المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 25-10-2011, 12:47 PM   #781
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 107

(أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون "107")
ألم يحسب هؤلاء حساب انتقام الله منهم بعذاب الدنيا الذي يعم؛ لأن الغاشية هي العقاب الذي يعم ويغطي الجميع؛ أم أنهم استبطئوا الموت، واستبطئوا القيامة وعذابها؛ رغم أن الموت معلق على رقاب الجميع، ولا أحد يعلم ميعاد موته.

<فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من مات قامت قيامته">

فما الذي يبطئهم عن الإيمان بالله والإخلاص التوحيدي لله، بدون أن يمسهم شرك؛ قبل أن تقوم قيامتهم بغتة؛ أي: بدون جرس تمهيدي. ونعلم أن من سبقونا إلى الموت لا يطول عليهم الإحساس بالزمن إلى أن تقوم قيامة كل الخلق؛ لأن الزمن لا يطول إلا على متتبع أحداثه.
والنائم مثلاً لا يعرف كم ساعة قد نام؛ لأن وعيه مفقود فلا يعرف الزمن، والذي يوضح لنا أن الذين سبقونا لا يشعرون بمرور الزمن هو قوله الحق:

{كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها "46"}
(سورة النازعات)


 

قديم 25-10-2011, 12:47 PM   #782
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 108

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين"108")
أي: قل يا محمد هذا هو منهجي. والسبيل كما نعلم هو الطريق، وقوله الحق:

{هذه سبيلي .. "108"}
(سورة يوسف)


يدل على أن كلمة السبيل تأتي مرة مؤنثة، كما في هذه الآية، وتأتي مرة مذكرة؛ كما في قوله الحق:

{وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً .. "146"}
(سورة الأعراف)


وأعلن يا محمد أن هذه الدعوة التي جئت بها هي للإيمان بالله الواحد؛ وسبحانه لا ينتفع بالمنهج الذي نزل عليك ليطبقه العباد، بل فيه صلاح حياتهم، وسبحانه هو الله؛ فهو الأول قبل كل شيء بلا بداية، والباقي بعد كل موجود بلا نهاية؛ ومع خلق الخلق الذين آمنوا هو الله؛ وإن كفروا جميعاً هو الله، والمسألة التكليفية بالمنهج عائدة إليكم أنتم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر. ولنقرأ قول الحق:

{إذا السماء انشقت "1" وأذنت لربها وحقت "2"}
(سورة الانشقاق)


فهي تنشق فور سماعها لأمر الله، وتأتي لحظة الحساب. وقوله الحق:

{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ .. "108"}
(سورة يوسف)


أي: أدعو بالطريق الموصل إلى الله إيماناً به وتقبلاً لمنهجه، وطلباً لما عنده من جزاء الآخرة؛ وأنا على بصيرة مما أدعو إليه.
والبصر ـ كما نعلم ـ للمحسات، والبصيرة للمعنويات.
والبصر الحسي لا يؤدي نفس عمل البصيرة؛ لأن البصيرة هي يقين مصحوب بنور يقنع النفس البشرية، وإن لم تكن الأمور الظاهرة ملجئة إلى الإقناع.
ومثال هذا: أم موسى حين أوحى الله لها أن تقذف ابنها في اليم، ولو قاست هي هذا الأمر بعقلها لما قبلته، لكنها بالبصيرة قبلته؛ لأنه وارد من الله لا معاند له من النفس البشرية.
فالبصيرة إذن: هي يقين ونور مبني على برهان من القلب؛ فيطيعه العبد طاعة بتفويض، ويقال: إن الإيمان طاعة بصيرة. ويمكن أن نقرأ قوله الحق:

{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ .. "108"}
(سورة يوسف)


وهنا جملة كاملة؛ ونقرأ بعدها:

{أنا ومن اتبعني .. "108"}
(سورة يوسف)


أو نقرأها كاملة:

{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين "108"}
(سورة يوسف)


وقول الحق:

{وسبحان الله .. "108"}
(سورة يوسف)


أي: أنه سبحانه منزه تنزيهاً مطلقاً في الذات، فلا ذات تشبهه؛ فذاته ليست محصورة في القالب المادي مثلك، والمنفوخة فيه الروح، وسبحانه منزه تنزيهاً مطلقاً في الأفعال، فلا فعل يشبه فعله؛ وكذلك صفاته ليست كصفات البشر، فحين تعلم أن الله يسمع ويرى، فخذ ذلك في نطاق:

{ليس كمثله شيء .. "11"}
(سورة الشورى)


وكذلك وجوده سبحانه ليس كوجودك؛ لأن وجوده وجود واجد أزلي، وأنت حدث طارئ على الكون الذي خلقه سبحانه. ولذلك قاس بعض الناس رحلة الإسراء والمعراج على قدرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛

<ولم ينتبهوا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لقد أسرى بي">

ونزل قول الحق سبحانه:

{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي بركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير "1"}
(سورة الإسراء)


 

قديم 25-10-2011, 12:48 PM   #783
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 109

(وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون "109")
وينتقل الحق سبحانه هنا إلى الرسل الذين سبقوا محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فالحق سبحانه يقول:

{وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا "94"}
(سورة الإسراء)


أي: أنهم كانوا يطلبون رسولاً من غير البشر، وتلك مسألة لم تحدث من قبل، ولو كانت قد حدثت من قبل؛ لقالوا: "ولماذا فعلها الله مع غيرنا؟". ولذلك أراد سبحانه أن يرد لهم عقولهم؛ فقال تعالى:

{قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "95"}
(سورة الإسراء)


والملائكة بطبيعتها لا تستطيع أن تحيا على الأرض، كما أنها لا تصلح لأن تكون قدوة أو أسوة سلوكية للبشر. فالحق سبحانه يقول عن الملائكة:

{لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون "6"}
(سورة التحريم)


والملاك لا يصلح أن يكون أسوة للإنسان؛ لأن الملك مخلوق غيبي غير محس من البشر؛ ولو أراده الله رسولاً لجسده بشراً؛ ولو جعله بشراً لبقيت الشبهة قائمة كما هي.
أو: أن الآية جاءت لتسد على الناس ذرائع انفتحت بعد ذلك على الناس في حروب الردة حين ادعت سجاح أنها نبية مرسلة. لذلك جاء الحق سبحانه من البداية بالقول:

{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى .. "109"}
(سورة يوسف)


ليوضح لنا أن المرأة لا تكون رسولاً منه سبحانه؛ لأن مهمة الرسول أن يلتحم بالعالم التحام بلاغٍ، والمرأة مطلوب منها أن تكون سكناً.
كما أن الرسول يفترض فيه ألا يسقط عنه تكليف تعبدي في أي وقت من الأوقات؛ والمرأة يسقط عنها التكليف التعبدي أثناء الطمث، ومهمة الرسول تقتضي أن يكون مستوفي الأداء التكليفي في أي وقت.
ثم كيف يطلبون ذلك ولم تأت في مهام الرسل من قبل ذلك إلا رجالاً، ولم يسأل الحق أياً منهم، ولم يستأذن من أي واحد من الرسل السابقين ليتولى مهمته؛ بل تلقي التكليف من الله دون اختيار منه، ويتلقى ما يؤمر أن يبلغه للناس، ويكون الأمر بواسطة الوحي.
والوحي كما نعلم إعلام بخفاء، ولا ينصرف على إطلاقه إلا للبلاغ عن الله. ولم يوجد رسول مفوض ليبلغ ما يحب أو يشرع؛ لكن كل رسول مكلف بأن ينقل ما يبلغ به، إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد فوضه الحق سبحانه في أن يشرع، ونزل في القرآن:

{ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .. "7"}
(سورة الحشر)


ويقول الحق سبحانه عن هؤلاء الرسل السابقين أنهم:

{من أهل القرى .. "109"}
(سورة يوسف)


والقرية كانت تأخذ نفس مكانة المدينة في عالمنا المعاصر. وأنت حين تزور أهل المدينة تجد عندهم الخير عكس أهل البادية، فالبدوي من هؤلاء قد لا يجد ما يقدمه لك، فقد يكون ضرع الماشية قد جف؛ أو لا يجد ما يذبحه لك من الأغنام. والفارق بين أهل القرية وأهل البادية أن أهل القرية لهم توطن؛ ويملكون قدرة التعايش مع الغير، وترتبط مصالحهم ببعضهم البعض، وترق حاشية كل منهم للآخر، وتتسع مداركهم بمعارف متعددة، وليس فيهم غلظة أهل البادية.
فالبدوي من هؤلاء لا يملك إلا الرحل على ظهر جمله؛ ويطلب مساقط المياه، وأماكن الكلأ لما يرعاه من أغنام.
وهكذا تكون في أهل القرى رقة وعلم وأدب تناول وتعامل؛ ولذلك لم يأت رسول من البدو كي لا تكون معلوماته قاصرة، ويكون جافاً، به غلظة قول وسلوك.
والرسول يفترض فيه أن يستقبل كل من يلتقي به بالرفق واللين وحسن المعاشرة؛ لذلك يكون من أهل القرى غالباً؛ لأنهم ليسوا قساة؛ وليسوا على جهل بأمور التعايش الاجتماعي. ويتابع الحق سبحانه:

{أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .. "109"}
(سورة يوسف)


أي: أنهم إن كانوا غير مؤمنين بآخرة يعودون إليها؛ ولا يعلمون متى يعودون؛ فليأخذوا الدنيا مقياساً؛ ولينظروا في رقعة الأرض؛ وينظروا ماذا حدث للمكذبين بالرسل، إنهم سيجدون أن الهلاك والعذاب قد حاقا بكل مكذب.
ولو أنهم ساروا في الأرض ونظروا نظرة اعتبار، لرأوا قرى من نحتوا بيوتهم في الجبال وقد عصف بها الحق سبحانه، ولرأوا أن الحق قد صب سوط العذاب على قوم عاد وآل فرعون، فإن لم تخف من الآخرة؛ فعليك بالخوف من عذاب الدنيا.
وقول الحق سبحانه:

{أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .. "109"}
(سورة يوسف)


وهذا القول هو من لفتات الكونيات في القرآن، فقديماً كنا لا نعرف أن هناك غلافاً جوياً يحيط بالأرض، ولم نكن نعرف أن هذا الغلاف الجوي به الأكسوجين الذي نحتاجه للتنفس. ولم نكن نعرف أن هذا الغلاف الجوي من ضمن تمام الأرض، وأنك حين تسير على اليابسة، فالغلاف الجوي يكون فوقك؛ وبذلك فأنت تسير في الأرض؛ لأن ما فوقك من غلاف جوي هو من ملحقات الأرض.
والسير في الأرض هو للسياحة فيها، والسياحة في الأرض نوعان: سياحة اعتبار، وسياحة استثمار. ويعبر الحق سبحانه عن سياحة الاعتبار بقوله:

{أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم .. "9"}
(سورة الروم)


 

قديم 25-10-2011, 12:48 PM   #784
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 110

(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "110")
وكلمة:

{حتى "110"}
(سورة يوسف)


تدل على أن هناك غاية، ومادامت هناك غاية فلابد أن بداية ما قد سبقتها، ونقول: "أكلت السمكة حتى رأسها". أي: أن البداية كانت أكل السمكة، والنهاية هي رأسها. والبداية التي تسبق:

{استيأس الرسل .. "110"}
(سورة يوسف)


هي قوله الحق:

{وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم .. "109"}
(سورة يوسف)


ومادام الحق سبحانه قد أرسلهم؛ فهم قد ضمنوا النصر، ولكن النصر أبطأ؛ فاستيأس الرسل، وكان هذا الإبطاء مقصوداً من الحق سبحانه؛ لأنه يريد أن يحمل المؤمنين مهمة هداية حركة الحياة في الأرض إلى أن تقوم الساعة، فيجب ألا يضطلع بها إلا المختبر اختباراً دقيقاً. ولابد أن يمر الرسول ـ الأسوة لمن معه ـ ومن يتبعه من بعد بمحن كثيرة، ومن صبر على المحن وخرج منها ناجحاً؛ فهو أهل لأن يحمل المهمة.
وهو الحق سبحانه القائل:

{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله .. "214"}
(سورة البقرة)


إذن: لابد من اختبار يمحص. ونحن في حركة حياتنا نؤهل التلميذ دراسياً؛ ليتقدم إلى شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، ثم نؤهله لنيل شهادة إتمام الدراسة الإعدادية؛ ثم نؤهله لنيل شهادة إتمام الدراسة الثانوية، ثم يلتحق بالجامعة، ويتم اختباره سنوياً إلى أن يتخرج من الجامعة. وإن أراد استكمال دراسته لنيل الماجستير والدكتوراه، فهو يبذل المزيد من الجهد.
وكل تلك الرحلة من أجل أن يذهب لتولي مسئولية العمل الذي يسند إليه وهو جدير بها، فما بالنا بعملية بعث رسول إلى قوم ما؟
لابد إذن من تمحيصه هو ومن يتبعونه، وكي لا يبقى على العهد إلا الموقن تمام اليقين بأن ما يفوته من خير الدنيا؛ سيجد خيراً افضل منه عند الله في الآخرة.
ولقائل أن يقول: وهل من المعقول أن يستيئس الرسل؟
نقول: فلنفهم أولاً معنى "استيأس"؛ وهناك فرق بين "يأس" و"استيأس"، فـ "يأس" تعني قطع الأمل من شيء. و"استيأس" تعني: أنه يلح على قطع الأمل.
أي: أن الأمل لم ينقطع بعد. ومن قطع الأمل هو من ليس له منفذ إلى الرجاء، ولا ينقطع أمل إنسان إلا إن كان مؤمناً بأسبابه المعزولة عن مسببه الأعلى.
لكن إذا كان الله قد أعطى له الأسباب، ثم انتهت الأسباب، ولم تصل به إلى نتيجة، فالمؤمن بالله هو من يقول: أنا لا تهمني الأسباب؛ لأن معي المسبب. ولذلك يقول الحق سبحانه:

{ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين "87"}
(سورة يوسف)


ولذلك نجد أن أعلى نسبة انتحار إنما توجد بين الملاحدة الكافرين؛ لأنهم لا يملكون رصيداً إيمانياً، يجعلهم يؤمنون أن لهم رباً فوق كل الأسباب؛ وقادر على أن يخرق النواميس.
أما المؤمن فهو يأوي إلى ركن شديد، هو قدرة الحق سبحانه مسبب كل الأسباب، والقادر على أن يخرق الأسباب. ولماذا يستيئس الرسل؟
لأن حرصهم على تعجل النصر دفع البعض منهم أن يسأل مثلما سأل المؤمنون:

{متى نصر الله .. "214"}
(سورة البقرة)


فضلاً عن ظنهم أنهم كذبوا، والحق سبحانه يقول هنا:

{وظنوا أنهم قد كذبوا .. "110"}
(سورة يوسف)


 

قديم 25-10-2011, 12:48 PM   #785
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة يوسف - الآية: 111

(لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "111")
ونلحظ أن هذه الآية جاءت في سورة يوسف؛ أي: إن أردت قصة يوسف وإخوته؛ ففي السورة كل القصة بمراميها وأهدافها وعظتها، أو المهم في كل قصص الأنبياء.
يقول الحق سبحانه:

{وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك .. "120"}
(سورة هود)


ونعلم أن معنى القصص مأخوذ من قص الأثر؛ وتتبعه بلا زيادة أو نقصان. ويقول الحق سبحانه هنا:

{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب .. "111"}
(سورة يوسف)


وفي أول السورة قال الحق:

{إن كنتم للرؤيا تعبرون "43"}
(سورة يوسف)


ونعرف أن مادة "العين" و"الباء" و"الراء" تفيد التعدية من جلي إلى خفي. والعبرة في هذه القصة ـ قصة يوسف ـ وكذلك قصص القرآن كلها؛ نأخذ منها عبرة من الجلي فيها إلى الخفي الذي نواجهه؛ فلا نفعل الأمور السيئة؛ ونقدم على الأمور الطيبة.
وحين نقبل على العمل الطيب الذي جاء في أي قصة قرآنية؛ وحين نبتعد عن العمل السيئ الذي جاء خبره في القصة القرآنية؛ بذلك نكون قد أحسنا الفهم عن تلك القصص.
وعلى سبيل المثال: نحن نجد الظالم في القصص القرآني؛ وفي قصة يوسف تحديداً؛ وهو ينتكس، فيأخذ الواحد منا العبرة، ويبني حياته على ألا يظلم أحداً. وحين يرى الإنسان منا المظلوم وهو ينتصر؛ فهو لا يحزن إن تعرض لظلم؛ لأنه أخذ العبرة لما ينتصر؛ فهو لا يحزن إن تعرض لظلم؛ لأنه أخذ العبرة لما ينتظره من نصر بإذن الله.
ونحن نقول: "عبر النهر" أي: انتقل من شاطئ إلى شاطئ. وكذلك قولنا "تعبر الرؤيا" أي: تؤولها؛ لأن الرؤيا تأتي رمزية؛ وتعبرها أي: تشرحها وتنقلها من خفي إلى جلي؛ وإيضاح المطلوب منها. ونصف الدمعة بأنها "عبرة"؛ والحزن المدفون في النفس البشرية تدل عليه الدمعة.
وهنا قال الحق سبحانه:

{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب .. "111"}
(سورة يوسف)


والعبرة قد تمر، ولكن لا يلتفت إليها إلا العاقل الذي يمحص الأشياء، أما الذي يمر عليها مرور الكرام؛ فهو لا يستفيد منها.
و"أولو الألباب" هم أصحاب العقول الراجحة، و"الألباب" جمع "لب". واللب: هو جوهر الشيء المطلوب؛ والقشر موجود لصيانة اللب، وسمى العقل "لباً" لأنه ينثر القشور بعيداً، ويعطينا جوهر الأشياء وخيرها.
ويتابع الحق سبحانه:

{ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه .. "111"}
(سورة يوسف)


أي: أن ما جاء على لسانك يا محمد وأنزله الحق وحياً عليك ليس حديث كذبٍ متعمد؛ بل هو الحق الذي يطابق الكتب التي سبقته.
ويقال: "بين يديك" أي: سبقك؛ فإذا كنت تسير في طابور؛ فمن أمامك يقال له "بين يديك"، ومن وراءك يقال له "من خلفك".
والقرآن قد جاء ليصدق الكتب التي سبقته؛ وليست هي التي تصدق عليه؛ لأنه الكتاب المهيمن، والحق سبحانه هو القائل:

{وأنزل إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه .. "48"}
(سورة المائدة)


 

قديم 25-10-2011, 12:50 PM   #786
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 1

(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا "1")
ختم الحق سبحانه سورة الإسراء بالحمد، وبدأ سورة الكهف بالحمد، والحمد لله دائماً هو الشعار الذي أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خير الكلمات: "سبحان الله والحمد" سبحان الله بدئت بها سورة الإسراء، والحمد لله بدئت بها سورة الكهف. سبحان الله تنزيه لذاته سبحانه أن يكون له شريك، لا في الذات، ولا في الأفعال، ولا في الصفات، والحمد لله كذلك تكبرة للذات، وبعد ذلك جاء العطاء من الذات فقلنا: الحمد لله، فسبحان الله تنزيه، والحمد لله شكر على العطاء.
والحمد يشترك معه في المعنى العام: ثناء وشكر ومدح، إلا أن هذه الألفاظ وإن تقاربت في المعنى العام فلكل منها معناه الخاص، وكل هذه الألفاظ فيها ثناء، إلا أن الشكر يكون من منعم عليه بنعمة خاصة به، كأن يسدي لك إنسان جميلاً لك وحدك، فتشكره عليه.
أما الحمد فيكون على نعمة عامة لك ولغيرك، فرقعة الحمد أوسع من رقعة الشكر، أما المدح فقد تمدح ما لا يعطيك شيئاً، كأن تمدح مثلاً الشكل الجميل لمجرد أنه أعجبك.
فقول الحق: (الحمد لله) بالألف واللام الدالة على الحصر، فالمراد الحمد المطلق الكامل لله، الحمد المستوعب لكل شيء، حتى إن حمدك لأي إنسان قدم لك جميلاً فهو ـ إذا سلسلته ـ حمد لله تعالى الذي أعان هذا الإنسان على أن يحسن إليك، فالجميل جاء من حركته، وحركته موهوبة له من خالقه، والنعمة التي أمدك بها موهبة من خالقه تعالى، وهكذا إذا سلسلت الحمد لأي إنسان في الدنيا تجده يصل إلى المنعم الأول سبحانه وتعالى.
وكلمة (الحمد لله) هذه هي الصيغة التي علمنا الله أن نحمده بها، وإلا فلو ترك لنا حرية التعبير عن الحمد ولم يحدد لنا صيغة نحمده ونشكره بها لاختلف الخلق في الحمد حسب قدراتهم وتمكنهم من الأداء وحسب قدرتهم على استيعاب النعم، ولوجدنا البليغ صاحب القدرة الأدائية أفصح في العيي والأمي. فتحمل الله عنا جميعاً هذه الصيغة، وجعلها متساوية للجميع، الكل يقول (الحمد لله) البليغ يقولها، والعيي يقولها، والأمي يقولها.

<لذلك يقول صلى الله عليه وسلم وهو يحمد الله ويثني عليه: "سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك">

فإن أردنا أن نحصي الثناء عليك فلن نستطيع؛ لأن الثناء عليك لا يعرف مداه إلا أنت، ولا يحصيه غيرك، ولا نملك إلا أن نقول ما علمتنا من حمدك: الحمد لله.
إذن: فاستواء الناس جميعاً في الحمد لله نعمة كبرى في ذاتها تستحق الحمد، فنقول: الحمد لله على ما علمنا من الحمد لله، والحمد الأول أيضاً نعمة، وبذلك نقول: الحمد لله على ما علمنا من الحمد لله بالحمد لله.
وهكذا، لو تتبعت الحمد لوجدته سلسلة لا تنتهي، حمد على حمد على حمد على حمد، فيظل الله محموداً دائماً، يظل العبد حامداً إلى ما لا نهاية.
والحمد لله استهل بها الحق سبحانه خمس سور من القرآن:

{الحمد لله رب العالمين "2"}
(سورة الفاتحة)


{الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون "1"}
(سورة الأنعام)


{الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب .. "1"}
(سورة الكهف)


{الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة .. "1"}
(سورة سبأ)


{الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولى أجنحةٍ .. "1"}
(سورة فاطر)


ولكن، لكل حمد في كل سورة حيثية خاصة، فالحمد في الأولى لأن الله رب العالمين، ورب يعني الخالق والمتولي للتربية، خلق من عدم، وأمد من عدم، وتولى تربية عباده، فهو رب لكل العالمين؛ لذلك يجب أن نحمد الله على أنه هو الرب الذي خلق العالمين، وأمدهم بفضله.
وفي الثانية: نحمده سبحانه الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وهذه آيات من آيات الله ونعم من نعمه، فالسماوات والأرض فيها قيام البشر كله بما يمد حياتهم بالقوت، ويستبقي نوعهم بالتكاثر.
والظلمات والنور من نعم الله، وهما متكاملان لا متضادان، فلظلمة مهمة، كما أن للنور مهمة، الظلمة للسكون والراحة، والنور للسعي والحركة، ولا يمكن لساع أن يسعى ويجد في عمل، إلا إذا ارتاح وسكن وجدد نشاطه، فتقابل الظلمة والنور للتكامل، فالحياة لا تستقيم في ظلام دائم، كما أنها لا تستقيم في نور دائم.
وفي السورة الثالثة من السور التي افتتحها الحق سبحانه بـ(الحمد لله) ـ والتي نحن بصددها ـ أراد الحق سبحانه أن يوضح أنه لم يرب الخلق تربية مادية فقط، بل هناك تربية أعلى من المادة تربية روحية قيمية، فذكر هنا الحيثية الحقيقية لخلق الإنسان، فهو لم يخلق لمادته فحسب، ولكن لرسالة أسمى، خلق ليعرف القيم والرب والدين، وأن يعمل لحياة أخرى غير هذه الحياة المادية، فقال تعالى:

{الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب .. "1"}
(سورة الكهف)


 

قديم 25-10-2011, 12:50 PM   #787
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 2

(قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً "2")
قوله: (قيماً) أي: القرآن، وقالوا: قيم يعني مستقيم، كأنها تأكيد لقوله:

{ولم يجعل له عوجا "1"}
(سورة الكهف)


لأن الاستقامة والعود قد لا يدرك بالعين المجردة وتحتاج إلى ميزان دقيق يكشف لك مدى العود أو الاستقامة، وهذه الظاهرة تراها في الطرق المستوية المرصوفة، والتي تراها للوهلة الأولى مستقيمة تماماً ومستوية، فإذا ما نزل المطر فضح هذا الاستواء وأظهر ما فيه من عيوب؛ لذلك أكد الاستقامة بقوله:

{قيماً "2"}
(سورة الكهف)


ومن معاني القيم: المهيمن على ما دونه، كما تقول: فلان قيم على فلان أي: مهيمن عليه وقائم على أمره. فالقرآن ـ إذن ـ لاعوج فيه، وهو أيضاً مهيمن على الكتب السابقة وله الوصاية عليها كما قال تعالى:

{وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه .. "48" }
(سورة المائدة)


ومنه قوله تعالى:

{فأقم وجهك للدين القيم "43"}
(سورة الروم)


أي: المهيمن على الأديان السابقة. ثم يقول تعالى:

{لينذر بأساً شديداً من لدنه "2"}
(سورة الكهف)


وهذه هي العلة في الإنزال.
والإنذار: التخويف بشر قادم، والمنذر هنا هم الكفار؛ لأنه لا ينذر بالعذاب الشديد إلا الكفار، لكن سياق الآية لم يذكرها ليترك مجالاً للملكة العربية وللذهن أن يعمل، وأن يستقبل القرآن بفكر متفتح وعقل يستنبط، وليس بالضرورة أن يعطينا القرآن كل شيء هكذا على طرف الثمام أي قريباً سهل التناول.
ثم ضخم العذاب بأنه شديد، ليس ذلك وفقط بل (من لدنا)، والعذاب يتناسب مع المعذب وقوته، فإن كان العذاب من الله فلا طاقة لأحد به، ولا مهرب لأحد منه.
ثم يقول تعالى:

{ويبشر المؤمنين "2"}
(سورة الكهف)


والبشارة تكون بالخير المنتظر في المستقبل، وتلاحظ أنه في البشارة ذكر المبشر (المؤمنين) ولم يسكت عنهم كما سكت عن الكفار في الإنذار، فهذا من رحمة الله بنا حتى في الأسلوب، والبشارة هنا بالأجر الحسن؛ لأنه أجر من الكريم المتفضل سبحانه؛


 

قديم 25-10-2011, 12:50 PM   #788
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 3

(ماكثين فيه أبدا "3")
أي: باقين فيه بقاءً أبدياً، وكان لابد أن يوصف أجر الله الحسن بأنه دائم، وأنهم ماكثون فيه أبداً؛ لأن هناك فرقاً بين أجر الناس للناس في الدنيا، وأجر المنعم سبحانه في الآخرة، لقد ألف الناس الأجر على أنه جعل على عمل، فعلى قدر ما تعمل يكون أجرك، فإن لم تعمل فلا أجر لك.
أما أجر الله لعباده في الآخرة فهو أجر عظيم دائم، فإن ظلمك الناس في تقدير أجرك في الدنيا، فالله تعالى عادل لا يظلم يعطيك بسخاء؛ لأنه المنصف المتفضل، وإن انقطع الأجر في الدنيا فإنه دائم في الآخرة؛ لأنك مهما أخذت من نعيم الدنيا فهو نعيم زائل، إما أن تتركه، وإما أن يتركك.


 

قديم 25-10-2011, 12:51 PM   #789
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 4

(وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا"4")
والإنذار هنا غير الإنذار الأول، لقد كرر الإنذار ليكون خاصاً بقمة المعاصي، إنذار للذين قالوا اتخذ الله ولداً، أما الإنذار الأول فهو لمطلق الكفر والمعصية، وأما الثاني فهو لإعادة الخاص مع العام، كأن لهؤلاء الذين نسبوا لله الولد عذاباً يناسب ما وقعوا فيه من جرأة على الحق سبحانه وتعالى.
وقد أوضح القرآن فظاعة هذه المعصية في قوله:

{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا "88" لقد جئتم شيئا إدا "89" تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا "90" أن دعوا للرحمن ولدا "91" وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً "92"}
(سورة مريم)


 

قديم 25-10-2011, 12:51 PM   #790
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 5

(ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً "5")
فهذه القضية التي ادعوها، وهذه المقولة التي كذبوها على الله من أين أتوا بها؟ الحقيقة أنهم ادعوها ولا علم لهم بها، والعلم إما ذاتي، وإما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم وهم لا يملكون شيئاً من هذا ويقولون بأمر لا واقع له؛ لذلك يقول تعالى:

{ما لهم به من علمٍ .. "5"}
(سورة الكهف)


وعدم العلم ينشأ من أمرين: إما أن الشيء موجود وأنت لا تعلم به؛ لأنه مستور عنك، وإما لأن الشيء لا وجود له أصلاً، وأنت لا تعلم أنه غير موجود؛ لأن غير الموجود لا يمكن أن يتعلق به علم.
وقوله تعالى:

{كبرت كلمة تخرج من أفواههم .. "5"}
(سورة الكهف)


(كبرت) أي: عظمت وتناهت في الإثم؛ لأنهم تناولوا مسألة فظيعة، كبرت أن تخرج هذه الكلمة من أفواههم.
(كلمة) الكلمة قول مفرد ليس له نسبة كأن تقول: محمد أو ذهب أو في، فالاسم والفعل والحرب كل منها كلمة مستقلة، والكلمة تطلق ويراد بها الكلام، فالآية عبرت عن قولهم:

{اتخذ الله ولداً "4"}
(سورة الكهف)


بأنها كلمة، كما تقول: ألقى فلان كلمة. والواقع أنه ألقى خطبة. ومن ذلك قوله تعالى:

{حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون "99" لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها .. "100"}
(سورة المؤمنون)


فسمى قولهم هذا (كلمة). ومنها قوله تعالى:

{قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله .. "64"}
(سورة آل عمران)


فسمى كل هذا الكلام كلمة. وقوله تعالى:

{تخرج من أفواههم .. "5"}
(سورة الكهف)


أي: أن هذه الكلمة كبرت لأنها خرجت منهم وقالوها فعلاً، ولو أنهم كتموها في نفوسهم ولم يجهروا بها واستعظموا أن تخرج منهم لكانوا في عداد المؤمنين،

<بدليل أن وفد اليمن حينما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله تدور بأنفسنا أفكار عن الله، نتعاظم أن نقولها ـ أي: لا نقدر على النطق بها فقال صلى الله عليه وسلم: "ذاك صريح الإيمان">
إذن: المعيب عليهم أنهم أخرجوا هذه المسألة من أفواههم، وهذا منتهى القبح، فالأفكار والخواطر مهما بلغت من السوء وكتمها صاحبها لا يترتب عليها شيء، وكأنها لم تكن. ثم يقول تعالى:

{إن يقولون إلا كذباً .. "5"}
(سورة الكهف)


أي: ما يقولون إلا كذباً، والكذب ألا يطابق الكلام واقع الأمر، فالعاقل قبل أن يتكلم يدير الكلام على ذهنه ويعرضه على تفكيره، فتأتي النسبة في ذهنه وينطقها لسانه، وهذه النسبة قبل أن يفكر فيها وينطق بها لها واقع.
فمثلاً حين تقول: محمد مجتهد. قبل أن تنطق بها جال في خاطرك اجتهاد محمد، وهذه تسمى نسبة ذهنية، فإن قلت: محمد مجتهد فعلاً، فإن النسبة الذهنية الكلامية أصبحت نسبة واقعية، والخبر بها خبر صادق. فإن كانت النسبة الكلامية لا واقع لها كأن لا يوجد شخص اسمه محمد أو وجد ولكنه غير مجتهد، فالخبر هنا كاذب. وهذا هو الأسلوب الخبري الذي يحتمل الصدق أو الكذب.
وهناك الأسلوب الخبري الذي لا يحتمل الصدق، ولا يحتمل الكذب؛ لأن النسبة الواقعية فيه متأخرة عن النسبة الكلامية كما لو قلت: ذاكر دروسك. فواقع هذه العبارة سيحدث في المستقبل؛ لذلك لا يوصف الإنشاء بالصدق أو بالكذب.
والتدقيق العلمي يقول: الصدق الحقيقي أن تطابق النسبة الكلامية الواقع والاعتقاد، فإن اعتقدت شيئاً ولم يحدث، فالنسبة كاذبة وأنت غير كاذب؛ لأن هناك فرق بين الخبر والمخبر. وهذه المسألة واضحة في قوله تعالى:

{إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون "1"}
(سورة المنافقون)


فقولهم: إنك لرسول الله نسبة صادقة؛ لأنها تطابق الواقع، إنما هل وافقت معتقدهم؟ لم توافق معتقدهم؛ لذلك شهد الله أنهم كاذبون؛ لأن كلامهم لم يوافق واقعهم الاعتقادي. أو: لأن التكذيب لم يرد به قولهم: إنك لرسول الله وإنما يراد به قولهم: نشهد، فالتكذيب للشهادة لأن الشهادة أن يواطئ القلب اللسان، وهم شهدوا بألسنتهم، ولم تؤمن به قلوبهم.
وهنا لما قالوا (اتخذ الله ولداً)، فهذه نسبة كلامية ليس لها واقع، فهي نسبة كاذبة، فقال تعالى:

{إن يقولون إلا كذباً "5"}
(سورة الكهف)


 

قديم 25-10-2011, 12:51 PM   #791
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 6

(فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً "6")
ومعنى:

{باخع نفسك .. "6"}
(سورة الكهف)


أي: تجهد نفسك في دعوة قومك إجهاداً يهلكها، وفي الآية إشفاق على رسول الله؛ لأنه حمل نفسه في سبيل هداية قومه ما لا يحمله الله ويلزم ما لا يلزمه، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو قومه فيعرضوا ويتولوا عنه فيشيع آثارهم بالأسف والحزن، كما يسافر عنك حبيب أو عزيز، فتسير على أثره تملؤك مرارة الأسى والفراق، فكأن رسول الله لحبه لقومه وحرصه على هدايتهم يكاد يهلك نفسه (أسفاً).
والأسف: الحزن العميق، ومنه قول يعقوب عليه السلام:

{يا أسفي على يوسف .. "84"}
(سورة يوسف)


وقوله تعالى عن موسى لما رجع إلى قومه غاضباً من عبادتهم العجل:

{فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً .. "86"}
(سورة طه)


 

قديم 25-10-2011, 12:51 PM   #792
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 7

(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً"7")
وكأن هذه الآية تعقيب على سابقتها، وإشارة لرسول الله بأن الدنيا قصيرة، فالمسألة ـ إذن ـ قريبة فلا داعي لأن يهلك نفسه حزناً على عناد قومه، فالدنيا لكل إنسان مدة بقائه بها وعيشه فيها، ولا دخل له بعمرها الحقيقي؛ لأن حياة غيره لا تعود عليه بشيء، وعلى هذا فما أقصر الدنيا، وما أسرع انتهائها، ثم يرجعون إلينا فنجازيهم بما عملوا، فلا تحزن ولا تيأس، ولا تكدر نفسك، لأنهم لم يؤمنوا.
فقوله تعالى:

{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها .. "7"}
(سورة الكهف)


أي: كل ما على الأرض هو زينة، والزينة هي الزخرف الذي يبرق أمام الأعين فيغريها، ثم يندثر ويتلاشى، وقد أوضح لنا القرآن هذه المسألة في قوله تعالى:

{واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح .. "45"}
(سورة الكهف)


فإياك أن يأخذك هذا الزخرف؛ لأنه زهر سرعان ما يذبل ويصير حطاماً. وقوله:

{لنبلوهم .. "7"}
(سورة الكهف)


البلاء يعني: الاختبار والامتحان. وليس المصيبة كما يظن البعض؛ لأن المصيبة تكون على من يخفق في الاختبار، والابتلاء لهم من الله مع علمه تعالى بأمرهم وما سيحدث منهم مسبقاً، ولكن لنعرف معرفة الواقع وشهادة الواقع.
وما أشبه هذه المسألة بالتلميذ الذي يتنبأ له أستاذه بالفشل لما يراه من مقدمات يعرفها عن عقليته وعن اجتهاده والتفاته يحكم من خلالها، فإذا ما دخل التلميذ الاختبار فشل فيه وأخفق، لكن هل يعني هذا أن نلغي الاختبارات في مدارسنا اعتماداً على خبرة المعلم بتلاميذه؟ لابد من الاختبار ليقوم شاهداً واقعياً على من يخفق. إذن معنى:

{لنبلوهم .. "7"}
(سورة الكهف)



 

قديم 25-10-2011, 12:52 PM   #793
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 8

(وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً "8")
الصعيد: هو طبقة التراب التي تظهر على وجه الأرض، ولا نبات فيها و(جرزاً) هي الأرض الخالية من النبات، وقد يكون بها نبات، إلا أن الجراد أكله أو جاءته جائحة أهلكته، يقول تعالى:

{أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون "27"}
(سورة السجدة)



 

قديم 25-10-2011, 12:52 PM   #794
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 9

(أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً"9")
وقد وردت قصة أهل الكهف نتيجة لسؤال كفار مكة الذين أرادوا أن يحرجوا رسول الله، ويروي أنهم أرسلوا رجلين منهم هما: النضر ابن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أهل الكتاب في المدينة ليسألوهم عن صدق رسول الله، وما خبره عندهم، وما ورد عنه في كتبهم.
وقد كان يهود المدينة قبل البعثة يتوعدون الأوس والخزرج عباد الأصنام ببعثة النبي الجديد، يقولون: لقد أطل زمان نبي نتبعه ونقتلكم به قتل عاد وإرم؛ لذلك رغب أهل مكة في سؤال يهود المدينة عن صدق رسول اللهن فلما ذهب الرجلان إلى يهود المدينة قالوا: إن أردتم معرفة صدق محمد فاسألوه عن ثلاثة أشياء، فإن أجابكم فهو صادق، اسألوه: ما قصة القوم الذين ذهبوا في الدهر مذاهب عجيبة؟ وما قصة الرجل الطواف الذي طاف الأرض شرقاً وغرباً؟ وما الروح؟
وفعلاً ذهب الرجلان إلى رسول الله، وسألاه هذه الأسئلة فقال صلى الله عليه وسلم: "أخبركم بما سألتم عنه غداً" وجاء غد وبعد غد ومرت خمسة عشر يوماً دون أن يوحي لرسول الله شيء من أمر هذه الأسئلة، فشق ذلك على رسول الله وكبر في نفسه أن يعطي وعداً ولا ينجزه.
وقالوا: إن سبب إبطاء الوحي على رسول الله في هذه المسألة أنه قال: "أخبركم بما سألتم عنه غداً" ولم يقل: إن شاء الله؛ ولذلك خاطبه ربه تبارك وتعالى بقوله:

{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا "23" إلا أن يشاء الله .. "24"}
(سورة الكهف)


وهذه الآية في حد ذاتها دليل على صدق رسول الله، وعلى أدبه، وعلى أمانته في البلاغ عن ربه عز وجل، وقد أراد الحق سبحانه أن يكون هذا الدرس في ذات الرسول ليكون نموذجاً لغيره، وحتى لا يستنكف أحد إذا استدرك عليه شيء، فهاهو محمد رسول الله يستدرك عليه ربه ويعدل له.
فكأن قوله تعالى:

{ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا "23" إلا أن يشاء الله .. "24"}
(سورة الكهف)


تربية للأمة في شخصية رسولها حتى لا يستنكف المربى من توجيه المربي، مادام الهدف هو الوصول إلى الحقيقة، فإياكم أن ترفضوا استدراك رأي على رأي حتى وإن كان من الخلق، فما بالك إن كان الاستدراك من الخالق سبحانه، والتعديل والتربية من ناحيته؟
وإليك مثال لأدب الاستدراك ومشروعية استئناف الحكم، لقد ورد هذا الدرس في قوله تعالى:

{وداود وسليمان إذا يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين "78"}
(سورة الأنبياء)


فكان حكم داود عليه السلام في هذه المسألة أن يأخذ صاحب الزرع الغنم التي أكلت زرعه، فلما بلغ سليمان هذه الحكومة استدرك عليها قائلاً: بل يأخذ صاحب الزرع الغنم ينتفع بها، ويأخذ صاحب الغنم الزرع يصلحه حتى يعود إلى ما كان عليه، ثم تعود الغنم إلى صاحبها، والزرع إلى صاحبه.
لذلك قال تعالى بعدها:

{ففهمناها سليمان .. "79"}
(سورة الأنبياء)


ولم يتهم داود بالخطأ، بل قال:

{وكلاً آتينا حكماً وعلماً .. "79"}
(سورة الأنبياء)


ونلحظ هنا أن الاستدراك لم يأت من الأب للابن، فيكون أمراً طبيعياً، بل جاء من الابن للأب ليؤكد على أنه لا غضاضة أن يستدرك الصغير على الكبير، أو الابن على الأب، فالهدف هو الوصول إلى الحق والصواب، وبني الله سليمان في هذه المسألة لم يغض الطرف عن هذا القصور في حكومة أبيه، بل جهر بالحق ونطق به؛ لأن الحق أعز من أي صلة حتى لو كانت صلة الأبوة.


 

قديم 25-10-2011, 12:52 PM   #795
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 10

(إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً "10")
(أوى) من المأوى، وهو المكان الذي يأوي الهي الإنسان ويلجأ إليه (الفتية) جمع فتى، وهو الشاب في مقتبل العمر، والشباب هم معقد الآمال في حمل الأعباء والنهوض بكل أمر صعب، وهؤلاء شباب مؤمن وقفوا يحملون راية عقيدتهم وإيمانهم أمام جبروت الكفر وطغيان الشرك، فالفتاء فيهم فتاء إيمان وعقيدة.
لذلك لجأوا إلى الكهف مخلفين وراءهم أموالهم وأهلهم وكل ما يملكون، وفروا بدينهم إلى هذا المكان الضيق الخالي من أي مقوم من مقومات الحياة؛ لأنهم لا يشغلون أنفسهم بهذه المقومات، بل يعلمون أن لهم رباً سيتولى أمرهم؛ لذلك ضرعوا إليه قائلين:

{ربنا آتنا من لدنك رحمة .. "10"}
(سورة الكهف)


أي: رحمة من عندك، أنت ترحم بها ما نحن فيه من انقطاع عن كل مقومات الحياة، فالرحمة في فجوة الجبل لن تكون من البشر، الرحمن هنا لا تكون إلا من الله:

{وهيئ لنا من أمرنا رشداً .. "10"}
(سورة الكهف)


أي: يسر لنا طريقاً سديداً للخير وللحق.
إن هؤلاء الفتية المؤمنين حينما ألجأهم الكفر إلى ضيق الكهف تضرعوا واتجهوا إلى ربهم، فهو وحده القادر على أن يوسع عليهم هذا الضيق، كما قال تعالى:

{فلولا إذا جاءهم بأسنا تضرعوا .. "43"}
(سورة الأنعام)



 

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:52 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا