المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18-05-2009, 07:59 PM   #286
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأمجد قال للخازندار :
ما نريد منك أن تبلغه إلا هذين البيتين اللذين سمعتهما وأسألك بالله أن تطول بالك علينا حتى أنشد لأخي هذين البيتين الأخرين .
ثم بكى بكاءً شديداً وجعل يقول :
في الـذاهـبـين الأولـين ........ من الملوك لنا بـصـائر
كم قد مضى في ذا الطريق ........ من الأكابر والأصـاغـر
فلما سمع الخازندار من الأمجد هذا الكلام بكى بكاءً شديداً حتى بل لحيته ، وأما الأسعد فإنه تغرغرت عيناه بالعبرات وأنشد هذه الأبيات :
الدهر يفجع بعد العـين بـالأثـر ........ فما البكاء على الأشباح والصـور
فما الليالي أقال الله عـثـرتـنـا ........ من الليالي وخانتهـا يد الـغـدر
فقد أضمرت كيدها لابن الزبير وما ........ رعت ليأذنه بالبيت والـحـجـر
وليتها إذ ندت عمـراً بـخـارجة ........ فدت علياً بمن شاءت من البشـر
ثم خضب خده بدمعه المرار وأنشد هذه الأشعار :
إن الليالي والأيام قد طـبـعـت ........ على الخداع وفيها المكر والحيل
سراب كل نياب عندهـا شـئت ........ وهول كل ظلال عندها كحـل
ذنبي إلى الدهر فليكره سجيتـه ........ ذنب الحسام إذ ما أحجم البطـل
ثم صعد الزفرات وأنشد هذه الأبيات :
يا طالب الدنيا الـدنـيا إنـهـا ........ شرك الردى أو قرارة الأكدار
دار متى أضحكت في يومهـا ........ أبكت غداً تباً لـهـا مـن دار
غاراته لا تنقضي وأسـيرهـا ........ لا يفتدي بجلائل الأخـطـار
كم مزده بغروره حتـى غـدا ........ متفردا متجاوز الـمـقـدار
فلما فرغ الأسعد من شعره اعتنق أخاه الأمجد حتى صارا كأنهما شخص واحد وسل الخازندار سيفه وأراد أن يضربهما وإذا بفرسه جفل في البر وكان يساوي ألف دينار وعليه سرج عظيم يساوي جملة من المال ، فألقى السيف من يده وذهب وراء فرسه .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 07:59 PM   #287
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخازندار وقد التهب فؤاده وما زال يجري خلفه ليمسكه حتى دخل في غابة فدخل وراءه في تلك الغابة فشق الجواد في وسط الغابة ودق الأرض برجليه ، فعلا الغبار وارتفع وثار فأما الفرس فإنه شخر ونخر وصهل وزمجر وكان في تلك الغابة أسد عظيم الخطر قبيح المنظر عيونه ترمي بالشرر له وجه عبوس وشكل يهول النفوس فالتفت الخازندار فرأى الأسد قاصداً إليه فلم يجد له مهرباً من يديه ولم يكن معه سيف فقال في نفسه :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما حصل لي هذا الضيق إلا بذنب الأمجد والأسعد وإن هذا السفرة مشؤومة من أولها .
ثم إن الأمجد والأسعد قد حمي عليهما الحر فعطشا عطشاً شديداً ، حتى نزلت ألسنتهما واستغاثا من العطش فلم يغثهما أحد ، فقال الأمجد :
يا ليتنا كنا قتلنا واسترحنا من هذا ولكن ما ندري أين جفل الحصان حتى ذهب الخازندار وراءه وخلانا مكتفين فلو جاءنا وقتلنا كان أريح لنا من مقاساة هذا العذاب .
فقال الأسعد :
يا أخي اصبر فسوف يأتينا فرج الله سبحانه وتعالى ن فإن الحصان ما جفل إلا لأجل لطف الله بنا وما ضرنا غير هذا العطش .
ثم هز نفسه وتحرك يميناً وشمالاً فانحل كتافه فقام وحل كتاف أخيه ثم أخذ سيف الخازندار وقال لأخيه :
والله لا تبرح من هذا حتى نكشف خبره ونعرف ما جرى له .
وشرعا يقتفيان الأثر فدلهما على الغابة فقالا لبعضهما :
إن الحصان والخازندار ما تجاوزا هذه الغابة .
فقال الأسعد لأخيه :
قف هنا حتى أدخل الغابة وأنظرها .
فقال الأمجد :
ما أخليك تدخل فيها وحدك وما ندخل إلا جميعنا فإن سلمنا سلمنا سواء وإن عطبنا عطبنا سواء .
فدخل الاثنان فوجدا الأسد قد هاجم الخازندار وهو تحته كأنه عصفور ولكنه صار يبتهل إلى الله ويشير إلى نحو السماء فلما رآه الأمجد أخذ السيف وهجم على الأسد وضربه بالسيف بين عينيه فقتله ووقع مطروحاً على الأرض فنهض الخازندار وهو متعجب من هذا الأمر فرأى الأمجد والأسعد ولدي سيده واقفين فترامى على أقدامهما وقال لهما :
والله يا سيدي ما يصلح أن أفرط فيكما بقتلكما فلا كان من يقتلكما فبروحي أفديكما .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 08:00 PM   #288
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التاسعة والخمسين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخازندار قال للأمجد والأسعد :
بروحي أفديكما .
ثم نهض من وقته وساعته وأعتقهما وسألهما عن سبب فك وثاقهما وقدومهما فأخبراه أنهم عطشا وانحل الوثاق من أحدهما ففك الآخر بسبب خلوص نيتهما ثم إنهما اقتفيا الأثر حتى وصلا إليه ، فلما سمع كلامهما شكرهما على ما فعلهما وخرج معهما إلى ظاهر الغابة ، فقالا له :
يا عم افعل ما أمرك به أبونا .
فقال الخازندار :
حاشا لله أن أصيبكما بضرر ولكن اعلما أني أريد أن أنزع ثيابكما وألبسكما ثيابي وأملأ قنينتين من دم الأسد ثم أروح إلى الملك وأقول له :
إني قتلتكما .
وأما أنتما فسيحا في البلاد وأرض الله واسعة واعلما يا سيدي أن فراقكما يعز علي .
ثم بكى كل من الخازندار والغلامين وخلعا ثيابهما وألبسهما ثيابه وراح إلى الملك وقد أخذ ذلك وربط قماش كل واحد منهما في بقجة معه وملأ القنينتين من دم الأسد وجعل البقجتين قدامه على ظهر الجواد ثم ودعهما وسار متوجهاً إلى المدينة .
و لم يزل سائراً حتى دخل على الملك وقبل الأرض بين يديه فرآه الملك متغير الوجه وذلك مما جرى له من الأسد فظن أن ذلك من قتل أولاده ففرح وقال له :
هل قضيت على الشغل ?
قال الخازندار :
نعم يا مولانا
ثم ناوله البقجتين اللتين فيهما الثياب والقنينتين الممتلئتين بالدم فقال له الملك :
ماذا رأيت منهما وهل أوصياك بشيء ?
قال الخازندار :
وجدتهما صابرين محتسبين لما نزل بهما وقد قالا لي :
إن أبانا معذور فاقرئه منا السلام وقل له :
أنت في حل من قتلنا ومن دمائنا ولكن نوصيك أن تبلغه هذين البيتين وهما :
إن النساء شياطين خلقن لـنـا ........ نعوذ بالله من كيد الشياطـين
فهن أصل البليات التي ظـهرت ........ بين البرية في الدنيا وفي الدين
فلما سمع الملك من الخازندار هذا الكلام أطرق رأسه إلى الأرض ملياً وعلم أن كلام ولديه يدل على أنهما قد قتلا ظلماً ثم تفكر في مكر النساء ودواهيهن وأخذ النقجتين وفتحهما وصار يقلب ثياب أولاده ويبكي .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 08:00 PM   #289
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الستين بعد المئتين

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قمر الزمان لما فتح البقجتين صار يقبل ثياب أولاده وبكى فلما فتح ثياب ولده الأسعد وجد في جيبه ورقة مكتوبة بخط زوجته بدور ومعها جدائل شعرها ففتح الورقة وقرأها وفهم معناها فعلم أن ولده الأسعد مظلوم ولما قلب ثياب الأمجد وجد في جيبه ورقة مكتوبة بخط زوجته حياة النفوس وفيها جدائل شعرها ففتح الورقة وقرأها فعلم أنه مظلوم فدق يداً على يد وقال :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد قتلت أولادي ظلماً .
ثم صار يلطم على وجهه ويقول :
وا ولداه .. وا طول حزناه .
وأمر ببناء قبرين في بيت الأحزان وكتب على القبرين اسمي ولديه وترامى على قبر الأمجد وبكى وأن واشتكى وأفاض العبرات وانشد هذه الأبيات :
يا قمر قد غاب تحت الثـرى ........ بكت عليه الأنجم الزاهـرة
يا قضياً لـم يمـس بـعـده ........ معاطف للأعين النـاظـرة
منعت عينيي عنك من غيرتي ........ علـيك لا أراك لـلآخـرة
وأغرقت بالسـهد في دمـها ........ وإنني من ذاك بالعـاهـرة
ثم ترامى على قبر الأسعد وبكى وأن واشتكى وأفاض العبرات وأنشد هذه الأبيات :
قد كنت أهوى أن أشاطرك الردى ........ لكن الـلـه أراد غـير الـرادى
سودت ما بين الفضاء وناظـري ........ ومحوت من عينـي كـل سـواد
لا ينفذ الدمع الذي أبـكـي بـه ........ إن الـفـؤاد لـه مـن الأمـداد
أعز علي بأن أراك بمـوضـع ........ متشابـه الأوغـاد والأمـجـاد
ولما فرغ من شعره هجر الأحباب والخلان وانقطع في البيت الذي سماه بيت الأحباب وصار يبكي على أولاده وقد هجر نسائه وأصحابه وأصدقائه .
هذا ما كان من أمر الملك قمر الزمان .
وأما ما كان من أمر الأمجد والأسعد فإنهما لم يزالا سائران في البرية وهما يأكلان من نبات الأرض ويشربان من متحصلات الأمطار مدة شهر كامل حتى انتهى بهما المسير إلى جبل من الصوان الأسود لا يعلم أين منتهاه والطريق افترقت عند ذلك الجبل طريقين ، طريق تشقه من وسطه وطريق ساعده إلى أعلاه فسلكا الطريق التي في أعلى الجبل واستمرا سائران خمسة أيام فلم ير له منتهى وقد حصل لهما الإعياء من التعب وليسا معتادين على المشي في جبل ولا في غيره ولما يئسا من الوصول إلى منتهاه رجعا وسلكا الطريق التي في وسط الجبل


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 08:01 PM   #290
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة الحادية والستين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأمجد والأسعد ولدي قمر الزمان لم عادا من الطريق الصاعدة في الجبل إلى الطريق المسلوكة في وسطه مشيا طول النهار إلى الليل وقد تعب الأسعد من كثرة السير فقال له لأخيه :
يا أخي أنا ما بقيت أقدر على المشي فإني ضعفت جداً .
فقال له الأمجد :
يا أخي شد حيلك لعل الله يفرج عنا .
ثم إنهما مشيا ساعة من الليل وقد تعب الأسعد تعباً شديداً ما عليه من مزيد وقال : يا أخي إني تعبت وكليت من المشي .
ثم وقع في الأرض وبكى فحمله أخوه الأمجد ومشى به وصار ساعة يمشي وساعة يستريح إلى أن لاح الفجر حتى استراح أخوه فطلع هو وإياه فوق الجبل فوجد عيناً نابعة يجري منها الماء وعندها شجرة رمان ومحراب فما قصدا أنهما يريان ذلك ، ثم جلسا عند تلك العين وشربا من مائها وأكلا من رمان تلك الشجرة وناما في ذلك الموضع حتى طلعت الشمس ثم جلسا واغتسلا من العين وأكلا من الرمان الذي في الشجرة وناما إلى العصر وأرادا أن يسيرا فما قدر الأسعد على السير وقد ورمت رجلاه فأقاما هناك ثلاثة أيام حتى استراحا ، ثم سارا في الجبل مدة أيام وهما سائران فوق الجبل وقد تعبا من العطش إلى أن لاحت لهما مدينة من بعيد ففرحا وسارا حتى وصلا إليها .
فلما قربا منها شكرا الله تعالى وقال الأمجد للأسعد :
يا أخي اجلس هنا وأنا أسير إلى هذه المدينة وأنظر ما شأنها وأسأل عن أحوالها لأجل أن نعرف أين نحن من أرض الله الواسعة ونعرف الذي قطعناه من البلاد في عرض هذا الجبل ولو أننا مشينا في وسطه ما كنا نصل إلى هذه المدينة في سنة كاملة ، فالحمد لله على السلامة .
فقال له الأسعد :
والله يا أخي ما يذهب إلى المدينة غيري وأنا فداؤك ، فإنك إن تركتني ونزلت وغبت عني تستغرقني الأفكار من أجلك وليس لي قدرة على بعدك عني .
فقال له الأمجد :
توجه ولا تبطئ .
فنزل الأسعد من الجبل وأخذ معه دنانير وخلى أخاه ينتظره وسار ماشياً إلى أسفل الجبل حتى دخل المدينة وشق في أزقتها فلقيه رجل كبير طاعن في السن وقد نزلت لحيته على صدره وافترقت فرقتين وبيده عكاز وعليه ثياب فاخرة وعلى رأسه عمامة كبيرة حمراء ، فلما رآه الأسعد تعجب من لبسه وهيئته وتقدم إليه وسلم عليه وقال له :
أين طريق السوق يا سيدي ?
فلما سمع الشيخ كلامه تبسم في وجهه وقال له :
يا ولدي كأنك غريب ?
فقال له الأسعد :
نعم أنا غريب يا عم .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 08:01 PM   #291
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والستين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الشيخ الذي لقي الأسعد تبسم في وجهه وقال له :
يا ولدي كأنك غريب ?
فقال له الأسعد :
نعم غريب .
فقال له الشيخ :
قد آنست ديارنا وأوحشت ديار أهلك فما الذي تريده من السوق ?
فقال الأسعد :
يا عم إن لي أخاً تركته في الجبل ونحن مسافران من بلاد بعيدة ولنا في السفر مدة ثلاثة شهور وقد أشرفنا على هذه المدينة فجئت إلى هنا لأشتري طعاماً وأعود به إلى أخي لأجل أن نقتات به .
فقال الشيخ له :
يا ولدي أبشر بكل خير واعلم أنني عملت وليمة وعندي ضيوف كثيرة وجمعت فيها من أطيب الطعام وأحسنه ما تشتهيه النفوس فهل لك أن تسير معي إلى مكاني فأعطيك ما تريد ولا آخذ منك ثمناً وأخبرك بأحوال هذه المدينة والحمد لله يا ولدي حيث وقعت بك ولم يقع بك أحد غيري .
فقال الأسعد :
افعل ما أنت آمله وعجل فإن أخي ينتظرني وخاطره عندي .
فأخذ الشيخ بيد الأسعد ورجع به إلى زقاق ضيق وصار يبتسم في وجهه ويقول له :
سبحان من نجاك من أهل هذه المدينة .
ولم يزل ماشياً به حتى دخل داراً واسعة وفيها قاعة جالساً فيها أربعون شيخاً طاعنون في السن وهم مصطفون حلقة وفي وسطهم نار موقدة والمشايخ جالسون حولها يعبدونها ويسجدون لها ، فلما رأى ذلك الأسعد اقشعر بدنه ولم يعلم ما خبرهم ، ثم إن الشيخ قال لهؤلاء الجماعة :
يا مشايخ النار ما أبركه من نهار .
ثم نادى قائلاً :
يا غضبان .
فخرج عبد أسود بوجه أعبس وأنف أفطس وقامة مائلة وصورة هائلة ثم أشار إلى العبد فشد وثاق الأسعد ، وبعد ذلك قال للعبد :
انزل به إلى القاعة التي تحت الأرض واتركه هناك وقل للجارية الفلانية تتولى عذابه بالليل والنهار .
فأخذه العبد وأنزله تلك القاعة وسلمه إلى الجارية فصارت تتولى عذابه وتعطيه رغيفاً واحداً في أول النهار ورغيفاً واحداً في أول الليل وكوز ماء مالح في الغداة ومثله في العشاء ثم إن المشايخ قالوا لبعضهم :
لما يأتي أوان عيد النار نذبحه على الجبل ونتقرب به إلى النار .
ثم إن الجارية نزلت إليه وضربته ضرباً وجيعاً حتى سالت الدماء من أعضائه وغشي عليه ، ثم حطت عند رأسه رغيفاً وكوز ماء مالح وراحت وخلته فاستفاق في نصف الليل فوجد نفسه مقيداً وقد آلمه الضرب فبكى بكاءً شديداً وتذكر ما كان فيه من العز والسعادة والملك والسيادة .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 08:02 PM   #292
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والستين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأسعد لما رأى نفسه مقيداً وقد آلمه الضرب تذكر ما كان فيه من العز والسعادة والملك والسيادة فبكى وصعد الزفرات وانشد هذه الأبيات :
قفوا برسم الدار واستخبروا عنها ........ تحسبونا في الديار كما كـنـا
لقد فرق الدهر المشتت شملنـا ........ وهنا تشتفي أكباد حسادنا مـنـا
تولت عذابي بالـسـياط لـئيمة ........ وقد ملئت منها جوانحي طعنـا
عسى ولعل الله يجمع شملـنـا ........ ويدفعوا بالتنكيل أعداءنا عـنـا
فلما فرغ الأسعد من شعره مد يده فوجد رغيفاً وكوز ماء مالح فأكل قليلاً ليسد رمقه وشرب قليلاً من الماء ولم يزل ساهراً إلى الصباح من كثرة البق والقمل فلما أصبح الصباح جاءت إليه الجارية ونزعت عنه ثيابه وكانت قد غمرت بالدم والتصقت بجلده وهو مقيد في الحديد بعيداً عن الأحباب فتذكر أخاه والعز الذي كان فيه .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 08:03 PM   #293
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والستين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأسعد تذكر أخاه والعز الذي كان فيه وأن واشتكى وسكب العبرات وأنشد هذه الأبيات :
يا دهر كم تجـور وتـعـتـدي ........ ولكم بأحبابي تروح وتعـتـدي
ما آن أن ترثي لطول تشتـتـي ........ وترق يا من قلبه كالجـلـمـد
وأسأت أحبابي بما أشمـت بـي ......... كل العداة بما صنعت من الردي
وقد اشتفى قلب العدو بمـا رأى ........ من غربتي وصبابتي وتوحـدي
لم يكفه ما حل بي مـن كـربة ........ وفراق أحبابي وطرف أرمدي
حتى بليت بضيق سجن ليس لي ........ فيه أنيس غير عضـي بـالـيد
ومدامع تهمي كفـيض سحـائب ........ وغليل شوق ناره لم تـخـمـد
وكـآبـة وصبـابـة وتـذكـر ........ وتحسر وتنفس وتـنـهـد
شـوق أكـابده وحـزن متلـف ........ ووقعت في وجد مقيم مقعد
فلما فرغ من شعره ونثره حن وبكى وأن واشتكى وتذكر ما كان فيه من عز وما حصل له من فراق أخيه .
هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر أخيه الأمجد فإنه مكث ينتظر الأسعد إلى نصف النهار فلم يعد إليه فخفق فؤاده واشتد به ألم الفراق وأفاض دمعه المهراق .


 

رد مع اقتباس
قديم 18-05-2009, 10:04 PM   #294
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


يتبـــــع..!!


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:51 PM   #295
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والسبعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العجوز صارت تتردد إلى دار نعمة ونعم وهما يزيدان في إكرامها ومازالت العجوز تمسي وتصبح عندهما ويرحب بها كل من في الدار حتى إن العجوز اختلت بالجارية يوماً من الأيام وقالت :
يا سيدتي والله إني حضرت إلى الأماكن الطاهرة ودعوت لك وأتمنى أن تكوني معي حتى تري المشايخ الواصلين ويدعو لك بما تختارين .
فقالت الجارية نعم :
بالله يا أمي أن تأخذيني معك .
فقالت لها العجوز :
استأذني حماتك وأنا آخذك معي .
فقالت الجارية لحماتها أم نعمة :
يا سيدتي اسألي سيدي أن يخليني أخرج أنا وأنت يوماً من الأيام مع أمي العجوز إلى الصلاة والدعاء مع الفقراء في الأماكن الشريفة .
فلما أتى نعمة وجلس تقدمت إليه العجوز تقبل يديه فمنعها من ذلك ودعت له وخرجت من الدار فلما كان ثاني يوم جاءت العجوز ولم يكن نعمة في الدار فأقبلت على الجارية نعم وقالت لها :
دعونا لكم البارحة ولكن قومي في هذه الساعة تفرجي وعودي قبل أن يجيء سيدك .
فقالت لحماتها :
سألتك بالله أن تأذني لي في الخروج مع هذه المرأة الصالحة لأتفرج على أولياء الله في الأماكن الشريفة وأعود بسرعة قبل مجيء سيدي .
فقالت لها أم نعمة :
أخشى أن يعلم سيدك .
فقالت العجوز :
والله لا أدعها تجلس على الأرض بل تنظر وهي واقفة على أقدامها ولا تبطئ .
ثم أخذت الجارية بالحيلة وتوجهت إلى قصر الحجاج وعرفته بمجيئها بعد أن حطتها في مقصورة فأتى الحجاج ونظر إليها فرآها أجمل أهل زمانها ولم ير مثلها ، فلما رأته سترت وجهها فلم يفارقها حتى استدعى بحاجبه وأركب معه خمسين فارساً وأمره أن يأخذ الجارية على نجيب سابق ويتوجه بها إلى دمشق ويسلمها إلى أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وكتب له كتاباً وقال له :
أعطه هذا الكتاب وخذ منه الجواب وأسرع لي بالرجوع .
فتوجه الحاجب وأخذ الجارية على هجين وسافر بها وهي باكية العين من أجل فراق سيدها حتى وصلوا إلى دمشق واستأذن على أمير المؤمنين فأذن له فدخل الحاجب عليه وأخبره بخبر الجارية فأخلى لها مقصورة ، ثم دخل الخليفة حريمه فرأى زوجته فقال لها :
إن الحجاج قد اشترى لي جارية من بنات ملوك الكوفة بعشرة آلاف دينار وأرسل إلي هذا الكتاب وهي صحبة الكتاب .
فقالت له زوجته .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:52 PM   #296
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والسبعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة لما اخبر زوجته بقصة الجارية قالت له زوجته :
زادك الله من فضلك .
ثم دخلت أخت الخليفة على الجارية فلما رأتها قالت :
والله ما خاب من أنت في منزله ولو كان ثمنك مائة ألف دينار .
فقالت لها الجارية نعم :
يا صبيحة الوجه هذا قصر من مِن الملوك وأي مدينة هذه المدينة ?
قالت لها أخت الخليفة :
هذه مدينة دمشق وهذا قصر أخي أمير المؤمنين عبد الله بن مروان .
ثم قالت أخت الخليفة للجارية :
كأنك ما علمت هذا ?
قالت نعم :
والله يا سيدتي لا علم لي بهذا .
قالت أخت الخليفة :
والذي باعك وقبض ثمنك أما أعلمك بأن الخليفة قد اشتراك ?
فلما سمعت الجارية هذا الكلام سكبت دموعها وبكت وقالت الجارية لنفسها :
إن تكلمت فما يصدقني أحد ولكن أسكت وأصبر لعلمي أن فرج الله قريب .
ثم إنها أطرقت رأسها حياء وقد احمرت خدودها من أثر السفر والشمس فتركتها أخت الخليفة في ذلك اليوم وجاءتها في اليوم الثاني بقماش وقلائد من الجوهر وألبستها فدخل عليها أمير المؤمنين وجلس إلى جانبها .
فقالت له أخته :
انظر إلى هذه الجارية التي كمل الله فيها من الحسن والجمال .
فقال الخليفة لنعم :
أزيحي القناع عن وجهك .
فلم تزل القناع عن وجهها وإنما رأى معصمها فوقعت محبتها في قلبه وقال لأخته :
لا أدخل عليها إلا بعد ثلاثة أيام حتى تستأنس بي .
ثم قام وخرج من عندها فصارت الجارية متفكرة في أمرها ومتحسرة على افتراقها من سيدها نعمة فلما أتى الليل ضعفت الجارية بالحمى ولم تأكل ولم تشرب حتى تغير وجهها ومحاسنها فعرفوا الخليفة بذلك فشق عليه أمرها ودخل عليها الأطباء وأهل البصائر فلم يجد لها أحد على طب .
هذا ما كان من أمرها .
وأما ما كان من أمر سيدها نعمة فإنه أتى إلى داره وجلس على فراشه ونادى :
يا نعم .
فلم تجبه فقام مسرعاً ونادى فلم يدخل عليه أحد وكل جارية بالبيت اختفت خوفاً منه فخرج نعمة إلى والدته فوجدها جالسة ويدها على خدها فقال لها :
يا أمي أين نعم ?
فقالت له أمه :
يا ولدي مع من هي أوثق مني مع العجوز الصالحة فإنها خرجت معها لتزور الفقراء وتعود .
فقال نعمة :
ومتى كان لها عادة بذلك وفي أي وقت خرجت ?
قالت أمه :
خرجت بكرة النهار .
قال نعمة :
وكيف أذنت لها بذلك ?
فقالت له أمه :
يا ولدي هي التي أشارت علي بذلك .
فقال نعمة :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم خرج من بيته وهو غائب عن الوجود ثم توجه إلى صاحب الشرطة فقال له :
أتحتال علي وتأخذ جاريتي من داري فلابد لي أن أسافر وأشتكيك إلى أمير المؤمنين .
فقال صاحب الشرطة :
ومن أخذها ?
فقال نعمة :
عجوز صفتها كذا وكذا وعليها ملبوس من الصوف وبيدها سبحة عدد حباتها ألوف .
فقال له صاحب الشرطة :
أوقفني على العجوز وأنا أخلص لك جاريتك .
فقال نعمة :
ومن يعرف العجوز ?
فقال له صاحب الشرطة :
ما يعلم بالغيب إلا الله سبحانه وتعالى .
وقد علم صاحب الشرطة أنها محتالة الحجاج .
فقال له نعمة :
ما أعرف حاجتي إلا منك وبيني وبينك الحجاج .
فقال له صاحب الشرطة :
امض إلى من شئت .
فتوجه نعمة إلى قصر الحجاج وكان والداه من أكابر أهل الكوفة فلما وصل إلى بيت الحجاج دخل حاجب الحجاج عليه وأعلمه بالقضية فقال له :
علي به .
فلما وقف بين يديه قال له الحجاج :
ما بالك ?
فقال له نعمة :
كان من أمري ما هو كذا وكذا .
فقال الحجاج :
هاتوا صاحب الشرطة فنأمره أن يفتش على العجوز .
فلما حضر صاحب الشرطة قال له :
أريد منك أن تفتش على جارية نعمة بن الربيع .
فقال صاحب الشرطة :
لا يعلم الغيب غير الله تعالى .
فقال له الحجاج :
لابد أن تركب الخيل وتبصر الجارية في الطرقات وتنظر في البلدان .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:53 PM   #297
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والسبعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الحجاج قال لصاحب الشرطة :
لابد أن تركب الخيل وتنظر في البلدان والطرقات وتفتش على الجارية .
ثم التفت إلى نعمة وقال له :
إن لم ترجع جاريتك دفعت لك عشر جوار من داري وعشر جوار من دار صاحب الشرطة .
ثم قال لصاحب الشرطة :
اخرج في طلب الجارية .
فخرج صاحب الشرطة ونعمة مغموم وقد يئس من الحياة وكان قد بلغ من العمر أربع عشرة سنة ولا نبات بعارضيه فجعل يبكي وينتحب وانعزل عن داره ولم يزل يبكي إلى الصباح فأقبل والده عليه وقال له :
يا ولدي إن الحجاج قد احتال على الجارية وأخذها من ساعة إلى ساعة يأتي فيها الله بالفرج من عنده .
فتزايدت الهموم على نعمة وصار لا يعلم ما يقول ولا يعرف من يدخل عليه وأقام ضعيفاً ثلاثة أشهر حتى تغيرت أحواله ويئس منه أبوه ودخلت عليه الأطباء فقالوا :
ما له دواء إلا الجارية .
فبينما والده جالس يوماً من الأيام إذ سمع بطبيب وهو أعجمي وقد وصفه الناس بإتقان الطب والتنجيم وضرب الرمل فدعا به الربيع فلما حضر أجلسه الربيع وأكرمه وقال له :
انظر ما حال ولدي .
فقال لنعمة :
هات يدك .
فأعطاه يده فجس مفاصله ونظر في وجهه وضحك والتفت إلى أبيه وقال :
ليس بولدك مرض غير مرض في قلبه .
فقال الربيع :
صدقت يا حكيم فانظر في شأن ولدي بمعرفتك واخبرني بجميع أحواله ولا تكتم عني شيئاً من أمره .
فقال الأعجمي :
إنه متعلق بجارية وهذه الجارية في البصرة أو دمشق وما دواء ولدك غير اجتماعه به .
فقال الربيع :
إن جمعت بينهما فلك عندي ما يسرك .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:54 PM   #298
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة والسبعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الربيع قال للعجمي :
إن جمعت بينهما فلك عندي ما يسرك وتعيش عمرك كله في المال والنعمة .
فقال له الأعجمي :
إن هذا الأمر قريب وسهل .
ثم التفت إلى نعمة وقال له :
لا بأس عليك فطب نفساً وقر عيناً .
ثم قال للربيع :
اخرج من مالك أربعة آلاف دينار .
فأخرجها وسلمها للأعجمي فقال له الأعجمي :
أريد من ولدك أن يسافر معي إلى دمشق .
ثم إن نعمة ودع والده ووالدته وسافر مع الحكيم إلى حلب فلم يقع على خبر الجارية ثم إنهما وصلا إلى دمشق وأقاما فيها ثلاثة أيام .
وبعد ذلك أخذ الأعجمي دكاناً وملأ رفوفها بالصيني النفيس والأغطية وزركش الرفوف بالذهب والقطع المثمنة وحط قدامه أواني من القناني فيها سائر الأدهان والأشربة ووضع حول القناني أقداحاً من البلور وحط الإصطرلاب قدامه ولبس أثواب الحكمة والطب وأوقف بين يديه نعمة وألبسه قميصاً وملوط من الحرير بفوطة في وسطه من الحرير مزركشة بالذهب ثم قال الأعجمي لنعمة :
يا نعمة أنت من اليوم ولدي فلا تدعني إلا بأبيك وأنا لا أدعوك إلا بولدي .
فقال نعمة :
سمعاً وطاعة .
ثم إن أهل دمشق اجتمعوا على دكان الأعجمي ينظرون إلى حسن نعمة وإلى حسن الدكان والبضائع التي فيها والعجمي يكلم نعمة بالفارسية ونعمة يكلمه كذلك بتلك اللغة لأنه كان يعرفها على عادة أولاد الأكابر واشتهر ذلك العجمي عند أهل دمشق وجعلوا يصفون له الأوجاع وهو يعطيهم الأدوية ، فبينما هو ذات يوم جالس إذ أقبلت عليه عجوز راكب على حمار بردعته من الديباج المرصع بالجواهر فوقفت على دكان العجمي وشدت لجام الحمار وأشارت للعجمي وقالت له :
أمسك يدي .
فأخذ يدها فنزلت من فوق الحمار وقالت له :
أنت الطبيب العجمي الذي جئت من العراق ?
قال العجمي :
نعم .
قالت العجوز :
اعلم أن لي بنتاً وبها مرض .
وأخرجت له قارورة .
فلما نظر العجمي إلى ما فوق القارورة قال لها :
يا سيدتي ما اسم تلك الجارية حتى أحسب لها نجمها وأعرف ساعة يوافقها فيها شرب الدواء ?
فقالت العجوز :
يا أخا الفرس اسمها نعم


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:54 PM   #299
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة التاسعة والسبعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العجمي لما سمع اسم نعم جعل يحسب ويكتب على يده وقال لها :
يا سيدتي ما أصف لها دواء حتى أعرف من أي أرض هي لأجل اختلاف الهواء فعرفيني في أي أرض تربت وكم سنة سنها .
فقالت العجوز :
سنها أربع عشرة سنة ومر بها بأرض الكوفة من العراق .
فقال العجمي :
وكم شهراً لها في هذه الديار ?
فقالت له العجوز :
قامت في هذه الديار شهوراً قليلة .
فلما سمع نعمة كلام العجوز وعرف اسم جاريته خفق قلبه فقال لها الأعجمي :
يوافقها من الأدوية كذا وكذا .
فقالت له العجوز :
أعطني ما وصفت على بركة الله تعالى .
ورمت له عشرة دنانير على الدكان ، فنظر الحكيم إلى نعمة وأمره أن يهيئ لها عقاقير الدواء وصارت العجوز تنظر إلى نعمة وتقول :
أعيذك بالله يا ولدي إن شكلها مثل شكلك .
ثم قالت العجوز للعجمي :
يا أخا الفرس هل هذا مملوكك أم ولدك ?
فقال لها العجمي :
إنه ولدي .
ثم إن نعمة وضع لها الحوائج في علبة وأخذ ورقة وكتب فيها هذين البيتين :
إذا أنعـمت نـعم علـي بـنـظـرة ........ فلا أسعدت سعدي ولا أفلت جمل
وقالوا أسل عنها تعط عشرين مثلها ........ وليس لها مثل ولست لها أسلـو
ثم خبأ الورقة في داخل العلبة وختمها وكتب على غطاء العلبة بالخط الكوفي :
أنا نعمة بن الربيع ، ثم وضعت العلبة قدام العجوز فأخذتها وودعتهما وانصرفت متوجهة إلى قصر الخلافة فلما طلعت العجوز بالحوائج إلى القاعة وضعت الدواء قدامها ثم قالت لها :
يا سيدتي اعلمي أنه قد أتى مدينتنا طبيب أعجمي ما رأيت أحداً أعرف بأمور الأمراض منه فذكرت له اسمك بعد أن رأى القارورة فعرف مرضك ووصف دواءك ثم أمر ولده فشد لك هذا الدواء وليس في دمشق جمل ولا أظرف من ولده ولا أحسن ثياباً منه ولا يوجد لأحد دكاناً مثل دكانه .
فأخذت العلبة فرأت مكتوباً على غطائها اسم سيدها واسم أبيه ، فلما رأت ذلك تغير لونها وقالت :
لاشك أن صاحب الدكان قد أتى في شأني .
ثم قالت للعجوز :
صفي لي هذا الصبي فقالت اسمه نعمة وعلى حاجبه الأيمن أثر وعليه ملابس فاخرة وله حسن كامل .
فقالت الجارية :
ناوليني الدواء على بركة الله وعونه .
وأخذت الدواء وشربته وهي تضحك وقالت لها :
إنه دواء مبارك .
ثم فتشت في العلبة فرأت الورقة ففتحتها وقرأتها فلما فهمت معناها تحققت أنه سيدها فطابت نفسها وفرحت ، فلما رأتها العجوز قد ضحكت قالت لها :
هذا اليوم يوم مبارك .
فقالت نعم :
يا قهرمانة أريد منك الطعام والشراب .
فقالت العجوز للجواري :
قدمن الموائد والأطعمة الفاخرة لسيدتكن .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:56 PM   #300
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن العجوز قالت للجواري :
أحضرن الطعام .
فقدمن إليها الأطعمة ، وجلست للأكل وإذا بعبد الملك بن مروان قد دخل عليهن ونظر الجارية جالسة وهي تأكل الطعام ففرح ثم قالت القهرمانة :
يا أمير المؤمنين يهنيك عافية جاريتك نعم وذلك أنه وصل إلى هذه المدينة رجل طبيب ما رأيت أعرف منه بالأمراض ودوائها فأتيتت لها منه بدواء فتعافت منه مرة واحدة فحصلت لها العافية .
فقال لها أمير المؤمنين :
خذي ألف دينار وأعطيها للذي أبرأها .
ثم خرج وهو فرحان بعافية الجارية وراحت العجوز إلى دكان العجمي بالألف دينار وأعطته إياها وأعلمته أنها جارية الخليفة وناولته ورقة كانت نعم قد كتبتها فأخذها العجمي وناولها لنعمة ، فلما رآها عرف خطها فوقع مغشياً عليه فلما أفاق فتح الورقة ، فوجد مكتوباً فيها :
من الجارية المسلوبة من نعمتها المخدوعة في عقلها المفارقة لحبيب قلبها أما بعد ، فإنه قد ورد كتابكم علي فشرح الصدر وسر الخاطر وكان كقول الشاعر :
وورد الكتاب فلا عدمت أناملاً ........ كتبت به حتى تضمخ طـيبـا
فكأن موسى قد أعـيد لأمـه ........ أو ثوب يوسف قد أتى يعقوب
فلما قرأ نعمة هذا الشعر هملت عيناه بالدموع فقالت له القهرمانة :
ما الذي يبكيك يا ولدي لا أبكى الله لك عيناً ?
فقال العجمي :
يا سيدتي كيف لا يبكي ولدي وهذه جاريته وهو سيدها نعمة بن الربيع الكوفي ، وعافية هذه الجارية مرهونة برؤيته وليس لها علة إلا هواه .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:06 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا