المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 21-05-2009, 05:56 PM   #301
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الحادية والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العجمي قال للعجوز :
كيف لا يبكي ولدي وهذه جاريته وهو سيدها نعمة بن الربيع الكوفي ، وعافية هذه الجارية مرهونة برؤيته وليس لها علة إلا هواه فخذي أنت يا سيدتي هذه الألف دينار لك ولك عندي أكثر من ذلك وانظري لنا بعين الرحمة وإننا لا نعرف إصلاح هذا الأمر إلا منك .
فقالت العجوز لنعمة :
هل أنت مولاها ?
قال نعمة :
نعم .
قالت العجوز :
صدقت فإنها لا تفتر عن ذكرك .
فأخبرها نعمة بما جرى من الأول إلى الآخر فقالت العجوز :
يا غلام لا تعرف اجتماعك بها إلا مني .
ثم ودعته وذهبت إلى الجارية وقالت لها :
إن سيدك قد ذهبت روحه في هواك وهو يريد الإجتماع بك فما تقولين في ذلك ?
فقالت نعم :
وأنا كذلك قد ذهبت روحي وأريد الإجتماع به .
فعند ذلك أخذت العجوز بقجة فيها حلي ومصاغ وبدلة من ثياب النساء وتوجهت إلى نعمة وقالت له :
ادخل بنا مكاناً وحدنا فدخل معها قاعة خلف الدكان ونقشته وزينت معاصمه وزوقت شعره وألبسته لباس جارية وزينته بأحسن ما تزين به الجواري فصار كأنه من حور الجنان فلما رأته القهرمانة في تلك الصفة قالت :
تبارك الله أحسن الخالقين والله إنك لأحسن من الجارية .
ثم قالت له :
امشي قدم الشمال وأخر اليمين وهز أردافك .
فمشى قدامها ، كما أمرته فلما رأته قد عرف مشي النساء قالت له :
امكث حتى آتيك ليلة غد إن شاء الله تعالى فآخذك وادخل بك القصر ، وإذا نظرت الحجاب والخدامين فقو عزمك وطاطئ رأسك ولا تتكلم مع أحد وأنا أكفيك كلامهم وبالله التوفيق .
فلما أصبح الصباح أتته القهرمانة في ثاني يوم وأخذته وطلعت به القصر ودخلت قدامه ودخل وراءها في أثرها فأراد الحاجب أن يمنعه من الدخول فقالت له :
يا أنحس العبيد إنها الجارية نعم محظية أمير المؤمنين فكيف تمنعها من الدخول ثم قالت :
ادخلي يا جارية .
فدخل مع العجوز ولم يزالا داخلين إلى الباب الذي يتوصل منه إلى صحن القصر فقالت له العجوز :
يا نعمة قو نفسك وثبت قلبك وادخل القصر وخذ على شمالك وعد خمسة أبواب وادخل الباب السادس فإنه باب المكان المعد لك وتخف وإذا كلمك أحد فلا تتكلم معه .
ثم سارت حتى وصلت إلى الأبواب فقابلها الحاجب المعد لتلك الأبواب قال لها :
ما هذه الجارية .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:58 PM   #302
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الحاجب قابل العجوز وقال لها :
من هذه الجارية ?
فقالت له العجوز :
إن سيدتنا تريد شراءها .
فقال الخادم :
ما يدخل أحد إلا بإذن أمير المؤمنين فارجعي بها فإني لا أخليها تدخل لأني أمرت بهذا .
فقالت له القهرمانة :
أيها الحاجب الكبير أين عقلك إن نعماً جارية للخليفة الذي قلبه معلق بها قد توجهت إليها العافية وما صدق أمير المؤمنين بعافيتها وتريد شراء هذه الجارية فلا تمنعها من الدخول لئلا يبلغها أنك منعتها فتغضب عليك وإن غضبت عليك تسببت في قطع رأسك .
ثم قالت العجوز :
ادخلي يا جارية ولا تسمعي كلامه ولا تخبري سيدتك أن الحاجب منعك من الدخول .
فطأطأ نعمة رأسه ودخل القصر وأراد أن يمشي إلى جهة يمينه وأراد أن يعد الخمسة أبواب ويدخل السادس فعد ستة ودخل السابع .
فلما دخل ذلك الباب رأى موضعاً مفروشاً بالديباج وحيطانه عليها ستائر الحرير المرقومة بالذهب وفيه مباخر العود والعنبر والمسك والأذفر ورأى سريراً في الصدر مفروشاً بالديباج فجلس عليه نعمة ولم يعلم بما كتب له في الغيب ، فبينما هو جالس متفكر في أمره إذ دخلت عليه أخت أمير المؤمنين ومعها جاريتها فلما رأت الغلام جالساً ظنته جارية فقدمت إليه وقالت له :
من تكوني يا جارية وما خبرك ?


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 05:59 PM   #303
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أخت الخليفة قالت لنعمة :
ما خبرك وما سبب دخولك في هذا المكان ?
فلم يتكلم نعمة ولم يرد عليها جواباً فقالت :
يا جارية إن كنت من محاظي أخي وقد غضب عليك فأنا أستعطفه عليك .
فلم يرد نعمة عليها جواباً فعند ذلك قالت لجاريتها :
قفي على باب المجلس ولا تدعي أحداً يدخل .
ثم تقدمت إليه ونظرت إلى جماله وقالت :
يا صبية عرفيني من تكوني ، وما اسمك وما سبب دخولك هنا فأنا لم أنظرك في قصرنا .
فلم يرد عليها جواباً ، فعند ذلك غضبت أخت الخليفة وضعت يدها على صدر نعمة فلم تجد له نهوداً فأرادت أن تكشف ثيابه لتعلم خبره فقال لها نعمة :
يا سيدتي أنا مملوك فاشتريني وأنا مستجير بك فأجيريني .
فقالت له أخت الخليفة :
لا بأس عليك فمن أنت ومن أدخلك مجلسي هذا ?
فقال لها نعمة :
أنا أيتها الملكة أدعى نعمة بن الربيع الكوفي وخاطرت بروحي لأجل جاريتي نعم التي احتال عليها الحجاج وأخذها وأرسلها إلى هنا .
فقالت له أخت الخليفة :
لا بأس عليك .
ثم صاحت على جاريتها وقالت لها :
امض إلى مقصورة نعم .
وقد كانت القهرمانة أتت إلى مقصورة نعم وقالت لها :
هل وصل إليك سيدك ?
فقالت نعم :
لا والله .
فقالت القهرمانة :
لعله غلط فدخل غير مقصورتك وتاه عن مكانك .
فقالت نعم :
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد فرغ أجلنا وهلكنا .
وجلستا متفكرتان ، فبينما هما كذلك إذ دخلت عليهما جارية أخت الخليفة فسلمت على نعم ، وقالت لها :
إن مولاتي تدعوك إلى ضيافتها .
فقالت نعم :
سمعاً وطاعة .
فقالت القهرمانة :
لعل سيدك عند أخت الخليفة وقد انكشف الغطاء .
فنهضت نعم من وقتها وساعتها ودخلت على أخت الخليفة فقالت لها :
هذا مولاك جالس عندي ، وكأنه غلط في المكان وليس عليك ولا عليه خوف إن شاء الله تعالى .
فلما سمعت نعم هذا الكلام من أخت الخليفة اطمأنت إلى نفسها وتقدمت إلى مولاها نعمة ، فلما نظرها قام إليها .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:00 PM   #304
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نعمة لما نظر إلى جاريته نعم قام إليها وضم كل واحد منهما صاحبه إلى صدره ثم وقعا على الأرض مغشياً عليهما ، فلما أفاقا ، قالت لهما أخت الخليفة :
اجلسا حتى نتدبر في الخلاص من الأمر الذي وقعنا فيه .
فقالا لها :
سمعاً وطاعة والأمر لك .
فقالت أخت الخليفة :
والله ما ينالكما سوء قط .
ثم قالت لجاريتها :
أحضري الطعام والشراب .
فأحضرت فأكلوا بحسب الكفاية ثم جلسوا يشربون فدارت الأقداح وزالت عنهم الأتراح فقال نعمة :
ليت شعري بعد ذلك ما يكون .
