|
|
||||||||||
الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) |
|
أدوات الموضوع |
12-02-2011, 05:34 PM | #1 | |||
عـضو أسـاسـي
|
ألا بذكر الله تطمئن القلوب..
سعادة الإنسان في هذه الحياة في اطمئنان قلبه ، وراحة باله ، واستقرار خواطره ، وقد أرشد الله عباده في كلمة موجزة حكيمة إلى الوسيلة التي تحقق لهم هذه السعادة وتقيهم من عذاب القلق والاضطراب ، وآلام الجزع والهلع ، وشقاء الشك والارتياب ، فقال جل ثناؤه ، وهو أصدق القائلين : { أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ الرعد : 28 ] . وذكر الله الذي تطمئن به القلوب ، ليس هو مجرد ترديد اللسان لاسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته ، وإنما هو تذكر ألوهيته وعظمته ، واستشعار رأفته ورحمته ، وقهره وعزته ، واستحضار حكمته في سننه ، وعدالته في قضائه . فمن رَاضَ نفسه على أن يتذكر ربه في جميع حالاته : في سرائه وضرائه ، وفي شدته ورضائه ، وفي صحته وسقمه ، وفي طاعته ومعصيته ، أسند كل أمر إلى مصدره واطمأن إلى حكمة الله فيما نزل به ، فَسَكن قلبه ، واستراح من الهم والحزن على ما فاته ، ومن الزَّهو والبطر بما جاءه ، وأًمِن متاعب القلق والاضطراب . - فإذا ابْتُلى بفقد عزيز عليه ، أو بكارثة نزلت به ، وتذكر ربه وأن كل ما كان وما يكون ، إنما هو مقتضى إرادته ونفاذ لحكمه ، وإنه لا رادَّ لما أراده ، ولا مُعقب لحكمه ، واطمأن قلبه ، وسكن إلى ما قضى به ربه ، وسلم واستسلم ، ولم يجد في صدره حرجا مما أراد الله ، ولا اعتراضًا على ما حكم به الله ؛ وفي هذا الاطمئان عزاء وسلوان ، ورضا وراحة بال . قال تعالى : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [ الحديد : 22 ] . - وإذا خسر التاجر في تجارته ، أو خاب العامل في سعيه ، أو رسب الطالب في امتحانه ، أو فات الإنسان أي خير كان يرجوه ، وتذكَّر ربه ، وأنه لن يصيب أحدًا إلا ما كتبه الله له ، وإن يرده بخير فلا رادَّ لفضله ، اطمأن قلبه إلى أن ما فاته لم يكن له ، وإلى أنه لو كان له ما فاته ، وفي هذا راحة من الاسترسال في الهم والحزن ووقاية من السخط واليأس ، قال تعالى : { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ } [ فاطر : 2 ] . - وإذا أوتى الإنسان نعمة وزاده الله بسطة في الرزق والعلم ، أو العافية أو الثراء أو الجاه ، وتذكَّر ربه ، وأن هذا الذي ينعم فيه – إنما هو من فضل الله عليه ، وإحسانه إليه – اطمأن قلبه إلى رحمة الله وكرمه ، وانطلق لسانه بحمده وشكره ، وشكر النعمة يزيد المنعم كرما وإحسانًا . قال تعالى : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] . - وإذا وُفق الإنسان إلى طاعة ربه والعمل بما يُرضيه ، وتقرَّب إليه وتذكر ربه ، وأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا ، وأنه إنما يجزى العامل على نيته ، وأنه ينظر إلى القلوب والسرائر ، لا إلى الصور والظواهر ، أخلص في عمله ؛ وَوَجَّه وَجْهَهُ لمن يهديه ويجزيه . قال صلى الله عليه وسلم : "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" . - وإذا وقع الإنسان في خطيئة أو اقتراف إثماً وتذكَّر ربه ، وأنه غافر الذنب وقابل التوبة لم ييأس من رحمة الله ، ووجد السبيل ممهدة للتوبة والإنابة ، ورجاء العفو والمغفرة ، قال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ } [ آل عمران : 135 ] . فتذكر الله وصفاته وآيات رحمته وقدرته ، يحي الضمير ، ويوقظ حاسة الخير ، وتسكن النفس إلى الحقائق ، وبهذا يطمئن القلب وتهون الشدة ، ويستحق الإنسان معونة ربه وتوفيقه . روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "يقول الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني " . ومن هذا نتبين الحكمة في أن الله أعد المغفرة والأجر العظيم ، للذاكرين الله كثيرًا والذاكرات . وعدّ أولى الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودًا وعلى جنوبهم . وعدَّ ذكر الله أكبر من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر . {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } [ العنكبوت : 45 ] . ونتبين الحكمة في أن الله سبحانه توعَّد الغافلين عن ذكره ، ونهى عن طاعتهم واتباعهم ، وأمر باجتنابهم والإعراض عنهم فقال عز شأنه : { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } [ الكهف : 28 ] وقال سبحانه : { فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } [ لنجم : 29 ] . وقال جل ثناؤه : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [ الزخرف : 36 ] . ذلك لأن الغافل عن ذكر ربه لا يستشعر آياته وصفاته في محنة ولا نعمة ولا في طاعة ولا معصية يشقى حتى في النعمة ويضل حتى في الطاعة . فإن أصابته محنة لم يجد ملجأ ولا مفزعا وتضيق الدنيا في وجهه وتتراكم خواطر الشر والسوء في عقله ، ويستولى عليه اليأس والقنوط ، مصداق قول الله سبحانه : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً } [ طـه : 124 ] . وإذا ناله خير استقبله بالأَشَر والبطر ، والزهو والغرور ؛ وفي غفلة عن ذكر الله يستخدم نعم الله لمعصيته ، ولهذا يعرض النعمة للزوال . وفي الأثر يقول : " إذا رأيتم الله يعطى العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته ، فإن ذلك منه استدراج ، ثم تلا قوله تعالى : { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } [ الأنعام : 44 ] آي آسفون حزنون . وإذا وفق إلى طاعته اغتر بظاهر عمله ، ونسى أن لن يدخل أحد الجنة بعمله ، إلا أن يتغمده الله برحمته ، ويتقبل عمله بقبول حسن وإذا وقع في معصية استمرأ العصيان وأصر على ما فعل ، وران على قلبه ما كسبه . اللهم إنا نسألك قلباً مطمئناً خاشعا ولساناً ذاكراً وعلماً نافعاً وعملاً صالحاً. د. عبد الوهاب خلاف.. المصدر: نفساني |
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|