المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

الشهادة العليا التي تخلصك من كل ما يحزنك وينغص عيشك

الإيمان طريق الاستقامة ولعلك تسأل: كيف الطريق لهذا الإيمان والالتجاء الدائم؟. فأقول: ليس الإيمان بالله اعترافاً قولياً، إنما هو شعور داخلي ولَّده في النفس بحث ذاتي، وتفكير متواصل،

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 21-03-2008, 11:58 PM   #1
طالب الاله
عضو فعال


الصورة الرمزية طالب الاله
طالب الاله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23050
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الشهادة العليا التي تخلصك من كل ما يحزنك وينغص عيشك



الإيمان طريق الاستقامة
ولعلك تسأل: كيف الطريق لهذا الإيمان والالتجاء الدائم؟. فأقول:
ليس الإيمان بالله اعترافاً قولياً، إنما هو شعور داخلي ولَّده في النفس
بحث ذاتي، وتفكير
متواصل، فجعل صاحبه يسبح في جلال الله، ويخرُّ ساجداً لعظمته،
كما آمن سيدنا إبراهيم عليه السلام.
فما أن هداه تفكيره من ثنايا صنع جسمه وسمعه وبصره إلى أن له خالقاً مربِّياً , وإلهاً مسيِّراً، حتى انطلق يبحث عن هذا المربي، ويتساءل من هو صاحب العناية البالغة والإمداد المتواصل؟.
فلما جنَّ عليه الليل : {.. رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي ..}!.
{.. فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ}(76) سورة الأنعام:
إذ ما يكون لهذه العناية الساهرة على تربيته أن تنقطع عنه أو تغيب، ولو أنها غابت عنه لحظة واحدة لانقطع عنه إمدادها، ولسرى إليه العدم والفناء.
أرأيت إلى ذبالة الشمعة إذا انقطع عنها إمداد الشمع، ما يكون مصيرها؟. لاشك أن شعلتها تنطفئ لساعتها، ولا يعود لنورها بقاء،إذن: ما عليه حتى يصل إلى معرفة خالقه ومربيه إلا أن يستأنف البحث من جديد ...
واستمر سيدنا إبراهيم عليه السلام في بحثه :
{فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي ..} !.
{.. فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ}(77) سورة الأنعام
:فما القمر الذي غاب عنه نوره بإۤلههِ ومربيه، فلو كان إۤلهاً لغاب الوجود مع غياب الرب الموجد.
ثم واصل بحثه، ومن كان صادقاً في الطلب لا يكلُّ ولا يفتر: {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} (78) سورة الأنعام:
بادعائكم أن هذه الأصنام آلهةٌ أو أن لها فعل.
لقد شاهد عليه السلام أن هذه الأجرام السماوية ليست عليه دائمة الإشراف، إنما تغيب مختفية وراء الآفاق. إنها مرتبطة مع غيرها بنظام كامل شامل , تدبِّر أمورَه وتشرف عليه يدٌ واحدة.
إنما ربه هو الذي يمدُّه ويمد (الشمس,والكواكب,والقمر ),والذي عمَّ إمداده السموات والأرض ... إن ربه هو خالق الكون كله ومربيه وإۤلهه، فما من حركة في الكون إلاَّ به,وهو وحده المتصرِّف، لا يشاركه في ذلك أحد سواه,وذلك ما تعبِّر عنه كلمة :( لا إله إلا الله). إنه الله تعالى الذي يذهب بالأجيال ويفنيها بعد أن يطعمها ويغذيها , ثم يأتي بأجيال جديدة يرزقها وينميها،وهو الرحيم بها، وما عداه زائل
وباطل,وهو الباقي، الخالق، الرازق. فوصل سيدنا إبراهيم إلى شهود ربه وكمالاته العظمى، وهو قدوة كل مؤمن.
فالإيمان سعي كسبي، إذا توصل الإنسان إلى هذا الإيمان فعرف
خالقه وإۤلهه ومربيه صار على يقين ثابت على الحق، عديم الارتداد للباطل قطعاً، وأدرك أنه تعالى هو المسيِّر لشؤون الكون كله، فلا إۤله إلا الله، وما من متصرف سواه، هنالك تخشع نفسه لربها وتخشاه، وتدخل في حصن حصين من الاستقامة، فلا تستطيع أن تخرج عن
أمره تعالى في شيء , وبهذا تقبل نفس هذا المؤمن على ربها واثقة من رضائه عنها، فتصلِّي وتحصل لها الصلة، وتشتق منه تعالى الكمال،وذلك هو الذي توصَّل إليه سيدنا إبراهيم عليه السلام، وما
ضرَّه أن أباه وقومه كانوا يعبدون الأصنام،وذلك هو الذي بدأ به سيدنا
محمد (ص) طريقه، لا سيما بغار حراء،وما زال يتدرج فيه ويعرج في الكمال من حال إلى حال حتى بلغ سدرة المنتهى, ووصل المقام الذي لم يُدانِهِ فيه إنسان. {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ..} (90) سورة الأنعام. فإن كنت صادقاً فعليك بالتفكير بآيات الله كما فكَّر الرسل والأنبياء الكرام، وكما جاء بالحديث الشريف:
« فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة » (2).
وإن ضياء الإيمان التفكّر .
وكذلك قول سيدنا عيسى عليه السلام:
(طوبى لمن كان قيله تذكراً ، وصمته تفكّراً، ونظره عبرةً، يا ابن آدم الضعيف اتَّق الله حيثما كنت، وكن في الدنيا ضيفاً، وعلِّم عيناك البكاء، وجسدك الصبر، وقلبك الفكر).
وقد أورد سيدنا لقمان عليه السلام:
( إن طول الوحدة ألهم للفكرة، وطول الفكرة دليل على طرق باب الجنَّة).
وتلك هي الطريق الوحيدة للوصول إلى الكمال والأمن والأمان، ولا تجتمع الظلمة والنور، لذلك يفرُّ الشيطان من المكان المتواجد فيه النور الإۤلهي لئلا يحترق.
ومن أقوال التابعين رحمهم الله في التفكر:
- عمر بن عبد العزيز: الكلام بذكر الله حسن، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة.
- وهب بن منبه: ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، ولا فهِمَ إلا عَلِم، ولا عَلِمَ إلا عمل.
- مغيث الأسود: زوروا القبور كل يوم تفكِّركم، وشاهدوا الموقف بقلوبكم.
- سفيان بن عينيه: الفكر نور يدخل قلبك. إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة.
- بشر بن الحافي: لو تفكّر الناس بعظمة الله ما عصوه.
والحقيقة من نظر إلى الدنيا بغير العبرة والتفكر بذكر الله وما والاه انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة، ونزهة المؤمن الفكر، ولذَّته العبر، فرب لاهٍ وعمره قد تقضَّى وما شعر.
ورحم الله ابن يوسف العظيم حين قال:
إن امرءاً ذهب من عمره ساعة في غير ما خُلق له لحريٌّ أن تطول حسرته إلى يوم القيامة. وكذلك الصحب الكرام فكّروا ومن تبعهم بإحسان، فإنه لا سلطان للشيطان عليهم فنُصروا.
وفي وقعة حنين قال تعالى: {.. فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ ..}:الشيطان:{.. عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ ..} (48) سورة الأنفال.
فإذا أنت وصلت إلى هذا المقام عن طريق العقل والمشاهدة
النفسية، لا عن طريق السماع والنقل، وصرت ترى أن الأمر كله بيد
الله، وأن الناس جميعهم والخلائق كلها لا يستطيع أحد منها أن يجلب
لك خيراً، أو يدفع عنك شراً، أو يمدَّ لك يده بسوء، أو يغيِّر من شأنك
تغييراً، إلاَّ من بعد إذن الله بالاستحقاق عندها: تدخل في حصن
الاستقامة، فلا تريد أن تخرج عن حدود الله , وليس لأحد من سلطان
عليك لا من الجِنَّة ولا من الناس أجمعين.
لقد اصطبغت نفس هذا المؤمن الصادق السالك بطلب الحق والحقيقة
المجرَّدة بصبغة من الله، ومن أحسن من الله صبغة.
عندها يقول هذا المؤمن:
لا إۤله إلا الله، فيشهد معناها شهوداً نفسياً. فإذا قال بلسانه: أشهد، فما اللسان إلاَّ ترجمان ما شَهدتْهُ نفسه وعاينته من حنان وعطف... تلك اليد التي تسيِّر الكون كله، غامرةً إياه بفيض من التلطُّف والرأفة والرحمة والحنان والفضل والإحسان.
وكلما كرَّرها اللسان مرة، أذكى القول الشعلة في النفس، فأضاءت واتَّقدت، وأضافت النفس إلى شهودها شهوداً، والله أكبر، ولا نهاية ولا حدَّ لذلك الشهود العالي السامي الجميل والعلم به ولا انتهاء.
أمَّا رسول الله (ص) فما أعظم رسول الله في الحقيقة!. وماأجلَّ مقامه عند هذا الإنسان!. إنه السيد الأعظم، الذي فاز بالقرب من الله بأعلى منزلةٍ وأسمى مقام.. المؤمنون جميعاً مؤتمُّون به وتحت لوائه، وهم أبداً في صلة دائمية معه، وهو الداخل بهم على الله، وهو الأول
في هذا المجال، وهو الإمام. لذا أمرنا تعالى بالصلاة عليه (ص):
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (56) سورة الأحزاب
فيا سعادة النفس إذا هي صلَّت واتَّصلت بهذه النفس الطاهرة، فكانت بمعية الحضرة الإۤلهية والإقبال على الله.
تلك معانٍ يشعر بها هذا الإنسان المؤمن بذاته حال إقباله على الله، من شهادة أن لا إۤله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن صومٍ، وصلاةٍ، وحجٍّ، وزكاةٍ، يشعر بها هذا الإنسان فتطير نفسه شعاعاً، وكثيراً ما تفنى عن ذاتها مستغرقة بهذا الشعور، ثم تعود وهي أسمى ما تكون علماً وتذوُّقاً قلبياً سامياً وشهوداً، وأكثر مما كانت عليه معرفة، وأعظم لله تعالى حمداً وشكراً.
وهي أبداً في سعادة وارتقاء وحياة طيبة،غفل عنها كثير من الناس، فظنوا الأوامر الإۤلهية أموراً تعبدية، وحسبوها تقديماً لواجب الخضوع، ونسوا حظاً مما ذكِّروا به،فضلّوا عن السعادة، وأضلُّوا كثيراً.
فإذا شهدتَ أن لا إۤله إلا الله، وأتْبعتَ ذلك بصوم وصلاة وحج وزكاة، فعندئذٍ تكون أهلاً لأن تشهد أنَّ محمداً رسول الله، وتستطيع أن تدخل تلك الجامعة، وتتَّصل بذلك المعلم العظيم، الذي يعلِّمك الصلاة
والصيام والزكاة والحج، وتتابع الدراسة فتكون من أهل التقوى وأهل المعرفة بالله:
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ..}
(2) سورة الجمعة.


يتبع
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 22-03-2008, 12:00 AM   #2
طالب الاله
عضو فعال


الصورة الرمزية طالب الاله
طالب الاله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23050
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
متابعة



الذين أمُّوا للحق يتلو عليهم رسول الله ما أُنزل عليه ويزكيهم، بإقبالهم عليه تسمو نفوسهم إلى الله وتحصل لهم التقوى، فيتعلمون ما في الكتاب والحكمة من الأوامر الإلهية، فيضعون الأمور في مواضعها، لأنهم أصبحوا أولي بصيرة، وإن كانوا من قبله لفي ضلال مبين لا يعلمون شيئاً، فطوبى لأولئك وحسن مآب
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (17) سورة محمد.
نلخص ما سبق:
إذا بلغ الإنسان من الطفولة مرحلة التمييز، ودارت دواليب الفكر لديه، فتعرَّف على الخالق الذي خلقه وجعله على هذا التركيب، وأنهى الدراسة الأولى في التعرّف إلى الخالق، والإدراك عن طريق الفكر أن هذا الجسم المنظَّم لا بدَّ له من منظِّم، ووصل إلى سن البلوغ وقد عرف هذه الحقيقة وثبتت لديه، فهنالك وبتفكيره بالموت وشهوده وقائع عديدة منه ترهب نفسه خائفة،وتلتجئ إلى الفكر فتطلب منه أن يجدَّ في البحث عن المربي، إذ يرى نفسه مخلوقاً ضعيفاً، وأنه بحاجة إلى من يربّيه ويديم إمداده له ويشرف عليه.
إنه بحاجة إلى الطعام والشراب، بحاجة إلى الشمس والهواء، بحاجة إلى الثلوج والأمطار، بحاجة إلى الليل والنهار، بحاجة إلى من خلقهم ويمدُّهم ويحرِّكهم من أجلنا بالقيام والوجود، إذ لكل وجود موجد، ولكل حياة حيّ يمدُّ بالحياة والبقاء.
فهو مفتقرٌ إلى ذلك كله، إذ بدون هذا لا يمكن بقاؤه، ولا تدوم حياته، فمن الذي يعنى به هذه العناية ويقدِّم له صنوف هذه الأشياء التي يتوقف عليها بقاؤه في الحياة؟. إنه لابدَّ له من ربٍ ممدٍ يمدّه بهذه الخيرات.
وهنا ينتقل إلى صف أعلى، فيعرف أن له ربّاً قديراً يمدُّه بما يمدُّهُ به، ويحفظ عليه الحياة، فيتَّجه بنفسه إليه تعالى ويحبه على ما تفضَّل به عليه.
ويوسِّع الإيمان بالمربي آفاق الفكر لديه، فيقول: إذا كان هذا المربي هو الذي ينزل الأمطار، ويسوق الرياح والسحاب، ويحرك الكرة الأرضية في الفضاء فيتولد الليل والنهار، وينبت الزرع والنبات، ويدير الكون كله ليتأمن لي ما أحتاج، فهو لاشك المسيِّر للكون، فالكون كله بجميع ما فيه خاضعٌ له تعالى ومفتقر إليه، وأنا معهم بيده وحياتي وبقائي به ومنه تعالى.
وهنا وبالوصول إلى هذه النقطة ينال هذا الإنسان شهادةً ثانية، وهي شهادة أن لا إۤله إلا الله، شهدها قلبه من بعد أن حاكم وناقش فكرهُ، وعقلتْ ذلك نفسُه، فإذا شهد هذه الشهادة، وإن شئت فقل: إذا رأت نفس الإنسان عظمة هذا الكون، وشاهدت جلال اليد التي تديره كلَّه في لحظة واحدة دون انقطاع، فلا يَعْزُبُ عنها شيء في الأرض ولا في السماء، أقول: إذا شاهدت النفس هذه المشاهدة، وإن شئت فقل إذا شهدت النفس أن لا إۤله إلا الله شهوداً معنويّاً، وشعرت في أعماقها ذلك الجلال الإۤلهي والعظمة، فهنالك تحصل لها الخشيةُ من الله، وتحمل هذه الخشيةُ الإنسانَ على الاستقامة، وتحول بينه وبين كل معصية، فلا يعود هذا الإنسان يجرؤ على اقتراف إثمٍ، أو الوقوع في خطيئة، إذ كيف اتَّجه، وحيثما سار، وأينما كان، يرى الله تعالى معه مشرفاً عليه، وناظراً إليه، ولذلك تراه يعامل الناس بمثل
ما يحب أن يعاملوه به، فلا يستطيع أن يؤذي إنساناً، ولا أن يمدَّ يدَه بالسوء إلى أحد من المخلوقات، هذا الإنسانُ حقيقة يصل للصلاة الحقيقية، التي تتصل فيها نفسه ببارئها، لأنه أضحى واثقاً من رضاء الله عليه، وباستقامته يحفظ من كل أذى
(لا تؤذي فلا تؤذى). وهنالك تشعر داخلياً بشعور جميل، إنه شعورٌ بالقرب من تلك الذات العليَّة، إنه شعورٌ فريدٌ في نوعه، شعورٌ ما عهدته النفس من قبل، مع شهودٍ سامٍ وأذواق قلبية عليا.
فما الأغنياء بذهبهم وفضَّتهم وأموالهم، ولا المزارعون في بساتينهم ومزارعهم، ولا المترفون في قصورهم وحدائقهم، ولا الحكَّام في صولتهم ودولتهم، ولا الملوك والأمراء في صولجان ملكهم وإمارتهم، أقول: ليس هؤلاء جميعاً بأسعدَ حظّاً من النفس القريبة من ربها، ولو علم هؤلاء بما في هذه النفس من الشعور السامي الجميل لقاتلوا عليه، ولتنازلوا عن ملكهم وعمَّا بين أيديهم رغبةً فيه.فسبحانك ربي ما أجمل القرب منك!. وما أحلاه!. وما أجمل الحياة لدى النفس في ساعات قربها من الله خالق كل جمال والمفيض بالخيرات جميعها!.
إنه النعيم، إنها السعادة، إنها الحياة الطيبة التي لا يمازجها نغص، إنها الجنَّة، ولعمري تلك هي الصلاة.
وذلك ما عنيناه بكلمة: (الصلاة) التي تولدها الاستقامة والصوم عن المحرمات.
إن هذه الصلة الجميلة، وهذا الشعور السامي الذي نشعره في حال قربنا من الله، يجعلنا في الوقت ذاته نكتسب من الله تعالى كمالاً، ونصطبغ منه تعالى بصبغة الكمال، لأن النفس خلال قربها وحال وجهتها إلى خالقها، يسري النور إليها، فيطهِّرها مما بها من جرثوم، ويقضي على ما فيها من انحرافات، ويزكِّيها ممَّا علق بها من قبل من الميول المنحطة، والدنيء من الشهوات، فينقلب هذا الإنسان وهو أصفى ما يكون حالاً، وأطهر قلباً، وأزكى وأنقى نفساً، فإذا زكت نفس الإنسان هذه الزكاة بالله، وطهرت هذه الطهارة، فهنالك لا تعود تحب أن تفعل منكراً، ولا أن تقعَ في معصية أو خطيئة.
وإذا ما أراد الشيطان أو الساحر أن يمسها بأذى، أو يغريها بما في الشهوات الدنيوية الدنية من جمال وزينة، فإنها لا تلتفت إليه، ولا تميل، بل تردّه خائباً، وتقيم عليه الحجة، فلها من كمالها وطهارتها، ولها من زكاتها التي ولَّدتها صلتها بخالقها، ما يجعلها تأنف كل خطيئة، وتعاف كلَّ دنيَّة، هذا الإنسان إذا شهد أن
لا إۤله إلا الله حسبما بيَّناه من قبل، يستطيع أن يصوم الصيام الحقيقي الذي يرافقه صيام نفسه عن محارم الله كلها، وإذا صلَّى صار بصلاةٍ حقيقية مع خالقه تعالى، فإن دفع الزكاة صارت له ثقة عظمى زادته إقبالاً على الله في صلاته، فزكاة لنفسه وطهارة وكمال، فإذا حجَّ عندها تصبح نفس هذا الإنسان من سويَّة عالية تختلف عمَّا سواها من الأنفس البشرية من حيث تذوُّقها معاني الفضيلة، وأنفَتها من الرذيلة، وأنْس بالله، وسعادة بالإقبال عليه.





والحمدلله في بدء وفي ختم
اللهم ارزقنا شهادة ان لا اله الا الله وشهادة ان محمدا رسول الله


 

رد مع اقتباس
قديم 22-03-2008, 07:29 PM   #3
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


فما الأغنياء بذهبهم وفضَّتهم وأموالهم، ولا المزارعون في بساتينهم ومزارعهم، ولا المترفون في قصورهم وحدائقهم، ولا الحكَّام في صولتهم ودولتهم، ولا الملوك والأمراء في صولجان ملكهم وإمارتهم، أقول: ليس هؤلاء جميعاً بأسعدَ حظّاً من النفس القريبة من ربها، ولو علم هؤلاء بما في هذه النفس من الشعور السامي الجميل لقاتلوا عليه، ولتنازلوا عن ملكهم وعمَّا بين أيديهم رغبةً فيه
حياك الله وحماك وزادك بنوره الذي لاينطفي اخي العزيز (طالب الاله )مشكور لهذا الموضوع المتميز


 

رد مع اقتباس
قديم 22-03-2008, 07:30 PM   #4
الزهور البريه
عضو


الصورة الرمزية الزهور البريه
الزهور البريه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23335
 تاريخ التسجيل :  03 2008
 أخر زيارة : 14-04-2008 (10:10 PM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


اللهم اذقنا حلاوة الايمان وارزقنا نعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع

جددوا ايمانكم بلا الاه الا الله محمد رسول الله


 

رد مع اقتباس
قديم 22-03-2008, 08:24 PM   #5
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


رزقنا الله شهادهً ترضيه ؛ وعملاً صالحا يقربنا من حضرته ؛ وفكراً ثاقباً
يُبصرنا بنور الحقيقه والإيمان .....
وجزاك الله خيراً أخى الفاضل على ماخطته يداك .........
اسامه


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:19 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا