أزمة صدق ,, !!

أزمة صدق ,, !!

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..



" الصدق " هو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلاً إلا أرداه وصرعه ، من صال به لم ترد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال، ومحك الأحوال" (تهذيب مدارج السالكين ص32)



وما أروع الصدق عندما يكون مع رب العباد مالك الملك .. فإنه أساس الصدق وقاعدته ..

وذلك بالإخلاص في القول والعمل والحال .. ويكون لوجهه تعالى لا تريد به جاهًا ولا شهرةً ولا ثناءً ولا مالًا..

بل إن الله سبحانه وتعالى أثنى على نفسه...حيث قال في كتابه العزيز: (( الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثاً)) النساء : 87 ..

ويقول الله تبارك وتعالى : ((والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا )) النساء : 122

وهنا لنا جولة في بستان الصادقين ..

لنتنفس طيب شذاهم وإن لم نصحب نفوسهم وأبدانهم.. وإمامهم في الصدق ومعلمهم رسولنا صلى الله عليه وسلم فكل حياته صدق وكل أنفاسه صدق.. بل هي الصدق بعينه .فقد خلع عليه البرلمان المكي الشركي لقب الصادق الأمين .. قبل أن يبعث ..

أما بعد البعثة كان يلقب بين أصحابه صلى الله عليه وسلم بالصادق المصدوق ..

يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) [متفق عليه].

ما كان خلق أبغض للنبي صلى الله عليه وسلم من الكذب .. لأنه يؤدي إلى الفجور والنفاق .. وأيضا يهدي إلى النار والعياذ بالله..

لو قلبنا الطرف في بستان الصدق لوجدنا التاريخ قد سطر لنا من سيرة الصحابة والتابعين أروع القصص وأبلغ الأمثال.. وهنا لنا وقفه مع هذا الأعرابي ..

فعن شداد بن الهاد أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فآمن به واتبعه ، ثم قال : أهاجر معك ؟ فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ، فلما كانت غزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيا ، فقسم ، وقسم له ، فأعطى ما قسم له ، وكان يرعى ظهرهم ، فلما جاء ، دفعوه إليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذه ، فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا ؟ قال : قسمته لك . قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى ههنا ، وأشار إلى حلقه بسهم فأموت ، فأدخل الجنة ، فقال : إن تصدق الله يصدقك . فلبثوا قليلا ، ثم نهضوا في قتال العدو ، فأتى به النبي ، يحمل قد أصابه سهم حيث أشار ، فقال النبي : أهو هو ؟ قالوا : نعم ! قال : صدق الله فصدقه . ثم كفنه النبي ، في جبة النبي ، ثم قدمه فصلى عليه ، فكان فيما ظهر من صلاته : اللهم هذا عبدك ، خرج مهاجرا في سبيلك ، فقتل شهيدا ، أنا شهيد على ذلك .. ( صحيح النسائي )



وهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه.. قد ضرب لنا في الصدق مثلا .. وقدم لدنيا الصادقين قدوة .. والله لا تبلى .. ولن تبلى .. بإذن الله

اسمعوا ماذا يقول الصديق أبو بكر رضي الله عنه.. الذي يدخل من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء ..
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( دخلت على أبي بكر رضي الله عنه وهو يجذب لسانه -أي يجر لسانه- فقلت له: (مه.. غفر الله لك) فقال أبو بكر: (هذا الذي أوردني الموارد)

أي هذا الذي أوردني المهالك، ماذا نقول نحن عن ألسنتنا؟ ألا نقارن حالنا بحالهم..

كان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان..

الله أكبر .. أحوج من المجرمين .. ومن العصاة .. هو : اللسان ..

وابن عباس يقول للسانه : قل خيراً تغنم، أو أمسك عن سوء تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم ..



ماذا أقول ؟! ماذا أكتب ؟! فقد عجزت وتضاءلت كلماتي أمام شموخ إيمانهم وإخلاصهم وصدقهم ..

لقد سطر هذا الجيل القرآني أروع الصفحات في تاريخ الصدق ..

فكان حاكمهم أصدق حاكم .. وكان تاجرهم أصدق تاجر .. وكان قائدهم أصدق قائد ..

هل رأيتم في الدنيا وتاريخها كهذا الصدق ..؟

و نقلب كتاب التاريخ في الصدق .. حتى إذا وصلنا إلى صفحات هذا الزمان نجده قد انتشر فيه الكذب .. وزُيفت فيه الحقائق .. وقل فيه الصادقون .. إلا من رحم ربي طبعا ..

وهذا حديث الذي روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم : ‏( سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصدّق فيها الكاذب ويُكذّب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويُخوّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة. قيل: ( وما الرويبضة) قال: ( الرجل التافه يتكلم في أمر العامة )



فانتشار الكذب من علامات الساعة.. لأنه قائم على هدم وضياع الحقائق.. فيصير المعروف منكرا.. والخير شرا .. والحق باطلا.. والكل يتحدث ويتكلم ويصرخ ويدعي أنه على الصدق.. إلا من رحم ربي

وفي الصحيحين، عن حذيفة رضي الله عنه، فيما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قبض الأمانة، قال :(....... حتى يقال للرجل: ما أجلده ما أظرفه ما أعقله، وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان )

وهذا هو الواقع بين المسلمين في هذا العصر، يقولون للرجل: ما أعقله، ما أحسن خلقه، ويصفونه بأبلغ الأوصاف الحسنة، ربما لم يوصف بها بعض الصحابة، وهو من أفسق الناس، وأقلهم ديناً وأمانة، بل قد يكون عدواً للإسلام والمسلمين، ويعمل على هدم الدين ليل نهار، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولنقرأ هذه القصة من واقع حياة زماننا .. قصة عبرت عن معاناة إنسان بسبب كذب وبسبب شهادة زور .. يقول أحد المشايخ :

( كنت أعمل في السعودية.. وكنت بقدر الله قد تركت جامعي .. ونزلت إلى بريدة لأصلي .. أذن العصر فدخلت في مسجد في الطريق .. وبعد ما صلينا .. وقف رجل بدوي من القصيم تجاوز الثمانين من عمره تقريبا ..وقف بعد صلاة العصر ورفع يديه وقال :

( أيها الناس .. أيها الناس .. احذروا شهادة الزور .. احذروا شهادة الزور.. إياكم والكذب .. إياكم والكذب )
ظل يردد هذه الكلمات وبكى .. فأبكى الناس .. ونحن لا نعرف شيئا فلما هدأ لم يخرج أحد من المسجد ..
قال له أحد الأخوة : (ما الخبر )
قال الرجل : ( والله يا أولادي ما رأيت نور النهار إلا بالأمس فقط فلقد عشت في السجن أكثر من خمسين سنة .. بسبب الكذب)

يالله .. خمسين سنة في السجن .. بسبب ماذا ؟؟

بسبب الكذب .. بسبب كلمة .. قيلت كذبا..

كلمة واحدة .. ربما تنال بها سخط الله..

وكلمة واحدة ربما إذا قيلت تنال بها رضوان الله ..



إن إلقاء التهم جزافا.. دون بينة أو دليل .. يترك المجال فسيحا لكل من شاء.. أن يقول ما شاء.. في أي وقت شاء .. ثم يمضي آمنا مطمئنا.. فتصبح الجماعة المسلمة وتمسي وإذا أعراضها مجرحة.. وسمعتها ملوثة..وهذه حالة من الشك والقلق والريبة لا يمكن أن تطاق بحال من الأحوال ..

قال الفضيل بن عياض : أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة..!!

يالله.. يعد كلامه، ماذا قال؟ الكلمات التي نطق بها من الجمعة إلى الجمعة، لو نسأل أنفسنا كم كلمة قلناها بين المغرب والعشاء؟.. الله المستعان.

فكر بالكلمة قبل أن تخرج من فيك.. هل تقول هذه الكلمة لوجه الله ..؟؟ ما الغاية والهدف من قولها ؟؟

فإذا كانت لله فلتخرج .. وإلا فلترجع من حيث أتت .. ألجمها بلجام التقوى والخوف من الله تعالى ..

قال إبراهيم التيمي : المؤمن إذا أراد أن يتكلم نظر فإن كان كلامه له تكلم، وإن كان عليه أمسك عنه، والفاجر إنما لسانه رسلا رسلا دائماً منطلق.

كن صادقا في حالك ونيتك .. في قولك .. وعملك .. فالصدق منجاة ولو ظننت أنه مهلكة.. ولنجعل قدوتنا.. خير من وطئ الثرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. وصحابته رضوان الله عليهم ..


نسأل الله أن يرزقنا الصدق في الأقوال والأحوال والأفعال إنه ولي ذلك والقادر عليه ..

وصلي الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحابته


منقول للفائدة ,,

المصدر: نفساني

الله يجعلنا من الصادقين .. ويحشرنا في زمرة الصادق الامين صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه ..

بارك الله في الكاتب والناقل وجزاكِ الله خير ..

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمـ أم ـــر

الله يجعلنا من الصادقين .. ويحشرنا في زمرة الصادق الامين صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق رضي الله عنه ..
بارك الله في الكاتب والناقل وجزاكِ الله خير ..

آميـــــــــــــن ,,

شاكرة لكِ قرأتكِ للموضوع أختي الكريمة أم عمر ,,