المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18-05-2009, 07:15 PM   #271
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد إن الملك أرمانوس لما عزل نفسه من الملك سلطن الملكة بدور وألبسها بدلة الملك ودخلت الأمراء جميعاً على الملكة بدور وهم لا يشكون في أنها شاب وصار كل نظر إليهم منهم جميعاً يبل سراويله لفرط حسنها وجمالها فلما تسلطنت الملكة بدور ودقت لها البشائر بالسرور شرع الملك أرمانوس في تجهيز ابنته حياة النفوس وبعد أيام قلائل أدخلوا الملكة بدور على حياة النفوس فكانتا كأنهما بدران اجتمعا أو شمسان في وقت طلعا فردوا عليهما الأبواب وأرخوا الستائر بعد أن أوقدوا لهما الشموع وفرشوا لهما الفرش فعند ذلك جلست الملكة بدور مع الملكة حياة النفوس فتذكرت محبوبها قمر الزمان واشتدت بها الأحزان فسكبت العبرات وأنشدت هذه الأبيات :
يا راحلين وقلـبـي زائد الـقـلـق ...... لم يبق بينكم في الجسم مـن رمق
قد كان لي مقلة تشكو السهـاد وقـد ...... أذابها الدمع يا ليت السهـاد بـقي
لما رحلتم أقام الـضـب بـعـدكـم ...... ولكن سلوا عنه ماذا في البعاد لقي
لولا جفوني وقد فاضت مدامـعـنـا ...... توقدت عرصات الأرض من حرقي
أشكو إلى الله أحبابـاً عـدمـتـهـم ...... لم يرحموا صبوتي فيهم ولا قلـقي
لا ذنب لي عندهم إلا الغرام بـهـم ...... والناس بين سعيد في الهوى وشقي
ثم إن الملكة بدور لما فرغت من إنشادها جلست إلى جانب الملكة حياة النفوس وقبلتها في فمها ونهضت من وقتها وساعتها وتوضأت ولم تزل تصلي حتى نامت الملكة حياة النفوس ثم دخلت الملكة بدور معها في الفراش وأدارت ظهرها إلى الصباح ، فلما طلع النهار دخل الملك هو وزوجته إلى ابنتهما وسألاها عن حالها فأخبرتهما بما جرى وما سمعته من الشعر .
هذا ما كان من أمر حياة النفوس وأبويها .
وأما ما كان من أمر الملكة بدور فإنها خرجت وجلست على كرسي المملكة وطلع إليها الأمراء وأرباب وجميع الرؤساء والجيوش وهنأوها بالملك وقبلوا الأرض بين يديها ودعوا لها بدوام الملك وهم يعتقدون أنها رجل ، ثم أنها أمرت ونهت وحكمت وعدلت وأطلقت من الحبوس وأبطلت المكوس ولم تزل قاعدة في مجلس الحكومة إلى أن دخل الليل ثم دخلت المكان .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:16 PM   #272
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملكة بدور لما دخلت المكان المعد لها وجدت الملكة حياة النفوس جالسة فجلست بجانبها وطقطقت على ظهرها ولاطفتها وقبلتها بين عينيها وأنشدت هذه الأبيات :
قد صار سري بالدموع عـلانـية ........ ونحول جسمي في الغرام علانيـه
أخفي الهوى ويذيعه ألم الـنـوى ........ حالي على الواشين ليست خافـية
يا راحلين عن الحمى خـلـفـتـم ........ جسمي بكم مضنى ونفسي بالـيه
وسكنتم غور الحشا فـنـواظـري ........ تجري مدامعها وعـينـي دامـية
وأنا فداء الغائبين بـمـهـجـتـي ........ أبداً وأشـواقـي إلـيهـم بـاديه
لي مقلة مقروحة فـي حـبـهـم ........ جفت الكرى ودموعها متـوالـيه
ظن العدا من عـلـيه تـجـلـداً ........ هيهات ما أذني إلـيهـم واعـيه
خابت ظنونـهـم لـدي وإنـمـا ........ قمر الزمان بـه أنـال أمـانـيه
جمع الفضائل ما حواها قـبـلـه ........ أحد سواه في العصور الخـالـيه
أنسى الأنام بـجـوده وبـعـفـوه ........ كرم بن زائدة وحلـم مـعـاوية
لولا الإطالة والقريض مقـصـر ........ عن حصر حسنك لم أدع من قافيه
ثم إن الملكة بدور نهضت قائمة على أقدامها ومسحت دموعها وتوضأت وصلت ولم تزل تصلي إلى أن غلب النوم على الملكة حياة النفوس فنامت فجاءت الملكة بدور ورقدت بجانبها إلى الصباح ثم قامت وصلت الصبح وجلست على كرسي المملكة وأمرت ونهت وحكمت وعدلت .
هذا ما كان من أمرها .
وأما ما كان من أمر الملك أرمانوس فإنه دخل على ابنته وسألها عن حاله فأخبرته بجميع ما جرى لها وأنشدته الشعر الذي قالته الملكة بدور وقالت :
يا أبي ما رأيت أحداً أكثر عقلاً وحياءً من زوجي غير أنه يبكي ويتنهد .
فقال لها أبوها :
يا ابنتي اصبري فما بقي له غير هذه الليلة الثالثة فإن لم يدخل بك ويزل بكارتك يكون لنا معه رأي وتدبير وأخلصه من الملك وأنفيه من بلادنا .
فاتفق مع ابنته على هذا الكلام وأضمر الرأي .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:16 PM   #273
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنه لما أقبل الليل قامت الملكة بدور من دست المملكة إلى القصر ودخلت المكان الذي هو معد لها فرأت الشمع موقداً والملكة جالسة فتذكرت وزوجها وما جرى بينهما في تلك المدة اليسيرة ووالت الزفرات وأنشدت هذه الأبيات :
قسماً لقد ملأت أحاديثي الـفـضـا ........ كالشمس مشرقة على ذات الغضى
نطقت إشارته فأشكل فـهـمـهـا ........ فلذاك شوقي في المزيد وانقضـى
أبغضت حسن الصبر منذ أحببـتـم ........ أرأيت صبراً في الصبابة مبغضـا
وممرض اللحظات صال بفتكـهـا ........ واللحظ أقتل ما يكون ممـرضـا
ألقـى ذوائبـه وحـط لـثـامـه ........ فرأيت منه الحسن أسود أبـيضـا
سقمي وبـرئي فـي يديه وإنـمـا ........ يشفي سقام الحب من قد أمرضـا
هام الوشاح برقة فـي خـصـره ........ والردف من حسد أبى أن ينهضـا
وكان طرتـه وضـوء جـبـينـه ........ ليل دجى فاعتافه صـبـح أضـا
فلما فرغت من إنشادها أرادت أن تقوم إلى الصلاة وإذا بحياة النفوس تعلقت بذيلها وقالت لها :
أما تستحي من والدي وما فعل معك من الجميل وأنت تتركني إلى هذا الوقت . فلما سمعت منها ذلك جلست في مكانها وقالت لها :
يا حبيبتي ما الذي تقولينه ?
قالت :
الذي أقوله إني ما رأيت أحداً معجباً بنفسه مثلك فهل كل من كان مليحاً يعجب بنفسه هكذا ، ولكن أنا ما قلت هذا الكلام لأجل أن أرغبك في وإنما قلته خفية عليك من الملك أرمانوس فإنه أضمر إن لم تدخل بي في هذه الليلة وتزيل بكارتي أنه ينزعك من المملكة في غد ويسفرك من بلاده يزداد به الغيظ فيقتلك وأنا يا سيدي رحمتك ونصحتك والرأي رأيك .
فلما سمعت الملكة بدور منها ذلك الكلام أطرقت برأسها إلى الأرض وتحيرت في أمرها ، ثم قالت في نفسها :
إن خالفته هلكت وإن أطلعته افتضحت ولكن أنا في هذه الساعة ملكة على جزائر الأبنوس كلها وهي تحت حكمي وما أجتمع أنا وقمر الزمان إلا في هذا المكان لأنه ليس له طريق إلى بلاده إلا من جزائر الأبنوس ، وقد فوضت أمري إلى الله فهو نعم المدبر .
ثم إن الملكة بدور قالت لحياة النفوس :
يا حبيبتي إن تركي لك وامتناعي عنك بالرغم عني .
وحكت لها ما جرى من المبتدأ إلى المنتهى وأرتها نفسها وقالت لها :
سألتك بالله أن تخفي أمري وتكتمي سري حتى يجمعني الله بمحبوبي قمر الزمان وبعد ذلك يكون ما يكون .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:19 PM   #274
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملكة بدور لما أعلمت حياة النفوس بقصتها وأمرتها بالكتمان تعجبت من ذلك غاية العجب ورقت لها ودعت لها بجمع شملها على محبوبها قمر الزمان وقالت :
يا أختي لا تخافي ولا تفزعي واصبري إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .
ثم إن حياة النفوس أنشدت هذين البيتين :
السر عندي في بيت له غلـق ........ قد ضاع مفتاحه والبيت مختوم
ما يكتم السر إلا كل ذي ثـقة ........ والسر عند خيار الناس مكتـوم
فلما فرغت من شعرها قالت :
يا أختي إن صدور الأحرار قبور الأسرار وأنا لا أفشي لك سراً .
ثم لعبتا وتعانقتا ونامتا إلى قريب الآذان ثم قامت حياة النفوس وأخذت دجاجة وذبحتها وتلطخت بدمها وقلعت سراويلها وصرخت فدخل لها أهلها وزغردت الجواري ودخلت عليها أمها وسألتها عن حالها وأقامت عندها إلى المساء ، وأما الملكة بدور فإنها لما أصبحت قامت وذهبت إلى الحمام واغتسلت وصلت الصبح ثم توجهت إلى مجلس الحكومة وجلست على كرسي المملكة وحكمت بين الناس ، فلما سمع الملك أرمانوس الزغاريد سأل عن الخبر فأخبروه بافتضاض بكارة ابنته ففرح بذلك واتسع صدره وانشرح وأولم الولائم ولم يزالوا على تلك الحالة مدة من الزمان .
هذا ما كان من أمرهما .
وأما ما كان من أمر الملك شهرمان فإنه بعد خروج ولده إلى الصيد والقنص هو ومرزوان كما تقدم صبر حتى أقبل عليه الليل فلم يجيء ولده فتحير عقله ولم ينم تلك الليلة وقلق غاية القلق وزاد وجده واحترق وما صدق أن الفجر انشق حتى أصبح ينتظر ولده إلى نصف النهار فلم يجيء فأحس بقلبه بالفراق والتهب على ولده من الإشفاق ثم بكى حتى بل ثيابه وأنشد من قلب مصدوع :
مازلت معترضاً على أهل الهوى ........ حتى بليت بحـلـوه وبـمـره
وشربت كأس مراره متجـرعـاً ........ وذللت فيه لعـبـده ولـحـره
نذر الزمان بأن يفرق شمـلـنـا ........ والآن قد أوفى الزمان بـنـذره
فلما فرغ من شعره مسح دموعه ونادى في عسكره بالرحيل والحث على السفر الطويل فركب الجيش جميعه وخرج السلطان وهو محترق القلب على ولده قمر الزمان وقلبه بالحزن ملآن ثم فرق جيشه يميناً وشمالاً وأماماً وخلف ست فرق وقال لهم الاجتماع غداً عند مفرق الطريق فتفرقت الجيوش والعسكر كما ذكرنا وسافرت الخيول ولم يزالوا مسافرين بقية النهار إلى أن جن الليل فساروا جميع الليل إلى نصف النهار حتى وصلوا إلى مفرق طرق فلم يعرفوا أي طريق سلكها ثم رأوا أثر أقمشة مقطعة ورأوا اللحم مقطعاً ونظروا أثر الدم باقياً وشاهدوا كل قطعة من الثياب واللحم في ناحية فلما رأى الملك شهرمان ذلك صرخ صرخة عظيمة من صميم القلب وقال وا ولداه ولطم على وجهه ونتف لحيته ومزق أثوابه وأيقن بموت ولده وزاد في البكاء والنحيب وبكت لبكائه العساكر وكلهم أيقنوا بهلاك قمر الزمان وحثوا على رؤوسهم التراب ودخل عليهم الليل وهم في بكاء ونحيب حتى أشرفوا على الهلاك واحترق قلب الملك بلهيب الزفرات وأنشد هذه الأبيات :
لا تعذلوا المحزون في أحزانه ........ فلقد جفاه الوجد من أشجانـه
يبكي لفرط تأسف وتـوجـع ........ وغرامه ينبيك عن نـيرانـه
يا سعد من لمتيم حلف الضنى ........ أن لا يزيل الدمع من أجفانه
يبدي الغرام لفقد بدر زاهـر ........ بضيائه يزهو على أقرانـه
ولقد سقاه الموت كأساً مترعاً ........ يوم الرحيل فشط عن أوطانه
فلما فرغ من إنشاده رحل بجيوشه إلى مدينته .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:21 PM   #275
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك شهرمان أيقن بهلاك ولده وعلم أنه عدا عليه وافترسه وحش وإما قاطع طريق ثم نادى في جزائر خالدات أن يلبسوا السواد من الأحزان على ولده قمر الزمان وعمل له بيتاً وسماه بيت الأحزان وسار كل يوم خميس واثنين يحكم في مملكته بين عسكره ورعيته وبقية الجمعة يدخل بيت الأحزان وينعي ولده ويرثيه بالأشعار فمن ذلك قوله :
فيوم الأماني يوم قربكم منـي ........ ويوم امنايا يوم إعراضكم عني
إذا بت مرعوباً أهدد بالـردى ........ فوصلكم عندي ألذ من الأمـن
ومن ذلك قوله :
نفس الفداء لظاعنين رحيلـه ........ أنكى وأفسد في القلوب وعاثا
فليقض عدته السرور فإننـي ........ طلقت بعدهم النعيم ثـلاثـا
هذا ما كان من أمر الملك شهرمان .
وأما ما كان من أمر الملكة بدور بنت الملك الغيور فإنها صارت ملكة في بلاد الأبنوس وصار الناس يشيرون إليها بالبنان ويقولون هذا صهر الملك أرمانوس وكل ليلة تنام مع الملكة حياة النفوس وتشتكي وحشة زوجها قمر الزمان وتصف لها حسنه وجماله وتتمنى ولو في المنا وصاله .
هذا ما كان من أمر الملكة بدور .
وأما ما كان من أمر قمر الزمان فإنه لم يزل مقيماً عند الخولي في البستان مدة من الزمان وهو يبكي بالليل والنهار ويتحسر وينشد الأشعار على أوقات الهنا والسرور والخولي يقول :
في آخر السنة تسير المراكب إلى بلاد المسلمين .
ولم يزل قمر الزمان على تلك الحالة إلى أن رأى الناس مجتمعين على بعضهم فتعجب من ذلك ، فدخل عليه الخولي وقال له :
يا ولدي أبطل الشغل في هذا اليوم ولا تحول الماء على الأشجار أن هذا اليوم عيد والناس فيه يزور بعضهم بعضاً فاسترح واجعل بالك إلى الغيط ، فإني أريد أن أبصر لك مركباً فما بقي إلا القليل وأرسلك إلى بلاد المسلمين .
ثم إن الخولي خرج من البستان وبقي قمر الزمان وحده فانكسر خاطره وجرت دموعه ولم يزل يبكي حتى غشي عليه .
فلما أفاق قام يتمشى في البستان وهو متفكر فيما فعل به الزمان وطول البعد والهجران وعقله ولهان فعثر ووقع على وجهه فجاءت جبهته على حجر شجرة فجرى دمه واختلط بدموعه فمسح دمه ونشف دموعه وشد جبهته بخرقة وقام يتمشى في ذلك البستان وهو ذاهل العقل فنظر بعينه إلى شجرة فوقها طائران يتخاصمان فقلب أحدهما الآخر ونقره في عنقه فخلص رقبته من جثته ثم أخذ رأسه وطار به ووقع المقتول في الأرض قدام قمر الزمان .
فبينما هو كذلك إذا بطائرين كبيرين قد انقضا عليه ووقف واحد منهما عند رأسه والأخر عند ذنبه وأرخيا أجنحتهما عليه ومدا أعناقهما إليه وبكيا فبكى قمر الزمان على فراق زوجته حين رأى الطائرين يبكيان على صاحبهما


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:22 PM   #276
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قمر الزمان بكى على فراق زوجته لما رأى الطائران يبكيان على صاحبهما ثم إن قمر الزمان رأى الطائرين حفرا حفرة ودفنا الطائر المقتول فيها وطارا إلى الجو وغابا ساعة ، ثم عادا ومعهما الطائر القاتل فنزلا به على قبر المقتول وبركا على القاتل حتى قتلاه وشقا جوفه وأخرجا أمعائه وأراقا دمه على قبر الطائر المقتول ، ثم نثرا لحمه ومزقا جلده وأخرجا ما في جوفه وفرقا إلى أماكن متفرقة هذا كله جرى وقمر الزمان ينظر ويتعجب فحانت منه التفاتة إلى الموضع الذي قتلا فيه الطائر فوجد فيه شيئاً يلمع فدنا منه فوجده حوصلة الطائر فأخذها وفتحها فوجد فيها الفص الذي كان سبب فراقه من زوجته ، فلما رآه وعرفه وقع على الأرض مغشياً عليه من الفرحة ، فلما أفاق قال في نفسه هذا علامة الخير وبشارة الاجتماع ثم تامله ومر به على عينه وربطه على ذراعه واستبشر بالخير وقام لينظر الخولي ولم يزل يفتش عليه إلى الليل فلم يأت فبات قمر الزمان في موضعه إلى الصباح .
ثم أفاق إلى شغله وشد وسطه بحبل من الليف وأخذ الفاس والقفة وشق في البستان فأتى إلى شجرة خروب وضرب الفاس في جذرها فطنت الضربة فكشف التراب فوجده طابقاً ففتحه .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:22 PM   #277
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قمر الزمان لما فتح ذلك الطابق وجد باباً فنزل فيه فلقي قاعة قديمة من عهد ثمود وعاد وتلك القاعة واسعة وهي مملوءة ذهباً أحمر فقال في نفسه :
لقد ذهب التعب وجاء الفرح والسرور .
ثم إن قمر الزمان طلع من المكان إلى ظاهر البستان ورد الطابق كما كان ، ورجع إلى البستان وإلى تحويل الماء على الأشجار ، ولم يزل كذلك إلى آخر النهار فجاء الخولي وقال :
يا ولدي أبشر برجوعك إلى الأوطان فإن التجار تجهزوا للسفر والمراكب بعد ثلاثة أيام مسافرة إلى مدينة من مدائن المسلمين ، فإذا وصلت إليها تسافر في البر ستة أشهر حتى تصل جزائر خالدات ، والملك شهرمان .
ففرح قمر الزمان بذلك ثم قبل يد الخولي وقال له :
يا والدي كما بشرتني فأنا أبشرك بشارة وأخبره بأمر القاعة .
ففرح الخولي وقال :
يا ولدي أنا في هذا البستان صار لي مدة ثمانون عاماً لم أجد شيء وأنت لك عندي دون السنة ووجدت هذا الكنز فهو رزقك وسبب زوال عكسك ، ومعين لك على وصولك إلى أهلك واجتماع شملك بمن تحب .
فقال قمر الزمان :
لابد من المقاسمة بيني وبينك .
ثم أخذ الخولي ودخل في تلك القاعة وأراه الذهب وكان في عشرين خابية فأخذ عشرة والخولي عشرة .
فقال له الخولي :
يا ولدي عب لك أمطار من الزيتون العصافيري الذي في هذا البستان فإنه معدوم في غير بلادنا وتحمله التجار إلى جميع البلاد واحمل الذهب في الأمطار والزيتون فوق الذهب ، ثم سدها وخذها في المركب .
فقام قمر الزمان من وقته وساعته وعبأ خمسين مطراً ووضع الذهب فيها ، وسد عليه بعد أن جعل الزيتون فوق الذهب وحط الفص معه في مطر ، وجلس هو والخولي يتحدثان وأيقن بجمع شمله وقربه من أهله وقال في نفسه :
إذا وصلت إلى جزيرة الأبنوس أسافر منها إلى بلاد أبي وأسأل عن محبوبتي بدور فيا ترى رجعت إلى بلادها أو سافرت إلى بلاد أبي أو حدث لها حادث في الطريق .
ثم جلس قمر الزمان ينتظر انقضاء الأيام وحكى للخولي حكاية الطيور وما وقع بينهما .
فتعجب الخولي من ذلك ثم ناما إلى الصباح فأصبح الخولي ضعيفاً ، واستمر على ضعفه يومين وفي ثالث يوم اشتد به الضعف حتى يئسوا من حياته فحزن قمر الزمان على الخولي ، فبينما هو كذلك إذا بالريس والبحرية قد أقبلوا وسألوا عن الخولي فأخبرهم بضعفه فقالوا :
أين الشاب الذي يريد السفر معنا إلى جزيرة الآبنوس ؟
فقال لهم قمر الزمان :
هو المملوك الذي بين أيديكم .
ثم أمرهم بتحويل الأمطار إلى المركب فنقلوها إلى المركب ، وقالوا لقمر الزمان :
أسرع فإن الريح قد طاب .
فقال لهم :
سمعاً وطاعة .
ثم نقل زوادته إلى المركب ، ورجع إلى الخولي يودعه فوجده في النزاع الأخير ، فجلس عند رأسه حتى مات وغمضه وجهزه ووراه في التراب ثم توجه إلى المركب فوجدها أرخت القلوع وسارت ولم تزل تشق البحر حتى غابت عن عينه فصار قمر الزمان مدهوشاً حيران ثم رجع إلى البستان وهو مهموم مغموم وحثا التراب على رأسه .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:23 PM   #278
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التاسعة والأربعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قمر الزمان رجع إل البستان وهو مهموم مغموم بعد أن سافرت المركب واستأجر البستان من صاحبه ، وأقام تحت يده رجلاً يعاونه على سقي الشجر وتوجه إلى الطابق ونزل إلى القاعة وعبأ الذهب الباقي في خمسين مطراً ووضع فوقه الزيتون عن المركب وسأل عن المركب فقالوا إنها لا تسافر إلا في كل سنة مرة واحدة فزاد به الوسواس وتحسر على ما جرى له لاسيما فقد الفص الذي للملكة بدور فصار يبكي بالليل والنهار وينشد الأشعار ، وهذا ما كان من أمر قمر الزمان .
وأما ما كان من أمر المركب فإنه طاب لها الريح ووصلت إلى جزيرة الأبنوس واتفق بالأمر المقدور أن الملكة بدور كانت جالسة في الشباك فنظرت إلى المركب وقد رست في الساحل فخفق فؤادها وركبت هي والأمراء والحجاب وتوجهت إلى الساحل ووقفت على المركب وقد دار النقل في البضائع إلى المخازن فأحضرت الريس وسألته عما معه .
فقال ريس المركب :
أيها الملك إن معي في هذه المركب من العقاقير والسفوفات والأكحال والمراهم والأدهان والأموال والأقمشة الفاخرة والبضائع النفيسة ما يعجز عن حمله الجمال والبغال وفيها من أصناف العطر والبهار من العود القاقلي والتمر الهندي والزيتون العصافيري ما يندر وجوده في هذه البلاد .
فاشتهت نفسها الزيتون ، وقالت لصاحب المركب :
ما مقدار الذي معك من الزيتون ?
قال الريس :
معي خمسون مطراً ملآنة ، ولكن صاحبها ما حضر معنا والملك يأخذ ما اشتهاه منها .
فقالت الملكة بدور :
أطلعوها في البر لأنظر إليها وأعطيكم ثمنها مهما كان .
فصاح الريس على البحرية فطلعوا الخمسين مطراً .
وقال الريس :
هذا ما له في بلادنا قيمة ولكن صاحبها تأخر عنا وهو رجل فقير الحال .
قالت الملكة بدور :
وما مقدار ثمنها ؟
قال الريس :
ألف درهم .
قالت الملكة بدور :
آخذها بألف دينار .
ثم أمرت بنقلها إلى القصر ، فلما جاء الليل أمرت بإحضار مطر فكشفته وما في البيت غيرها هي وحياة النفوس فحطت بين يديها طبقاً ووضعت فيه شيئاً من المطر فنزل في الطبق كوم من الذهب الأحمر ، فقالت للملكة حياة النفوس :
ما هذا إلا ذهب .
ثم اختبرت الجميع فوجدتها كلها ذهباً والزيتون كله ما يملأ مطراً واحداً وفتشت في الذهب فوجدت الفص فيه فأخذته وتأملته فوجدته الفص الذي كان في تكة سروالها وأخذه قمر الزمان ، فلما تحققته صاحت من فرحتها وخرت مغشياً عليها .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:53 PM   #279
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملكة بدور لما رأت الفص صاحت من فرحتها وخرت مغشياً عليها ، فلما أفاقت قالت في نفسها :
إن هذا الفص كان سبباً في فراق محبوبي قمر الزمان ولكنه بشير الخير .
ثم أعلمت الملكة حياة النفوس بأن وجود بشارة الاجتماع ، فلما أصبح الصباح جلست على كرسي المملكة وأحضرت ريس المركب ، فلما حضر قبل الأرض بين يديها فقالت :
أين خليتم صاحب هذا الزيتون ?
فقال الريس :
يا ملك الزمان تركناه في بلاد المجوس وهو خولي بستان .
فقالت له الملكة بدور :
إن لم تأت به فلا تعلم ما يجري عليك وعلى مركبك من الضرر .
ثم أمرت بالختم على مخازن التجار وقالت لهم :
إن صاحب هذا الزيتون غريمي ولي عليه دين وإن لم يأت لأقتلنكم جميعاً وأنهب تجارتكم .
فأقبلوا على الريس ووعدوه بأجرة مركبه ويرجع ثاني مرة وقالوا له :
خلصنا من هذا الغاشم .
فنزل الريس في المركب وحل قلوعها وكتب الله له السلامة حتى دخل الجزيرة في الليل وطلع إلى البستان وكان قمر الزمان قد طال عليه الليل وتذكر محبوبته فقعد يبكي على ما جرى له وهو في البستان ثم إن الريس دق الباب على قمر الزمان ففتح الباب وخرج إليه فحمله البحرية ونزلوا به إلى المركب وحلوا القلوع فسافروا وساروا ولم يزالوا سائرين أياماً وليالي وقمر الزمان لا يعلم ما موجب ذلك فسألهم عن السبب .
فقالوا له :
أنت غريم الملك صاحب جزائر الآبنوس صهر الملك أرمانوس وقد سرقت ماله يا منجوس .
فقال قمر الزمان :
والله عمري ما دخلت هذه البلاد ولا أعرفها .
ثم إنهم ساروا به حتى أشرفوا على جزائر الأبنوس وطلعوا به على الملكة بدور ، فلما رأته عرفته قالت لهم :
دعوه عند الخدام ليدخلوا به الحمام .
وأفرجت عن التجار وخلعت على الريس خلعة تساوي عشرة آلاف دينار ودخلت على الملكة حياة النفوس وأعلمتها بذلك ، وقالت لها :
اكتمي الخبر حتى أبلغ مرادي وأعمل عملاً يؤرخ ويقرأ بعدنا على الملوك والرعايا وقد أمرت أن يدخلوا بقمر الزمان الحمام فدخلوا به وألبسوه لبس الملوك .
ولما طلع قمر الزمان من الحمام كأنه غصن بان أو كوكب يخجل بطلعته القمران وردت روحه إليه ودخل القصر .
فلما نظرته صبرت قلبها حتى يتم مرادها وأنعمت عليه بمماليك وخدم وجمال وبغال وأعطته خزانة مال ولم تزل ترقي قمر الزمان من درجة إلى درجة حتى جعلته خازندار وسلمت إليه الأموال وأقبلت عليه وقربته منها وأعلمت الأمراء بمنزلته فأحبوه جميعهم وصارت الملكة بدور كل يوم تزيد له في المرتبات وقمر الزمان لا يعرف سبب تعظيمها له ومن كثرة الأموال صار يهب ويتكرم ويخدم الملك أرمانوس حتى أحبه وكذلك أجبته الأمراء والخوادم والعوام وصاروا يحلفون بحياته ، كل ذلك وقمر الزمان يتعجب من تعظيم الملكة بدور له ويقول في نفسه :
والله إن هذه المحبة لابد لها من سبب وربما يكون هذا الملك إنما يكرمني هذا الإكرام الزائد لأجل غرض فاسد فلابد أن أستأذنه وأسافر من بلاده .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:54 PM   #280
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الحادية والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قمر الزمان يتعجب من تعظيم الملكة بدور له وقرر أن يستأذن ويسافر ، ثم إنه توجه إلى الملكة بدور وقال لها :
أيها الملك إنك أكرمتني إكرماً زائداً ، ومن تمام الإكرام أن تأذن لي بالسفر وآخذ معي جميع ما أنعمت علي .
فتبسمت الملكة بدور وقالت له :
ما حملك على طلب الأسفار واقتحام الأخطار وأنت في غاية الإكرام ومزيد الأنعام ?
فقال لها قمر الزمان :
أيها الملك السعيد إن هذا الإكرام إذا لم يكن له سبب فإنه أعجب العجب خصوصاً وقد أوليتني من المراتب ما استحق أن يكون للشيوخ الكبار مع إنني من الأطفال الصغار .
فقالت له الملكة بدور :
سبب ذلك أني أحبك لفرط جمالك الفائق وبديع حسنك الرائق وإن أمكنتني مما أريد منك أزيدك إكراماً وعطاء وإنعاماً وأجعلك وزيراً على صغر سنك كما جعلني الناس سلطاناً عليهم وأنا في هذا السن ولا عجب اليوم في رئاسة الأطفال ولله در من قال :
كأن زماننا من قوم لوط ........ له شغف تقديم الصغار
فلما سمع قمر الزمان هذا الكلام خجل واحمرت خدوده حتى صارت كالضرام وقال :
لا حاجة لي بهذا الإكرام المؤدي إلى ارتكاب الحرام بل أعيش فقيراً من المال غنياً بالمروءة والكمال .
فقالت له الملكة بدور :
أنا لا أغتر بورعك الناشيء عن التيه والدلال ولله در من قال :
ذاكرته عهد الوصال فقال لي ........ كم ذا تطيل من الكلام المؤلم
فأريته الدينار أنـشـد قائلاً ........ أين المفر من القضاء المبرم
فلما سمع قمر الزمان هذا الكلام وفهم الشعر والنظام قال :
أيها الملك إنه لا عادة لي بهذه الفعال ولا طاقة لي على حمل الأثقال التي يعجز حملها أكبر مني فكيف بي على صغر سني ?
فلما سمعت كلامه الملكة بدور تبسمت وقالت :
إن هذا الشيء عجاب كيف يظهر الخطأ من خلال الصواب إذا كنت صغيراً فكيف تخشى الحرام وارتكاب الآثام وأنت لم تبلغ حد التكليف ولا مؤاخذة في ذنب الصغير ولا تعنيف فقد ألزمت نفسك الحجة بالجدال وخفت عليك كلمة الوصال فلا تظهر بعد ذلك امتناعاً ولا نفوراً وكان أمراً لله قدراً مقدوراً فانا أحق منك بخشية الوقوع وقد أجاد من قال :
إن لي كبير والصغير يقول لـي ........ اطعن به الأحشا وكن صنـديدا
فأجبته ذا لا يجوز فقـال لـي ........ عندي يجوز فطعنته تـقـلـيدا
فلما سمع قمر الزمان هذا الكلام تبدل الضياء في وجهه بالظلام وقال :
أيها الملك إنه يوجد عندك من النساء والجواري الحسان ولا يوجد له نظير في هذا الزمان فهلا استغنيت بذلك عني فمل إلى ما شئت منهن ودعني .
فعرفته بنفسها فعرف أنها زوجته الملكة بدور بنت الملك الغيور صاحب الجزائر والبحور فاحتضنها واحتضنته وقبلها وقبلته ، ثم قام معها إلى محل خلوتها لتطفئ نيران لوعتها ومالت عليه بالتقبيل والعناق والتفاف ساق على ساق ، ثم اضجعن على فراش الوصال ، وتناشدت أقوال من قال :
لما دعته إلى وصالي عـطـفة ........ من معتطف بتعطف متواصي
وسقت قساوة قلبها من لينـها ........ فأجاب بعد ممنع وتعـاصـي
خشي العواذل أن تـراه إذا بدا ........ قاسى بعدة آمـن الإرهـاص
شكت القصور رواد فاقد حملت ........ أقدامه في المشي حمـل قـلاً
متقل الصمصام من ألحـاظـه ........ ومن الدجى مـتـدرعـاً بـلاً
وشذاء بشرني بسعـد قـدومه ........ ففرت مثل الطير من أقفاصي
وفرشت حدي في الطريق لنعله ........ فشفي بأثمد تربها أرمـاصـي
وعقدت ألوية الوصال معانقـاً ........ وفككت عقدة حظي المتعاصي
وأقمت أفراحاً أجاب نـداءهـا ........ طرب صفاً عن شائب الأنغاص
والبدر نقط بالنجوم الثغـر من ........ حبب على وجه الطلا رقـاص
وعكفت في محراب لذاتها على ........ ما من تعاطيه يتوب العاصـي
قسماً بآيات الضحى من وجهه ........ إلى أنس فيه سورة الإخـلاص
ثم إن الملكة بدور أخبرت قمر الزمان بجميع ما جرى لها من الأول إلى الآخر وكذلك هو أخبرها بجميع ما جرى له وبعد ذلك انتقل معها إلى العتاب وقال لها :
ما حملك على ما فعلته بي في هذه الليلة ?
فقالت الملكة بدور :
لا تؤاخذني كان قصدي المزاح ومؤيد البسط والانشراح .
فلما أصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح أرسلت الملكة بدور إلى الملك أرمانوس والد الملكة حياة النفوس وأخبرته بحقيقة أمرها وأنها زوجة قمر الزمان وأخبرته بقصتهما وبسبب افتراقهما من بعضهما وأعلمته أن ابنته حياة النفوس بكر على حالها .
فلما سمع الملك أرمانوس صاحب جزائر الآبنوس قصة الملكة بدور بنت الملك الغيور وتعجب منها غاية العجب وأمر أن يكتبوها بماء الذهب ، ثم التفت إلى قمر الزمان وقال له :
يا ابن الملك هل لك أن تصاهرني وتتزوج ابنتي حياة النفوس ?
فقال له قمر الزمان :
حتى أشاور الملكة بدور فإن لها علي فضلاً غير محصور .
فلما شاورها قالت له :
نعم الرأي هذا فتزوجها وأكون أنا لها جارية لأن لها معروفاً وإحساناً وخيراً وامتناناً وخصوصاً ونحن في محلها وقد غمرنا إحسان أبيها .
فلما رأى قمر الزمان أن الملكة بدور مائلة إلى ذلك ولم يكن عندها غيرة من حياة النفوس اتفق معها على هذا الأمر .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:55 PM   #281
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن قمر الزمان اتفق مع زوجته الملكة بدور على هذا الأمر وأخبر الملك أرمانوس بما قالته الملكة بدور من أنه تحب ذلك وتكون جارية حياة النفوس ، فلما سمع الملك أرمانوس هذا الكلام من قمر الزمان فرح فرحاً شديداً ثم خرج وجلس على كرسي مملكته وأحضر جميع الوزراء والأمراء والحجاب وأرباب الدولة وأخبرهم بقصة قمر الزمان وزوجته الملكة بدور من الأول إلى الآخر وأنه يريد أن يزوج ابنته حياة النفوس إلى قمر الزمان ويجعله سلطاناً عليهم عوضاً عن زوجته الملكة بدور ، فقالوا جميعاً حيث كان قمر الزمان هو زوج الملكة بدور التي كانت سلطاناً علينا قبله ونحن نظن أنها صهر ملكنا أرمانوس فكلنا نرضاه سلطاناً علينا ونكون له خدماً ولا نخرج عن طاعته ، ففرح الملك أرمانوس فرحاً شديداً ثم أحضر القضاة والشهود ورؤساء الدولة وعقد قمر الزمان على ابنته الملكة حياة النفوس ، ثم إنه أقام الأفراح وأولم الولائم الفاخرة وخلع الخلع السنية على جميع الأمراء والمساكين وأطلق جميع المحابيس واستبشر العالم بسلطنة الملك قمر الزمان وصاروا يدعون له بدوام العز والإقبال والسعادة والإجلال .
ثم إن قمر الزمان لما صار سلطاناً أزال المكوس وأطلق من في الحبوس وسار فيهم سيرة حميدة وأقام مع زوجته في هناء وسرور ووفاء وحبور يبيت عند كل واحدة منهما ليلة ، ولم يزل على ذلك مدة من الزمان وقد انجلت عنه الهموم والأحزان ونسي أباه الملك شهرمان وما كان له من عز وسلطان حتى رزقه الله من زوجتيه بولدين ذكرين مثل القمرين النيرين أكبرهما من الملكة بدور وكان اسمه الملك الأمجد وأصغرهما من الملكة حياة النفوس وكان اسمه الملك الأسعد أجمل من أخيه الأمجد ، ثم إنهما تربيا في العز والدلال والأدب والكمال وتعلما العلم والسياسة والفروسية حتى صارا في غاية الكمال ونهاية الحسن والجمال وافتتن بهما النساء والرجال وصار لهما من العمر نحو سبعة عشر عاماً وهما متلازمان فيأكلان ويشربان سواء ولا يفترقان عن بعضهما ساعة من الساعات ولا وقتاً من الأوقات وجميع الناس تحسدهما على ذلك .
ولما بلغا مبلغ الرجال واتصفا بالكمال صار أبوهما إذا سافر يجلسهما على التعاقب في مجلس الحكم فيحكم كل واحد منهما بين الناس ، واتفق بالقدر المبرم أن والقضاء المحتم أن محبة الأسعد الذي هو ابن حياة النفوس وقعت في قلب الملكة بدور زوجة أبيه وأن محبة الأمجد الذي هو ابن الملكة بدور وقعت في قلب حياة النفوس زوجة أبيه فصارت كل واحدة من المرأتين تلاعب ابن ضرتها وتقبله وتضمه إلى صدرها وإذا رأت ذلك أمه تظن أنه من الشفقة ومحبة الأمهات لأولادهن ، وتمكن العشق من قلوب المرأتين وافتتنا بالولدين فصارت كل واحدة منهن إذا دخل عليها ابن ضرتها تضمه إلى صدرها وتود انه لا يفارقها ، وطال عليهما المطال ولم يجدا سبيلاً إلى الوصال ، وذات يوم توجه الملك إلى الصيد والقنص وأمر ولديه أن يجلسا في موضع الحكم كل واحد منهما يوماً على عادته .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:55 PM   #282
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة الثالثة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك توجه إلى الصيد والقنص وأمر ولديه أن يجلسا في موضعه للحكم كل واحد يوماً على عادتهما فجلس للحكم في اليوم الأول الأمجد ابن الملكة بدور فأمر ونهى وولى وعزل وأعطى ومنع فكتبت له الملكة حياة النفوس أم الأسعد مكتوباً تستعطفه فيه وتوضح له أنها متعلقة به ومتعشقة فيه وتكشف له الغطاء وتعلمه أنها تريد وصاله فأخذت ورقة وكتبت فيها هذه السجعات :
من المسكينة العاشقة الحزينة المفارقة التي ضاع بحبك شبابها وطال فيك عذابها ولو وصفت لك طول الأسف وما أقاسيه من اللهف وما بقلبي من الشغف وما أنا فيه من البكاء والأنيني وتقطع القلب الحزين وتوالي الغموم وتتابع الهموم وما أجده من الفراق والكآبة والإحتراق أطال شرحه في الكتاب وعجزت عن حصره الالحساب وقد ضاقت علي الأرض والسماء ولا لي في غيرك أمل ولا رجاء فقد أشرفت على الموت وكابدت أهوال القوت وزاد بي الإحتراق وألم الهجر والفراق ولو وصفت ما عندي من الأشواق لفاقت عنه الوراق .
ثم بعد ذلك كتبت هذين البيتين :
لو كنت أشرح ما ألقها من حـرق ........ ومن سقام ومن وجد ومن قـلـق
لم يبق في الأرض قرطاس ولا قلم ........ ولا مداد ولاشـيء مـن الـورق
ثم إن الملكة حياة النفوس لفت تلك الورقة في رقعة من غالي الحرير مضمخة بالمسك والعنبر ووضعت معها جدائل شعرها التي تستغرق الأموال بسعرها ثم لفتها وأعطتها للخادم وأمرته أن يوصلها إلى الملك الأمجد


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:56 PM   #283
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أنها أعطت ورقة المواصلة للخادم وأمرته أن يوصلها إلى الملك الأمجد فسار ذلك الخادم وهو لا يعلم ما خفي له في الغيب وعلام الغيوب يدبر الأمور كيف يشاء فلما دخل الخادم على الملك الأمجد قبل الأرض بين يديه وناوله المنديل وبلغه الرسالة فتناول الملك الأمجد المنديل من الخادم وفتحه فرأى الورقة ففتحها وقرأها فلما فهم معناها علم أن امرأة أبيه في عينها الخيانة وقد خانت أباه الملك قمر الزمان في نفسها فغضب غضباً شديداً وذم النساء على فعلهن وقال :
لعن الله النساء الخائنات الناقصات عقلاً وديناً .
ثم إنه جرد سيفه وقال للخادم :
ويلك يا عبد السوء أتحمل الرسالة المشتملة على الخيانة من زوجة سيدك والله أنه لا خير فيك يا أسود اللون والصحيفة يا قبيح المنظر والطبيعة السخيفة .
ثم ضربه بالسيف في عنقه فعزل رأسه عن جثته وطوى المنديل على ما فيه ووضعه في جيبه ثم دخل على أمه وأعلمها بما جرى وسبها وشتمها وقال :
كلكن أنجس من بعضكن والله العظيم لولا أني أخاف إساءة الأدب في حق والدي قمر الزمان وأخي الملك الأسعد لأدخلن وأضربن عنقها كما ضربت عنق خادمها .
ثم إنه خرج من عند الملكة بدور وهو في غاية الغيظ .
فلما بلغ الملكة حياة النفوس زوجة أبيه ما فعل بخادمها سبته ودعت عليه وأضمرت له المكر فبات الملك الأمجد في تلك الليلة ضعيفاً من الغيظ والقهر والفكر ولم يهنأ له أكل ولا منام فلما أصبح الصباح خرج أخوه الملك الأسعد وجلس في مجلس أبيه الملك قمر الزمان ليحكم بين الناس وأصبحت أمه ضعيفة بسبب ما سمعته عن الملك الأمجد من قتله للخادم ثم إن الملك الأسعد لما جلس للحكم في ذلك اليوم حكم وعدل وولى وعزل وأمر ونهى وأعطى ووهب ولم يزل جالساً في مجلس الحكم إلى قرب العصر ثم إن الملكة بدور أم الملك الأمجد أرسلت إلى عجوز من العجائز الماكرات وأظهرتها على ما في قلبها وأخذت ورقة لتكتب فيها مراسلة للملك الأسعد ابن زوجها وتشكو إليه من كثرة محبتها ووجدها به .
فكتبت له هذه السجعات :
مت تلفت وجداً وشوقاً ، إلى أحسن الناس خلق وخلقاً المعجب بجماله التائه بدلاله المعرض عن طلب وصاله الزاهد في القرب ممن خضع وذل إلى من جفا ومل الملك الأسعد صاحب الحسن الفائق والجمال الرائق والوجه الأقمر والجبين الأزهر والضياء الأبهر هذا كتابي إلى من حبه أذاب جسمي ومزق جلدي وعظمي ، اعلم أنه قد عيل صبري وتحيرت أمري وأقلقني الشوق والبعاد وأجفاني الصبر والرقاد ولازمني الحزن والسهاد وبرح بي الوجد والغرام وحلول الضنى والسقام فالروح تفديك وإن كان قتل الصب يرضيك والله يبقيك ومن كل سوء يقيك .
ثم بعد تلك السجعات كتبت هذه الأبيات :
حكم الزمان بأننـي عـاشـق ........ يا من محاسنه كبدر يشـرق
حزت الفصاحة والملاحة كلها ........ وعليك من دون البرية رونق
ولقد رضيت بأن تكون معذبي ........ فعسى علي بنظرة تتصـدق
من مات فيك صبابة فله الهنا ........ لا خير فيمن لا يحب ويعشق
ثم كتبت أيضاً هذه الأبيات :
إليك أسعد أشكو من لهـيب جـوى ........ فارحم متيمة بالشوق تلـتـهـب
إلى متى وأيادي الوجد تلعـب بـي ........ والعشق والفكر والتسهيد والنصب
طوراً ببحر وطوراً أشتكي لهـبـاً ........ في مهجتي إن ذا يا منيتي عجـب
يا لائمي خل لومي والتكمس هربـاً ........ من الهوى فدموع العين تنسـكب
كم صحت وجداً من الهجران واحربا ........ فلم يفدني بذاك الـويل والـحرب
أمرضتني بصدود لست أحـمـلـه ........ أنت الطبيب فاسعفني بمـا يجـب
يا عاذلي كف عن عذلي مـحـاذرة ........ كيلا يصيبك من داء الهوى عطـب
ثم إن الملكة بدور ضمخت ورقة الرسالة بالمسك الأذفر ولفتها في جدائل شعرها وهي من الحرير العراقي وشراريبها من قضبان الزمرد الأخضر مرصعة بالدر والجوهر ، ثم سلمتها إلى العجوز وأمرتها أن تعطيها للملك الأسعد ابن زوجها الملك قمر الزمان ، فراحت العجوز من أجل خاطرها ودخلت على الملك الأسعد من وقتها وساعتها وكان في خلوة عند دخولها فناولته الورقة بما فيها وقد وقفت ساعة زمانية تنتظر رد الجواب فعند ذلك قرأ الملك الأسعد الورقة وفهم ما فيها ثم بعد ذلك لف الورقة في الجدائل ووضعها في جيبه وغضب غضباً شديداً ما عليه من مزيد ولعن النساء الخائنات ثم إنه نهض وسحب السيف من غمده وضرب رقبة العجوز فعزل رأسها عن جثتها وبعد ذلك قام وتمشى حتى دخل على أمه حياة النفوس فوجدها راقدة في الفراش ضعيفة بسبب ما جرى لها من الملك الأمجد فشتمها الملك الأسعد ولعنها ثم خرج من عندها فاجتمع بأخيه الملك الأمجد وحكى له جميع ما جرى له من أمه الملكة بدور وأخبره أنه قتل العجوز التي جاءت له بالرسالة ، ثم قال له :
والله يا أخي لولا حيائي منك لكنت دخلت في هذه الساعة وقطعت رأسها من بين كتفيها .
فقال له الملك الأمجد :
والله يا أخي أنه قد جرى لي بالأمس لما جلست على كرسي المملكة مثل ما جرى لك في هذا اليوم فإن أمك أرسلت لي رسالة بمثل مضمون هذا الكلام .
ثم أخبره بجميع ما جرى له مع أمه الملكة حياة النفوس وقال له :
يا أخي لولا حيائي منك لدخلت إليها وفعلت بها ما فعلت بالخادم .
ثم إنهما باتا يتحدثان بقية تلك الليلة ويلعنان النساء الخائنات ثم تواصيا بكتمان هذا الأمر لئلا يسمع به أبوهما قمر الزمان فيقتل المرأتين ولم يزالا في غم تلك الليلة إلى الصباح .
فلما أصبح الصباح أقبل الملك بجيشه من الصيد وطلع إلى قصره ثم صرف الأمراء إلى حال سبيلهم وقام ودخل القصر فوجد زوجتيه راقدتين على الفراش وهما في غاية الضعف ، وقد عملتا لولديهما مكيدة واتفقتا على تضييع أرواحهن لأنهن فضحن أنفسهن معهما وقد خشين أن يصيرا تحت ذلتهما فلما رآهما الملك على تلك الحالة ، قال لهن :
ما لكن ?
فقامتا إليه وقبلتا يديه وعكستا عليه المسألة وقالتا له :
اعلم أيها الملك إن ولديك اللذين تربيا في نعمتك قد خاناك في زوجتيك وأركباك العار .
فلما سمع الملك قمر الزمان من نسائه هذا الكلام صار الضياء في وجهه ظلاماً واغتاظ غيظاً شديداً حتى طار عقله من شدة الغيظ وقال لنسائه :
أوضحا لي هذه القضية ?
فقالت له الملكة بدور :
اعلم يا ملك الزمان أن ولدك الأسعد ابن حياة النفوس له مدة في الأيام وهو يراسلني ويكاتبني ويراودني عن الزنا وأنا أنهاه عن ذلك فلم ينته فلما سافرت أنت هجم علي وهو سكران والسيف في يده فخفت أن يقتلني إذا مانعته كما قتل خادمي فقضى أربه مني غصباً وإن لم تخلص حقي منه أيها الملك قتلت نفسي بيدي وليس لي حاجة بالحياة في الدنيا بعد هذا الفعل القبيح .
وأخبرته حياة النفوس أيضاً بمثل ما أخبرته به ضرتها بدور .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:57 PM   #284
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن حياة النفوس أخبرت زوجها الملك قمر الزمان بمثل ما أخبرته به الملكة بدور وقالت له :
أنا الأخرى جرى لي مع ولدك الأمجد كذلك .
ثم إنها أخذت في البكاء والنحيب وقالت له :
إن لم تخلص لي حقي منه أعلمت أبي الملك أرمانوس بذلك .
ثم إن المرأتين بكتا قدام زوجهما الملك قمر الزمان بكاءً شديداً ، فلما سمع كلامهما اعتقد أنه حق فغضب غضباً شديداً ما له من مزيد فقام وأراد أن يهجم على أولاده الاثنين ليقتلهما فلقيه عمه الملك أرمانوس وقد كان داخلاً في تلك الساعة ليسلم عليه لما علم أنه قد أتى من الصيد فرآه والسيف مشهور في يده والدم يقطر من مناخيره من شدة غيظه فسأله عما به فأخبره بجميع ما جرى من ولديه الأمجد والأسعد ، ثم قال له :
وها أنا داخل إليهما لأقتلهما أقبح قتلة وأمثل بهما أقبح مثلة .
فقال له الملك أرمانوس وقد اغتاظ منهما أيضاً :
ونعم ما تفعل يا ولدي فلا بارك الله فيهما ولا في أولاد تفعل هذه الفعال في حق أبيهما ولكن يا ولدي صاحب المثل يقول :
من لم ينظر في العواقب ما الدهر له بصاحب .
وهما ولداك على كل حال ولا ينبغي أن تقتلهما بيدك ، فتجرع غصتهما وتندم بعد ذلك على قتلهما حيث لا ينفعك الندم ولكن أرسلهما مع أحد المماليك ليقتلهما في البرية وهما غائبان عن عينيك .
فلما سمع الملك قمر الزمان من عمه الملك أرمانوس هذا الكلام رآه صواباً فأغمد سيفه ورجع وجلس على سرير مملكته ودعا خازنداره وكان شيخاً كبيراً عارفاً بالأمور وثبات الدهور وقال له :
أدخل إلي ولدي الأمجد والأسعد وكتفهما كتافاً جيداً واجعلهما في صندوقين واحملهما على بغل واركب أنت واخرج بهما إلى وسط البرية واذبحهما واملأ لي قنينتين من دمهما وائتني بهما عاجلاً .
فقال له الخازندار :
سمعاً وطاعة .
ثم نهض من وقته وساعته وتوجه إلى الأمجد والأسعد فصادفهما في الطريق ، وهما خارجان في دهليز القصر وقد لبسا قماشهما وأفخر ثيابهما ، وأرادا التوجه إلى والدهما الملك قمر الزمان ليسلما عليه ويهنآه بالسلامة عند قدومه من السفر إلى الصيد ، فلما رآهما الخازندار قبض عليهما ، وقال لهما :
يا ولدي اعلما أن عبد مأمور وإن أباكما أمرني بأمر فهل أنتما طائعان لأمره .
فقالا :
نعم .
فعند ذلك تقدم إليهما الخازندار وكتفهما ووضعهما في صندوقين وحملهما على ظهر بغل وخرج بهما من المدينة ولم يزل سائراً بهما في البرية إلى قريب الظهر فأنزلهما في مكان أقفر موحش ونزل عن فرسه وحط الصندوقين عن ظهر البغل وفتحهما وأخرج الأمجد والأسعد منهما .
فلما نظر إليهما بكى بكاءً شديداً على حسنهما وجمالهما وبعد ذلك جرد سيفه وقال لهما :
والله يا سيدي إنه يعز علي أن أفعل بكما فعلاً قبيحاً ولكن أنا معذور في هذه الأمور لأنني عبد مأمور وقد أمرني والدكما الملك قمر الزمان بضرب رقابكما .
فقالا له :
أيها الأمير افعل ما أمرك به الملك فنحن صابرون على ما قدره الله عز وجل علينا وأنت في حل من دمنا .
ثم إنهما تعانقا وودعا بعضهما وقال الأسعد للخازندار :
بالله عليك يا عم أنك لا تجرعني غصة أخي ولا تسقني حسرته بل اقتلني أنا قبله ليكون ذلك أهون علي .
وقال الأمجد للخازندار مثل ما قاله الأسعد ، واستعطف الخازندار أن يقتله قبل أخيه وقال له :
إن أخي أصغر مني فلا تذقني لوعته .
ثم بكى كل منهما بكاءً شديداً ما عليه من مزيد وبكى الخازندار لبكائهما


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:58 PM   #285
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخازندار بكى لبكائهما ، ثم إن الأخوين تعانقا وودعا بعضهما ، وقال أحدهما للآخر :
إن هذا كله من كيد الخائنتين أمي وأمك وهذا ما جرى مني في حق أمك وجزاء ما جرى منك في حق أمي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، إنا لله وإنا إليه لراجعون .
ثم إن الأسعد اعتنق أخاه وصعد الزفرات وانشد هذه الأبيات :
يا من إليه المشتكى والمـفـزع ........ أنت المعد لكل مـا يتـوقـع
ما لي سوى قرعي لبابك حـيلة ........ ولئن وددت فأي بـاب أقـرع
يا من خزائن فضله في قول كن ........ أمنن فإن الخير عندك أجمـع
فلما سمع الأمجد بكاء أخيه بكى وضمه إلى صدره وأنشد هذين البيتين :
يا من أياديه عندي غير واحدة ........ ومن مواهبه تنمو من العدد
ما نابني من زماني قط نائبة ........ إلا وجدتك فيها آخذا بـيدي
ثم قال الأمجد للخازندار :
سألتك بالواحد القهار الملك الستار أن تقتلني قبل أخي الأسعد لعل نار قلبي تخمد ولا تدعها تتوقد .
فبكى الأسعد وقال :
ما يقتل قبل إلا أنا .
فقال الأمجد :
الرأي أن تعتنقني وأعتنقك حتى ينزل السيف علينا فيقتلنا دفعة واحدة .
فلما اعتنقا الاثنان وجهاً لوجه التزما ببعضهما ، وشدهما الخازندار وربطهما بالحبال وهو يبكي ، ثم جرد سيفه وقال :
والله يا سيدي أنه يعز علي قتلكما فهل لكما من حاجة فأقضيها أو وصية فأنفذها أورسالة فأبلغها ?
فقال الأمجد :
ما لنا حاجة ، وأما من جهة الوصية فإني أوصيك أن تجعل أخي الأسعد من تحت وأنا من فوق لأجل أن تقع علي الضربة أولاً فإذا فرغت من قتلنا ووصلت إلى الملك وقال لك :
ما سمعت منهما قبل موتهما ؟
فقل له :
إن ولديك يقرآنك السلام ويقولان لك أنك لا تعلم هل هما بريئان أو مذنبان وقد قتلتهما وما تحققت منهما وما نظرت في حالهم ، ثم أنشد هذين البيتين :
إن النساء شياطين خلقن لـنـا ........ نعوذ بالله من كيد الشياطـين
فهن أصل البليات التي ظهرت ........ بين البرية في الدنيا وفي الدين
ثم قال الأمجد :
ما نريد منك إلا أن تبلغه هذين البيتين .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:53 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا