راحة ذهنية

راحة ذهنية

راحة ذهنية
والامتناع عن الاكل والشرب وحتى الجماع في نهار رمضان، له تأثيرات كيميائية على الدماغ، فالدماغ والمخ يكون في حالة راحة من جانب الفم، وعندما يكون في حالة راحة تفرز الخلايا العصبية في الدماغ افرازات ايجابية تساعد على الاسترخاء، فكل خلايا الدماغ تكون في حالة راحة عندما تكون في حالة الصيام من خلال الامتناع عن الطعام والشراب والجماع والجدال والنقاش، فالجانب الذهني يكون مرتاحا، والتعب يأتي من الجانب الذهني، وليس الجسدي، ففي الحال الطبيعية يكون الجانب الذهني مشغولا، يعني ان التعب يأتي من الاستنزاف الذهني عن طريق التفير، والتفكير السلبي يجعل الدماغ يعمل اكثر من اللازم، والمجهود العضلي لا يعطي نتيجة لخمائر التعب مثل المجهود الذهني.

كل خلية عصبية داخل الدماغ تفرز افرازات معينة، ايجابية وغير ايجابية، ولهذه الافرازات اسماء مختلفة، ولكن لنطلق عليها الموصلات العصبية، فإذا كانت في حال ايجابية يعني انها سوف تعطي رسائل ايجابية، ومن ثم حركة ايجابية طبيعية.

وعندما تفرز الافرازات العصبية بشكل جيد، ويوصل الدماغ الرسالة بشكل جيد ويفكر الانسان تفكيرا جيدا ماذا يحدث؟ راحة للمعدة، والمعدة بيت الداء.

فكم من انسان كان يشعر بالتعب والتوتر والانشغال الفكري والذهني حتى يشعر كأن على معدته «طابوقة». ونضيف الى ذلك القولون، وراحة المعدة والقولون جاء لأن الصوم غسل رائع للدماغ، اولا ثم للنفس وايضا لخلايا الجسم وما حواه.

حقيقة التعب
وللتأكيد على ان التعب نفساني وليس جسديا، يقول د. الطاهر:

قامت احدى شركات التأمين بدراسة ووجدت ان العمال الذين يعملون ليل نهار تعبون ويعتقدون ان تعبهم جسدي، ولكن الدراسة اوضحت ان التعب نفساني وفكري، فهو يجلس بعد يوم عمل كامل، لا يفكر في ماذا عمل، وانما يفكر «هل هم قدروني، من يسأل عني، اهلي وزوجتي، هل ما أتقاضاه مناسب لما اقوم به، وهكذا.. امور فكرية ونفسية وليست جسدية، وتعب الجسد يذهب بسويعات قليلة، ساعتين او ثلاث ساعات نوم يسترد بها عافيته، فالصوم رائع جدا لعلاج الصداع والتوتر والكآبة والتقلبات المزاجية، فهو علاج لكل الضغوطات الحياتية، صلة الارحام ووصل القطيعة والتسامح وغير ذلك كثير.

الضيق والتبرم
ودراسة اخرى اجراها عالم انكليزي اسمه هادفيلد مؤلف كتاب «سيكولوجية القوة».. يقول فيها هذا العالم ان اغلب القلق والتوتر يأتي عن طريق ما يفكر فيه الانسان من ضيق وتبرم وليس مما يقوم به من اعمال جسمانية، وهذا دليل على ان الانسان في حال الصوم لا يشعر بالتعب لانه اراحة للدماغ من الفكر، يقول هادفيلد ان التعب يأتي من الافكار السلبية النفسية.

ويؤكد هادفيلد انه اذا صام الانسان تخلص من التعب وبالطبع هو لا يقصد صوم رمضان وانما يقصد الامتناع عن الطعام والتركيز على بعض الأنواع الخفيفة من الطعام.

الصوم تطهير معنوي ومادي وفرصة لان ندخل في ضيافة الله عز وجل شهرا واحدا من بين اثني عشرا شهرا، فلماذا لا نغتنمها من رمضان الى رمضان آخر، فعندما ندخل في ضيافة الله علينا نفسيا وسيكولوجيا تغيير سلوكياتنا ونظامنا لانه ليس لدينا ضمانة بأننا سوف نبقى احياء حتى رمضان القادم، فهو وقفة مع النفس لتقييم الاداء والدخول في ركاب التوبة، والله يغفر الذنوب جميعا الا ان نشرك به، واقول هذا لمن لديهم ذنوب ويعتقدون انها لن تغتفر.. هذه كلها عبارة عن تغيرات نفسية بالنسبة للصائم.

تجربة عملية

طبيب اجرى تجربة، اتى بمجموعة من المرضى الذين يتناولون ادوية للاكتئاب، ومجموعة اخرى اعطاهم دواء وهميا «بلاسيبو» وجعلهم يدخلون مرحلة الصوم وهم واهمون انهم يتناولون العلاج. فوجد ان التأثيرات على هذه المجموعة الاخيرة (وهم مرضى اكتئاب ايضا) الذين تدربوا على الصيام وصاموا وادخلوا في برنامج كامل من قراءة القرآن والعبادات والزيارات وغيرها، ان التأثيرات النفسية على هذه المجموعة افضل من الاخرى من حيث: التفكير، المزاج، الشفاء، تصرفاتهم افضل مع زوجاتهم، العصبية خفت، النوم اعتدل، التفكيرات السلبية قلت كثيرا والانفعال قل.

اما المجموعة الاخرى التي تناولت الادوية ولم تصم، فقد ترك الدواء تأثيرا ولكنها ليست كل تلك التأثيرات التي تركها الصيام، ولا اقصد بذلك ان يترك المرضى ادويتهم، ولكنها فرصة لمزيد من التحسن بالصيام الى جانب العلاج.

المصدر: نفساني