عضـو مُـبـدع
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 3683
|
تاريخ التسجيل : 03 2003
|
أخر زيارة : 07-07-2009 (03:54 AM)
|
المشاركات :
314 [
+
] |
التقييم : 10
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
خنساء هذا العصر(قصة عجيبه ..عجيبة..عجيبة)
يقول صاحب القصة : سافرت إلى مدينة جده في مهمة رسمية وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة , يبدو أنه وقع لتوه , كنت أول من وصل إليه , أوقفت سيارتي واندفعت مسرعاً إلى السيارة المصطدمه , تحسستها في حذر , نظرت إلى داخلها , حدقت النظر , خفقات قلبي تنبض بشدة , ارتعشت يداي , تسمرت قدماي , خنقتني العبرة , ترقرقت عيناي بالدموع , ثم أجهشت بالبكاء , منظر عجيب , وصورة تبعث الشجن , كان قائد السيارة ملقى على مقودها جثة هامده , وقد شخص ببصره إلى السماء رافعاً سبابته وقد افتر ثغره عن ابتسامة جميلة , ووجهه تحيط به لحية كثيفة , كأنه الشمس في ضحاها , والبدر في سناه , العجيب أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره , محيطة بيديها على عنقه , وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة , لاإله إلا الله , لم أرى ميتهً مثل هذه الميته , طهر وسكينة ووقار , صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه , منظر سبابته التي ماتت توحد الله , ابتسامته التي فارق بها الحياة , حلقت بي بعيداً , بعيداً , تفكرت في هذه الخاتمة الحسنة , ازدحمت الأفكار في رأسي , سؤال يتردد صداه في أعماقي ,يطرق بشده , كيف سيكون الرحيل ؟؟! على أي حال ستكون الخاتمه , يطرق بشده , يمزق حجب الغفلة , تنهمر دموع الخشية , ويعلو صوت النحيب , من رآني هناك ظن أني أعرف الرجل , أو أن لي به قرابه ,كنت أبكي بكاء الثكلى , لم أكن أشعر بمن حولي , ازداد عجبي , أي والله , حين انساب صوتها , يحمل برودة اليقين , لامس سمعي , ردني إلى شعوري , يا أخي لاتبكي عليه إنه رجل صالح , هيا , هيا , أخرجنا من هناك , وجزاك الله خيراً , التفت إليها , فإذا امرأة تقبع في المقعدة الخلفية من السيارة , تضم إلى صدرها طفلين صغيرين , لم يمسا بسوء ولم يصابا بأذى , كانت شامخة شموخ الجبال , هادئة هدوء النسيم , لابكاء ولا صياح ولا عويل , أخرجناهم جميعاً من السيارة , من رآني ظن أني صاحب المصيبة دونها , قالت لناوهي تتفقد حجابها وتستكمل حشمتها في ثبات الراضي عن قضاء الله وقدره : لو سمحتم احملوا زوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى وسارعوا إلى إجراءات الغسل والدفن , واحملوني وطفلي إلى منزلنا , جزاكم الله خير الجزاء .. بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى ومن ثم إلى أقرب مقبره بعد إخبار ذويهم , وأما هي , فقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها , فردت في حياء وثبات : لاوالله , لاأركب إلا في سيارة فيها نساء , ثم أنزوت عنا جانباً وقد امسكت بطفليها الصغيرين ريثما نجد بغيتها , وتتحقق منيتها, استجبنا لرغبتها وأكبرنا موقفها , مر الوقت طويلاً ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة في تلك الأرض الخلاء , وهي ثابتهً ثبات الجبال , ساعتان كاملتان حتى مرت بنا سيارة فيها رجل وأسرته , أوقفناه , وأخبرناه خبر هذه المرأة وسألناه أن يحملها إلى منزلها فلم يمانع , عدت إلى سيارتي وأنا أعجب من هذا الثبات العظيم , ثبات الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة وأول طريق الآخرة , وثبات المرأة على حجابها وعفافها في أصعب المواقف وأحلك الظروف ثم صبرها صبر الجبال , إنه الإيمان , إنه الإيمان ((يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويظل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )) ....
الله أكبر , هل نكبر في هذه المرأة صبرها وثباتها , أم نكبر فيها حشمتها وعفافها , والله لقد جمعت هذه المرأة المجد من أطرافه , إنه موقف يعجز عنه أشداء الرجال , ولكنه نور الإيمان واليقين , أي ثبات , وأي صبر وأي يقين أعظم من هذا ,وأني لأرجوا أن يتحقق فيها قول الله تعالى (( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ))..
|