المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

تحرير مفهوم الوسطية وبيان حقيقتها ,,

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,, الشباب والوسطية ,, الحمد لله والصلاة والسلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-12-2009, 12:00 AM   #1
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue
تحرير مفهوم الوسطية وبيان حقيقتها ,,





بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








,, الشباب والوسطية ,,





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ،،

الوسطية اعتدال بين الافراط والتفريط ، والفضيلة وسط بين رذيلتين، والعدل وسط بين الحيف والجور ، وما زاد عن حده انقلب إلى ضده. والإسلام دين الوسطية والاعتدال في كل شيء، في العبادات والعادات والمعاملات وفي المنع والعطاء وفي الغضب والفرح، وفي إشباع الغرائز وكبح جماح الشهوات والرغبات ، وفي سائر الأحوال.
والمشكلة أن الكل يدعي الوسطية .

وكلا يدعي الوصل بليلى ... وليلى لا تقر له بذاكا

فالكل يزعم أنه بعيد عن الإفراط ومجانب للتفريط ، بل يتهم غيره إما بالإفراط وإما بالتفريط. فالتكفيريون يزعمون أنهم على الوسطية ، وأنهم غيرهم مفَرَّطون ، والليبراليون يلبسون ثوب الوسطية ويدعون أن من سواهم مفْرِطون ، وكل الفرق والجماعات والنحل حتى تلك التي اتفقت الأمة على ضلالها تزعم أنها على الوسطية وأن من سواها متطرفون .
ولذا بات من الملح تحرير مفهوم الوسطية وبيان حقيقتها لكي يتضح أصحاب المنهج الوسطي الحقيقي ويتميزوا عن أدعياء الوسطية .

معنى الوسطية : الوسط في اللغة يدل على عدّة معانٍ، ولكنها مُتقاربة في مدلولها. يقول المناوي في التعاريف: ( الوسط ما له طرفان متساويا القدر ويقال ذلك في الكمية المتصلة كالجسم الواحد وفي الكمية المنفصلة كشيء يفصل بين جسمين، والوسط تارة يقال فيما له طرفان مذمومان كالجود بين البخل والسرف فيستعمل استعمال القصد المصون عن الإفراط والتفريط فيمدح به نحو السواء والعدل وتارة يقال فيما له طرف محمود وطرف مذموم كالخير والشر ذكره الراغب وقال الحرالي الوسط العدل الذي نسبة الجوانب إليه كلها على السواء فهو خيار الشيء ومتى زاغ عن الوسط حصل الجور الموقع في الضلال عن القصد) . (التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي 1/725) .
وقال الرازي في مختار الصحاح (ص 300): (الوسط من كل شيء أعدله ومنه قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي عدلا وشيء وسط أيضاً بين الجيد والردئ) .

والوسطية اصطلاحاً : قال ابن كثير عند تفسير قول الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } قال : الوسط ههنا الخيار، والأجود كما يقال: قريش أوسط العرب نسباً وداراً، أي خيرها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطاً في قومه، أي أشرفهم نسباً، ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر، كما ثبت في الصحاح وغيرها ، ولما جعل الله هذه الأمة وسطاً، خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب، كما قال تعالى {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس }. (تفسير ابن كثير 1/258) .
وقال الشوكاني في فتح القدير عند نفس الآية : (الوسط الخيار أو العدل، والآية محتملة للأمرين، ومما يحتملهما قول زهير:

هم وسط ترضى الأنام بحكمهم ... إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم

ومثله قول الآخر:

