المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 28-10-2011, 08:28 AM   #886
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 102

(أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلاً"102")
قوله تعالى:

{أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء .."102"}
(سورة الكهف)


يعني: أعموا عن الحق فظنوا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء؟ وسبق أن تحدثنا عن كلمة (عبادي) وقلنا: إنهم المؤمنون بي المحبون لي، الذين اختاروا مرادات الله على اختيارات نفوسهم، وفرقنا بين عبيد وعباد.
والكلام هنا عن الذين كفروا الذين اتخذوا عباد الله المقربين إليه المحبين له أولياء من دون الله، كما قال تعالى:

{لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون .."172"}
(سورة النساء)


فكيف تتخذونهم أولياء من دوني وتعاندونني بهم وهم أحبتي؟ يقول تعالى:

{وقالت النصارى المسيح ابن الله .."30"}
(سورة التوبة)


ومنهم من قال: الملائكة بنات الله، فكيف تتخذونهم أولياء من دون الله وهم لا يستنكفون أن يكونوا عباداً لله، ويرون شرفهم وعزتهم في عبوديتهم له سبحانه، فإذا بكم تتخذونهم أولياء من دوني، ويا ليتكم جعلتم ذلك في أعدائي، فهذا منهم تغفيل حتى في اتخاذ الشركاء؛ لذلك كان جزاءهم أن نعد لهم جهنم:

{إنا اعتدنا جهنم للكافرين نزلاً "102"}
(سورة الكهف)


 

قديم 28-10-2011, 08:28 AM   #887
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 103

(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً "103")
(قل) أي: يا محمد

{هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً "102"}
(سورة الكهف)


الأخسر: اسم تفضيل من خاسر، فأخسر يعني أكثر خسارة (أعمالاً) أي: خسارتهم بسبب أعمالهم. وهؤلاء الأخسرين هم:


 

قديم 28-10-2011, 08:29 AM   #888
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 104

(الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً "104")
وقد ضل سعي هؤلاء؛ لأنهم يفعلون الشر، ويظنون أنه خير فهم ضالون من حيث يظنون الهداية. ومن ذلك ما نراه من أعمال الكفار حيث يبنون المستشفيات والمدارس وجمعيات الخير والبر، وينادون بالمساواة وغيرها من القيم الطيبة، ويحسبون بذلك أنهم أحسنوا صنعاً وقدموا خيراً، لكن هل أعمالهم هذه كانت لله؟
الواقع أنهم يعملونها للناس وللشهرة وللتاريخ، فليأخذوا أجورهم من الناس ومن التاريخ تعظيماً وتكريماً وتخليداً لذكراهم.
ومعنى:

{ضل سعيهم .. "104"}
(سورة الكهف)


أي: بطل وذهب وكأنه لا شيء، مثل السراب كما صورهم الحق سبحانه في قوله:

{والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا .. "39"}
(سورة النور)


وهؤلاء لا يبخسهم الله حقوقهم، ولا يمنعهم الأجر؛ لأنهم أحسنوا الأسباب، لكن هذا الجزاء يكون في الدنيا؛ لأنهم لما عملوا وأحسنوا الأسباب عملوا للدنيا، ولا نصيب لهم في جزاء الآخرة. وقد أوضح الحق سبحانه وتعالى هذه المسألة في قوله تعالى:

{من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب "20"}
(سورة الشورى)


ومع ذلك يبقى للكافر حقه، فلا يجوز لأحد من المؤمنين أن يظلمه أو يعتدي عليه، وفي حديث سيدنا جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت أن محدثاً حدث عن رسول الله بحديث أحببت ألا أموت، أو يموت هو حتى أسمعه منه، فسألت عنه فقيل: إنه ذهب إلى الشام، قال: فاشتريت ناقة ورحلتها، وسرت شهراً إلى أن وصلت إلى الشام، فسألت عنه فقيل: إنه عبد الله بن أنيس، فلما ذهبت قال له خادمه: إن جابر بن عبد الله بالباب، قال جابر: فخرج ابن أنيس وقد وطئ ثيابه من سرعته. قال عبد الله: واعتنقا.

<قال جابر: حدثت أنك حدثت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينادي يوم القيامة: يا ملائكتي، أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وله عند أحد من أهل النار حق حتى أقصه منه، حتى اللطمة">

فانظر إلى دقة الميزان وعدالة السماء التي تراعي حق الكافر، فتقتص له قبل أن يدخل النار، حتى ولو كان ظالمه مؤمناً. وفي قوله تعالى:

{ضل سعيهم في الحياة الدنيا .. "104"}
(سورة الكهف)


جاءت كلمة الضلال في القرآن الكريم في عدة استعمالات يحددها السياق الذي وردت فيه. فقد يأتي الضلال بمعنى الكفر، وهو قمة الضلال وقمة المعاصي، كما جاء في قول الحق تبارك وتعالى:

{أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل "108"}
(سورة البقرة)


ويطلق الضلال، ويراد به المعصية حتى من المؤمن، كما جاء في قوله تعالى:

{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبيناً "36"}
(سورة الأحزاب)


ويطلق الضلال، ويراد به أن يغيب في الأرض، كما في قوله تعالى:

{أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديدٍ .. "10"}
(سورة السجدة)


يعني: غبنا فيها واختفينا. ويطلق الضلال ويراد به النسيان، كما في قوله تعالى:

{أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .. "282"}
(سورة البقرة)


ويأتي الضلال بمعنى الغفلة التي تصيب الإنسان فيقع في الذنب دون قصد. كما جاء في قصة موسى وفرعون حينما وكز موسى الرجل فقضى عليه، فلما كلمه فرعون قال:

{فعلتها إذاً وأنا من الضالين "20"}
(سورة الشعراء)


أي: قتلته حال غفلة ودون قصد، ومن يعرف أن الوكزة تقتل؟ والحقيقة أن الرجل جاء مع الوكزة لا بها. ويحدث كثيراً أن واحداً تدهسه سيارة وبتشريح الجثة يتبين أنه مات بالسكتة القلبية التي صادفت حادثة السيارة.
ويأتي الضلال بمعنى: ألا تعرف تفصيل الشيء، كما في قوله تعالى:

{ووجدك ضالاً فهدى "7"}
(سورة الضحى)



 

قديم 28-10-2011, 08:29 AM   #889
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 105

(أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً "105")
{كفروا بآيات ربهم .. "105"}
(سورة الكهف)


والآيات تطلق ثلاثة إطلاقات، وقد كفروا بها جميعاً وكذبوا، كفروا بآيات الكون الدالة على قدرة الله، فلم ينظروا فيها ولم يعتبروا بها، وكفروا بآيات الأحكام والقرآن والبلاغ من رسول الله، وكذلك كفروا بآيات المعجزات التي أنزلها الله لتأييد الرسل فلم يصدقوها. إذن: كلمة:

{كفروا بآيات ربهم .. "105"}
(سورة الكهف)


هنا عامة في كل هذه الأنواع. (ولقائه) أي: وكفروا أيضاً بلقاء الله يوم القيامة، وكذبوا به، فمنهم من أنكره كلية فقال:

{أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون "82"}
(سورة المؤمنون)


ومنهم من اعترف ببعث على هواه، فقال:

{ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً "36"}
(سورة الكهف)


ومن من قال: إن البعث بالروح دون الجسد وقالوا في ذلك كلاماً طويلاً، إذن: إما ينكرون البعث، وإما يصورونه بصورة ليست هي الحقيقة. ثم يقول تعالى:

{فحبطت أعمالهم .. "105"}
(سورة الكهف)


أي: بطلت وذهب نفعها

{فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً "105"}
(سورة الكهف)


وقد اعترض المستشرقون على هذه الآية

{فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً "105"}
(سورة الكهف)


وقالوا: كيف نوفق بينها وبين الآيات التي تثبت الميزان، كما في قوله تعالى:

{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين "47"}
(سورة الأنبياء)


وقوله تعالى:

{فهو في عيشة راضية "7" وأما من خفت موازينه "8" فأمه هاوية "9" وما أدراك ما هيه "10" نار حامية "11"}
(سورة القارعة)


ونقول: إن العلماء في التوفيق بين هذه الآيات قالوا: المراد بقوله تعالى:

{فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً "105"}
(سورة الكهف)


جاءت على سبيل الاحتقار وعدم الاعتبار، فالمراد لا وزن لهم عندنا أي: لا اعتبار لهم، وهذه نستعملها الآن في نفس هذا المعنى نقول: فلان لا وزن له عندي. أي: لا قيمة له.
وبالبحث في هذه الآية وتدبرها تجد أن القرآن الكريم يقول:

{فلا نقيم لهم .. "105"}
(سورة الكهف)



 

قديم 28-10-2011, 08:29 AM   #890
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 106

(ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزواً "106")
(ذلك) أي: ما كان من إحباط أعمالهم، وعدم إقامتنا لهم وزناً ليس تجنباً منا عليهم أو ظلماً لهم، بل جزاءً لهم على كفرهم فقوله

{بما كفروا .. "106"}
(سورة الكهف)


أي: بسبب كفرهم.

{واتخذا آياتي ورسلي هزواً "106"}
(سورة الكهف)


فقد استهزءوا بآيات الله، وكلما سمعوا آية قالوا: أساطير الأولين:

{إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين "15"}
(سورة القلم)


وكذلك لم يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سخريتهم واستهزائهم، والقرآن يحكي عنهم قولهم لرسول الله:

{يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون "6"}
(سورة الحجر)


فقولهم

{نزل عليه الذكر .. "6"}
(سورة الحجر)


أي: القرآن وهم لا يؤمنون به سخرية واستهزاءً. وفي سورة "المنافقون" يقول القرآن عنهم:

{هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا .. "7"}
(سورة المنافقون)


فقولهم:

{رسول الله .. "7"}
(سورة المنافقون)


ليس إيماناً به، ولكن إما غفلة منهم عن الكذب الذي يمارسونه، وإما سخرية واستهزاءً كما لو كنت في مجلس، ورأيت أحدهم يدعي العلم ويتظاهر به فتقول: اسألوا هذا العالم.
وفي آية أخرى يقول سبحانه عن استهزائهم برسول الله:

{وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون "51"}
(سورة القلم)


 

قديم 28-10-2011, 08:30 AM   #891
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 107

(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً "107")
قوله:

{إن الذين آمنوا .. "107"}
(سورة الكهف)


سبق أن قلنا: إن الإيمان هو تصحيح الينبوع الوجداني العقدي لتصدر الأفعال مناسبة لإيمانك بمن شرع، ومن هنا كان الإيمان أولاً وشرطاً لقبول العمل، وإلا فهناك من يعمل الخير لا من منطلق إيماني بل لاعتبارات أخرى، والنية شرط لازم في قبول العمل.
لذلك يعاقب الله تعالى من يعمل لغير الله، يعاقبه بأن ينكره صاحبه ويجحده ويكرهه بسببه، بدل أن يعترف له بالجميل. ومن هنا قالوا: (اتق شر من أحسنت إليه)؛ وهذا قول صحيح لأنك حين تحسن إلى شخص تدك كبرياءه، وتكون يدك العليا عليه، فإذا ما أخذ حظاً من الحياة وأصبح ذا مكانة بين الناس فإن كان غير سوي النفس فإنه لا يحب من تفضل عليه في يوم من الأيام ودك كبرياءه؛ لذلك تراه يكره وجوده، ولا يحب أن يراه وربما دبر لك المكائد لتختفي من طريقه، وتخلي له الساحة؛ لأنك الوحيد الذي يحرجه حضورك.
لذلك، من عمل عملاً لغير الله أسلمه الله لمن عمل له، فليأخذ منه الجزاء، وإذا بالجزاء يأتي على خلاف ما تنتظر، فقد فعلت له ليكرمك فإذا به يهينك، فعلت له ليحترمك فإذا به يحقرك، فعلت له ليواليك فإذا به عدو لك؛ لذلك يقولون: العمل لله عاجل الجزاء، أما العمل لغير الله فغير مضمون العواقب، فقد يوفي لك وقد لا يوفي.
ثم أردف الحق ـ سبحانه وتعالى ـ الإيمان بالعمل الصالح؛ لأن العمل الصالح لابد له أن ينطلق من الإيمان ويصدر عنه، فقال تعالى:

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. "107"}
(سورة الكهف)


{وعملوا الصالحات .. "107"}
(سورة الكهف)


يعني: عمل الشيء الصالح، فإن كان الشيء صالحاً بنفسه فليتركه على صلاحه لا يفسده، أو يزيده صلاحاً، كبئر الماء الذي يشرب منه الناس، فإما أن تتركه على حال صلاحه لا تلقي فيه ما يسده أو يفسده فتخرج الصالح عن صلاحه، وإما أن تزيده صلاحاً فتضيف إليه ما يحسن من أدائه ويزيد من كفاءته كأن تبني حوله سوراً يحميه أو غطاءً يحفظه، أو آلة رفع تيسر على الناس استعماله.
والفرد حين يعمل الصالحات تكون حصيلته من صلاح غيره أكثر من حصيلته من عمله هو؛ لأنه فرد واحد، ويستفيد بصلاح المجتمع كله، ومن هنا لا ينبغي أن تستثقل أوامر الشارع تكليفاته؛ لأنه يأخذ منك ليعطيك وليؤمن حياتك وقت الحاجة والعوز، وحينما يتوفر لك هذا التكافل الاجتماعي تستقبل الحياة بنفس راضية حال اليسر مطمئنة حال العسر.
وساعة أن يأمرك الشرع بكافلة اليتيم وإكرامه، فإنه يطمئنك على أولادك من بعدك، فلا تحزن إن أصابك مكروه؛ لأنك في مجتمع متعاون، سيكفل أولادك، بل قد يكون اليتيم في ظل الإسلام وتعاليمه أسعد حظاً من حياته في رعاية أبيه؛ لأنه بموت أبيه يجد المؤمنين جميعاً آباء له، وربما كان أبوه مشغولاً عنه في حياته لا يفيده بشيء، بل ويصد عنه الخير حيث يقول الناس: أبوه موجود وهو يتكفل به.
لذلك يقول احمد شوقي:

ليس اليتيم من انتهى أبواه إن اليتيم هو الذي تلقى له من هم الحياة وخلفاه ذليلا أما تخلت أو أباً مشغولا
وقوله تعالى:

{كانت لهم جنات الفردوس نزلاً "107"}
(سورة الكهف)



 

قديم 28-10-2011, 08:30 AM   #892
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 108

(خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً"108")
وخلود النعيم في الآخرة يميزه عن نعيم الدنيا مهما سما، كما أن نعيم الدنيا يأتي على قدر تصورنا في النعيم وعلى حسب قدراتنا، وحتى إن بلغنا القمة في التنعم في الدنيا فإننا على خوف دائم من زواله، فإما أن يتركك النعيم، وإما أن تتركه، وأما في الجنة فالنعمة خالدة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وأنت مخلد فيها فلن تتركك النعمة ولن تتركها.
لذلك يقول تعالى بعدها:

{لا يبغون عنها حولاً "108"}
(سورة الكهف)


أي: لا يطلبون تحولهم عنها إلى غيرها، لأنه لا يتصور في النعيم أعلى من ذلك.
ومعلوم أن الإنسان لديه طموحات ترفيهية، فكلما نال خيراً تطلع إلى أعلى منه، وكلما حاز متعة ابتغى أكثر منها، هذا في الدنيا أما في الآخرة فالأمر مختلف، وإلا فكيف يطلب نعيماً أعلى من الجنة الذي قال الله عنه:

{كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابهاً .. "25"}
(سورة البقرة)


أي: كلما رزقهم الله ثمرة أتتهم أخرى فقالوا: لقد رزقنا مثلهم من قبل، وظنوها كسابقتها، لكنها ليست كسابقتها بل بطعم جديد مختلف، وإن كانت نفس الثمرة، ذلك لأن قدرة الأسباب محدودة، أما قدرة المسبب فليست محدودة.
والحق سبحانه وتعالى قادر على أن يخرج لك الفاكهة الواحدة على ألف لون وألف طعم؛ لأن كمالاته تعالى لا تتناهى في قدرتها؛ لذلك يقول تعالى:

{وأتوا به متشابهاً .. "25"}
(سورة البقرة)


فالثمر واحد متشابه، أما الطعم فمختلف.
والإنسان منا ليشق طريقه في الحياة يظل يتعلم، ليأخذ شهادة مثلاً أو يتعلم مهنة، ويظل في تعب ومشقة ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً من عمره أملاً في أن يعيش باقي حياته المظنونة مرتاحاً هانئاً، وهب أنك ستعيش باقي حياتك في راحة، فكم سيكون الباقي منها؟
أما الراحة الأبدية في الآخرة فهي زمن لا نهاية له، ونعيم خالد لا ينتهي، ففي أي شيء يطمع الإنسان بعد هذا كله؟ وإلى أي شيء يطمح؟


 

قديم 28-10-2011, 08:30 AM   #893
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 109

(قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً "109")
لأن قدرته تعالى لا حدود لها، ومادامت قدرته لا حدود لها فالمقدورات أيضاً لا حدود لها؛ لذلك لو كان البحر مداداً أي: حبراً يكتب به كلمات الله التي هي (كن) التي تبرز المقدورات ما كان كافياً لكلمات الله

{ولو جئنا بمثله مدداً "109"}
(سورة الكهف)


ونحن نقول مثلاً عن السلعة الجيدة: لا يستطيع المصنع أن يخرج أحسن من هذه، أما صنعة الله فلا تقف عند حد؛ لأن المصنع يعالج الأشياء، أما الحق ـ تبارك وتعالى ـ فيصنعها بكلمة كن؛ لذلك نجد في أرقى فنادق الدنيا أقصى ما توصل إليه العلم في خدمة البشر أن تضغط على زر معين، فيخرج لك ما تريد من طعام أو شراب.
وهذه الأشياء بلا شك معدة ومجهزة مسبقاً، فقط يتم استدعاؤها بالضغط على زر خاص بكل نوع، لكن هل يوجد نعيم في الدنيا يحضر لك ما تريد بمجرد أن يخطر على بالك؟ إذن: فنعيم الدنيا له حدود ينتهي عندها. لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:

{حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون "24"}
(سورة يونس)


وكأن الحق سبحانه يقول لنا: لقد استنفدتم وسائلكم في الدنيا وبلغتم أقصى ما يمكن من متعها وزينتها، فتعالوا إلى ما أعددته أنا لكم، اتركوا ما كنتم فيه من أسباب الله، وتعالوا عيشوا بالله، كنتم في عالم الأسباب فتعالوا إلى المسبب.
وإن كان الحق سبحانه قد تكلم في هذه الآية عن المداد الذي تكتب به كلمات الله، فقد تكلم عن الأقلام التي يكتب بها في آية أخرى أكثر تفصيلاً لهذه المسألة، فقال تعالى:

{ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله .. "27"}
(سورة لقمان)


ونقف هنا عند دقة البيان القرآني، فلو تصورنا ما في الأرض من شجر أقلام، مع ما يتميز به الشجر من تجدد مستمر، وتكرر دائم يجعل من الأشجار ثروة لا حصر لها ولا تنتهي، وتصورنا ماء البحر مداداً يكتب به إلا أن ماء البحر منذ خلقه الله تعالى محدود ثابت لا يزيد ولا ينقص.
لذلك لما كان الشجر يتجدد ويتكرر، والبحر ماؤه ثابت لا يزيد. قال سبحانه:

{والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ.. "27"}
(سورة لقمان)



 

قديم 28-10-2011, 08:31 AM   #894
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الكهف - الآية: 110

(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحداً "110")
(قل) أي: يا محمد، وهذا كلام جديد

{قل إنما أنا بشر مثلكم .. "110"}
(سورة الكهف)


يعني: خذوني أسوة، فأنا لست ملكاً إنما أنا بشر مثلكم، وحملت نفسي على المنهج الذي أطالبكم به، فأنا لا آمركم بشيء وأنا عنه بنجوى. بل بالعكس كان صلى الله عليه وسلم أقل الناس حظاً من متع الحياة وزينتها.
فكان في المؤمنين به الأغنياء الذين يتمتعون بأطايب الطعام ويرتدون أغلى الثياب في حين كان صلى الله عليه وسلم يمر عليه الشهر والشهران دون أن يوقد في بيته نار لطعام، وكان يرتدي المرقع من الثياب، كما أن أولاده لا يرثونه، كما يرث باقي الناس، ولا تحل لهم الزكاة كغيرهم، فحرموا من حق تمتع به الآخرون.
لذلك كان صلى الله عليه وسلم أدنى الأسوات أي: أقل الموجودين في متع الحياة وزخرفها، وهذا يلفتنا إلى أن الرسالة لم تجر لمحمد نفعاً دنيوياً، ولم تميزه عن غيره في زهرة الدنيا الفانية، إنما ميزته في القيم والفضائل.

<ومن هنا كان صلى الله عليه وسلم يقول: "يرد علي ـ يعني من الأعلى ـ فأقول: أنا لست مثلكم، ويؤخذ مني فأقول: ما أنا إلا بشر مثلكم">

والآية هنا لا تميزه صلى الله عليه وسلم عن البشر إلا في أنه:

{يوحى إلي .. "110"}
(سورة الكهف)


فما زاد محمد عن البشر إلا أنه يوحى إليه. ثم يقول تعالى:

{أنما إلهكم إله واحد .. "110"}
(سورة الكهف)


أنما: أداة قصر

{إلهكم إله واحد .. "110"}
(سورة الكهف)


أي: لا إله غيره، وهذه قمة المسائل، فلا تلتفتوا إلى إله غيره، ومن أعظم نعم الله على الإنسان أن يكون له إله واحد، وقد ضرب لنا الحق سبحانه مثلاً ليوضح لنا هذه المسألة فقال تعالى:

{ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلاً .. "29"}
(سورة الزمر)


فلا يستوي عبد مملوك لعدة أسياد يتجاذبونه؛ لأنهم متشاكسون مختلفون يحار فيما بينهم، إن أرضى هذا سخط ذاك. هل يستوي وعبد مملوك لسيد واحد؟ إذن: فمما يحمد الله عليه أنه إله واحد.

{فمن كان يرجو لقاء ربه .. "110"}
(سورة الكهف)


الناس يعملون الخير لغايات رسمها الله لهم في الجزاء، ومن هذه الغايات الجنة ونعيمها، لكن هذه الآية توضح لنا غاية أسمى من الجنة ونعيمها، هي لقاء الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم، فقوله تعالى:

{يرجو لقاء ربه .. "110"}
(سورة الكهف)


تصرف النظر عن النعمة إلى المنعم تبارك وتعالى. فمن أراد لقاء ربه لا مجرد جزائه في الآخرة:

{فليعمل عملاً صالحاً .. "110"}
(سورة الكهف)


فهذه هي الوسيلة إلى لقاء الله؛ لأن العمل الصالح دليل على أنك احترمت أمر الآخر بالعمل، ووثقت من حكمته ومن حبه لك فارتاحت نفسك في ظل طاعته، فإذا بك إذا أويت إلى فراشك تستعرض شريط أعمالك، فلا تجد إلا خيراً تسعد به نفسك، وينشرح له صدرك، ولا تتوجس شراً من أحد، ولا تخاف عاقبة أمر لا تحمد عقباه، فمن الذي أنعم عليك بكل هذه النعم ووفقك لها؟ ثم:

{ولا يشرك بعبادة ربه أحداً "110"}
(سورة الكهف)


وسبق أن قلنا: إن الجنة أحد، فلا تشرك بعبادة الله شيئاً، ولو كان هذا الشيء هو الجنة، فعليك أن تسمو بغاياتك، لا إلى الجنة بل إلى لقاء ربها وخالقها والمنعم بها عليك.
وقد ضربنا لذلك مثلاً بالرجل الذي أعد وليمة عظيمة فيها أطايب الطعام والشراب، ودعا إليها أحبابه فلما دخلوا شغلهم الطعام إلا وأحداً لم يهتم بالطعام والشراب، وسأل عن صاحب الوليمة ليسلم عليه ويأنس به.
وما أصدق ما قالته رابعة العدوية:

كلهم يعبدون من خوف أو بأن يسكنوا الجنان فيحظوا ليس لي بالجنان والنار حظ نارٍ ويرون النجاة حظاً جزيلاً بقصور ويشربوا سلسبيلا أنا لا ابتغي بحبي بديلا
وهذا يشرح لنا الحديث القدسي: "لو لم أخلق جنة وناراً، أما كنت أهلاً لأن أعبد؟".
فلا ينبغي للعبد أن يكون نفعياً حتى في العبادة، والحق سبحانه وتعالى أهل بذاته أن يعبد، لا خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، فاللهم ارزقنا هذه المنزلة، واجعلنا برحمتك من أهلها.


 

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:15 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا