|
|
||||||||||
الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) |
|
أدوات الموضوع |
19-07-2010, 09:46 AM | #1 | |||
V I P
|
إتبـاع الهوى [صوره – خطره – علاجه]
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إتبـاع الهوى [صوره – خطره – علاجه] إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه. أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله حق تقاته، فإن التقوى خير زاد يصحب المسلم في رحلته إلى الله والدار الآخرة حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. أيها المسلمون، إن مجانبة الضلال والسلامة من الغواية والنأي عن فساد العمل منتهى أمل المسلم، وغاية أمله وذروة مقصده، لذا ليس عجباً أن ينبعث له حس مرهف وشعور يقظ، وفكر حي يحمله على تمام الحذر من كل ما يحول بينه وبين سلوك سبيل الاستقامة، فإن الحوائل كثيرة، وإن العوائق عديدة، غير أن من أظهر هذه الحوائل وأقوى هذه العوائق أثراً وأشدها خطراً اتباع الهوى, على معنى أن يكون دليل المرء وقائده ومرشده ما تميل إليه نفسه, ويهواه قلبه, ويلتذ به حسه لا ما يأمره به وينهاه عنه الله ورسوله. ولما كان المسلم مأموراً بأن يجعل صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، كما قال سبحانه مخاطباً أشرف خلقه وخاتم أنبيائه صلوات الله وسلامه عليه: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } [الأنعام:162، 163]؛ كان اتباع الهوى عاملاً خطيراً في النأي بحياة المسلم عن هذا الأصل العظيم من أصول السعادة وأسباب النجاة، ولذا حذّر سبحانه في حشد من آيات كتابه العزيز من اتباع الهوى مقروناً بجملة من الصفات المقبوحة والأحوال المرذولة التي تعد مع ذلك من الأسباب الباعثة عليه والمفضية إليه. فمن ذلك عدم العلم بالله وآياته وشرعه، ومنه القول على الله بغير علم، كمن يتصدى للفتوى دون أن تجتمع فيه شروطها وآدابها، فيكون من نتيجة ذلك أن يفتي الناس بما تهوى الأنفس, لا بمقتضى الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فيورد نفسه بذلك ويورد غيره موارد الهلاك, ويكون وبالاً على الأمة وسبباً في الانحراف عن الحق كما قال سبحانه: { وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ }[الأنعام:119]. ومن ذلك الغفلة عن ذكر الله والإعراض عن شرعه, فإنها تحمل المسلم على ترك ما أمر به, ونهي عنه, والانصراف إلى شهوات النفس ولذات الحس وجعلها منتهى همّه, وغاية مقصده، فلاحظ في نفسه لغيرها، بل يكون حاله مشابهاً لحال الدواب والعجماوات. ويزداد عظم الخطر عندما ينصرف المرء عن شريعة ربه بالكلية مصماً أذنيه عن البينات والهدى فتتشعّث عليه أموره, ويشيع الاضطراب في حياته، ولذا حذر سبحانه المؤمنين من هذه العاقبة فقال سبحانه: { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا }[الكهف:28]. ومنها الإخلاد إلى الأرض، والركون إلى الدنيا والعمل لها والرضا بها، حتى تكون أكبر همه ومبلغ علمه, لها يعمل, وإليها يقصد, ولأجلها يناضل، وفيها يوالي ويعادي، حتى يقعد به ذلك عن سمو الهدف ورفعة الغاية وشرف المقام الذي ينشده ألو الألباب بعملهم لله والدار الآخرة، فتكون عاقبة أمره خسراً وندامة لا تنتهي, وحسرة لا تنقطع, كما قال سبحانه: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِى ءاتَيْنَـٰهُ ءايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ }الآية [الأعراف:185، 186]. ومنها الظلم، والظلم -يا عباد الله- تتسع أبعاده وتتنوع دروبه، فلا يقتصر على ظلم الإنسان نفسه بالمعاصي حتى يوردها موارد الهلاك، بل يتجاوز ذلك إلى ظلم غيره بألوان كثيرة تندرج كلها تحت مفهوم التعدي عليهم في الأنفس أو الأموال أو الأعراض فيورثه ذلك من ظلمات يوم القيامة ما لا منجى له منها كما قال سبحانه: { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَهْوَاءهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ }[الروم:29]. ومنها تزيين سوء العمل في نفس صاحبه، فإن المرء إذا زين له سوء عمله انعكست لديه الموازين, فأصبح يرى الحق باطلاً، والباطل حقاً، والحسد قبيحاً، والقبيح حسناً، وإنها لمحنة يا لها من محنة، كما قال سبحانه: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ }[محمد:14]. ومنها الظن، الذي لا يغني من الحق شيئاً، كما قال سبحانه: { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئاً }[النجم:28]، وكما قال سبحانه: { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ }[النجم:23]. ثم إن لاتباع الهوى في دنيا الواقع صوراً كثيرة لا يحدها حد, ولا يستوعبها حصر، غير أن من أعظمها خطراً، وأشدها ضرراً، ما يكون من اتباع الهوى في ميدان الحكم بين الناس، والفصل بينهم في الدماء والأموال والأعراض، ولذا أمر سبحانه نبيه داود عليه السلام بالحكم بين الناس بالحق, ونهاه عن اتباع الهوى لأن عاقبة ذلك الضلال عن سبيل الله, فقال تعالى: { يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَـٰكَ خَلِيفَةً فِى ٱلأرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }الآية [ص:26]. يتبعـ المصدر: نفساني |
|||
|
19-07-2010, 09:53 AM | #2 |
V I P
|
. وكذلك أمر سبحانه نبيه وأشرف خلقه وأعلمهم بربه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين الناس بما أنزل الله، وحذره من اتباع الأهواء فقال تبارك وتعالى: { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَٱحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ }[المائدة:49].
وبين له أن مآل اتباع أهواء الضالين مفضٍ به وهو رسول رب العالمين إلى الضلال والخيبة والخسران, فقال سبحانه: { قُلْ إِنّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ }[الأنعام:56]. ولا ريب -يا عباد الله- أن هذا كله توجيه للأمة من بعده, وتحذير لها, وهدى وذكرى لأولي الألباب. ومن صور اتباع الهوى أيضاً اعتداء المرء بنفسه وذهابه بها مذاهب العجب والغرور حتى يشمخ بأنفه, ويستعلي على غيره, ويأنف من قبول الحق ومن الإذعان للنصح متبعاً هواه، مضرباً عن كل ما سواه من البينات والهدى. ومنه الحكم على الآخر وفقاً لما يمليه عليه هواه ولما يستقر في نفسه من آراء، فإذا بذلك يحمله على ترك العدل، والمسلم مأمور بالعدل مطلقاً، حيث قال سبحانه: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَاء للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ ٱلْوٰلِدَيْنِ وَٱلاْقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }[النساء:135]. ومن صور ذلك أيضاً أن تكون للرجل زوجات فلا يقم بمقتضى العدل بينهن, بل يتبع هواه فيحمله ذلك على الميل إلى إحداهن كل الميل، ويذر ما سواها كالمعلقة، بل إن الأمر ليتمادى به إلى تعامله مع أبنائه أيضاً, فإذا هو ميّال إلى بعضهم دون بعض، يرفعه ويهب له ويجعله محضياً بكل ألوان الرعاية والعناية، ويدع غيره من أبنائه مبعداً محروماً منسياً. ومن صور ذلك أيضاً أن يتبع المعلم هواه فلا يقوم بما يجب عليه من العدل بين طلابه بجعل المفاضلة بينهم قائمة على أسس من الجد والاجتهاد ورعاية حق العلم, بل يميل إلى طائفة أو فرد منهم مقدماً من حقه التأخير, أو مؤخراً من حقه التقديم، اتباعاً للهوى وإعراضاً عن الحق. وكم لاتباع الهوى في دنيا الواقع من صور, وكم لها من أضرار وآثار لا تقع تحت العد, ولا يستوعبها المجال، وحاصل ذلك أن اتباع الهوى والانقياد له مفض إلى الانحراف عن الصراط المستقيم, والحيدة عن طريق الله القويم, وإلى خسران الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين. وعلاج ذلك -يا عباد الله- أن يجعل المرء هواه تبعاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن لا يقدم على أمر الله ورسوله شيئاً مهما عظم شأنه وعلا قدره, وأن يحتكم في كل دقيق وجليل من أمور حياته إلى حكم الله, ويرضى به ويسلم, فتكون عاقبة ذلك أن يرضى ويغضب لله, وأن يحب ويبغض في الله، وأن يعطي ويمنع لله. فاعملوا -رحمكم الله- على مجانبة اتباع الهوى, وانأوا بأنفسكم عن سلوك كل سبيل يفضي إليه تكونوا من المفلحين, وصدق الله إذ يقول: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }[الجاثية:23]. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله ولي المتقين, أحمده سبحانه يعز الطائعين ويذل العاصين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله, شفيع المؤمنين وقائد الغر المحجلين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فيا عباد الله، إن اتباع ما أنزل الله من البينات والهدى والعمل به والتسليم له عاصم للمرء من اتباع الأهواء وحافظ له من التردي في وهدتها, مورثه إياه سعادة جعلها الله خالصة لمن اتبع شريعته واهتدى بهديه, وأعرض عن كل ما سوى ذلك، كما قال سبحانه مخاطباً عبده ونبيه محمداً آمراً إياه باتباع شريعته، محذراً له من اتباع الأهواء قال سبحانه: { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَٱللَّهُ وَلِىُّ ٱلْمُتَّقِينَ }[الجاثية:18، 19]. فهذا -يا عباد الله- هو الطريق المستقيم الموصل إلى رضوان الله والظفر بجناته، فالزموه واستمسكوا به -رحمكم الله- وحذار من اتباع الهوى فإنه الداء كل الداء. |
|
27-07-2010, 05:17 AM | #4 |
V I P
|
وبارك الباري بك أخي الكريم الشاكر لقرأتك الموضوع ,,
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|