|
|
||||||||||
ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي . |
|
أدوات الموضوع |
05-12-2016, 04:47 PM | #1 | |||
عضـو مُـبـدع
|
النمور في اليوم العاشر - قصة قصيرة.
رحلت الغابات بعيدا عن النمر السجين في قفص، ولكنه لم يستطع نسيانها، وحدّق غاضبا إلى رجال يتحلقون حول قفصه وأعينهم تتأمله بفضول ودونما خوف، وكان أحدهم يتكلم بصوت هادئ ذي نبرة آمرة: "إذا أردتم حقا أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألا تنسوا في أي لحظة أنّ معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنها مهنة صعبة وسهلة في آن واحد. انظروا الآن إلى هذا النمر. إنه نمر شرس متعجرف، شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه، ولكنه سيتغير، وسيصبح وديعا ولطيفا ومطيعا كطفل صغير، فراقبوا ما سيجري بين من يملك الطعام وبين من لا يملكه وتعلموا".
فبادر الرجال إلى القول إنهم سيكونون التلاميذ المخلصين لمهنة الترويض، فابتسم المروض مبتهجا، ثم خاطب النمر متسائلا بلهجة ساخرة: "كيف حال ضيفنا العزيز؟". قال النمر: "أحضر لي ما آكله فقد حان وقت طعامي". فقال المروض بدهشة مصطنعة: "أتأمرني وأنت سجيني؟ يا لك من نمر مضحك عليك أن تدرك أني الوحيد الذي يحق له هنا إصدار الأوامر". قال النمر: "لا أحد يأمر النمور". قال المروض: "ولكنك الآن لست نمرا. أنت في الغابات نمر، أما وقد صرت في القفص فأنت الآن مجرد عبد تمتثل للأوامر وتفعل ما أشاء". قال النمر بنزق: "لن أكون عبدا لأحد". قال المروض: "أنت مرغم على إطاعتي لأني أنا الذي أملك الطعام". قال النمر: "لا أريد طعامك". قال المروض: "إذن جع كما تشاء، فلن أرغمك على فعل ما لا ترغب فيه". وأضاف مخاطبا تلاميذه: "سترون كيف سيتبدل فالرأس المرفوع لا يشبع معدة جائعة". جاع النمر، وتذكر بأسى أيام كان ينطلق كريح دون قيود مطاردا فرائسه. وفي اليوم الثاني، أحاط المروض وتلاميذه بقفص النمر، وقال المروض: "ألست جائعا؟ أنت بالتأكيد جائع جوعا يعذب ويؤلم. قل إنك جائع فتحصل على ما تبغي من اللحم". ظل النمر ساكتا، فقال المروض له: "افعل ما أقول ولا تكن أحمق. اعترف أنك جائع فتشبع فورا". قال النمر: "أنا جائع". فضحك المروض وقال لتلاميذه: "ها هو ذا قد سقط في فخ لن ينجو منه". وأصدر أوامره، فظفر النمر بلحم كثير. وفي اليوم الثالث، قال المروض للنمر: "إذا أردت اليوم أن تنال طعامك، نفّذ ما سأطلب منك". قال النمر: "لن أطيعك". قال المروض: "لا تكن متسرعا فطلبي بسيط جدا. أنت الآن تحوص في قفصك، وحين أقول لك قف، فعليك أن تقف". قال النمر لنفسه: "إنه فعلا طلب تافه ولا يستحق أن أكون عنيدا وأجوع". وصاح المروض بلهجة قاسية آمرة: "قف". فتجمد النمر توّا، وقال المروض بصوت مرح: "أحسنت". فسرّ النمر، وأكل بنهم بينما كان المروض يقول لتلاميذه "سيصبح بعد أيام نمرا من ورق". وفي اليوم الرابع، قال النمر للمروض: "أنا جائع فاطلب مني أن أقف". فقال المروض لتلاميذه: "ها هو بدأ يحب أوامري". ثم تابع موجها كلامه إلى النمر: "لن تأكل اليوم إلا إذا قلّدت مواء القطط". فكظم النمر غيظه، وقال لنفسه: "سأتسلى إذا قلدت مواء القطط". فقلّد مواء القطط فعبس المروض، وقال باستنكار: "تقليدك فاشل. هل تعدّ الزمجرة مواء". فقلّد النمر ثانية مواء القطط، ولكن المروض ظل متجهم الوجه، وقال بازدراء: "اسكت اسكت تقليدك ما زال فاشلا. سأتركك اليوم تتدرب على مواء القطط، وغدا سأمتحنك فإذا نجحت أكلت، أما إذا لم تنجح فلن تأكل". وابتعد المروض عن قفص النمر وهو يمشي بخطى متباطئة، وتبعه تلاميذه وهم يتهامسون متضاحكين. ونادى النمر الغابات بضراعة، ولكنها كانت نائية. وفي اليوم الخامس، قال المروض للنمر: "هيا، إذا قلدت مواء القطط بنجاح نلت قطعة كبيرة من اللحم الطازج". قلد النمر مواء القطط، فصفق المروض، وقال بغبطة: "عظيم أنت.. تموء كقط في شباط". ورمى إليه بقطعة كبيرة من اللحم. وفي اليوم السادس، ما أن اقترب المروض من النمر حتى سارع النمر إلى تقليد مواء القطط. ولكن المروض ظل واجما مقطب الجبين، فقال النمر "ها أنا قد قلدت مواء القطط". قال المروض: "قلّد نهيق الحمار". قال النمر باستياء: "أنا النمر الذي تخشاه حيوانات الغابات، أقلد الحمار؟ سأموت ولن أنفذ طلبك". فابتعد المروض عن قفص النمر دون أن يتفوه بكلمة. وفي اليوم السابع، أقبل المروض نحو قفص النمر باسم الوجه وديعا، وقال النمر: "أريد أن آكل". قال المروض: "اللحم الذي ستأكله له ثمن، انهق كالحمار تحصل على الطعام". فحاول النمر أن يتذكر الغابات، فأخفق، واندفع ينهق مغمض العينين، فقال المروض: "نهيقك ليس ناجحا، ولكني سأعطيك قطعة من اللحم اشفاقا عليك". وفي اليوم الثامن، قال المروض للنمر: "سألقي مطلع خطبة، وحين سأنتهي صفق إعجابا". قال النمر "سأصفق". فابتدأ المروض إلقاء خطبته، فقال "أيها المواطنون.. سبق لنا في مناسبات عديدة أن أوضحنا موقفنا من كل القضايا المصيرية، وهذا الموقف الحازم الصريح لن يتبدل مهما تآمرت القوى المعادية، وبالإيمان سننتصر". قال النمر "لم أفهم ما قلت". قال المروض: "عليك أن تعجب بكل ما أقول وأن تصفق إعجابا به". قال النمر: "سامحني. أنا جاهل أمي، وكلامك رائع وسأصفّق كما تبغي". وصفق النمر فقال المروض: "أنا لا أحب النفاق والمنافقين، ستحرم اليوم من الطعام عقابا لك". وفي اليوم التاسع، جاء المروض حاملا حزمة من الحشائش وألقى بها للنمر وقال: "كل". قال النمر: "ما هذا؟ أنا من آكلي اللحوم". قال المروض: "منذ اليوم لن تأكل سوى الحشائش". ولما اشتد جوع النمر، حاول أن يأكل الحشائش، فصدمه طعمها، وابتعد عنها مشمئزا، ولكنه عاد إليها ثانية، وابتدأ يستسيغ طعمها رويدا رويدا. وفي اليوم العاشر، اختفى المروض وتلاميذه والنمر والقفص، فصار النمر مواطنا، والقفص مدينة. قصة قصيرة - زكريا تامر. المصدر: نفساني
|
|||
|
06-12-2016, 09:41 PM | #2 |
مراقبة إداريه
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيْكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىْ)
|
يا الله
هذا الكاتب اتعبتني كتاباته حينما تحس ما يرمز إليه تتوجع الله يفرج عن سوريا كربتها و يديم عليها عزتها و يطهرها من الحقد و الاشرار و المخربين و يحفظها أبيه محط فخر العرب و المسلمين يارب يا كريم. |
|
07-12-2016, 09:12 AM | #3 | |
عضـو مُـبـدع
|
اقتباس:
اللهم آمين. |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|