13-10-2011, 05:55 AM
|
#325
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الرعد - الآية: 28
| (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب "28") | ومعنى الاطمئنان سكون القلب واستقراره وأنسه إلى عقيدة لا تطفو إلى العقل ليناقشها من جديد.
ونعلم أن الإنسان له حواس إدراكية يستقبل بها المحسات؛ وله عقل يأخذ هذه الأشياء ويهضمها؛ بعد إدراكها؛ ويفحصها جيداً، ويتلمس مدى صدقها أو كذبها؛ ويستخرج من كل ذلك قضية واضحة يبقيها في قلبه لتصبح عقيدة، لأنها وصلت إلى مرحلة الوجدان المحب لاختيار المحبوب.
وهكذا تمر العقيدة بعدة مراحل؛ فهي أولاً إدراك حسي؛ ثم مرحلة التفكر العقلي؛ ثم مرحلة الاستجلاء للحقيقة؛ ثم الاستقرار في القلب لتصبح عقيدة. ولذلك يقول سبحانه:
{وتطمئن قلوبهم .. "28"}
(سورة الرعد)
فاطمئنان القلب هو النتيجة للإيمان بالعقيدة؛ وقد يمر القلب بعض من الأغيار التي تزلزل الإيمان، ونقول لمن تمر به تلك الهواجس من الأغيار: أنت لم تعط الربوبية حقها؛ لأنك أنت الملوم في أي شيء ينالك.
فلو أحسنت استقبال القدر فيما يمر بك من أحداث، لعلمت تقصيرك فيما لك فيه دخل بأي حادث وقع عليك نتيجة لعملك، أما ما وقع عليك ولا دخل لك فيه؛ فهذا من أمر القدر الذي أراده الحق لك لحكمة قد لا تعلمها، وهي خير لك.
إذن: استقبال القدر إن كان من خارج النفس فهو لك، وإن كان من داخل النفس فهو عليك.
ولو قمت بإحصاء ما ينفعك من وقوع القدر عليك لوجدته أكثر بكثير مما سلبه منك. والمثل هو الشاب الذي استذكر دروسه واستعد للامتحان؛ لكن مرضاً داهمه قبل الامتحان ومنعه من أدائه.
هذا الشاب فعل ما عليه؛ وشاء الله أن ينزل عليه هذا القدر لحكمة ما؛ كأن يمنع عنه حسد جيرانه؛ أو حسد من يكرهون أمه أو أباه، أو يحميه من الغرور والفتنة في أنه معتمد على الأسباب لا على المسبب. أو تأخير مرادك أمام مطلوب الله يكون خيراً.
وهكذا فعلي الإنسان المؤمن أن يكون موصولاً بالمسبب الأعلى، وأن يتوكل عليه سبحانه وحده، وأن يعلم أن التوكل على الله يعني أن تعمل الجوارح، وان تتوكل القلوب؛ لأن التوكل عمل قلبي، وليس عمل القوالب. ولينتبه كل منا إلى أن الله قد يغيب الأسباب كي لا نغتر بها، وبذلك يعتدل إيمانك به؛ ويعتدل إيمان غيرك.
وقد ترى شاباً ذكياً قادراً على الاستيعاب، ولكنه لا ينال المجموع المناسب للكلية التي كان يرغبها؛ فيسجد لله شكراً؛ متقبلاً قضاء الله وقدره؛ فيوفقه الله إلى كلية أخرى وينبغ فيها؛ ليكون أحد البارزين في المجال الجديد. ولهذا يقول الحق سبحانه:
{وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون "216"}
(سورة البقرة)
وهكذا نجد أن من يقبل قدر الله فيه، ويذكر أن له رباً فوق كل الأسباب؛ فالاطمئنان يغمر قلبه أمام أي حدث مهما كان. وهكذا يطمئن القلب بذكر الله؛ وتهون كل الأسباب؛ لأن الأسباب إن عجزت؛ فلن يعجز المسبب.
وقد جاء الحق سبحانه بهذه الآية في معرض حديثه عن التشكيك الذي يثيره الكافرون، وحين يسمع المسلمون هذا التشكيك؛ فقد توجد بعض الخواطر والتساؤلات: لماذا لم يأت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعجزة حسية مثل الرسل السابقين لتنفض هذه المشكلة، وينتهي هذا العناد؟ ولكن تلك الخواطر لا تنزع من المؤمنين إيمانهم؛ ولذلك ينزل الحق سبحانه قوله الذي يطمئن:
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله .. "28"}
(سورة الرعد)
والذكر في اللغة جاء لمعانٍ شتى؛ فمرة يطلق الذكر، ويراد به الكتاب أي: القرآن:
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9"}
(سورة الحجر)
ويأتي الذكر مرة، ويراد به الصيت والشهرة والنباهة، يقول تعالى:
{وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون "44"}
(سورة الزخرف)
أي: أنه شرف عظيم لك في التاريخ، وكذلك لقومك أن تأتي المعجزة القرآنية من جنس لغتهم التي يتكلمون بها. وقد يطلق الذكر على الاعتبار؛ والحق سبحانه يقول:
{ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوماً بوراً "18"}
(سورة الفرقان)
أي: نسوا العبر التي وقعت للأمم التي عاشت من قبلهم؛ فنصر الله الدين رغم عناد هؤلاء. وقد يطلق الذكر على كل ما يبعثه الحق سبحانه على لسان أي رسول:
{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "43"}
(سورة النحل)
وقد يطلق الذكر على العطاء الخير من الله. ويطلق الذكر على تذكر الله دائماً؛ وهو سبحانه القائل:
{فاذكروني أذكركم .. "152"}
(سورة البقرة)
أي: اذكروني بالطاعة أذكركم بالخير والتجليات، فإذا كان الذكر بهذه المعاني؛ فنحن نجد الاطمئنان في أي منها، فالذكر بمعنى القرآن يورث الاطمئنان. ويقول الحق سبحانه:
{يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا "41" وسبحوه بكرة وأصيلا "42" هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً "43"}
(سورة الأحزاب)
فكل آية تأتي من القرآن كانت تطمئن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه صادق البلاغ عن الله؛ فقد كان المسلمون قلة مضطهدة، ولا يقدرون على حماية أنفسهم، ولا على حماية ذويهم. ويقول الحق سبحانه في هذا الظرف:
{سيهزم الجمع ويولون الدبر "45"}
(سورة القمر) |
|
|
|