|
|
||||||||||
ملتقى المقالات النفسية والأبحاث المقالات وخلاصة الكتب النفسية والإجتماعية |
|
أدوات الموضوع |
05-07-2009, 02:28 PM | #1 | |||
(مستشار)استاذ علم النفس الاكلينيكي
|
التحليل النفسي للقول الشائع " ربنا مع الغلابة "
التحليل النفسي للقول الشائع
" ربنا مع الغلابة " [font=Arial][color=#00008B][size=4]أ د. عـادل كمـال خضـر أستاذ علم النفس الإكلينيكي كلية الآداب _ جامعة بنـها كثيراً ما كنت أستمع إلى هذا القول " ربنا مع الغلابة " دون أن يستثير بداخلي معنى معين . وربما لإحساسي ضمناً بأن الله هو بالفعل مع " الغلابة " ، مع الناس البسطاء الذين يعيشون على الكفاف ، إنه مع الفقراء والمحتاجين والبؤساء ، والذين قست عليهم الحياة بشكل عام .. ولكن دفعني إلى تحليل هذا القول ما سمعته من طالبة في المرحلة الثانوية تقول لزميلتها : لقد خشيت أن أتأخر عن المدرسة ، ولكني وجدت سيارة أوصلتني في الميعاد لأن " ربنا مع الغلابة " . استوقفني هذا القول وكأني أسمعه لأول مرة .. ماذا يعني هذا القول ؟ ومتى ننطق به ؟ وهل هؤلاء الناس المعتقدين بهذا القول يذكرون الله دائماً أم يذكرونه في حالة كونهم " غلابة " ؟ رجعت إلى نفسي أتساءل : هل الله " مع الغلابة " فقط ؟ أم أنه مع الجميع ؟ وإذا كان الله هو بمقتضى عدله مع الجميع ، فلماذا يستشعر الإنسان " الغلبان " أن الله معه ؟ مما لاشك فيه أن الله هو إله لكل الناس وهو معهم جميعاً : أغنياء وفقراء ، أقوياء وضعفاء ، علماء وجهلاء .. ولكن كثير من الناس الأغنياء والأقوياء والعلماء بسبب ما يمتلكون من مصادر قوة قد يغفلون عن ذكر الله وطاعته ، وربما لا يلتمسون إعانة من الله إلا في حالة ضعفهم ، فالنعمة التي تلف بالإنسان قد تجعله يعرض عن الله ، فإذا ما أصاب الإنسان الشر وطاف به اليأس ، وأصبح فقيراً بعد غنى أو ضعيفاً بعد قوة أو مريضاً بعد صحة أو شقياً بعد هناء ، تحول بين يوم وليلة إلي فئة " الغلابة " الذين ليس لهم من ملجأ إلا الله ، فدخلوا إلى هذه الزمرة يلتمسون المدد من الله عز وجل .. أما الذين هم فقـراء ، جهلاء ، ضعفاء ، فهم منذ البداية في زمام " الغلابة " ، وأنه بسبب كونهم " غلابة " فهم أقرب إلى الله أو هم مع الله .. أي أنهم يكونون مع الله ليس لذات الله ولكن لشعورهم أنهم " غلابة " فهم في حاجة إلى قوة تدعمهم لتعينهم على الحياة .. وأنه ربما لو تحسنت بهم الحياة وأصبحوا يمتلكون المال والعلم والقوة ، لأعرضوا عن الله واغتروا بقوتهم وعلمهم وأموالهم .. وصدق الله عز وجل إذ يقول : " وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا ( الإسراء : 83 ) . ويقول في آية أخرى : " وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ " ( فصلت : 51 ) . إذن يمكن لنا أن نقول أن ما يجعل كثير من الفقراء والتعساء والضعفاء من الناس أن يلجئوا إلى الله هو حالة كونهم " غلابة " ، وأنه في حالة تحسن أحوالهم إلى الغنى والسعادة والقوة ربما أعرضوا عن الله ، غير أن هؤلاء الناس لا يريدون أن يفصحوا لأنفسهم أنهم يلجئون إلى الله أو يستشعرون أنه معهم بسبب ضعفهم وبؤسهم وقلة حيلتهم ولكن يلجئون إليه لذاته . غير أن الحقيقة عكس ذلك ، فهم لأنهم " غلابة " يلجئون إلى الله ويستشعرون أنه معهم . ويمكن بناء على ما سبق أن نصيغ هذه القضية من زاوية التحليل النفسي على النحو التالي : ( 1 ) أن الغلابة مع الله لأن الأقوياء انشغلوا بقوتهم عن نصرة الضعفاء ، وأصبح لا يعين " الغلابة " إلا الله ، فلذلك يلجأ الناس الغلابة ــ الكثير منهم ــ إلى الله بسبب قلة حيلتهم وضعفهم وليس لذات الله . ( 2 ) أن الإنسان " الغلبان " الذي لجأ إلى الله بسبب قلة حيلته وضعفه وليس لذات الله يواجه صراعاً داخلياً أنه لم يلجأ إلى الله لذاته ، وهذا يؤدي به إلى أن ينكر داخل نفسه أنه قد لجأ إلى الله لضعفه كإنسان ( ميكانيزم الإنكار ) . ( 3 ) بعد أن ينكر الإنسان أنه لجأ إلى الله لضعفه كإنسان ولكن لجأ إليه أو أصبح معه لذات الله ، فإنه يريد أن يتخلص من كل أثر لهذه القضية فيبادر بأن يسقط هذا الإنسان الغلبان مضمون هذه القضية إلى ذات الله . فتتحول القضية من " الغلبان مع الله " إلى " الله مع الغلبان " ( ميكانيزم الإسقاط ) . ( 4 ) إن القضية وإن وصلت إلى حد من التمويه على الذات ــ حتى يمكن لها التعامل مع إطارها الخارجي ــ إلا أن الذات مع ذلك مازالت قريبة من محورها ، فقد وصلت القضية إلى كون " الله مع الغلبان " ولكن ما زال الأمر يستدعي مزيداً من التمويه لذلك تم استبدال لفظ الجلالة " الله " حيث وضع مكانه لفظ " ربنا " ، وكذلك تم استبدال اللفظ المفرد " الغلبان " حيث وضع مكانه اللفظ الجمع " الغلابة " .. وذلك لأن أثر كونه " غلبان " فرد يعود مباشرة إليه هو ، وهنا نلاحظ " ميكانيزم التعميم " ، فكأن لسان حال الإنسان الغلبان يقول : إن ربنا ليس مع الغلبان بشخصه ، لأنه مع الغلابة بشكل عام .. حيث يقدم الشخص على تعميم القضية ليمحو كل أثر شخصي لها ، وعلى هذا تتحول القضية من " الله مع الغلبان " إلى " ربنا مع الغلابة " . المصدر: نفساني
|
|||
التعديل الأخير تم بواسطة الحوراني ; 30-11-2015 الساعة 09:46 AM
|
06-07-2009, 09:13 PM | #3 |
عضومجلس إدارة في نفساني
|
لذالك قال الله تعالى (واعلموا انما اموالكم واولادكم فتنه وان الله عنده اجر عظيم )
شكرا جزيلا لك أد.عادل ونفع بك . |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|