|
|
||||||||||
الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ )) |
|
أدوات الموضوع |
13-12-2009, 07:21 AM | #1 | |||
V I P
|
الـتـقـيـــة ,, ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تمييز تقاة أهل السنة عن تقية أهل البدع التقاة والتقية مصدران لفعل واحد ’ وقد قرئت الآية بالوجهين ، فقرأها الجمهور (( إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً )) ، وقرأها ابن عباس ، والحسن ، وحميد بن قيس ، ويعقوب الحضرمي ، ومجاهد ، والضحاك ، وأبو رجاء ، والجحدري ، وأبو حيوة : تقية بفتح التاء ، وتشديد الياء على وزن فعيلة ، وكذلك روى المفضل ، عن عاصم .وقد اشتهر لدى أهل السنة استعمال التقاة بضم التاء ، وفتح القاف ، والألف الممدوة ، كما هي قراءة الجمهور ، مع استعمالهم للفظ الآخر . واشتهر لدى الرافضة استعمال التَّقِيَّة بفتح التاء ، وكسر القاف ، والياء المشددة المفتوحة – كما هي القراءة الأخرى – هذا من حيث اللفظ . أما من حيث حكم التّقية ، والتطبيق العملي لها ، فإن ثمت فروقاً عظيمة بينها يمكن إجمال أهمها فيما يلي : الفرق الأول : أن التّقية عند أهل السنة استثناء مؤقت من أصل كلي عام ، لظرف خاص يمر به الفرد المسلم ، أو الفئة المسلمة ، وهي مع ذلك رخصة جائزة ( * ). أما الرافضة فالتّقية عندهم واجب مفروض حتى يخرج قائمهم ، وهي بمنزلة الصلاة ، حتى نقلوا عن الصادق قوله : (( لو قلت إن تارك التّقية كتارك الصلاة لكنت صادقاًً )) (1) . بل إن التقية عندهم – تسعة أعشار الدين (2) ، بل هي الدين كله ، ولذلك قالوا : (( لا دين لمن لا تقية له )) (3) .فالتّقية في المذهب الشيعي أصل ثابت مطرد ، وليست حالة عارضة مؤقتة . بل بلغ من غلوهم في التّقية أن اعتبروا تركها ذنباً لا يغفر ، فهي على حد الشرك بالله ، ولذلك جاء في أحاديثهم : (( يغفر الله للمؤمنين كل ذنب ، ويطهر منه في الدنيا والآخرة ، ما خلا ذنبين : ترك التّقية ، وتضييع حقوق الإخوان )) (4) . وبهذا يتبين الفرق في الحكم بين نظرة أهل السنة ، ونظرة الرافضة ، فهي عند أهل السنة استثناء مباح للضرورة ، وعند الرافضة أصل من أصول المذهب . الفرق الثاني : إن التقية عند أهل السنة ينتهي العمل بها بمجرد زوال السبب الداعي لها من الإكراه ونحوه ، ويصبح الاستمرار عليها – حينئذ – دليلاً على أنها لم تكن تقية ولا خوفاً بل كانت ردَّة ونفاقاً .وفي الأزمنة التي تعلو فيها كلمة الإسلام ، وتقوم دولته ، ينتهي العمل بالتّقية – غالباً – وتصبح حالة فردية نادرة .أما عند الرافضة ، فهي واجب جماعي مستمر ، لا ينتهي العمل به ، حتى يخرج مهديهم المنتظر الذي لن يخرج أبداً .ولذلك ينسبون إلى بعض أئمتهم قوله : (( من ترك التّقية قبل خروج قائمنا فليس منَّا )) (5) . الفرق الثالث : أن تقاة أهل السنة تكون مع الكفار – غالباً – كما هو نص قوله تعالى : (( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً )).وقد تكون مع الفساق والظلمة الذين يخشى الإنسان شرهم ، ويحاذر بأسهم وسطوتهم . أما تقية الرافضة فهي أصلاً مع المسلمين . وهم يسمون الدولة المسلمة (( دولة الباطل )) (6) ، ويسمون دار الإسلام : (( دار التّقية )) (7) ويرون أن من ترك التّقية في دولة الظالمين فقد خالف دين الإمامية وفارقه (8) . بل تعدى الأمر عندهم إلى حد العمل بالتّقية فيما بينهم حتى يعتادوها ويحسنوا العمل بها أمام أهل السنة .وفي هذا يقول بعض أئمتهم – فيما زعموا - : (( عليكم بالتّقية ، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه ، لتكون سجية مع من يحذره )) (9) . الفرق الرابع : أن التقاة عند أهل السنة حاله مكروهة ممقوته ، يكره عليها المسلم إكراهاً ، ويلجأ إليها إلجاء ، ولا يداخل قلبه – خلال عمله بالتقاة – أدنى شيء من الرضى ، أو الاطمئنان ، وكيف يهدأ باله ، ويرتاح ضميره ، وهو يظهر أمراً يناقض عَقْدَ قلبه ؟ أما الرافضة ، فلما للتّقية عندهم من المكانة ، ولما لها في دينهم من المنزلة ، ولما لها في حياتهم العملية الواقعية من التأثير فقد عملوا على (( تطبيعها )) ، وتعويد أتباعهم عليها ، وأصبحوا يتوارثون التمدح بها كابراً عن كابر .ومن نصوصهم في ذلك ما نسبوه لبعض أئمتهم من قوله لابنه : (( يا بني ما خلق الله شيئاً أقر لعين أبيك من التّقية )) (10) . ونسبوا لجعفر الصادق قوله : (( لا والله ما على الأرض أحب إليَّ من التّقية )) (11) . هذه أبرز الفروق التي تميز تقاة أهل السنة عن تقية الرافضة ، والمحك العملي لهذه الفروق هو الواقع العملي عبر القرون والأجيال ، وإلى يوم الناس هذا . فإن أهل السنة تميزوا بالوضوح والصدق في أقوالهم ، وأعمالهم ، ومواقفهم بل إنهم سجلوا مواقف بطولية خالدة في مقارعة الظالمين ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والصدع بكلمة الحق ، ولا زالت قوافل شهدائهم تتوالى جيلاً بعد جيل ، ورعيلاً بعد رعيل ، ولا زالت أصداء مواقفهم الشجاعة حية يرويها الأحفاد عن الأجداد ، ويتلقنون منها دروس البطولة والفدائية والاستشهاد . في حين يحفل تاريخ الروافض بصور الخيانة والتآمر والغدر الخفي ، فهم في الوقت الذي يصافحون به أهل السنة باليمين – تقية ونفاقاً – يطعنونهم باليد الأخرى من وراء ظهورهم ، وكثير من المصائب التي نزلت بالمسلمين كان للرافضة فيها يد ظاهرة ، وكانوا من أسعد الناس بها ، حتى ليصدق عليهم وصف الله للمنافقين : (( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا )) آل عمران: 120ومع هذا بلغت بهم التّقية أن قال قائلهم : (( من صلى وراء سني تقية فكأنما صلى وراء نبي ))! (12) * * * ويقابل غلو الشيعة في النفاق الذي يسمونه تقية ، غلو الخوارج الذين يذهبون إلى أنه لا يجوز التّقية بحال من الأحوال ، وأنه لا يراعى حفظ المال أو النفس ، أو العرض ، أو غيرها من الضروريات ، في مقابلة الدين أصلاً .ولهم في ذلك تشديدات عجيبة ، منها أن من كان يصلي ، وجاء سارق أو غاصب ليسرق ماله ، فإنه لا يجوز له قطع الصلاة ، ولا معالجة هذا اللص في أثنائها ، مهما كان المال من العظم والكثرة ، ولهم مواقف مع الصحابة وغيرهم في هذا (13) .وبهذا تتحقق وسطية أهل السنة في باب التّقية بين الرافضة المغالين ، وبين الخوارج المفرطين، كما تحققت وسطيتهم في سائر أبواب العمل والاعتقاد ، مصداقاً لقول الله – تعالى - : (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )) البقرة:143 . * * * وإذاً فالتّقية والاستسرار هما حالان عارضان ، يحتاج إليهما الفرد المسلم والجماعة المسلمة ، في أزمنة الغربة المستقرة، وفي حالة ضعف الدعوة ، أو في ظروف معينة ، وهما استثناء من الأصل الذي هو الجهر ، والإعلان ، والوضوح ، وإقامة الحجة ، والله أعلم . ------- من كتاب العزلة والخلطة أحكام وأحوال تأليف فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة ( حفظه الله ) علق عليه وقدم له سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ( رحمه الله ) ............... ( * ) قال سماحة الوالد الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى : يصار إليها عند الحاجة ، أو لحصول المصلحة الراجحة . حرر في 29 /3/1413هـ . (1) كتاب السرائر لابن إدريس ، ص 479 ، ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي 2/80 ، ووسائل الشيعة للحر العاملي 7/74 . (2) كتاب أصول الكافي للكليني 2/217 ، والوسائل للعاملي 11/460 . (3) كتاب أصول الكافي للكليني 2/217 ، والوسائل للعاملي 11/460 . (4) وسائل الشيعة للعاملي 11/460 . (5) إكمال الدين لابن بابويه القمي ، ص 355 ، إعلام الورى للطبرسي ، ص 408 ، وسائل الشيعة 11/465-466 ، وغيرها من كتب الرافضة . (6) بخار الأنوار للمجلسي 75/412 . (7) إكمال الدين لابن بابويه القمي ، ص 355 ، إعلام الورى للطبرسي ، ص 408 . (8) بخار الأنوار للمجلسي 75/412 . (9) وسائل الشيعة للعاملي 11/460 . (10) جامع الأخبار لابن بابويه القمي ص110 ، وغيره . 11) وسائل الشيعة للحر العاملي 11/460 . (12) مختصر التحفة الإثني عشرية ، ص 290 (13) انظر : مختصر التحفة الإثني عشرية ، ص المصدر: نفساني |
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|