|
|
||||||||||
ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي . |
|
أدوات الموضوع |
20-08-2014, 12:31 PM | #1 | |||
عضـو مُـبـدع
|
أخبار الخراف....زكريا تامر 20/8/2014
-1-
طلب أحد الخراف إلى الجزار ألاّ يمسّه بأيّ أذى، وأرفق طلبه بمجموعة من البحوث الطبية التي تُبيّن مضار أكل اللحوم وفوائد أكل النبات، ولكنّ الجزار كان لا يعرف القراءة والكتابة، ولا يبالي إلاّ بإرضاء زبائنه من محبي اللحوم وطالبيها. - 2 - قال خروف صغير السن لخروف عجوز : آن للجيل القديم من الخراف الانسحاب من مواقع القيادة في عالم الخراف لأنه لا يملك الثقافة التي تؤهله لإقناع الناس بالامتناع عن أكل لحم الخراف. أما نحن الجيل الجديد من الخراف، فنمتلك ما لا تملكون، وسننجح في كلّ الميادين التي لم تنجحوا فيها. فضحك الخروف العجوز ضحكاً ساخراً، وقال للخروف الشاب : لن تنجحوا حتّى إذا كان الناس بلا أسنان ولا أضراس، وسيروج عندئذ الحساء المصنوع من لحم الخراف المسلوق، ولن تنجحوا لأن الجائع يحتاج إلى ما يدخل معدته ويبقى فيها، ولا يحتاج إلى حجج تخاطب عقله. فلم يبال الخروف الشاب بما قاله الخروف العجوز، وهزأ به، واعتبره مجرد هذيان شيخوخة، ولم يتخل عن موقفه المعادي للطاعنين في السن حتى عندما صار مجرد لحم معروض للبيع في دكاكين الجزارين. - 3 - نظم شاعر الخراف قصيدة موزونة مقفاة أهاب فيها بأمّة الخراف أن تتناسى خلافاتها وتتوحد في قطيع واحد، متراص الصفوف، فرحب الجزارون بهذه القصيدة، وروّجوا لها، فالقبض على خراف متوحدة متلاصقة أسهل من القبض على خراف شاردة مبعثرة. - 4 - آمن أحد الخراف السمينة بفكرة السلام بين الخراف وبين الذئاب، وخصص كلّ جهوده للتبشير بها والدعوة إليها، فقبضت الذئاب عليه، وكرّمته خير تكريم بأن تبارت في طهو لحمه المكتنز الطري بأساليب مبتكرة جديدة. - 5 - كان أحد الخراف لا يملّ من المباهاة بكونه يعيش في غابة تكفل حرية التعبير لكل سكانها من دون تمييز، ولم يكن بالمخطىء إذ لم يتجرأ أحد على منعه من هجاء السكين المثلومة الحدّ التي تذبح الخراف. - 6 - حلم خروف أن يصير كاتباً ذائع الصيت، وقد نال ما يحلم به بعد أن ألّف كتاباً طبياً حول تسمين الخراف بأقصر وقت، فقوبل كتابه بالثناء والرواج، واشتراه كل خروف يستحي من هزاله، واشتراه أيضاً مالكو الخراف. - 7 - اشتهر أحد الخراف بأنه مناهض للعنف مناصر للسلام والحوار طوال حياته، فكان ما آمن به ذا تأثير إيجابي في تكوينه الروحي والجسدي، وأرغم آكليه على الاعتراف بأن لحمه عندما شويّ على نار هادئة كان مختلفاً، فهو لذيذ مثير للشهية طري لا يتعب أسنان ماضغيه، ويستحق أن يؤكل نيئاً. - 8 - ألقى ذئب عجوز خطبة بليغة دعا فيها كل الحيوانات إلى طرد البغضاء من القلوب والعيش معاً بمحبة وإخاء، فأعجب أحد الخراف الصغيرة بالخطبة، وأيّد كل ما حوته من أفكار وآراء، ودنا من الذئب مهنئاً، فسارع الذئب إلى إمساكه، فصاح به الخروف مستغرباً : ما هذا؟ أنسيت أنك قبل لحظات كنت تتكلم بفصاحة عن المحبة والعيش بغير نزاع؟ قال الذئب : لم أنس خطبتي، وما زلت مخلصـاً لكل ما تكلمت عنه ومؤمناً به، فلو لم أكن محبّاً لما أمسكت بك معتزماً السماح لك بالعيش في بطني، فهل هذا سلوك يتناقض مع خطبتي؟ قال الخروف : أنا صغير الحجم، ولن أكفي لإشباعك. قال الذئب : الشبع يجلب التخمة الضارة بالصحة. فأغمض الخروف الصغير عينيه، وانتظر أنياب الذئب مقسماً ألاّ يعجب يوماً بخطب الذئاب. - 9 - كان أحد الخراف تواقاً إلى تحسين أحوال أمة الخراف، ودائم التكلم عن ماض غابر مجيد كانت الخراف فيه متحدة وقوة عظمى ذات مهابة، فلا تأبه الخراف لكلامه، وتهرع من مكان إلى مكان باحثة عما يخلصها من جوعها. وقد رشح الخروف نفسه في الانتخابات واثقاً بأن الخراف الكثيرة العدد ستضمن له نجاحاً ساحقاً، ولكن نتائج الانتخابات أسفرت عن إخفاقه، وتبين له أن الخراف آثرت انتخاب آكليها. زكريا تامر 20/8/2014 المصدر: نفساني
|
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|