المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

أحتياج الى مجرمة

هديل الفضل تخرج من مدينتها غارقة بالدّموع، آملة أن يكون العالم الآخر مخيفًا وكئيبًا إلى حدّ معقول. غريبة تأتي، لا مدينة تعرف ولا أصحابًا، تجهل العالم الذي هي مقدمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 25-07-2012, 12:01 AM   #1
بسمة الغد
نائب المشرف العام سابقا


الصورة الرمزية بسمة الغد
بسمة الغد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23323
 تاريخ التسجيل :  03 2008
 أخر زيارة : 21-11-2016 (11:29 PM)
 المشاركات : 5,253 [ + ]
 التقييم :  217
 الدولهـ
Jordan
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Burlywood
أحتياج الى مجرمة









هديل الفضل


تخرج من مدينتها غارقة بالدّموع، آملة أن يكون العالم الآخر مخيفًا وكئيبًا إلى حدّ معقول. غريبة تأتي، لا مدينة تعرف ولا أصحابًا، تجهل العالم الذي هي مقدمة عليه. ليس ثمة زيارة قريبة، فلتودّعْ زوجها ولتنظرْ إليه طويلاً، تحفظ ملامح وجهٍ لتبقيها سنين غياب قادمة. تعانق ابنها، وتحاول أن تمنحه حبًّا يشفي جرح فراق فترة استئجارها/استقدامها.
خيار صعب أن تكون مستقدَمًا، تنتظر منحة لمغادرة بلادك، للعمل لدى آخرين ربما لن يعرفوا اسمك الحقيقيّ أبدًا. الاسم الذي يغيّر ويبدّل إلى اسم آخر، ولكنة تليق بمقام سيّدة المنزل. أن تُرغم على اسم لم تُنادَ به، أهون كثيرًا من أن تلعن اسمك مع كلّ مرّة تُنادى فيها لتتلقّى أمرًا أو توبيخًا. الخادمات يكرهْنَ أسماءهنّ، ولا غرابة.
حين تطأ قدماها المنزل، تتلقّى مهامّها الأساسيّة: الأمّ، الطّبّاخة، المسؤولة عن الصّحن الذي تحطّم على يد الصّبي، الماء المنسكب من كأس طفلة، صفحات الصّحائف المبعثرة، وأيضًا بحجم مضاعف خادمة.
تُعامل كآلة متحرّكة، تُعطى عددًا من الرّيالات، وهذا يوجب استغلالها في كلّ ساعة منزليّة. تُحاسب على أخطائها، تُحرم حتّى من ميزات الآلة الحقيقيّة أحيانًا. الوحيدة، التي يجب أن تعمل في الصّباح والمساء، لا تكلّ ولا تملّ ولا تتوقّف، متعدّدة المهام، مفرغة من أيّ إحساس قد يغرّد في قلبها. تصحو لتعمل، تنام كيلا تعدَم.
في كلّ مرّة تُرغم الخادمة على تهدئة الطّفل ومساعدته على الاستغراق في النّوم، تتذكّر الأغنية التي كانت تشدوها بحبّ على طفلها الذي افتقد نكهة حليبها.
كلّ يوم نتحدّث على الأقلّ مع عشرة أشخاص، نرى التّلفاز، نقرأ الصّحف، نخلو مع أنفسنا بأجهزتنا الإلكترونيّة. بينما تعيش هي في غرفة صغيرة، تتسلّى بمجلاّت قديمة تخبّئها تحت سريرها، حلوى لم تكن من نصيب أحد، ورسائل مكوّمة مكتوبة وغير مكتوبة في قلبها ودفترها.
يكفيها من التّعب والضّياع مغادرة منزلها، توديع زوجها، أطفالها، أمّها. كم سيكون حجم تعاستك حين يمرّ يوم عليك لم تنطق بكلمة عربيّة مع شخص عربيّ! أولئك يفتقدون حتّى "النكتة" التي من السّهل إضحاكهم فيها.
حين تكون خادمة، وحين تتلقّى شيئًا بسيطًا من التّرفيه، تأكّد بأنّه سيُسلب منك بطريقة أخرى، في وقت ما، وقد تكون لم تنس لذّته بعد.
الإنسانيّة التي تتمحور حول الخادمة، معدومة. بُنيت أفكار الجيل على أنّ "هذه"، جاءت غريبة وتظلّ غريبة. هي هنا لتلبّي احتياجاتنا المنزليّة، ولتسرق أشياءنا دومًا. ربّما يكون بعض ذلك حقيقة، لكن إن لم يكن لديها ما تريد، ستظلّ الحاجة تلحّ عليها كي تجد ما تريد.
وعلى الرّغم من حاجتنا الملحّة لها، وعدم مقدرتنا على الاستغناء عنها، إلاّ أنّها لا تحتاج سوى إلى معاملة لطيفة وأسلوب يليق بها كأنثى: ابتسامة، سؤال صباحيّ عن حالها، تمنّي أحلام ليليّة، والقليل من المساعدة.
لِنعطِها حقوقها. خصوصيّتها التي تستحقّها كامرأة قبل أن تُعامل كخادمة. لا كصدقة من قلوبنا الرّحيمة المستضعفة بنظراتهم، بل كحقّ غير متفضّل به عليها. لها الحقّ أن يُنظر إليها حين تُخاطب أو تُؤمر، لها أن تدافع عن أخطائها غير المقصودة، لها أن تُعامل كإنسان يأخذ ويعطي؛ إذ لن أمدّ يدي لكَ؛ آن تغرق في يوم ما، وأنت الذي كنت تطعمني كلّ يوم جمرة.
مجتمعيًّا، ما يُؤخذ على الخادمة مشين، ويخجلنا كبلد مسلم يتّبع خُطًا محمديّة. حين تُذكر الخادمة في بلدي، يتحدّثون عنها بأمرين: الحاجة لها، والشّرّ الذي تجلبه إلى منزلهم. وحين تُذكر جرائمها المتماثلة دومًا، لا تُذكر الجرائم المتنوّعة المرتكبة في حقّها أبدًا.
















هديل الفضل


تخرج من مدينتها غارقة بالدّموع، آملة أن يكون العالم الآخر مخيفًا وكئيبًا إلى حدّ معقول. غريبة تأتي، لا مدينة تعرف ولا أصحابًا، تجهل العالم الذي هي مقدمة عليه. ليس ثمة زيارة قريبة، فلتودّعْ زوجها ولتنظرْ إليه طويلاً، تحفظ ملامح وجهٍ لتبقيها سنين غياب قادمة. تعانق ابنها، وتحاول أن تمنحه حبًّا يشفي جرح فراق فترة استئجارها/استقدامها.
خيار صعب أن تكون مستقدَمًا، تنتظر منحة لمغادرة بلادك، للعمل لدى آخرين ربما لن يعرفوا اسمك الحقيقيّ أبدًا. الاسم الذي يغيّر ويبدّل إلى اسم آخر، ولكنة تليق بمقام سيّدة المنزل. أن تُرغم على اسم لم تُنادَ به، أهون كثيرًا من أن تلعن اسمك مع كلّ مرّة تُنادى فيها لتتلقّى أمرًا أو توبيخًا. الخادمات يكرهْنَ أسماءهنّ، ولا غرابة.
حين تطأ قدماها المنزل، تتلقّى مهامّها الأساسيّة: الأمّ، الطّبّاخة، المسؤولة عن الصّحن الذي تحطّم على يد الصّبي، الماء المنسكب من كأس طفلة، صفحات الصّحائف المبعثرة، وأيضًا بحجم مضاعف خادمة.
تُعامل كآلة متحرّكة، تُعطى عددًا من الرّيالات، وهذا يوجب استغلالها في كلّ ساعة منزليّة. تُحاسب على أخطائها، تُحرم حتّى من ميزات الآلة الحقيقيّة أحيانًا. الوحيدة، التي يجب أن تعمل في الصّباح والمساء، لا تكلّ ولا تملّ ولا تتوقّف، متعدّدة المهام، مفرغة من أيّ إحساس قد يغرّد في قلبها. تصحو لتعمل، تنام كيلا تعدَم.
في كلّ مرّة تُرغم الخادمة على تهدئة الطّفل ومساعدته على الاستغراق في النّوم، تتذكّر الأغنية التي كانت تشدوها بحبّ على طفلها الذي افتقد نكهة حليبها.
كلّ يوم نتحدّث على الأقلّ مع عشرة أشخاص، نرى التّلفاز، نقرأ الصّحف، نخلو مع أنفسنا بأجهزتنا الإلكترونيّة. بينما تعيش هي في غرفة صغيرة، تتسلّى بمجلاّت قديمة تخبّئها تحت سريرها، حلوى لم تكن من نصيب أحد، ورسائل مكوّمة مكتوبة وغير مكتوبة في قلبها ودفترها.
يكفيها من التّعب والضّياع مغادرة منزلها، توديع زوجها، أطفالها، أمّها. كم سيكون حجم تعاستك حين يمرّ يوم عليك لم تنطق بكلمة عربيّة مع شخص عربيّ! أولئك يفتقدون حتّى "النكتة" التي من السّهل إضحاكهم فيها.
حين تكون خادمة، وحين تتلقّى شيئًا بسيطًا من التّرفيه، تأكّد بأنّه سيُسلب منك بطريقة أخرى، في وقت ما، وقد تكون لم تنس لذّته بعد.
الإنسانيّة التي تتمحور حول الخادمة، معدومة. بُنيت أفكار الجيل على أنّ "هذه"، جاءت غريبة وتظلّ غريبة. هي هنا لتلبّي احتياجاتنا المنزليّة، ولتسرق أشياءنا دومًا. ربّما يكون بعض ذلك حقيقة، لكن إن لم يكن لديها ما تريد، ستظلّ الحاجة تلحّ عليها كي تجد ما تريد.
وعلى الرّغم من حاجتنا الملحّة لها، وعدم مقدرتنا على الاستغناء عنها، إلاّ أنّها لا تحتاج سوى إلى معاملة لطيفة وأسلوب يليق بها كأنثى: ابتسامة، سؤال صباحيّ عن حالها، تمنّي أحلام ليليّة، والقليل من المساعدة.
لِنعطِها حقوقها. خصوصيّتها التي تستحقّها كامرأة قبل أن تُعامل كخادمة. لا كصدقة من قلوبنا الرّحيمة المستضعفة بنظراتهم، بل كحقّ غير متفضّل به عليها. لها الحقّ أن يُنظر إليها حين تُخاطب أو تُؤمر، لها أن تدافع عن أخطائها غير المقصودة، لها أن تُعامل كإنسان يأخذ ويعطي؛ إذ لن أمدّ يدي لكَ؛ آن تغرق في يوم ما، وأنت الذي كنت تطعمني كلّ يوم جمرة.
مجتمعيًّا، ما يُؤخذ على الخادمة مشين، ويخجلنا كبلد مسلم يتّبع خُطًا محمديّة. حين تُذكر الخادمة في بلدي، يتحدّثون عنها بأمرين: الحاجة لها، والشّرّ الذي تجلبه إلى منزلهم. وحين تُذكر جرائمها المتماثلة دومًا، لا تُذكر الجرائم المتنوّعة المرتكبة في حقّها أبدًا.









المصدر: نفساني



 
التعديل الأخير تم بواسطة بسمة الغد ; 25-07-2012 الساعة 12:07 AM

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:25 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا