المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 23-10-2011, 08:36 PM   #16
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


وبعد رجوع موسى ورؤيته لهذا المنكر البشع ـ عباد العجل ـ اشتد على أخيه في الإنكار، وأخذ بلحيته يجره إليه من شدة الغضب: {قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا "92" أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي "93" قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} (سورة طه: 92 ـ 94) ومعنى هذا: أن هارون قدم الحفاظ على وحدة الجماعة، في غيبة أخيه الأكبر حتى يحضر، ويتفاهما معاً كيف يواجهان الموقف الخطير بما يتطلبه من حزم وحكمة. وهذه هي الشروط الأربعة، التي يجب أن تتوافر لمن يريد تغيير المنكر بيده، وبتعبير آخر؛ بالقوة المادية المرغمة. تغيير المنكرات الجزئية ليس علاجاً: أود أن أنبه هنا على قضية في غاية الأهمية لمن يشتغلون بإصلاح حال المسلمين، وهي أن التخريب الذي أصاب مجتمعاتنا خلال عصور التخلف، وخلال عهود الاستعمار الغربي، وخلال عهود الطغيان والحكم العلماني؛ تخريب عميق ممتد، لا يكفي لإزالته تغيير منكرات جزئية، كحفلة غناء، أو تبرج امرأة في الطريق، أو بيع أشرطة "كاسيت" أو "فيديو" تتضمن ما لا يليق أو ما لا يجوز. إن الأمر اكبر من ذلك وأعظم، لابد من تغيير أشمل وأوسع وأعمق. تغيير يشمل الأفكار والمفاهيم، ويشمل القيم والموازين، ويشمل الأخلاق والأعمال، ويشمل الآداب والتقاليد، ويشمل الأنظمة والتشريعات. وقبل ذلك كله لابد أن يتغير الناس من داخلهم بالتوجيه الدائم، والتربية المستمرة، والأسوة الحسنة، فإذا غير الناس ما بأنفسهم كانوا أهلاً لأن يغير الله ما بهم وفق السنة الثابتة: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } (سورة الرعد: 11)ضرورة الرفق في تغيير المنكر: وقضية أخرى لا ينبغي أن ننساها هنا، وهي ضرورة الرفق في معالجة المنكر، ودعوة أهله إلى المعروف، فقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفق، وبين لنا: أن الله يحبه في الأمر كله، وأنه ما دخل في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. ومن الكلمات المأثورة: من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف. 3. الخلل في فقه الخروج على الحكام: وأما الخلل عند جماعات العنف في فقه الخروج على الحكام فهو يتمثل في أنهم يرون وجوب الخروج على الحكام المعاصرين في البلاد الإسلامية، للأسباب التي بيناها من قبل، ماداموا لا يحكمون بما أنزل الله، وماداموا يوالون أعداء الله، وماداموا يعادون الدعاة إلى الله، وماداموا قد فرضوا أنفسهم على شعوبهم بغير رضاها واختيارها. ومن هنا كان واجب النصيحة في الدين، وفرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوب مقاومة الظلمة، وتغيير المنكر بالقوة أو باليد، وغير ذلك من عمومات القرآن والسنة، كلها توجب الخروج على هؤلاء الحكام الظلمة ـ أو الكفرة ـ وتطهير بلاد المسلمين من شرهم وفسادهم، حتى لا تعم نقمتهم الناس جميعاً، كما قال تعالى: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } (سورة الأنفال: 25)وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده" رواه احمد 1/14 وأبو داود برقم 4338 والترمذي برقم 2168 وبان حبان برقم 304 عن أبي بكر الصديق. الأحاديث تأمرنا بالصبر على جور الأئمة: وأود أن أبدأ حديثي هنا بأني من الذين يطالبون حكام المسلمين أن يطبقوا شرع الله في جميع جوانب الحياة، ولا يعطلوا بعضه ويأخذوا بعضه، كما قال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (سورة المائدة: 49) ولا يكونوا كبني إسرائيل، الذين قرعهم الله تعالى بقوله: {ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (سورة البقرة: 85) ولا أرى أن وضع الحكم في معظم الأقطار الإسلامية وضع يرضى عنه الله ورسوله والمؤمنون، بل هناك مخالفات شتى لشريعة الإسلام في مجالات عدة ـ لا يجوز السكوت عليها ـ في التشريع، والاقتصاد، والسياسة، والثقافة وغيرها، وإن كنا نعترف أن هذه المخالفات الشرعية متفاوتة في كمها وكيفها من بلد إلى آخر. وهذا يوجب علينا أن نعمل على إصلاحها ـ ما استطعنا ـ بالنصح والدعوة والإرشاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق والحكمة، والجدال بالتي هي أحسن وتقديم البدائل الشرعية الصالحة للتطبيق المعاصر، بلد المحرمات القائمة، وتوعية الشعوب وتربيتها، وتجميعها لتسوق الحكام إلى التغيير السلمي، بدلاً من الفتن والمصادمات المسلحة. ولكنا نخالف جماعات العنف في حمل السلاح، والخروج على الحكام بالقوة المادية بدعوى أن هذا واجب ديني، وفريضة شرعة لما ذكروه من أدلة واعتبارات تؤيد وجهة نظرهم. فقد غفل هؤلاء ـ من جماعات العنف ـ عن أمر مهم، وهو أن الذي ذكروه هنا من النصوص، يدخل في باب العمومات والمطلقات، التي خصصتها أو قيدتها نصوص أخرى، جاءت تأمر بالصبر على جور الأئمة، ومظالم الأمراء وإن جاروا على حقوق الأفراد بأخذ المال، وضرب الظهر، ما لم يظهر منهم كفر بواح عندنا فيه من الله برهان. وما ذلك إلا للإبقاء على وحدة الأمة واستقرار الدولة، والحرص على حقن الدماء والخشية من أن تفتح أبواب فتن لا تسد، وأن تفتق فتوق يصعب رتقها، وقد شددت الأحاديث في هذا الجانب حتى لا يسارع أهل الورع وأهل الحماس بالخروج على السلطان الشرعي بكل ما يرونه مخالفاً. وحسبنا أن نلقي نظرة سريعة على الأحاديث، التي ذكرها صاحب (منتقي الأخبار) وشرحها الشوكاني في (نيل الأوطار) تحت عنوان: (باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والكف عن إقامة السيف) 1. عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية" الطبراني 12/161. 2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي؛ وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم" متفق عليه. البخاري 4/206. قال الشوكاني: (قوله: من فارق الجماعة شبراً): كناية عن معصية السلطان ومحاربته. قال ابن أبي جمرة: المراد بالمفارقة: السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكني عنها بمقدار الشبر، لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق. (قوله: فميتته جاهلية) وفي رواية لمسلم: "فميتته ميتة جاهلية" وفي أخرى له، من حديث ابن عمر: "من خلع يداً من طاعة الله لقي الله ولا حاجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية". والمراد بالميتة الجاهلية: أن يكون حاله في الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافراً بل يموت عاصياً. ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره؛ ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي، وإن لم يكن جاهلياً، أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير، فظاهره غير مراد، ويؤيد أن المراد بالجاهلية التشبيه ما أخرجه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان وصححه؛ من حديث الحارث بن الحارث الأشعري من حديث طويل، وفيه: "من فارق الجماعة شبراً فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه". (قوله: فوا ببيعة الأول فالأول): فيه دليل على أنه يجب على الرعية الوفاء ببيعة الإمام الأول ثم الأول، ولا يجوز لهم المبايعة للإمام الآخر قبل موت الأول. (قوله: ثم أعطوهم حقهم) أي ادفعوا إلى الأمراء حقهم الذي لهم المطالبة به وقبضه، سواء كان يختص بهم أو يعم، وذلك من الحقوق الواجبة في المال كالزكاة، وفي الأنفس كالخروج إلى الجهاد. 3. وعن عوف بن مالك الأشجعي؛ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيار أئمتكم: الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم: الذين تبغضونهم، ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من ولى عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة" رواه مسلم. 4. وعن حذيفة بن اليمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي؛ ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله! إن أدركت ذلك قال: تسمع وتطيع، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع واطع" رواه احمد ومسلم. 5. وعن عرفجة الأشجعي؛ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أتاكم وأمركم جميع ـ على رجل واحد ـ يريد: أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" رواه احمد ومسلم. 6. وعن عبادة بن الصامت قال: "بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثره علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم فيه من الله برهان" متفق عليه. قال الشوكاني: في باب أحاديث غير هذه، بعضها تقدم في باب (براءة رب المال بالدفع إلى السلطان الجائر) في كتاب الزكاة. وبعضها مذكور في غير هذا الكتاب، من ذلك حديث ابن عمر عند الحاكم بلفظ: "من خرج من الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حتى يراجعه، ومن مات وليس عليه إمام جماعة فإن ميتته ميتة جاهلية" وقد قدمنا نحوه قريباً: عن الحارث بن الحارث الأشعري، ورواه الحاكم من حديث معاوية أيضاً، والبزار من حديث ابن عباس. وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة؛ بلفظ: "من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية". وأخرج أيضاً مسلم نحوه، عن ابن عمر، وفيه قصة. وأخرج الشيخان من حديث أبي موسى الأشعري؛ بلفظ: "من حمل علينا السلاح فليس منا" وأخرجاه أيضاً من حديث ابن عمر، وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وسلمة بن الأكوع. وأخرج احمد وأبو داود والحاكم من حديث أبي ذر: "من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه". وأخرج البخاري من حديث أنس: "اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي، رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله تعالى". وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة؛ "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني". وأخرج الشيخان وغيرهما، من حديث ابن عمر: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". وأخرج الترمذي، من حديث ابن عمر: "ألا أخبركم بخير أمرائكم وشرارهم؟ خيارهم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتدعون لهم ويدعون لكم، وشرار أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتعلنونهم ويلعنونكم". وأخرج الترمذي من حديث أبي بكرة: "من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله تعالى". والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهذا طرف منها. قال الشوكاني: (وقوله: خيار أئمتكم ..الخ): فيه دليل على مشروعية محبة الأئمة، والدعاء لهم، وأن من كان من الأئمة محباً للرعية محبوباً لديهم، داعياً لهم ومدعواً له منهم، فهو من خيار الأئمة، ومن كان باغضاً لرعيته مبغوضاً عندهم، يسبهم ويسبونه فهو من شرارهم، وذلك لأنه إذا عدل فيهم وأحسن القول لهم أطاعوه وانقادوا له وأثنوا عليه، فلما كان هو الذي تسبب بالعدل وحسن القول إلى المحبة والطاعة والثناء منهم كان من خيار الأئمة، ولما كان هو الذي يتسبب أيضاً بالجور والشتم للرعية إلى معصيتهم له وسوء القالة منهم فيه كان من شرار الأئمة.


 

رد مع اقتباس
قديم 23-10-2011, 08:36 PM   #17
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


(قوله: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة) فيه دليل على أنه: لا يجوز منابذة الأئمة بالسيف مهما كانوا مقيمين للصلاة، ويدل ذلك بمفهومه على جواز المنابذة عند تركهم للصلاة وحديث عبادة بن الصامت المذكور، فيه دليل على أنه لا تجوز المنابذة إلا عند ظهور الكفر البواح. قوله: (فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يداً من طاعة) فيه دليل على أن من كره بقلبه ما يفعله السلطان من المعاصي كفاه ذلك، ولا يجب عليه زيادة عليه. وفي الصحيح "فمن رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه" ويمكن حمل حديث الباب، وما ورد في معناه على عدم القدرة على التغيير باليد واللسان، ويمكن أن يجعل مختصا بالأمراء إذا فعلوا منكراً، لما في الأحاديث الصحيحة من تحريم معصيتهم ومنابذتهم، فكفى في الإنكار عليهم مجرد الكراهة بالقلب؛ لأن في إنكار المنكر عليهم باليد واللسان تظاهراً بالعصيان، وربما كان ذلك وسيلة إلى المنابذة بالسيف. (قوله: في جثمان إنس) ـ بضم الجيم وسكون المثلثة ـ أي لهم قلوب كقلوب الشياطين وأجسام كأجسام الإنس. (قوله: وإن ضُرب ظهرك، وأخذ مالك فاسمع وأطع): فيه دليل على وجوب طاعة الأمراء، وإن بلغوا في العسف والجور إلى ضرب الرعية وأخذ أموالهم، فيكون هذا مخصصاً لعموم قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } (سورة البقرة: 194) وقوله: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } (سورة الشورى: 40) (قوله: وأثره علينا) والمراد: أن طاعتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصالهم حقوقهم، بل عليهم الطاعة ولو منعوهم حقهم. (قوله: "وإن لا ننازع الأمر أهله") أي الملك والإمارة، زاد احمد في رواية: "وإن رأيت أن لك في الأمر حقاً" فلا تعمل بذلك الظن، بل اسمع وأطع، إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة. (قوله: إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم فيه من الله برهان) أي: نص آية أو خبر صريح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه: أنه لا يجوز الخروج عليهم مادم فعلهم يحتمل التأويل. قال الإمام النووي: المراد بالكفر هنا: المعصية، ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكراً محققاً تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم، وقولوا بالحق حيثما كنتم، وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة ظالمين. قال النووي: وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق، وأما الوجه المذكور ـ في كتب الفقه ـ لبعض أصحابنا أنه ينعزل، وحكى عن المعتزلة أيضاً: فغلظ من قائله، مخالف للإجماع. قال العلماء: وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن، وإراقة الدماء، وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه. قال القاضي عياض: أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل، قال: وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها. قال: وكذلك ـ عند جمهورهم ـ المبتدع، قال: وقال بعض البصريين: تنعقد له وتستدام له؛ لأنه متأول. قال القاضي: فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع، أو بدعة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه، وخلعه ونصب إمام عادل ما أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، فإن تحققوا العجز لم يجب القيام، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها، ويفر بدينه. قال: ولا تنعقد لفاسق ابتداء، فلو طرأ على الخليفة فسق قال بعضهم: يجب خلعه إلا أن تترتب عليه فتنة وحرب. وقال جماهير أهل السنة ـ من الفقهاء، والمحدثين، والمتكلمين ـ: لا ينعزل بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق، ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه؛ للأحاديث الواردة في ذلك. قال القاضي: وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع، وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسين وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية، وبقيام جماعة عظيمة ـ من التابعين والصدر الأول ـ على الحجاج مع ابن الأشعث، وتأول هذا القائل قوله: "ألا ننازع الأمر أهله" في أئمة العدل. وحجة الجمهور: أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق، بل لما غير من الشرع، وظاهر من الكفر، قال القاضي: وقيل: إن هذا الخلاف كان أولاً، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم. والله أعلم. صحيح مسلم بشرح النووي 4/507. ونقل الحافظ في الفتح: إذا كانت المنازعة ـ في الولاية ـ: "فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر، وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية، فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف، ومحل ذلك إذا كان قادراً. قال الحافظ: ونقل ابن التين عن الداودي قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب، وإلا فالواجب الصبر، وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء، فإن أحدث جوراً بعد أن كان عدلاً فاختلفوا في جواز الخروج عليه، والصحيح: المنع إلا أن يكفر، فيجب الخروج عليه. قال ابن بطال: إن حديث ابن عباس المذكور ـ في أول الباب ـ حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار. قال في الفتح: وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه، لما في ذلك من حقن الدماء، وتسكين الدهماء، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك؛ بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث. انتهى. فتح الباري 12/8،7 طبعة دار الفكر. قال الشوكاني: وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة، ومنابذتهم بالسيف، ومكافحتهم بالقتال، بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولاشك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها؛ أخص من تلك العمومات مطلقاً، وهي متواترة المعنى، كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة، ولكنه لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السلف الصالح ـ من العترة وغيرهم ـ على أئمة الجور، فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم، وهم اتقى لله وأطوع لسنة رسول الله من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم. ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب، حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية، فيا للعجب من مقالات تقشعر منها الجلود، ويتصدع من سماعها كل جلمود. 1هـ. نيل الأوطار 9/40. طبعة مكتبة الكليات الأزهرية. وقفه مع الحكام المعاصرين: بقى أن يقال هنا: إن جماعات العنف ترى أن الحكام الحاليين قد ارتكبوا (كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان)


 

رد مع اقتباس
قديم 23-10-2011, 08:37 PM   #18
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


حينما عطلوا بعض أحكام الشرع عمداً، مثل إقامة الحدود، ومثل تحريم الربا، ومثل إباحة الخمر، ومثل نشر الخلاعة في أجهزة الإعلام المختلفة، بل إن بعضهم ليحارب المرأة المتحشمة، ويعتبر لبسها الخمار جريمة، في حين يطلق العنان للكاسيات العاريات، أو العاريات غير الكاسيات، ومنهم من يعتبر الدعوة إلى تحكيم الشريعة جريمة مخالفة للدستور، إلى غير ذلك مما يعلمه الخاص والعام. وأحب هنا أن أفرق بين نوعين من الحكام في ديار الإسلام: ا. النوع الأول: هو الذي يعترف بالإسلام ديناً للدولة، وبالشريعة مصدراً للقوانين، ولكنه مفرط في تطبيق الشريعة في بعض الجوانب، فهذا أشبه بالمسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويلتزم بأحكام الإسلام عامة، ولكنه يرتكب بعض الكبائر من فعل محظور، أو ترك مأمور، فالخوارج ومن وافقهم يكفرونه، وأهل السنة وجمهور المسلمين يعتبرونه مسلماً عاصياً، غير خارج من الملة، ما لم يستحل ذلك، أو ينكر معلوماً من الدين بالضرورة، وجل الحكام من هذا النوع. 2. والنوع الثاني: هو العلماني المتطرف، الذي يجاهر بالعداوة لشريعة الإسلام، ويسخر منها، ويعتبرها مناقضة للحضارة والتقدم، فهو يرفض الشريعة رفضاً، فهو أشبه بإبليس الذي رفض أمر الله بالسجود لآدم، ووصفه القرآن بأنه: {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } (سورة البقرة: 34) وقد تحدثنا عن هذا النوع في كتابنا (التطرف العلماني في مواجهة الإسلام). وقليل من الحكام هم الذين يمثلون هذا النوع، الذي يباهي بعداوته لشريعة الله، ويستحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله، ويسقط ما فرضه الله، ويتبع غير سبيل المؤمنين، بل يتبع سبيل المجرمين، ويعمل جاهداً في تجفيف ينابيع التدين في نفوس جماهير المسلمين وفي حياتهم. وهؤلاء هم الذين يجب مقاومتهم والخروج عليهم، ولكن هذا كله مقيد بحدود القدرة والإمكان، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وكثيراً ما يؤدي استعمال القوة في غير موضعها إلى كوارث كبيرة، ربما عاقت العودة إلى الشريعة زمناً قد يقصر أو يطول. والأولى بالمسلمين هنا أن يتفقوا على آليات سلمية للتغيير، ويستفيدوا مما وصل إليه العالم عن طريق الوسائل الديمقراطية في التغيير، أو أي طرق أخرى لا تترتب عليها فتنة في الأرض وفساد كبير. والمؤمن يلتمس الحكمة من أي وعاء خرجت. ولا حرج على المسلمين أن يقتبسوا من الوسائل عند غيرهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، مادامت هذه الوسائل غير مخالفة لنصوص الشرع ولا قواعده، بل هي من (المصالح المرسلة) التي تتحقق بها مقاصد الشريعة ومنافع الناس. 4. الخلل في فقه التكفير: وأما الخلل في (فقه التكفير) فقد عالجناه في رسالتنا (ظاهرة الغلو في التكفير). وبعض هذه الجماعات يكفرون الحكام، وقد بحثنا ذلك في الفقرة الماضية. وبعضهم يكفرون المجتمع أو الناس بالجملة، فمنهم من يقول: رضوا بكفر الحكام، والرضا بالكفر كفر. ومنهم من يقول: لم يكفروا الحكام الكافرين، ومن لم يكفر الكافر فهو كافر. ومنهم من يقول: تولوا هؤلاء الحكام، والله تعالى يقول: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } (سورة المائدة: 51) ومنهم من يقول: هذه الجماهير لم تدخل الإسلام أصلاً حتى تخرج منه، لأنها لم تفهم المدلول الحقيقي لكلمة: (لا إله إلا الله) فهؤلاء ليسوا مسلمين. وكل هذه دعاوى لا تقوم على أسس علمية، فالمرء يثبت إسلامه بالشهادتين، ولسنا مطالبين أن نشق عن قلبه، بل نقبل ظاهره وندع ما خفي إلى الله. كما جاء في الحديث المتفق عليه: "فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم، وحسابهم على الله" عن أبي هريرة وابن عمر (اللؤلؤ والمرجان: 13، 14، 15). وقوله عليه الصلاة والسلام لأسامة: "هلا شققت عن قلبه؟!" ومن دخل الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين مثله، لأن اليقين لا يزال بالشك. والأصل هو حسن الظن بالمسلم، وحمل حاله على الصلاح ما أمكن ذلك، ولو وجد في قول أو فعل أو تصرف وجوه تحتمل الكفر، ووجه واحد يحتمل الإسلام؛ حمل على هذا الوجه إبقاءً على الأصل، وتحسيناً للظن بالمسلم. وقد بينا في رسالتنا المشار إليها: أن الغلو في التكفير وتوسيع نطاقه خطأ ديني، وخطأ علمي، وخطأ علمي، وخطأ سياسي، ولا يجوز للمسلم الحريص على دينه أن يتورط فيه، فلتراجع تلك الرسالة، فهي مركزة وكافية للكثيرين. بين العنف والإرهاب وهنا نقطة ينبغي أن ننبه عليها، وهي العلاقة بين (العنف) والإرهاب، وهي علاقة العموم والخصوص، بمعنى أن الإرهاب أخص من العنف، فكل إرهاب عنف، وليس كل عنف إرهاباً، فيما أراه. الإرهاب: أن تستخدم العنف فيمن ليس بينك وبينه قضية، وإنما هو وسيلة لإرهاب الآخرين وإيذائهم بوجه من الوجوه. ويدخل في ذلك: خطف الطائرات، فليس بين الخاطف وركاب الطائرة ـ عادة ـ قضية، ولا خلاف بينه وبينهم، إنما يتخذهم وسيلة للضغط على حكومة معينة لتحقيق مطالب له، كإطلاق مساجين أو دفع فدية، أو نحو ذلك، وإلا قتلوا من قتلوا من ركاب الطائرة. كما يدخل في ذلك احتجاز رهائن لديه، لا يعرفهم ولا يعرفونه، ولكن يتخذهم وسيلة ضغط لتحقيق مطالبه أو يقتل منهم من يقتل، كما فعلت جماعة أبو سياف في جنوب الفلبين وغيرهم. ومن ذلك: قتل السياح في مصر، كما حدث في مذبحة الأقصر وغيرها، لضرب الاقتصاد المصري، للضغط على الحكومة المصرية. ومن ذلك: ما حدث في 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، من اختطاف الطائرات المدنية بركابها من المدنيين الذين ليس بينهم وبين خاطفها مشكلة أو نزاع، واستخدامها (آلة هجوم) وتفجيرها بمن فيها، للضغط والتأثير على السياسة الأمريكية. وكذلك ضرب المدنيين البرآء في برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وفيهم أناس لا علاقة لهم باتخاذ القرار السياسي، ومنهم مسلمون وغيرهم. وإذا كنا ندين العنف بصفة عامة، فنحن ندين الإرهاب بصفة خاصة، لما فيه من اعتداء على أناس ليس لهم أدنى ذنب يؤاخذون به. وقد أصدرت فتوى ـ منذ بضعة عشر عاماً ـ بتحريم خطف الطائرات، وذلك بعد حادثة خطف الطائرة الكويتية، وبقاء ركابها فيها محبوسين ستة عشر يوماً، كما قتلوا واحدا أو اثنين من ركابها. كما أفتيت بتحريم حجز الرهائن والتهديد بقتلهم، إنكاراً على ما اقترفته جماعة (أبو سياف). وكذلك أصدرت بياناً ـ عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر ـ دنت فيه هذا العمل ومقترفيه، أياً كان دينهم، أو جنسهم أو وطنهم. وأيضاً دنت الإرهاب بوضوح ـ في خطبي، ومحاضراتي، ومقالاتي وكتبي ـ ومن ذلك: ما ذكرته في كلمتي التي ألقيتها في مؤتمر القمة الإسلامية المسيحية، الذي عقد في روما في أكتوبر 2001م، وفيها قلت: نرفض الإرهاب:


 

رد مع اقتباس
قديم 23-10-2011, 08:37 PM   #19
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


(إنني باسمي وباسم كل علماء المسلمين نرفض الإرهاب، الذي يعني ترويع الآمنين وقتل البرآء بغير حق، ولكنا لا نعد أبداً من الإرهاب من يدافع عن وطنه وحرماته ومقدساته، فمن الظلم أن يُسمى هذا إرهاباً، بل هو دفاع مشروع. إن الشرائع السماوية، والقوانين الوضعية، والأعراف الدولية، والقيم الفطرية، كلها متفقة على مشروعية المقاومة لكل غازٍ يحتل الأرض، حتى يجلو عن الوطن. كما أننا ننكر أن نحارب الإرهاب بإرهاب مثله، يستخدم نفس منطقه، ويأخذ البريء بذنب المسيء، والمظلوم بجريرة الظالم، ولهذا نحذر هنا أن يؤخذ شعب كامل بجريمة أفراد منه، حتى لو ثبتت الجريمة عليهم، أو يتهم دين تتبعه أمة كبرى بأنه دين العنف والإرهاب بسبب أفراد منه، وقد سبق لأفراد مسيحيين في أمريكا نفسها اتهموا بجرائم إرهابية، وحوكموا عليها ودينوا فيها، كما في حادث أوكلو هوما سيتي الشهير، الذي قام به مسيحي أمريكي بدوافع خاصة، فلم تتهم ـ بسببه ـ أمريكا كلها، ولا العالم المسيحي، ولا الديانة المسيحية؟ يجب أن نتعامل مع الإرهابيين على أساس من معرفة دوافعهم، ودراسة نفسياتهم، فالإرهابي إنسان مغلق على نفسه، شديد التعصب لفكرته التي يؤمن بها، ويرى من خلالها العالم والحياة والإنسان، على غير ما يراه الآخرون، ويرى نفسه هو المصيب، وكل الآخرين مخطئين، أو منحرفين. فهو صاحب قضية يعمل من أجلها، وليس من أجل مصلحة نفسه، وهو مستعد أن يضحي بنفسه من أجل قضيته. وآفته ليست في ضميره، بل في رأسه وفكره. ولهذا يجب أن يقاوم أول ما يقاوم بتصحيح فكرته الخاطئة، ومفاهيمه المغلوطة، ولا يقاوم عنفه بعنف مضاد، إلا بمقدار ما تمليه الضرورة، فإن هذا العنف لا يزيده إلا تصلباً وإصراراً على موقفه. وهذا عمل أهل الفكر والدعوة والتربية، والميدان مفتوح أمامهم لتقويم ما أعوج من فكر، وإصلاح ما فسد من السلوك. ثم إن جرائم الإرهاب ـ عادة ـ إنما هي جرائم أفراد، أو مجموعات صغيرة، ومثلها لا يقاوم بشن حرب كبيرة عليها، لأنها قد تصيب غيرهم ولا تصيبهم، وإنما يقاوم هؤلاء بما يقاوم به كل المجرمين، وهو تقديمهم لمحاكمة عادلة تعاقبهم بما يستحقون وفق الشرائع والقوانين المرضية. كما أن محاربة الإرهاب حقاً إنما تتم بمحاربة أسبابه، ومنها إزالة المظالم، وحل القضايا المعلقة، ومنها: قضية فلسطين التي شرد أهلها وأخرجوا من ديارهم بغير حق. ومن ذلك: أن يترك للمسلمين حريتهم، وحقهم في أن يحكموا أنفسهم وفق عقائدهم التي آمنوا بها، ولا يفرض عليهم نظام لا يرضونه. هل هذا العنف مفيد؟ بقي سؤال آخر ـ لابد منه هنا ـ وهو: إذا لم نتكلم بمنطق الشرع، وتحدثنا بمنطق المصلحة أو الفائدة والثمرة، فهل هذا العنف مفيد؟ هل يحقق مصلحة للدعوة الإسلامية، وللصحوة الإسلامية؟ لا فائدة من هذا العنف: نستطيع أن نؤكد أن هذا العنف لا يغير حكومة ولا يسقط نظاماً، هذا الاغتيال السياسي، أو القتل العشوائي، أو العمل التخريبي، لم نره غير شيئا في الأنظمة القائمة التي أراد دعاة العنف تغييرها، وقد جرب الاغتيال السياسي، فذهب حاكم وجاء آخر بعده، واستمر الوضع، وربما كان الجديد أسوأ من القديم، وربما ازداد الوضع سوءاً. ثم إن هذا الذي يقوم بالعنف لا يستطيع الاستمرار فيه إلى الأبد، إنه يستمر مدة ثم ييأس، ويلقي سلاحه، ولم يجن ثمرة من عمله، إلا ما قتل من أنفس، وما أضاع من جهد وعمر. فقه التغيير: على أن فقه التغيير الحق لا يتم بالعنف، إنه عملية طويلة المدى، عميقة الجذور، يبدأ أول ما يبدأ ـ وفق المنهج القرآني والنبوي ـ بتغيير ما بالأنفس، بالتوعية والتربية، والإعداد الطويل النفس. غير ما بنفسك يتغير التاريخ، هذه السنة القرآنية الثابتة: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } (سورة الرعد: 11) وهذا ـ للأسف لا يعيه إلا أولو الألباب، ولا يصبر عليه إلا أولو العزم، وقليل ما هم. العنف الوحيد المشروع: إن العنف الوحيد المشروع هو العنف لمقاومة الاحتلال الغاصب، مثل مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، والصربي في البوسنة والهرسك، وفي كوسوفا، والهندوسي في كشمير، ونحو ذلك. وهو ما يجب أن يقرره أهل الحل والعقد، ولا يترك الأمر فوضى لكل من يقدر على حمل السلاح. وهذا في حدود الاستطاعة، حتى لا تتعرض الجماعة المسلمة للإبادة والتصفية الجماعية، بحجة مقاومة العنف والإرهاب. وبهذا يمكن الكمون والتربص فترة، ثم الظهور عند الفرصة والقدرة. وقد قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (سورة التغابن: 16) وقال: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } (سورة البقرة: 286) وفي الحديث المتفق عليه: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري ج9 ص117 ومسلم (الحج) 412. وقال تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } (سورة البقرة: 195) وقال: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } (سورة النساء: 29) وفي الحديث: "لا ضرر ولا ضرار" (رواه ابن ماجه رقم 2340، 2341). مقاومة الكفر البواح: وهناك عنف آخر مشروع: عبر عنه الحديث الصحيح المتفق عليه، حين قال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم فيه من الله برهان" وذلك مثل مقاومة الردة العلمانية الصريحة، التي قال عنها العلامة أبو الحسن الندوي: ردة ولا أبا بكر لها. والردة التي ترفض قواطع الإسلام. وهذه المقاومة المشروعة في حدود الاستطاعة والإمكان، وإلا وجب الصبر والإعداد ليوم الخلاص. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

نور الله


 

رد مع اقتباس
قديم 24-10-2011, 03:25 PM   #20
أمل الروح
المدير العام للموقع
روح نفساني


الصورة الرمزية أمل الروح
أمل الروح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 34210
 تاريخ التسجيل :  05 2011
 أخر زيارة : 30-06-2024 (01:59 PM)
 المشاركات : 23,511 [ + ]
 التقييم :  325
لوني المفضل : Darkcyan


الله يعطيك العافية و يكتب لك بكل حرف حسنة





اسال الله ان يهدي امة محمد عليه الصلاة و السلام


 

رد مع اقتباس
قديم 24-10-2011, 05:18 PM   #21
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


الله يعافيك أختي أمل شكرا على المتابعه


 

رد مع اقتباس
قديم 25-10-2011, 12:31 AM   #22
المشتاقه للجنه
عضو


الصورة الرمزية المشتاقه للجنه
المشتاقه للجنه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 36082
 تاريخ التسجيل :  10 2011
 أخر زيارة : 26-10-2011 (01:09 AM)
 المشاركات : 17 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


جزيت الفردوس الاعلى


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:18 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا