المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

قصـــر في المخيــله!

شكراً لكِ، دكتور! - لا داعي للشكر؛ فهذا واجبي، في كل الأحوال اعتني به جيداً ولا تغضبه، تصبح على خير. - تصبحين على خير. وهكذا خرجت الطبيبة من هذه الغرفة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 27-02-2005, 02:10 AM   #1
غاليه21
عـضو شرف


الصورة الرمزية غاليه21
غاليه21 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4723
 تاريخ التسجيل :  09 2003
 أخر زيارة : 16-01-2007 (06:50 PM)
 المشاركات : 1,028 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
قصـــر في المخيــله!



المخيــله! 4_seavitt.jpg



شكراً لكِ، دكتور! - لا داعي للشكر؛ فهذا واجبي، في كل الأحوال اعتني به جيداً ولا تغضبه، تصبح على خير. - تصبحين على خير. وهكذا خرجت الطبيبة من هذه الغرفة وقد تبقى لديها غرفة واحدة لتتوجه إليها لتنهي جولتها المسائية على مرضاها في المشفى، إنها غرفة تلك المرأة التي أتت منذ عدة أيام، إنها مصابة بسرطان في الدماغ أتى هذا السرطان على ذاكرتها فقضى عليها فلم تعد تذكر أي شيء، وصلت هذه المرأة إلى المشفى على يد أحد رجال الشرطة الذي وجدها ملقاة في أحد الأزقة.


لا أحد يعرف من تكون ولا تملك أي وثيقة تدل على شخصيتها؛ لذلك فهي لا تحظى بكثير من الاهتمام بالإضافة إلى أن جميع الموجودين هناك يعلمون بأنها لن تحيا لأكثر من أسبوع أو اثنين على أبعد تقدير. لذلك كانوا يطلبون من الطبيبة أن تكف عن الاهتمام بها على هذا النحو فهي تبقى في غرفتها لساعات وتنام هناك أيضاً.. وكانت كلما دخلت إلى تلك الغرفة بدأ الهمس وتناقل الإشارات بين العاملين في المشفى، ولكن الطبيبة لم تكن تأبه بذلك أبداً... - هل أنت متوجهة إلى غرفة العجوز؟ - نعم.. بماذا يمكنني أن أخدمك ،دكتور نائل؟! - بأن تكفي عن الذهاب إلى تلك الغرفة.. قضيت أسبوع وأنت تذهبين وتنامين هناك.. و.. ثم .. لقد.. لقد ازداد الكلام والهمس بين الموظفين وأنت تعلمين، دكتورة، أنها ستعيش لأيام محدودة ثم تموت؛ بسبب مرضها. - أنتم تثيرون عجبي! فأنا لا أهتم لما يقوله أو يتناقله العاملون هنا وبصراحة أنا لا أدري لماذا كل هذا العجب فماذا يمكن أن أفعل معها هناك في تلك الغرفة؟! فهي مجرد مريضة لا تعي شيئاً و أنا مجرد طبيبة أحاول أن أخفف عنها آلامها وأسعدها خاصة وهي في آخر أيام حياتها.. ألا تظن أنها بحاجة إلى بعض من الحب والحنان والأمل لا الإهمال، لو كنت مكاني ماذا ستفعل هل ستدعها تلاقي مصيرها هكذا؟ دون أدنى محاولة منك لتخفيف آلامها ... قالت ذلك دون أن تنتظر أي كلمة أخرى وانطلقت إلى الغرفة مباشرة، أما الدكتور نائل فقد كان يتفجر غيظاً ويقول في نفسه( أدفع نصف عمري وأعرف ما الذي تفعله هناك وما الذي يجذبها لتلك المريضة بالذات، هناك سر ما وعلي معرفتهالمخيــله! 26-140.gif



المخيــله! 46.gif


و أما في الغرفة: - مرحباً أمي، كيف حالك الآن؟ - بخير يا ابنتي، أشعر ببعض الصداع، لكن .. ألن تكملي لي؟! - بلى سأفعل .. أين وصلنا .. آه . نعم، عدنا من فرنسا إلى هنا حيث وجدنا والدي قد قام بشراء منزل جديد.. منزل رائع أشبه بفيلا أو أقرب إلى قصر.. لقد كان منزلاً واسعاً كبيراً يحتوي على غرف جميلة ملونة بأزهى الألوان.. وكان أكثر ما أحبه في ذلك المنزل تلك المكتبة التي عجت رفوفها بكل أنواع الكتب والقصص والروايات .. كنت امضي اليوم بكامله هناك أعيد كتاب وآخذ اثنين .. - هذا رائع! - رائع؟! إنه مذهل .. أما أنت فلم تحبي من المنزل سوى مطبخه الجميل... - حقاً؟ - نعم لكنه لم يكن كباقي المطابخ .. فقد امتلأت جدرانه بالخزائن والأدوات، لقد كان حقاً من أجمل المطابخ التي رأيتها في حياتي كلها.. وكنت تتشاجرين مع والدي لأنك كنت تخرجين الخادمة من المطبخ وتطهين بدلاً منها! ولكني مازلت أذكر مذاق أطعمتك الشهي... - ووالدك ؟! - كان يحبها أيضاً؟! - لا ... لا أقصد الطعام ... بل ما الذي كان يحبه في المنزل... - آه .. كان يفضل إسطبل الخيول صحيح أننا لم نكن نملك سوى فرس وحصان ولكنه كان مغرم بهما .. فلم نكن نراه إلا عند الطعام .. فكما تعلمين فذلك الوقت مقدس. و أما أخي بلال فقد كان دوماً مع آلاته الموسيقية يحاول ابتكار لحن جديد يطلقه إلى النجومية كما كان يخبرنا!! - وهل أصبح نجماً؟! - هها ههها – وتابعت بحزن- لا.. لا أظن ذلك! - وهل كان لدينا حديقة؟ - وهل نسيت أن أخبرك عن تلك الحديقة؟! نعم.. كان لدينا حديقة كبيرة تحيط بالمنزل مليئة بالأشجار والأزهار من كل الأنواع والأشكال والألوان .. في الصيف كنا نقضي كل أوقاتنا هناك نتناول العصير ونأكل البطيخ الأحمر الشهي بينما نحن نستمع إلى بلال وموسيقاه الرائعة .. التي كان يتحفنا بها كل مساء ، ولن أغفل حوض السباحة الكبير ، أمي .. ولوحة الغطس العالية التي لم يكن أحد يجرؤ حتى في التفكير في الصعود إلى هناك. وبيت الكلب الجميل سكوب صاحب الشعر الأبيض الغزير ذاك الذي أخبرتك عنه... - نعم .. الكلب الذي لم يكن ينام إلا في فراشك.. - أوه... نعم، وبقي أن أخبرك أن والدي كان يقطف الأزهار الملونة كل يوم ويضع على باب كل غرفة من غرفنا زهرتان واحدة بيضاء تمثله وأخرى حمراء لنا ... - إنني أحب الزهور الحمراء .. إنها رائعة.. - إنها جميلة جداً، وعندما تعينت في هذه المشفى أقمنا حفلة صغيرة دعونا إليها معارفنا وأصدقائنا.

المخيــله! mk34.jpg
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 27-02-2005, 02:20 AM   #2
غاليه21
عـضو شرف


الصورة الرمزية غاليه21
غاليه21 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4723
 تاريخ التسجيل :  09 2003
 أخر زيارة : 16-01-2007 (06:50 PM)
 المشاركات : 1,028 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة




توقفت قليلاً ثم تابعت بتردد- وأيضاً.. إني أذكر أننا كنا نحتفل بعيد زواجكما كل عام حتى ثلاثة أعوام مضت .... فقد ... - ماذا يا حبيبتي ... - آه قالت ذلك ثم قامت عن كرسيها واتجهت نحو النافذة تسرح نظرها في الأفق دون أن تعي –حقاً- ما الذي كانت تراه، انقضت دقائق من الصمت جاء بعدها صوت الطبيبة المحمل بالمرارة ليمزق دقائق الهدوء: - .. في صباح أحد الأيام خرج والدي مع أخي بلال ليسجله في كلية الحقوق لكنه لم يداوم هناك فقد تعرضا في أثناء عودتهما لحادث سير -أخذت نفساً عميقاً ثم بدا صوتها أكثر مرارة وهي تتابع قائلة) قتل على إثره والدي وأصيب بلال بالشلل، ولكن حالته لم تدوم لأكثر من شهر حتى عقب والدي وتوفي .. والآن ... - والآن ماذا هل حان دوري؟ - أنا آسفة جداً .. آسفة حقاً. اقتربت الطبيبة من السيدة وغطتها بحنان، وقَبَلت يدها بحب .. ثم عادت إلى كرسيها حيث أضجعت إلى الخلف وأخذت تراقب مريضتها حيث بدأت تغفو بهدوء وسلام حتى غدت الساعة الثالثة صباحاً، وعندما اطمأنت عليها سمحت لنفسها بالنوم أخيراً. وفي الصباح استيقظت الطبيبة على صوت الدكتور نائل الهادئ يطلب منها أن تعود لمنزلها لتأخذ قسطاً من الراحة، استسلمت لطلبه في النهاية واتجهت إلى الباب تفتحه، ولكن وقبل خروجها نظرت لمريضتها وقالت: - أنظر إليها إنها تنام بسلام .. انظر لتلك الابتسامة التي ترتسم على محياها دكتور. لكنها لاحظت إلى جانب تلك الابتسامة الرقيقة جمود الموت المرعب...


قالت وقد خانتها رزانة وهدوء الطبيبة الناجحة التي اعتادها الجميع هناك، قالت: - يا إلهي ...... هل ماتت؟؟ تفاجأ الدكتور نائل لهذا الانفعال؛ فالموت أمر طبيعي في عمل الأطباء وخاصة في قسم الأورام، فأجاب بهدوء: - نعم .. لقد وافتها المنية قبل قليل... - ولكنها ... - ... ولكنها سعيدة، وهذا بفضلك، هيا الآن عودي لمنزلك فأنت بأمس الحاجة لولداك وهما كذلك بأمس الحاجة إليك الآن، دكتورة... لم تنبس بأي حرف بل أطرقت برأسها واستدارت نحو الباب خارجة وقبل أن تغلق الباب قالت : - ليست هي من شعرت بالسعادة بفضلي بل بفضلها شعرت أنا بالحب والسعادة . فهز الدكتور نائل رأسه موافقاً .. وهنا ترقرق الدمع في عينيها السوداوين.. ولكنها تابعت قائلة: - لقد كانت رائعة .. اعتنوا بها جيداً وأوصوا بوضع زهور حمراء على قبرها فهي تحبها جداً .. و.. دكتور .. أرجو أن تضعوا وردة بيضاء واحدة هناك!! - سأفعل ذلك بنفسي... استريحي جيداً - شكراً جزيلاً لك ... أغلقت الباب بهدوء والدموع تنساب على وجنتيها الشاحبتين.. وقالت: - آسفة يا أماه لكن لا يوجد شيء يسعدك كما يسعدك ذلك المنزل الجميل ... وتلك العائلة السعيدة (واستدركت قائلة وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة حزينة تحيط بها الدموع) - أو ربما التعيسة! تنفست الطبيبة الصعداء.. عندما ركبت الحافلة متجهةً نحو منزلها عائدة لطفليها.. بعيداً عن المشفى والمرضى وكل شيء آخر... بقي أن نذكر أن الدكتورة (جينا) يتيمة، حيث توفت والدتها حين كانت في الخامسة من عمرها؛ بسبب معاناتها مع سرطان الدماغ –دون أن تلقى أي اهتمام يذكر- أما والدها فقد كان في تلك الآونة يشارك في إحدى المنظمات أثناء الحرب الأهلية التي نشبت في البلاد وما لبث حتى سار على خطى زوجته نحو الموت، بعد ما يقارب الثلاث السنوات. أما زوجها الذي ساندها في كل محنها ووقف إلى جانبها دوماً.. فقد أسلم روحه قبل سنتين؛ في حادث سير دون محاولة إنقاذ تذكر، تاركاً زوجتاً مع طفلين في ربيع العمر.. أما الآن فإن (جينا) تعيش مع ابناها في إحدى الشقق الصغيرة في إحدى العمارات العالية!! وأن فاقد الشيء هو أفضل من يعطيه...


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة



بقلم: مجد عزام الريماوي


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:14 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا