المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07-05-2009, 03:53 AM   #91
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التاسعة والستين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن العلماء والحكماء لما حضروا عند الملك حردوب أكرمهم إكراماً زائداً وأحضروا الجواري بين أيديهم وأوصاهم أن يعلموهن الحكمة والأدب فامتثلوا أمره .
هذا ما كان من أمر الملك حردوب .
وأما ما كان من أمر الملك عمر النعمان فإنه لما عاد من الصيد والقنص وطلع القصر طلب الملكة إبريزة فلم يجدها ولم يخبره أحد عنها فعظم عليه ذلك ، وقال :
كيف تخرج هذه الجارية من القصر ولم يعلم بها أحد ، فإن كانت مملكتي على هذا الأمر فإنها ضائعة المصلحة ولا ضابط بها فما بقيت أخرج إلى الصيد والقنص حتى ارسل إلى الأبواب من يتوكل بها .
واشتد حزنه وضاق صدره ، لفراق الملكة إبريزة فبينما هو كذلك وإذا بولده شركان قد أتى من سفره ، فأعلمه والده بذلك وأخبره أنها هربت وهو في الصيد والقنص فاغتم شركان ذلك غماً شديداً ثم إن الملك صار يتفقد أولاده كل يوم ويكرمهم وكان قد أحضر العلماء والحكماء ليعلموهم العلم ، ورتب لهم الرواتب فلما رأى شركان ذلك الأمر غضب غضباً شديداً وحسد أخوته على ذلك إلى أن ظهر أثر الغيظ في وجهه ولم يزل متمرضاً حتى هذا الأمر .
فقال له والده يوماً من الأيام :
مالي أراك تزداد ضعفاً في جسمك واصفرار في لونك ?
فقال له شركان :
يا والدي كلما رأيتك تقرب أخواتي وتحسن إليهم يحصل عندي حسد وأخاف أن يزيد بي الحسد فأقتلهم وتقتلني أنت بسببهم إذا أنا قتلتهم فمرض جسمي وتغير لوني بسبب ذلك ، ولكن أنا أشتهي من أحسانك أن تعطيني قلعة من القلاع حتى أقيم بها بقية عمري ، فإن صاحب المثل يقول :
بعدي عن حبيبي أجمل وأحسن عين لا تنظر وقلب لا يحزن .
ثم أطرق برأسه إلى الأرض .
فلما سمع الملك عمر النعمان كلامه عرف سبب ما هو فيه من التغير فأخذ بخاطره وقال له :
يا ولد إني أجيبك إلى ما تريد ، وليس في ملكي أكبر من قلعة دمشق فقد ملكتها من هذا الوقت .
ثم أحضر الموقعين في الوقت والساعة وأمرهم بكتابة تقليد ولده شركان ولاية دمشق الشام فكتبوا له ذلك وجهزوه وأخذ الوزير دندان معه وأوصاه بالمملكة والسياسة وقلده أموره ، ثم ودعه والده وودعته الأمراء وأكابر الدولة وسار بالعسكر حتى وصل إلى دمشق فلما وصل إليها دق له أهلها الكاسات ، وصاحوا بالبوقات وزينوا المدينة ، وقابلوه بموكب عظيم سار فيه أهل الميمنة ميمنة وأهل الميسرة ميسرة .
فهذا ما كان من أمر شركان .
وأما ما كان من أمر والده عمر النعمان فإنه بعد سفر ولده شركان أقبل عليه الحكماء وقالوا له :
يا مولانا إن أولادك تعلموا الحكمة والأدب .
فعند ذلك فرح عمر النعمان فرحاً شديداً وأنعم على جميع الحكماء حيث رأى ضوء المكان كبر وترعرع وركب الخيل وصار له من العمر أربع عشر سنة وطلع مشتغلاً بالدين والعبادة محباً للفقراء وأهل العلم والقرآن ، وصار أهل بغداد بحبونه نساء ورجالاً إلى أن طاف بغداد محمل العراق من أهل الحج ، وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلما رأى ضوء المكان مركب المحمل اشتاق إلى الحج فدخل على والده وقال له :
إني أتيت إليك لأستأذنك في أن أحج .
فمنعه من ذلك ، وقال له :
اصبر إلى العام القابل وأنا أتوجه إلى الحج وآخذك معي .
فلما رأى الأمر يطول عليه دخل على أخته نزهة الزمان ، فوجدها قائمة تصلي فلما قضت الصلاة قال لها :
إني قد قتلني الشوق إلى حج بين الله الحرام وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام واستأذنت والدي فمنعني من ذلك ، فالمقصود أن آخذ شيئاً من المال وأخرج إلى الحج سراً ولا أعلم أبي بذلك .
فقالت له أخته :
بالله عليك أن تأخذني معك ولا تحرمني من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال لها :
إذا جن الظلام فاخرجي من هذا المكان ولا تعلمي أحداً بذلك .
فلما كان نصف الليل قامت نزهة الزمان وأخذت شيئاً من المال ولبست لباس الرجال وكانت قد بلغت من العمر مثل عمر ضوء المكان ومشت متوجهة إلى باب القصر فوجدت أخاها ضوء المكان قد جهز الجمال فركب وأركبها وسارا ليلاً واختلطا بالحجيج ومشيا إلى أن صارا في وسط الحجاج العراقيين وما زالا سائرين وكتب الله لهما السلامة ، حتى دخلا مكة المشرفة ووقفا بعرفات وقضيا مناسك الحج ثم توجها إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فزاراه ، وبعد ذلك أرادا الرجوع مع الحجاج إلى بلادهما فقال ضوء المكان لأخته :
يا أختي أريد أن أزور بيت المقدس والخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
فقالت له :
وأنا كذلك .
واتفقا على ذلك ثم خرجا واكترى له ولها مع المقادسة وجهزا حالهما وتوجها مع الركب فحصل لأخته في تلك الليلة حمى باردة فتشوشت ثم شفيت وتشوش الآخر فصارت تلاطفه في ضعفه ولم يزالا سائرين إلى أن أدخلا بيت المقدس واشتد المرض على ضوء المكان ثم إنهما نزلا في خان هناك واكتريا لهما فيه حجرة واستقرا فيها ولم يزل المرض يتزايد على ضوء المكان حتى أنحله وغاب عن الدنيا .
فاغتمت لذلك أخته نزهة الزمان وقالت :
لا حول ولا قوة إلا بالله هذا حكم الله .
ثم إنها قعدت هي وأخوها في ذلك المكان وقد زاد به الضعف وهي تخدمه وتتفق عليه وعلى نفسها حتى فرغ ما معها من المال وافتقرت ولم يبق معها دينار ولا درهم فأرسلت صبي الخان إلى السوق بشيء من قماشها فباعه وأنفقته على أخيها ثم باعت شيئاً آخر ولم تزل تبيع من متاعها شيئاً فشيئاً حتى لم يبق لها غير حصير مقطعة فبكت ، وقالت :
لله الأمر من قبل ومن بعد .
ثم قال لها أخوها :
يا أختي إني قد أحسست بالعافية وفي خاطري شيء من اللحم المشوي .
فقالت له أخته :
إني ما لي وجه للسؤال ، ولكن غداً أدخل بيت أحد الأكابر وأخدم وأعمل بشيء نقتات به أنا وأنت .
ثم تفكرت ساعة وقالت :
إني لا يهون علي فراقك وأنت في هذه الحالة ولكن لا بد من طلب المعاش قهراً عني .
فقال لها أخوها : بعد العز تصبحين ذليلة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم بكى وبكت وقالت له :
يا أخي نحن غرباء وقد أقمنا هنا سنة كاملة ما دق علينا الباب أحد فهل نموت من الجوع ? فليس عندي من الرأي إلا أني أخرج وأخدم وآتيك بشيء تقتات به إلى أن تبرأ من مرضك ثم نسافر إلى بلادنا .
ومكثت تبكي ساعة ، ثم بعد ذلك قامت نزهة الزمان وغطت رأسها بقطعة عباءة من ثياب الجمالين كان صاحبها نسيها عندهما وقبلت رأس أخيها وغطته وخرجت من عنده وهي تبكي ولم أين تمضي وما زال أخوها ينتظرها إلى أن قرب وقت العشاء ، ولم تأت فمكث بعد ذلك هو ينتظرها إلى أن طلع النهار فلم تعد إليه ولم يزل على هذه الحالة يومين فعظم ذلك عنده وارتجف قلبه عليها واشتد به الجوع ، فخرج من الحجرة وصاح على صبي الخان وقال له :
أريد أن تحملني إلى السوق .
فحمله والقاه في السوق فاجتمع عليه أهل القدس وبكوا عليه لما رأوه على تلك الحالة وأشار إليهم بطلب شيء يأكله فجاؤوا له من التجار الذين في السوق ببعض دراهم واشتروا له شيئاً وأطعموه إياه ، ثم حملوه ووضعوه على دكان وفرشوا له قطعة برش ووضعوا عند رأسه إبريقاً .
فلما أقبل الليل انصرف عنه الناس وهم حاملون همه ، فلما كان نصف الليل تذكر أخته فازداد به الضعف وامتنع من الأكل والشرب وغاب عن الوجود فقام أهل السوق وأخذوا له من التجار ثلاثين درهماً ، واكتروا له جملاً وقالوا للجمال :
احمل هذا وأوصله إلى دمشق وأدخله المارستان لعله أن يبرأ .
فقال لهم :
على الرأس .
ثم قال في نفسه :
كيف أمضي بهذا المريض وهو مشرف على الموت ?
ثم خرج به إلى مكان واختفى به إلى الليل ثم ألقاه على مزبلة مستوقد حمام ثم مضى إلى حال سبيله .
فلما أصبح الصباح طلع وقاد الحمام إلى شغله فوجده ملقى على ظهره فقال في نفسه :
لأي شيء ما يرمون هذا الميت إلا هنا ?
ورفسه برجله فتحرك فقال الوقاد :
الواحد منكم يأكل قطعة حشيش ويرمي نفسه في أي موضع كان .
ثم نظر إلى وجهه فرآه لا نبات بعارضيه ، وهو ذو بهاء وجمال فأخذته الرأفة عليه وعرف أنه مريض وغريب فقال :
لا حول ولا قوة إلا بالله إني دخلت في خطيئة هذا الصبي وقد أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم بإكرام الغريب لاسيما إذا كان الغريب مريضاً .
ثم حمله وأتى به إلى منزله ودخل به على زوجته وأمرها أن تخدمه وتفرش له بساطاً ففرشت له وجعلت تحت رأسه وسادة وسخنت له ماء وغسلت له يديه ورجليه ووجهه وخرج الوقاد إلى السوق وأتى له بشيء من ماء الورد والسكر ، ورش على وجهه وسقاه السكر وأخرج له قميصاً نظيفاً وألبسه إياه فشم نسيم الصحة وتوجهت إليه العافية واتكأ على المخدة ففرح الوقاد بذلك وقال :
الحمد لله على عافية هذا الصبي اللهم إني أسألك بسرك المكنون أن تجعل سلامة هذا الشاب على


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 03:55 AM   #92
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد ما زال يتعهد ضوء المكان ثلاثة أيام ، وهو يسقيه السكر وماء الحلاف وماء الورد ويتعطف عليه ويتلطف به حتى عادت الصحة في جسمه وفتح عينيه فاتفق أن الوقاد دخل عليه فرآه جالساً وعليه آثار العافية فقال له :
ما حالك يا ولدي في هذا الوقت ?
فقال ضوء المكان :
بخير وعافية .
فحمد الوقاد ربه وشكره ثم نهض إلى السوق واشترى له عشر دجاجات وأتى إلى زوجته ، وقال لها :
اذبحي له في كل يوم اثنتين واحدة في أول النهار وواحدة في آخر النهار .
فقامت وذبحت له دجاجة وسلقتها ، وأتت بها إليه وأطعمته إياها وسقته مرقتها فلما فرغ من الأكل قدمت له ماء مسخناً فغسل يديه واتكأ على الوسادة وغطته بملاءة فنام إلى العصر ثم قامت وسلقت دجاجة أخرى وأتته بها وفسختها وقالت له :
كل يا ولدي .
فبينما هو يأكل وإذا بزوجها قد دخل فوجدها تطعمه فجلس عند رأسه وقال له : ما حالك يا ولدي في هذا الوقت ?
فقال ضوء المكان :
الحمد لله على العافية جزاك الله عني خير .
ففرح الوقاد بذلك ثم إنه خرج وأتى بشراب البنفسج وماء الورد وسقاه وكان ذلك الوقاد يعمل في الحمام كل يوم بخمسة دراهم فيشتري له بدرهم فراريج وما زال يلاطفه إلى أن مضى عليه شهر من الزمان حتى زالت عنه آثار المرض وتوجهت إليه العافية ففرح الوقاد هو وزوجته بعافية ضوء المكان وقال له :
يا ولدي هل لك أن تدخل معي الحمام ?
قال ضوء المكان :
نعم .
فمضى إلى السوق وأتى له بمكاري وأركبه حماراً وجعل يسنده إلى أن وصل إلى الحمام ثم دخل معه الحمام وأجلسه في داخله ومضى إلى السوق واشترى له سدراً ودقاقاً وقال لضوء المكان :
يا سيدي بسم الله أغسل لك جسدك .
وأخذ الوقاد يحك لضوء المكان رجليه ، وشرع يغسل له جسده بالسدر والدقاق ، وغذا ببلان قد أرسله معلم الحمام إلى ضوء المكان فوجد الوقاد يحك رجليه فتقدم إليه البلان ، وقال له :
هذا نقص في حق المعلم .
فقال الوقاد :
والله إن المعلم غمرنا بإحسانه .
فشرع البلان يحلق رأس ضوء المكان ثم اغتسل هو والوقاد وبعد ذلك رجع به الوقاد إلى منزله وألبسه قميصاً رفيقاً وثوباً من ثيابه وعمامة لطيفة وأعطاه حزاماً وكانت زوجة الوقاد قد ذبحت دجاجتين وطبختهما .
فلما طلع ضوء المكان وجلس على الفراش قام الوقاد وأذاب له السكر في ماء الورد وسقاه ثم قدم له السفرة وصار الوقاد يفسخ له من ذلك الدجاج ويطعمه ويسقيه من المسلوقة إلى ان اكتفى وغسل يديه وحمد الله تعالى على العافية ثم قال ضوء المكان للوقاد :
أنت الذي منّ الله بك علي وجعل سلامتي على يديك .
فقال الوقاد :
دع عنك هذا الكلام وقل لنا ما سبب مجيئك إلى هذه المدينة ومن أنت فإني أرى على وجهك آثار النعمة ?
فقال له ضوء المكان :
قل لي أنت كيف وقعت بي حتى أخبرك بحديثي ?
فقال له الوقاد :
أما أنا فإني وجدتك مرمياً على القمامة في المستوقد حين لاح الفجر لما توجهت إلى أشغالي ولم أعرف من رماك .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 03:55 AM   #93
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue



الليلة الحادية والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد قال :
لم أعرف من رماك فأخذتك عندي وهذه حكايتي .
فقال ضوء المكان :
سبحان من يحيي العظام ، وهي رميم إنك يا أخي ما فعلت الجميل إلا مع أهله وسوف تجني ثمرة ذلك .
ثم قال للوقاد :
وأنا الآن في أي بلاد ?
فقال الوقاد :
أنت في مدينة القدس .
فعند ذلك تذكر ضوء المكان غربته وفراق أخته وبكى حيث باح بسره إلى الوقاد وحكى له حكايته ثم أنشد هذه الأبيات :
لقد حملوني في الهوى غير طاقتي ........ ومن أجلهم قامت علي الـقـيامة
ألا فارقوا يا هاجرين بمهجـتـي ........ فقد رق لي من بعدكم كل شامت
ولا تمنعوا أن تسمحوا لي بنظـرة ........ تخفف أحوالي فرط سبـابـتـي
سألت فؤادي الصبر عنكم فقال لي ........ إليك فإن الصبر من غير عادتـي
ثم زاد بكائه فقال له الوقاد :
لا تبك واحمد الله على السلامة والعافية .
فقال ضوء المكان :
كم بيننا وبين دمشق ?
فقال :
ستة أيام فقال .
ضوء المكان :
هل لك أن ترسلني إليها ?
فقال له الوقاد :
يا سيدي كيف أدعك تروح وأنت شاب صغير فإن شئت السفر إلى دمشق فأنا الذي أروح معك وإن أطاعتني زوجتي وسافرت معي أقمت هناك فإنه لا يهون علي فراقك .
ثم قال الوقاد لزوجته :
هل لك أن تسافري معي إلى دمشق الشام أو تكوني مقيمة هنا ، حتى أوصل سيدي هذا إلى دمشق الشام وأعود إليك فإنه يطلب السفر إليها فإني والله لا يهون علي فراقه وأخاف عليه من قطاع الطرق .
فقالت له زوجته :
أسافر معكما .
فقال الوقاد :
الحمد لله على الموافقة .
ثم أن الوقاد قام وباع أمتعته وأمتعة زوجته .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 03:57 AM   #94
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن الوقاد اتفق هو وزوجته على السفر مع ضوء المكان وعلى أنهما يمضيان معه إلى دمشق ثم إن الوقاد باع أمتعته وأمتعة زوجته ثم اكترى حماراً وأركب ضوء المكان إياه وسافروا ولم يزالوا مسافرين ستة أيام إلى أن دخلوا دمشق فنزلوا هناك في آخر النهار وذهب الوقاد واشترى شيئاً من الأكل والشرب على العادة وما زالوا على ذلك الحال خمسة أيام وبعد ذلك مرضت زوجة الوقاد أياماً قلائل وانتقلت إلى رحمة الله تعالى فعظم ذلك على ضوء المكان لأنه قد اعتاد عليها وكانت تخدمه ، وحزن عليها الوقاد حزناً شديداً فالتفت ضوء المكان إلى الوقاد ، فوجده حزيناً فقال له :
لا تحزن فإننا كلنا داخلون في هذا الباب .
فالتفت الوقاد إلى ضوء المكان وقال له :
جزاك الله خيراً يا ولدي فالله تعالى يعوض علينا بفضله ويزيل عنا الحزن فهل لك يا ولدي أن تخرج بنا ونتفرج في دمشق ، لنشرح خاطرك ?
فقال له ضوء المكان :
الرأي رأيك .
فقام الوقاد ووضع يده في يد ضوء المكان وسارا إلى أن أتيا تحت إصطبل والى دمشق فوجدا جمالاً محملة صناديق وفرشاً وقماشاً من الديباج وغيره وجنائب مسرجة ونجاتي وعبيداً ومماليك والناس في هرج فقال ضوء المكان :
يا ترى لمن تكون هؤلاء المماليك والجمال والأقمشة .
وسأل بعض الخدم عن ذلك ، فقال له المسؤول :
هذه هدية من أمير دمشق يريد إرسالها إلى الملك عمر النعمان مع خراج الشام .
فلما سمع ضوء المكان هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وأنشد يقول :
إن شكونا البعاد ماذا تـقـول ........ أو تلفنا الشوق فكيف السبـيل
أو رأينا رسلاً تترجـم عـنـا ........ ما يودي شكوى لمحب رسول
أو صبرنا فما من الصبر عندي ........ بعد فقد الأحبـاب إلا قـلـيل
وقال أيضاً :
رحلوا غائبين عن جفن عيني ........ ليس تحلوا والاشتياق يحول
غاب عني جمالهم فحـيانـي ........ أذكر الوجد في حديث يطول

ولما فرغ من شعره بكى ، فقال له الوقاد :
يا ولدي نحن ما صدقنا أنك جاءتك العافية فطب نفساً ولا تبك فإني أخاف عليك من النكسة .
وما زال يلاطفه ويمازحه وضوء المكان يتنهد ويتحسر على غربته وعلى فراقه لأخته ومملكته ويرسل العبرات ثم أنشد هذه الأبيات :
تزود من الدنيا فـإنـك راحـل ........ وأيقن بأن الموت لا شك نـازل
نعيمك في الدنيا غرور وحسـرة ........ وعيشك في الدنيا محال وبـال
ألا إنما الدنيا كمـنـزل راكـب ........ أناخ عيناً وهو في الصبح راحل

ثم إن ضوء المكان جعل يبكي وينتحب على غربته وكذلك الوقاد صار يبكي على فراق زوجته ولكنه مازال يتلطف بضوء المكان إلى أن أصبح الصباح فلما طلعت الشمس قال له الوقاد :
كأنك تذكرت بلادك ?
فقال له ضوء المكان :
نعم ولا أستطيع أن أقيم هنا وأستودعك الله فإني مسافر مع هؤلاء القوم وأمشي معهم قليلاً قليلاً حتى أصل بلادي .
فقال له الوقاد :
وأنا معك فإني لا أقدر أن أفارقك فإني عملت معك حسنة ، وأريد أن أتممها بخدمتي لك .
فقال له ضوء المكان :
جزاك الله عني خيراً .
وفرح ضوء المكان بسفر الوقاد معه ثم إن الوقاد خرج من ساعته واشترى حماراً وهيأ زاداً ، وقال لضوء المكان :
اركب هذا الحمار في السفر فإذا تعبت من الركوب فانزل وامش .
فقال له ضوء المكان :
بارك الله فيك وأعانني على مكافأتك فإنك فعلت معي من الخير ما لا يفعله أحد مع أخيه .
ثم صبرا إلى أن جن الظلام فحملا زادهما وأمتعتهما على ذلك الحمار وسافرا . هذا ما كان من أمر ضوء المكان والوقاد .
وأما ما كان من أمر أخته نزهة الزمان فإنها لما فارقت أخاها ضوء المكان خرجت من الخان الذي كانا فيه في القدس بعد أن التفت بالعباءة لأخل أن تخدم أحداً وتشتري لأخيها ما اشتهاه من اللحم المشوي ، وصارت تبكي في الطريق وهي لا تعرف أين تتوجه وصار خاطرها مشغولاً بأخيها وقلبها مفتكر في الأهل والأوطان ، فصارت تتضرع إلى الله تعالى في دفع هذه البليات وأنشدت هذه الأبيات :
جن الظلام وهاج الوجد بالسـقـم ........ والشوق حرك ما عندي من الألم
ولوعة البين في الأحشاء قد سكنت ........ والوجد صيرني في حالة العـدم
والحزن أقلقني والشوق أحرقنـي ........ والدمع باح بحب لي مكـتـتـم
وليس لي حيلة في الوصل أعرفها ........ حتى تزحزح ما عندي من الغمم
فنار قلبي بـالأشـواق مـوقـدة ........ ومن لظاها يظل الصب في نقـم
يا من يلوم على ما حل بي وجرى ........ إني صبرت على ما خط بالقلـم
أقسمت بالحب مالي سلـوة أبـداً ........ يمين أهل الهوى مبرورة القسـم
يا ليل بلغ رواة الحب عن خبري ........ واشهد بعلمك أني فيك لـم أنـم

ثم إن نزهة الزمان أخت ضوء المكان صارت تمشي وتلتفت يميناً ويساراً وإذا بشيخ مسافر من البدو ومعه خمسة أنفار من العرب قد التفت إلى نزهة الزمان فرآها جميلة وعلى رأسها عباءة مقطعة ، فتعجب من حسنها وقال في نفسه :
إن هذه جميلة ولكنها ذات قشف فإن كانت من أهل المدينة أو كانت غريبة فلا بد لي منها .
ثم إنه تبعها قليلاً قليلاً حتى تعرض لها في الطريق في مكان ضيق وناداها ليسألها عن حالها وقال لها :
يا بنية هل انت حرة أم مملوكة ?
فلما سمعت كلامه نظرت إليه وقال له :
بحياتك لا تجدد علي الأحزان .
فقال لها :
إني رزقت ست بنات مات لي منهن خمسة وبقيت واحدة وهي أصغرهن وأتيت إليك لأسألك هل أنت من أهل المدينة أو غريبة لأجل أن آخذك وأجعلك عندها لتؤانسيها فتشتغل بك عن الحزن على أخواتها فإن لم يكن لك أحد جعلتك مثل واحدة منهن وتصيرين مثل أولادي .
فلما سمعت نزهة الزمان كلامه قالت في سرها :
عسى أن آمن على نفسي عند هذا الشيخ .
ثم أطرقت برأسها من الحياء وقالت :
يا عم أنا بنت غريبة ولي أخ ضعيف فأنا أمضي معك إلى بيتك بشرط أن أكون عندك بالنهار وبالليل أمضي إلى أخي فإن قبلت هذا الشرط مضيت معك لأني غريبة ، وكنت عزيزة فأصبحت ذليلة حقيرة وجئت أنا وأخي من بلاد الحجاز وأخاف أن أخي لا يعرف مكاناً لي .
فلما سمع البدوي كلامها قال في نفسه :
والله إني فزت بمطلوبي .
ثم قال لها :
ما أريد إلا لتؤانسي بنتي نهاراً وتمضي إلى أخيك ليلاً وإن شئت فانقليه إلى مكاننا .
ولم يزل البدوي يطيب قلبها ويلين لها الكلام إلى أن وافقته على الخدمة ومشى قدامها وتبعته ولم يزل سائر إلى جماعته وكانوا قد هيئوا الجمال ووضعوا عليها الأحمال ووضعوا فوقها الماء والزاد وكان البدوي قاطع الطريق وخائن الرفيق وصاحب مكر وحيل ولم يكن عنده بيت ولا ولد وإنما قال ذلك الكلام حيلة على هذه البنت المسكينة لأمر قدره الله .
ثم إن البدوي صار يحدثها في الطريق إلى أن خرج من مدينة القدس واجتمع برفاقه فوجدهم قد رحلوا الجمال فركب البدوي وأردفها خلفه وساروا معظم الليل فعرفت نزهة الزمان أن كلام البدوي كان حيلة عليها وأنه مكر بها ، فصارت تبكي وتصرخ وهم في الطريق قاصدين الجبال خوفاً من أن يراهم أحد ، فلما صاروا قريب الفجر نزلوا عن الجمال وتقدم البدوي إلى نزهة الزمان وقال لها :
يا مدنية ما هذا البكاء ، والله إن لم تتركي البكاء ضربتك إلى أن تهلكي يا قطعة حضرية .
فلما سمعت نزهة الزمان كلامه كرهت الحياة وتمنت الموت فالتفتت إليه وقالت له :
يا شيخ السوء يا شبيهة جهنم كيف استأمنتك وأنت تخونني وتمكر بي ?
فلما سمع البدوي كلامها قال لها :
يا قطعة حضرية لك لسان تجاوبينني به .
وقام إليها ومعه سوط فضربها وقال :
إن لم تسكتي قتلتك .
فسكتت نزهة ثم تفكرت أخاها وما هو فيه من الأمراض فبكت سراً ، وفي ثاني يوم التفتت إلى البدوي وقالت له :
كيف تعمل على هذه الحيلة حتى أتيت بي إلى هذه الجبال القفرة وما قصدك مني ?
فلما سمع كلامها قسا قلبه وقال لها :
يا قطعة حضرية ألك لسان تجاوبينني .
وأخذ السوط ونزل على ظهرها إلى أن غشي عليها فانكبت على رجليه وقبلتهما فكف عنها الضرب وصار يشتمها ويقول لها :
وحق طرطوري إن سمعتك تبكين قطعت لسانك ودسسته في فرجك يا قطعة حضرية .
فعند ذلك سكتت ولم ترد جواباً وآلمها الضرب فقعدت على قرافيصها وجعلت رأسها في طوقها وصارت تتفكر في حالها وفي حال أخيها وفي ذلها بعد العز وفي مرض أخيها ووحدته واغترابهما وأرسلت دموعها على الوجنات وأنشدت هذه الأبيات :
من عادة الدهـر إدبـار وإقـبـال ........ فما يدوم له بـين الـورى حـال
وكل شيء من الـدنـيا لـه أجـل ........ وتنقضي لجمـيع الـناس آجـال
كما أحمل الضيم والأهوال يا أسفـي ........ من عيشة كلـها ضـيم وأهـوال
لا أسعد الله أيامـاً عـززت بـهـا ........ دهراً وفي طي ذاك الـعـز إذلال
قد خاب قصدي وآمالي بها انصرمت ........ وقد تقطع بالـتـغـريب أوصـال
يا من يمر على دار بها سـكـنـي ........ بلغه عنـي أن الـدمع هـطـال

فلما سمع البدوي شعرها عطف عليها ورثى لها ورحمها وقام إليها ومسح دموعها وأعطاها قرصاً من شعير وقال لها :
أنا لا أحب من يجاوبني في وقت الغيظ وأنت بعد ذلك لا تجاوبينني بشيء من هذا الكلام الفاحش وأنا أبيعك لرجل جيد مثلي يفعل معك الخير مثل ما فعلت معك .
قالت :
نعم ما تفعل .
ثم إنها لما طال عليها الليل وأحرقها الجوع أكلت من ذلك القرص الشعير شيئاً يسيراً ، فلما انتصف الليل أمر البدوي جماعته أن يسافروا .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 03:57 AM   #95
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن البدوي لما أعطى نزهة الزمان القرص الشعير ووعدها أن يبيعها لرجل يجيد مثله قالت له :
نعم ما تفعل .
فلما انتصف الليل وأحرقها الجوع أكلت من القرص الشعير شيئاً يسيراً ، ثم إن البدوي العجوز وضع نزهة الزمان خلفه وساروا وما زالوا سائرين مدة ثلاثة أيام ثم دخلوا مدينة دمشق ونزلوا في خان السلطان بجانب باب الملك وقد تغير لون نزهة الزمان من الحزن وتعب السفر فصارت تبكي من أجل ذلك فأقبل عليها البدوي وقال لها :
يا حضرية وحق طرطوري إن لم تتركي هذا البكاء لا أبيعك إلا ليهودي .
ثم إنه قام وأخذ بيدها وأدخلها في مكان وتمشى إلى السوق ومر على التجار الذين يتجرون في الجواري وصار يكلمهم ثم قال لهم :
عندي جارية أتيت بها معي وأخوها ضعيف فأرسلته إلى أهلي في مدينة القدس لأجل أن يداووه حتى يبرأ وقصدي أن أبيعها ومن يوم ضعف أخوها وهي تبكي وصعب عليها فراقه وأريد أن الذي يشتريها مني يلين لها الكلام ويقول لها :
إن أخاك عندي في القدس ضعيف وأنا أرخص له ثمنها .
فنهض رجل من التجار وقال له :
كم عمرها ?
فقال :
هي بكر بالغة ذات عقل وأدب وفطنة وحسن وجمال ، ومن حين أرسلت أخاها إلى القدس اشتغل قلبها وتغيرت محاسنها وانهزل سمنها .
فلما سمع التاجر ذلك تمشى مع البدوي وقال له :
اعلم يا شيخ العرب أني أروح معك وأشتري منك الجارية التي تمدحها وتشكر عقلها وأدبها وحسنها وجمالها وأعطيك ثمنها وأشترط عليك شروطاً أن قبلتها نقدت لها ثمناً وإن لم تقبلها رددتها عليك .
إن شئت فاطلع بها إلى السلطان واشترط علي ما شئت من الشروط فإنك إذا أوصلتها إلى الملك شركان ابن الملك عمر النعمان صاحب بغداد وخراسان ربما تليق بعقله فيعطيك ثمنها ويكثر لك الربح فيها .
فقال له البدوي :
قبلت منك هذا الشرط .
ثم مشى الاثنان إلى أن اقبلا على المكان الذي فيه نزهة الزمان ووقف البدوي على باب الحجرة وناداها :
يا ناحبة .
وكان قد سماها بهذا الاسم فلما سمعته بكت ولم تجبه فالتفت البدوي إلى التاجر وقال له :
ها هي قاعدة دونك فأقبل عليها وانظرها ولاطفها مثل ما أوصيتك .
فتقدم التاجر إليها فرآها بديعة الحسن والجمال لاسيما وكانت تعرف بلسان العرب .
فقال التاجر :
إن كانت كما وصفت لي فإني أبلغ بها عند السلطان ما أريد .
ثم أن التاجر قال لها :
السلام عليك يا بنية كيف حالك ?
فالتفتت إليه وقالت :
كان ذلك في الكتاب مسطوراً .
ونظرت إليه فإذا هو رجل ذو وقار ووجه حسن فقالت في نفسها : أظن أن هذا جاء ليشتريني ، ثم قالت :
إن امتنعت عنه صرت عند هذا الظالم فيهلكني من الضرب فعلى كل حال هذا رجل وجهه حسن وهو أرجى للخير من هذا البدوي الجلف ، ولعله ما جاء إلا ليسمع منطقي فأنا أجاوبه جواباً حسناً .
كل ذلك وعينها على الأرض ثم رفعت بصرها إليه وقالت بكلام عذب :
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا سيدي بهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأما سؤالك عن حالي فإن شئت أن تعرفه فلا تتمنه إلا لأعدائك .
ثم سكتت فلما سمع التاجر كلامها طار عقله فرحاً بها والتفت إلى البدوي وقال له :
كم ثمنها فإنها جليلة .
فاغتاظ البدوي وقال له :
أفسدت علي الجارية بهذا الكلام لأي شيء تقول إنها جليلة مع أنها من رعاع الناس فأنا لا أبيعها لك .
فلما سمع التاجر كلامه عرف أنه قليل العقل فقال له :
طب نفساً وقر عيناً فأنا أشتريها على هذا العيب الذي ذكرتها .
فقال له البدوي :
وكم تدفع لي فيها ?
فقال له التاجر :
ما يسمي الولد إلا أبوه فاطلب فيها مقصودك .
فقال له البدوي :
ما يتكلم إلا أنت .
فقال التاجر في نفسه :
إن هذا البدوي جلف يابس الرأس وأنا لا أعرف لها قيمة إلا أنها ملكت قلبي بفصاحتها وحسن منظرها وإن كانت تكتب وتقرأ فهذا من تمام النعمة عليها وعلى من يشتريها ، لكن هذا البدوي لا يعرف لها قيمة .
ثم التفت إلى البدوي وقال له :
يا شيخ العرب أدفع لك فيها مائتي دينار سالمة ليدك غير الضمان وقانون السلطان .
فلما سمع البدوي اغتاظ غيظاً شديداً وصرخ في ذلك التاجر وقال له :
قم إلى حال سبيلك لو أعطيتني مائة دينار في هذه القطعة العباءة التي علها ما بعتها لك فأنا لا أبيعها بل أخليها عندي ترعى الجمال وتطحن الطحين .
ثم صاح عليها وقال :
تعالي يا منتنة أنا لا أبيعك .
ثم التفت إلى التاجر وقال له :
كنت أحسبك أهل معرفة ، وحق طرطوري إن لم تذهب عني لأسمعتك ما لا يرضيك .
فقال التاجر في نفسه :
إن هذا البدوي مجنون ولا يعرف قيمتها ولا أقول له شيئاً في ثمنها في هذا الوقت فإنه لو كان صاحب عقل ما قال وحق طرطوري والله إنها تساوي خزنة من الجواهر وأنا معي ثمنها ولكن إن طلب مني ما يريد أعطيته إياه ولو أخذ جميع مالي .
ثم التفت إلى البدوي وقال له :
يا شيخ العرب طول بالك وقل لي ما لها من القماش عندك ?
فقال البدوي :
وما تعمل قطاعة الجواري هذه القماش والله إن هذه العباءة التي هي ملفوفة فيها كثيرة عليها .
فقال له التاجر :
عن إذنك أكشف عن وجهها وأقلبها كما يقلب الناس الجواري لأجل الاشتراء .
فقال له البدوي :
دونك ما تريد الله يحفظ شبابك فقلبها ظاهراً وباطناً فإن شئت فعرها من الثياب ثم انظرها وهي عريانة .
فقال التاجر :
معاذ الله أنا ما أنظر إلا وجهها .
ثم إن التاجر تقدم إليها وهو خجلان من حسنها وجمالها .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 03:58 AM   #96
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الرابعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر تقدم إلى نزهة الزمان وهو خجلان من حسنها وجلس إلى جانبها وقال لها :
يا سيدتي ما اسمك ?
فقالت له :
تسألني عن اسمي في هذا الزمان أو عن اسمي القديم ?
فقال لها التاجر :
هل لك اسم جديد واسم قديم ?
قالت :
نعم اسمي القديم نزهة الزمان واسمي الجديد غصة الزمان .
فلما سمع التاجر منها هذا الكلام تغرغرت عيناه بالدموع وقال لها :
هل لك أخ ضعيف ?
فقالت له :
إي والله يا سيدي ولكن فرق الزمان بيني وبينه وهو مريض في بيت المقدس .
فتحير عقل التاجر من عذوبة منطقها وقال في نفسه :
لقد صدق البدوي في مقالته .
ثم إن نزهة الزمان تذكرت أخاها ومرضه وغربته وفراقها عنه وهو ضعيف ولا تعلم ما وقع له وتذكرت ما جرى لها من هذا الأمر مع البدوي ومن بعدها عن أمها وأبيها ومملكتها فجرت دموعها على خدها وأرسلت العبرات وأنشدت هذه الأبيات :
حينـمـا قـد وقـاك إلـهـي ........ أيها الراحل المقيم بـقـلـبـي
ولك الله حيث أمـسـيت جـار ........ حافظ من صروف دهر وخطب
غبت فاستوحشت لقربك عينـي ........ واستهلت مدامعي أي سـكـب
ليت شعري بـأي ربـع وأرض ........ أنت مستوطن بـدار وشـعـب
إن يكن شـاربـاً لـمـاء حـياة ........ حضر الورد فالمدامع شربـي
أو شهدت الرقاد يوماً فجـمـر ........ من سهاد بين الفراش وجنـبـي
كل شيء إلا فـراقـك سـهـل ........ عند قلبي وغيره غير صـعـب

فلما سمع التاجر ما قالته من الشعر بكى ومد يده ليمسح دموعها عن خدها فغطت وجهها وقالت له :
حاشاك يا سيدي .
ثم إن البدوي قعد ينظر إليها وهي تغطي وجهها من التاجر حيث أراد أن يمسح دمعها عن خدها فاعتقد أنها تمنعه من التقليب فقام إليها يجري وكان معه مقود جمل فرفعه في يده وضربها به على أكتافها فجاءت الضربة قوية فانكبت بوجهها على الأرض فجاءت حصاة من الأرض في حاجبها فشقته فسال دمها على وجهها فصرخت صرخة عظيمة وغشي عليها وبكت وبكى التاجر معها فقال التاجر :
لا بد أن أشتري هذه الجارية ولو بثقلها ذهباً وأريحها من هذا الظالم .
وصار التاجر يشتم البدوي وهي في غشيتها فلما أفاقت مسحت الدموع والدم عن وجهها وعصبت رأسها ورفعت طرفها إلى السماء وطلبت من مولاها بقلب حزين وأنشدت هذين البيتين :
وارحـمة لـعــزيزة ........ بالضيم قد صارت ذليلة
تبكي بـدمـع هـاطـل ........ وتقول ما في الوعد حيلة

فلما فرغت من شعرها التفتت إلى التاجر وقالت له بصوت خفي :
بالله لا تدعني عند هذا الظالم الذي لا يعرف الله تعالى ، فإن بت هذه الليلة عنده قتلت نفسي بيدي فخلصني منه يخلصك الله مما تخاف في الدنيا والآخرة .
فقام التاجر وقال للبدوي :
يا شيخ العرب هذه ليست غرضك بعني إياها بما تريد .
فقال البدوي :
خذها وادفع ثمنها وإلا أروح بها إلى النجع وأتركها تلم وترعى الجمال .
فقال التاجر :
أعطيك خمسمائة دينار .
فقال البدوي :
يفتح الله .
فقال التاجر :
سبعمائة دينار .
فقال البدوي :
يفتح الله هذا ما هو رأس مالها لأنها أكلت عندي أقراص من الشعير بتسعمائة دينار شعير .
قال التاجر :
أقول لك كلمة واحدة فإن لم ترض بها غمزت عليك والي دمشق فيأخذها منك قهراً .
فقال البدوي :
تكلم .
فقال :
بألف دينار .
فقال البدوي :
بعتك إياها بهذا الثمن وأقدر أنني اشتريت بها ملحاً .
فلما سمعه التاجر ضحك ومضى إلى منزله وأتى بالمال وقيضه إياه فأخذه البدوي وقال في نفسه :
لا بد أن أذهب إلى القدس لعلي أجذ أخاها فأجيء به وأبيعه .
ثم ركب وسافر إلى بيت المقدس فذهب إلى الخان وسأل عن أخيها فلم يجده . هذا ما كان من أمره .
وأما ما كان من أمر التاجر ونزهة الزمان فإنه لما أخذها ألقى عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 03:59 AM   #97
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الخامسة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن التاجر لما تسلم الجارية من البدوي وضع عليها شيئاً من ثيابه ومضى بها إلى منزله وألبسها أفخر الملبوس ، ثم أخذها ونزل بها إلى السوق وأخذ لها مصاغاً ووضعه في بقجة من الأطلس ووضعها بين يديها وقال لها :
هذا كله من أجلك ولا أريد منك إلا إذا طلعت بك إلى السلطان والي دمشق أن تعلميه بالثمن الذي اشتريتك به وإن كان قليلاً في ظفرك وإذا اشتراك مني فاذكري له ما فعلت معك واطلبي لي منه مرقوماً سلطانياً بالوصية علي لأذهب به إلى والده صاحب بغداد الملك عمر النعمان لأجل أن يمنع من يأخذ مني مسكاً على القماش أو غيره من جميع ما أجر فيه .
فلما سمعت كلامه بكت وانتحبت فقال لها التاجر :
يا سيدتي إني أراك كلما ذكرت لك بغداد تدمع عيناك ألك فيها أحد تحبينه ? فإن كان تاجراً أو غيره فأخبريني فإني أعرف جميع ما فيها من التجار وغيرهم وإن أردت رسالة أنا أوصلها إليه .
فقالت :
والله ما لي معرفة تاجر ولا غيره وإنما معرفة بالملك عمر النعمان صاحب بغداد .
فلما سمع التاجر كلامها ضحك وفرح فرحاً شديداً وقال في نفسه :
والله إني وصلت إلى ما أريد .
ثم قال لها :
أنت عرضت عليه سابقاً ?
فقالت :
لا بل تربيت أنا وبنته فكنت عزيزة عنده ، ولي عنده حرمة كبيرة ، فإن كان غرضك أن الملك النعمان يبلغك ما تريد فأتني بدواة وقرطاس فإني أكتب لك كتاباً فإذا دخلت مدينة بغداد فسلم الكتاب من يدك إلى يد الملك عمر النعمان وقل له إن جاريتك نزهة الزمان قد طرقتها صروف الليالي والأيام حتى بيعت من مكان إلى مكان وهي تقرئك السلام ، وإذا سألك عني فأخبره أني عند نائب دمشق .
فتعجب التاجر من فصاحتها وازدادت عنده محبتها قال :
ما أظن إلا أن الرجال لعبوا بعقلك وباعوك بالمال فهل تحفظين القرآن ?
قالت :
نعم وأعرف الحكمة والطب ومقدمة المعرفة وشرح فصول بقراط لجالينوس الحكيم وشرحه أيضاً وقرأت التذكرة ، وشرحت البرهان وطالعت مفردات ابن البيطار وتكلمت على القانون لابن سينا وحللت الرموز ووضعت الأشكال وتحدثت في الهندسة وأتقنت حكمة الأبدان وقرأت كتب الشافعية وقرأت الحديث والنحو وناظرت العلماء وتكلمت في سائر العلوم وألفت في علم البيان والمنطق والحساب والجدل والعرف الروحاني والميقات وفهمت هذه العلوم كلها .
ثم قالت :
ائتني بدواة وقرطاس حتى أكتب كتاباً يسليك في الأسفار ويغنيك عن مجلدات الأسفار .
فلم اسمع التاجر منها هذا الكلام صاح :
بخ بخ فيا سعد من تكونين في قصره .
ثم أتاها بدواة وقرطاس وقلم من نحاس ، فلما أحضر التاجر ذلك بين يديها وقبل الأرض تعظيماً أخذت نزهة الزمان الدرج وتناولت القلم وكتبت في الدرج هذه الأبيات :
ما بال نومي من عيني قد نـفـرا ........ أأنت علمت طرفي بعدك السهر ?
وما لذكرك يذكي النار في كبـدي ........ أهكذا كل صـب للهـوى ذكـرا
سقا الأيام مـا كـان أطـيبـهـا ........ مضت ولم أقض من لذاتها وطرا
أستعطف الريح إن الريح حامـلة ........ إلى المتيم من أكتافكـم خـبـرا
يشكو إليك محب قـل نـاصـره ........ وللفراق خطوب تصدع الحجـرا

ثم إنها لما فرغت من كتابة هذا الشعر كتبت بعده هذا الكلام وهي تقول :
ممن استوى عليها الفكر وأنحلها السهر ، فظلمتها لا تجد لها من أنوار ولا تعلم الليل من النهار وتتقلب على مراقد البيت وتكتحل بموارد الأرق ، ولم تزل للنجوم رقيبة وللظلام نقيبة قد أذابها الفكر والنحول وشرح حالها يطول ، لا مساعد لها غير العبرات وأنشدت هذه الأبيات :
ما غردت سحراً ورقـاء فـتـن ........ إلا تحرك عندي قاتل الشـجـن
ولا تأثر مشـتـاق بـه طـرب ........ إلى الأحبة إلا ازددت في حزني
أشكو الغرام إلى من ليس يرحمني ........ كم فرق الوجد بين الروح والبدن
ثم أفاضت دموع العين وكتبت أيضاً هذين البيتين :
أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني ........ وفرق المجربين الجفن والوسن
كفى بجسمي نحولاً أنني دنـف ........ لولا مخاطبتي إياك لم ترنـي

وبعد ذلك كتبت في أسفل الدرج :
هذا من عند البعيدة عن الأهل والأوطان حزينة القلب والجنان نزهة الزمان .
ثم طوت الظرف وناولته للتاجر فأخذه وقبله وعرف ما فيه ففرح وقال :
سبحان من صورك .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:00 AM   #98
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السادسة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان كتبت الكتاب وناولته للتاجر أخذه وقرأه وعلم ما فيه فقال :
سبحان من صورك .
وزاد في إكرامها وصار يلاطفها نهاره كله فلما أقبل الليل خرج إلى السوق وأتى بشيء فأطعمها إياه ثم أدخلها الحمام وأتى لها ببلانة وقال لها :
إذا فرغت من غسل رأسها فألبسيها ثيابها ثم أرسلي أعلميني بذلك .
فقالت :
سمعاً وطاعة .
ثم أحضر لها طعاماً وفاكهة وشمعاً وجعل ذلك على مصطبة الحمام فلما فرغت البلانة من تنظيفها ألبستها ثيابها ، ولما خرجت من الحمام وجلست على مصطبة الحمام وجدت المائدة حاضرة فأكلت هي والبلانة من الطعام والفاكهة وتركت الباقي لحارسة الحمام ثم باتت إلى الصباح وبات التاجر منعزلاً عنها في مكان آخر .
فلما استيقظ من نومه أيقظ نزهة الزمان وأحضر لها قميصاً رفيعاً وكوفية بألف دينار وبدلة تركية مزركشة بالذهب ، وخفاً مزركشاً بالذهب الأحمر مرصعاً بالدرر والجوهر وجعل في أذنيها حلقاً من اللؤلؤ بألف دينار وفوق صرتها وتلك القلادة فيها عشر أكر وتسعة أهلة كل هلال في وسطه فص من الياقوت وكل أكرة فيها فص البلخش وثمن تلك القلادة ثلاثة آلاف دينار فصارت الكسوة التي كساها إياها بجملة بليغة من المال ، ثم أمرها التاجر بأن تتزين بأحسن الزينة ومشت ومشى التاجر قدامها فلما عاينها الناس بهتوا في حسنها وقالوا :
تبارك الله أحسن الخالقين هنيئاً لمن كانت هذه عنده .
ومازال التاجر يمشي وهي تمشي خلفه حتى دخل على الملك شركان فلما دخل على الملك قبل الأرض بين يديه وقال :
أيها الملك السعيد أتيت لك بهدية غريبة الأوصاف ، عديمة النظر في هذا الزمان قد جمعت بين الحسن والإحسان .
فقال له الملك :
قصدي أن أراها عياناً .
فخرج التاجر وأتى بها حتى أوقفها قدامه فلما رآها الملك شركان حن الدم إلى الدم وكانت قد فارقته وهي صغيرة ، ولم ينظرها لأنه بعد مدة من ولادتها ، سمع أن له أختاً تسمى نزهة الزمان وأخاً يسمى ضوء المكان فاغتاظ من أبيه غيظاً شديداً غيرة على المملكة كما تقدم ولما قدمها إليه التاجر ، قال له :
يا ملك الزمان إنها مع كونها بديعة الحسن والجمال ، بحيث لا نظير لها في عصرها تعرف جميع العلوم الدينية والدنيوية والسياسية والرياضية .
فقال له الملك :
خذ ثمنها مثل ما اشتريتها ودعها وتوجه إلى حال سبيلك .
فقال له التاجر :
سمعاً وطاعة ولكن اكتب لي مرقوماً لأني لا أدفع عشراً أبداً على تجارتي .
فقال الملك :
إني أفعل لك ذلك ولكن أخبرني كم وزنت ثمنها ?
فقال :
وزنت ثمنها ألف دينار وكسوتها بمائة ألف دينار .
فلما سمع ذلك قال :
أنا أعطيك في ثمنها أكثر من ذلك .
ثم دعا بخازنداره وقال له :
أعط هذا التاجر ثلثمائة ألف وعشرين ألف دينار .
ثم إن شركان أحضر القضاة الأربعة وقال لهم :
أشهدكم أني أعتقت جاريتي هذه وأريد أن أتزوجها .
فكتب القضاة حجة بأعناقها ، ثم اكتبوا كتابي عليها ونثر المسك على رؤوس الحاضرين ذهباً كثيراً وصار الغلمان والخدم يلتقطون ما نثره عليهم الملك من الذهب ، ثم إن الملك أمر بكتابة منشور إلى التاجر على طبق مراده من أنه لا يدفع على تجارته عشراً ولا يتعرض له أحد بسوء في سائر مملكته وبعد ذلك أمر له بخلعة سنية .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:01 AM   #99
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة السابعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد ، أن الملك صرف جميع من عنده غير القضاة والتاجر وقال للقضاة :
أريد أن تسمعوا من ألفاظ هذه الجارية ما يدل على علمها وأدبها من كل ما ادعاه التاجر لنتحقق صدق كلامه .
فقالوا :
لا بأس من ذلك .
فأمر بإرخاء ستارة بينه هو ومن معه وبين الجارية ومن معها وصار جميع النساء اللاتي مع الجارية خلف الستارة يقبلن يديها ورجلها لما علموا أنها صارت زوجة الملك ، ثم درن حولها وقمن بخدمتها وخففن ما عليها من الثياب وصرن ينظرن حسنها وجمالها وسمعت نساء الأمراء والوزراء أن الملك شركان اشترى جارية لا مثيل لها في الجمال والعلم والأدب وأنها حوت جميع العلوم وقد وزن ثمنها ثلثمائة وعشرين ألف دينار وأعتقها وكتب كتابه عليها وأحضر القضاة الأربعة لأجل امتحانها حتى ينظر كيف تجاوبهم عن أسئلتهم ، فطلب النساء الإذن من أزواجهن ومضين إلى القصر الذي فيه نزهة الزمان .
فلما دخلن عليها وجدن الخدم وقوفاً بين يديها وحين رأت نساء الأمراء والوزراء داخلة عليها قامت إليهن وقابلتهن وقامت الجواري خلفها وتلقت النساء بالترحيب وصارت تتبسم في وجوههن فأخذت قلوبهن وأنزلتهن في مراتبهن كأنها تربت معهن فتعجبن من حسنها وجمالها وعقلها وأدبها وقلن لبعضهن :
ما هذه جارية بل هي ملكة بنت ملك .
وصرن يعظمن قدرها وقلن لها :
يا سيدتنا أضاءت بك بلدتنا وشرفت بلادنا ومملكتنا فالمملكة مملكتك ، والقصر قصرك وكلنا جواريك فبالله لا تخلينا من إحسانك والنظر إلى حسنك .
فشكرتهن على ذلك ، هذا كله والستارة مرخاة بين نزهة الزمان ومن عندها من النساء وبين الملك شركان هو والقضاة الأربعة والتاجر ثم بعد ذلك ناداها الملك شركان ، وقال لها :
أيتها الجارية العزيزة في زمانها إن هذا التاجر قد وصفك بالعلم والأدب وادعى أنك تعرفين في جميع العلوم ، حتى علم النحو فأسمعينا من كل باب طرقاً يسير .
فلما سمعت كلامه قالت :
سمعاً وطاعة أيها الملك ، الباب الأول في السياسات الملكية وما ينبغي لولاة الأمور الشرعية وما يلزمهم من قبل الأخلاق المرضية اعلم أيها الملك أن مقاصد الخلق منتهية إلى الدين والدنيا لأنه لا يتوصل أحد إلى الدين إلا بالدنيا فإن الدنيا نعم الطريق إلى الآخرة لأن الله تعالى جعل الدنيا للعباد كزاد المسافر إلى تحصيل المراد فينبغي لكل إنسان أن يتناول منها بقدر ما يوصله إلى الله ولا يتبع في ذلك نفسه وهواه ، ولو تتناولها الناس بالعدل لانقطعت الخصومات ولكنهم تناولونها بالجور ومتابعة الهوى فتسبب عن انهماكهم عليها الخصومات فاحتاجوا إلى سلطان لأجل أن ينصف بينهم ويضبط أمورهم ولولا ردع الملك الناس عن بعضهم لغلب قويهم على ضعيفهم وقد قال إزدشير :
إن الدين والملك توأمان فالدين كنز والملك حارس وقد جلت الشرائع والعقول ، على أنه يجب على الناس أن يتخذوا سلطاناً يدفع الظالم عن المظلوم ، وينصف الضعيف من القوي ويكف بأس العاتي والباغي ، واعلم أيها الملك أنه على قدر حسن أخلاق السلطان يكون الزمان فإنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
شيئان في الناس إن صلحا صلح الناس وإن فسدا فسد الناس العلماء والأمراء .
وقد قال بعض الحكماء الملوك الثلاثة :
ملك ودين وملك محافظة على الحرمات وملك هوى فأما ملك الدين فإنه يلزم رعيته بإتباع دينهم وينبغي أن يكون أدينهم لأنه هو الذي يقتدي به في أمور الدين ويلزم الناس طاعته فيما أمر به موافقاً للأحكام الشرعية ولكنه ينزل السخط منزلة الراضي بسبب التسليم إلى الأقدار .
وأما ملك المحافظة على الحرمات فإنه يقوم بأمور الدين والدنيا يلزم الناس بإتباع الشرع والمحافظة على المروءة ويكون جامعاً بين العلم والسيف فمن ذاع عما سطر القلم زلت به القدم فيقوم اعوجاجه بحد الحسام وينشر العدل في جميع الأنام .
وأما ملك الهوى فلا يدين له إلا اتباع هواه ولم يخش سطوة مولاه الذي ولاه فمال ملكه إلى الدمار ونهاية عنوه إلى دار البوار .
وقالت الحكماء :
الملك يحتاج إلى كثير من الناس وهم محتاجون إلى واحد ولأجل ذلك وجب أن يكون عارفاً باختلافهم ، ليرد اختلافهم إلى أوقاتهم ويعمهم بعدله وبغمرهم بفضله واعلم أيها الملك أن إزدشير وهو الثالث من ملوك الفرس قد ملك الأقاليم جميعاً وقسمها على أربعة أقسام وجعل له من أجل ذلك أربعة خواتم لكل قسم خاتم ، الأول خاتم البحر والشرطة والمحاماة وكتب عليه النيابات ، الثاني خاتم الخراج وجباية الأموال وكتب عليه العمارة ، الثالث خاتم التجارة وكتب عليه الرخاء ، الرابع خاتم المظالم وكتب عليه العدل واستمرت هذه الرسوم في الفرس إلى أن ظهر الإسلام وكتب كسرى لابنه وهو في جيشه :
بل توسعن على جيشك فيستغنوا عنك .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:02 AM   #100
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثامنة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد ، أن نزهة الزمان قالت :
كسرى كتب لابنه وهو في جيشه :
لا توسعن على جيشك فيستغنوا عنك ولا تضيق عليهم فيضجروا منك وأعطهم عطاءاً مقتصداً وامنحهم منحاً جميلاً ووسع عليهم في الرخاء ولا تضيق عليهم في الشدة .
وروي أن أعرابياً جاء إلى المنصور وقال له :
أجع كلبك يتبعك .
فغضب المنصور من الأعرابي لما سمع منه هذا الكلام فقال له أبو العباس الطوسي :
أخشى أن يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويتركك .
فسكن غيظ المنصور وعلم أنها كلمة لا تخطيء وأمر للأعرابي بعطية واعلم أيها الملك أنه كتب عبد الملك بن مروان لأخيه عبد العزيز بن مروان حين وجهه إلى مصر :
تفقد كتابك وحجابك فإن الثابت يخبرك عنه كتابك والترسيم تعرفك به حجابك والخارج من عندك يعرفك بجيشك .
وكان عمر بن الخطاب إذا استخدم خادماً شرط عليه أربعة شروط :
أن لا يركب البرازين وأن لا يلبس الثياب النفيسة وأن لا يأكل من القيء وأن لا يؤخر الصلاة عن وقتها .
وقيل :
لا مال أجود من العقل ولا عقل كالتدبير والحزم ولا حزم كالتقوى ولا قربة كحسن الخلق ولا ميزان كالأدب ولا فائدة كالتوفيق ولا تجارة كالعمل الصالح ولا ربح كثواب الله ولا ورع كالوقوف عند حدود السنة ولا علم كالتفكر ولا عبادة كالفرائض ولا إيمان كالحياة ولا حسب كالتواضع ولا شرف كالعلم فاحفظ الرأس وماحوى والبطن وما وعى واذكر الموت والبلا .
وقال الإمام علي رضي الله عنه :
اتقوا أشرار الناس وكونوا منهن على حذر ولا تشاورهن في أمر ولا تضيقوا عليهن في معروف حتى لا يطمعن في المكر ، وقال :
من ترك الاقتصاد حار عقله .
وقال عمر رضي الله عنه :
النساء ثلاث ، امرأة مسلمة نقية ودود تعين بعلها على الدهر ولا تعين الدهر على بعلها ، وأخرى تراد للولد لا تزيد على ذلك ، وأخرى يجعلها الله غلاً في عنق من يشاء .
والرجال أيضاً ثلاثة :
رجل عاقل إذا أقبل على رأيه ، وآخر أعقل منه وهو من إذا نزل به أمر لا يعرف عاقبته فيأتي ذوي الرأي فينزل عن آرائهم ، وآخر حائر ، لا يعلم رشداً ولا يطيع مرشداً .
والعدل لا بد منه في كل الأشياء ، حتى أن الجواري يحتجن إلى العدل وضربوا لذلك مثلاً قطاع الطرق ، المقيمين على ظلم الناس فإنهم لو يتناصفوا فيما بينهم ، ويستعملوا الواجب فيما يقسمونه لاختل نظامهم وبالجملة فسيد مكارم الأخلاق الكرم وحسن الخلق وما أحسن قول الشاعر :
ببذل وحلم ساد في قومه الفتى ........ وكونك إياه عـلـيك يسـير
وقال آخر :
ففي الحلم إتقان وفي العفـو هـيبة ........ وفي الصدق منجاة لمن كان صادقاً
ومن يلتمس حسن الثناء بـمـالـه ........ يكن بالندى في حلبة المجد سابقـاً
ثم إن نزهة الزمان تكلمت في سياسة الملوك حتى قال الحاضرون :
ما رأينا أحداً تكلم في باب السياسة مثل هذه الجارية فلعلها تسمعنا شيئاً من غير هذا الباب .
فسمعت نزهة الزمان ما قالوه وفهمته ، فقالت :
وأما باب الأدب فإنه واسع المجال لأنه مجمع الكمال ، فقد اتفق أن بني تميم وفدوا على معاوية ومعهم الأحنف بن قيس فدخل حاجب معاوية عليه ليستأذنه لهم في الدخول فقال :
يا أمير المؤمنين أن أهل العراق يريدون الدخول عليك ليحدثوا معك فاسمع حديثهم .
فقال معاوية : انظر من بالباب .
فقال : بنو تميم .
قال : ليدخلوا .
فدخلوا ومعهم الأحنف بن قيس ، فقال له معاوية :
اقرب مني يا أبا بحر بحيث أسمع كلامك .
ثم قال :
يا أبا بحر كيف رأيك لي?
قال :
يا أمير المؤمنين فرق الشعر وقص الشارب وقلم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:03 AM   #101
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة التاسعة والسبعين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت :
إن الأحنف بن قيس قال لمعاوية لما سأله :
وأدم السواك فإن فيه اثنين وسبعين فضيلة وغسل الجمعة كفارة لما بين الجمعتين .
قال له معاوية :
كيف رأيك لنفسك ?
قال :
أوطئ قدمي على الأرض وأنقلهم على تمهل وأراعيها بعيني .
قال :
كيف رأيك إذا دخلت على نفر من قومك دون الأمراء ?
قال :
أطرق حياء وأبدأ بالسلام وأدع ما لا يعنيني وأقل الكلام .
قال :
كيف رأيك إذا دخلت على نظرائك ?
قال :
استمع لهم إذا قالوا ولا أجول عليهم إذا جالوا .
قال :
كيف رأيك إذا دخلت على أمرائك ?
قال :
أسلم من غير إشارة وأنتظر الإجابة فإن قربوني قربت وإن بعدوني بعدت .
قال :
كيف رأيك مع زوجتك ?
قال :
اعفني من هذا يا أمير المؤمنين .
قال :
أقسمت عليك أن تخبرني .
قال :
أحسن الخلق وأظهر العشرة وأوسع النفقة فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج .
قال :
فما رأيك إذا أردت أن تجامعها ?
قال :
أكلمها حتى تطيب نفسها وألثمها حتى تطرب فإن كان الذي تعلم طرحتها على ظهرها وإن استقرت النطفة في قرارها قلت :
اللهم اجعلها مباركة ولا تجعلها شقية وصورها أحسن تصوير ثم أقوم عنها إلى الوضوء فأفيض الماء على يدي ثم أصبه على جسدي ثم أحمد الله على ما أعطاني من النعم .
فقال معاوية :
أحسنت في الجواب فقل حاجتك ?
فقال :
حاجتي أن تتق الله في الرعية وتعدل بينهم بالسوية .
ثم نهض قائماً من مجلس معاوية فلما ولى قال معاوية :
لو لم يكن بالعراق إلا هذا لكفى .
ثم إن نزهة الزمان قالت :
وهذه النبذة من جملة باب الأدب واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عادلاً على بيت المال ، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:03 AM   #102
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان ، قالت :
واعلم أيها الملك أنه كان معيقب عاملاً على بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب فاتفق أنه رأى بن عمر يوماً فأعطاه درهماً من بيت المال ، قال معيقب :
وبعد أن أعطيته الدرهم انصرفت إلى بيتي فبينما أن أجالس وإذا برسول عمر جاءني فذهبت معه وتوجهت إليه فإذا الدرهم في يده وقال لي :
ويحك يا معيقب أني قد وجدت في نفسك شيئاً .
قلت :
ماذا يا أمير المؤمنين ؟
قال :
إنك تخاصم أمة محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الدرهم يوم القيامة .
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري كتاباً مضمونه :
إذا جاءك كتابي هذا فأعط الناس الذي لهم واحمل ما بقي .
ففعل فلما أعطوا عثمان الخلافة كتب إلى أبي موسى ذلك ففعل ، وجاء زياد معه وضع الخراج بين يدي عثمان جاء راشد فأخذ منه درهماً فبكى زياد فقال عثمان :
ما يبكيك ?
قال :
أتيت عمر بن الخطاب بمثل ذلك أخذ ابنه فأمر بنزعه من يده وابنك أخذ فلم أر أحداً ينزعه منه أو يقول له شيئاً .
فقال عثمان :
وأين نلقى مثل عمر .
روى زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال :
خرجت مع عمر ذات ليلة حتى أشرفنا على نار تضرم فقال :
يا أسلم إني أحسب هؤلاء ركباً أضربهم البرد ، فانطلق بنا إليهم .
فخرجنا حتى أتينا إليهم فإذا امرأة توقد ناراً تحت قدر ومعها صبيان يتضاغون ، فقال عمر :
السلام عليكم أصحاب الضوء وكره أن يقول أصحاب النار ما بالكم ?
قالت :
اضربنا البرد والليل .
قال :
فما بال هؤلاء يضاغون ?
قالت :
من الجوع .
قال :
فما هذا القدر ?
قالت :
ماء أسكتهم به وإن عمر بن الخطاب ليسأله الله يوم القيامة .
قال :
وما يدري عمر بحالكم ?
قالت :
كيف يتولى أمور الناس ويغفل عنهم ?


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:04 AM   #103
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الحادية والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن أسلم قال :
فأقبل عمر علي وقال :
انطلق بنا .
فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الصرف فأخرج عدلاً فيه دقيق وإناء فيه شحم ثم قال :
حملني هذا .
فقلت :
أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين .
فقال :
أتحمل عن وزري يوم القيامة ?
فحملته إياه وخرجنا نهرول حتى ألقينا ذلك العدل عندها ثم أخرج من الدقيق شيئاً وجعل يقول للمرأة :
زددي إلي .
وكان ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فرأيت الدخان يخرج من خلال لحيته حتى طبخ وأخذ مقدار من الشحم فرماه فيه ثم قال :
أطعميهم وأنا أبرد لهم .
ولم يزالوا كذلك حتى أكلوا وشبعوا وترك الباقي عندها ثم أقبل علي وقال :
يا أسلم إني رأيت الجوع أبكاهم فأحببت أن لا أنصرف ، حتى يتبين لي سبب الضوء الذي رأيته .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:04 AM   #104
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثانية والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان قالت :
قيل أن عمر مر براع مملوك فابتاعه شاة .
فقال له :
إنها ليست لي .
فقال :
أنت القصد .
فاشتراه ثم أعتقه وقال :
اللهم كما رزقتني العتق الأصغر ارزقني العتق الأكبر .
وقيل أن عمر بن الخطاب يطعم الحليب للخدم ، ويأكل اللبن ويكسوهم الغليظ ويلبس الخشن ويعطي الناس حقوقهم ويزيد في عطائهم وأعطى رجلاً أربعة آلاف درهم وزده ألفاً فقيل :
أما تزيد ابنك كما أزدت هذا ?
قال :
أتيت والده يوم أحد .
وقال الحسن :
أتى عمر بمال كثير فأتته حفصة وقالت له :
يا أمير المؤمنين حق قرابتك .
فقال :
يا حفصة إنما أوصى الله بحق قرابتي من مالي وأما مال المسلمين فلا يا حفصة قد أرضيت قومك وأغضبت أباك .
فقامت تجر ذيلها .
وقال ابن عمر :
تضرعت إلى ربي سنة من السنين أن يريني أبي حتى رأيته يمسح العرق عن جبينه فقلت له :
ما حالك يا والدي ?
فقال :
لولا رحمة ربي لهلك أبوك .
قالت نزهة الزمان :
اسمع ايها الملك السعيد الفصل الثاني من الباب الثاني وهو باب الأدب والفضائل وما ذكر فيه من أخبار التابعين والصالحين .
قال الحسن البصري :
لا تخرج نفس آدم عن الدنيا إلا وهو يتأسف على ثلاثة أشياء :
عدم تمتعه بما سمع ، وعدم إدراكه لما أملى ، وعدم استعداده بكثرة الزاد لما هو قادم عليه .
وقيل لسفيان :
هل يكون الرجل زاهد وله مال ?
قال :
نعم إذا كان متى خسر صبر ومتى أعطى شكر .
وقيل لما حضرت عبد الله بن شداد الوفاة أحضر ولده محمد فأوصاه وقال له :
يا بني إني لأرى داعي الموت قد دعاني فاتق ربك في السر والعلانية واشكر الله على ما أنعم واصدق في الحديث ، فالشكر يؤذن بازدياد النعم والتقوى خير زاد في الميعاد .


 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2009, 04:05 AM   #105
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


الليلة الثالثة والثمانين

قالت شهرزاد :

بلغني أيها الملك السعيد أن عبد الله بن شداد يوصي ولده بأن التقوى خير زاد في الميعاد كما قال بعضهم :
ولست ارى السعادة جمع مال ........ ولكن التقي هو الـسـعـيد
وتقوى الله خـير زاد حـقـاً ........ وعند الله تلقـى مـا تـريد

ثم قالت نزهة الزمان :
ليسمع الملك هذه النكت من الفصل الثاني من الباب الأول .
قيل لها :
وما هي ?
قالت :
لما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة جاء لأهل بيته فأخذ ما بأيديهم ووضعه في بيت المال ففزعت بنو أميه إلى عمته فاطمة بنت مروان فأرسلت إليه قائلة :
إنه لا بد من لقائك ، ثم أتته ليلاً فأنزلها عن دابتها فلما أخذت مجلسها قال لها :
يا عمة أنت أولى بالكلام لأن الحاجة لك فأخبريني عن مرادك .
فقالت :
يا أمير المؤمنين أنت أولى بالكلام ورأيك يستكشف ما يخفي عن الأفهام .
فقال عمر ابن عبد العزيز :
إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلمً رحمة للعالمين وعذاباً لقوم آخرين ثم اختار له ما عنده فقبضه إليه .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:15 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا