المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

أنـــا

. . . أنا من الخارج لي حدود لي سقف ينتهي عنده جسدي .. و لكنني من الداخل بلا سقف .. و لا قاع .. . . .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 30-09-2002, 01:36 PM   #1
mirror
عـضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية mirror
mirror غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1463
 تاريخ التسجيل :  04 2002
 أخر زيارة : 21-10-2004 (05:57 AM)
 المشاركات : 1,406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
أنـــا



. . .

أنا من الخارج لي حدود لي سقف ينتهي عنده جسدي .. و لكنني من الداخل بلا سقف ..
و لا قاع ..


. . .

أنا .. كلمة ظريفة .. لا يوجد أظرف منها في الدنيا .. إنها أغنية ..

إنها تدخل في أي جملة فتجعلها جملة مفيدة مهمة .. و تدخل في أي موضوع فتجعله موضوع الساعة .. لأنه يصبح موضوعي أنا .. و فلوسي أنا .. و حبيبي أنا .. و روحي أنا .. و قلبي أنا ؟

و لكن أنا .. ؟ من أنا ؟

هل حاول أحدكم أن يسأل نفسه هذا السؤال ..

من أنا ؟ ..

أنا فلان .. فلان إيه .. فلان ابن فلان .. يعني إيه .. مجرد ألفاظ .

مجرد رموز أو إشارات تدل على حقيقتي .. طيب و إيه هي حقيقتي ؟ ..

و هنا يبدأ اللغز .

ما هي حقيقتي ؟ ..

إني أحاول أن أمسك بوجودي و أكتشفه و أفحصه كما أفحص هذه المحبرة فأجد أنه وجود بلا قاع .. وجود مفتوح من الداخل على إمكانيات لا نهاية لها .. و ألقي بحصاة في هذه البئر الداخلية فلا أسمع لها صوتا .. لأنها تهوي و تهوي إلى أعماق بلا آخر ..

أنا من الخارج لي حدود .. ينتهي طولي عند 170 سنتيمتر .. لي سقف ينتهي جسدي عنده .. و لكني من الداخل بلا سقف و بلا قعر ..
و إنما أعماق تؤدي الى أعماق .. و أفكار و صور و أحاسيس و رغبات لا تنتهي الا لتبدأ من جديد كأنها متصلة بينبوع لا نهائي .. و هي أعماق في تغير دائم و تبدل دائم .. بعضها يطفو على السطح فيكون شخصيتي و بعضها ينتظر دوره في الظلام ..

و أنا في الخارج أتبدل أيضا .. الواقع يكشط هذه القشرة التي تطفو خارجي فتطفو قشرة أخرى من عقلي الباطن محلها ..

و كلما أمسكت بحالة من حالاتي و قلت هذا هو أنا .. ما تلبث هذه الحالة أن تفلت من أصابعي و تحل محلها حالة أخرى .. هي أنــــا .. أيضــا ..

شيء محير !! ..

و أنظر حولي في العالم .. فأجد أني أعوم في هذا العالم كما تعوم البطة في الماء .. تجدف فيه بريشها و لا تبتل و إنما ينزلق من عليها الماء كأنه من عنصر آخر غريب عنها ..

أنا متصل بالعالم منفصل عنه في نفس الوقت ..

إنه يدخل في تكويني بحكم المسكن و المأكل و المشرب و الاتصال بالآخرين .. و لكنه غير ملتصق بي .. إنه يذكي شعوري و يثير اهتمامي فقط .. و بمقدار اهتمامي أظل على علاقة به فإذا انتهى اهتمامي نفضته تماما كما تنفض البطة الماء من ريشها حينما تصل إلى الشاطىء ..

إني أحتضن العالم باختياري و أخلع عليه اهتمامي و شخصيتي و أتبناه و أظل مصاحبا له طالما هو .. أنا .. فإذا انتهت هذه العلاقة الأنانية .. عدت إلى نفسي ..

و لكنني لا أنجو مع هذا من الابتذال .. و التردي في هوة اليأس ..

العالم يبتذلني أحيانا فأذوب فيه بعض الوقت .. أفعل ما يطلبه مني رئيس تحرير المجلة التي أعمل بها و أؤدي ما يطلبه مني مدير المستشفى الذي أشتغل فيه طبيبا ..

و أخضع لروتين العادة و العرف و المجاملات و أضيع نفسي في الثرثرة و أختبىء وراء المشاكل اليومية .. و أتستر خلف الناس .. و أقول و أنا مالي .. هم عاوزين مني كده .. الدنيا كلها بتعمل كده ..

و في هذه الحالات تضيع مني نفسي .. تضيع مني .. أنا .. و أصبح موضوعا من الموضوعات مثل الكرسي و الشجرة و الكتاب .. و أفقد الشيء البكر الذي يميزني عن كل شيء .. و يجعل مني نسيج وحده ..
يجعل مني .. أنا .. فلان الفلاني ..

هذه أوقات لا أحس بها .. و إنما تبدو ممسوحة و مشطوبة من حياتي .. تبدو
فترات موت ..

حريتي تعذبني .. لأني حينما أختار .. أتقيد باختياري .. و تتحول حريتي إلى عبودية و مسؤلية .. و هي مسؤلية لا ينفع فيها إعفاء لأنها مسؤلية أمام نفسي .. أمام الاختيار الذي اخترته أنا ..

و ليس أمامي سبيل غير أن أختار .. لابد أن أختار كل لحظة .. فإذا أضربت عن الاختيار .. كان إضرابي نوعا من الاختيار .. علي أن أدفع ثمنه فورا ..

و حبي يعذبني لأني أريد أن أمتلك محبوبتي و أذيبها في داخلي و أشرب شخصيتها و روحها و جسدها .. أريد أن أحولها إلى .. أنـا ..
و هذا مستحيل لأنها هي الأخرى لها .. أنا .. و ذات حرة مثلي ..

إن كل ما نستطيعه هو أن نتعانق و تتلامس شفاهنا .. و تتلامس حقائقنا و أسرارنا في لحظات مضيئة .. ثم نمضي إلى حالنا .. كل واحد مغلق على سره .

إن كل ما نملكه هو أن نفتح نوافذنا على الخارج ، و لكننا لا نستطيع أن ننقل عفشنا .. و نسكن بيتا جديدا .

إن روحنا سر .. و ذواتنا قدس الأقداس ..

إن الله يضع كل جنده على باب ذاتنا كما يقول طاغور .. و لا يسمح لأحد منه بالدخول فيها .. لأنها حرم .. حرمها على الكل .. و خلقها حرة كالطائر الغرد ..

. . .

ماذا هناك .. ماذا وراء الباب ..

ماذا بداخلي ..

إرادة . إرادة لا نهائية لا حد لها إلا نفسها .. إرادة حرة خالقة مبدعة ..
تنبثق انبثاقا في بداءة و فطرة .. أحسها و لا أعرفها أكابدها و لا أفهمها ..
لأنها تفر مني كلما حاولت فهمها كما يفر النوم من عيني كلما حاولت أن أتعمقه و أحلله .. و ربما كان السبب أنها أصيلة .. أكثر أصالة من العقل و التفكير و لا يمكن أن تكون موضوعا للعقل و التفكير .. بل العكس هو المقبول .. أن يكون العقل موضوعها و خادمها .. و سبيلها إلى بلوغ أهدافها ..

أنا أريد .. و العقل يبرر لي ما أريد .. و ليس العكس أبدا ..

إن كل شيء خاضع للإرادة .. ثانوي بالنسبة لها ..

في لحظات إبداعي و خلقي .. في اللحظات التي أحس فيها أني أخلق نفسي و أخلق الأفكار و القيم و أكتشف العالم و أصنع المعقولات
أحس أني أدفع العالم كله أمامي .. أدفعه كالعربة ..

و في اللحظات التي أموت فيها و أسقط في هوة العادة و التكرار و التقليد و المجاملات و الروتين .. و تضيع إرادتي من يدي .. أحس بأن العالم كله يدفعني أمامه كالعربة ..

أحس أن إرادة الحصان في الطريق يمكنها أن تعدل طريقي و تغير سِكّتي ..

أحس بأن عين جاري تجعلني أنكمش في ثيابي * * * * * * * * * * * * ..
لا شيء في الدنيا أكبر من الإرادة ..

الظروف المالية .. و البيئة و الوراثة .. لا تلغي الإرادة و لا تمحو الحرية أبدا .. و لكنها تؤثر فيها .. تؤثر في الكيفية التي تعلن بها عن نفسها ..

أنا و الظروف نتصارع في لحظة الفعل فقط .. و لكن كلا منا له وجوده البكر .

أنا حر و إرادتي حقيقية .. تماما كما أن الظروف موجودة و حقيقية .

و لكن ماهي الإرادة ؟ ..

لا توجد كلمة تصفها أو تشرحها .. لأنها أكبر من كل الكلمات و لأنها تحتوي على كل الكلمات و تتجاوزها .. فكل وصف يبدو حيالها ناقصا ..
إنها كالشوق لا يوصَف و إنما يُكابَد ..

إنها تنطبق عليها كلمة المتصوف الصالح أبو البركات البغدادي :
أظهر من كل ظاهر و أخفى من كل خفي ..

إن أحسن طريق لمعرفتها هي أن تباشرها .. فهي المفتاح السحري الذي تفتح به الكون كله ..

و لكن هناك أسئلة تتوارد على خاطرنا ..

هل الإرادة موجودة في الزمان ..

هل هي تنبض مثل القلب ..

هل تنمو مثل الجسد ..

هل تتعاقب مثل اللحظات .. و تنقضي مثل الحالات النفسية .

هل تسري مثل الضوء و الكهرباء و تنتقل كما تنتقل الحرارة ..

و هي أسئلة تفتح علينا الباب على مشكلة أخرى هي .. الزمان ..

ما هو الزمان ؟ ..

هل هو حركة عقرب الثواني و الدقائق و الساعات ؟ ..

هل هو دقات ساعة الجامعة ؟

هل هو الأرقام العامة التي تنشرها مصلحة الأرصاد عن توقيت الأيام و الليالي و ساعات الظهر و المغرب و العشاء ..

أم هو زمن آخر خاص يعيشه كل واحد منا في نفسه و يضبط عليه وجوده ..

إننا بهذه الأسئلة نبلغ المنطقة التي يكثر فيها الضباب و تصعب الرؤية ..

إنها تحملنا إلى تحت ..

إنها تنزل بنا من الأوراق إلى الساق إلى الجذر .. إلى ما تحت الخشب و اللحاء ..
إلى العصارة التي تصعد في نباتنا فتبعث فيه الحياة ..

إننا ننفض يدنا من تشريح الأيدي و الأرجل و نبدأ في بحث الحركة نفسها . و نكف عن قياس قوة العضلات لنبحث في الإرادة ذاتها .. لأننا في غرفة الموتور حيث أنبوبة الاحتراق التي تبعث كل الطاقة ..

و هنا تتصادم الأفكار و النظريات و المذاهب في الظلام ..


- - -

















من كتاب : لغز الموت .
لمؤلفه : د . مصطفى محمود .

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 30-09-2002, 01:43 PM   #2
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


حياك الله اختي/ ميرر

والله لقد فرحت عندما رأيت لك موضوعا مكتوبا


شرح الله صدرك كما شرحتي صدري بوجودك


وانتظري تعليقي على موضوعك قريبا


البتار


 

رد مع اقتباس
قديم 02-10-2002, 05:06 PM   #3
mirror
عـضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية mirror
mirror غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1463
 تاريخ التسجيل :  04 2002
 أخر زيارة : 21-10-2004 (05:57 AM)
 المشاركات : 1,406 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


حياك الله يا أخي الكريم البتار

نوّرت الصفحة بوجودك ..

شكرا جزيلا لتشجيعك و اشادتك

أثق بآرائك و تعليقاتك القيمة ..

و أنا في انتظارها ..

بارك الله فيك

و في قلمك المعطاء

و في جهودك المضيئة

جعلها الله في ميزان حسناتك

دمت سالما متميزا للمنتدى دوما

بإذن الـلــــه .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:32 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا