دور التربية في اصلاح النفس
اعطى الإسلام أهمية خاصة لدور التربية في اصلاح النفس البشرية، حيث اعتنى الإسلام بكل مراحل تطور عمر الإنسان من أيام طفولته مروراً بفترة الشباب و انتهاء بالكهولة و أرذل العمر، بل ان الكثير من القواعد التربوية شملت الجنين الذي لا يزال في طور التكون في رحم الام، و هناك الكثير من الأمثلة التي تدل باليقين القاطع على ان بعض الاعمال المستحبة، التي تؤديها الام اثناء فترة الحمل لها أثر كبير على مستقبل الجنين، بعد ظهوره إلى عالم الحياة بعد الولادة ومنها قراءة القرآن و الامتناع عن تناول المكروهات، ومن هنا يتضح لنا الاهتمام الدقيق الذي اولاه الدين الاسلامي، للجانب التربوي وبهذه التفاصيل الكفيلة بنشوء افراد غاية في المثالية، ولسنا ببعيدين عن حياة بعض العلماء الذين ولدوا تحت هذه الاشراف الدقيق، فكانوا مثالاً للإنسان الذي يستحق الخلافة الالهية على هذه الأرض، و بالتالي استحقاقهم للدار الآخرة التي ارادها الله لهم حيث يقول عز وجل (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض) بينما استحق الفريق الآخر الذي فضل الاستعلاء و حب الظهور، جائزته في الخلود في نار جهنم وبئس المصير.
وقد اثبتت الدراسات العلمية الحديثة ان لبعض الممارسات العبادية دوراً كبيراً في المساعدة على شفاء الكثير من الأمراض النفسية و حتى بعض الأمراض الجسدية كذلك فالصلاة والدعاء هما من الوسائل التي تبعث الامل في نفس الإنسان المريض وتعطيه دعماً معنوياً، يستطيع عبره تجاوز الكثير من الازمات التي تزيد من حالة استفحال المرض، ويجري الأمر كذلك على الاشخاص الأسوياء، حيث تعتبر العبادات الروحية من العوامل الوقائية التي تحول دون وقوع الإنسان فريسة الأمراض و الطريف في هذا ان نسبة اكثر من 50% من الأمراض الجسدية التي يصاب بها الإنسان في حياته تعود إلى اسباب نفسية.
واذا كان العلم الحديث و الدين يتفقان على ان سعادة الإنسان هي في شدة التصاقه بالروحيات والتي هي اساس وجود الاديان و كما قال رسول الله? في الحديث المشهور (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) فهل يبقى أمام دعاة الحضارة المدنية شك في خطورة هذه الحضارة التي تدعو إلى نبذ الاخلاق والابتعاد عن الروح، ووضع الإنسان في دوامة الازمة المفرغة، حيث تسلب منه كل معاني الوجود الحقيقية و بالتالي سقوطه و انهياره.
|