو صبي، أو مجنون بغير إذنه، أو إذن وليه، أو ختن صبيًا بغير إذن وليه فتلف، فقال أصحابنا‏:‏ يضمن، لأنه تولد من فعل غير مأذون فيه، وإن أذن له البالغ، أو ولي الصبي والمجنون، لم يضمن، ويحتمل أن لا يضمن مطلقًا لأنه محسن، وما على المحسنين من سبيل‏.‏ وأيضًا فإنه إن كان متعديًا، فلا أثر لإذن الولي في إسقاط الضمان، وإن لم يكن متعديًا، فلا وجه لضمانه‏.‏ فإن قلت‏:‏ هو متعد عند عدم الإذن، غير متعد عند الإذن، قلت‏:‏ العدوان وعدمه إنما يرجع إلى فعله هو، فلا أثر للإذن وعدمه فيه، وهذا موضع نظر‏.‏

فصل‏:‏ والطبيب في هذا الحديث يتناول من يطب بوصفه وقوله

وهو الذي يخص باسم الطبائعي، وبمروده، وهو الكحال، وبمبضعه ومراهمه وهو الجرائحي، وبموساه وهو الخاتن، وبريشته وهو الفاصد، وبمحاجمه ومشرطه وهو الحجام، وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر، وبمكواته وناره وهو الكواء، وبقربته وهو الحاقن، وسواء كان طبه لحيوان بهيم، أو إنسان، فاسم الطبيب يطلق لغة على هؤلاء كلهم، كما تقدم، وتخصيص الناس له ببعض أنواع الأطباء عرف حادث، كتخصيص لفظ الدابة بما يخصها به كل قوم‏.‏

فصل‏:‏ والطبيب الحاذق‏:‏ هو الذي يراعي في علاجه عشرين أمرًا

أحدها‏:‏ النظر في نوع المرض من أي الأمراض هو‏؟‏

الثاني‏:‏ النظر في سببه من أي شيء حدث، والعلة الفاعلة التي كانت سبب حدوثه ما هي‏؟‏ ‏.‏

الثالث‏:‏ قوة المريض، وهل هي مقاومة للمرض، أو أضعف منه‏؟‏ فإن كانت مقاومة للمرض، مستظهرة عليه، تركها والمرض، ولم يحرك بالدواء ساكنًا‏.‏

الرابع‏:‏ مزاج البدن الطبيعي ما هو‏؟‏

الخامس‏:‏ المزاج الحادث على غير المجرى الطبيعي‏.‏

السادس‏:‏ سن المريض‏.‏

السابع‏:‏ عادته‏.‏

الثامن‏:‏ الوقت الحاضر من فصول السنة وما يليق به‏.‏

التاسع‏:‏ بلد المريض وتربته‏.‏

العاشر‏:‏ حال الهواء في وقت المرض‏.‏

الحادي عشر‏:‏ النظر في الدواء المضاد لتلك العلة‏.‏

الثاني عشر‏:‏ النظر في قوة الدواء ودرجته، والموازنة بينها وبين قوة المريض‏.‏

الثالث عشر‏:‏ ألا يكون كل قصده إزالة تلك العلة فقط، بل إزالتها على وجه يأمن معه حدوث أصعب منها، فمتى كان إزالتها لا يأمن معها حدوث علة أخرى أصعب منها، أبقاها على حالها، وتلطيفها هو الواجب، وهذا كمرض أفواه العروق، فإنه متى عولج بقطعه وحبسه خيف حدوث ما هو أصعب منه‏.‏

الرابع عشر‏:‏ أن يعالج بالأسهل فالأسهل، فلا ينتقل من العلاج بالغذاء إلى الدواء إلا عند تعذره، ولا ينتقل إلى الدواء المركب إلا عند تعذر الدواء البسيط، فمن حذق الطبيب علاجه بالأغذية بدل الأدوية، وبالأدوية البسيطة بدل المركبة‏.‏

الخامس عشر‏:‏ أن ينظر في العلة، هل هي مما يمكن علاجها أو لا‏؟‏ فإن لم يمكن علاجها، حفظ صناعته وحرمته، ولا يحمله الطمع على علاج لا يفيد شيئًا‏.‏ وإن أمكن علاجها، نظر هل يمكن زوالها أو لا‏؟‏ فإن علم أنه لا يمكن زوالها، نظر هل يمكن تخفيفها وتقليلها أم لا‏؟‏ فإن لم يكن تقليلها، ورأى أن غاية الإمكان إيقافها وقطع زيادتها، قصد بالعلاج ذلك، وأعان القوة، وأضعف المادة‏.‏

السادس عشر‏:‏ ألا يتعرض للخلط قبل نضجه باستفراغ، بل يقصد إنضاجه، فإذا تم نضجه، بادر إلى استفراغه‏.‏

السابع عشر‏:‏ أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان، فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود، والطبيب إذا كان عارفًا بأمراض القلب والروح وعلاجهما، كان هو الطبيب الكامل، والذي لا خبرة له بذلك وإن كان حاذقًا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب‏.‏ وكل طبيب لا يداوي العليل، بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية روحه وقواه بالصدقة، وفعل الخير، والإحسان، والإقبال على الله والدار الآخرة، فليس بطبيب، بل متطبب قاصر‏.‏ ومن أعظم علاجات المرض فعل الخير والإحسان والذكر والدعاء، والتضرع والابتهال إلى الله، والتوبة، ولهذه الأمور تأثير في دفع العلل، وحصول الشفاء أعظم من الأدوية الطبيعية، ولكن بحسب استعداد النفس وقبولها وعقيدتها في ذلك ونفعه‏.‏

الثامن عشر‏:‏ التلطف بالمريض، والرفق به، كالتلطف بالصبي‏.‏

التاسع عشر‏:‏ أن يستعمل أنواع العلاجات الطبيعية والإلهية، والعلاج بالتخييل، فإن لحذاق الأطباء في التخييل أمورًا عجيبة لا يصل إليها الدواء، فالطبيب الحاذق يستعين على المرض بكل معين‏.‏

العشرون‏:‏ ـ وهو ملاك أمر الطبيب ـ أن يجعل علاجه وتدبيره دائرًا على ستة أركان‏:‏ حفظ الصحة الموجودة، ورد الصحة المفقودة بحسب الإمكان، وإزالة العلة أو تقليلها بحسب الإمكان، واحتمال أدنى المفسدتين؛ لإزالة أعظمهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعظمهما، فعلى هذه الأصول الستة مدار العلاج، وكل طبيب لا تكون هذه أخيته التي يرجع إليها، فليس بطبيب، والله أعلم‏.‏



 

رد مع اقتباس