|
|
||||||||||
الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) |
|
أدوات الموضوع |
14-02-2010, 07:56 PM | #1 | |||
عضو دائم ( لديه حصانه )
|
كيف تنضي شيطانك ؟
كيف تنضي شيطانك ؟
عادل سليمان القطاوي الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد : ففي مسند الإمام أحمد بسند حسن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر . وفي رواية : إن المؤمن ينضي شيطانه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر . [ رواه أحمد (2/380) والحكيم الترمذي (1/132) وابن أبى الدنيا في مكايد الشيطان (ص 41) وقال الهيثمي (1/116) : فيه ابن لهيعة . والحديث من رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة به .. فمن حسنه ، حسنه لأن قتيبة بن سعيد لم يكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب عبد الله بن وهب ثم يسمعه من ابن لهيعة ، وابن وهب إنما سمع من ابن لهيعة قبل احتراق كتبه .. والمشهور في التراجم أن رواية قتيبة بن سعيد عن ابن لهيعة صالحة .. ولذلك حسنه الألباني في الصحيحة 3586 ] وقوله : " إن المؤمن ينضي شيطانه " أي يهزله ويجعله ضعيفا مهزولاً ، ويَجْعله نِضْوا . والنِضْو : الدابة التي أهْزَلَتْها الأسفار ، وأذْهَبَت لَحْمَها . ومنه حديث علي " كلمات لو رَحَلْتُم فيهنَّ المَطِيَّ لأَنْضَيْتُموهنّ " . وحديث ابن عبد العزيز " أنْضَيتم الظَّهر " أي أهْزَلْتُموه . [ النهاية 5/72 ] - قال المناوي في فيض القدير : وقوله : كما ينضي أحدكم بعيره في السفر.. فالبعير يتجشم في سفره أثقال حمولته فيصير نضوا لذلك ، وشيطان المؤمن يتجشم أثقال غيظه منه لما يراه من الطاعة والوفاء لله فوقف منه بمزجر الكلب في ناحية .. وأشار بتعبيره " لينضي " دون يهلك ونحوه إلى أنه لا يتخلص أحد من شيطانه ما دام حيا فإنه لا يزال يجاهد القلب وينازعه والعبد لا يزال يجاهده مجاهدة لا آخر لها إلى الموت .. وقيل للحسن البصري أينام إبليس ؟ فتبسم وقال : لو نام لوجدنا راحة . وقال قيس بن الحجاج : قال لي شيطان : دخلت فيك وأنا مثل الجزور وأنا الآن كالعصفور ، قلت : ولم ذا ؟ قال أذبتني بكتاب الله . اهـ - قال ابن القيم في بدائع الفوائد : ذكر الله يقمع الشيطان ويؤلمه ويؤذيه كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضرب بها ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيلا ضئيلا مضني مما يعذبه ويقمعه به من ذكر الله وطاعته كما جاء في هذا الحديث .. لأنه كلما اعترضه صب عليه سياط الذكر والتوجه والاستغفار والطاعة فشيطانه معه في عذاب شديد ليس بمنزلة شيطان الفاجر الذي هو معه في راحة ودعة ولهذا يكون قويا عاتيا شديداً .. فمن لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار ، فلا بد لكل أحد أن يعذب شيطانه أو يعذبه شيطانه .. اهـ وروى عبد الرزاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال : إن شيطان المؤمن يلقى شيطان الكافر فيرى شيطان المؤمن شاحبا أغبر مهزولاً فيقول له شيطان الكافر : مالكَ ويحكً قد هلكت ؟ فيقول شيطان المؤمن : لا والله ما أصل معه إلى شيء ، إذا طعم ذكر اسم الله ، وإذا شرب ذكر اسم الله ، وإذا نام ذكر اسم الله ، وإذا دخل بيته ذكر اسم الله .. فيقول الآخر : لكني آكل من طعامه ، وأشرب من شرابه ، وأنام على فراشه ، فهذا شاح وهذا مهزول . [ المصنف 10/419 والطبراني 9/156 بسند صحيح عن ابن مسعود ] · أسلحة لقهر الشيطان وغلبته إذا فلابد من معرفة الأسلحة التي بها نحارب الشيطان ، ونرد كيده في نحره ، ونغزوه من حيث أراد غزونا .. وأول ما لابد من معرفته ها هنا أن نتيقن أمور ثلاثة : أولها : أن الشيطان هو عدونا الأول وأنه يجب علينا أن نتخذه عدوا .. والثاني : أنه يعمل على إضلالنا وإهلاكنا ويخوفنا أولياءه .. والثالث : أننا مطالبون بقتاله هو وحزبه وأولياءه تماما كما فرض علينا الجهاد لمقاتلة أعداء الله الكافرين والمارقين . · إن الشيطان لكم عدو قال تعالى : ) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ( فاطر-6 وهذه الآية فيها فريضتان : الأولى : فريضة علمية ضرورية ، وهي العلم بأن الشيطان هو عدونا وهو أمر مؤكد بحرف إن ، وأنه يدعوا أتباعه وحزبه إلى سعير جهنم . والفريضة الثانية : فريضة عملية وهي وجوب اتخاذه عدواً وإنما قلنا وجوب لأن طاعته في معصية الله منها الكفر والضلال .. والوجوب مأخوذ من قوله : فاتخذوه .. وهي أمر لمبادلته العداوة . وقال تعالى : ) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (يـس-62 والعهد هنا بمعنى الوصية أي : ألم أوصكم وأبلغكم على ألسنة الرسل .. أن لا تعبدوا الشيطان : أي لا تطيعوه في معصيتي .. إنه لكم عدو مبين : أي ظاهر العداوة .. وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم : أي هو الحق .. ولقد أضل منكم جبلا كثيراً : أي خلقا كثيراً .. أفلم تكونوا تعقلون : أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ما أمركم به ربكم من عبادته وحده وعدولكم إلى إتباع الشيطان .. · فقاتلوا أولياء الشيطان وقال تعالى : ) الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (النساء-76 أي المؤمنون يقاتلون في طاعة الله ورضوانه والكافرون يقاتلون في طاعة الشيطان ، ثم هيج تعالى المؤمنين على قتال أعدائه بقوله ) فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ( . - يقول أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي المتوفى في ( 1307هـ) في كتابه القيم : حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة (1/116) وهو يتكلم على كيد النساء في موقف المراودة والهم في قصة يوسف عليه السلام : وَعَن بعض الْعلمَاء إِنِّي أَخَاف من النِّسَاء مَا لَا أَخَاف الشَّيْطَان فَإِنَّهُ تَعَالَى يَقُول { إِن كيد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفا } وَقَالَ للنِّسَاء ( إِن كيدكن عَظِيم ) وَلِأَن الشَّيْطَان يوسوس مسارقة وَهن يواجهن بِهِ الرِّجَال .. وهَذَا فِيمَا يتَعَلَّق بِأَمْر الْجِمَاع والشهوة لَا أَنه عَظِيم على الْإِطْلَاق إِذْ الرِّجَال أعظم مِنْهُنَّ فِي الْحِيَل والمكايدة فِي غير مَا يتَعَلَّق بالشهوة . اهـ · التحرز من الشيطان والطريقة النافعة لمحاربة الشيطان هي التحرز من شره واستخدام الأسلحة كالاستعاذة بالله من الشيطان وذكر الله وقراءة القرآن واستخدام الرقية الشرعية والطهارة والصلاة والتحرز من فضول النظر والكلام والطعام والمخالطة على تفصيل يأتي . ثم العمل على الوقاية منه في كل أمورنا .. التي دل النص عليها . وفي الفقرات الآتية إن شاء الله سنأتي بالأدلة على كل حرز من هذه الحروز لنرد كيد الشيطان في نحره .. والله المستعان . المصدر: نفساني |
|||
|
14-02-2010, 07:58 PM | #2 |
عضو دائم ( لديه حصانه )
|
الحرز الأول
وهو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم · استعن بصاحب الغنم من أراد العصمة من الشيطان فعليه اللجوء إلى خالقه .. قال ابن الجوزي في تلبيس إبليس : حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان إذا سول لك الخطايا ؟ قال: أجاهده ، قال: فإن عاد ؟ قال: أجاهده ، قال: فإن عاد ؟ قال: أجاهده !! قال : هذا يطول ،، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .. قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك . اهـ ولله المثل الأعلى .. وروى اللالكائي عن جعفر عن ثابت عن مطرف بن عبد الله قال : نظرت فإذا ابن آدم ملقي بين يدي الله وبين يدي إبليس ، فإن شاء الله أن يعصمه عصمه ، وإن تركه ذهب به إبليس . [ انظر اعتقاد أهل السنة 4/682 رقم 1256 وابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان 1/45 ] فالاستعاذة بالله من الشيطان تكون باللسان واستقرار معناها في العقل والقلب . · آيات الاستعاذة من الشيطان الاستعاذة جاءت في الآيات الكريمات على قسمين : الأول : على العموم .. مثل ما جاء في سورة الناس : ومنه قوله تعالى : ) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأعراف-200 وقال تعالى : ) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (فصلت-36 وقال تعالى : ) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (غافر-56 ومنه قوله تعالى عن أم مريم : ) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (آل عمران-36 والقسم الثاني من الاستعاذة : عند قراءة القرآن في الصلاة أو خارجها . قال تعالى : ) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (النحل-98 - وقد قال الإمام أحمد في رواية حنبل : لا يقرأ في صلاة ولا غير صلاة إلا استعاذ لقوله عز وجل : ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( وقال في رواية عنه : كلما قرأ يستعيذ . · الاستعاذة قبل القراءة والاستعاذة تكون قبل القراءة وقالت طائفة من العلماء : يتعوذ بعد القراءة واعتمدوا على ظاهر سياق الآية ولدفع الإعجاب بعد فراغ العبادة .. وحكي قول ثالث : وهو الاستعاذة أولا وآخراً جمعا بين الدليلين .. والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة لدفع الموسوس عنها ، ومعنى الآية عندهم : ) فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم( أي إذا أردت القراءة كقوله تعالى : ) إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم ( أي إذا أردتم القيام . والدليل على ذلك الأحاديث الواردة عن رسول الله r بذلك . · فوائد الاستعاذة عند قراءة القرآن قال ابن القيم : فأمر سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن لوجوه : منها : أن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة . ومنها : أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب كما أن مادة الشيطان نار تحرق فكلما أحس بنبات الخير من القلب سعى في إفساده وإحراقه فأمر أن يستعيذ بالله عز وجل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن . ومنها : أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها مثل المصابيح فقال عليه الصلاة والسلام : تلك الملائكة . [ رواه البخاري 5018 ومسلم 795 باب نزول السكينة عند قراءة القرآن ] . والشيطان ضد الملك وعدوه فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى يحضره خاص ملائكته فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين . ومنها : أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاعه به فأمر عند الشروع أن يستعيذ بالله عز وجل منه . ومنها : أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه والله تعالى أشد أذنا للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الرب قراءته . ومنها : أن الله سبحانه أخبر أنه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته والسلف كلهم على أن المعنى : إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته قال الشاعر في عثمان : تمنى كتاب الله أول ليله ** وآخره لاقى حمام المقادر . فإذا كان هذا فعله مع الرسل عليهم السلام فكيف بغيرهم ! ولهذا يغلط – الشيطان- القارئ تارة ويخلط عليه القراءة ويشوشها عليه فيخبط عليه لسانه أو يشوش عليه ذهنه وقلبه فإذا حضر عند القراءة لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا وربما جمعهما له فكان من أهم الأمور : الاستعاذة بالله تعالى منه . ومنها : أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه .. فالشيطان بالرصد للإنسان على طريق كل خير .. كما في الحديث : إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه . فهو بالرصد ولا سيما عند قراءة القرآن .. فأمر سبحانه العبد أن يحارب عدوه الذي يقطع عليه الطريق ويستعيذ بالله تعالى منه أولا ثم يأخذ في السير كما أن المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه ثم اندفع في سيره . ومنها : أن الاستعاذة قبل القراءة عنوان وإعلام بأن المأتى به بعدها القرآن ولهذا لم تشرع الاستعاذة بين يدي كلام غيره بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة فإذا سمع السامع الاستعاذة استعد لاستماع كلام الله تعالى ثم شرع ذلك للقارئ وإن كان وحده لما ذكرنا من الحكم وغيرها.. فهذه بعض فوائد الاستعاذة . اهـ وقال ابن كثير : ومن لطائف الاستعاذة أنها طهارة للفم مما كان يتعاطاه من اللغو والرفث وتطييب له وهو لتلاوة كلام الله وهي استعانة بالله واعتراف له بالقدرة وللعبد بالضعف والعجز عن مقاومة هذا العدو المبين الباطني الذي لا يقدر على منعه ودفعه إلا الله الذي خلقه ولا يقبل مصانعة ولا يدارى بالإحسان بخلاف العدو من نوع الإنسان .. ولما كان الشيطان يرى الإنسان من حيث لا يراه استعاذ منه بالذي يراه ولا يراه الشيطان . اهـ · صيغ الاستعاذة الصيغة الأولى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لظاهر قوله تعالى : ) فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ( . وفي الصحيحين عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النبي r ونحن عنده جلوس فأحدهما يسب صاحبه مغضبا قد احمر وجهه فقال النبي r إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجده .. لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. فقالوا للرجل ألا تسمع ما يقول رسول الله r ؟ قال : إني لست بمجنون . [ رواه البخاري 3282 ومسلم 2610 وأبو داود 4781 ] . الصيغة الثانية : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .. ويدل عليه ما رواه أبو داود في قصة الإفك : أن النبي r جلس وكشف عن وجهه وقال : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم . [ رواه أبو داود 785 بإسناد ضعيف وقد وردت الصيغة في أحاديث أخر ] . الصيغة الثالثة : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه . لحديث أبي سعيد الخدري الذي رواه أحمد والترمذي قال : كان النبي r إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه . [ رواه احمد 3/50 وأبو داود 775 والترمذي 242 وابن ماجة 808 وصححه الألباني ] . وصيغة رابعة : قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي إذا قرأ استعاذ يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم . لأن ظاهر قوله : ) فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ( وقوله في الآية الأخرى : ) فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ( يقتضي أن يلحق بالاستعاذة وصفه بأنه هو السميع العليم في جملة مستقلة بنفسها مؤكدة بحرف إن لأنه سبحانه هكذا ذكر .[ راجع جمع الروايات في إرواء الغليل للألباني 2/53 ] . فالصيغة الجائزة والأفضل ما ورود بها الدليل من السنة ومعلوم أن السنة مترجمة للكتاب ومبينة لمعانيه وأحكامه .. أما الصيغة الأخيرة الواردة عن الإمام أحمد فليس عليها دليل إلا ما فهمه الإمام من الآيات .. وتأخير السميع العليم عن الشيطان الرجيم ليس بمشهور . ولو قدم السميع العليم على الشيطان الرجيم لوافق الصيغة الثانية الصحيحة الواردة وفي نفس الوقت أُخذ بالآيات . · حكم الاستعاذة اختلف العلماء في حكم الاستعاذة وهل هي واجبة أم مستحبة ؟ قال ابن كثير : وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة يأثم تاركها ، وحكي عن عطاء ابن أبي رباح وجوبها في الصلاة وخارجها كلما أراد القراءة لظاهر الآية فاستعذ وهو أمر ظاهره الوجوب ، وبمواظبة النبي r عليها ، ولأنها تدرأ شر الشيطان وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولأن الاستعاذة أحوط وهو أحد مسالك الوجوب .. [ مقدمة تفسيره وانظر شرح بلوغ المرام 2/49 والشرح الممتع 1/470 لابن عثيمين ] . ويؤيد الوجوب الحديث الذي رواه مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي r فقال : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي ، فقال له رسول الله r : ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً ، قال : ففعلت فأذهبه الله عني .[ رواه مسلم 2203 وأحمد في المسند 4/216 ] . |
|
14-02-2010, 08:00 PM | #3 |
عضو دائم ( لديه حصانه )
|
معنى الاستعاذة
كلمات الاستعاذة غير لفظ الجلالة هي : 1- أعوذ : ومعنى أعوذ بالله : أي أمتنع به وأعتصم به وألجأ إليه ، ومصدره العوذ والعياذ والمعاذ وغالب استعماله في المستعاذ به .. ومنه قوله r لقد عذت بمعاذ . [ قاله لما أوتى بالجونية امرأة من بني الجون رواه أحمد 3/ 498 وسنده صحيح ] . وأصل اللفظة من اللجأ إلى الشيء والاقتراب منه .. ومن كلام العرب : أطيب اللحم عوذه : أي الذي قد عاذ بالعظم واتصل به .. وقولهم : ناقة عائذ : يعوذ بها ولدها . فالاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر .. والعياذة تكون لدفع الشر ، واللياذ لطلب وجلب الخير ، كما قال المتنبي : يا من ألـوذ به فيـما أؤمــله ** ومـن أعوذ به ممن أحـاذره لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ** ولا يهيضون عظما أنت جابره ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله .. ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل لأنه شرير بالطبع ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه . 2- باء الاستعانة في لفظ الجلالة : الباء المصاحبة للفظ الجلالة من قولنا : أعوذ بالله ، هي باء الاستعانة أي استعين بالله في إعاذتي من الشيطان الرجيم . قال الشيخ ابن عثيمين : الاستعاذة من الأمور الخفية لا تكون إلا بالله لأنه لا يقدر عليها إلا الله كالاستعاذة من الشياطين .. والاستعاذة من الأمور الحسية تكون بالله وبغيره ، بشرط أن يكون المستعاذ به قادرا على الاستعاذة ، أما إذا كان غير قادرا فلا .. فلو استعاذ الإنسان بصاحب القبر من شخص تسور عليه بيته فهذا شرك ! ولولا اعتقاد هذا المستعيذ بأمر خفي سري يعتقده في هذا القبر ما فعل .. ولو استعاذ هذا الرجل بجاره حين قفز عليه السارق جاز فعله .. ولهذا جاء في حديث الصحيحين لما ذكر ما ذكر من الفتن قال : من وجد معاذا فليعذ به . [ الحديث في الصحيحين رواه البخاري 3601 ومسلم 2886 عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به ] . والاستغاثة الخفية أو الحسية نفس حكم الاستعاذة .. اهـ 3- السميع العليم : قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – في شرح بلوغ المرام (2/49) : السميع :أي المتصف بالسمع ، وسمع الله تبارك وتعالى نوعان : سمع إجابة وسمع إدراك ، وهو في هذا يشمل الأمرين جميعاً .. العليم :أي ذو العلم .. وعلم الله تبارك وتعالى محيط بكل شيء جملة وتفصيلاً سابقاًولاحقاً وحاضراً وهو من صفات الكمال .. وإنما ذكر هذان الاسمان لأن السميع بمعنى المجيب مناسب لقولك : أعوذ .. والعليم كذلك مناسب لقولك : أعوذ لأن ما من معيذ إلا وعنده علم كيف يعيذ . وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان : قوله : ) فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ( أتى بالألف واللام في : السميع العليم .. لمزيد التأكيد والتعريف والتخصيص لأن سياق ذلك بعد إنكاره سبحانه على الذين شكوا في سمعه لقولهم وعلمه بهم .. كما جاء في الصحيحين[ البخاري 7521 في كتاب التوحيد ومسلم 2775]من حديث ابن مسعودقال : اجتمع عند البيت ثلاثة نفر قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقالوا : أترون الله يسمع ما نقول ؟ فقال أحدهم : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا فقال الآخر : إن سمع بعضه سمع كله فأنزل الله عز وجل : ) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ* وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (فصلت-23 فجاء التوكيد في قوله : إنه هو السميع العليم في سياق هذا الإنكار : أي هو وحده الذي له كمال قوة السمع وإحاطة العلم لا كما يظن به الجاهلون أنه لا يسمع إن أخفوا وأنه لا يعلم كثيرا مما يعملون .. وأيضا فإن السياق هاهنا لإثبات صفات كماله وأدلة ثبوتها وآيات ربوبيته وشواهد توحيده .. فأتى بأداة التعريف الدالة على أن من أسمائه السميع العليم كما جاءت الأسماء الحسنى كلها معرفة . وما جاء بلفظ : سميع عليم : جاء في سياق وعيد المشركين وإخوانهم من الشياطين ووعد المستعيذ بأن له ربا يسمع ويعلم وآلهة المشركين التي عبدوها من دونه ليس لهم أعين يبصرون بها ولا آذان يسمعون بها فإنه سميع عليم وآلهتهم لا تسمع ولا تبصر ولا تعلم فكيف تسوونها به في العبادة فعلمت أنه لا يليق بهذا السياق غير التنكير كما لا يليق بذلك غير التعريف . والله أعلم بأسرار كلامه . 4- من الشيطان الرجيم : الشيطانفي لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن كل خير .. وقيل مشتق من شاط لأنه مخلوق من نار ومنهم من يقول كلاهما صحيح في المعنى ولكن الأول أصح وعليه يدل كلام العرب .. قال أمية بن أبي الصلت في ذكر ما أوتي سليمان عليه السلام : أيما شاطٍ عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلال . فقال أيما شاطٍ ولم يقل أيما شائط ، وقال النابغة الذبياني : نأت بسعاد عنك نوى شطون فبانت والفؤاد بها رهين . يقول : بعدت بها طريق بعيدة . وقال سيبويه : العرب تقول تشيطن فلان إذا فَعل فِعل الشياطين ولو كان من شاط لقالوا تشيط فالشيطان مشتق من البعد على الصحيح ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطاناً . قال الله تعالى : ) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا (الأنعام-112 وروي في المسند عن أبي ذر رضي الله عنه قال ، قال رسول الله r : يا أبا ذر تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن ! فقلت : أو للإنس شياطين ؟ قال : نعم .[ رواه أحمد 5 / 178 وفيه عبيد بن الخشخاش وثقه ابن حبان ولينه بعضهم ] الرجيم :فعيل بمعنى مفعول أي أنه مرجوم مطرود عن الخير كما قال تعالى : ) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ( وقيل : رجيم بمعنى راجم لأنه يرجم بالوساوس . والأول أشهر وأصح . · فائدة : ويلاحظ أنه لم يستعذ بشيطان من الشياطين وإنما استعاذ بالشيطان الأكبر بدليل وصفه بالرجيم وهي نص في الشيطان صاحب القصة مع نبي الله آدم عليه السلام فأفاد هذا الاستعاذة من الجنة عموما وشياطين الإنس والجن لأنهم تبع لوليهم الأكبر إبليس. 5- همزه ونفخه ونفثه : وقد جاء في آخر الحديث من تفسير النبي r عند أحمد ومن تفسير عمرو بن مرة راوي الحديث عند ابن ماجة أن همزه : المؤتة ( وهي الخنقة التي تأتي للمجنون والمصروع ) ونفخه : الكبر ، ونفثه : الشعر . وقال تعالى : ) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (المؤمنون-97 والهمزات : جمع همزة كتمرات وتمرة وأصل الهمز الدفع .. قال أبو عبيد عن الكسائي : همزته ولمزته ولهزته ونهزته إذا دفعته .. والتحقيق : أنه دفع بنخز وغمز يشبه الطعن فهو دفع خاص .. فهمزات الشياطين : دفعهم الوساوس والإغواء إلى القلب .. قال ابن عباس والحسن : نزغاتهم ووساوسهم . وفسرت همزاتهم بنفخهم ونفثهم وهذا قول مجاهد وفسرت بخنقهم وهو الموتة التي تشبه الجنون .. وظاهر الحديث أن الهمز نوع غير النفخ والنفث وقد يقال وهو الأظهر أن همزات الشياطين إذا أفردت دخل فيها جميع إصاباتهم لابن آدم وإذا قرنت بالنفخ والنفث كانت نوعا خاصا كنظائر ذلك . ... |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|