أنتم أوسط حي علموا ... بصغير الأمر أو إحدى الكبر

ولما كان الوسط مجانياً للغلو والتقصير كان محموداً: أي أن هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في عيسى ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم، ويقال فلان أوسط قومه وواسطتهم: أي خيارهم) . (تفسير الشوكاني 1/234).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية في باب إيمان الفرقة الناجية(ص 34): (أهل السنة والجماعة يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل ، بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم . فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة. وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرهم. وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم . وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج).
ويتَّضح من المعنى اللغوي وكلام العلماء تضمن مفهوم الوسطية لمعنى الخيرية والبينية، ومن خلال ذلك ندرك المعنى الصحيح لمفهوم الوسطية ، مع الأخذ في الاعتبار أن البينية المقصودة في هذا المضمار إنما هي البينية بين طرفين مذمومين كالبخل والإسراف، والجبن والتهور، والغلو والتطرف والجوع والتخمة ... ألخ .
‏فالوسطية تنافي الغلو وتضاده ، بل تنهى عنه وتحذر منه ، ولا نعني بالغلو هنا الاجتهاد في عبادة الله قدر الوسع والطاقة ، بل المقصود بالغلو : المبالغة في التماس ذلك بطرق لم تشرع ، كما هو الحال في رهبانية النصارى . عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تشدّدوا على أنفسكم فيُشدِّد الله عليكم، فإنَّ قومًا شدِّدوا على أنفسهم فشدِّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والدّيار {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}. رواه أبو داود.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع: " هلمّ القط لي الحصى، فلقطت له حصيات من حصى الحذف، فلمَّا وضعهَّن في يده قال:" نعم بأمثال هؤلاء وإيّاكم والغلوّ في الدّين فإنَّما أهلك من كان قبلكم الغلوّ في الدّين". رواه النسائي . قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: ( وقوله " إياكم والغلو في الدين " عام في جميع أنواع الغلو ، في الاعتقادات والأعمال . والغلو : مجاوزة الحد بأن يزاد الشيء ، في حمده أو ذمه ما يستحق ونحو ذلك.والنصارى أكثر غلواً في الاعتقادات والأعمال ، من سائر الطوائف ، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن ، في قوله تعالى { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم }).(اقتضاء الصراط المستقيم 292 ).وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" هلك المتنطّعون ، قالها ثلاثًا " رواه مسلم. قال النووي: هلك المتنطّعون: أي المتعمِّقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم . (شرح مسلم للنووي 16 /220)


يتبعـ ,,

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 03-12-2009, 08:46 AM   #2
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


والغلو هو المبالغة في الشيء، والتـشـديــد فيه بتجاوز الحد وحقيقته: المبالغة في ممارسة التدين ، وليس خروجاً عنه في الأصل .
ويخطئ من يظن أن طلب الأكمل في العبادة من الغلو ، بل الغلو هو تجــاوز الأكمل إلى الأشق.
من صور الغلو :
- المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو تضييع الواجب .
- إلزام النفس أو الناس بما لم يلزمهم به الله .
- كثرة الاشتغال في المختلف فيه مع إهمال المجمع عليه علماً وعملاً .
- الاشتغال بمسائل الفروع على حساب الأصـول .
- كثرة الافتراضات والسؤال عما لم يقع .
- التعصب للرأي أو الشيخ أو المذهب .
- الغلظة والجـفــــــاء والخشونة في غير الجهاد وإقامة الحدود .
- سوء الظن بالآخرين .
مجالات الغلو : قد يكون الغلو في :
- فقه النصوص ، كما في حديث انس رضي الله عنه قال: " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يسألون عن عبادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا: أين نحن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً. وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إليهم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني ". متفق عليه.
فائدة : من وسطية الإسلام في تحريم صوم الدهر أنه يحث المسلم على أن يأخذ نصيبه من الدنيا{ولا تنس نصيبك من الدنيا}، والغلو في عبادة الصوم بصيام الدهر كله ينافي ذلك .
- وقد يكون الغلو في الأحكام ، كالغلو في مفهوم الجهاد . ومعلوم أن الجهاد لم يشرع لأجل القتل ، فالقتل ليس غاية في الإسلام، وإنما شرع الجهاد لتحقيق المصالح أو دفع المفاسد ، فإذا غلب على الظن أو تيقن أن الجهاد لا يحقق المصلحة المشروعة أو لا يدفع المفسدة المتوقعة ، لم يجز حينئذ. ومن المصالح التي شرع الجهاد لأجلها :
أ ـــ رد العدوان قال تعالى { فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِبِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَمَعَ الْمُتَّقِينَ }وقال تعالى{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَبَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُيُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُإِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } وقال تعالى { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}.
قال السعدي رحمه الله : ( كان المسلمون في أول الإسلام ممنوعين من قتال الكفار ومأمورين بالصبر عليهم لحكمة إلهية فلما هاجروا إلى المدينة وأوذوا وحصل لهم منعة وقوة أذن لهم بالقتال كما قال تعالى {أذن للذين يقاتلون } يفهم منه أنهم كانوا قبل ممنوعين فأذن الله لهم بقتال الذين يقاتلونهم وإنما أذن لهم لأنهم ظلموا بمنعهم من دينهم وأذيتهم عليه وإخراجهم من ديارهم وإن الله على نصرهم لقدير فليستنصروه وليستعينوا به). (تفسير السعدي 1/539) .
ب ـــ تحقيققوله تعالى {لا إكراه في الدين} بإفساح المجال أمام حرية المرء لاختيار الدين الذي يراه كما قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}فانعدام حرية التدين يستلزم الإكراه وهذا ما نفاه الله عز وجل .
والعجيب أن البعض يهاجمون الإسلام لأنه شرع الجهاد - بضوابط صارمة - لحماية حرية المعتقد ، ولا يستنكر على أمريكا ومن سبقها من الدول الاستعمارية التي تبرر لنفسها احتلال الدول الأخرى إما بحجة نشر الديموقراطية أو بحجة حماية حقوق الإنسان وما شابه من الحجج ، لتخفي حقيقتها أهدافها ومطامعها في ثروات ومقدرات هذه الدول .
ج ـــ شرع الجهاد لرفع الظلم ، قالتعالى {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَمِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَاأَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْلَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا }.
لكن الغلو في مفهوم وأحكام الجهاد أدى بالبعض إلى التطرف ، وتشويه هذه الشعيرة ، فرفعوا راية الجهاد في معارك لا تتحقق فها شروط الجهاد المعتبرة .
وكان أول من شوه الجهاد الخوارج الذين قتلوا الخليفة عثمان رضي الله عنه وقتلوا علياً رضي الله عنه بعد أن قاتلوه ، ولم يكن يشفع لهم طيب المظهر والتحلي بالتقوى والاجتهاد في العبادة ، ولذا حذر الصحابة منهم وأمن الناس شرهم وانحصرت فتنتهم في بضعة آلاف تم استئصالهم .
ثم جاء الخوارج المعاصرون فشوهوا مفهوم وصورة الجهاد من جديد ، حين جاهدوا في مدن المسلمين ودمروا مساكنهم وأحرقوا ممتلكاتهم وقتلوا أطفالهم ، وانخدع كثير من الناس بخطاب القاعدة الحماسي وتورط عدد من الشباب وحملوا الفكر الخارجي للقاعدة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً .
وقبل هذا في حرب تحرير الكويت ، اعتبر البعض أن ما فعله صدام هو من الجهاد في سبيل الله وأنه مرحلة في معركة تحرير فلسطين ، فأيدوا الاحتلال العراقي للكويت متوهمين أن الطريق إلى القدس يمر عبر الكويت .
وفي حرب العراق الأخيرة ، سافر بعض الشباب إلى العراق بحجة الجهاد ، فانتقم منهم العراقيون أنفسهم ، لأنهم رأوا أن هؤلاء الشباب يدافعون عن نظام صدام الإجرامي باسم الجهاد .
د ـــ ومن الغلو : عدم الأخذ بالرخص الشرعية . معلوم أن من وسطية الإسلام الترخيص لأصحاب الأعذار يما يناسب حالهم.
والرخصة في اللغة معناها اليسر والسهولة. وفي الشريعة: "مَا أُرْخِصَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا" (المستصفى للغزالي 94) . وإنما شرع الإسلام الرخص لرفع الحرج والمشقة ، ورفع الحرج مقصد من مقاصد الشريعة وأصل من أصولها {ما جعل عليكم في الدين من حرج } .
فالشارع لم يكلف الناس بالتكاليف والواجبات لأجل العنت والمشقة. كتناول الميتة عند الاضطرار، وسقوط الصوم عن المسافر ، وقصر الصلاة المفروضة في السفر، فتصلي الصلاة الرباعية بركعتين فقط حال السفر. والمسح على الخفين في الوضوء، والتيمم بالتراب إذا فُقد الماء للوضوء أو إذا كان المسلم مريضاً.
والناس إزاء الرخص ما بين مفرط وغال :
- فالمفرط لا يصلي في السفر البتة،بينما نجد الغالي يصلي الرباعية كاملة دون الأخذ بالرخصة، وربما أضاف إليها الرواتب مع أن السنة تركها في السفر.والوسط هو الأخذ بالرخصة بقصر الرباعية وترك الرواتب .
- والمفرط يشرب الخمر دون ضرورة، بينما يمتنع الغالي عنها حتى لو ذهبت نفسه.والوسط هو الأخذ بالرخصة بشربها عند الضرورة لإساغة اللقمة إذا علقت في الحلق أو لإذهاب عطش يفضي إلى الهلاك مع عدم وجود الماء .
- والمفرط يتساهل في كثير من العبادات الواجبة وربما فرط فيها وترك بعضها، بينما نجد الغالي يحمل نفسه ما لا تطيق من التكليف. والوسط هو العمل بالقاعدة الشرعية لا تكليف إلا بما يستطاع ، فلا ينبغي للعبد أن يحمل نفسه ما لا تطيق . عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ " فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " فَلَا تَفْعَلْ ! صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ" .قال عبدالله : فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: " فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ " .قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ:" نِصْفَ الدَّهْرِ".فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ: بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري .
- والمفرط إذا أفطر في السفر لا يقضي بينما نجد الغالي يصوم في السفر رغم المشقة والعنت أو المرض.والوسط هو الأخذ بالرخصة فيفطر إذا سافر. عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَصَامَ بَعْضٌ وَأَفْطَرَ بَعْضٌ، فَتَحَزَّمَ الْمُفْطِرُونَ وَعَمِلُوا، وَضَعُفَ الصُّوَّامُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ : " ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ" رواه مسلم .
- والمفرط ربما تساهل في إسباغ الوضوء أو في الطهارة الواجبة حتى تفوت المكتوبة، بينما يقود الجهل بأصحابه إلى التشدد والهلاك.والوسط هو الأخذ بالرخصة فيمسح على الجرح والجبيرة ، ويتيمم إن عدم الماء أو تضرر من استعماله . عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ : هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا : مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ.فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ : " قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ !! أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ . إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ - أَوْ يَعْصِبَ - عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ". رواه أبو داود وحسنه الألباني .
الأمثلة كثيرة جداً ... وكلا الطرفين أخطأ من حيث ظن أو وهم أنه يحسن صنعاً . قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته" رواه أحمد ، وفي رواية الطبراني في الأوسط : "كما يحب أن تؤتى عزائمه".

يتبعـ ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 03-12-2009, 08:48 AM   #3
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


هـــ وقد يكون الغلو في الحكم على الآخرين برفعهم فوق منزلتهم ، سواء كانوا أنبياء أو أولياء صالحين، فكل هؤلاء بشر لا يملكون نفعا ولا ضرا، فمن الغلو المفضي إلى الشرك دعاء غير الله من الأنبياء والأولياء والصالحين والاستعانة بهم والاستغاثة بهم من دون الله{ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} ، وقال تعالى { قل إني لا املك لنفسي ضراً ولا رشداً} ، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً أو ضراً ، فإن من دونه هم كذلك، ولذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو فيه فقال: "لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ".
وقد يكون الغلو في الأشخاص بتكفيرهم ، والتكفير حكم شرعي ، مردّه إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فكما أن التحليل والتحريم حق للّه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فكذلك التكفير ، وليس كل ما وُصف بالكفر من قول أو فعل ، يكون كفراً أكبر مخرجاً عن الملَّة. فقتال المسلم كفر ، لكنه ليس الكفر المخرج من الملة . والنياحة والطعن في الأنساب كفر ، لكن كفر دون كفر أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأفعال لشدة تحريمها .
وينبغي أن يعلم أنه لا يجوز التكفير بمجرد الشبهة والظن، لِمَا يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة ، وإذا كانت الحدود تدْرَأ بالشبهات ، مع أن ما يترتب عليها هو دون ما يترتب على التكفير ، فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات ؛ ولذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من التعجل في إطلاق التكفير دون تثبت ، فقال: " أيُّما امرئ قال لأخيه: يا كافر ، فقد باء بها أحدهما ، إن كان كما قال وإلا رجعت عليه " رواه البخاري ومسلم .
وقد ينطق المسلم بكلمة بالكفر دون قصد ا فلا يكفر بذلك لعدم القصد ، كما في قصة الذي قال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح".

إن التسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة منها :
- استحلال الدم والمال .
- منع التوارث .
- فسخ النكاح .
- عدم دفنه في مقابر المسلمين . وغير ذلك من أحكام الرِّدَّة.
وبرغم هذا نجد البعض يتسرع في التكفير لمجرد الشبهة أو لقيام أحد بفعل كفري ، وليس كل فعل كفري يكفر به صاحبه ما لم تتحقق الشروط وتنتفي الموانع .
فالتسرُّع في التكفير خطره كبير لأنه من القول على الله بغير علم قال تعالى{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } والحكم بالتكفير مسؤولية العلماء ، ولا ينبغي للمتحمسين والمتهورين أو أنصاف المتعلمين أن يخوضوا في التكفير لما يترتب على ذلك من الآثار الخطيرة . ولقد شاهدنا ورأينا ما نجم عن التسرع في التكفير من : استباحة الأرواح المعصومة ، وانتهاك الأعراض ، وسلب الأموال الخاصة والعامة, والتفجير والتدمير ، واستهداف المفاصل الحيوية والاقتصادية والاستراتيجية.
ولا يخفى أن الإسلام قد حفظ للمسلمين أموالهم وأعراضهم وأبدانهم ، وحرَّم انتهاكها ، وشدَّد في ذلك ، وكان من آخر ما بلَّغ به النبي صلى الله عليه وسلم أمته فقال في خطبة حجة الوداع: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا" ثم قال صلى الله عليه وسلم : " ألا هل بلَّغت ؟ اللهم فاشهد ". متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم : "كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه" رواه مسلم وأبو داود وابن ماجة ، وقال صلى الله عليه وسلم:"اتقوا الظلم ، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة". رواه مسلم وأحمد والبيهقي في السنن الكبرى . وقد توعَّد اللّه سبحانه مَن قَتَلَ نفساً معصومة بأشد الوعيد ، فقال سبحانه في حق المؤمن {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}وقال سبحانه فيمن قتل خطأ من أهل الذمة {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}، فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قُتِل خطأً فيه الدية والكفارة ، فكيف إذا قُتِل عمداً ، فإن الجريمة تكون أعظم ، والإثم يكون أكبر قال صلى الله عليه وسلم : "مَن قَتَلَ مُعاهداً لم يَرح رائحة الجنة " .
و ـــ ومن الغلو عدم مراعاة الثوابت والمتغيرات في الشريعة : بما أن الشريعة الإسلامية شريعة خالدة شاملة صالحة لكل زمان ومكان جاءت نصوصها مرنة تحتمل كل تطور الأزمنة وتبدل العصور وتواكب الجديد. ( أحمد الحجي الكردي : بحوث في علم أصول الفقه، ص44، 45 بتصرف كبير ).
ولقد مكنتها هذه المرونة والشمول وما احتوته من ثوابت ومتغيرات ، أن تلبي حاجات المسلمين في كل عصر ، بدءاً من الدولة الناشئة الفتية في المدينة ثم الدولة المتوسعة في عهد عمر وما بعده ، ثم الدولة المترامية الأطراف في العصور العباسية وما بعدها ، إلى الدول الحالية وما يكتنفها من تعقيدات المعاصرة والمدنية .
إن الثبات والتغير كالجناحين للطائر ، فبهما تتحقق الأصالة مع المعاصرة ، ويستطيع المجتمع أن يستمر و يرتقي؛ ثابتاً على أصوله وقيمه وغاياته، متطوراً في معارفه و أساليبه وأدواته:
- فبالثبات، يستعصي على ما يسبب له الانهيار والفساد ، أو الذوبان في المجتمعات الأخرى .
- وبالثبات أيضاً يستقر التشريع وترتكز المعاملات والعلاقات على أسس راسخة، لا تعصف بها الأهواء والتقلبات السياسية والاجتماعية ما بين يوم و آخر ، وبالمرونة يستطيع المجتمع أن يكيف نفسه وعلاقاته حسب تغير الزمن، وتغير أوضاع الحياة ، دون أن يفقد خصائصه و مقوماته الذاتية.( الخصائص العامة للاسلام للقرضاوي بتصرف كبير 203 ).
يقول ابن القيم رحمه الله : الأحكام نوعان : نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها ، لا بحسب الأزمنة و لا الأمكنة ، و لا اجتهاد الأئمة ، كوجوب الواجبات ، و تحريم المحرمات ، والحدود المقدرة بالشرع على الجرائم ، و نحو ذلك ، فهذا لا يتطرق إليه تغيير ، و لا اجتهاد يخالف ما وُضع عليه . و النوع الثاني : ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زماناً و مكاناً و حالاً ، كمقادير التعزيرات.( إغاثة اللهفان، 1/ 346 ، 349) .
الثبات يكون على الأهداف والغايات ، والمرونة تكون في الوسائل والأساليب. والغلو هو التفريط بالأصل بسبب الجمود على الوسيلة ، ومن أمثلة ذلك :
- معلوم أن الحفاظ على الدين من وأحكامه وتشريعاته أصل كبير ومطلب عظيم، وأن الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى هدف ووسيلة من وسائل الدعوة إلى الله تعالى . فمن الغلو أن تمييع الدين ومخالفة أحكامه بذريعة الحوار والتلاقي مع الآخر، كما في مؤتمرات حوار الأديان .
- تعليم كتاب الله ونشره غاية عظيمة وهدف عظيم من أهداف الشريعة ، فترى بعض الغلاة يمتنع عن توزيع المصاحف المطبوعة لوجود شيء من الزخرفة المنهي عنها .
- قد يمتنع بعض الدعاة عن الدعوة عبر المشاركة في القنوات الفضائية – والدعوة هدف من أهداف الشريعة – بسبب وجود بعض المخالفات الشرعية في هذه القنوات .
- وكذا ما فعله بعض المسلمين الذين يقيمون في إحدى الدول الغربية حيث عرضت عليهم الحكومة التعاون في حملة مكافحة المخدرات ، فرفضوا ! مع أن هدف الحملة يصب في حفظ إحدى الضرورات الخمس وهي حفظ العقل ... ألخ
إن الوسطية هي صيانة الثابت و تجديد المرن ، وهذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
فمن الهدي النبوي في صيانة الثابت ، ما ورد في السيرة عندما حاول المشركون أن يبرموا صفقة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيقبل شيئاً من عبادتهم ويقبلوا شيئاً من عبادته ، فيعبد آلهتهم مدة ، و يعبدوا الله مدة ، فجاء الجواب القاطع منه صلى الله عليه وسلم تالياً قوله تعالى{ قُلْ يَأَيّهَا الْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ* وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مّا عَبَدتّمْ * وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} .
أما المرونة فمنها ما جرى في معركة الأحزاب عندما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي "سلمان الفارسي " رضي الله عنه في حفر الخندق حول المدينة ، وعندما شاور بعض رؤساء الأنصار في إمكان إعطاء غطفان جزءاً من ثمار المدينة ، ليردهم و يفرقهم عن حلفائهم ، كسباً للوقت إلى أن يتغير الموقف. وفي يوم الحديبية تتجلى المرونة النبوية بأروع صورها عندما قال صلى الله عليه وسلم : " و الله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها" رواه البخاري وأبو داوود . وفي قبوله صلى الله عليه وسلم أن يكتب في عقد صلح الحديبية : " باسمك اللهم " بدل : " بسم الله الرحمن الرحيم "، بعد أن رفضت قريش التسمية ، وفي قبوله من الشروط ما كان في ظاهره إجحاف بالمسلمين لكن كان في عاقبته خيراً كثيراً.
وفي مجال التعبد يتجلى الثبات النبوي على الأصول ، بعدم الإذن بإحداث عبادة لم يشرعها الله ، فالأصل في العبادات التوقيف ، ولا عبادة إلا بنص ، لا بما تستحسنه العقول، وتستسيغه الأهواء ، فهذا باب من أبواب الغلو . قال صلى الله عليه وسلم :" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ". رواه البخاري . وقال : " وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ". رواه أبو داوود والترمذي .
بينما تتجلى المرونة في العبادة فتح باب الاجتهاد في العبادة من صلاة وصيام وتلاوة قرآن وذكر ونوافل وإنفاق وحج وغير ذلك .

يتبعـ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 03-12-2009, 08:49 AM   #4
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


وفي مقابل الغلو ، نجد أن البعض وقع في التفريط والجفاء:
والتفريط هو: التضييع والتقصير.والجفاء هو: الترك والبعد. كالتساهل في القيام بما أوجب الله من الصلاة على وقتها وصوم رمضان وأداء الزكاة الواجبة ، وترك السنن ، أو إهمال تربية الأولاد، وترك الأخذ بالأسباب، والغلظة في المعاملة، والسلبية اتجاه واقع المسلمين
ويبدو خطر التفريط في كونه عين العجز والكسل، ولا يتحقق به أمر الله تعالى {خذوا ما آتيناكم بقوة}. ولأنه يفوت على صاحبه كثيراً من الأجر والثواب ويحرمه من كثير من الدرجات، وربما عرضه للوعيد والعقوبة، أو جره إلى الانحراف والانتكاس .
وقد يكون التفريط بسبب الدعوة إلى الليبرالية وما يكتنفها من دعوات إلى عدم التحاكم إلى الشريعة ، والدعوة إلى التساهل بالتدين . وما سوى ذلك من دعوات المفسدين الذين جعلوا تثبيط المسلمين عن الطاعة وجرهم إلى المعاصي والفساد هدفهم من أهدافهم في معركتهم لفرض العلمانية .

وقد يكون التفريط بسبب الكسل : ولذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل. والكسل الناتج من إيثار العاجلة ونسيان الآخرة ظلم للنفس .
وقد يكون سببه الجهل: وهذا داء عضال لا علاج له إلا بالعلم ، ويعظم خطره إذا كان الإخلال بالقدر الواجب من العلم .
وقد يكون السبب هو الهروب من تهمة التطرف والغلو .

من أخطار الغلو والتفريط :
1- كراهية الناس لدينهم ونفورهم منه . قال صلى الله عليه وسلم : "إن منكم منفرين، فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة " . رواه البخاري .
2- التساهل في أداء ما أوجب الله {خذوا ما آتيناكم بقوة } أو الفتور أو الانقطاع، فالطاقة محدودة والعمر قصير والإنسان ضعيف.قال صلى الله عليه وسلم " إن الدين يسر ، ولن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيء من الدلجة ". رواه البخاري .
3- التقـصـيـر فـي الحقوق والواجبات الأخرى، وانظر قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عـمـرو رضي الله عنهما: "فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام)..؛ (فإن لزوجك عليك حقّاً، ولزورك عليك حقّاً، ولجسدك عليك حقّاً ". رواه مسلم .
4- تضييع العمر فيما لا فائدة فيه، بل ما فيه الضرر.
ولا عاصم من ذلك كله إلا بالتمسك بالوسطية . وحقيقتها : اتباع الكتاب والسنة ، فهما الميزان الذي توزن به الأقوال والأعمال ، قال تعالى { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِيهِيَ أَقْوَمُ } . وقال عز وجل { وَكَذَلِكَأَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُوَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء}. وعن ‏‏العرباضِ بنِ ساريةَرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنّهُ مِن يعش مِنكمْ فسيرى اختلافًا كثِيرًافعليكُم ‏بسنتي وسُنًَّةِ الخلفاءِ الراشدين المَهْدِيِّين عضّوا عليها بالنواجِذِوإيّاكم ومحدثاتِ الأمور ‏فإنّ كلّ َبدعةٍ ضلالة " .رواه الترمذي وصححه الألباني رحمه الله
الوسطية هي الصراط المستقيم الذي أمر الله به ، بل لا يمكن فهم تحقيق الوسطية دونه .
ففي سورة الفاتحة جعله الله طريق الخيار الذين أنعم عليهم، بين طريقي المغضوب عليهم والضالين، وفي سورة البقرة ذكره ثم ربطه بالوسطية، فقال { يَهْدِي مَن يَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } فالصراط المستقيم يمثل أعلى درجات الوسطية.
وقد أرشد القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسط ، وذم التقصير والغلو ، قال تعالى: {إنَّ اللَّهَ يَاًمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ } وقال تعالى {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ } ، والعدل في كل الأمور: لزوم الحد فيها، وألا يغلو ويتجاوز الحد، كما لا يقصر ويدع بعض الحق.
وإذا تأملنا النصوص الآمرة بالوسطية في أبواب عديدة تبين لنا مقصود الشريعة من الوسطية ، كما في قوله تعالى { وَالَّذِينَ إذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } وقوله تعالى {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا } وقوله { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً} ، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم :" اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي ". رواه مسلم .
وبهذا يتبين أن الوسطية سمة ثابتة بارزة تشمل الشريعة كلها ، سواء في الاعتقاد أو في التشريع أو في العبادة أو في الحكم ، كما تشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد والأخلاق وفي المعاملات وفي كسب المال وإنفاقه وفي مطالب النفس وشهواتها.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

الشيخ : سعد البريك


 

رد مع اقتباس
قديم 03-12-2009, 04:08 PM   #5
واثقة بالله
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية واثقة بالله
واثقة بالله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 26107
 تاريخ التسجيل :  10 2008
 أخر زيارة : 18-06-2013 (07:29 PM)
 المشاركات : 9,896 [ + ]
 التقييم :  183
لوني المفضل : Cornflowerblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


 

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2009, 10:34 PM   #6
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمـ أم ـــر مشاهدة المشاركة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شاكرة لكِ قرأتكِ للموضوع يا أختي الكريمة أم عمر ,,


 

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2009, 12:48 AM   #7
noooor
V I P


الصورة الرمزية noooor
noooor غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5696
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 15-11-2010 (09:06 PM)
 المشاركات : 8,386 [ + ]
 التقييم :  87
لوني المفضل : Cadetblue


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفجر البعيد مشاهدة المشاركة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
أشكركِ علة تواجدكِ أختي الكريمة الفجر ,,


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:01 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا