14-10-2011, 09:25 AM
|
#425
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الحجر - الآية: 87
| (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم "87") | وهنا يمتن الحق سبحانه على رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه يكفيه أن أنزل عليه القرآن الكتاب المعجزة، والمنهج الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فالقرآن يضم كمالات الحق التي لا تنتهي؛ فإذا كان سبحانه قد أعطاك ذلك، فهو أيضاً يتحمل عنك كل ما يؤلمك. والحق سبحانه هو القائل:
{ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون "97" }
(سورة الحجر)
ويقول له الحق أيضاً:
{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون .. "33"}
(سورة الأنعام)
وأزاح الحق سبحانه عنه هموم اتهامهم له بأنه ساحر أو مجنون؛ وقال له سبحانه:
{فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون "33"}
(سورة الأنعام)
ويكشف له سبحانه: إنهم يؤمنون أنك يا محمد صادق، ولكنهم يتظاهرون بتكذيبك. ويتمثل امتنان الحق سبحانه على رسوله أنه أنزل عليه السبع المثاني، واتفق العلماء على أن كلمة "المثاني" تعني فاتحة الكتاب، فلا يثني في الصلاة إلا فاتحة الكتاب. ونجده سبحانه يصف القرآن بالعظيم؛ وهو سبحانه يحكم بعظمة القرآن على ضوء مقاييسه المطلقة؛ وهي مقاييس العظمة عنده سبحانه. والمثل الآخر على ذلك وصفه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم:
{وإنك لعلى خلقٍ عظيمٍ "4"}
(سورة القلم)
وهذا حكم بالمقاييس العليا للعظمة، وهكذا يصبح كل متاع الدنيا أقل مما وهبه الحق سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم، فلا ينظرن أحد إلي ما أعطى غيره؛ فقد وهبه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم. ونلحظ أن الحق سبحانه قد عطف القرآن على السبع المثاني وهو عطف عام على خاص؛ كما قال الحق سبحانه:
{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى .. "238"}
(سورة البقرة)
ونفهم من هذا القول أن الصلاة تضم الصلاة الوسطى أيضاً، وكذلك مثل قول الحق ما جاء على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم:
{رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات .. "28"}
(سورة نوح)
وهكذا نرى عطف عام على خاص، وعطف خاص على عام. أو: أن نقول: إن كلمة "قرآن" تطلق على الكتاب الكريم المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول آية في القرآن إلي آخر آية فيه، ويطلق أيضاً على الآية الواحدة من القرآن؛ فقول الحق سبحانه:
{مدهامتان "64"}
(سورة الرحمن)
هي آية من القرآن؛ وتسمى أيضاً قرآناً. ونجده سبحانه يقول:
{إن قرآن الفجر كان مشهوداً "78"}
(سورة الإسراء)
ونحن في الفجر لا نقرأ كل القرآن، بل بعضاً منه، ولكن ما نقرؤه يسمى قرآناً، وكذلك يقول الحق سبحانه:
{وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً "45"}
(سورة الإسراء)
وهو لا يقرأ كل القرآن بل بعضه، إذن: فكل آية من القرآن قرآن. وقد أعطى الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم السبع المثاني والقرآن العظيم، وتلك هي قمة العطايا؛ فلله عطاءات متعددة؛ عطاءات تشمل الكافر والمؤمن، وتشمل الطائع والعاصي، وعطاءات خاصة بمن آمن به؛ وتلك عطاءات الألوهية لمن سمع كلام ربه في "افعل" و"لا تفعل". وسبحانه يمتد عطاؤه من الخلق إلي شربة الماء، إلي وجبة الطعام، وإلي الملابس، وإلي المسكن، وكل عطاء له عمر، ويسمو العطاء عند الإنسان بسمو عمر العطاء، فكل عطاء يمتد عمره يكون هو العطاء السعيد.
فإذا كان عطاء الربوبية يتعلق بمعطيات المادة وقوام الحياة؛ فإن عطاءات القرآن تشمل الدنيا والآخرة؛ وإذا كان ما ينغص أي عطاء في الدنيا أن الإنسان يفارقه بالموت، أو أن يذوي هذا العطاء في ذاته؛ فعطاء القرآن لا ينفد في الدنيا والآخرة. ونعلم أن الآخرة لا نهاية لها على عكس الدنيا التي لا يطول عمرك فيها بعمرها، بل بالأجل المحدد لك فيها. وإذا كانت عطاءات القرآن تحرس القيم التي تهبك عطاءات الحياة التي لا تفني وهي الحياة الآخرة؛ فهذا هو أسمى عطاء، وإياك أن تتطلع إلي نعمة موقوتة عند أحد منهم من نعم الدنيا الفانية؛ لأن من أعطى القرآن وظن أن غيره قد أعطى خيراً منه؛ فقد حقر ما عظم الله. |
|
|
|