المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

خطبة الجمعة عنوانها : الحياء لا يأتي إلا بخير

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم الخطبة الأولى إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 08-03-2018, 05:34 PM   #1
المسلاتى
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية المسلاتى
المسلاتى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 46734
 تاريخ التسجيل :  04 2014
 أخر زيارة : 19-02-2022 (09:06 PM)
 المشاركات : 1,381 [ + ]
 التقييم :  12
لوني المفضل : Cadetblue
خطبة الجمعة عنوانها : الحياء لا يأتي إلا بخير



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم


الخطبة الأولى
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:
فيا أيُّها النَّاسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، الحياء خلق كريم، وهو مصدر الأخلاق والفضائل، إذ هو خلق ي.. العبد عما حرم الله عليه ويمنعه من أقوال الرذائل والأعمال والسلوك، وهذا الحياء له فضل كبير يقول صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ"، وهو رأس الأخلاق كلها، يقول صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ"، وهذا الحياء له فضائل عده فمن فضائله: أنه صفة من صفات ربنا جل وعلا له الأسماء والصفات العلى، رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يغتسل في الصحراء فخطب الناس وقال: "إن الله حليم ستير يحب الستر والحياء، فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليستتر"، وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد قضاء حاجته في الصحراء أبعد عن الناس وكان يضع أمامه سترة يستتر بها عند قضاء الحاجة، ومن فضائل الحياء: أنه صفة يحبها الله جل وعلا يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَه عَلَيْهِ، وإن الله يكره البؤس والتبأس، ويبغض الملحف في المسألة، ويحب الحي العفيف المتعفف"، ومن فضائل الحياء: أنه خلق محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله جل وعلا جاب له على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، يقول أبي سعيد الخدري رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره الشيء عرف ذلك في وجه، ومن فضائل الحياء: أنه مفتاح للخير يقول صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ"، وأنه أيضا مغلاق للشر يقول صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"، يقول الخطابي رحمه الله: إن هذا الحديث خرج بمخرج الأمر وانخفض، بمعنى أن من لم يستحي فكأن يقال له من ... الحياء فليعمل ما يشاء لأنه لا رادع ولا مانع عنده إذا فقد الحياء من أن يقارب أي جريمة وشنيعة من الأقوال والأفعال، ومن فضائل الحياء: أنه مفتاح للزينة يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيءٍ إِلاَّ شَانَهُ وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ"، ومن فضائل الحياء: أنه من أسباب ظل العبد يوم القيامة يقول صلى الله عليه وسلم: "في السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم القيامة يوم لا ظله إلا ظله ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله"، ومن فضائله: أنه الحياء سبب في دخول الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ"، وقد دل الكتاب والسنة على الترغيب في هذا الخلق الكريم، يقول الله جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) الآية، فالله جل وعلا أخبر أنه لا يستحي من ضرب مثلا وإن كان حقيرا إذا كان ضرب هذا المثل في منفعة وتوجيه للناس وقال جل وعلا: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ)، قال بعض المفسرين: إن لباس التقوى هو الحياء، وأخبر جل وعلا عن بعث من أصحاب مدين في قصتها مع موسى (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) الآية، يعني مغطية وجهها على حياء، قال بعض المفسرين: ليست في خطاة ولا ولاجة ولكنها ذات طابع حياء وخلق كريم، ومن ترغيب الإسلام في الحياء أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الحياء خلق متوارث منذ الأنبياء عليهم السلام، يدعوا له كل نبي: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ"، جاءت به الأنبياء فلم ينسخ كما نسخة شرائعهم، بل هو دائم ثابت، لم ينسخ كما نسخة الشرائع؛ بل هو خلق دائم ثابت مع كل الأنبياء عليهم السلام.
أيُّها المسلم، ومن فضائل الحياء: أنه يقي الإنسان المعاصي والشرور، ويحقن بينه وبينها يقول صلى الله عليه وسلم: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلاهَا قول لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ"، سمع النبي رجلا يعظ أخاه من الحياء قال: دعه فإن الحياء من الإيمان، وقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتحْيُوا مَنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَياءِ"، قالوا: كيف ذلك يا رسولَ اللَّه، قال: "أنْ تَحْفَظ الرَّأْسَ ومَا وَعى، والْبَطْنَ ومَا حَوى، وأن تذْكْرَ المَوتَ والبلى ، وَمنْ أرادَ الآخِرَةَ تَرَك زِينَةَ الدُّنيا فذلك الحياء من الله".
أيُّها المسلم، إن الحياء ممدوح دائما إذا كان في الحق، فمن الحياء الممدوح ومأمور به حياءك من ربك، حياءك من خالق ورازقك، تستحي منه لعلمك أنه محيط بك، عالم بسرك وعلانيتك، يسمع كلامك ويرى مكانك، ويعلم سرك وعلانيتك، ولا يخفى عليه شيء من أحوالك: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، وقال: (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، (يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ)، فمن تدبر هذا المقام استحياء من ربه أن يراه حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره، وذلك قوة الإيمان، نسأل الله التوفيق والسداد، ومن الحياء استحياءك من ملائكة الرحمان، الموكول بكتابة أعمالك وأقوالك، فإن الله جل وعلا وكَّل بكل إنسان ملكين، يكتب هذا حسناته وهذا سيئاته، ملازمين لنا إلى عند الفرائض وقضاء الحاجة، يقول الله جل وعلا: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ* كِرَاماً كَاتِبِينَ* يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)، (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وفي الحديث: "إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لاَ يُفَارِقُكُمْ الخلاء عِنْدَ الحاجة فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ"، فمن تدبر ذلك استحياء من الملكين، أن يكتب عنه سوء ورجاء أن يكتب عنه إن شاء الله، ومن الحياء أيها المسلم الحياء الممدوح حياءك من الناس، من أن تمد إليهم لسانك بالسوء من غيبة ونميمة ووشاية وأقوال خاطئة وتمد لسانك بقلبهم والطعن في أعراضهم وانتهاكها بلا حجة ولا برهان، أو تؤذيهم بيدك فتسلط عليهم، "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ"، والحياء من الناس يحملك على كف الأذى منهم، وأن لا تؤذي الناس وأن لا تكون مصدر قلق لهم في أمورهم كلها تحترمهم وتعاملهم كما تحب أن يعاملوك به، ومن الحياء استحياءك من نفسك في خلواتك فلا تعمل سوء سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال السائل: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ: "أحْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُكَ"، فَقَالَ يا رسول الله الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ قومه قَالَ: "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ"، قال: الرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا قَالَ: "فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْه من الناس"، فخلق الحياء صاحبة لك في مجتمعك في بيتك ومع أهلك ومع زملاءك ومع الآخرين حياء تبعدك عن الرذائل ويحملك على الفضائل، ومن الحياء أن تستحي من أبويك الكريمين فتخاطبهما بكل لطف وخلق كريم وأقوال حميدة (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)، تستحي من ضيفك تكرمه ولا تجرح شعوره.
أيُّها المسلم، ولكن هناك أمور قد يذم فيه الحياء إذا حمل الحياء العبد أن لا يسأل عن أمور دينه، وأن لا يستفسر عما أشكل عليه فهذا حياء مذموم، والله يقول: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)، فالحياء المذموم هو أن تستحي من أن تسأل عن حق عن حلال عن حرام فهذا أمر مذموم، ولهذا تقول أم سلمة أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله هل على المرأة من غسل إذا هي رأت الماء، قال: "نعم، إذا رأت الماء فلتغتسل"، قالت أم سلمة وهل يكون ذلك؟ قال: "تربت يمينك فأين يشبهها ولدها"، جاء أبو موسى الأشعري إلى أم المؤمنين عائشة فقال: يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك سؤالا واستحي أن أسأله قالت: يا أبو موسى إنما أنا أمك فسألني، قال قلت يا أم المؤمنين: ما يوجب الغسل؟ قالت: على الخبير سقط، إذا قعد بين شعبها الأربع ولتقى الختان بالختان، فقد وجب الغسل، هكذا الحياء الممدوح وهكذا الحياء المذموم، فليكن حياءنا حياءً في حدوده، لا حياء يمنع من الخير، ومن الحياء المذموم حياءك يمنعك أن تأمر بمعروف وتنهى عن منكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلق أهل الإسلام (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، ومن الحياء المذموم أن تترك واجبا حياءً من الناس أو تفعل محرما حياءً من الناس، فمن عباد الله من يترك الصلاة ويتهاون بالجماعة مجاراة لما معه ومن جلساء سوء الحياء أو الواجبات لا يستهان بأدائها؛ بل يجب أن تؤدي فرائض الإسلام وليس في أدائها قلة حياء؛ بل هذا دليل على الخير كله، ومن سوء الحياء أن تفعل معصيةً مجاراة للجلساء، لا تفعل المعاصي ولا حرمات الله مهما يكون حال من معك في الحديث: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتقِّ الله ودع عنك هذا فلا يحل لك، ثم يلقاه من الغد فيكون قعيده وأكيله وشريبه، فلما رأى الله منهم ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم لعنهم (عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)".
أيُّها المسلم، المعصية ابتعد عنها وعن أهلها حين مواقعتها فيها وأشعرهم بأنك مخالف لهم وأنهم قد انتهكوا حرمات الله وأن لا تشهد في معصيتهم ولا تعينهم على باطلهم، وهجرهم في ذات الله، مبيناً لهم الخطأ الذي وقعوا فيه لكي تنصحهم لله جل وعلا، أما المجاملة والجلوس معهم ويزاولون المنكرات والفواحش والله يقول: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ)، فالراضي في المعصية والساكت عن تغيرها والمجالس لأهلها وهم يزاولونها شريكهم في الإثم والعصيان؛ بل هو أعظ إثما وواقع فيها لأن تساهله بها وسكوته عنها يدل على عدم إفراط قلبه منها وأنه لا يكرها وأنه يمكثها، فلنتقي الله في أنفسنا ولنراقب الله في أحوالنا كلها، أقولٌ قولي هذا واستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى، عباد الله، ليكون الحياء خلق لنا في تعاملنا مع ربنا ومع أنفسنا ومع مجتمعنا في أحوالنا كلها.
أيُّها الزوج الكريم، يجب عليك أن تتخلق بالحياء فيما بينك وبين امرأتك فعالج المشكلة بينك وبينها بأدب واحترام، ومع أهلها، وإياك وقلة الحياء وسبها والطعن فيها وفي أهلها فكل هذا من قلة الحياء، حاول الإصلاح بينك وبينها بكل الطرق الممكنة والوسائل الممكنة دون قلة الحياء، وإذا تعذر البقاء فالفراق خير من قلة الحياء وسوء التصرف.
أيُّها الزوجة الكريمة، أتقي الله وعالجي المشكلة مع زوجك بأدب واحترام، واحذري قلة الحياء والبذاءة التي لا خير فيها، والله يقول للزوجين: (وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، فمن الأخطاء إشاعة الأسرار ونشر الأمور وقلة الحياء، والتحدث مع الآخرين بالكذب والافتراء كل هذا من قلة الحياء.
أيَّها المسلم، عندما تخاطب في قضية ما فلك الحق أن تدعي وتخاطب من حقك وتطالب بحقك؛ لكن ليكون الحياء مصاحب لك حتى في خصومتك، النبي صلى الله عليه وسلم يقول في أخلاق المنافق: "وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، فالمنافق إذا خاصم فجر في خصومته، وربما افتراء الكذب، وربما كشف عن عيوب شأنه ليضعف بها جانب المدعي، ويقلل به شأنه ويكسب به الدعوى، فإياك أن تحرج القضاء، أن تتحدث بغير ما يعالج قضيتك التي يبنى عليه الحكم، أما أن تكشف عيوب الناس التي تتطلع أو تبالغ أو تفتري بها كذبا هذا لا يحوز، خاصم بأدب، وطالب حقك بأدب، وإياك والبذاءة وقلة الحياء، والطعن في الناس، والشماتة بهم، فبعض الناس قد ينسحب عن الدعوى إذا كان خصمه بذيء اللسان فاجرا في أقواله، يقول الأباطيل ويكذب ويفتري نسأل الله السلامة والعافية.
أيها الأخوة، قد نختلف في أرائنا العلمية في هذا... فما الموقف؟ وقد نختلف في قضايا فكرية وإصلاح المجتمع، فما الموقف؟ هل الموقف أن يكون بيننا تراشق بالتهم واتهام النوايا والمقاصد، وسب بعضنا بعضا، وانتقاص بعضنا بعضا، واحتقار بعضنا بعضا، لا يا أخي، ليس هذا من خلقنا، ليس هذا من خلق ديننا، حياءنا يمنعنا من ذلك، حياءنا يدعون إلى أن نحترم الآخرين، عندما أقول وأبين خطأ هذا القول فأبينه بأدب واحترام واتزان وحياء يمنعني من القول السيئ وعندما أنقد فكر من الأفكار؛ فلابد أن أكون صادقا، عندما أكتب أفكر فيما أكتب هل كتابتي هي حق وإخلاص ومنفعة للأمة، أما كتابة تثبت موقفي وتبرز شخصيتي وإن كان في هذا خلاف للحق وخلافا للواقع، فليكن الحياء ملازم لنا في الأمور كلها.
أيها المربيون والمربيات، اتقوا الله في تعليم الأبناء والبنات، علموا الجميع الحياء والخلق الفاضل، فإن هذا من أخلاق الإسلام.
أيها الإعلاميون، رجال الإعلام وملاك القنوات الفضائية، ليتقي الجميع ربهم فيما يعرضون وينشرون من مسلسلات وأفكار وأطروحات لتكن هادفةً نافعةً موجه؛ لا أن تكون هابطة، يؤسف له أن بعض القنوات التي يملكها بعض أبناء المسلمين تجدها هابطة في أفكارها في أخلاقها هابطة في كل ما تعرض من الشر والبلاء والعدال الأخلاق والفضيلة وقلة الحياء ما الله به عليم، فليتقي المسلمون ربهم وليخافوا من سوء العاقبة، فإن نشر هذه الفضائح والدعوة إليها داخل في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
أيها المسلم، إياك والتحدث بمعاصيك وسيئاتك وأخلاقك السيئة، إياك أن تنشر أخلاق سيئة التي عملتها، تب إلى الله منها فيما بينك وبين الله، فإن من البلايا أن تتحدث عن معاصيه وأخطائه وسيئاته متبجحا بها يثني بها على نفسه يقول صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ويُمَسِي وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا"، كل هذا من قلة الأحياء عندما تزل القدم تب إلى الله وندم على ما مضى وتب إلى الله فيما بينك وبينه، المعاصي لا يسئم منها أحد؛ لكن نشرها وإشاعتها والتحدث بها دعوة إليها ونشر لها نسأل الله لنا ولكم الثبات والاستقامة إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا رحمكم الله على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائه الراشدين، الأئمة المهدين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التَّابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك وإحسانك يا أرحمَ الراحمين.
اللَّهمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمَّر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، وجعل اللَّهمّ هذا البلاد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللَّهمَّ أمنَّا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، اللَّهمَّ وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا ، اللَّهمَّ وفقه لما تحبه وترضى اللَّهمَّ بارك له في عمره عمله وفقه لما تحبه وترضى إنك على كل شيء قدير، وأمده ثوب الصحة والسلامة والعافية، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، اللَّهمَّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللّهمَّ سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم لا غرق، (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكُرْكم، واشكُروه على عُمومِ نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.


فضيلة الشيخ محمود فتحى بن باز

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 08-03-2018, 07:42 PM   #2
سعيد رشيد
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية سعيد رشيد
سعيد رشيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 56016
 تاريخ التسجيل :  04 2017
 أخر زيارة : 02-09-2024 (11:29 PM)
 المشاركات : 3,260 [ + ]
 التقييم :  13
لوني المفضل : Cadetblue


بارك الله فيك و نفع بك و جزاك الله خيرا


 

رد مع اقتباس
قديم 10-03-2018, 06:14 AM   #3
المسلاتى
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية المسلاتى
المسلاتى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 46734
 تاريخ التسجيل :  04 2014
 أخر زيارة : 19-02-2022 (09:06 PM)
 المشاركات : 1,381 [ + ]
 التقييم :  12
لوني المفضل : Cadetblue


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد رشيد مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك و نفع بك و جزاك الله خيرا

امين
جزاك الله خيرا


 

رد مع اقتباس
قديم 13-03-2018, 06:40 AM   #4
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


جزاكم الله خير الجزاء وبارك الله فيكم


 

رد مع اقتباس
قديم 22-03-2018, 06:30 PM   #5
المسلاتى
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية المسلاتى
المسلاتى غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 46734
 تاريخ التسجيل :  04 2014
 أخر زيارة : 19-02-2022 (09:06 PM)
 المشاركات : 1,381 [ + ]
 التقييم :  12
لوني المفضل : Cadetblue


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاكر مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خير الجزاء وبارك الله فيكم
امين
جزاك الله خيرا اخى الكريم


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:21 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا