|
|
||||||||||
الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) |
|
أدوات الموضوع |
30-05-2014, 11:57 PM | #1 | |||
مشرف ملتقى الرقية الشرعية
|
الحيــاء من الإيمـــان
الحيــاء من الإيمـــان
تاريخ النشر: 2014-05-30 للشيخ يسف جمعة سلامة الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام ، وشرح صدورنا للإيمان ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد : - أخرج الإمام الترمذي في سننه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : اسْتَحْيُوا مِن اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قَالَ: قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاسْتِحْيَاءَ مِن اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَتذكَّر الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ )(1). هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي في سننه، في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، باب (24). إن ديننا الإسلامي الحنيف يدعو إلى مكارم الأخلاق، فقد دعا إلى كل فضيلة ونهى عن كل رذيلة، ومن المعلوم أن نبينا – صلى الله عليه وسلم- جاء ليرشد البشرية إلى الخير، كما أخذ بأيديهم من الظلمات إلى النور، ومن الجُبْن إلى الشجاعة، ومن البُخل إلى السخاء والكرم ، ومن الرذائل إلى الفضائل، ومن الظلم إلى العدل ، ومن الخيانة إلى الأمانة ، ومن الكذب إلى الصدق . وعلى رأس الصفات الكريمة والمناقب الحميدة، التي تدل على عُمْق الإيمان وطهارة القلب وصفاء النفس: صفة الحياء، التي ما وُجدت في شيء إلا زانته ، وما فُقِدت من شيء إلا شانته، فالحياء صفةٌ عظيمة وخُلُق كريم، حَرِيٌ بكلّ مسلم أن يتصف به في كلّ حين ، ولله در القائل : إذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي وَلَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ فَلا وَاَللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ وَلا الدُّنْيَا إذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ يَعِيشُ الْمَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ وَيَبْقَى الْعُودُ مَا بَقِيَ اللِّحَاءُ ومن المعلوم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان أشدّ حياءً من العذراء في خدرها، كما جاء في الحديث الشريف عن أبي سعيد الخُدْري – رضي الله عنه – قال : (كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَشَدَّ حَيَاءً مِن الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا) (2). إن الحياء شعبة من شُعَب الإيمان كما جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه -قَالَ : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ )( 3) ، كما ويبعث في النفس معاني الخير كما جاء في الحديث الشريف عن عمران بن حُصَين – رضي الله عنهما – قال : قال النبيّ – صلى الله عليه وسلم : ( الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ ) (4) وفي رواية :[ (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ) قال: أَوْ قَالَ : (الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ)] (5 )، وجاء في حديث آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( الْحَيَاءُ مِن الإِيمَانِ، وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ )(6 ). ورحم الله الإمام الشافعي الذي قال: إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَلِيمًا مِنَ الأَذَى وَحَظُّكَ مَوْفُورٌ وَعِرْضُكَ صَيِّنُ لِسَانكَ لا تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ فَكُلُّكَ عَـوْرَات وَلِلنَاسِ أَلْسُـنُ وَعَيْنك إِنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَسَاوِئاً فَصُنْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ وعَاشِرْ بِمَعْرُوفٍ وَسَامِحْ مَنِ اعْتَـدَىَ وَفَارقْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وقد ذكرت السنة النبوية الشريفة فضل الحياء في عدد من الأحاديث النبوية منها: · عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ) (7 ). · عَنْ أَنَسٍ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلا شَانَهُ، وَما كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ) (8 ). · عن ابن عمر- رضي الله عنهما -، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : (الْحَيَاءُ والإِيمَان قُرَنَاءُ جميعًا، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر) (9 ) . · عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ )(10 ). حياؤه– صلى الله عليه وسلم - إن حياة رسولنا – صلى الله عليه وسلم – تُعَدّ نبراساً ومنهاجاً لبناء الشخصية المسلمة التي تتسم بالحق والخير والسموّ والاعتدال، فعظمته – صلى الله عليه وسلم- تُشرق في جميع جوانب حياته ، ومن المعلوم أن الحياء ليس مجرد صفة جُبلَ عليها سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم – ، بل هي صفة محمودة في شريعة الإسلام، يُثْني عليها رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – ويأمر أصحابه بالتخلّق بها، كيف لا؟ وقد وصفه الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم بالحياء، كما جاء في سورة الأحزاب:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ } (11) ، كما وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا، فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو ،فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: فارْفَعُوا طَعَامَكُمْ. وَبَقِيَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ. فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ. ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا ثَلاثَةٌ مِنْ رَهْطٍ فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ -وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَدِيدَ الْحَيَاءِ- فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ ، فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الْقَوْمَ خَرَجُوا ،فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ)(12). رجل تستحيي منه الملائكة أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدِ بنِ الْعَاصِ أَنَّ سَعِيدَ بنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعُثْمَانَ حَدَّثَاهُ ( أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ لابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ ا نْصَرَفَ . قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ: اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ . فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ لا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ ) (13 ) . هذا الحديث يبين لنا أنَّ مِنْ حياء رسولنا – صلى الله عليه وسلم- أنه يستحي ممّن يتصفون بالحياء، فقد كان صاحبه عثمان – رضي الله عنه – شديد الحياء؛ لذا كان– عليه الصلاة والسلام– يعامله بما يتناسب مع حاله. فما أعظم أن نتخلق بخلقه – صلى الله عليه وسلم – ونَتَأَسَّى بهديه وسننه، كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (14)، فإذا كان الحياء خُلُق الإسلام فما أجمل أن نَتَخَلَّق به، لأنه يُضفي على الفؤاد نوراً يمشي به صاحبه في الناس، فلا يسقط في عثرة ، ولا يقع في زلّة ، ولا ينحرف عن الطريق السويّ. هذا هو ديننا الإسلامي الحنيف الذي يرشدنا إلى وجوب التحلي بخُلُق الحياء، فالحياء من مكارم الأخلاق، وعندما نتمسك بالأخلاق الفاضلة فإنها تعود علينا بكل خير، فالرسالة الإسلامية جاءت من أجل إتمام مكارم الأخلاق لقوله -صلى الله عليه وسلم- : (إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ)(15). وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين الهوامش : 1- أخرجه الترمذي 2- أخرجه البخاري 3- أخرجه مسلم 4- أخرجه البخاري 5- أخرجه مسلم 6- أخرجه الترمذي 7-أخرجه البخاري 8- أخرجه الترمذي 9- أخرجه الحاكم 10- أخرجه ابن ماجه 11- سورة الأحزاب الآية (53) 12- أخرجه البخاري 13- أخرجه مسلم 14- سورة الأحزاب الآية (21) 15- أخرجه أحمد `111`1` المصدر: نفساني |
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|