المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 13-10-2011, 06:11 AM   #361
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 22

(وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين "22")
والإرسال هو الدفع للشيء من حيز إلى حيز آخر، وحين يقول سبحانه إنه أرسل الرياح؛ نجد أنها مرسلة من كل مكان إلى كل مكان؛ فهي مرسلة من هنا إلى هناك، ومن هناك إلى هنا.
وهكذا يكون كل مكان؛ هو موقع لإرسال الرياح؛ وكل مكان هو موقع لاستقبالهم؛ ولذلك نجد الرياح وهي تسير في دورة مستمرة؛ ولو سكنت لما تحرك الهواء، ولأصيبت البشرية بالكثير من الأرض؛ ذلك أن الرياح تجدد الهواء، وتنظف الأمكنة من الركود الذي يمكن أن تصير إليه.
ونعلم أن القرآن حين يتكلم عن الرياح بصيغة الجمع فهو حديث عن خير، والمثل هو قول الحق سبحانه:

{وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته "57"}
(سورة الأعراف)


أما إذا أفرد وجاء بكلمة "ريح" فهي للعذاب، مثل قوله:

{وأما عاد فأهلكوا بريحٍ صرصرٍ عاتية "6"}
(سورة الحاقة)


وهنا يقول الحق سبحانه:

{وأرسلنا الرياح لواقح "22"}
(سورة الحجر)


ولواقح جمع لاقحة، وتطلق في اللغة مرة على الناقة التي في بطنها جنين؛ ومرة تطلق على اللاقح الذي يلقح الغير ليصير فيه جنين؛ لأن الحق سبحانه شاء أن يتكاثر كل ما في الكون؛ وجعل من كل زوجين اثنين؛ إما يتكاثر أو تتولد منه الطاقة؛ كالسالب والموجب في الكهرباء. وهو القائل سبحانه:

{سبحان الذي خلق الأزواج كلها .. "36"}
(سورة يس)


ثم عدد لنا فقال:

{مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون "36"}
(سورة يس)


وهناك أشياء لا يدركها الإنسان مثل شجرة الجميز؛ التي لا يعلم الشخص الذي لم يدرس علم النبات كيف تتكاثر لتنبت وتثمر، ويعلم العالم أن هناك شجرة جميز تلعب دور الأنثى، وشجرة أخرى تلعب دور الذكر.
وكذلك شجرة التوت؛ وهناك شجرة لا تعرف فيه الأنثى من الذكر؛ لأنه مكمور توجد به الأنثى والذكر، وقد لا تعرف أنت ذلك؛ لأن الحق سبحانه جعل اللقاحة خفيفة للغاية؛ لتحملها الريح من مكان إلى مكان.
ونحن لم نر كيف يتم لقاح شجرة الزيتون؛ أو شجرة المانجو، أو شجرة الجوافة، وذلك لنأخذ من ذلك عبرة على دقة صنعته سبحانه.
والمثل الذي أضربه دائماً هو المياه التي تسقط على جبلٍ ما؛ وبعد أيام قليلة تجد الجبل وقد امتلأ بالحشائش الخضراء؛ ومعنى هذا أن الجبل كانت توجد به بذور تلك الحشائش التي انتظرت الماء لتنبت.
وتعرف العلماء على أن الذكورة بعد أن تنضج في النبات فهي تنكشف وتنتظر الرياح والجو المناسب والبيئة المناسبة لتنقلها من مكان إلى مكان.
ولهذا نجد بعضاً من الجبال وهي خضراء بعد هبوب الرياح وسقوط المطر؛ ذلك أن حبوب اللقاح انتقلت بالرياح، وجاء المطر لتجد النباتات فرصة للنمو.
وقد تجد جبلاً من الجبال نصفه أخضر ونصفه جدب؛ لأن الرياح نقلت للنصف الأخضر حبوب اللقاح، ولم تنقل الحبوب للنصف الثاني من الجبل؛ ولذلك نجد الحق سبحانه قد جعل للرياح دورة تنتقل بها من مكان لمكان، وتدور فيها بكل الأماكن.
ويتابع سبحانه في نفس الآية:

{فأنزلنا من السماء ماءً .. "22"}
(سورة الحجر)


وقد تبين لنا أن المياه نفسها تنشأ من عملية تلقيح؛ وبه ذكورة وأنوثة. وفي هذا المعنى يقول الحق سبحانه:

{فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين "22"}
(سورة الحجر)


أي: أنكم لن تخزنوا المياه لأنكم غير مأمونين عليه، وإذا كان الله قد هدانا إلى أن نخزن المياه، فذلك من عطاء الله؛ فلا يقولن أحد: لقد بنينا السدود؛ بل قل: هدانا الله لنبنيه؛ بعد أن يسقط المطر؛ ذلك أن المطر لو لم يسقط لما استطعنا تخزين المياه.
وعلى هذا يكون سبحانه هو الذي خزن المياه حين أنزله من السماء بعد أن هدانا لنبني السدود.
وأنت حين تريد كوباً من الماء المقطر؛ تذهب إلى الصيدلي ليسخن الماء في جهاز معين؛ ويحوله إلى بخار، ثم يكثف هذا البخار ليصير ماء مقطراً، وكل ذلك يتم في الكون، وأنت لا تدري به.


 

قديم 13-10-2011, 06:11 AM   #362
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 23

(وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون "23")
وفي ظاهر الأمر كان من الممكن أن يقول الحق: "إنا نميت ونحيي"؛ لأنه سبحانه يخاطبنا ونحن أحياء، ولكن الحق سبحانه أراد بهذا القول أن يلفتنا أن ننظر إلى الموت الأول، وهو العدم المحض الذي أنشأنا منه، وهو سبحانه القائل:

{وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون "28"}
(سورة البقرة)


والكلام في تفصيل الموت يجب أن نفرق فيه بين العدم المحض والعدم بعد وجود؛ فالعدم المحض هو ما كان قبل أن نخلق؛ ثم أوجدنا الله لنكون أحياء؛ ثم يميتنا من بعد ذلك، ثم يبعثنا من بعد ذلك للحساب.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يكون الكلام عن الموت الذي يحدث بعد أن يهبنا الله الحياة، ثم نقضي ما كتبه لنا من أجل. ثم يذيل الحق سبحانه الآية بقوله:

{ونحن الوارثون "23"}
(سورة الحجر)


وهذا القول يعني أن هناك تركة كبيرة؛ وهي هذا الكون الذي خلقه سبحانه ليستخلفنا فيه. ونحن لم نضف شيئاً لهذا الكون الذي خلقه الله؛ لأنك إن نظرت إلى كمية المياه أو الغذاء التي في الكون، وكل مقومات الحياة لما وجدت شيئاً يزيد أو ينقص؛ فالماء تشربه ليرويك، ثم يخرج عرقاً وبولاً؛ ومن بعد الموت يتحلل الجسم ليتبخر منه الماء، وهذا يجري على كل الكائنات.
وحين يتناول الحق سبحانه في هذه الآية أمر الموت والحياة وعودة الكون في النهاية إلى منشئه سبحانه؛ فهو يحدثنا عن أمرين يعتوران حياة كل موجود؛ هما الحياة والموت، وكلاهما يجري على كل الكائنات؛ فكل شيء له مدة يحياها، وأجل يقضيه.
وكل شيء يبدأ مهمة في الحياة فهو يولد؛ وكل شيء ينهي مهمته في الحياة ـ بحسب ما قدره الله له ـ فهو يموت؛ وإن كنا نحن البشر بحدود إدراكنا لا نعي ذلك. وهو سبحانه القائل:

{كل شيءٍ هالك إلا وجهه "88"}
(سورة القصص)


إذن: فكل شيء يطلق عليه "شيء" مصيره إلى هلاك؛ ومعنى ذلك أنه كان حياً؛ ودليلنا على أنه كان حياً هو قول الحق:

{ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيى من حي عن بينةٍ .. "42"}
(سورة الأنفال)


وهكذا نعلم أن كل ما له مهمة في الحياة له حياة تناسبه؛ وفور أن تنتهي المهمة فهو يهلك ويموت، والحق سبحانه وتعالى يرث كل شيء بعد أن يهلك كل من له حياة، وهو سبحانه القائل:

{إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون "40"}
(سورة مريم)


وهو بذلك يرث التارك والمتروك؛ وهو الخالق لكل شيء. ويختلف ميراث الحق سبحانه عن ميراث الخلق؛ بأن المخلوق حين يرث آخر؛ فهو يودعه التراب أولاً، ثم يرث ما ترك؛ أما الحق سبحانه فهو يرث الاثنين معاً، المخلوق وما ترك.
ولذلك نحن نرى من يعز عليهم ميت؛ قد يمسكون بالخشبة التي تحمل الجثة، ويرفضون من فرط المحبة أن تخرج من منزله؛ ولو تركناه لهم لمدة أسبوع ورمت الجثة؛ سيتوسلون لمن يحمل الجثث أن يحمله ليواريه التراب، ثم يبدأون في مناقشة ما يرثونه من الفقيد.
وهم بذلك يرثون المتروك بعد أن أودعوا التارك للتراب، وإذا كان التارك من الذين أحسنوا الإيمان والعمل فيدخل حياة جديدة هي أرغد بالتأكيد من حياته الدنيا؛ ولسوف يأكل ويشرب دون أن يتعب، وكل ما تمر على ذهنه رغبة فهي تتحقق له، فهو في ضيافة المنعم الأعلى.


 

قديم 13-10-2011, 06:12 AM   #363
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 24

(ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين "24")
والمستقدم هو من تقدم بالحياة والموت؛ وهم من قبلنا من بشر وأمم. والمستأخر هو من سيأتي من بعدنا. وسبحانه يعلمنا بحكم أنه علم من قبل كل مستأخر؛ أي: أنه علم بنا من قبل أن نوجد؛ ويعلم بنا من بعد أن نرحل؛ فعلمه كامل وأزلي؛ وفائدة هذا العلم أنه سيترتب عليه الجزاء؛ فنحن حين أخذنا الحياة والرزق لم نفلت بهما بعيداً؛ بل نجد الله قد علم أزلاً بما فعل كل منا.
وهناك من يقول إن هناك معنى آخر؛ بأن الحق سبحانه يكتب من يسرع إلى الصلاة ويتقدم إليها فور أن يسمع النداء لها، ويعلم من يتأخر عن القيام بأداء الصلاة، ذلك أن تأثير كلمة "الله اكبر" فيها من اليقظة والانتباه ما يذكرنا بأن الله اكبر من كل ما يشغلك.
ونعلم أن من إعجازات الأذان أنه جعل النداء باسم "الله اكبر"؛ ولم يقل: الله كبير؛ وذلك احتراماً لما يشغلنا في الدنيا من موضوعات قد نراها كبيرة؛ ذلك أن الدنيا لا يجب أن تهان؛ لأنها المعبر إلى الجزاء القادم في الآخرة.
ولذلك أقول دائماً: إن الدنيا أهم من أن تنسى؛ وفي نفس الوقت هي أتفه من أن تكون غاية، فأنت في الدنيا تضرب في الأرض وتسعى لقوتك وقوت من تعول؛ وليعينك هذا القوت على العبادة.
لذلك فلا يحتقر أحد الدنيا؛ بل ليشكر الله ويدعوه أن يوفقه فيها، وأن يبذل كل جهد في سبيل نجاحه في عمله؛ فالعمل الطيب ينال عليه العبد حسن الجزاء؛ وفور أن يسمع المؤمن "الله اكبر"؛ فعليه أن يتجه إلى من هو اكبر فعلاً، وهو الحق سبحانه، وأن يؤدي الصلاة. هذا هو المعنى المستقي من المستقدم للصلاة والمستأخر عنها.
وهناك من العلماء من رأى ملاحظ شتى في الآية الكريمة فمعناها قد يكون عاماً يشمل الزمن كله؛ وقد تكون بمعنى خاص كمعنى المستقدم للصلاة والمستأخر عنها.
وقد يكون المعنى أشد خصوصية من ذلك؛ فنحن حين نصلي نقف صفوفاً، ويقف الرجال أولاً؛ ثم الأطفال؛ ثم النساء؛ ومن الرجال من يتقدم الصفوف كيلا تقع عيونه على امرأة؛ ومنهم من قد يتحايل ويقف في الصفوف الأخيرة ليرى النساء؛ فأوضح الحق سبحانه أن مثل هذه الأمور لا تفوت عليه، فهو العالم بالأسرار وأخفى منها.
أو: أن يكون المعنى هو المستقدمين إلى الجهاد في سبيل الله أو المتأخرين عن الجهاد في سبيله. ومن يموت حتف أنفه ـ أي: على فراشه لا دخل له بهذه المسألة.
أما إن دعا داعي الجهاد، ويقدم نفسه للحرب ويقاتل وينال الشهادة، فالحق ـ سبحانه وتعالى ـ يعلم من تقدم إلى لقائه محبة وجهاداً لرفعة شأن الدين.
وقد يكون في ظاهر الأمر وفي عيون غيره ممن يكرهون الحياة؛ ولكنه في حقيقة الأمر محب للحياة بأكثر ممن يدعون حبها؛ لأنه امتلك اليقين الإيماني بأن خالق الدنيا يستحق أن ينال الجهاد في سبيل القيم التي أرادها منهاجاً ينعدل به ميزان الكون؛ وإن استشهد فقد وعده سبحانه الخلد في الجنة ونعيمها.
ونجد أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وهو يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع لي يا رسول الله أن استشهد؛ فيرد عليه النبي الكريم: "متعنا بنفسك يا أبا بكر".
وعلى ذلك لا يكون المستأخر هنا محل لوم؛ لأن الإيمان يحتاج لمن يصونه ويثبته؛ كما يحتاج إلى من يؤكد أن الإيمان بالله أعز من الحياة نفسها؛ وهو المتقدم للقتال، وينال الشهادة في سبيل الله.


 

قديم 13-10-2011, 06:12 AM   #364
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 25

(وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم "25")
أي: أن المتولي تربيتك يا محمد لن يترك من خاصموك وعاندوك، وأهانوك وآذوك دون عقاب. وكلمة:

{يحشرهم "25"}
(سورة الحجر)


تكفي كدليل على أن الله يقف لهم بالمرصاد، فهم قد أنكروا البعث؛ ولم يجرؤ أحدهم أن ينكر الموت، وإذا كان الحق سبحانه قد سبق وعبر عن البعث بقوله الحق:

{ثم إنكم بعد ذلك لميتون "15" ثم إنكم يوم القيامة تبعثون "16"}
(سورة المؤمنون)


فهم كانوا قد غفلوا عن الإعداد لما بعد الموت، وكأنهم يشكون في أنه قادم، وجاء لهم بخبر الموت كأمر حتمي، وسبقته (هو) لتؤكد أنه سوف يحدث، فالحشر منسوب لله سبحانه، وهو قادر عليه، كما قدر على الإحياء من عدم، فلا وجه للشك أو الإنكار.
ثم جاء لهم بخبر البعث الذي يشكون فيه؛ وهو أمر سبق وأن ساق عليه سبحانه الأدلة الواضحة. ولذلك جاء بالخبر المصحوب بضمير الفصل:

{يحشرهم "25"}
(سورة الحجر)


وسبحانه يجري الأمور كلها بحكمة واقتدار، فهو العليم بما تتطلبه الحكمة علماً يحيط بكل الزوايا والجهات.


 

قديم 13-10-2011, 06:12 AM   #365
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 26

(ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون "26")
وسبحانه يتكلم هنا عن خلق الإنسان من بعد أن تكلم عن خلق الكون وما أعده له فيه، وليستقبل الكون الخليفة لله؛ فيوضح أنه قد خلقه من الصلصال، وهو الطين اليابس.
وجاء سبحانه بخبر الخلق في هذه السورة التي تضمنت خبر مد الأرض؛ ومجيء الرياح، وكيفية إنزال الماء من السماء؛ وكيف قدر في الأرض الرزق، وجعل في الأرض رواسي، وجعل كل شيء موزوناً.
وهو سبحانه قد استهل السورة بقوله:

{تلك آيات الكتاب وقرآن مبين "1"}
(سورة الحجر)


أي: أنه افتتح السورة بالكلام عن حارس القيم للحركة الإنسانية؛ ثم تكلم عن المادة التي منها الحياة؛ وبذلك شمل الحديث الكلام عن المقوم الأساسي للقيم وهو القرآن، والكلام عن مقوم المادة؛ وكان ذلك أمراً طبيعياً؛ ودللت عليه سابقاً بحديثي عن مصمم أي جهاز من الأجهزة الحديثة؛ حيث يحدد أولاً الغرض منه؛ ثم يضع جدولاً وبرنامجاً لصيانة كل جهاز من تلك الأجهزة.
وهكذا كان خلق الله للإنسان الذي شاء له سبحانه أن يكون خليفته في الأرض، ووضع له مقومات مادة ومقومات قيم؛ وجاء بالحديث عن مقومات القيم أولاً؛ لأنها ستمد حياة الإنسان لتكون حياة لا تنتهي، وهي الحياة في الدنيا والآخرة.
وهذا القول يوضح لنا أن آدم ليس هو أول من استعمر الأرض؛ بل كان هناك خلق من قبل آدم، فإذا حدثنا علماء الجيولوجيا والحفريات عن أن هناك ما يدل على وجود بعض من الكائنات المطمورة تثبت أنه كانت هناك حياة منذ خمسين ألف قرن من الزمان.
فنحن نقول له: إن قولك صحيح.
وحين يسمع البعض قول هؤلاء العلماء يقولون: لابد أن تلك الحيوانات كانت موجودة في زمن آدم عليه السلام، وهؤلاء يتجاهلون أن الحق سبحانه لم يقل لنا أن آدم هو أول من عمر الأرض، بل شاء سبحانه أن يخلقنا ويعطينا مهمة الاستخلاف في الأرض.
والحق سبحانه هو القائل:

{إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ "16" وما ذلك على الله بعزيزٍ "17"}
(سورة فاطر)


أي: أن خلق غيرنا أمر وارد، وكذلك الخلق من قبلنا أمر وارد.
ونعلم أن خلق آدم قد أخذ لقطات متعددة في القرآن الكريم؛ تؤدي في مجموعها إلى القصة بكل أحداثها وأركانها، ولم يكن ذلك تكراراً في القرآن الكريم، ولكن جاء القرآن بكل لقطة في الموقع المناسب لها؛ ذلك أنه ليس كتاب تاريخ للبشر؛ بل كتاب قيم ومنهج، ويريد أن يؤسس في البشر القيم التي تحميهم وتصونهم من أي انحراف، ويريد أن يربي فيهم المهابة.
وقد تناول الحق سبحانه كيفية خلق الإنسان في الكثير من سور القرآن: البقرة؛ الأعراف؛ الحجر؛ الإسراء؛ الكهف؛ وسورة ص.
قال سبحانه ـ على سبيل المثال ـ في سورة البقرة:

{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون "30"}
(سورة البقرة)


وجاء هذا القول من الله للملائكة ساعة خلق الله لآدم، من قبل أن تبدأ مسألة نزول آدم للأرض.
وقد أخذت مسألة خلق الإنسان جدلاً طويلاً من الذين يريدون أن يستدركوا على القرآن متسائلين: كيف يقول مرة: إن الإنسان مخلوق من ماء؛ ومرة من طين؛ ومرة من صلصال كالفخار؟
ونقول: إن ذلك كله حديث عن مراحل الخلق، وهو سبحانه أعلم بمن خلق، كما خلق السماوات والأرض، ولم يشهد الحق أحداً من الخلق كيف خلق المخلوقات:

{ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً "51"}
(سورة الكهف)


ومن رحمته سبحانه أنه ترك في محسات الحياة وماديتها ما يثبت صدقه في غيبياته؛ فإذا قال مرة: إنه خلق كل شيء من الماء؛ فهو صادق فيما قال؛ لأن الماء يكون أغلب الجسد البشري على سبيل المثال.
وإذا أوضح أنه خلق الإنسان من طين، فالتراب إذا اختلط بالماء صار طيناً، وإذا مر على الطين وقت صار صلصالاً، وإذا قال:

{فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "29"}
(سورة الحجر)


وكل هذا من الأمور الغيبية؛ التي يشرحها لنا نقضها في الواقع المادي الملموس، فحين يحدث الموت ـ وهو نقض الحياة ـ نجد الروح هي أول ما يخرج من الجسم؛ وكانت هي آخر ما دخل الجسم أثناء الخلق.
ومن بعد ذلك تبدأ الحيوية في الرحيل عن الجثمان؛ فيتحول الجثمان إلى ما يشبه الصلصال؛ ثم يتبخر الماء من الجثمان؛ ليصير من بعد ذلك تراباً.
وهكذا نشهد في الموت ـ نقض الحياة ـ كيفية بدء مراحل الخلق وهي معكوسة؛ فالماء أولاً ثم التراب؛ ثم الطين؛ ثم الصلصال الذي يشبه الحمأ المسنون؛ ثم نفخ الروح. وقد صدق الحق سبحانه حين أوضح لنا في النقيض المادي، ما أبلغنا عنه في العالم الغيب.
وعلى ذلك ـ أيضاً ـ نجد أن الذين يضعون التكهنات بأن الشمس خلقت قبل الأرض؛ وكانت الأرض جزءاً من الشمس ثم انفصلت عنها؛ على هؤلاء أن يعلموا أن ما يقولونه هو أمر لم يشاهدوه، وهي أمور لا يمكن أن يدرسها أحد في معمل تجريبي؛ وقد قال القرآن عن أهل هذا اللغو:

{ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً "51"}
(سورة الكهف)


وهم قد أعانوا على تأكيد إعجازية القرآن الذي أسماهم المضلين؛ لأنهم يغوون الناس عن الحق إلى الباطل.


 

قديم 13-10-2011, 06:13 AM   #366
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 27

(والجان خلقناه من قبل من نار السموم "27")
ونعلم أن كلمة (السموم) هي اللهب الذي لا دخان له، ويسمونه "السموم" لأنه يتلصص في الدخول إلى مسام الإنسان.
وهكذا نرى أن للعنصر تأثيراً في مقومات حياة الكائنات، فالمخلوق من طين له صفات الطينية، والمخلوق من نار له صفات النارية؛ ولذلك كان قانون الجن أخف وأشد من قانون الإنس.
والحق سبحانه يقول:

{إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم .. "27"}
(سورة الأعراف)


وهكذا نعلم أن قانون خلق الجن من عنصر النار التي لا لهب لها يوضح لنا أن له قدرات تختلف عن قدرات الإنسان.
ذلك أن مهمته في الحياة تختلف عن مهمة الإنسان، ولا تصنع له خيرية أو أفضلية، لأن المهام حين تتعدد في الأشياء؛ تمنع المقارنة بين الكائنات.
والمثل على ذلك هو غلبة من عنده علم بالكتاب على عفريت الجن؛ حين سأل سليمان عليه السلام عمن يأتيه بعرش بلقيس:

{قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين "38"}
(سورة الحجر)


وقال عفريت من الجن: إنه قادر على أن يأتي بالعرش قبل أن يقوم سليمان من مقامه، ولكن من عنده علم بالكتاب قال: إنه قادر على أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن يرتد طرف سليمان؛ وهكذا غلب من عنده علم بالكتاب قدرة عفريت الجن.
وقد قص علينا الحق سبحانه هذا في كتابه الكريم، فقال:

{قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين "39" قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي .. "40"}
(سورة النمل)


 

قديم 13-10-2011, 06:13 AM   #367
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 28

(وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون "28")
وعرفنا في مواقع متفرقة من خواطرنا كيف نفهم هذه الآية. ونعلم أن البشر في زماننا حين يريدون صنع تمثال ما، فهم يخلطون التراب بالماء ليصير طيناً؛ ثم يتركونه إلى أن يختمر، ويصير كالصلصال، ومن بعد ذلك يشكل المثال ملامح من يريد أن يصنع له تمثالاً.
والتماثيل تكون على هيئة واحدة، ولا قدرة لها، عكس الإنسان المخلوق بيد الله، والذي يملك بفعل النفخ فيه من روح الله ما لا يملكه أي كائن صنعته مهارة الإنسان؛ ذلك أن إعجاز وطلاقة قدرة الخالق لا يمكن أن تستوي مع قدرة المخلوق المحدودة.
وهناك حديث يقول فيه صلى الله عليه وسلم: "خلق الله عز وجل آدم على صورته، ستون ذراعاً".
واختلف العلماء في مرجع الضمير في هذا الحديث؛ أيعود إلى صورة آدم؟ أم يعود إلى آدم؟
فمن العلماء من قال: إن الضمير يعود إلى آدم؛ بمعنى أن الله لم يخلقه طفلا، ثم كبر؛ بل خلقه على الصورة الناضجة؛ وتلفت آدم فوجد نفسه على تلك الصورة الناضجة؛ وأنه لم يكن موجوداً من قبل ذلك بساعة؛ لذلك تلفت إلى الموجد له.
والذين قالوا: إن الحق سبحانه خلق الإنسان على صورته، وأن الضمير يعود إلى الله؛ فذلك لأن الحق قد جعل الإنسان خليفة له في الأرض؛ وأعطاه من قدرته قدرة؛ ومن علمه علماً؛ ومن حكمته حكمة، ومن قاهريته قهراً.
ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: "تخلقوا بأخلاق الله".
فخلق آدم داخل في كينونته. يقول الحق:

{إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من ترابٍ ثم قال له كن فيكون "59"}
(سورة آل عمران)


وأمام الكينونة ينتفي التعليل، ولم يبق إلا الإيمان بالخالق.


 

قديم 13-10-2011, 06:13 AM   #368
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 29

(فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين "29")
والتسوية تعني جعل الشيء صالحاً للمهمة التي تراد له. وشاء سبحانه أن يسوي الإنسان في صورة تسمح لنفخ الروح فيه. والنفخ من روح الله لا يعني أن النفخ قد تم بدفع الحياة عن طريق الهواء في فم آدم، ولكن الأمر تمثيل لانتشار الروح في جميع أجزاء الجسد.
وقد اختلف العلماء في تعريف الروح، وأرى أنه من الأسلم عدم الخوض في ذلك الأمر؛ لأن الحق سبحانه هو القائل:

{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً "85"}
(سورة الإسراء)


 

قديم 13-10-2011, 06:14 AM   #369
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 30

(فسجد الملائكة كلهم أجمعون "30")
وقد سجدوا جميعاً في حركة واحدة؛ ذلك أنه لا اختيار لهم في تنفيذ ما يؤمرون به، فمن بعد أن خلق الله آدم جاء تكريم الحق سبحانه له بقوله للملائكة:

{اسجدوا لآدم "116"}
(سورة طه)


وسجدت الملائكة التي كلفها الله برعاية وتدبير هذا المخلوق الجديد، وهم المدبرات أمراً والحفظة، ومن لهم علاقة بهذا المخلوق الجديد.
وقوله الحق:

{فقعوا له ساجدين "29"}
(سورة الحجر)


يعني أن عملية السجود قد حدثت بصورة مباشرة وحاسمة وسريعة، وكان سجودهم هو طاعة للآمر الأعلى؛ لا طاعة لآدم.
وقول الحق سبحانه:

{فسجد الملائكة كلهم أجمعون "30"}
(سورة الحجر)


يعني الملائكة الأعلى من البشر، ذلك أن هناك ملائكة أعلى منهم؛ وهم الملائكة المهيمون المتفرغون للتسبيح فقط.


 

قديم 13-10-2011, 06:14 AM   #370
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 31

(إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين "31")
وهكذا جاء الحديث هنا عن إبليس؛ بالاستثناء وبالعقاب الذي نزل عليه؛ فكأن الأمر قد شمله، وقد أخذت هذه المسألة جدلاً طويلاً بين العلماء.
وكان من الواجب أن يحكم هذا الجدل أمران:
الأمر الأول: أن النص سيد الأحكام.
والأمر الثاني: أن شيئاً لا نص فيه؛ فنحن نأخذه بالقياس والالتزام. وإذا تعارض نص مع التزام؛ فنحن نؤول الالتزام إلى ما يؤول النص.
وإذا كان إبليس قد عوقب؛ فذلك لأنه استثنى من السجود امتناعاً وإباءً واستكباراً؛ فهل هذا يعني أن إبليس من الملائكة؟
لا. ذلك أن هناك نصاً صريحاً يقول في الحق سبحانه:

{فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه .. "50"}
(سورة الكهف)


وهكذا حسم الحق سبحانه الأمر بأن إبليس ليس من الملائكة؛ بل هو من الجن؛ والجن جنس مختار كالإنس؛ يمكن أن يطيع، ويمكن أن يعصي.
وكونه سمع الأمر بالسجود؛ فمعنى ذلك أنه كان في نفس الحضرة للملائكة؛ ومعنى هذا أنه كان من قبل ذلك قد التزم التزاماً يرفعه إلى مستوى الحضور مع الملائكة؛ ذلك أنه مختار يستطيع أن يطيع، ويملك أن يعصي، ولكن التزامه الذي اختاره جعله في صفوف الملائكة.
وقالت كتب الأثر: إنهم كانوا يسمونه طاووس الملائكة مختالاً بطاعته، وهو الذي وهبه الله الاختيار، لأنه قدر على نفسه وحمل نفسه على طاعة ربه، لذلك كان مجلسه مع الملائكة تكريماً له؛ لأنه يجلس مع الأطهار، لكنه ليس ملاكاً.
وبعض العلماء صنفوه بمستوى أعلى من الملائكة؛ والبعض الآخر صنفه بأنه أقل من الملائكة؛ لأنه من الجن؛ ولكن الأمر المتفق عليه أنه لم يكن ملاكاً بنص القرآن، وسواء أكان أعلى أم أدنى، فقد كان عليه الالتزام بما يصدر من الحق سبحانه.
ونجد الحق سبحانه وهو يعرض هذه المسألة، يقول مرة (أبى) ، ومرة (استكبر) ،ومرة يجمع بين الإباء والاستكبار.
والإباء يعني أنه يرفض أن ينفذ الأمر بدون تعال. والاستكبار هو التأبي بالكيفية، وهنا كانت العقوبة تعليلاً لعملية الإباء والاستكبار، وكيف رد أمر الحق أورده سبحانه مرة بقول إبليس:

{لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصالٍ من حمأٍ مسنونٍ "23"}
(سورة الحجر)


وقوله:

{قال أنا خير منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ "76"}
(سورة ص)


 

قديم 13-10-2011, 06:14 AM   #371
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 32

(قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين"32")
وتقول "ما لك؟" في الشيء العجيب الذي تريد أن تعرف كيف وقع، وكأن هذا تساؤل عن أمر مخالف لما اختاره إبليس؛ الذي وهبه الله خاصية الاختيار، وقد اختار أن يكون على الطاعة.
ولنلحظ أن المتكلم هنا هو الله؛ وهو الذي يعلم أنه خلق إبليس بخاصية الاختيار؛ فله أن يطيع، وله أن يعصي. وهو سبحانه هنا يوضح ما علمه أزلاً عن إبليس؛ وشاء سبحانه إبراز هذا ليكون حجة على إبليس يوم القيامة.


 

قديم 13-10-2011, 06:15 AM   #372
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 33

(قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون"33")
وهكذا أفصح إبليس عما يكنه من فهم خاطئ لطبيعة العناصر؛ فقد توهم أن الطين والصلصال أقل مرتبة من النار التي خلقه منها الله. وامتناع إبليس عن السجود ـ إذن ـ امتناع معلل؛ وكأن إبليس قد فهم أن عنصر المخلوقية هو الذي يعطي التمايز؛ وتجاهل أن الأمر هو إرادة المعنصر الذي يرتب المراتب بحكمته، وليس على هوى أحدٍ من المخلوقات.
ثم من قال: إن النار افضل من الطين؟ ونحن نعلم أنه لا يقال في شيء إنه افضل من الآخر إلا إذا استوت المصلحة فيهما؛ والنار لها جهة استخدام، والطين له استخدام مختلف؛ وأي منهما له مهمة تختلف عن مهمة الآخر.
ومن توجيه الله في فضائل الخلق أن من يطلي الأشياء بالذهب لا يختلف عنده سبحانه عن الذي يعجن الطين ليصنع منه الفخار، فلا يفضل أحدهما الآخر إلا بإتقان مهمته.
وهكذا أفصح إبليس أن الذي زين له عدم الامتثال لأمر السجود هو قناعته بأن هناك عنصراً افضل من عنصر.


 

قديم 13-10-2011, 06:15 AM   #373
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 34

(قال فاخرج منها فإنك رجيم"34")
وهكذا صدر الأمر بطرد إبليس من حضرة الله بالملأ الأعلى؛ وصدر العقاب بأنه مطرود من كل خير، وأصل المسألة أنها الرجم.
وقد حدث ذلك لرده أمر الله سبحانه، واستكباره، ولقناعته أن النار التي خلق منها افضل من الطين الذي خلق منه آدم، ولم يلتفت إلى أن لكل مخلوق مهمة، وكل كائن يؤدي مهمته هو مساوٍ للآخر.
وقد شاء الحق سبحانه ذلك ليزاول كل كائن الأسباب التي وجد من أجلها؛ فآدم قد خلقه الله ليجعله خليفة في الأرض؛ ذلك أنه سبحانه يباشر الأمر في السببيات بواسطة ما خلق.
فالنار ـ على سبيل المثال ـ تتسبب في إنضاج الطعام؛ لأنه سبحانه هو الذي شاء ذلك، وجعلها سبباً في إنضاج الطعام. ومزاولة الحق سبحانه لأشياء كثيرة في المسببات معناه أن المخلوقات تؤدي المهام التي أرادها سبحانه لها في الوجود.
والمؤمن الحق هو من يرى في الأسباب التي في الكون؛ أنها عطاء من الله، وأن يده ممدودة له بتلك الأسباب.
وبعد أن طرد الحق سبحانه إبليس من حضرته سيقرر سبحانه الحكم الذي أصدره عليه في قوله:


 

قديم 13-10-2011, 06:15 AM   #374
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 35

(وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين "35")
وفي هذا القول ما يؤكد أن الجن أيضاً يموتون؛ ولهم آجال مثلنا، وفي هذا الحكم بالطرد تأكيد على أنه سبحانه لن يوفقه إلى توبة، ولا يعفو عنه في النهاية.
ولكن إبليس يحاول الالتفاف؛ فيأتي ما جاء على لسانه:


 

قديم 13-10-2011, 06:16 AM   #375
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة الحجر - الآية: 36

(قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون "36")
وكأن إبليس بهذا القول أراد أن يفلت من الموت، ولكن مثل هذا المكر لا يجوز على الله أو معه، فإذا كان إبليس قد أراد أن يظل في الدنيا إلى يوم بعث البشر؛ فذلك دليل على أمنيته بالهروب من الموت.
ويقول الحق سبحانه رداً على دعاء إبليس:


 

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:48 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا