تجربتي مع أحد الأصدقاء المصابين بنوبات الهلع

تجربتي مع أحد الأصدقاء المصابين بنوبات الهلع

في اتصال هاتفي مع احد الأصدقاء سألني إن كنت أعرف أحدا يعالج الناس بالقرآن والرقية الشرعية ... سألت وعرفت مكان أحدهم ... جاءني صاحبي وتوجهنا إليه ...

في الطريق تجاذبنا أطراف الحديث ... عرفت أنه يشعر بالضيق وأنها ربما عين أصابته ... تفرقنا بعدها على خير ...

مضت بعدها أيام وشهور ... نتواصل في المناسبات باتصال أو رسائل جوال ... في إحداها شعرت بعدم راحته ...

كنت أعرفه مرحا ... يأخذ الأمور ببساطة ... لا يحب التعقيد أو الحرص الزائد ...

في تلك المكالمة كأنني شعرت بشيء أقلقني عليه ... لم يبين لي ما يخفيه في داخله ... انتهت المكالمة ...

ولكن ذلك الشعور لم ينته ... هناك في كلامه نبرة خفية من ألم ... يبدو أن معاناتي السابقة أيقظت إحساسا داخليا بحاجته للمساعدة ...

هل فعلا هو يعاني ؟ ... أم أنني بعد معاناتي النفسية صرت أتوهم ؟ ... صاحب عزيز أخشى أنه يعاني بصمت ... ما الحل ؟ ... كيف أعرف؟ ... يعاني أم لا ؟ ...

أسئلة تجول بخاطري تزيدني قلقا عليه ... توقفت مع نفسي وتساءلت ... ما الذي أدخلني في هذه الدوامة !!!! هل هي كلمة عابرة قالها ؟ ... هل هو صوت أنفاسه في تلك المكالمة ؟ ...

هل هو تصرف فعله في عمله حكاه لي في المكالمة أشعرني بذلك ؟ ... أسئلة و أسئلة ... وفجأة تذكرت تلك الزيارة ... هل تعني شيئا ؟!!! زيارتنا للراقي ...

لقد مضى عليها أكثر من سنة ... بل ربما سنتان ... إن صدق ظني فمعناه أنه في حال لا تسر ...

تذكرت آلاما سهرت معها ... ومناسبات لم أتمتع بها ... مرت أيام قاسيت فيها كثيرا ... لو نمت ساعتين متواصلتين لكنت بها فرحا ... حينما أجلس أمام طعام ... أرغم نفسي عليه بلا رغبة ...

أفضل البقاء في غرفتي كثيرا ... مع أنها أصبحت تزيدني كآبة وتعبا ... علاقة غريبة تجمعني بها ... أريد أن أهرب من تلك الأفكار التي تحطم نفسيتي ... ولا أهرب إلا إليها ( غرفتي ) ...

ما أصعب أن ترى نفسك تذوي شيئا فشيئا ... نشاطك يخبو ويخبو ...

أواجه مواقفا تهزني هزا ... كنت أستمتع سابقا بها ... إذا عاتبني صديق على جفاء يراه مني أزداد ألما ... لا أقدر على البوح له بأسباب صمتي الطويل ...

ولا استطيع أن أقول له أن نظرات عيني الجامدة ليست عدم اكتراث بحديثه ... وإنما أنا لا أدري ماذا يقول !!! فليس معه سوى جسد متهالك ... أنهكه كبته لأحزانه ...

دارت في خلدي هذه الذكريات وغيرها كثير وأنا أفكر في صديقي ... ليس أصعب من أن تخشى على عزيز لديك أن يقاسي ما قاسيت ... ويعاني كما عانيت ... وليس المجرب كالمنظـِّر ...

اتخذت قراري بالمبادرة للمساعدة إن كان يحتاجها ... ولن أنتظر أكثر ... فما أحوج أمثاله إلى من يبثون لهم شكواهم ... ويشركوا غيرهم في همومهم ... وينفسوا عن أنفسهم ...

اتصلت به وتحادثنا بأحاديث معتادة ... وأنا خلال ذلك أتفحص كل كلمة ... كل نفس ... كل نبرة ... شعرت أن هناك براكين في صدره ... إن لم أبادر ربما تعصف به ...

سألته عن وضعه في العمل ... وهل هو مرتاح أم لا ... فتنهد تنهيدة لم تخطئها أذناي ... وقال الله يعين بس ...

... وهنا كانت البداية ...

شعرت براحة حين قال ذلك !!! حاشا أن أتمنى سوء يصيب مسلم ... فكيف بأخ عزيز !!! ولكن لأن مخيلتي عادت لأيام خلت كنت أشعر بنوع من الراحة إذا أخرجت ما بصدري ...

أحسست بأني الآن سأنفس عنه قليلا ... وسيشعر بشيء من الراحة كما شعرت قبلا ...

وجدتها فرصة سانحة لأدخل مباشرة في الموضوع ... ولأزيل كل حاجز قد يعيقه ... أو تحفظ قد يمنعه من الاسترسال في حديثه ... بدأته بالكلام ...

وأن هناك أمورا تعتري أحدنا أحيانا لا يدري سببها ... وهي طبيعية ... ولكن عدم معرفتنا بذلك ... تدخلنا في دوامة من التفكير والوساوس ... فتزداد حالتنا سوء ...

وكلما شعرنا بزيادة التردي فيها ... كلما زادت الوساوس والأوهام سوء ... وهكذا ... حتى تظهر أعراض حسية على أجسامنا ... نراها ونحسها ...

وذلك لأننا نعطي رسائل سلبية إلى عقلنا الباطن ... الذي لا يميز بين الحقيقة والخيال ... وإنما يتعامل مع الأحداث كما نريده أن يتعامل معها ...

ثم وصفت له ما مر بي من أعراض ... وهو يقول في كل واحدة منها ... والله كأنك تتكلم عني !!!

يا صديقي أهم أمر أريدك أن تعلمه في هذه المكالمة ... أن هناك غيرك الكثير أصابهم ما أصابك ... وأن الشفاء منه ممكن بإذن الله ... وأن الآخرين لا يعلمون بما يدور داخلك ...

فلا تظن أن الجميع ينظرون لك ...

قبل إنهاء المكالمة طلبت منه أن يتصل بي في أي وقت يريد ... شعر بالارتياح ... وللتأكيد عليه قلت له حتى لو اتصلت بعد نصف ساعة من الآن فأنا بانتظارك ...

ليست النائحة كالثكلى ... وليس من رأى كمن سمع ... هذا المثل يفسر كثيرا من حرصي عليه

بعد عدة اتصالات تبين أن الرجل يخاف الموت ... ويظن أنه قريب ... وليس هذا ما سبب الخوف الكبير له ... وإنما لأن الوساوس التي أنهكته ... تجعله يظن أنه سيذهب للنار ...

في أحيان أخرى يظن أنه مصاب بمس من الجن ... يرى أحداثا تقع أمامه كان يتصرف فيها بكل هدوء ... أما الآن فهو يظن أنه في أي لحظة سيغمى عليه أمام الناس ...

اتصل عليه أحيانا فأجده يشتكي من شيء ... فإذا أخبرته أنه قد أصابني سابقا ... اطمأن وارتاح ...

أخبرني أن النوبات (لم يكن يعرفها سابقا) بدأت تتباعد الفترات بينها أفضل من السابق ... وإن كان لا زال يعاني ... ولكنها أفضل من السنتين والنصف الماضية ...

حمدت الله كثيرا ... فهذه بشارة خير ... وأن المعرفة بطبيعة المشكلة يساهم في الحل بصورة كبيرة ... وهل الوساوس والأفكار المحبطة إلا نتيجة الغموض والجهل بالحقيقة ...

نصحته بالذهاب إلى طبيب نفسي لأنه مع طول زمن المعاناة ... يحصل خلل في إفرازات الدماغ ...فتظهر أعراض حسية على أجسامنا كما بينت سابقا ...

سبق أن راجع أحدهم (معروف) ولم ينفع معه العلاج ... بل هو متضايق لأن الطبيب لم يستمع له بما فيه الكفاية ... كانت وصفة مستعجلة ...

المشكلة أن صاحبي سريع التوقف عن العلاج إذا لم يفيده سريعا ...

طلبت منه أن يراجع الطبيب الذي كان له فضل بعد الله في علاجي ... لأنني راجعت ثلاثة قبله ولم أخرج بنتيجة ... كنت أقاوم بضراوة ... كنت أواجه المواقف بقوة ...

عندما أخبرت أخي ( مقاتل من الصحراء ) بما كنت أفعله في شدة الألم ... تعجب ... هذه المقاومة هي التي جعلت الأطباء الثلاثة يخبروني أني لا أحتاج إلى علاج ...

كنت إذا بدأت نفسي تتردد في موقف وتزيد الوساوس ... أواجهه ... وبنجاح ولله الحمد ... ولكن يعقب هذا النجاح إرهاق وتعب ...

عرفت بعد مراجعتي الطبيب الأخير أن هناك خللا في إفرازات الدماغ تحتاج إلى علاج لتنظيمها ... وأن هذا الخلل يعتبر مرضا عضويا وليس نفسيا ... لذا لا بد من تصحيحه بالعلاج ...

صاحبي يعمل في المنطقة الغربية ... أخذت له موعدا عند الطبيب في الرياض ... دخل عليه في عيادته ... انتظرته خارجا لمدة ساعة تقريبا ... خرج متهلل الوجه ...

كان سعيدا أن الطبيب استمع له ... وأقنعه بطبيعة المرض ... ووصف له علاج ...

بعد يومين اتصلت عليه للسؤال عن حاله ... كانت المفاجأة التي لم أتوقعها ... ترك العلاج ... لماذا ... شعر بأن الحالة رجعت بعد العلاج بشدة ... ويعتقد أنها من العلاج !!!

يا صاحبي إذا لم تستمر على العلاج فما الحل؟؟؟؟؟!!!! تعاني منذ سنتين ونصف وتريد الشفاء في يومين !!!!

سنعقد صفقة أنا وأنت ... لو تركت العلاج ... هل سيذهب الألم ؟ أجاب بلا

أريدك أن تتألم لمدة شهر واحد ولكن مع العلاج ... ما رأيك ؟

لعله خجل مني فوافق ... لكني ألزمته أن لا يترك العلاج حتى يخبرني ... وإذا لم يتحسن بعد عشرة أيام سأخبر الطبيب لعله أن يغير العلاج ... وافق ... وهل هناك حل آخر!!!!!!!

بعد عدة أيام اتصلت اطمئن عليه ... كان فرحا مسرورا ... يقول أنه لأول مرة منذ بداية الأزمة ... يذهب للحرم من الأذان ويبقى بعد الصلاة بلا خوف ... كان يذهب مع الإقامة

ويخرج بعد الصلاة مباشرة ... حمدت الله وعيني تكاد تدمع ... أن كنت سببا في تفريج كربة عن أخي ...

والآن يا أخي بقية العلاج هو في يدك أنت ... لا تستسلم للوساوس ... أصرف تفكيرك مباشرة عن الأفكار السلبية ... ثق دائما في قدراتك ...

خلال مدة معاناتك لم يحصل الشيء الذي كنت تخشاه ... إذا لماذا تتعذب قبل مواجهة الأمر ... إذا كلفت بعمل فاذهب وأنت مطمئن لنجاحك ... واثق بإعانة ربك لك ...

ربما ستشعر ببعض الأعراض ... وهذا طبيعي لطول زمن المرض ... المهم لا تتأمل فيها ... واشغل نفسك عنها ... ستنجح بإذن الله

وأنا الآن أكتب القصة باختصار غير مخل بإذن الله لعل هناك من يستفيد منها ... ويفرحني كذلك ...
.
.
.
.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي جميع مرضى المسلمين

ملاحظة / في كل يوم وكل صلاة وكل لحظة صاحب الحاجة يلح على الله بالدعاء وهل يحصل التوفيق إلا من الله

المصدر: نفساني

ليست عرض لتجربة صديقك

بل هي قطعة ادبية رائعة

فيها العديد من المعاني

طرح مثل هذا حري ان يٌطلع عليها ويستفاد منه

شكرا ابوعبدالعزيز على شعورك الباذخ بمعاني الصداقة وحب الخير لأخوانك

وفقني الله واياك لما يحب ويرضى

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة راجي رحمة ربه

بعد عدة أيام اتصلت اطمئن عليه ... كان فرحا مسرورا ... يقول أنه لأول مرة منذ بداية الأزمة ... يذهب للحرم من الأذان ويبقى بعد الصلاة بلا خوف ... كان يذهب مع الإقامة

ويخرج بعد الصلاة مباشرة ... حمدت الله وعيني تكاد تدمع ... أن كنت سببا في تفريج كربة عن أخي ...

صاحبي أخبرني اليوم انه حين ذهب إلى مكة لم يكن فرحه فقط لأنه بقي في الحرم فترة طويلة

بل إنه ذهب إلى مكة من الطائف بالسيارة لوحده ولله الحمد

بينما كان سابقا خلال التعب لا يسير داخل الطائف إلا ومعه أحد فكيف بطريق لمدة أكثر من ساعة

الحمد لله أولا وأخيرا

ماشاء الله رائع اسال الله له ولنا الشفاء

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيرة سيروكسات

ماشاء الله رائع اسال الله له ولنا الشفاء

آمين ويسر الله لك الشفاء العاجل وأن يجعل مستقبلك خيرا مما مضى