فقالت له أخت الخليفة :
يا نعمة هل تحب نعماً جاريتك ?
فقال لها نعمة :
يا سيدتي إن هواها هو الذي حملني على ما أنا فيه من المخاطرة بروحي .
ثم قالت لنعم :
يا نعم هل تحبين سيدك ?
قالت نعم :
يا سيدتي هواه هو الذي أذاب جسمي وغير حالي .
فقالت أخت الخليفة :
والله أنكما متحابان فلا كان من يفرق بينكما فقرا عيناً وطيبا نفساً .
ففرحا بذلك وطلبت نعم عوداً فأحضروه لها فأخذته وأصلحته وأطربت بالنغمات وأنشدت هذه الأبيات :
ولما أبى الواشون إلا فـراقـنـا ........ وليس لهم عندي وعندك من ثأر
وشنوا على أسماعنا كـل غـارة ........ وقلت حماني عند ذاك وأنصاري
غزوتهم من مقلتـيك وأدمـعـي ........ ومن نفسي بالسيف والسيل والنار
ثم إن نعماً أعطت العود لسيدها وقالت له :
إن لنا شعراً .
فأخذه وأصلحه وأطرب بالنغمات ثم أنشد هذه الأبيات :
البدر يحاكـيك لـولا أنـه كلـف ........ والشمس مثلك لولا الشمس تنكسف
إني عجبت وكم في الحب من عجب ........ فيه الهموم وفيه الوجد والكـلـف
أرى الطريق قريباً حين أسلـكـه ........ إلى الحبيب بعيداً حين أنـصـرف
فلما فرغ من شعره ملأت له قدحاً وناولته إياه فأخذه وشربه ثم ملأت قدحاً آخر وناولته لأخت الخليفة فشربته وأخذت العود وأصلحته وشدت اوتاره وأنشدت هذين البيتين :
غم وحزن في الفؤاد مـقـيم ........ وجودي تردد في حشاي عظيم
ونحول جسمي قد تبدى ظاهراً ........ فالجسم مني بالغرام سـقـيم
ثم ناولت العود لنعمة بن الربيع فأخذه وأصلح أوتاره وأنشد هذين البيتين :
يا من وهبت له روحي فعذبتها ........ ورمت تخليصه منه فلم أطق
دارك محباً بما ينجيه من تلف ........ قبل الممات فهذا آخر الرمق
ولم يزالوا ينشدون الأشعار ويشربون على نغمات الأوتار وهم في لذة وحبور وفرح وسرور فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم أمير المؤمنين ، فلما نظروه قاموا وقبلوا الأرض بين يديه فنظر إلى نعم والعود معها ، فقال :
يا نعم الحمد لله الذي أذهب عنك البأس والوجع .
ثم التفت إلى نعمة وهو على تلك الحالة وقال :
يا أختي من هذه الجارية التي في جانب نعم ?
فقالت له أخته :
يا أمير المؤمنين إن هذه الجارية من المحاظي أنيسة لا تأكل نعم ولا تشرب إلا وهي معها .
ثم أنشدت قول الشاعر :
ضدان واجتمعا افتراقا في البهاء ........ والضد يظهر حسنه بالـضـد
فقال الخليفة :
والله العظيم أنها مليحة وفي غد أخلي لها مجلساً بجانب مجلسها وأخرج لها الفرش والقماش وأنقل إليها جميع ما يصلح لها أكثر مما لنعم .
واستدعت أخت الخليفة بالطعام فقدمته لأخيها فأكل وجلس معهم في تلك الحضرة ثم ملأ قدحاً .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:01 PM   #305
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد إن الخليفة لما ملئ القدح وأومأ إلى نعم بأن تنشد له الشعر فأخذت العود بعد أن شربت قدحين وأنشدت هذين البيتين :
إذا ما نديمي علني ثم علني ........ ثلاثة أقداح لهـن هـدير
لأبيت أجر الذيل تيهاً كأني ........ عليك أمير المؤمنين أمير
فطرب أمير المؤمنين وملأ قدحاً آخر وناوله إلى نعم وأمرها أن تغني ، فبعد أن شربت القدح حسبت الأوتار وأنشدت هذه الأشعار :
يا أشرف الناس في هذا الزمان وما ........ له مثيل بهذا الأمـر يفـتـخـر
يا واحداً في العلا والجود منصبـه ........ يا سيداً ملكاً في الكل مـشـهـر
يا مالكاً لملـوك الأرض قـاطـبة ........ تعطي الجزيل ولا من ولا ضجر
أبقاك ربي على رغم العدا كـمـداً ........ وزان طالعك الإقبال والـظـفـر
فلما سمع الخليفة من نعم هذه الأبيات قال لها :
لله درك يا نعم ما أفصح لسانك وأوضح بيانك .
ولم يزالوا في فرح وسرور إلى نصف الليل ، ثم قالت أخت الخليفة :
اسمع يا أمير المؤمنين أنني رأيت حكاية في الكتب عن بعض أرباب المراتب .
قال الخليفة :
وما تلك الحكاية ؟
فقالت له أخته :
اعلم يا أمير المؤمنين أنه كان بمدينة الكوفة صبي يسمى نعمة بن الريع وكان له جارية يحبها وكانت قد تربت معه في فراش واحد ، فلما بلغا وتمكن حبهما من بعضهما رماهما الدهر بنكباته وجار عليهما الزمان بآفاته وحكم عليهما بالفراق وتحيلت عليها الوشاة حتى خرجت من داره وأخذوها سرقة من مكانه ثم إن سارقها باعها لبعض الملوك بعشرة آلاف دينار وكان عند الجارية لمولاها من المحبة مثل ما عنده لها ففارق أهله وداره وسافر في طلبها وتسبب باجتماعه بها .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:02 PM   #306
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أخت أمير المؤمنين أكملت كلامها وقالت :
بلغني يا أخي أن نعمة لم يزل معارفاً لأهله ووطنه وخاطر بنفسه وبذل مهجته حتى توصل إلى اجتماعه بجاريته وكان يقال لها نعم ، فلما اجتمع بها سراً لم يستقر بهما الجلوس حتى دخل عليهما الملك الذي كان اشتراها من الذي سرقها فعجل عليهما وأمر بقتلهما ولم ينصف من نفسه ولم يمهل عليه في حكمه ، فما تقول يا أمير المؤمنين في قلة إنصاف هذا الملك .
فقال أمير المؤمنين :
إن هذا شيء عجيب فكان ينبغي لذلك الملك العفة عند المقدرة لأنه يجب عليه أن يحفظ ثلاثة أشياء الأول أنهما متحابان والثاني أنهما في منزله وتحت قبضته والثالث أن الملك ينبغي له في الحكم بين الناس فكيف بالأمر الذي يتعلق به ، فهذا الملك قد فعل فعلاً لا يشبه فعل الملوك .
فقالت له أخته :
يا أخي بحق ملك السموات والأرض أن تأمر نعماً بالغناء وتسمع ما تغني به .
فقال الخليفة :
يا نعم غني لي .
فأطربت بالنغمات وأنشدت هذه الأبيات :
غدر الزمـان ولـم يزل غـداراً ........ يصمي القلوب ويورث الأفكارا
ويفرق الأحباب بعـد تـجـمـع ........ فترى الدموع على الخدود غزارا
كانوا وكنت وكان عيشي ناعمـاً ........ والدهر يجمع شملنـا مـدرارا
فلأبكـين دمـاً ودمعـاً ساجمـاً ........ أسـفاً عليـك لياليـاً ونهـارا
فلما سمع أمير المؤمنين هذا الشعر طرب طرباً عظيماً فقالت له أخته :
يا أخي من حكم على شيء ألزمه القيام به والعمل بقوله وأنت قد حكمت على نفسك هذا الحكم .
ثم قالت أخت الخليفة :
يا نعمة قف على قدميك وكذا قفي أنت يا نعم .
فوقفا فقالت أخت الخليفة أمير المؤمنين :
إن هذه الواقفة هي نعم المسروقة سرقها الحجاج بن يوسف الثقفي وأوصلها لك وكذب فيما ادعاه في كتابه من انه اشتراها بعشرة آلاف دينار وهذا الواقف هو نعمة بن الربيع سيدها وأنا أسألك بحرمة آبائك الطاهرين أن تعفو عنهما وتهبهما لبعضهما لتغنم أجرهما فإنهما في قبضتك وقد أكلا من طعامك وشربا من شرابك وان الشافعة فيهما المستوهبة دمهما .
فعند ذلك قال الخليفة :
صدقت أنا حكمت بذلك وما أحكم بشيء وأرجع فيه .
ثم قال الخليفة :
يا نعم هل هذا مولاك ?
قالت له نعم :
نعم يا أمير المؤمنين .
فقال الخليفة :
لا بأس عليكما فقد وهبتكما لبعضكما .
ثم قال الخليفة لنعمة :
يا نعمة وكيف عرفت مكانها ومن وصف لك هذا المكان .
فقال نعمة :
يا أمير المؤمنين اسمع خبري وأنصت إلى حديثي فوحق آبائك الطاهرين لا أكتم عنك شيئاً .
ثم حدثه بجميع ما كان من أمره وما فعله معه الحكيم العجمي وما فعلته القهرمانة وكيف دخلت به في الأبواب .
فتعجب الخليفة من ذلك غاية العجب ثم قال :
علي بالعجمي .
فأحضروه بين يديه فجعله من جملة خواصه وخلع عليه خلعة وأمر له بجائزة سنية وقال :
من يكون هذا تدبيره يجب أن نجعله من خواصنا .
ثم إن الخليفة أحسن على نعمة وأنعم على القهرمانة وقعدا عنده سبعة أيام في سرور وحظ وأرغد عيش ، ثم طلب نعمة إذن بالسفر هو وجاريته فأذن له بالسفر إلى الكوفة فسافر واجتمع بوالده ووالدته وأقاموا في أطيب عيش إلى أن أتاهم هازم اللذات ومفرق الجماعات .
فلما سمع الأمجد والأسعد هذا الحديث من بهرام تعجبا منه غاية العجب وقالا :
إن هذا لشيء عجيب .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:03 PM   #307
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد إن الأمجد والأسعد لما سمعا من بهرام المجوسي الذي أسلم هذه الحكاية تعجبا منها غاية العجب وباتا تلك الليلة ، ولما أصبح الصباح أراد الأمجد والأسعد أن يدخلا على الملك واستأذنا في الدخول فأذن لهما ، فلما دخلا أكرمهما وجلسوا يتحدثون ، فبينما هم كذلك إذا بأهل المدينة يصيحون ويتصارخون ويستغيثون فدخل الحاجب على الملك وقال له :
إن ملكاً من الملوك نزل بعساكره على المدينة وهم شاهرون السلاح وما ندري ما مرادهم .
فأخبر الملك وزيره الأمجد وأخاه الأسعد بما سمعه من الحاجب .
فقال الأمجد :
أنا أخرج إليه وأكشف خبره .
فخرج الأمجد إلى ظاهر المدينة فوجد الملك ومعه عسكر كثير ومماليك راكبة فلما نظروا إلى الأمجد عرفوا أنه رسول من عند ملك المدينة فأخذوه وأحضروه قدام السلطان فلما صار قدامه قبل الأرض بين يديه وإذا بالملك إمرأة ضاربة لها لثاماً فقالت :
اعلم أنه ما لي عندكم غرض في هذه المدينة إلا مملوك أمرد فإن وجدته عندكم فلا بأس عليكم وإن لم أجده وقع بيني وبينكم القتال الشديد لأنني ما جئت إلا في طلبه .
فقال الأمجد :
أيتها الملكة ما صفة هذا المملوك وما اسمه ?
فقالت الملكة :
اسمه الأسعد وأنا اسمي مرجانة وهذا المملوك جاءني صحبة بهرام المجوسي وما رضي أن يبيعه فأخذته منه غصباً فعدا عليه وأخذه من عندي بالليل سرقة وأما أوصافه فإنها كذا وكذا .
فلما سمع الأمجد ذلك علم أنه أخوه الأسعد فقال لها :
يا ملكة الزمان الحمد لله الذي جاء بالفرح وإن هذا المملوك هو أخي .
ثم حكى لها حكايته وما جرى لهما في بلاد الغربة وأخبرها بسبب خروجهما من جزائر الآبنوس فتعجبت الملكة مرجانة من ذلك وفرحت بلقاء الأسعد وخلعت على أخيه الأمجد ثم بعد ذلك عاد الأمجد إلى الملك وأعلمه بما جرى ففرحوا بذلك ونزل الملك هو والأمجد والأسعد قاصدين الملكة فلما دخلوا عليها وجلسوا يتحدثون فبينما هم كذلك إذا بالغبار طار حتى سد الأقطار وبعد ساعة انكشف الغبار عن عسكر جرار مثل البحر الذخار وهم مهيئون بالعدد والسلاح فقصدوا المدينة ثم داروا بها كما يدور الخاتم بالخنصر وشهروا سيوفهم فقال الأمجد والأسعد :
إنا لله وإنا إليه راجعون ، ما هذا الجيش الكبير إن هذه أعداء لا محالة وإن لم نتفق مع هذه الملكة مرجانة على قتالهم أخذوا منا المدينة وقتلونا وليس لنا حيلة إلا أننا نخرج إليهم ونكشف خبرهم .
ثم قام الأمجد وخرج من باب المدينة وتجاوز جيش الملكة مرجانة فلما وصل إلى العسكر وجده عسكر جده الملك الغيور وأبا أمه الملكة بدور .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:04 PM   #308
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الأمجد لما وصل إلى العسكر وجدها عسكر الملك الغيور صاحب الجزائر والبحور والسبعة قصور فلما صار قدامه قبل الأرض بين يديه وبلغه الرسالة وقال له :
ما اسمك ?
قال الملك :
اسمي الملك الغيور وقد جئت عابر سبيل لأن الزمان قد فجعني في بنتي بدور فإنها فارقتني وما رجعت إلي وما سمعت لها ولزوجها قمر الزمان خبراً ، فهل عندكم خبرها ?
فلما سمع الأمجد ذلك أطرق رأسه إلى الأرض ساعة يتفكر حتى تحقق أنه جده أبو أمه ، ثم رفع رأسه وقبل الأرض بين يديه واخبره أنه ابن بنته بدور .
فلما سمع الملك أنه ابن ابنته بدور رمى نفسه عليه وصارا يبكيان ثم قال الملك الغيور :
الحمد لله يا ولدي على السلامة حيث اجتمعت بك .
ثم قال له الأمجد :
إن ابنته بدور في عافية وكذلك أبوه قمر الزمان .
وأخبره أنهما في مدينة يقال لها جزيرة الأبنوس ، وحكى له أن قمر الزمان والده غضب عليه وعلى أخيه وأمر بقتله وأن الخازندار رق لهما وتركهما بلا قتل .
فقال الملك الغيور :
وأنا أرجع بك وبأخيك إلى والدك وأصلح بينكما وأقيم عندكم .
فقبل الأرض بين يديه ثم خلع الملك الغيور على الأمجد ابن ابنته ورجع مبتسماً إلى الخليفة وأعلمه بقصة الملك الغيور فتعجب منها غاية العجب ثم أرسل له آلات الضيافة من الخيل والجمال والغنم والعليق وغير ذلك وأخرج للملكة مرجانة كذلك وأعلموها بما جرى فقالت :
أنا أذهب معكم بعسكري وأكون ساعية في الصلح .
فبينما هم كذلك إذا بغبار قد ثار وطار حتى سد الأقطار واسود منه النهار وسمعوا من تحته صياحاً وصراخاً وصهيل الخيل ورأوا سيوفاً تلمع ورماحاً تشرع فلما قربوا من المدينة ورأوا العسكرين ودقوا الطبول فلما رأى الملك ذلك قال :
ما هذا النهار إلا نهار مبارك الحمد لله الذي أصلحنا مع هذين العسكرين وإن شاء الله تعالى يصلحنا مع هذا العسكر أيضاً .
ثم قال الملك للأمجد :
يا أمجد أخرج أنت وأخوك الأسعد اكشفا لنا خبر هذه العساكر فإنه جيش ثقيل ما رأيت أثقل منه .
فخرج الاثنان الأمجد وأخوه الأسعد بعد أن أغلق الملك باب المدينة خوفاً من العسكر المحيط بها ففتحا البواب وسارا حتى وصلا إلى العسكر فوجداه عسكر ملك الآبنوس وفيه والدهما قمر الزمان فلما نظراه قبلا الأرض بين يديه وبكيا .
فلما رآهما قمر الزمان رمى نفسه عليهما وبكى بكاءً شديداً واعتذر لهما وضمهما إلى صدره ثم أخبرهما بما قاساه بعدهما من الوحشة الشديدة لفراقهما ثم إن الأمجد والأسعد ذكرا له عن الملك الغيور أنه وصل إليهم فركب قمر الزمان في خواصه وأخذ ولديه الأمجد والأسعد معه وساروا حتى وصلوا إلى قرب عسكر الملك الغيور فسبق واحد منهم إلى الملك الغيور وأخبروه أن قمر الزمان وصل فطلع إلى ملاقاته فاجتمعوا ببعضهم وتعجبوا من هذه الأمور وكيف اجتمعوا في هذا المكان وصنع أهل المدينة الولائم وأنواع الأطعمة والحلويات وقدموا الخيول والجمال والضيافات والعليق وما تحتاج إليه العساكر .
فبينما هم كذلك إذا بغبار ثار وطار حتى سد الأقطار وقد ارتجفت الأرض من الخيول وصارت الطبول كعواصف الرياح والجيش جميعه بالعدد والأزاد وكلهم لابسون السواد وفي وسط شيخ كبير ولحيته واصلة إلى صدره عليه ملابس سوداء فلما نظر أهل المدينة هذه العساكر العظيمة قال صاحب المدينة للملوك :
الحمد لله الذي اجتمعتم بإذنه تعالى في يوم واحد وكنتم كلكم معارف فما هذا العسكر الجرار الذي قد سد الأقطار ?
فقال له الملوك :
لا تخف فنحن ثلاثة ملوك وكل ملك له عساكر كثيرة فإن كانوا أعداء نقاتله معك ولو زادوا ثلاثة أمثالهم .
فبينما هما كذلك إذا برسول من تلك العساكر قد أقبل متوجهاً إلى هذه المدينة فقدموه بين يدي قمر الزمان والملك الغيور والملكة مرجانة والملك صاحب المدينة فقبل الأرض بين أيديهم وقال :
هذا جيش ملك من بلاد العجم وقد فقد ولده من مدة سنتين وهو دائر يفتش عليه في الأقطار فإن وجده عندكم فلا بأس عليكم وإن لم يجده وقع الحرب بينه وبينكم وأخرب مدينتكم .
فقال له قمر الزمان :
ما يصل إلى هذا ولكن ما يقال له في بلاد العجم .
فقال الرسول :
يقال له الملك شهرمان صاحب جزائر خالدات وقد جمع هذه العساكر من الأقطار التي مر بها وهو دائر يفتش على ولده .
فلما سمع قمر الزمان كلام الرسول صرخ صرخة عظيمة وخر مغشياً عليه واستمر في غشيته ساعة ثم أفاق وبكى بكاءً شديداً وقال للأمجد والأسعد وخواصهما :
امشوا يا أولادي مع الرسول وسلموا على جدكم والدي الملك شهرمان وبشروه بي فإنه حزين على فقدي وهو الآن لابس الملابس السود من أجلي .
ثم حكى للملوك الحاضرين جميع ما جرى له في أيام صباه فتعجب جميع الملوك من ذلك ثم نزلوا هم وقمر الزمان وتوجهوا إلى والده فسلم قمر الزمان على والده وعانقا بعضهما ووقعا مغشياً عليهما من شدة الفرح .
فلما أفاقا حكى لابنه جميع ما جرى له ثم سلم عليه بقية الملوك وردوا مرجانة إلى بلادها بعد أن زوجوها للأسعد ووصوها أنها لا تقطع عنهم مراسلتها ثم زوجوا الأمجد بستان بنت بهرام وسافروا كلهم إلى مدينة الآبنوس وخلا قمر الزمان بصهره وأعلمه بجميع ما جرى له وكيف اجتمع بأولاده ففرح وهنأه بالسلامة ثم دخل الملك الغيور أبو الملكة بدور على ابنته وسلم عليها وبل شوقه منها وقعدوا في مدينة الآبنوس شهراً كاملاً ثم سافر الملك الغيور بابنته إلى


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:04 PM   #309
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التاسعة والثمانين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الملك الغيور سافر بابنته وجماعته إلى بلده وأخذ الأمجد معهم فلما استقر في مملكته أجلس الأمجد يحكم مكان جده وأما قمر الزمان فإنه أجلس ابنه الأسعد يحكم في مكانه في مدينة جده أرمانوس ورضي به جده ثم تجهز قمر الزمان وسافر مع أبيه الملك شهرمان إلى أن وصل إلى جزائر خالدات فزينت له المدينة فاستمرت البشائر شهراً كاملاً وجلس قمر الزمان يحكم مكان أبيه إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات والله أعلم .
فقال الملك شهريار :
يا شهرزاد إن هذه الحكاية عجيبة جداً .
قالت شهرزاد :
أيها الملك ليست هذه بأعجب من حكاية علاء الدين أبو الشامات .
قال الملك شهريار :
ما حكايته ?
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والآوان رجل تاجر بمصر يقال له شمس الدين وكان من أحسن التجار وأصدقهم مقالاً وهو صاحب خدم وحشم وعبيد وجوار ومماليك ومال كثير وكان شاهبندر التجار بمصر وكان معه زوجة يحبها وتحبه إلا أنه عاش معها أربعين عاماً ولم يرزق منها بنت ولا ولد فقعد يوماً من الأيام في دكانه فرأى التجار وكل واحد منهم له ولد وولدان أو أكثر وهم قاعدون في دكاكين مثل آبائهم وكان ذلك اليوم يوم جمعة .
فدخل ذلك التاجر الحمام واغتسل غسل الجمعة ولما طلع أخذ مرآة المزين فرأى وجهه فيها وقال :
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله .
ثم نظر إلى لحيته فرأى البياض غطى السواد وتذكر أن الشيب نذير الموت وكانت زوجته تعرف ميعاد مجيئه فتغتسل وتصلح من شأنها له فدخل عليها فقالت له :
مساء الخير .
فقال لها شمس الدين :
أنا ما رأيت الخير .
وكانت قالت للجارية :
هاتي سفر العشاء .
فأحضرت الطعام وقالت له :
تعش يا سيدي .
فقال لها شمس الدين :
كلا ما آكل شيئاً .
واعرض عن السفر بوجهه ، فقالت له :
ما سبب ذلك وأي شيء أحزنك ?
فقال لها شمس الدين :
أنت سبب حزني .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:05 PM   #310
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التسعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شمس الدين قال لزوجته :
أنت سبب حزني .
فقالت له زوجته :
لأي شيء ?
فقال لها شمس الدين :
إني فتحت دكاني في هذا اليوم ورأيت كل واحد من التجار له ولد أو ولدان أو أكثر وهم قاعدون في الدكاكين مثل آبائهم فقلت لنفسي :
إن الذي أخذ أباك لما يخليكي ، وليلة دخلت بك حلفتيني أنني ما أتزوج عليك ولا أتسرى بجارية حبشية ولا رومية ولا غير ذلك من الجواري ولم آت ليلة بعيداً عنك والحالة انك عاقر والنكاح فيك كالنحت في الحجر .
فقالت زوجته :
اسم الله علي أن العاقة منك ما هي مني لأن بيضك رائق .
فقال لها شمس الدين :
وما شأن الذي بيضه رائق ?
فقالت زوجته :
هو الذي لا يحبل النساء وهو لا يجيء بأولاد .
فقال لها شمس الدين :
وأين معكر البيض وأنا أشتريه لعله يعكر بيضي ?
فقالت له زوجته :
فتش عليه عند العطارين .
فبات التاجر وأصبح متندماً حيث عاير زوجته وندمت هي حيث عايرته ، ثم توجه إلى السوق فوجد رجلاً عطاراً فقال له :
السلام عليكم .
فرد السلام فقال له :
هل يوجد عندك معكر البيض ?
فقال له العطار :
كان عندي وجبر ولكن اسأل جاري .
فدار يسأل حتى سأل جميع العطارين وهم يضحكون عليه ، وبعد ذلك رجع إلى دكانه وقعد فكان في السوق نقيب الدلالين وكان رجلاً حشاشاً يتعاطى الأفيون والبرش ويستعمل الحشيش الأخضر وكان ذلك النقيب يسمى الشيخ محمد سمسم وكان فقير الحال وكانت عادته أن يصبح على التاجر في كل يوم فجاءه على عادته وقال له :
السلام عليكم .
فرد عليه السلام وهو مغتاظ ، فقال له :
يا سيدي ما لك مغتاظ ?
فحكى له جميع ما جرى بينه وبين زوجته وقال له :
لي أربعين سنة وأنا متزوج بها ولم تحبل مني بولد ولا ببنت وقالوا لي :
إن سبب عدم حبلها منك أن بيضك رائق ففتشت على شيء أعكر به بيضي فلم أجده .
فقال له النقيب :
يا سيدي أنا عندي معكر البيض فما تقول فيمن يجعل زوجتك تحبل منك بعد هذه الأربعين سنة التي مضت .
فقال له شمس الدين :
إن فعلت هذا فأنا أحسن إليك وأنعم عليك .
فقال له النقيب :
هات لي ديناراً .
فقال له شمس الدين :
خذ هذين الدينارين .
فأخذهما النقيب وقال :
هات هذه السلطانية الصيني .
فأعطاه السلطانية ، فأخذها وتوجه إلى بياع الحشيش وأخذ منه المكرر الرومي والحبهان والزنجبيل والفلفل الأبيض والسقنقور الجبلي ودق الجميع وغلاهم بالزيت الطيب وأخذ ثلاث أوراق حصا لبان ذكر وأخذ مقدار قدح من الحبة السوداء ونقعه وعمل جميع ذلك معجوناً بالعسل النحلي وحطه في السلطانية ورجع بها إلى التاجر وأعطاها له وقال :
هذا معكر البيض فينبغي أن تأخذ منه على رأس الملوق بعد أن تأكل اللحم الضاني البيتي وتكثر له الحرارات والبهارات وتتعشى وتشر بالسكر المكرر .
فأحضر التاجر جميع ذلك وأرسله إلى زوجته وقال لها :
اطبخي ذلك طبخاً جيداً وخذي معكر البيض واحفظيه عندك حتى أطلبه .
ففعلت ما أمرها به ووضعت له الطعام فتعشى ، ثم عنه طلب السلطانية فأكل بقيتها وواقع زوجته فعلقت منه تلك الليلة ففات عليها الشهر الأول والثاني والثالث ولم ينزل عليها الدم فعلمت أنها حملت ، ثم وفت حملها ولحقها الطلق وقامت الأفراح فقاست الداية المشقة في الخلاص ورقته باسم محمد وكبرت وأذنت في أذنه ولفته وأعطته لأمه فأعطته ثديها وأرضعته فشرب وشبع ونام ، وأقامت الداية عنده ثلاثة أيام حتى عملوا الحلاوة ليفرقوها في اليوم السابع ثم رشوا ملحه ودخل التاجر وهنأ زوجته بالسلامة وقال لها :
أين وديعة الله ?
فقدمت له مولوداً بديع الجمال صنع المدبر الموجود وهو ابن سبعة أيام ولكن الذي ينظره يقول عليه أنه ابن عام ، فنظر التاجر في وجهه فرآه بدراً مشرقاً وله شامات على الخدين ، فقال لها :
ما سميتيه ?
فقالت له زوجته :
لو كان بنتاً كنت سميتها وهذا ولد فلا يسميه إلا أنت .
وكان أهل ذلك الزمن يسمون أولادهم بالفال ، فبينما هم يتشاورون في الاسم وإذا بواحد يقول :
يا سيدي علاء الدين .
فقال لها شمس الدين :
نسميه علاء الدين أبي الشامات .
ووكل به المراضع والدايات فشرب اللبن عامين وفطموه فكبر وانتشى وعلى الأرض مشى ، فلما بلغ من العمر سبع سنين أدخلوه تحت طابق خوفاً عليه من العين وقال هذا لا يخرج من الطابق حتى تطلع لحيته ووكل به جارية وعبداً فصارت الجارية تهيء له السفرة والعبد يحملها إليه ثم إنه طاهره وعمل له وليمة عظيمة ثم بعد ذلك أحضر له فقيهاً يعلمه فعلمه الخط والقرآن والعلم إلى أن صار ماهراً وصاحب معرفة فاتفق أن العبد أوصل إليه السفرة في بعض الأيام ونسي الطابق مفتوحاً فطلع علاء الدين من الطابق ودخل على أمه وكان عندها محضر من أكابر النساء .
فبينما النساء يتحدثن مع أمه وإذا هو داخل عليهن كالمملوك السكران من فرط جماله فحين رأينه النسوة غطين وجوههن وقلن لأمه :
الله يجازيك يا فلانة كيف تدخلين علينا هذا المملوك الأجنبي أما تعلمين أن الحياء من الإيمان ?
فقالت لهن :
سمين الله إن هذا ولدي وثمرة فؤادي وابن شاه بندر التجار شمس الدين أبو الدارة والقلادة والقشفة واللبانة .
فقلن لها النسوة :
عمرنا ما رأينا لك ولداً .
فقالت زوجة شمس الدين :
إن أباه خاف عليه من العين فجعل مرباه في طابق تحت الأرض .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:06 PM   #311
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الحادية والتسعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أم علاء الدين قالت للنسوة :
إن أباه خاف عليه من العين فجعل مرباه في طابق تحت الأرض فلعل الخادم نسي الطابق مفتوحاً فطلع منه ولم يكن مرادنا أن يطلع منه حتى تطلع لحيته .
فهنأها النسوة بذلك وطلع الغلام من عند النسوة إلى حوش البيت ثم طلع المقعد وجلس فيه ، فبينما هو جالس وإذا بالعبيد قد دخلوا ومعهم بغلة أبيه فقال لهم علاء الدين :
أين كانت هذه البغلة ?
فقالوا له :
نحن أوصلنا أباك إلى الدكان وهو راكب عليها وجئنا بها .
فقال لهم علاء الدين :
أي شيء صنعه أبي ?
فقالوا له :
إن أباك شاه بندر التجار بأرض مصر وهو سلطان أولاد العرب .
فدخل علاء الدين على أمه وقال لها :
يا أمي ما صناعة أبي ؟
فقالت له أمه :
يا ولدي إن أباك تاجر وهو شاه بندر التجار بأرض مصر وسلطان أولاد العرب وعبيده لا تشاوره في البيع إلا على البيعة التي تكون أقل ثمنها ألف دينار وأما البيع التي تكون بتسعمائة دينار فأقل فإنهم لا يشاورنه عليها بل يبيعونها بأنفسهم ولا يأتي متجر من بلاد الناس قليلاً أو كثيراً إلا ويدخل تحت يده ويتصرف فيه كيف يشاء ولا ينحزم متجراً ويروح بلاد الناس إلا ويكون من بيت أبيك والله تعالى أعطى أباك يا ولدي مالاً كثيراً لا يحصى .
فقال لها علاء الدين :
يا أمي الحمد لله الذي جعلني ابن سلطان أولاد العرب ووالدي شاه بندر التجار ولأي شيء تحطونني في الطابق وتتركوني محبوساً فيه ?
فقالت له أمه :
يا ولدي نحن ما حطيناك في الطابق إلا خوفاً عليك من أعين الناس فإن العين حق وأكثر أهل القبور من العين .
فقال لها علاء الدين :
يا أمي وأين المفر من القضاء والحذر لا يمنع القدر والمكتوب ما منه مهروب وإن الذي أخذ جدي لا يترك أبي فإنه عاش اليوم وما يعيش غداً وإذا مات أبي وطلعت أنا علاء الدين ابن التاجر شمس الدين لا يصدقني أحد من الناس ، والإختيارية يقولون عمرنا ما رأينا لشمس الدين ولداً ولا بنتاً فينزل بيت المال ويأخذ مال أبي ، ورحم الله من قال :
يموت الرجل ويذهب ماله ........ ويأخذ أنذال الرجال نساءه
فأنت يا أمي تكلمين أبي حتى يأخذني معه إلى السوق ويفتح لي دكاناً وأقعد فيه ببضائع ويعلمني البيع والشراء والأخذ والعطاء .
فقالت له أمه :
يا ولدي إذا حضر أبوك أخبرته بذلك .
فلما رجع التاجر إلى بيته وجد ابنه علاء الدين أبي الشامات قاعداً عند أمه فقال لها :
لأي شيء أخرجتيه من الطابق ?
فقالت له زوجته :
يا ابن عمي أنا ما أخرجته ولكن الخدم نسوا الطابق مفتوحاً فبينما أنا قاعدة وعندي محضر من أكابر النساء وإذا به دخل علينا .
وأخبرته بما قال ولده فقال له :
يا ولدي في غد إن شاء تعالى آخذك معي إلى السوق ولكن يا ولدي قعود الأسواق والدكاكين يحتاج إلى الأدب والكمال في كل حال .
فبات علاء الدين وهو فرحان من كلام أبيه .
فلما أصبح الصباح أدخله الحمام وألبسه بدلة تساوي جملة من المال ، ولما أفطروا وشربوا الشرابات ركب بغلته واركب ولده بغلة وأخذه وراءه وتوجه به إلى السوق فنظر أهل السوق شاه بندر التجار مقبلاً ووراءه غلام كأن وجهه القمر في ليلة أربعة عشر فقال واحد منهم لرفقيه :
انظر هذا الغلام الذي وراء شاه بندر التجار وقد كنا نظن به الخير وهو مثل الكرات شائب وقلبه أخضر .
فقال الشيخ محمد سمسم المتقدم ذكره للتجار :
نحن ما بقينا نرضى به أن يكون شيخاً علينا أبداً .
وكان من عادة شاه بندر التجار أنه لما يأتي من بيته في الصباح ويقعد في دكانه يتقدم نقيب السوق ويقرأ الفاتحة للتجار فيقومون معه ويأتون شاه بندر التجار ويصبحون عليه ثم ينصرف كل واحد منهم إلى دكانه .
فلما قعد شاه بندر التجار في دكانه ذلك اليوم على عادته لم يأت إليه التجار عادته فنادى النقيب وقال له :
لأي شيء لم يجتمع التجار على جري عادتهم ?
فقال له النقيب :
أنا ما أعرف نقل الفتن ، إن التجار اتفقوا على عزلك من المشيخة ولا يقرأون لك فاتحة .
فقال له شمس الدين :
ما سبب ذلك ?
فقال له النقيب :
ما شان هذا الولد الجالس بجانبك وأنت إختيار ورئيس التجار ، فهل هذا الولد هو مملوكك أو يقرب لزوجتك وأظن انك تعشقه وتميل إلى الغلام .
فصرخ عليه شمس الدين وقال له :
اسكت قبح الله ذاتك وصفاتك هذا ولدي .
فقال له النقيب :
عمرنا ما رأينا لك ولداً .
فقال له شمس الدين :
لما جئتني بمعكر البيض حملت زوجتي وولدته ولكن من خوفي عليه من العين ربيته في طابق تحت الأرض وكان مرادي أنه لا يطلع حتى يمسك لحيته بيده فما رضيت أمه وطلب مني أن أفتح له دكاناً وأحط عنده بضائع وأعلمه البيع والشراء .
فذهب النقيب إلى التجار وأخبرهم بحقيقة الأمر فقاموا كلهم بصحبته وتوجهوا إلى شاه بندر التجار ووقفوا بين يديه وقرأوا الفاتحة وهنأوه بذلك الغلام وقالوا له :
ربنا يبقي الأصل والفرع ولكن الفقير منا لما يأتيه ولداً أو بنتاً لابد أن يصنع لإخوانه دست عصيدة ويعزم معارفه وأقاربه وأنت لم تعمل ذلك .
فقال لهم :
لكم علي ذلك ويكون اجتماعنا في البستان .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:07 PM   #312
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة الثانية والتسعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن شاه بندر التجار وعد التجار بالسماط وقال لهم :
يكون اجتماعنا في البستان .
فلما أصبح الصباح أرسل الفراش للقاعة والقصر الذين في البستان وأمره بفرشهما وأرسل آلة الطبخ من خرفان وسمن وغير ذلك مما يحتاج إليه الحال وعمل سماطين سماطاً في القصر وسماطاً في القاعة وتحرم التاجر شمس الدين وتحرم ولده علاء الدين وقال له :
يا ولدي إذا دخل الرجل الشائب فأنا أتلقاه وأجلسه على السماط الذي في القصر وأنت ولدي إذا دخل الولد الأمر فخذه وادخل به القاعة وأجلسه على السماط .
فقال له علاء الدين :
لأي شيء يا أبي تعمل سماطين واحد للرجال وواحد للأولاد ?
فقال شمس الدين :
يا ولدي إن الأمرد يستحي أن يأكل عند الرجال .
فاستحسن ذلك ولده فلما جاء التجار صار شمس الدين يقابل الرجال ويجلسهم في القصر وولده علاء الدين يقابل الأولاد ويجلسهم في القاعة ثم وضعوا الطعام وشربوا الشرابات وأطلقوا البخور ثم قعد الإختيارية في مذاكرة العلم والحديث وكان بينهم تاجر يسمى محمود البلخي وكان مسلماً في الظاهر ومجوساً في الباطن وكان يبغي الفساد ويهوى الأولاد فنظر إلى علاء الدين نظرة أعقبته ألف حسرة وعلق له الشيطان جوهرة في وجهه فأخذه به الغرام والوجد والهيام وكان ذلك التاجر الذي اسمه محمود البلخي يأخذ القماش والبضائع من والد علاء الدين .
ثم إن محمود البلخي قام يتمشى وانعطف نحوا الأولاد فقاموا لملتقاه وكن علاء الدين فقام يزيل الضرورة فالتفت التاجر محمود إلى الأولاد وقال لهم :
إن طيبتم خاطر علاء الدين على السفر معي أعطيت كل واحد منكم بدلة تساوي جملة من المال .
ثم توجه من عندهم إلى مجلس الرجال فبينما الأولاد جالسون وإذا بعلاء الدين أقبل عليهم فقاموا لملتقاه وأجلسوه بينهم في صدر المقام فقام ولد منهم وقال لرفيقه :
يا سيدي حسن أخبرني برأس المال الذي عندك تبيع فيه وتشتري من أين جاءك ?
فقال له :
أنا لما كبرت ونشأت وبلغت مبلغ الرجال قلت لأبي :
يا والدي أحضر لي متجراً .
فقال لي :
يا ولدي أنا ما عندي شيء ولكن رح خذ مالاً من واحد تاجر واتجر به وتعلم البيع والشراء والأخذ والعطاء .
فتوجهت إلى واحد من التجار واقترضت منه ألف دينار فاشتريت بهما قماشاً وسافرت به إلى الشام فربحت المثل مثلين ثم أخذت من الشام وسافرت به إلى بغداد وبعته فربحت المثل مثلين ولم أزل حتى صار رأس مالي نحو عشرة آلاف دينار .
وصار كل واحد من الأولاد يقول لرفيقه مثل ذلك إلى أن دار الدور وجاء الكلام إلى علاء الدين أبي الشامات فقالوا له :
وأنت يا سيدي علاء الدين ?
فقال لهم علاء الدين :
أنا تربيت في طابق تحت الأرض وطلعت منه في هذه الجمعة وأنا أروح الدكان وأرجع منه إلى البيت .
فقالوا له الأولاد :
أنت متعود على قعود البيت ولا تعرف لذة السفر ، والسفر ما يكون إلا للرجال .
فقال لهم علاء الدين :
أنا ما لي حاجة بالسفر وليس للراحة قيمة .
فقال واحد منهم لرفيقه :
هذا مثل السمك إن فارق الماء مات .
ثم قالوا له :
يا علاء الدين ما فخر أولاد التجار إلا بالسفر لأجل المكسب .
فحصل لعلاء الدين غيظ بسبب ذلك وطلع من عند الأولاد وهو باكي العين فقالت له أمه :
ما يبكيك يا ولدي ?
فقال لها علاء الدين :
إن أولاد التجار جميعاً يعايرونني وقالوا لي :
ما فخر أولاد التجار إلا بالسفر لأجل أن يكسبوا الدراهم .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:07 PM   #313
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والتسعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن علاء الدين قال لوالدته :
إن أولاد التجار عايروني وقالوا لي :
ما فخر أولاد التجار إلا بالسفر لأجل أن يكسبوا الدراهم والدنانير .
فقالت أمه :
يا ولدي هل مرادك السفر ?
قال علاء الدين :
نعم .
فقالت له أمه :
تسافر إلى أي البلاد ?
فقال لها علاء الدين :
إلى مدينة بغداد فإن الإنسان يكسب فيها المثل مثلين .
فقالت له أمه :
يا ولدي إن أباك عنده مال كثير وإن لم يجهز لك متجراً من ماله فأنا أجهز لك متجراً من عندي .
فقال لها علاء الدين :
خير البر عاجله فإن كان معروفاً فإن هذا وقته .
فأحضرت العبيد وأرسلتهم إلى الذين يحزمون القماش وفتحت حاصلاً وأخرجت منه قماشاً وحزموا عشرة أحمال .
هذا ما كان من أمر أمه .
وأما ما كان من أمر أبيه فإنه التفت فلم يجد ابنه علاء الدين في البستان فسأل عنه فقالوا انه ركب بغلته وراح إلى البيت ، فركب وتوجه خلفه فلما دخل منزله رأى أحمالاً محزومة فسأل عنها فأخبرته زوجته بما وقع من أولاد التجار لولده علاء الدين فقال له :
يا ولدي خيب الله الغربة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من سعادة المرء أن يرزق في بلده .
وقال الأقدمون :
دع السفر ولو كان ميلاً .
ثم قال شمس الدين لولده :
هل صممت على السفر ولا رجعت عنه ?
فقال له ولده :
لابد لي من السفر إل بغداد بمتجر وإلا قلعت ثيابي ولبس ثياب الدراويش وطلعت سائحاً في البلاد .
فقال له شمس الدين :
ما أنا محتاج ولا معدم بل عندي مال كثير .
وأراه جميع ما عنده من المال والمتاجر والقماش وقال له :
أنا عندي لكل بلد ما يناسبها من القماش والمتاجر .
وأراه من جمل ذلك أربعين حملاً محزمين ومكتوباً على كل حمل ثمنه ألف دينار ، ثم قال :
يا ولدي خذ الأربعين حملاً والعشرة أحمال التي من عند أمك وسافر مع سلامة الله تعالى ولكن يا ولدي أخاف عليك من غابة في طريقك تسمى غابة الأسد وواد هناك يقال له واد الكلاب فإنهما تراوح فيهما الأرواح بغير سماح .
فقال له علاء الدين :
لماذا يا والدي ?
فقال شمس الدين :
من بدوي قاطع الطريق يقال له : عجلان .
فقال له علاء الدين :
الرزق رزق الله وإن كان لي فيه نصيب لم يصبني ضرر .
ثم ركب علاء الدين مع والده وسار إلى سوق الدواب وإذا بعكام نزل من فوق بغلته وقبل يد شاه بندر التجار وقال له :
والله زمان يا سيدي ما استقضينا في تجارات .
فقال له شمس الدين :
لكل زمان دولة ورجال ورحم الله من قال :
وشيخ في جهات الأرض يمشي ........ ولحيته تقـابـل ركـبـتـيه
فقلت له لمـاذا أنـت مـحـن ........ فقال وقد لوى نـحـوي يديه
شبابي في الثرى قد ضاع مني ........ وها أنا منحن بحـثـاً عـلـيه
فلما فرغ من شعره قال شمس الدين :
يا مقدم ما مراده السفر إلا ولدي هذا .
فقال له العكام :
الله يحفظه عليك .
ثم إن شاه بندر التجار عاهد بين ولده وبين العكام وجعله ولده وأوصاه عليه وقال له :
خذ هذه المائة دينار لغلمانة .
ثم إن شاه بندر التجار اشترى ستين بغلاً وستر السيد عبد القادر الجيلاني وقال له :
يا ولدي أنا غائب وهذا أبوك عوضاً عني وجميع ما يقوله لك طاوعه فيه .
ثم توجه بالبغال والغلمان وعملوا في تلك الليلة ختمة ومولد الشيخ عبد القادر الجيلاني ، ولما أصبح الصباح أعطى شاه بندر التجار لولده عشرة آلاف دينار وقال له :
إذا دخلت بغداد ولقيت القماش رائجاً معه ، فبعه وإن لقيت حاله واقفاً اصرف من هذه الدنانير .
ثم حملوا البغال وودعوا بعضهم .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:08 PM   #314
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والتسعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن علاء الدين والعكام لما أمروا العبيد أن يحملوا البغال ودعوا شاه بندر التجار والد علاء الدين وساروا حتى خرجوا من المدينة وكان محمود البلخي تجهز للسفر إلى جهة بغداد ، وأخرج حموله ونصب صواوينه خارج المدينة وقال في نفسه :
ما تحظى بهذا الولد إلا في الخلاء لأنه لا واشي ولا رقيب يعكر عليك .
وكان لأبو الولد ألف دينار عند محمود البلخي بقية معاملة فذهب إليه وودعه وقال له :
أعط الألف دينار لولدي علاء الدين وأوصاه عليه وقال له :
إنه مثل ولدك .
فاجتمع علاء الدين بمحمود الذي قدم لعلاء الدين المأكل والمشرب هو وجماعته ، ثم توجهوا للسفر وكان للتاجر محمود البلخي أربعة بيوت واحد في مصر وواحد في الشام وواحد في حلب وواحد في بغداد ولم يزالوا مسافرين في البراري والقفار حتى أشرفوا على الشام فأرسل محمود عبده إلى علاء الدين فرآه قاعداً يقرأ فتقدم وقبل يديه فقال :
ما تطلب ?
فقال له العبد :
سيدي يسلم عليك ويطلبك لعزومتك في منزله .
فقال له علاء الدين :
لما أشاور أبي المقدم كمال الدين العكام .
فشاوره على الرواح فقال له المقدم :
لا ترح .
ثم سافروا من الشام إلى أن دخلوا إلى حلب فعمل محمود البلخي عزومة وأرسل يطلب علاء الدين فشاور المقدم فمنعه وسافروا من حلب إلى أن بقي بينهم وبين بغداد مرحلة فعمل محمود البلخي عزومة وأرسل بطلب علاء الدين ، فشاور المقدم فمنعه ، فقال علاء الدين :
لابد لي من الرواح .
ثم قام وتقلد بسيف تحت ثيابه وسار إلى أن دخل على محمود البلخي فقام لملتقاه وسلم عليه وأحضر له سفرة عظيمة فأكلوا وشربوا وغسلوا أيديهم ومال محمود البلخي على علاء الدين ليأخذ منه قبلة فلاقاه في كفه وقال له :
ما مرادك أن تعمل ?
فقال محمود البلخي :
إني أحضرتك ومرادي أعمل معك حظاً في هذا المجال ونفسر قول من قال :
أيمكن أن تجيء لنا لحـظـه ........ كجلب شويهة أو شي بيضـه
وتأكل ما تيسر مـن خـبـيز ........ وتقبض ما تحمل من فضيضه
وتحمل ما تشاء بغير عـسـر ........ شبيراً أو فتيراً أو قبـيضـه
ثم إن محمود البلخي هم بعلاء الدين وأراد أن يفترسه فقام علاء الدين وجرد سيفه وقال له :
واشيبتاه أما تخشى الله وهو شديد المحال ولم تسمع قول من قال :
احفظ مشيبك من عيب يدنسـه ........ إن البياض سريع الحمل للدنس
فلما فرغ علاء الدين من شعره قال لمحمود :
إن هذه البضاعة أمانة الله لا تباع ، ولو بعتها لغيرك بالذهب لما بعتها لك بالفضة ، ولكن والله يا خبيث ما بقيت أرافقك أبداً .
ثم رجع علاء الدين إلى المقدم كمال الدين وقال له :
إن هذا رجل فاسق فأنا ما بقيت أرافقه أبداً ، ولا أمشي معه في الطريق .
فقال له المقدم :
يا ولدي قلت لك لا تروح عنده ، ولكن يا ولدي إن افترقنا منه نخشى على أنفسنا التلف فخلنا قفلاً واحداً .
فقال له علاء الدين :
لا يمكن أن أرافقه في الطريق أبداً ثم حمل علاء الدين حموله وسار هو ومن معه إلى أن نزلوا في واد وأرادوا أن يحطوا فيه فقال العكام :
لا تحطوا هنا واستمروا رائحين وأسرعوا في المسير لعلنا نحصل بغداد قبل أن تقفل أبوابها فإنهم لا يفتحونها ولا يقفلونها إلا بعد الشمس خوفاً على المدينة أن يملكها الروافض ويرموا كتب العلم في دجلة .
فقال له علاء الدين :
يا والدي أنا ما توجهت بهذا المتجر إلى هذا البلد لأجل أن أتسبب بل لأجل الفرجة على بلاد الناس .
فقال له المقدم :
يا ولدي نخشى عليك وعلى مالك من العرب .
فقال له علاء الدين : هل أنت خادم أو مخدوم ? أنا ما أدخل بغداد إلا في وقت الصباح لأجل أن تنظر أولاد بغداد إلى متجري ويعرفونني .
فقال له العكام :
افعل ما تريد فأنا أنصحك وأنت تعرف خلاصك .
فأمرهم علاء الدين بتنزيل الأحمال عن البغال فأنزلوا الأحمال ونصبوا الصيوان واستمروا مقيمين إلى نصف الليل ، ثم طلع علاء الدين يزيل ضرورة فرأى شيئاً يلمع على بعد فقال للعكام :
يا مقدم ما هذا الشيء الذي يلمع ?
فتأمل العكام وحقق النظر فرأى الذي يلمع أسنة رماح وسيوفاً بدوية ، وإذا بهم عرب ورئيسهم يسمى شيخ العرب عجلان أبو ناب ، ولما قرب العرب منهم ورأوا حمولهم قالوا لبعضهم :
يا ليلة الغنيمة .
فلما سمعوهم يقولون ذلك قال المقدم كمال الدين العكام :
حاسب يا أقل العرب ....
فلطشه أبو ناب بحربته في صدره فخرجت تلمع من ظهره فوقع على باب الخيمة قتيلاً فقال السقا :
حاسب يا أخس العرب ...
فضربوه بسيف على عاتقه فخرج يلمع من علائقه ووقع قتيلاً ، كل هذا جرى وعلاء الدين واقف ينظر ، ثم إن العرب جالوا وصالوا على القافلة فقتلوهم ولم يبق أحد من طائفة علاء الدين ثم حملوا الأحمال على ظهور البغال وراحوا فقال علاء الدين لنفسه :
ما يقتلك إلا بغلتك وبدلتك هذه .
فقام وقطع البدلة ورماها على ظهر البغلة وصار بالقميص والسروال فقط والتفت قدامه إلى باب الخيمة فوجد بركة دم سائلة من القتلى فصار يتمرغ فيها بالقميص والسروال حتى صار كالقتيل الغريق في دمه .
هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر شيخ العرب عجلان فإنه قال لجماعته :
يا عرب هذه القافلة داخلة من مصر أو خارجة من بغداد .


 

رد مع اقتباس
قديم 21-05-2009, 06:09 PM   #315
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والتسعين بعد المئتين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن البدوي لما قال لجماعته :
يا عرب هذه القافلة داخلة من مصر أو خارجة من بغداد .
فقالوا له :
داخلة من مصر إلى بغداد .
فقال لهم البدوي :
ردوا على القتلى لأني أظن أن صاحب هذه القافلة لم يمت .
فرد العرب على القتلى وصاروا يردون القتلى بالطعن والضرب إلى أن وصلوا إلى علاء الدين وكان قد ألقى نفسه بين القتلى . فلما وصلوا إليه قالوا :
أنت جعلت نفسك ميتاً فنحن نكمل قتلك .
وسحب البدوي الحربة وأراد أن يغرزها في صدر علاء الدين فقال علاء الدين : يا بركتك يا سيدتي نفيسة هذا وقتك .
وإذا بعقرب لدغ البدوي في كفه ، فصرخ وقال :
يا عرب تعالوا إلي فإني لدغت .
ونزل من فوق ظهر فرسه فأتاه رفقاؤه وأركبوه ثانية على فرسه وقالوا له :
أي شيء أصابك ?
فقال لهم :
لدغني عقرب .
ثم أخذوا القافلة وساروا .
هذا ما كان من أمرهم .
وأما ما كان من أمر محمود البلخي فإنه أمر بتحميل الأحمال وسافر إلى أن وصل إلى غابة الأسد فوجد غلمان علاء الدين كلهم قتلى وعلاء الدين نائماً وهو عريان بالقميص والسروال فقط فقال له :
من فعل بك هذه الفعال وخلاك في أسوأ حال ?
فقال له :
العرب ?
فقال :
يا ولدي فداك البغال والأموال وتسل بقول من قال :
إذا سلمت هام الرجال من الردى ........ فما المال إلا مثل قص الأظافر
ولكن يا ولدي انزل ولا تخشى بأساً .
فنزل علاء الدين من شباك الصهريج وأركبه بغلة وسافروا إلى أن دخلوا مدينة بغداد في دار محمود البلخي فأمر بدخول علاء الدين الحمام وقال له :
المال والأحمال فداؤك يا ولدي وإن طاوعتني أعطيك قدر مالك وأحمالك مرتين .
وبعد طلوعه من الحمام أدخله قاعه مزركشة بالذهب لها أربعة لواوين ، ثم أمر بإحضار سفرة فيها جميع الأطعمة فأكلوا وشربوا ومال محمود البلخي على علاء الدين ليأخذ من خده قبلة فلقيها علاء الدين بكفه وقال له :
هل أنت إلى الآن قابع لضلالك أما قلت لك :
أنا لو كنت بعت هذه البضاعة لغيرك بالذهب ما كنت أبيعها لك بالفضة ?
فقال محمود البلخي :
أنا ما أعطيتك المتجر والبغلة والبدلة إلا لأجل هذه القضية فإنني من غرامي بك في خيال .
فقال له علاء الدين :
إن هذا شيء لا يمكن أبداً فخذ بدلتك وبغلتك وافتح الباب حتى أروح .
ففتح الباب فطلع علاء الدين والكلاب تنبح وراءه وسار فبينما هو سائر إذ بباب مسجد فدخل في دهليز المسجد واستكن فيه وإذا بنور مقبل عليه فتأمله فرأى فانوسين في يد عبدين قدام اثنين من التجار واحد منهما إختيار حسن الوجه ، والثاني شاب فسمع الشاب يقول لإختيار :
بالله يا عمي أن ترد لي بنت عمي .
فقال له التاجر :
أما نهيتك مراراً عديدة وأنت جاعل الطلاق مصحفك ?
ثم إن الإختيار التفت على يمينه فرأى ذلك الولد كأنه فلقة قمر فقال :
يا غلام من أنت ?
فقال له علاء الدين :
أنا علاء الدين بن شمس الدين شاه بندر التجار بمصر وتمنيت على والدي المتجر فجهز لي خمسين حملاً من الب


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:15 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا