21-10-2011, 03:53 PM
|
#651
|
مراقب عام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 29965
|
تاريخ التسجيل : 03 2010
|
أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
|
المشاركات :
34,379 [
+
] |
التقييم : 253
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
|
لوني المفضل : Royalblue
|
|
تفسير سورة الإسراء - الآية: 88
| (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً "88" ) | (قل) لا يقولها الحق سبحانه بينه وبين رسوله، بل المراد: أعلنها يا محمد على الملأ، واسمع بها الناس جميعاً؛ لأن القضية قضية تحد للجميع.
{لئن اجتمعت الإنس والجن .. "88"}
(سورة الإسراء)
وهما الثقلان اللذان يكونان أمة التكليف لما منحهما الله من نعمة الاختيار الذي هو مناط التكليف. وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهما جميعاً، وقد استمعت الجن إلى القرآن كما استمعت إليه البشر:
{قل أوحى إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجباً "1" يهدي إلى الرشد فآمنا به .. "2"}
(سورة الجن)
والتحدي معناه الإتيان بآية معجزة يعجز عنها المعارض، لكن من جنس ما نبغ فيه المعارض، فلا يتحداهم بشيء لا علم لهم به، ولا خبرة لهم فيه؛ لأنه لا معنى للتحدي في هذه الحالة ولا جدوى منه، كما لو تحديت إنساناً عادياً برفع الأثقال ولم يسبق له أن ارتاض هذه الرياضة، إنما تتحدى بها بطلاً معروفاً عنه ممارسة هذه العملية.
لذلك جاءت كل معجزات الرسل من جنس ما نبغ فيه القوم ليكون التحدي في محله، ولا يعترضون عليه بأنه خارج عن نطاق علمهم ومقدرتهم، فكانت معجزة موسى ـ عليه السلام ـ العصا واليد، وهي من جنس ما نبغ فيه قومه من السحر، وجاءت معجزة عيسى ـ عليه السلام ـ إحياء الموتى بإذن الله، وإبراء الأكمة والأبرص؛ لأن قومه نبغوا في الطب، وكانت معجزته صلى الله عليه وسلم في البلاغة والفصاحة التي نبغ فيها العرب.
وقد اقترح كفار مكة على رسول الله آيات معينة لإثبات صدق رسالته، لكن الآيات لا تقترح على الله تعالى؛ لأنه سبحانه هو الذي يختار الآيات التي تناسب الطباع وتكون معجزة تثبت صدق رسوله، وقد اقترحوا على رسول الله آيات ومعجزات في مجالات لا علم لهم بها، فكيف يتحداهم الله في مجال لا نبوغ لهم فيه، وليس لهم دراية به؟
والحق سبحانه أنزل القرآن، وجعله المعجزة الوحيدة لصدق محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المعجزة الوحيدة لكل أمة الإسلام من لدن رسول الله إلى قيام الساعة. وهذا لا يمنع أن توجد معجزات كونية حدثت لرسول الله ليراها القوم الذي عاصروه، ومثل هذه المعجزات لا نطالب بها نحن، ولا نطالب بالإيمان بها، إلا إذا وردت من صادق معصوم؛ لأن الهدف من هذه المعجزات تثبيت الإيمان برسول الله في نفوس من شاهدوها، فنبوع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، وكون الشجرة تسعى إليه والحيوان يكلمه، فالمقصود بهذه المعجزات من شاهدها وعاصرها، لا من أتى بعد عصره صلى الله عليه وسلم.
وفي القرآن خاصية تفرد بها عن الكتب السابقة، حيث نزل جامعاً بين أمرين: أنه منهج سماوي ينظم حركة الحياة، وهو في الوقت نفسه معجزة مصاحبة للمنهج لا تنفك عنه إلى قيام الساعة.
أما الكتب السابقة فكانت تأتي بمنهج فقط، أما المعجزة فشيء آخر منفصل عن الكتاب، فمعجزة موسى العصا واليد وكتابه التوراة، ومعجزة عيسى إبراء الأكمة والأبرص، وكتابه الإنجيل، أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد انفرد بأن تكون معجزته هي منهجه.
لذلك لما طلب كفار مكة من رسول الله أن يفسح لهم جبال مكة، ويوسع عليهم الأرض، وأن يحيي لهم موتاهم ليشهدوا بصدقه، خاطبهم الحق سبحانه بقوله:
{ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعاً .. "31"}
(سورة الرعد)
أي: كان في القرآن غناء لكم عن كل هذه المسائل.
وقد اعترض المستشرقون على هذه القضية، فقالوا: إن كانت الرسالة المحمدية للناس كافة، وجاءت معجزته في البلاغة والفصاحة ليتحدى بها قومه من العرب، فما لون الإعجاز لغير العرب؟
نقول: أولاً: إذا كان العرب ارتاضوا على الملكة العربية وأساليبها قد عجزوا أمام هذا التحدي، فغيرهم ممن اتخذ العربية صناعة لاشك أعجز.
ثانياً: من قال إن المعجزة في القرآن في فصاحته وبلاغته فقط؟
لقد جاءت بلاغة القرآن وفصاحته للأمة المتلقية للدعوة الأولى، هؤلاء الذين سيحملون عبء الدعوة، ويسيحون بها في شتى بقاع الأرض، فإذا ما انتشرت الدعوة كانت المعجزة للناس الآخرين من غير العرب شيئاً آخر.
فالغيبيات التي يخبرنا بها، والكونيات التي يحدثنا عنها، والتي لم تكن معلومة لأحد نجدها موافقة تماماً لما جاء به القرآن، وهو منزل على نبي أمي، وفي أمة أمية غير مثقفة، فهذه كلها نواحي إعجاز للعرب ولغيرهم، ومازلنا حتى الآن نقف أمام آيات، وننتظر من العلم أن يكشف لنا عن معناها.
وفي الماضي القريب توصل العلم إلى أن الذرة أصغر شيء في الوجود، وقد ذكر القرآن الذرة في مثل قوله:
{فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره "7" ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره "8"}
(سورة الزلزلة)
وبتقدم وسائل البحث توصلوا إلى تفتيت الذرة أو شطرها، ووجدنا في الكون ما هو أقل من الذرة، فظن البعض أن هذه لا ذكر لها في القرآن، وظنوا أنهم تصيدوا على القرآن مأخذاً، ولو أمعنوا النظر في كتاب الله لوجدوا لهذا التطور العلمي رصيداً في كتاب الله حيث قال تعالى:
{وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين "61"}
(سورة يونس) |
|
|
|