13-10-2011, 06:08 AM
|
#355
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الحجر - الآية: 16
| (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين "16") | والبروج تعني المباني العالية، والحق سبحانه هو القائل:
{أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة "78"}
(سورة النساء)
وهو سبحانه القائل:
{والسماء ذات البروج "1"}
(سورة البروج)
والمعنى الجامع لكل هذا هو الزينة الملفتة بجرمها العالي؛ وقد تكون ملفتة بجمالها الأخاذ.
والبروج هي جمع برج؛ وهي منازل الشمس والقمر؛ فكلما تحركت الشمس في السماء تنتقل من برج إلى آخر؛ وكذلك القمر، مصداقاً لقول الحق سبحانه:
{كل في فلكٍ يسبحون "33"}
(سورة الأنبياء)
وهو سبحانه القائل:
{هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب "5"}
(سورة يونس)
أي: لنضبط كل التوقيتات على ضوء تلك الحركة لكل من الشمس والقمر، ونحن حين نفتح أي جريدة نقرأ ما يسمى بأبواب الطالع، وفيه أسماء الأبراج: برج الحمل، وبرج الجدي، وبرج العذراء؛ وغيرها، وهي أسماء سريانية للمنازل التي تنزلها أبراج النجوم. ويقول الشاعر:
حمل الثور جوزة السرطان عقرب القوس جدي دلو ورعى الليث سنبل الميزان وحوت ما عرفنا من أمه السريان.
وهم اثنا عشر برجاً، ولكل برج مقاييس في الجو والطقس. وحين نقرأ القرآن نجد قول الحق سبحانه:
{وعلامات وبالنجم هم يهتدون "16"}
(سورة النحل)
والبعض يحاول أن يجد تأثيراً لكل برج على المواليد الذين يولدون أثناء ظهور هذا البرج، ولعل من يقول ذلك يصل إلى فهم لبعض من أسرار الله في كونه؛ ذلك أنه سبحانه قد أقسم بمواقع النجوم، وقال:
{فلا أقسم بمواقع النجوم "75" وإنه لقسم لو تعلمون عظيم "76"}
(سورة الواقعة)
وهناك من يقول: إن لكل إنسان نجماً يولد معه ويموت معه؛ لذلك يقال "هوى نجم فلان"، ونحن لا نجزم بصحة أو عدم صحة مثل هذه الأمور؛ لأنه لم تثبت علمياً، والحق سبحانه أعلم بأسراره، وقد يعلمها لبعض من خلقه.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد قول الحق سبحانه:
{ولقد جعلنا في السماء بروجاً .. "16"}
(سورة الحجر)
أي: أن هناك تأكيداً لوجود تلك البروج في السماء، وليس هذا الجعل لتأثيرها في الجو، أو لأنها علامات نهتدي بها، فضلاً عن تأثيرها على الحرارة والرطوبة والنباتات، ولكنها فوق كل ذلك تؤدي مهمة جمالية كبيرة، وهي أن تكون زينة لكل من ينظر إليها. لذلك قال الحق سبحانه:
{وزيناها للناظرين "16"}
(سورة الحجر)
ذلك أن الشيء قد يكون نافعاً؛ لكن ليس له قيمة جمالية؛ وشاء الحق سبحانه أن يجعل للنجوم قيمة جمالية، ذلك أنه قد خلق الإنسان، ويعلم أن لنفسه ملكاتٍ متعددة، وكل ملكةٍ لها غذاء.
فغذاء العين المنظر الجميل؛ والأذن غذاؤها الصوت الجميل، والأنف غذاؤه الرائحة الطيبة؛ واللسان يعجبه المذاق الطيب، واليد يعجبها الملمس الناعم؛ وهذا ما نعرفه من غذاء الملكات للحواس الخمس التي نعرفها.
وهناك ملكات أخرى في النفس الإنسانية؛ تحتاج كل منها إلى غذاء معين، وقد يسبب أخذ ملكة من ملكات النفس لأكثر المطلوب لها من غذاء أن تفسد تلك الملكة؛ وكذلك قد يسبب الحرمات لملكة ما فساداً تكوينياً في النفس البشرية.
والإنسان المتوازن هو من يغذي ملكاته بشكل متوازن، ويظهر المرض النفسي في بعض الأحيان نتيجة لنقص غذاء ملكة ما من الملكات النفسية، ويتطلب علاج هذا المرض رحلة من البحث عن الملكة الجائعة في النفس البشرية.
وهكذا نجد في النفس الإنسانية ملكة لرؤية الزينة، وكيف تستميل الزينة النفس البشرية؟ ونجد المثل الواضح على ذلك هو وجود مهندسي ديكور يقومون بتوزيع الإضاءة في البيوت بأشكال فنية مختلفة.
ولذلك يقول الحق سبحانه عن أبراج النجوم:
{وزيناها للناظرين "16"}
(سورة الحجر)
ونجده سبحانه يقول عن بعض نعمه التي أنعم بها علينا:
{والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة .. "8"}
(سورة النحل)
وهكذا يمتن علينا الحق سبحانه بجمال ما خلق وسخره لنا، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل هي في خدمة الإنسان في أمور أخرى:
{وتحمل أثقالكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم "7"}
(سورة النحل)
وهو سبحانه وتعالى الذي جعل تلك الدواب لها منظر جميل؛ فهو سبحانه القائل:
{ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون "6"}
(سورة النحل)
وهو سبحانه لم يخلق النعم لنستخدمها فقط في أغراضها المتاحة؛ ولكن بعضاً منها يروي أحاسيس الجمال التي خلقها فينا سبحانه. وكلما تأثرنا بالجمال وجدنا الجميل، وفي توحيده تفريد لجلاله.
ويقول سبحانه عن السماء والبروج: |
|
|
|