المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > عيادات نـفـسـاني > عيادة مشاكل الكبار
 

عيادة مشاكل الكبار كل ما يتعلق بالمشاكل النفسيه للكبار ، رهاب ، وسواس ، نوبات هلع ، فصام .... يقتصر الرد في العيادة على الأخصائيين المعتمدين للموقع .

حياة أشبه بالتلاشي البطيء

مقدمة:- تحية طيبة دكتور هذه استشارة بخصوص مشاكل مزمنة ومعقّدة أعانيها. كتبتها وأعدت صياغتها وترتيبها عدة مرات محاولاً قدر الإمكان أن أوفر فيها كل ما قد تتطلبه الاستشارة

 
 
أدوات الموضوع
قديم 10-08-2011, 12:24 AM   #1
اللامنتمي
عضو جديد


الصورة الرمزية اللامنتمي
اللامنتمي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 35122
 تاريخ التسجيل :  08 2011
 أخر زيارة : 10-01-2012 (04:20 AM)
 المشاركات : 2 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
حياة أشبه بالتلاشي البطيء






مقدمة:-

تحية طيبة دكتور

هذه استشارة بخصوص مشاكل مزمنة ومعقّدة أعانيها. كتبتها وأعدت صياغتها وترتيبها عدة مرات محاولاً قدر الإمكان أن أوفر فيها كل ما قد تتطلبه الاستشارة من معلومات مرضية وأعراض وسرد للأفكار والمشاعر. متتبعاً في ذلك ما أقرأه من نصائح الأطباء في ردودهم على الاستشارات النفسية التي أتصفحها على مواقع النت. وأظنها تحولت إلى ما يشبه ملفاً شاملاً أكثر من كونها مجرد استشارة. وهي موجهة للاستشاريين والأخصائيين النفسيين، أو لمن يعرف أحدهما ويريد المساعدة حقاً وله جزيل الشكر. وأرجو من غير المختصين، وأخص بالذكر الرقاة والهواة، عدم الرد نهائياً، مع الشكر.

تحدثت في هذه الاستشارة عن نفسي وعن طفولتي ومراهقتي وعلاقاتي الاجتماعية السابقة والحالية، ثم تحدثت عن مشكلتي، وكل ذلك بالتفصيل، على أمل أن أساعدك في تشخيص حالتي بدقة وتوجيهي بما تراه الأنسب لي. وقد قسمت الاستشارة إلى أقسام لا أضمن جودة ترتيبها بسبب كتابة بعض النقاط والاعترافات تحت ضغط من القلق والارتباك وعدم الشعور بالراحة بسبب إحساس داخلي قوي يرفض أن أبوح بها وقد كانت سراً لم أبح به لأحد من قبل، ولكني سأحاول ترتيبها قدر الإمكان.

* ملاحظة:
تم إرفاق حوارين دارا بيني وبين اثنين من أصحاب المواقع التي تقدم استشارات نفسية، وكان الحواران بعد أن أرسلت إلى كلا الموقعين نسخة سابقة من هذه الاستشارة. أرفقتهما هنا ليتم النظر فيهما من قبل المختص لعلهما يفيدانه في التشخيص والتحليل.

*

البيانات العامة والطبية والنفسية:

أنا شاب في الثامنة والعشرين من العمر. من السعودية - الرياض. أعزب. ترتيبي بين إخوتي الثاني عشر والأخير. طولي 179. وزني 81. أعمل سائق أجرة حر. مستواي الدراسي: ثاني ثانوي. حالتي الاقتصادية ضعيفة وغير مستقرة ولا يكفي دخلي المادي لأكثر من قوت يومي (أو بالأحرى لا شيء يدفعني للعمل غير كسب قوت يومي فبمجرد حصولي عليه أكتفي وأسارع بالعودة للبيت وكأني هارب من الجحيم). ولذلك فإني لا أستطيع تحمل تكاليف العلاج في العيادات الخاصة وهذا ما يضطرني للجوء إلى الإنترنت. شهيتي غير مستقرة فبعض الأيام أكثر من الأكل ومن عدد الوجبات، وبعضها الآخر أكتفي بلقيمات صغيرة أو ساندويتش واحد كل يوم أو يومين، وطوال أكثر من عشر سنوات لم يزد وزني عن 83 ولم ينقص عن 78 بل يتراوح ويتأرجح بينهما. أحياناً كثيرة أعاني من صداع شديد بعد الأكل مباشرة. أعيش حالياً بمفردي وبمعزل عن كل شيء.

*

أعاني من ثلاثة أمراض عضوية مزمنة: الأول، التهاب الجيوب الأنفية، الذي يسهل حدوث الصداع لأي سبب، وآلام الأذن المزعجة. وتم التشخيص بأنه عيب خلقي في عظمة الأنف الداخلية، مع توصية بضرورة عمل عملية جراحية للأنف لتعديل العظمة والغضروف. ولم أقم بعملها لعدم أهميتها الشديدة.

*

والثاني عبارة عن مرض جلدي، حبوب ودمامل تظهر وتختفي وتتنقل على أجزاء من ظهري، بدأت منذ سن المراهقة واستمرت رغم عدة محاولات للعلاج. وتم تشخيصها بأنها حالة نفسية.

*

والثالث بدأ مؤخراً، وهو ألم مستمر في مفاصل يدي اليمنى، مما يضطرني إلى طرقعتها عدة مرات في الدقيقة الواحدة لتخفيف الألم، ويحرجني تكرار الحركة أمام الناس. وكان تشخيص أخصائي العظام أنها حالة نفسية وليس لها علاقة بأمراض المفاصل. وقد بدأ هذا الأمر منذ حوالي سنة ولم يتوقف دقيقة واحدة.

*

أيضاً عندي حساسية في الصدر تجاه الغبار والدهان ولكن ليست مزمنة. بدأت في سنّ الثالثة عشر. وكانت تصيبني نوبات اختناق قوية ومزعجة وأحياناً بدون مثير حسي. استمرت حتى سن الثانية والعشرين ثم توقفت.

*

أشعر بحرارة في باطن القدمين خصوصاً عند الاستقياظ.

*

أشعر أحياناً بحرارة مرتفعة خصوصاً في رأسي. وأحياناً في أجزاء أخرى من جسدي مثل أحد أو بعض أصابع يديّ. وآلام وحرارة وتنميل في بعض المفاصل مثل الكعب والكوع وبعض أصابع يديّ وقدمي. وحين أقوم بفحص درجة حرارتي أجدها طبيعية.

*

أشعر بتعب وإنهاك شديدين وآلام في الظهر عندما أقوم بأي مجهود بسيط. وآلام الظهر تصيبني حتى وإن لم أحمل وزناً ثقيلاً.

*

كثيراً ما أسمع نبضات قلبي تدق بسرعة وقوة حتى وإن لم أقم بمجهود يذكر، وأحياناً أشعر بأن أحد أعضائي ينبض مع قلبي مثل ذراعي أو كتفي أو ساقي. وأحياناً يرافق هذا إحساس بأني على وشك أن أموت وأن هذه بداية السكرات.

*

أدمن التدخين بشراهة منذ سن الرابعة عشر، أدخن حوالي علبتين (40 سيجارة) في اليوم. وأدمن شرب القهوة. ورغم توفر المخدرات بكثرة وسهولة الحصول عليها في فترة مراهقتي فإني لم أجربها ولم أقع في شركها لأسباب أمتنع عن ذكرها الآن. ولكني بعد أن تجاوزت سن الخامسة والعشرين جربت بعض أنواعها التي لا تسبب الإدمان لمجرد التجربة. وأتذكر وقتها أنني لم أشعر بخوف أو تأنيب ضمير، لم أشعر بشيء غير الفضول، أتذكر هذا لأني استغربته. جربتها عدة مرات في فترات متباعدة ثم توقفت عنها تماماً لإيماني بعدم جدواها ولأني لمست ضررها أكثر من نفعها.

*

أعتبر نفسي شخصاً نظيفاً، أنيقاً ومهتم بصحتي أحياناً، لولا أني فوضوي وغير مستقر معظم الأوقات. فأنا أستحم كل يوم أو يومين، وحسب الأجواء إذا كانت حارة أو رطبة فقد أستحم مرتين أو ثلاث في اليوم خصوصاً إذا بذلت مجهوداً بدنياً. ورغم ذلك تمر بعض الأيام قد تصل إلى أسبوع أو أسبوعين دون أن أستحم أو أحلق ذقني وأشعر بأنها عملية صعبة وثقيلة ولا جدوى منها. اهتمامي بمظهري غير مستقر، أحياناً أهتم كثيراً بالتفاصيل والظهور بأفضل مظهر وارتداء أحسن الملابس وأكثرها أناقة، وأحياناً لا أهتم أبداً فألبس الرث من الملابس وأظهر بمظهر أشعث أغبر دون مبالاة. أشترك في النوادي الرياضية وتتحسن حالتي الصحية والمزاجية لمدة لا تزيد عن الشهر تقريباً قبل أن أشعر بالضجر وبعدم جدوى الاستمرار فأتركها وأترك كل عاداتي الصحية فجأة وأعود إلى الحضيض من جديد. غرفتي في الغالب غير مرتبة، وفي بيت العائلة كنت أكره أن يحاول أحد ترتيب غرفتي، وأشعر بعدم جدوى الترتيب لأني أعرف مكان كل شيء وسط الفوضى. وكل هذه الحالات بدأت تقريباً منذ سن السابعة عشر من عمري واستمرت حتى الآن.

*

راضٍ عن شكلي الخارجي عموماً. ولكن حين يسوء مزاجي وأستذكر أخطائي الفظيعة أكره كل شيء ومعه أكره حتى شكلي وأبقى على هذه الحال بالأيام.

*

علاقتي بالأهل والأصدقاء متردية ومتقطعة. أحياناً أقاطعهم بالشهور وأعود إليهم بالأيام قبل معاودة الانقطاع مجدداً.

*

سبق و أن زرت طبيباً نفسياً ثلاث مرات، مرة في سن الثامنة عشر، والأخرى في سن الواحدة والعشرين، والثالثة في سن الثانية والعشرين. وتم تشخيص حالتي بالاكتئاب ووصف أدوية (نسيت اسمها ربما سيروكسات في إحدى المرات) مضادة للاكتئاب في الزيارات الثلاث. ولم تفلح أياً منها في تغيير شيء لأنني لم أستمر لأكثر من جلسة واحدة. لم أستفد من الأدوية ولم أستمر عليها لأكثر من أسبوعين، وإن كان ثمة تغيير فعلته هذه الأدوية فهو أنها جعلتني أشعر بمشاعر غريبة لم تكن تنقصني فقد كنت بحاجة إلى التغيير الشامل والشعور بالاطمئنان، ولا أدعي أن هذا خطأ الأطباء، بل أظنه خطأي لصغر سني وجهلي بما يتطلبه الأمر للعلاج. وإن كنت ألوم الأطباء على أنهم اكتفوا بالأدوية دون الاهتمام بالمشكلة. فالطبيب الأول وكان عراقياً في عيادة خاصة، حينما أخبرته بمشكلتي قاطعني في بدايتها بابتسامة لم أسترح إليها وهو يقول: "أعرف أعرف بدأ الأمر بأن فُعِل بك ثم تطور إلى أن تفعل بالآخرين". تضايقت من أسلوبه وأخبرته بأن الأمر ليس كذلك، فما فعل بي هو اغتصاب بمراحله الكاملة وفعل الفاحشة التام، وما فعلته لم يكن اغتصاباً ولم أفعل الفاحشة بل كان مجرد لمس لا أفهم ما يدفعني إليه. ولا أقول هذا لأهون من فظاعة فعلتي ولكن لأني لم أفعل ما فعل بي أبداً. وبعد جلسة لم تستمر لأكثر من عشر دقائق أشار إلي بدواء معين وقال تستمر عليه وتأتيني بعد أسبوعين. وأخذت العلاج واستمريت عليه أسبوعين وتوقفت ولم أعد لهذا الطبيب نهائياً. الطبيب الثاني وهو سعودي في مستشفى حكومي بدأ بالحديث عن أن هذا يحدث في الأسر والمجتمعات المفككة ثم أشار إلي بدواء وفعل مثل الطبيب الأول وفعلت مثل المرة الأولى استخدمت الدواء أسبوعين ولم أعد للطبيب لأني لم أرتح له ولم أشعر بأني استفدت أي شيء من زيارتي له التي لم تستغرق أكثر من ربع ساعة. الطبيب الثالث كان يفترض أنه عربي وأنا سجلت في عيادته الخاصة على هذا الأساس لأفاجأ بأنه مسافر وتحل محله طبيبة هندية تتكلم العربية، لم أبال كثيراً بالأمر وإن كنت أفضل العربي لتقارب الثقافات، بدأت بحديثي معها وكانت تقاطعنا ممرضة فتدخل وتخرج وتعود وتنظر إلي بنظرات غريبة فأبديت استيائي للطبيبة وقلت أني لا أستطيع التحدث هكذا فحاولت إقناعي بأن هذا أمر عادي وهو واجبها فغضبت من ردة فعلها وخرجت دون أن أستفيد شيئاً تاركاً لها أموال الكشف وأدويتها وممرضتها.

والآن بعد أن كبرت لا أدعي أنني أعرف ما الذي يتطلبه العلاج ولكني أزعم بأني قادر وراغب ومستعد لأي شيء من أجل التغيير التام والشامل.

*
*
*

بعض الملاحظات عن ذكريات الطفولة، وضعي العائلي، أفكاري الخاصة والعامة، مشاعري وردود أفعالي وتصرفاتي وعلاقاتي وعاداتي وصفاتي، وقد تمت ملاحظتها على فترات متباعدة:


أشعر بالحرج والارتباك عندما يتوقع مني أن أظهر عواطفي. وأحياناً لا أشعر بشيء، برود وتبلد مشاعر تام.

*

لا أستطيع التوقف عن التفكير في مشكلاتي.

*

أشعر بالضجر، الملل والسأم على الدوم.

*

أقلق على أمور لا يفكر فيها الآخرون عادة.

*

حياتي مليئة بالطرق المسدودة.

*

يقول لي الآخرون أنني أبالغ في ردودي على مشكلات صغيرة.

*

عندما أشعر بالانزعاج، لا أعرف من أزعجني أو ما هو الشيء الذي أزعجني.

*

أقيم نفسي بأني عصبي، رغم إيماني بأن هذه ليست شخصيتي بل بالعكس أنا مرح وساخر وصاحب نكتة ولكني فقدت كل هذا منذ زمن حتى لم أعد أصدق أنني كنت ذلك الشخص.

*

تصوري عن الله: كان في الطفولة يقترن ذكر اسم الله بتصور كائن أسود كبير، مع شعور بالرهبة. استمر هذا التصور طوال عمري حتى توقف قبل بضعة سنين. الآن إذا سمعت اسم الله أو فكرت به فإني لا أتصور شيئاً سوى نفس حروف اسمه مكتوبة في الفراغ، دون أي شعور لا بالرهبة ولا بغيرها.

*

كل شخص لديه مشكلات. ولكن هناك أشياء خاطئة كثيرة ومتجذرة عندي، ولذا لا أستطيع أن أحب نفسي.

*

تأتيني حالات مزاجية أشعر فيها أنني قوي وقادر وكفء.

*

أفضل أن أبقى بارداً وحيادياً إلى أن أعرف الشخص الآخر بشكل جيد. ثم إذا عرفته جيداً لا أستطيع إظهار التفاعل معه.

*

لدي صعوبة في قول أشياء مثل "أنا أحبك" حتى عندما أشعر بذلك بشكل حقيقي.

*

في الغالب أنا لا أحب أحداً ولكني أكره الكثيرين. وإذا حدث أن أحببت أحداً فإني لا أستمر طويلاً قبل أن أقاطعه وكأنه لم يكن له وجود في حياتي.

*

في المرات القليلة التي خرجت فيها مع بعض الأصدقاء للتسلية والمرح لا أستطيع أن أشاركهم الانفعالات والنشاطات المرحة. وأستطيع مشاركتهم التذمر من بعض الأشياء التي يتذمر الناس منها عادة. وأحياناً أراهم يحاولون إخراجي من حالتي بإقحامي في هذه النشاطات مثل الغناء المرح أو التهريج أو الرقص أو التحدث عن بعض القصص الطريفة أو أي نشاط من الأنشطة التي يمارسها الشباب عادة في رحلاتهم، ولكني لا أستطيع الاستجابة لهم مما يزيد الأمر سوءاً ويجعلني أكرههم وأكره هذه المواقف. وبعد أن أهدأ أفكر بأنهم لا يلامون وأنهم كانوا على حق وأكتفي بكره نفسي وأقرر تجنب مثل هذه المواقف.

*

إذا حدث ودخل إلى المجموعة شخص جديد أفضل التزام الصمت التام وعدم المشاركة في الحديث.

*

إذا تطلب الأمر التدخل في الحوار فإني عادة ما أنفلت في الحديث، وغالباً ما أتكلم بطريقة التداعي الحر، أي أني لا أعرف ماذا سأقول ولكني أقول وأنطلق في الكلام دون وعي ولا ضابط. وأنتبه لهذا دائماً ويضايقني بشدة ولا أستطيع التحكم به.

*

في الجمل القصيرة، عادة ما أتوقف عن الكلام قبل انتهاء الجملة.

*

يقول لي الآخرون أني أستخدم التبرير في حديثي كثيراً. فلا أتحدث عن فكرة أو مشكلة أو حدث معين إلا مع ذكر ما يبرره.

*

إذا تحدثت فإني أقفز في المواضيع دون إنهائها.

*

لا أحب وطني ولا أشعر بالانتماء له وأحتقره وأشعر بأني منبوذ من قبله. وكثيراً ما أردد في أحاديثي أن الشعوب البشرية وأخص بالذكر الشعب السعودي لاحتكاكي بمشاكله، ليس أمامها لحل مشاكلها سوى خيارين لا ثالث لهما: إما أن تنتظر ألف عام حتى تتغير وتتطور وتتخلص من أمراضها الكثيرة والمتجذرة، وإما أن يأتيها عذاب مقيم مثل طوفان أو قنبلة نووية تبيدها عن بكرة أبيها إلا نفر قليل يبقى ليعمر الأرض ببداية جديدة وسليمة، ودائماً أختار أن أكون من الفئة الفانية.

*

أفكر كثيراً بأن البشر بحاجة إلى نبي جديد. وأفكر بأن الله إذا كان له وجود حقيقي فما الذي يمنعه من بعث رسول للبشر؟ المبدأ الذي يقول بأن محمد هو خاتم الأنبياء والمرسلين ليس قيداً على الله الذي يفترض أنه فرض هذا المبدأ فوحده قادر على فرضه ووحده قادر على تغييره. فما الذي يمنعه من تغييره طالما أن الظروف والوقائع ومجريات سير الأمور تتطلب هذا التغيير؟ وكما أنه سبق وأن جدّد الأديان بتكرار بعث الرسل فلا مانع من تكرار هذا مجدداً ليواصل رسالته ويكمل دين الإسلام. فلا يوجد أحد اليوم يمكن اعتباره مسلماً حقاً لأن الإسلام لم يكتمل في نظري. صحيح أن الآية تقول: "اليوم أكملت لكم دينكم" ولكن هذا الدين طاله التحريف، ووضع الأحاديث النبوية، والانغلاق على بعض أفكار السلف دون غيرها، والافتراق إلى مئات الفرق كل بما لديه راضٍ، وتم التلاعب بهذا الدين والاتجار به كثيراً، والأخطر من هذا أنه تم حقن أوردة هذا الدين بشهواتنا وأخطائنا ورغباتنا ومصالحنا وعُقدنا، ثم مصصنا دمه المختلط بحقنتنا، وأنتجنا من هذا الخليط العفن "أدوية إسلامية" لنسكن بها ألم العجز والوهن الذي ينخر في تاريخ المسلمين منذ عهد الصحابة وحتى هذه اللحظة، وأطلقنا على بعض هذه الأدوية أسماء إسلامية وألصقنا بها الكثير والكثير من النصوص الشرعية لتأخذ هذه الأدوية نصيبها من القداسة مثل "الصحوة السلفية و"المؤسسات الحكومية الدينية" و"الصبر على الحاكم الجائر" و"المذاهب والطوائف الإسلامية الأربعمية وستة وسبعين ألف" والتي لا تبدأ "بالشيعة" ولا تنتهي عند "السنة"! وهذه الأدوية الإسلامية يفرضها صناعها على البشر وكأن الخلاص والسعادة حكراً عليهم وعلى أدويتهم. بالضبط كما حدث لما سبق من الأديان بل أظنه أسوأ. ولم يبقَ اليوم سوى نفر قليل يمكن أن نعتبره متديناً حقاً، وستجده في الغالب من الناس البسطاء أو العلماء الذين يتصفون بالزهد وبإيثار مساعدة الناس على غيرها من الأعمال، ولن تجده أبداً من الشيوخ والعلماء الذين يرعون في نعيم حظائر الملوك وهو حال معظم العلماء، ولن تجده من السواد الأعظم من البشر، وبالتأكيد لن تجده بين الملوك والأسر الحاكمة، فالكل سيطر على عقله إما الدجل أو الخرافة أو النفاق أو وثنية السلطة.

*

بعض صفاتي: صارم، دقيق، وفي أحيان متساهل جداً لدرجة توحي بالضعف والقوى الخائرة. مزاجي، كسول جداً، قلق ومضطرب، متناقض، صوتي إما يكون عالياً، وأكون حادّ النقاش، سريع الغضب، وإما أكون منخفض الصوت، ولا أكمل نقاشي، ولا أغضب من شيء لدرجة تبلد الشعور. مع العلم بأني شخص هادئ وأعرف عن نفسي بأني ذو طبيعة هادئة ولكني مفتقد لطبيعتي. آكل ببطء شديد أو بسرعة شديدة. تعبيراتي سطحية وانفعالية. في بعض الأحيان أكذب، وأغتاب، وأظلم؛ فمثلاً أقول: فلان قال لي، وهو ما قال شيئاً، أو حدث لي كذا وهو لم يحدث. وهذا ما يجعلني في حالة أفضل بعيداً عن الناس. أعاتب نفسي كل لحظة، وأحاول أن أتغير، وأحياناً أنجح في التغيير ولكن لا أستمر. وأستسلم لعدم جدوى التغيير لأبقى وحيداً راضياً بسوء حالي.

*

الوعي ببؤسي الخاص لا يصالحني مع بؤس أشباهي. فلا أستطيع إنشاء علاقة مع أناس جيدين؛ ليقيني بأني من جنس وفصيلة مختلفة عنهم. ولا أستطيع إنشاء علاقة مع أناس سيئين؛ لثقتي بأنه تآخٍ قائم على أن كل طرف يرى خسّته في الطرف الآخر.

*

أحد مشاكلي التي تضايقني طوال حياتي هي: أن الناس تقول أن شخصيتي حلوة، وأكسب الناس بسرعة إذا كنت على طبيعتي، ولكن سريعاً ما أضطرب وأخسرهم، فأول من خسرت أمي وأهلي، فأنا الوحيد غير المرغوب فيه، ولا يحبونني، وأحياناً كثيرة أجد لهم العذر، وأحياناً لا أعذرهم أبداً. وزملائي وكل من صادقني سريعاً ما يتركني أو أتركه لعلمي بأنه سيتركني، وفجأة ودون سابق إنذار يبتعد بعضهم عني، وأفعل ببعضهم المثل.

*

أحب أن أخدم الناس، ولا أُحب النفاق، وواضح، ولكن لا حظ لي مع الناس، حتى صرت مكروهاً من الجميع دون استثناء، أشعر أني على الهامش، وليست لي أهمية عند أحد نهائياً.

*

تزعجني حقيقة أنه تمر الأسابيع دون أن يفتقدني أحد أو يسأل عني، وإذا حدث وافتقدني أحد فإني لا أبتهج لهذا ولا أتجاوب معه.

*

ألوم نفسي كل ليلة، أتصفح الإنترنت وأشتري الكتب وأقرأ كثيراً حتى أتغير، ولكن بلا فائدة، حاولت أن أطور من سلوكي، وأضبط انفعالاتي، دون فائدة.

*

ذوقي كثير التغير، في المأكل والملبس والعادات والاهتمامات والميول.

*

نبرة ضحكتي وأسلوبها يتغيران بعد كل مدة من الوقت، أراقب ضحكتي وأشعر أن هذا الذي يضحك ليس أنا.

*

تصيبني أحياناً نوبات بكاء مفاجئة سواء كنت لوحدي أو مع الناس، المعارف منهم والغرباء الذين أقابلهم كل يوم بحكم عملي في سيارة الأجرة. في الغالب أتمالك نفسي أمام الناس وإن كنت لا أستطيع منع عينيّ من الامتلاء بالدموع. وإذا كنت لوحدي أنفجر بالبكاء. وأحياناً أمنع نفسي لشعوري بأن البكاء لن يصنع فرقاً.

*

أحياناً أجد نفسي أرتجف بلا مبرر. ويحدث هذا نادراً وفي حال كنت مضطراً لمقابلة أحد من الناس.

*

لا أعرف نفسي ولا أفهمها. لا أعرف من أنا ولا ماذا أريد.

*

لست ممن يؤمنون بالحظ المجرد. بل أعتقد كما يقول الدكتور صلاح الراشد بأن الحظ = فرصة + استعداد. وعلى هذا فقد صادفت الكثير من الفرص في تحسين أوضاعي الحياتية، وحين تصادفني تلمع في رأسي فكرة قوية بأن هذه فرصة لا تعوض، ولكني - بوعي تارة وبلا وعي تارة أخرى - أختار رفضها لعدم استعدادي لها ولعدم فهم كيف تتحرك نفسي وما الذي يحدث لها من مشاكل بالضبط، وليقيني بأن لا شيء في نفسي سوى هذه المشاكل والاضطرابات والخوف والجبن والاستسلام والاستعداد للعيش في الحطام وفي الحضيض وفي العدم.

*

في صغري كان يضرب بي المثل في قوة الذاكرة، فكنت أحفظ أرقام الهواتف بسماعها لمرة واحدة، وكنت أحفظ كل ما دار من كلام في أي نقاش. وكنت جيداً في الإملاء منذ أول سنة دراسية وأذكر عندما كان البعض يسألني أيام طفولتي: كيف أصبحت ممتازاً في الإملاء هكذا؟ كنت أجيب بأني لا أدري ولكن الكلمة التي أكتبها أراها في خيالي وأكتبها كما هي دون جهد ولا تفكير. ولكن كل هذا تغير الآن فصرت أنسى الكثير من الأشياء المهمة، طبعاً ما عدا مستواي في الإملاء فقد بقي جيداً. وأذكر أحد المواقف في تردي ذاكرتي ورغم كثرة هذه المواقف إلا أن هذ كان أقواها، حدث مرة بعد أن تركت الثانوية ببضع سنوات، تقريباً وأنا في سن الثالثة والعشرين، وكنت أعمل في متجر لبيع الكتب وأدوات القرطاسية، وكنت وقتها منقطعاً عن أهلي ولا يعلمون بمكاني فكنت أعيش وأعمل في نفس الوقت بهذا المتجر بأجر بخس، حدث أن قابلت صديق دراسة، تفاجأت بهذا الصديق الذي لم أتذكر شكله ولا اسمه يقبل علي بشوشاً ويسلم علي ويأخذني بالأحضان وكان معه أخوه الصغير الذي أتى به ليعرفني عليه! تفاجأت وارتبكت واسودت الدنيا في عيني لعدم تمييزي لهذا الشخص الذي يبدو أنه يعرفني جيداً وكانت بيننا علاقة جيدة، ولاحظ هو هذا فشعرت بارتباكه وصدمته من ردة فعلي، وحاول أن يخبرني بأنه علم بأمر عملي في المكتبة عن طريق أحد الأصدقاء القدامى فأتى مرة ولم أكن موجوداً وأتى المرة الثانية ومعه أخوه الذي حدثه عني كثيراً! قال لي أنه من الواضح أني لم أتذكره، وأخبرني باسمه الذي نسيته الآن! وحاول أن يذكرني ببعض المواقف من أيام الدراسة والتي لم أجد لها أي صدى في ذاكرتي ما عدا شعور خفيف وغامض بأني أعرف هذا الشخص فعلاً ولكن كيف ومتى؟ لا أتذكر. المهم أن الرجل أصيب بخيبة أمل شديدة وخرج من المحل بارتباك في مشهد أتمنى أن يختفي من ذاكرتي فعلاً.

*

سبق وأن تحدثت عن تفوقي في مادة الإملاء. ومع ذلك لم أتفوق أبداً في أية مادة أخرى ولم أحب المدرسة طوال عمري مع أني كنت أنجح دون فهم لكيفية نجاحي. لم أشعر في حياتي بأي حماس ولا حافز ولا ارتباط بالدراسة في أي من مراحلي الدراسية ما عدا الفصل الأول من ثالث ثانوي والذي درسته بعد وعدٍ من أهلي بشراء سيارة جديدة وشقة ملك ودفع تكاليف المهر والزواج وأن أختار الزوجة التي أريد كل ذلك بشرط أن أكمل الثانوية التي استغرقت مني حوالي 6 سنوات بين رسوب وانقطاع في منتصف السنة وفصل بسبب كثرة التغيب والهروب. وفعلاً تحمست لهذا الوعد المغري ودرست الفصل الأول من ثالث ثانوي وتفوقت فيه وحصلت على درجة امتياز ولكن لم أكمل السنة فقبل بدء اختبارات الفصل الدراسي الثاني بيومين قررت عدم الحضور وترك الدراسة نهائياً ليقيني بعدم جدوى الشهادة ولا الوعد ولا الزواج ولا الوظيفة ولا أي نوع من أنواع النجاح.

*

لا أحب البحر وعندي عقدة من السباحة بالرغم من أني سباح لا بأس به. وأعتقد أن هذا عائد لعدة حوادث غرق تعرضت لها، أتذكر بعضها فقط، أما غرقي عندما كنت في الثالثة من العمر مثلاً فلا أتذكره ولا أتذكر بعض المواقف الأخرى التي حدثت في الطفولة مما حدوثني عنها أهلي.

*

أحب الجبال وتسلقها والمشي بقربها ومشاهدتها. وأكره المنحدرات وأشعر معها بالتوتر والانفعال. أشعر بالفضول عند مشاهدة المنعطفات على الطريق والاقتراب منها بسيارتي. أرتاح لمنظر الصحراء وكثيراً ما كنت أذهب لوحدي لأماكن صحراوية وأجلس هناك لبضع ساعات. أحب أماكن الخضرة والجداول والشلالات الصغيرة وأشعر معها بالإثارة والمتعة ولا أكتفي بمشاهدتها بل أحب الخوض في جداولها الصغيرة حتى تتسخ ملابسي والمشي لمسافات طويلة بقربها.

*

نومي غير منتظم وإذا نمت لدقائق واستيقظت لا أتمكن من النوم مجدداً. وأحياناً لا أتمكن من النوم لمدة يومين أو ثلاثة. ومع ذلك أحياناً أنام لساعات طويلة متواصلة تصل إلى 12 أو 16 ساعة أو أكثر. يمكن أن أختصر أفكار ما قبل النوم في أنها ليست بعيدة عما جاء في هذه الرسالة من حقد ورثاء على نفسي وتفكير بتغيير حياتي، ولكنني أحاول دائماً أن أصل إلى مرحلة النوم دون المرور بمرحلة الأفكار اللعينة هذه وأنجح في هذا أحياناً. فأحياناً أتلو ما أحفظ من القرآن حتى وأنا تارك للصلاة لأنه يريحني وأحياناً أكتفي بالاستماع إلى تلاوة أحد القراء أصحاب الصوت الرخيم. وأحياناً أنام على الموسيقى. ولكن هناك طريقة أخرى اعتدت عليها وهي مفضلة لدي لأنها تساعدني للاستغراق في النوم دون بذل مجهود، لم أسمع أو أقرأ عنها ولا أعرف إن كان هناك أحد يفعلها غيري ولكن سأحاول أن أصفها: أغمض عيني وأبدأ في تخيل وجوه غير مألوفة لبشر وحيوانات غريبة، أنا فقط أبدأ برسمها في خيالي ثم أتركها لتكمل هي رسم وتكوين نفسها وتغيير شكلها وتعبيرات ملامحها الغاضبة والباسمة والخائفة والساخرة والحزينة فأشاهدها كما لو كانت فيلماً مثيراً أشاهده لأول مرة لأني لا أعرف ماذا ستكون الحركة التالية وأي وجه سينبثق من عين أو أنف الوجه الحالي، وتستمر الوجوه تقترب مني وتبتعد وتتداخل وتتمزج وتتلاشى وهكذا دواليك دون أي جهد مني ولا فهم لكيفية حدوث هذا ولكن هذا لا يهمني وقتها فما يهمني هو أني لا أبقى طويلاً على هذه الحال حتى أستغرق في النوم العميق.

*

أما عن الأحلام فإذا راودتني الأحلام الهادئة فإنها غالباً ما تكون عن أني أطير مع شعور مزعج ومستمر بعدم قدرتي على التحكم في طيراني فأطير وأنا أشعر بأني سأقع في أية لحظة، ولكني لا أقع أبداً وهذا ما يجعلني أسميها أحلام هادئة. أما إذا راودتني الكوابيس فإنها غالباً ما تكون عن السقوط، فمثلاً أجدني مربوطاً بشيء كالصاروخ يرتفع بي عالياً ثم نسقط وهو موجه من السماء إلى الأرض وأنا أيضاً قدمي إلى السماء ورأسي إلى الأرض ونسقط بسرعة شديدة جنونية وتكون لحظة ما قبل الارتطام مرعبة ومزعجة فأستيقظ متعرقاً وخائفاً وأحياناً وأنا أصرخ. وفي معظم الأحيان أتكلم وأنا نائم كما أخبِرت بهذا عدة مرات، ويكون كلامي مفهوماً تارة وغير مفهوم تارة أخرى.

*

بالنسبة للهلاوس فأعتقد أني أعاني من هلاوس سمعية. حدث في طفولتي أن سمعت صوتاً ينادي باسمي وكأنه قادم من البعيد البعيد. حدث هذا عدة مرات ولكنه توقف في الطفولة. أما الذي استمر معي منذ الطفولة وحتى الآن فلا أعرف ماذا أسميه هلوسة سمعية أم ماذا، فهو ليس بصوت ولكنه إحساس بتضخم الأصوات من حولي، ليس صاخباً بل أشعر به كأزيز ثقيل يهز عقلي ووجداني، لا يأتي إلا وأنا وحدي في حجرة مغلقة. يستمر لعدة دقائق ثم يختفي. ولا يأتي إلا نادراً، ربما في السنة مرة أو مرتين. كان يخيفني فيما مضى ولكن مع مرور الوقت اعتدت عليه لدرجة أنه إذا أتى أبدي لا مبالاتي وأكمل نشاطي وكأنه غير موجود حتى يختفي وينتهي الأمر بسلام. ولكن لي قصة مختلفة معه. حدث مرة أن أتى هذا الأزيز وأنا أجلس في سيارتي أمام البيت، كان الوقت شتاء ونوافذ السيارة مغلقة ما عدا فسحة صغيرة في نافذتي تركتها لطرد دخان سجائري. كان حدوثه في تلك اللحظة أمراً مثيراً بالنسبة لي فلم يسبق أن حدث هكذا في الشارع. وفجأة لمحت في المرآة الجانبية أحد الجيران يمشي باتجاهي من الخلف، وزاد الأمر إثارة بالنسبة لي فلأول مرة يقترب مني إنسان وأنا في هذه الحالة، كنت أرقب اقتراب جاري بحذر، وحين صار بجانب نافذتي التفت إليه استعداداً لرد السلام الروتيني الذي كنت أتوقعه، وفعلاً سلّم الرجل ولكن حدث ما لم أتوقعه فلم يكد يبدأ أول كلمة من سلامه حتى انتفضت كل ذرة في جسدي بقوة عنيفة أسقطت السيجارة من يدي وهزت كامل جسدي بقوة، وكان هذا غريباً فلست من النوع الجَفول، وزاد الأمر غرابة أنه بعد أن تجاوزني الرجل وهدأت نفسي قليلاً وجدت يدي ترتجف بشدة أرعبتني.

*

رغبتي الجنسية محمومة وأمارس العادة السرية كثيراً لإطفاء شهوتي.

*

يمكن اختصار مشاكلي العاطفية في نقطة معينة تزيد حدتها وتنقص: أبحث عن الحب عندما أكون بحاجة ماسة له وأنجح في إنشاء علاقة بمشاعر قوية متبادلة. ولكن هذا لا يستمر أكثر من بضعة أشهر لأقف في منتصف المشوار مع يقين قاسٍ بعدم جدوى الاستمرار يضطرني إلى قطع العلاقة بتبريرات مختلقة وغير مقنعة، لأني لا أستطيع الاستمرار في التظاهر بعدم وجود مشاكل. الأمر الذي سبب لي ولكل من أحبوني وأحببتهم الكثير من المعاناة. وهذا ما يعطيني دافعاً قوياً للامتناع عن إنشاء أية علاقة جديدة، وعدم قبول العودة إلى أية علاقة قديمة. ولا أستمر طويلاً على هذه الحال أيضاً حتى تتملكني الحاجة إلى علاقة حب فأبحث من جديد ودون وعي عمن تشاركني هذا الطريق الذي لا يوصل إلا إلى نهاية مسدودة. وقد تكرر هذا عدة مرات في حياتي حتى طفح الكيل. اكتفيت الآن ولن أكرر المحاولة قبل أن أجد حلاً لمشاكلي.

*

تأتيني نوبات من الفزع والهلع غير المبرر توقظني من النوم. حدث هذا لأول مرة في طفولتي في عمر السابعة أو الثامنة تقريباً. أتذكر الموقف جيداً وكأنه حدث البارحة. حيث قفزت من الفراش فزعاً وركضت إلى أمي وأيقظتها من نومها وأنا مرتجف ومرتاع فسألتني وش فيك قلت خايف سألتني من ايش قلت مادري قمت من النوم خايف. فضحكت ضحكة غريبة لم أفهمها ولكنها ضايقتني بشدة لدرجة أنني بقيت أياماً وأنا أسترجع هذا الموقف وأحاول أن أفهم معنى هذه الضحكة ولم أستطع. المهم أنها أمرتني بالرجوع إلى الفراش وتلاوة المعوذات وفعلت ولم أرتح بل زاد ضيقي وخوفي وفكرت مرة أخرى في الذهاب إليها ولكني خفت أن تضحك مرة أخرى فأغمضت عينيّ بقوة وصررت على أسناني بشدة حتى نمت. ومع مرور السنين كلما تذكرت هذا الموقف بتفاصيله أشعر بالدوار والضيق والكرب الشديد لا أعرف لماذا. ولم يتكرر هذا الفزع حتى تخطيت سن المراهقة. فمن بعدها بدأ يأتي بشكل نادر ولكنه يكون قوياً ولا يذهب حتى أخرج للمشي في الشارع لبضع دقائق، وأحياناً يذهب بعد ممارسة القليل من العزف على الأورغ الخاص بي.

*

عن طفولتي وعائلتي: أنجبتني أمي بعملية قيصرية متعبة بعد أن تجاوزت أشهر الحمل التسعة دون بوادر تشير إلى ولادتي، وكانت وقتئذ في سن الثانية والأربعين تقريباً وأبي في الواحدة والخمسين. وتوفي في الرابعة والستين من عمره. وأمي الآن عمرها سبعون سنة. أمية، وأبي أيضاً كان أمياً لولا أنه اضطر إلى تعلم الكتابة والقراءة من أجل عمله. لا أتذكر أني أحببتهما ولا أنهما أحباني. لا أكرههما فقد حزنت كثيراً لموت والدي ولم أصدق موته لأشهر ولكني لا أتذكر له مواقفاً معينة في حياته ولم نكن قريبين من بعضنا. أما أمي فصحيح أني لم أكن باراً بها لسنين طوال ولكن هذا كان يضايقني وكانت هي أيضاً لا تحسن معاملتي برغم أنها ليست قاسية ولا شريرة بل بالعكس هي في قمة الطيبة ولكنها ضعيفة وسلبية وذات شخصية هستيرية وأنا لا ألومها أبداً فقد رأت الكثير والكثير مما يشيب له الولدان وساءت صحتها بسبب ارتفاع الضغط، وفي السنوات الأخيرة غيرت تعاملي معها وكنت إذا عدت إلى البيت بعد انقطاع أدفن رأسي بصدرها وأبكي وأقبل رأسها ويديها وقدميها وأطلب منها الرضا والدعاء مع أن هذه ليست طريقتي في التعامل معها في طفولتي فلم أعتد على الأحضان أو البكاء أو أياً من هذه المواقف الحميمية، وهي أيضاً لم تعتد على هذا صحيح أنها أحياناً تبكي إذا ضممتها ولكنها في الغالب لا تتجاوب بل تكشر في وجهي وهذا يحبطني ولكني أحاول ألا أبين لها. لا أتذكر أن أحداً أحبّ أحداً فلم أشعر بشيء كهذا في عائلتي. وكثيراً ما كنت أشعر بالتوتر والانفعال حينما أرى أي مشهد يعبر عن الحب في التمثيليات والأفلام أو حتى في الواقع. لقد كنت وحيداً طوال عمري ولم أشعر بأي ارتباط بأحد. لا بأمي ولا بأبي. ولا بإخوتي. نحن أربعة أولاد وثمان بنات، الولد الأكبر تعرض لحادث سيارة في طفولته أقعده طوال عمره بشلل نصفي وتوقف في نمو العقل عند سن الخامسة أو كما يحب الأطباء اختصاره بمصطلح "تخلف عقلي" مع أنه كان صحيحاً وذكياً قبل الحادثة، حتى توفي قبل عام من اليوم وهو في سن الخمسين. والأخ الثاني توفي بعد أبي بثمانية وعشرين يوماً. والأخ الثالث يكبرني بعام ونصف. وهو الآن مدمن للحشيش برغم أنه متزوج ورزق بولد قبل فترة قريبة. وأنا الرابع والأخير، وأعيش حالياً بمفردي وبمعزل عن كل شيء وبانقطاع عن أهلي منذ عدة أشهر. بقية إخوتي إناث وكلهن متزوجات ويعشن مع أزواجهن. لم يكن أبي قاسياً علينا ولكنه كان مشغولاً دائماً. ولا أتذكر أبداً أن أحداً ضمني بحضنه أو اهتم بي، ويزعجني أيضاً أني لم أحب أحداً أو آخذه في حضني أو أبدي له اهتمامي. بيتنا كئيب وجاف. وحتى الآن حين يشعرن أخواتي بالشوق إلى بيت العائلة ويأتين للزيارة أو حتى للزعل من أزواجهن لا يلبثن بضعة أيام قبل أن يقررن العودة إلى بيوت أزواجهن. وكثيراً ما سمعتهن يتحدثن عن أن ثمة شيئاً غريباً في بيتنا يجعله كئيباً ولا يطاق.

*

أتذكر أخي الذي توفي بعد أبي بثمانية وعشرين يوماً. حينما سمعت خبر موته شعرت بالراحة، وبأن هماً ثقيلاً انزاح عني. فقد كان متسلطاً وعصبياً وسليط اللسان. وكان متديناً تائباً بعد فسوق. وقد أصيب بمرض نقص المناعة الإيدز. وتقول أمي أنه لم يكتشفه إلا بعد أن تاب. وكان هذا المرض هو من قضى على حياته وهو في سن الواحدة والثلاثين، أما أبي فلم يعلم بأمر مرض أخي إلا قبل أن يموتان ببضعة أشهر وكان هذا سبب تعب أبي وتكالب الجلطات القلبية عليه قبل أن يصاب بجلطة في الدماغ أقعدته في الفراش مشلولاً لبضعة أسابيع قبل أن يفارق الحياة بجلطة قلبية أخيرة. أتذكر أيام أخي الأخيرة حين ساءت صحته بشدة وصار نحيلاً جداً. وكان يأكل في طبق خاص ويشرب في كأس خاص ونساعده على القيام والقعود والأكل والشرب. وكان يقضي أيامه متنقلاً بين المستشفى والبيت فيتنوم هناك إذا ساءت حاله ويعود إذا تحسنت قليلاً. وكنت أتشوق إلى ذهابه للمستشفى وأضيق بعودته. وأتذكر مرة أنه غضب مني لسبب تافه فأجبرني على الشرب من كأسه الخاص وشربت وأنا أبكي مع أني لم أكن أعرف ما هو مرضه بالضبط ولكن كنت أعرف ما أخبرتني به أمي وهو أن مرضه معدي فشربت وأنا أتخيل بأن مرضه ينتقل إلي فشعرت بالغثيان واستفرغت وألقيت بالكأس وهربت من البيت. طبعاً علمت فيما بعد أن الإيدز لا ينتقل إلا بالدم والممارسة الجنسية. ولكن عندما أجبرني على الشرب كان مصاباً بعدة أمراض من تلك التي سببها له نقص المناعة، مثل التهاب الكبد الوبائي والتهاب الرئة. وكان يجبرني أحياناً على حكّ ظهره بسبب الحبوب التي تتكون فيه وتسبب له الحساسية والضيق. ولا أستطيع نسيان المنظر عندما كنا نساعده أنا وأمي في الاستحمام.. منظر جسمه العاري الذي لا لحم فيه ولا شحم وكأنه عصا مغطاة بالجلد مستقيمة الشكل إلا من بعض نتوءات عظمية. وهذه التجربة بالمناسبة هي ما أبعدني عن المخدرات أيام المراهقة حيث كانت منتشرة بكثرة والحصول عليها سهل وميسر بين الأوساط التي صاحبتها في المتوسط والثانوي. وكان الحشيش والإبر والشراب يقدمون إلي تقديماً وكنت أرفضها بشدة دون ذكر السبب ويستغرب الشباب من تصرفي المتزمت بشأنها رغم أني لم أكن أكثر من فتى عادي بلسان سليط يدخن ولا يهتم بالصلاة. وكل ما كنت أفهمه وقتها هو أن المخدرات تسبب الإيدز وأن هذا هو ما حدث لأخي، هكذا قالت أمي وهكذا علق الأمر في ذهني رغم قراءاتي الوافية عن الفيروس. لم أبح بأمر أخي لأحد وكنت أكره الحديث عنه لأني لا أريد أن أذكر لأحد سيئاته بعد أن مات وانتهى الأمر. وكنت أفاجأ بين حين وآخر بأحد المعارف يمتدحه على لباقته وشخصيته المميزة وخفة دمه. وكنت أضيق بهذا لأني كنت أظنه كذباً وكنت أرى فيه احتقاراً لمعاناتي معه التي أبقيتها سراً. ولطالما حملت معي الرعب من احتمال إصابتي بالإيدز، وقرأت عن هذا المرض كثيراً، وكنت أفكر وأتردد وأتمنع عن إجراء فحص للمرض، خشية أن أكون مصاباً به فعلاً وأن حياتي ستنقلب إلى جحيم إذا عرفت هذا ففضلت البقاء في جهلي لأطول مدة ممكنة، ولكن بعد أربع سنوات فقدت صبري وقررت إجراء الفحص، وفي سن السابعة عشر أجريت الفحص بعد معاناة للتملص من حصار أسئلة طبيب المختبر عن مبرر اختياري لمرض الإيدز لأفحصه. وجاءني الرد بعدها بخمسة أيام بسلبية النتيجة ولم أصدق أذني فقد وقر في نفسي منذ زمن أني مصاب بالفيروس وبأنه الآن يعيش بياته الافتراضي وسيستيقظ يوماً. ويوم سمعت النتيجة شعرت بأني ملكت الدنيا من شدة الفرح.

*

شخصيتي في الطفولة: يقولون أنني كنت ملاكاً مطيعاً والكل يمتدحني على مظهري الجميل والنظيف وطباعي الهادئة وأخلاقي المهذبة. أما أنا فلا أتذكر إلا أني كنت صامتاً منعزلاً. لدرجة أن أخي الذي يكبرني بعام ونصف قال لي مرة أنه يعتقد أني كنت مصاباً بالتوحد. ورددت عليه بأنه كان يرفض اصطحابي معه وهذا ما جعلني وحيداً. كنت في طفولتي أفضل الجلوس في الزوايا، وفي المدرسة يشتكي المعلمون من قلة نشاطي ومشاركاتي. وفي الرحلات لا يستهويني اللعب في ألعابهم، بل كنت أهوى الجلوس للحفر في التراب واصطياد العقارب من تحت الصخور وحرمانها من إبرتها السامة بفصلها عن جسدها ثم إطلاق سراحها، واصطياد الثعابين وقتلها. وجمع الضفادع والحشرات في علب وإجراء التجارب عليها. فمرة أحببت أن أفهم سر الدود الذي يأكل الجيفة. فمن أين يأتي؟ من التراب؟ وإذا كان يأتي من التراب فما سر الدود الذي نصادفه في الجيف الملقاة على مكان غير ترابي مثل الإسفلت؟ ولماذا لا يأتي إلى الإنسان أو الحيوان إلا إذا مات؟ فاصطدت ضفدعين وعانيت الأمرين لقتلهما ودفنت أحدهما في التراب وعلّمت على مكانه بقطعة بلاستيك، أما الآخر فوضعته في علبة عصير كرتونية فارغة وأحكمت إغلاقها ثم وضعت العلبة وسط كيس مليء بالتراب وأحكمت إغلاق الكيس بدوره ثم دفنته بجانب صاحبه. وطبعا كانت إضافة الكيس المليء بالتراب إلى التجربة من أجل أن أرى إن كان الدود سيتكوّن من التراب الذي بداخل الكيس ويخترق العلبة، أم أنه موجود في الخارج بالفعل وسيزحف مخترقاً الكيس والعلبة معاً. ومع أني فكرت أن سؤال أي أحد من الكبار سينهي الموضوع بلا تجربة إلا أني فضلت أن أكتشف بنفسي. وفعلت، لأكتشف بأن الدود ما هو إلا من داخل الجسد. وكانت لي نظرية أخبرت بها مدرس مادة العلوم في أول متوسط فضحك منها ولم يرد! وأعذره على ضحكه فلم أكن بالطالب النجيب في مادة العلوم ولا غيرها ما عدا الإملاء وربما ظن أني أسخر! ونظريتي هي أن الدود هو في الأصل الخلايا والأجسام الغريبة كالبكتيريا التي كانت تعيش في جسم الكائن الحي قبل أن يموت والتي كان يحاربها الجهاز المناعي، وبعد أن يموت الإنسان ومعه جهازه المناعي وخلايا دمه البيضاء لا يبقى شيء يقف في طريق هذه الكائنات لتنمو وتكبر لتصبح مفترسة تقتات على لحمه الميت! كانت نظرية مثيرة جداً بالنسبة لطفل في الثانية عشر من عمره. وعموماً هكذا كان حالي في الطفولة كنت كثير التفكير قليل الكلام محب للمطالعة والقراءة وفهم الأشياء ولكن ليس بشكل دائم فالحياة أحياناً تمتلئ بمنعطفات تغير شخصية الإنسان واهتماماته وميوله وهذا ما حدث لي كثيراً حتى تخبطت وتعبت ولم أعد أعرف من أنا وما هي اهتماماتي الحقيقية وما هي هويتي.

*

إذا حاولت اختصار حالتي المزمنة والمتشعبة في نقطة محددة فسأقول أن هناك شيء ما يربطني دائماً بالعذاب المستمر. وأؤمن في داخلي بأني أستحق هذا العذاب. فإذا تحسن مزاجي مع مرور الأيام وطول الوحدة، ورغبت في الخلاص من عذابي، وبذلت ما أملك لتحقيق ذلك، فإني أنجح، ثم لا ألبث أن أبدأ بالشعور بأن ما يحدث غير صحيح وغير مجدي وأني لا أستطيع الاستمرار فأعود إلى الصفر من جديد وأبقى فيه فترة طويلة قبل أن أرغب في الخلاص منه مجدداً. وأشعر أن هذا عقاب مناسب لأكفر عما فعلت.

*

تغيرت طباعي الجيدة وانحطت كل أفكاري وفقدت كل معنى لأي شيء وأي فكرة في الحياة.

*

لم أعد قادراً حتى على ممارسة هواياتي كالكتابة والقراءة والعزف على الأورغ لأني أعتقد أنها لن تصنع فرقاً.

*

صارت كل اهتماماتي منصبة على البحث عن أي شيء يستحوذ على تركيزي الحاد تجاه الأشياء، لذلك أدمنت متابعة المسلسلات والأفلام بالرغم من أني غير متابع للتلفزيون ولا أملك واحداً أصلاً بل أنزّلها من الإنترنت وأتفرج على حلقاتها دفعة واحدة وبنهم شديد، وأذكر لك هذا لأني لا أفعل شيئاً طوال أيامي هذه غير متابعة المسلسلات والأفلام! حتى أني لجأت لمسلسلات الكرتون فقط لأبقي نفسي منشغلاً! أدمنت هذا الاهتمام لقدرته على شغل تفكيري بأشياء أخرى غير حياتي. ومع ذلك لا أدعي نجاح هذه المحاولة للهروب من واقعي، فالدراما التي تسليني وتشغلني سرعان ما تتخذ موضعها من المقارنة مع قصة حياتي ليبدأ مسلسل الحقد والرثاء تجاه ذاتي.

*

علاقتي بالعالم الخارجي معدومة وبالعالم الداخلي مدمرة.

*

قدرتي على التكلم تضعف يوماً بعد يوم حتى صار كلامي مليئاً بالأخطاء والتلعثم وهذا عكس ما كنت عليه في الماضي. الآن إذا تحدثت فحديثي غير واضح وفي معظم الأحيان غير مرتب ولا متزن ولا مفهوم وأحياناً يكون فظاً أو ساخراً وجافاً لأغدو مجرد وقح.

*

أصبحت شخصاً مفتقداً لأي نوع من أنواع الذكاء. أخجل وأرتبك وأكذب وأفكر بشكل سطحي وساذج وأتجهم وأنفعل كثيراً ولأتفه الأسباب.

*

غير راغب ولا طامح في أي شيء. أفضل أحلامي هو أن أعيش وحيداً زاهداً في كوخ بسيط ناء، أو في مغارة جبل وسط العدم دون احتكاك بأي كائن عاقل. ولكن الحقيقة هي أني لا أريد أياً من هذا وليست هذه أحلامي الحقيقية بل أريد لنفسي الأفضل ولكن لا أملك أن أغير هذا التفكير.

*

أصبحت شخصاً لا يستطيع التحدث مع الناس إلا للضرورة أو لقضاء حاجة وإن تكلمت فباقتضاب وعلى مضض. لأختصر عليك وأقول أني بعد أن كنت في يوم من الأيام ذو شخصية محبوبة واجتماعية وذات كاريزما أصبحت شخصاً لا يطاق وصاحب شخصية خالية من المزايا على المستويين الشخصي والاجتماعي، وأعرف أن هذا التحول في شعور الناس تجاهي هو تحول طبيعي بعد أن أصبحت أنا نفسي لا أطيق نفسي بل أكرهها وأحقد عليها وأؤمن بأنها لا تستحق أي شي جيد في هذه الحياة.

*

معظم الأوقات أشعر بأني مجنون وأني مجرم وأني معطوب ولا يمكن إصلاحي. وأفكر إما في أن يقتص مني أو أحتجز في مستشفى نفسي لبقية حياتي أو أموت وأريح هذه الدنيا مني.

*

بائس أنا، شقي غاية الشقاء، لدرجة أني لم أعد قادراً على احتمال ضعفي ومداراة حزني وسوءتي والتعامل مع مشاكلي وكأنها غير موجودة. الأمر الذي يضعني أمام مفترق طرق فإما أن أتغير وأعيش الحياة كما أريد وبشكل صحيح أفخر وأعتز به، وإما أن أموت وأستريح من هذه الحياة التي أقرب ما تكون إلى الانتحار والتلاشي البطيء. لا حل وسط، وإذا كان ثمة حل وسط فلا أريده.

*
*
*
*
*
*
*
*
*
*

مشكلتي الكبرى وكيف بدأت وتحورت لتجعل مني أنا مشكلة كبرى لغيري:

في البدء يجدر بي ذكر نقطة مهمة، وهي أن لدي اعتقاد قوي بأن مشاكلي لم تبدأ بما حدث لي من غدر وأحداث مشينة سأحكيها لكم الآن، ولا بما فعلته من أخطاء لا يمكن إصلاحها وسأحكيها لكم لاحقاً، بل أشعر أنها بدأت قبل ذلك بكثير. ربما من الطفولة وربما وراثية، فأبي وأمي قريبان، وإخوتي الأولاد لم ينجحا في حياتهما، ولدي اثنتين من أخواتي مصابات باكتئاب مزمن وتتعالجان عند طبيب نفسي منذ سنين.

مشكلتي مع الأحداث الفظيعة في حياتي بدأت في السنتين ما بين سنّ الثالثة عشر والخامسة عشر. حيث تعرضت في هاتين السنتين بالذات لمشاكل ومواقف قذرة ولعينة. صدمات أثرت في حياتي وابتلعت شخصيتي واقتاتت ببطء على كل شيء جيد فيها حتى لفظتها بقايا كالهلام.

*

كانت هذه الأحداث قبل خمس عشرة سنة، بدأت بوفاة أبي وأخي في شهر واحد، مروراً بتعرضي للاغتصاب ممن ظننته صديق لي، الذي استعان بصديق له لتقييدي واغتصابي. وتبعت هذه الحادثة حادثة اغتصاب أخرى من شابين آخرين وهما الأخوان الكبيران لصديق آخر كنت أعتبره أعز أصدقائي، وتبع هذا عدة محاولات تحرش جنسي فاشلة بعضها من أقاربي. كما تعرضت لمحاولة تحرش جنسي فاشلة من أحد أقرب أقربائي، ثم الضرب الشديد المبرح من نفس هذا القريب، الذي كان وكيلنا الرسمي بعد وفاة أبي وأخي الكبير، ثم تعرضت العائلة من قبل هذا الوكيل لسرقة معظم ما تركه لنا والدي من أموال وهو ما يربو على الستمائة ألف ريال، الأمر الذي استدعى إلى إلغاء الوكالة وترك المدينة التي نعيش فيها بل المنطقة كلها لننتقل إلى منطقة أخرى لنعطي الوكالة لقريب آخر ولتبدأ عائلتي حياة جديدة وصعبة. ولكني افترقت عنهم عاطفياً فلم أشعر بالانتماء لهم ولا بالمسؤولية، وتطور الأمر مع مرور الوقت ليبدأ مسلسل تنقلي الكثير وابتعادي المتكرر عن أهلي وعلاقتي المتردية معهم، لدرجة أني كنت أضطر أحياناً إلى ترك البيت واستئجار غرفة في فندق رخيص في نفس المدينة فقط لأكون وحيداً وبعيداً عن كل شيء. وأحياناً كنت أترك البيت وأعيش في السيارة بالأيام، حدث هذا مرة في أيام الاختبارات النهائية في الصف الثاني ثانوي، خرجت قبل الاختبارات بيوم وعشت في السيارة أسبوعين أنام وأذاكر فيها، وكنت أحياناً أوقف السيارة بجانب المدرسة في الليل حتى لا أتأخر على الامتحان صباحاً، وعدت إلى البيت بعد انتهاء الامتحانات، والغريب أنني نجحت في تلك الامتحانات دون مشاكل. مثل هذه المواقف تكررت كثيراً. وتلك الأحداث والصدمات رافقت ذاكرتي طوال خمس عشرة سنة. إن اللحظات التي يمكن أن أسميها هادئة ونعمت فيها بالسلام طوال حياتي البائسة هي اللحظات التي نسيت فيها تلك الأحداث. ولكنه ليس نسياناً تاماً بل هي تكون شبه نائمة لتستيقظ فجأة بمبرر أثارها وأحياناً بدون مبرر لتحيل أهدأ لحظات عمري إلى حجيم مستعر. كثيراً ما أتمنى فقدان ذاكرتي تماماً وليس فقط ذكريات تلك الأحداث بل كل ماضيّ. فليست لدي حياة حقيقية ولا علاقات حقيقية ولا أي شيء حقيقي سوى هذا البؤس الذي حولني إلى شخص سيء، فأنا الضحية والجاني، الظالم والمظلوم. لا أملك إلا بؤسي وذاكرة لعينة وفكرة إنهاء حياتي. ولطالما بحثت في تاريخ الطب عن حالات لأناس اختاروا فقدان ذاكرتهم بنفسهم ولكن لم أجد شيئاً من هذا. وقد حاولت الانتحار مرة وأنا في سن الثانية والعشرين، وفشلت المحاولة بسبب تدخل أحد أقاربي، وكنا - أنا وهو - قاب قوسين أو أدنى من الموت المحتم. ولكم تمنيت لو أنه لم يفعل، فمن بعدها لم أتمكن أبداً من الحصول على هذا القدر من التركيز والقوة والشجاعة لتكرار المحاولة (أحياناً أفكر في هذه الحادثة وأعتقد أنه لم يكن تركيزاً ولا قوة ولا شجاعة، بل هو محض قرار مفاجئ لا أدري كيف اتخذته ولكني اتخذته عن قناعة تامة وإيمان عميق ونفذته فوراً بضغط زناد الرشاش الآلي دون وعي بما حولي ولا إحساس بقريبي الذي دفعني بقوة وبكامل جسده ليتغير اتجاه فوهة السلاح ويتلقى جدار الغرفة كل الطلقات).

*

ما ذكرته ليس هو وحده السبب الرئيسي لمشاكلي، بل أعتبره نصف السبب.

*

أما النصف الآخر للسبب الرئيسي وراء تعاستي وهو الأهم، هو أني ظلمت نفسي وظلمت غيري. ارتكبت آثاماً كبيرة تفوق قدرتي على تحملها أو نسيانها، كما أنها لا يمكن تصحيحها. وأزعم أن هذا هو أكبر سبب لتعاستي، وهروبي من الواقع، وتغيّر شخصيتي وطباعي، وانطفاء شعلة حماسي تجاه كل شيء، وتحولي إلى شخصية باردة، قذرة، محطمة وخاوية.

إنني أكتب وأنا أنتفض من شدة البكاء حزناً على نفسي وغضباً منها. لا أعلم ما الذي حدث لي وكيف صرت هكذا. كيف فعلت أكثر شيء كرهته في حياتي؟ كيف صرت مثل الذين أحلم أن أنتقم منهم؟ فمنذ أيام المرحلة المتوسطة بدأت أحاول التحرش بالأولاد ممن هم في عمري. بدأ الأمر في المدرسة وفي احتكاكات الطابور. ثم تطور إلى الأقارب ممن هم نفس سني، بعضهم أكبر وبعضهم أصغر بقليل. كان الأمر يبدأ بالرغبة وباللمس ثم يتطور إلى تبادل الرغبة بيني وبين الولد. وكان التجاوب كبيراً من كثير منهم. ومن لا أشعر بتجاوبه أتركه وأبتعد وأنا خائف.
والأصعب من كل هذا، أنني مع مرور الوقت صرت ألمس الصغار من أقاربي، أولاد وبنات. وهذا ما يكاد ينفجر رأسي كلما تذكرته. هذا ما يجعلني ألعن نفسي كل يوم وكل لحظة. لا أدري كيف صرت هكذا. أرجوكم أخبروني كيف صرت هكذا. ولماذا فعلته. لا أذكر أني كنت واعياً في أي مرة قمت فيها بهذا. ولا أقول هذا لأبرر لنفسي، بل لأني أريد أن أفهم لماذا يختفي وعيي وقتها. ويعود بعدها لأعيش أتعس لحظات حياتي وتمور بصدري أسوأ الأحاسيس. أريد أن أعرف كيف أقابل من أسأت لهم؟ بعضهم كبر الآن ولا أستطيع أن أضع عيني في عينه. كيف أقابل أهلهم من أقاربي؟ إذا سألوني لماذا فعلت بهم هذا ماذا أجيب؟ أرجوكم أخبروني.

*

حالي الآن، هو أني فشلت في كل تجاربي الحياتية. وخسرت علاقاتي مع الأهل والأصدقاء والأحبة والأقارب، مع أني لا أعتبرها خسارة وقت حدوثها بل أعتبرها مكسباً لهم فقد ابتعد عنهم شيء شيطاني لو علموا تاريخه لقتلوه حرقاً، ولكني أندم على خسارة هذه العلاقات بعد مدة من الوقت وأتحسر عليها حين أجد نفسي وحيداً وسط مصاعب الحياة بلا أهل ولا صديق ولا سند ولا ونيس. والأدهى من كل هذا أني فشلت مع ذاتي في كل محاولاتي لتصحيح نفسي وإصلاحها، بل فشلت في منع نفسي من الانحدار المستمر في كل المجالات على المستويين الشخصي والاجتماعي. وعندما أقول أني فشلت في تجاربي لا يعني أني فشلت تماماً. بل إني كثيراً ما أنجح وأتفوق على نفسي وأبهر نفسي بما لم أتوفعه. ولكن سرعان ما أرى عدم الجدوى من هذا النجاح فأنسحب مضحياً بكل ما بذلته من مشاعر وجهد وصبر ووقت بلا مبالاة وكأن شيئاً لم يحدث.

*

الذي يدفعني الآن للتحرك ومحاولة إيجاد حل هو أن كرهي لنفسي أصبح لا يضاهي كرهي لما آلت إليه حياتي، فالثاني وصل مبلغه من السوء حتى دفعني للتفكير بأنني يجب أن أفعل شيئاً لمداواة الأول. ومع ذلك لا أزال مشتتاً وتقتلني فكرة أني لا أستحق حتى هذه المحاولة لإصلاح نفسي. ولكن هذه الأفكار لا تستمر دائماً بل أفكر كثيراً في بداية جديدة وتغيير كامل، وهذا ما أفشل في تحقيقه كل مرة، وكثيراً ما أقوم بترك كل شيء في حياتي وهجر أصدقائي وأهلي وعملي ومكان إقامتي لأبدأ في مكان آخر، وهذا ما اضطرني إلى تحويل سيارتي الخاصة إلى سيارة أجرة لأعول نفسي في أي مكان تلقي بي الرياح إليه لأتخلص من الحاجة إلى وظيفة تربطني بمكان وأناس معينين. وحتى هذا التصرف لم يثمر شيئاً، فلم تتحسن حالتي ولم يتغير شيء إلا إلى الأسوأ. وصار السبب الذي يدفعني لتكرار هذا الهجر هو الهروب من كل ما له علاقة بي ولم يعد التغيير إلى الأفضل أهم أسبابي. وإني الآن على يقين من عدم جدوى السببين، فما أهرب منه هو ذاتي وليس معارفي وعلاقاتي، وما أحتاج إلى تغييره هو ذاكرتي ومفاهيمي وطريقة تفكيري وشخصيتي وليس المحيط الذي أعيش به.

*

أعتقد يا دكتور أني مصاب بحيرة عظيمة واختلال كبير في المفاهيم. سؤالان يضطربان برأسي ولا أعرف أيهما أختار لأجيب عليه: 1- هل يمكن أن أسامح نفسي وأصلحها؟ 2- هل يجب أدمر نفسي تكفيراً لما فعلت؟

لم أعد أفهم ما معنى الإيمان، الدين، الروحانيات والغيبيات. كل ذلك صار محط لا مبالاتي ونفوري ممن يحدثني عن هذه الأمور. مع أني كنت متديناً فيما مضى. لكني الآن فقدت ثقتي في كل شيء. فقدت ثقتي حتى بالرموز الدينية التي تدعي أنها الحامية والمدافعة عن مبادئ الدين العظيمة. لم أفقد ثقتي في مبادئ الدين نفسها ولكني قد فقدت اهتمامي بمصدرها أي سواء كانت من الله حقاً أم لا هذا لا يهمني. وفقدت ثقتي بأبطالها وحماتها من الرموز الدينية التي كنت أحترمها وأتابعها وأستمع إليها فقد سقطوا من ثقتي واحترامي سقوطاً مخزياً، وأعتبرهم ساذجين وعاجزين مثلي بفارق أنني أعترف بسذاجتي وبعدم جدوى فعل أو قول أي شيء، أما هم فيدّعون حيازة مفاتيح الحقيقة والفكر النيّر والخير والعدل والسلام ببضعة نصوص مقدسة، وأنا أحتقرهم لأنهم يكذبون علينا ويحتقرون عقولنا، فبرغم أنهم يضعون أنفسهم موضع الأبطال أصحاب الحلول الوحيدة والنهائية إلا أنهم لا يقولون الحق لأصحاب المناصب العليا ولا يقفون مع مشاكل الأمة الحقيقية. فئة منهم لا يهمها سوى أن تعلمنا كيف نلبس ونأكل ونضحك وكيف ندخل الحمام، وفئة شغلها الشاغل تخويف وترهيب الناس من العذاب بأسلوب منفر ملؤه البكاء والصراخ والتعابير المسرحية الممجوجة، وفئة أخرى تعلو وجهها ابتسامة سلام لا هم لها سوى التحدث عن الفضائل والأخلاق والأشياء الجميلة ولكن من فوق برج عاجي لا يلمس هموم الشارع، ولا يقف في وجه الباطل، ويحترف تملق الحكام والطواغيت. هذا لا يهم. ما يهمني الآن هو أنني فقدت إيماني بكل شيء. وما يخيفني أني فقدت إيماني بالله ولم أعد أعرف ما معنى الإيمان. وهل يمكن أن أؤمن بالله أم لا؟ وإذا آمنت به فهل يمكن أن يغفر لي؟ هل يمكن أن يغفر لي الناس؟ هل يمكن أن أغفر لنفسي؟ وإذا تحققت هذه المغفرة. هل سيقبلني الله بعدها؟ هل سيقبلني الناس؟ هل سأقبل نفسي؟ لقد تبت إلى الله كثيراً طمعاً في رحمته ومغفرته، وعدت إلى خطأي كثيراً يقيناً مني بأنه لا جدوى من التغيير. تركت الصلاة وواجباتي الدينية كثيراً وطويلاً وحين عدت إليها لم أستطع الاستمرار أكثر من شهر واحد لأني أعتقد بأني أخدع نفسي بمعاملتها بهذه المعاملة الروحية الحسنة والتي تصبح أصعب وأثقل يوماً بعد يوم. أريد أن أؤمن بالله وأحاول التوبة مراراً ولكن ثمة ما يمنعني وأعتقد بأنه إيماني الداخلي بأنني لا أستحق حتى هذا الإيمان. أنا منهك العقل وممزق الروح. أرجوكم ساعدوني. لم أعد أعرف شيئاً ولا عدت أعرف حتى نفسي. ومع ذلك أعرف أن الإنسان قادر على أشياء تفوق تصوره، وأظن أن هذا هو مبعث الأمل الوحيد المتبقي لدي وربما هو ما يجعلني ألجأ لمحاولة البحث عن وسيلة لمساعدة نفسي ومسامحتها وتغييرها. وإذا ما فقدت هذا الأمل، إذا ما تيقنت من أنه ليس هناك مخرجاً يليق برغبتي الشديدة في التغيير الكامل، مخرجاً يلغي ذاكرتي وأخطائي وشخصيتي الحالية ويبدلني بشخصية قوية ذكية نشيطة خيرة صادقة شجاعة حنونة صبورة متسامحة معطاءة، فإني سأكون سعيداً بإنهاء حياتي راحة لي ولغيري ولأنه لن يبقى شيء يستحق أن أعيش لأجله ولأنه إن كانت جهنم مصيري فلا بأس فأنا أستحق عقاباً كهذا.

*

نص الاستشارة:

الآن وبعد كل هذه السنين من انعدام الثقة بنفسي وبأي أحد وحتى بأية فكرة، فإنني مستعد للمجازفة ووضع ثقتي في العلاج وأرجو أن يفلح الأمر. إني خائف يا دكتور وغاضب ومحبط ويائس وعاجز ومشتت ومعذب ومعطوب. أريد أن أكسر هذا الخوف وأنهي هذا العذاب بالإقدام على فعل يغيرني ويغير كل شيء تماماً، ولكني لا أعرف ما هو الفعل المناسب. وهذا هو ما أحتاج منك بل أرجوك أن تساعدني في الوصول إليه. أريد أن أعرف ما الذي يحدث لي؟ وهل حدث لغيري؟ وهل يمكن علاجي؟ أريد إجابات على كل أسئلتي دون استثناء، وأريد التحليل العلمي المبسط لكل ما جاء في استشارتي قدر الإمكان.

الأسئلة في رأسي كثيرة ومتضاربة ومتخبطة ولكن أهم سؤال أريد الحصول على إجابة شافية عليه هو:
ما هذا الذي يدفعني للبحث عن حل؟
هل هو الأمل؟ فالأمل كما أعرفه طعمه حلو وليس كمذاق ما أشعر به. هل هو الجنون؟ هل هو احتقار مني لمعاناة من آذيتهم؟ إن إيماني بحقي في الحياة مستحيل فما الذي يدفعني للتشبث بها؟ هل هو غريزة البقاء التي تدفع الإنسان إلى فعل المستحيل فقط لكي ينجو بنفسه حينما يرى الموت يفتح له فمه؟ أرجوكم أجيبوا على سؤالي

* ملاحظة:
قرأت في أحد المقالات التي تتحدث عن اضطراب الشخصية ما يلي:
"يوجد شيء في شخصية كل إنسان لا يمكن تغييره. إنه الهيكل الأساسي لشخصيته. وإن محاولة تغيير هذا الشيء أشبه بمحاولة تدريب الخروف على جر السيارة. توجد تعاريف كثيرة لتعبير الشخصية، وتعرّف حسب المعجم الطبي النفسي المعتمد من الجمعية الأمريكية للطب النفسي بأنها: الطريقة المميزة التي يفكر وفقها الشخص ويشعر ويتصرف على أساسها أي أنها النمط المتأصل للسلوك الذي يظهره كل شخص في الوعي أو اللاوعي كأسلوب لحياته أو كطريقة للتكيف مع المحيط". (انتهى الاقتباس) سؤالي هنا هو ما هذا الشيء أو الهيكل الذي لا يمكن تغييره في شخصيتي؟ وهل هو شيء صالح أم فاسد؟ وهل حقاً لا يمكن تغييره؟ ولماذا لا يمكنني أن أعرفه؟ وهل أنا وحدي الذي لا يستطيع تمييزه أم أن كثير من الناس مثلي؟ أرجو الإجابة على أسئلتي.

*

لم أقل كل شيء وأشعر بأني سأضيع وأضيعك معي لو أطلت أكثر من هذه الإطالة. لذا أكتفي بهذا وأختم بأني على استعداد تام لفعل كل ما يتطلبه الأمر لحل مشكلتي. على أني أؤكد أن العلاج لن يكون مجدياً إذا بدأ المعالج بالنصائح الإيجابية المجردة من التحليل، والتوجيه إلى القيام بالتمرينات الإيحائية، فهذا كل ما كنت أقوم به طوال ما مضى من سنين دون جدوى. وبعبارة مجازية: أرجو ألا تصفوا دواء حساسية الصدر لمريض يحمل في رئته سرطاناً يقتات عليها ببطء وألم.

اللامنتمي

----------------------------------------

رابط الحوار الأول:
http://arabsh.com/ymdwtsgl52up.html

رابط الحوار الثاني:
http://arabsh.com/t2sjbzبالتلاشي 19_197.gifxnmv.html



المصدر: نفساني



 

 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:29 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا