المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 16-10-2011, 06:55 PM   #541
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 105

(إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون "105")
كأن الحق سبحانه وتعالى يقول: وإن افتريتم على رسول الله واتهمتموه بالكذب الحقيقي أن تكذبوا بآيات الله، ولا تؤمنوا بها.
ونلاحظ في تذييل هذه الآية أن الحق سبحانه لم يقل: وأولئك هم الكافرون. بل قال: الكاذبون. ليدل على شناعة الكذب، وأنه صفة لا تليق بمؤمن.

<ولذلك حينما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيسرق المؤمن؟ قال: "نعم". لأن الله قال:

{والسارق والسارقة .. "38"}
(سورة المائدة)


فمادام قد شرع حكماً، وجعل عليه عقوبة فقد أصبح الأمر وارداً ومحتمل الحدوث. وسئل: أيزني المؤمن؟ قال: "نعم"، لأن الله قال:

{الزانية والزاني .. "2"}
(سورة النور)


وسئل: أيكذب المؤمن؟ قال: لا>

والحديث يوضح لنا فظاعة الكذب وشناعته، وكيف أنه أعظم من كل هذه المنكرات، فقد جعل الله لكل منها عقوبة معلومة في حين ترك عقوبة الكذب ليدل على أنها جريمة أعلى من العقوبة وأعظم.
إذن: الكذب صفة لا تليق بالمؤمن، ولا تتصور في حقه؛ ذلك لأنه إذا اشتهر عن واحد أنه كذاب لما اعتاده الناس من كذبه، فنخشى أن يقول مرة: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله فيقول قائل: إنه كذاب وهذه كذبة من أكاذيبه.


 

قديم 16-10-2011, 06:56 PM   #542
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 106

(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم "106")
الحق سبحانه وتعالى سبق وأن تحدث عن حكم المؤمنين وحكم الكافرين، ثم تحدث عن الذين يخلفون العهد ولا يوفون به، ثم تحدث عن الذين افتروا على رسول الله والذين كذبوا بآيات الله، وهذه كلها قضايا إيمانية كان لابد أن تثار.
وفي هذه الآية الكريمة يوضح لنا الحق سبحانه وتعالى أن الإيمان ليس مجرد أن تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فالقول وحده لا يكفي ولابد وأن تشهد بذلك، ومعنى تشهد أن يواطئ القلب واللسان كل منهما الآخر في هذه المقولة.
والمتأمل لهذه القضية يجد أن القسمة المنطقية تقتضي أن يكون لدينا أربع حالات:
الأولى: أن يواطئ القلب اللسان إيجاباً بالإيمان؛ ولذلك نقول: إن المؤمن منطقي في إيمانه؛ لأنه يقول ما يضمره قلبه.
الثانية: أن يواطئ القلب اللسان سلباً أي: بالكفر، وكذلك الكافر منطقي في كفره بالمعنى السابق.
الثالثة: أن يؤمن بلسانه ويضمر الكفر في قلبه، وهذه حالة المنافق، وهو غير منطقي في إيمانه حيث أظهر خلاف ما يبطن ليستفيد من مزايا الإيمان.
الرابعة: أن يؤمن بقلبه، وينطق كلمة الكفر بلسانه.
وهذه الحالة الرابعة هي المرادة في هذه الآية. فالحق تبارك وتعالى يعطينا هنا تفصيلاً لمن كفر بعد إيمان، وما سبب هذا الكفر؟ وما جزاؤه؟
قوله:

{من كفر بالله من بعد إيمانه .. "106"}
(سورة النحل)


هذه جملة الشرط تأخر جوابها إلى آخر الآية الكريمة، لتقف أولاً على تفصيل هذا الكفر، فإما أن يكون عن إكراه لا دخل للإنسان فيه، فيجبر على كلمة الكفر، في حين قلبه مطمئن بالإيمان.

{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .. "106"}
(سورة النحل)


ثم سكت عنه القرآن الكريم ليدلنا على أنه لا شيء عليه، ولا بأس أن يأخذ المؤمن بالتقية، وهي رخصة تقي الإنسان موارد الهلاك في مثل هذه الأحوال. وفي تاريخ الإسلام نماذج متعددة أخذت بهذه الرخصة، ونطقت كلمة الكفر وهي مطمئنة بالإيمان. وفي الحديث الشريف: "رفع عن أمتي: الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه".
ويذكر التاريخ أن ياسر أبا عمار وزوجه سمية أول شهيدين في الإسلام، فكيف استشهدا؟ كانا من المسلمين الأوائل، وتعرضوا لكثير من التعذيب حتى عرض عليهم الكفار النطق بكلمة مقابل العفو عنهما، فماذا حدث من هذين الشهيدين؟ صدعاً بالحق وأصراً على الإيمان حتى نالا الشهادة في سبيل الله، ولم يأخذا برخصة التقية.
وكان ولدهما عمار أول من أخذ بها، حينما تعرض لتعذيب المشركين.

<وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمار بن ياسر كفر، فأنكر صلى الله عليه وسلم هذا، وقال: "إن إيمان عمار من مفرق رأسه إلى قدمه، وإن الإيمان في عمار قد اختلط بلحمه ودمه".
فلما جاء عمار أقبل على رسول الله وهو يبكي، ثم قص عليه ما تعرض له من أذى المشركين، وقال: والله يا رسول الله ما خلصني من أيديهم إلا أني تناولتك وذكرت آلهتهم بخير، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن مسح دموع عمار بيده الشريفة وقال له "إن عادوا إليك فقل لهم ما قلت".
وقد أثارت هذه الرخصة غضب بعض الصحابة، فراجعوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: فما بال بلال؟ فقال: "عمار استعمل رخصة، وبلال صدع بالحق">

ولاشك أن هاتين منزلتان في مواجهة الباطل وأهله، وأن الصدع بالحق والصبر على البلاء أعلى منزلة، وأسمى درجة من الأخذ بالرخصة؛ لأن الأول آمن بقلبه ولسانه، والآخر آمن بقلبه فقط ونطق لسانه الكفر.
لذلك، ففي حركة الردة حاول مسيلمة الكذاب أن يطوف بالقبائل لينتزع منهم شهادة بصدق نبوته، فقال لرجل: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول في؟ فقال الرجل في لباقة: وأنت كذلك، يعني أخرج نفسه من هذا المأزق دون أن يعترف صراحة بنبوة هذا الكذاب.
فقابل آخر وسأله: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: وما تقول في؟ فقال الرجل متهكماً: اجهر لأني أصبحت أصم الآن، وأنكر على مسيلمة ما يدعيه فكان جزاؤه القتل. فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما قال: "أحدهما استعمل الرخصة، والآخر صدق بالحق.
وقد تحدث العلماء عن الإكراه في قوله تعالى:

{إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .. "106"}
(سورة النحل)


وأوضحوا وجوه الإكراه وحكم كل منها، على النحو التالي:
ـ إذا أكره الإنسان على أمر ذاتي فيه. كأن قيل له: اشرب الخمر وإلا قتلتك أو عذبتك قالوا: يجب عليه في هذه الحالة أن يشربها وينجو بنفسه؛ لأنه أمر يتعلق به، ومن الناس من يعصون الله بشربها. فإن قيل له: اكفر بالله وإلا قتلتك أو عذبتك، قالوا: هو مخير بين أن يأخذ بالتقية هنا، ويستخدم الرخصة التي شرعها الله له، أو يصدع بالحق ويصمد.
ـ أما إذا تعلق الإكراه بحق من حقوق الغير، كأن قيل لك: اقتل فلاناً وإلا قتلتك، ففي هذه الحالة لا يجوز لك قتله؛ لأنك لو قتلته لقتلت قصاصاً، فما الفائدة إذن؟
وبعد أن تحدث الحق تبارك وتعالى عن حكم من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، يتحدث عن النوع الآخر:

{ولكن من شرح بالكفر صدراً .. "106"}
(سورة النحل)


أي: نطق كلمة الكفر راضياً بها، بل سعيدة بها نفسه، منشرحاً بها صدره، وهذا النوع هو المقصود في جواب الشرط.

{فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم "106"}
(سورة النحل)


فإن كانت الآيات قد سكتت عمن أكره، ولم تجعل له عقوبة لأنه مكره، فقد بينت أن من شرح بالكفر صدراً عليه غضب من الله أي: في الدنيا. ولهم عذاب عظيم أي: في الآخرة.
وكما رأينا في تاريخ الإسلام نماذج للنوع الأول الذي أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، كذلك رأينا نماذج لمن شرح بالكفر صدراً، وهم المنافقون، ومنهم من أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، ومنهم عبد الله ابن سعد بن أبي السرح من عامر بن لؤي.


 

قديم 16-10-2011, 06:56 PM   #543
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 107

(ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين "107")
(ذلك) أي: ما استحقوه من العذاب السابق.
{ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة .. "107"}
(سورة النحل)


استحب: أي آثر وتكلف الحب؛ لأن العاقل لو نظر إلى الدنيا بالنسبة لعمره فيها لوجدها قصيرة أحقر من أن تحب لذاتها، ولوجد الأغيار بها كثيرة تتقلب بأهلها فلا يدوم لها حال، ينظر فإذا الأحوال تتبدل من الغنى إلى الفقر، ومن الصحة إلى السقم، ومن القوة إلى الضعف، فكيف إذن تستحب الدنيا على الآخرة؟!
والحق تبارك وتعالى يريد منا أن نعطي كلاً من الدنيا والآخر ما يستحقه من الحب، فنحب الدنيا دون مبالغة في حبها، نحبها على أنها مزرعة للآخرة، وإلا فكيف نطلب الجزاء والثواب من الله؟ لذلك نقول: إن الدنيا أهم من أن تنسى، وأتفه من أن تكون غاية، وقد قال الحق سبحانه:

{ولا تنس نصيبك من الدنيا .. "77"}
(سورة القصص)


ففهم البعض الآية على أنها دعوة للعمل للدنيا وأخذ الحظوظ منها، ولكن المتأمل لمعنى الآية يجد أن الحق سبحانه يجعل الدنيا شيئاً هيناً معرضاً للنسيان والإهمال، فيذكرنا بها، ويحثنا على أن نأخذ منها بنصيب، فأنا لا أقول لك: لا تنس الشيء الفلاني إلا إذا كنت أعلم أنه عرضة للنسيان، وهذا جانب من جوانب الوسطية والاعتدال في الإسلام.
ويكفينا وصف هذه الحياة بالدنيا، فليس هناك وصف أقل من هذا الوصف، والمقابل لها يقتضي أن نقول: العليا وهي الآخرة، نعم نحن لا ننكر قدر الحياة الدنيا ولا نبخسها حقها، ففيها الحياة والحس والحركة، وفيها العمل الصالح والذكرى الطيبة .. الخ.
ولكنها مع ذلك إلى زوال وفناء، في حين أن الآخرة هي الحياة الحقيقية الدائمة الباقية التي لا يعتريها زوال، ولا يهددها موت، كما قال الحق سبحانه:

{وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون "64"}
(سورة العنكبوت)


أي: الحياة الحقيقية التي يجب أن نحرص عليها ونحبها. ومن ذلك قوله تعالى:

{يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم .. "24"}
(سورة الأنفال)


وقوله:

{على الآخرة .. "107"}
(سورة النحل)


لقائل أن يقول: إن الآية تتحدث عن غير المؤمنين بالآخرة، فكيف يقال عنهم:

{استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة .. "107"}
(سورة النحل)


نقول: من غير المؤمنين بالآخرة من قال الله فيهم:

{وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت "38"}
(سورة النحل)


وأيضاً منهم من قال:

{ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً "36"}
(سورة الكهف)


إذن: من هؤلاء من يؤمن بالآخرة، ولكنه يفضل عليها الدنيا. قوله تعالى:

{وإن الله لا يهدي القوم الكافرين "107"}
(سورة النحل)


أي: لا يهديهم هداية معونة وتوفيق. وسبق أن قلنا: إن الهداية نوعان: هداية دلالة، ويستوي فيها المؤمن والكافر، وهداية معونة خاصة بالمؤمن.
إذن: إذا نفيت الهداية، فالمراد هداية المعونة، فعدم هداية الله انصبت على الكافر لكونه كافراً، فكأن كفره سبق عدم هدايته، أو نقول: لكونه كافراً لم يهده الله.


 

قديم 16-10-2011, 06:57 PM   #544
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 108

(أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون "108")
طبع: أي ختم عليها، وإذا تأملت الختم وجدت المقصود منه أن الشيء الداخل يظل داخلاً لا يخرج، وأن الخارج يظل خارجاً لا يدخل.
وفرق بين ختم البشر وختم ربنا سبحانه، فقصارى ما نفعله أن نختم الأشياء المهمة كالرسائل السرية مثلاً، أو نريد إغلاق مكان ما نختم عليه بالشمع الأحمر لنتأكد من غلقه، ومع ذلك نجد من يحتال على هذا الختم ويستطيع فضه وربما أعاده كما كان.
أما إذا ختم الحق سبحانه وتعالى على شيء فلا يستطيع أحد التحايل عليه سبحانه. فالمراد ـ إذن ـ بقوله تعالى:

{طبع الله على قلوبهم .. "108"}
(سورة النحل)


أن ما فيها من الكفر لا يخرج منها، وما هو خارجها من الإيمان لا يدخل فيها؛ ذلك لأن القلب هو الوعاء الذي تصب فيه الحواس التي هي وسائل الإدراكات المعلومية، وأهمها السمع والبصر.
فالبسمع تسمع الوحي والتبليغ عن الله، وبالبصر ترى دلائل قدرة الله في كونه وعجيب صنعه مما يلفتك إلى قدرة الله، ويدعوك للإيمان به سبحانه، فإذا ما انحرفت هذه الحواس عما أراده الله منها، وبدل أن تمد القلب بدلائل الإيمان تعطلت وظيفتها.
فالسمع موجود كآلة تسمع ولكنها تسمع الفارغ من الكلام، فلا يوجد سمع اعتباري، وكذلك البصر موجود كآلة تبصر ما حرم الله فلا يوجد بصر اعتباري، فما الذي سيصل إلى القلب ـ إذن ـ من خلال هذه الحواس؟
فمادام القلب لا يسمع الهداية، ولا يرى دلائل قدرة الله في كونه فلن نجد فيه غير الكفر، فإذا أراد الإيمان قلنا له: لابد أن تخرج الكفر من قلبك أولاً، فلا يمكن أن يجتمع كفر وإيمان في قلب واحد؛ لذلك عندنا قانون موجود حتى في الماديات يسمونه (عدم التداخل) يمكن أن تشاهده حينما تملأ زجاجة فارغة بالماء، فترى أن الماء لا يدخل إلا بقدر ما يخرج من الهواء. فكذلك الحال في الأوعية المعنوية.
فإن أردت الإيمان ـ أيها الكافر ـ فأخرج أولاً ما في قلبك من الكفر؛ واجعله مجرداً من كل هوى، ثم ابحث بعقلك في أدلة الكفر وأدلة الإيمان، وما تصل إليه وتقتنع به أدخله في قلبك، لكن أن تبحث أدلة الإيمان وفي جوفك الكفر فهذا لا يصح، لابد من إخلاء القلب أولاً وتجعل الأمرين على السواء.
لذلك يقول الحق سبحانه:

{ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه "4"}
(سورة الأحزاب)


وفي الأثر: "لا يجتمع حب الدنيا وحب الله في قلب واحد". لأن الإنسان قلباً واحداً لا يجتمع فيه نقيضان، هكذا شاءت قدرة الله أن يكون القلب على هذه الصورة، فلا تجعله مزدحماً بالمظروف فيه.
كما أن طبع الله على قلوب الكفار فيه إشارة إلى أن الحق سبحانه وتعالى يعطي عبده مراده، حتى وإن كان مراده الكفر، وكأنه سبحانه يقول لهؤلاء: إن كنتم تريدون الكفر وتحبونه وتنشرح له صدوركم فسوف اطبع عليها، فلا يخرج منها الكفر ولا يدخلها الإيمان، بل وأزيدكم منه إن أحببتم، كما قال تعالى:

{في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً .. "10"}
(سورة البقرة)


فهنيئاً لكم بالكفر، واذهبوا غير مأسوف عليكم. وقوله:

{وأولئك هم الغافلون "108"}
(سورة النحل)


 

قديم 16-10-2011, 06:57 PM   #545
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 109

(لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون "109")
فقوله تعالى:

{لا جرم .. "109"}
(سورة النحل)


أي: حقاً ولابد، أولاً جريمة في أن يكون هؤلاء خاسرين في الآخرة، بما اقترفوه من موجبات الخسارة، وبما أتوا به من حيثيات ترتب عليها الحكم بخسارتهم في الآخرة، فقد حق لهم وثبت لهم ذلك. والمتتبع للآيات السابقة يجد فيها هذه الحيثيات، بداية من قولهم عن رسول الله:

{إنما أنت مفترٍ .. "101"}
(سورة النحل)


وقولهم:

{إنما يعلمه بشر .. "103"}
(سورة النحل)


وعدم إيمانهم بآيات الله، وكونهم كاذبين مفترين على الله، واطمئنانهم بالكفر، وانشراح صدورهم به، واستحبابهم الحياة الدنيا على الآخرة.
هذه كلها حيثيات وأسباب أوجبت لهم الخسران في الآخرة يوم تصفي الحسابات، وتنكشف الأرباح والخسائر، وكيف لا يكون عاقبته خسراناً من اقتراف كل هذه الجرائم؟!


 

قديم 16-10-2011, 06:58 PM   #546
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 110

(ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم "110")
قوله تعالى:

{فتنوا .. "110"}
(سورة النحل)


أي: ابتلوا وعذبوا عذاباً أليماً؛ لأنهم أسلموا. وقوله:

{إن ربك من بعدها لغفور رحيم "110"}
(سورة النحل)


من رحمة الله تعالى أن يفتح باب التوبة لعبادة الذين أسرفوا على أنفسهم، ومن رحمته أيضاً أن يقبل توبة من يتوب؛ لأنه لو لم يفتح الله باب التوبة للمذنب ليئس من رحمة الله، ولتحول ـ وإن أذنب ولو ذنباً واحداً ـ إلى مجرم يشقى به المجتمع، فلم ير أمامه بارقة أمل تدعوه إلى الصلاح، ولا دافعاً يدفعه إلى الإقلاع.
أما إذا رأى باب ربه مفتوحاً ليل نهار يقبل توبة التائب، ويغفر ذنب المسيء، كما جاء في الحديث الشريف: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها".
بل ويزيده ربنا سبحانه وتعالى من فضله إن احسن التوبة وندم على ما كان منه، بأن يبدل سيئاته حسناتٍ، كما قال سبحانه:

{إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "70"}
(سورة الفرقان)


لو رأى المذنب ذلك كان أدعى لإصلاحه، وأجدى في انتشاله من الوهدة التي تردى فيها. إذن: تشريع التوبة من الحق سبحانه رحمة، وقبولها من المذنب رحمة أخرى؛ لذلك قال سبحانه:

{ثم تاب عليهم ليتوبوا .. "118"}
(سورة التوبة)


أي: شرع لهم التوبة ودلهم عليها، ليتوبوا هم. فإن اغتر مغتر برحمة الله وفضله فقال: سأعمل سيئات كثيرة حتى يبدلها الله لي حسنات. نقول له: ومن يدريك لعله لا ينطبق عليك شروط الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وهل تضمن أن يمهلك الأجل إلى أن تتوب، وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة؟


 

قديم 17-10-2011, 08:17 PM   #547
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 110

(ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم "110")
قوله تعالى:

{فتنوا .. "110"}
(سورة النحل)


أي: ابتلوا وعذبوا عذاباً أليماً؛ لأنهم أسلموا. وقوله:

{إن ربك من بعدها لغفور رحيم "110"}
(سورة النحل)


من رحمة الله تعالى أن يفتح باب التوبة لعبادة الذين أسرفوا على أنفسهم، ومن رحمته أيضاً أن يقبل توبة من يتوب؛ لأنه لو لم يفتح الله باب التوبة للمذنب ليئس من رحمة الله، ولتحول ـ وإن أذنب ولو ذنباً واحداً ـ إلى مجرم يشقى به المجتمع، فلم ير أمامه بارقة أمل تدعوه إلى الصلاح، ولا دافعاً يدفعه إلى الإقلاع.
أما إذا رأى باب ربه مفتوحاً ليل نهار يقبل توبة التائب، ويغفر ذنب المسيء، كما جاء في الحديث الشريف: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها".
بل ويزيده ربنا سبحانه وتعالى من فضله إن احسن التوبة وندم على ما كان منه، بأن يبدل سيئاته حسناتٍ، كما قال سبحانه:

{إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما "70"}
(سورة الفرقان)


لو رأى المذنب ذلك كان أدعى لإصلاحه، وأجدى في انتشاله من الوهدة التي تردى فيها. إذن: تشريع التوبة من الحق سبحانه رحمة، وقبولها من المذنب رحمة أخرى؛ لذلك قال سبحانه:

{ثم تاب عليهم ليتوبوا .. "118"}
(سورة التوبة)


أي: شرع لهم التوبة ودلهم عليها، ليتوبوا هم. فإن اغتر مغتر برحمة الله وفضله فقال: سأعمل سيئات كثيرة حتى يبدلها الله لي حسنات. نقول له: ومن يدريك لعله لا ينطبق عليك شروط الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات، وهل تضمن أن يمهلك الأجل إلى أن تتوب، وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة؟


 

قديم 17-10-2011, 08:17 PM   #548
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 112

(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون "112")
الحق سبحانه وتعالى بعد أن تكلم عن الإيمان بالله والإيمان بصدق رسوله في البلاغ عنه، واستقبال منهج الله في الكتاب والسنة، وتكلم عن المقابل لذلك من الكفر واللجاج والعناد لله وللرسول وللمنهج. أراد سبحانه أن يعطينا واقعاً ملموساً في الحياة لكل ذلك، فضرب لنا هذا المثل.
ومعنى المثل: أن يتشابه أمران تشابهاً تاماً في ناحية معينة بحيث تستطيع أن تقول: هذا مثل هذا تماماً.
والهدف من ضرب الأمثال أن يوضح لك مجهولاً بمعلوم، فإذا كنت مثلاً لا تعرف شخصاً نتحدث عنه فيمكن أن نقول لك: هو مثل فلان ـ المعلوم لك ـ في الطول ومثل فلان في اللون .. الخ من الصور المعلومة لك، وبعد أن تجمع هذه الصور تكون صورة كاملة لهذا الشخص الذي لا تعرفه.
لذلك، فالشيء الذي لا مثيل له إياك أن تضرب له مثلاً، كما قال الحق سبحانه:

{فلا تضربوا لله الأمثال "74"}
(سورة النحل)


لأنه سبحانه لا مثيل له، ولا نظير له، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وهو سبحانه الذي يضرب المثل لنفسه، أما نحن فلا نضرب المثل إلا للكائنات المخلوقة له سبحانه. لذلك نجد في القرآن الكريم أمثالاً كثيرة توضح لنا المجهول بمعلوم لنا، وتوضح الأمر المعنوي بالأمر الحسي الملموس لنا.
ومن ذلك ما ضربه الله لنا مثلاً في الإنفاق في سبيل الله، وأن الله يضاعف النفقة، ويخلف على صاحبها أضعافاً مضاعفة، فانظر كيف صور لنا القرآن هذه المسألة:

{مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم "261"}
(سورة البقرة)


وهكذا أوضح لنا المثل الأمر الغيبي المجهول بالأمر المحس المشاهد الذي يعلمه الجميع، حتى استقر هذا المجهول في الذهن، بل أصبح أمراً متيقناً شاخصاً أمامنا.
والمتأمل في هذا المثل التوضيحي يجد أن الأمر الذي وضحه الحق سبحانه أقوى في العطاء من الأمر الذي أوضح به، فإن كانت هذه الأضعاف المضاعفة هي عطاء الأرض، وهي مخلوقة لله تعالى، فما بالك بعطاء الخالق سبحانه وتعالى؟
وكلمة (ضرب) مأخوذة من ضرب العملة، حيث كانت في الماضي من الذهب أو الفضة، ولخوف الغش فيها حيث كانوا يخلطون الذهب مثلاً بالنحاس، فكان النقاد أي: الخبراء في تمييز العملة يضربونها أي: يختمون عليها فتصير معتمدة موثوقاً بها، ونافذة وصالحة للتداول. كذلك إذا ضرب الله مثلاً لشيء مجهول بشيء معلوم استقر في الذهن واعتمد.
فقال تعالى في هذا المثل:

{وضرب الله مثلاً قريةً .. "112"}
(سورة النحل)


الهدف من ضرب هذا المثل أن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يوضح لنا أن الإنسان إذا أنعم الله عليه بشتى أنواع النعم فجحدها، ولم يشكره عليها، ولم يؤد حق الله فيها، واستعمل نعمة الله في معصيته فقد عرضها للزوال، وعرض نفسه لعاقبة وخيمة ونهاية سيئة، فقيد النعمة بشكرها وأداء حق الله فيها، لذلك قال الشاعر:
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بشكر الإله فإن الإله شديد النقم
ولكن، القرية التي ضربها الله لنا مثلاً هنا، هل هي قرية معينة أم المعنى على الإطلاق؟ قد يراد بالقرية قرية معينة كما قال البعض إنها مكة، أو غيرها من القرى، وعلى كل فتحديدها أمر لا فائدة منه، ولا يؤثر في الهدف من ضرب المثل بها.
والقرية: اسم للبلد التي يكون بها قرى لمن يمر بها، أي: بلد استقرار. وهي اسم للمكان فإذا حدث عنها يراد المكين فيها، كما في قوله تعالى:

{واسأل القرية التي كنا فيها .."82"}
(سورة يوسف)


فالمراد: اسأل أهل القرية؛ لأن القرية كمكان لا تسأل .. هكذا قال علماء التفسير، على اعتبار أن في الآية مجازاً مرسلاً علاقته المحلية. ولكن مع تقدم العلم الحديث يعطينا الحق تبارك وتعالى مدداً جديداً، كما قال سبحانه:

{سنريهم آيتانا في الآفاق وفي أنفسهم .. "53"}
(سورة فصلت)


والآن تطالعنا الاكتشافات بإمكانية التقاط صور وتسجيل أصوات السابقين، فمثلاً يمكنهم بعد انصرافنا من هذا المكان أن يسجلوا جلستنا هذه بالصوت والصورة.
ومعنى ذلك أن المكان يعي ويحتفظ لنا بالصور والأصوات منذ سنوات طويلة، وعلى هذا يمكن أن نقول: إن القرية يمكن أن تسأل، ويمكن أن تجيب، فلديها ذاكرة واعية تسجل وتحتفظ بما سجلته، بل وأكثر من ذلك يتطلعون لإعادة الصور والأصوات من بدء الخليقة على اعتبار أنها موجودة في الجو، مودعة فيه على شكل موجات لم تفقد ولم تضع.
وما أشبه هذه الموجات باندياح الماء إذا ألقيت فيه بحجر، سؤال القرية سيكون أبلغ من سؤال أهلها؛ لأن أهلها قد يكذبون، أما هي فلا تعرف الكذب. وبهذا الفهم للآية الكريمة يكون فيها إعجاز من إعجازات الأداء القرآني.


 

قديم 17-10-2011, 08:17 PM   #549
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 113

(ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون"113")
رأينا كيف كانت النعمة تامة على أهل مكة، وقد تمثلت هذه النعمة في كونها آمنة مطمئنة، وهذه نعمة مادية يحفظ الله بها القالب الإنساني، لكنه ما يزال في حاجة إلى ما يحفظ قيمه وأخلاقه.
وهذه هي نعمة النعم، وقد امتن الله عليهم بها حينما أرسل فيهم رسولاً منهم، فما فائدة النعم المادية في بلد مهزوزة القيم، منحلة الأخلاق، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقوم ما أعوج من سلوكهم، ويصلح ما فسد من قيمهم ومبادئهم. وقوله:

{منهم .. "113"}
(سورة النحل)


أي: من جنسهم، وليس غريباً عنهم، وليس من مطلق العرب، بل من قريش أفضل العرب وأوسطها. يقول تعالى:

{فكذبوه .. "113"}
(سورة النحل)


وكان المفترض فيهم أن يستقبلوه بما علموا عنه من صفات الخير والكمال، وبما اشتهر به بينهم من الصدق والأمانة، ولكنهم كما كفروا بالنعم المادية كفروا أيضاً بالنعم القيمية متمثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله:

{فأخذهم العذاب "113"}
(سورة النحل)


من الذي أخذهم؟
لم تقل الآية: أخذهم الله بالعذاب، بل: أخذهم العذاب، كأن العذاب نفسه يشتاق لهم، وينقض عليهم، ويسارع لأخذهم، ففي الآية تشخيص يوحي بشدة عذابهم. كما قال تعالى في آية أخرى:

{يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيدٍ "30"}
(سورة ق)



 

قديم 17-10-2011, 08:18 PM   #550
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 114

(فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون"114")
قلنا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما اشتد الحال بأهل مكة حتى أكلوا الجيف، كان يرسل إليهم ما يأكلونه من الحلال الطيب رحمة منه صلى الله عليه وسلم بهم فيقول:

{فكلوا مما رزقكم الله .. "114"}
(سورة النحل)


أي: أن هذا الرزق ليس من عندي، بل من عند الله.

{حلالاً طيباً .. "114"}
(سورة النحل)


ذلك لأنهم كانوا قبل ذلك لا يتورعون عن أكل ما حرم الله، ولا عن أكل الخبيث، فأراد أن ينبههم أن رزق الله لهم من الحلال الطيب الهنيء، فيبدلهم الحلال بدل الحرام، والطيب بدل الخبيث. وقوله تعالى:

{واشكروا نعمة الله .. "114"}
(سورة النحل)


وهنا إشارة تحذير لهم أن يقعوا فيما وقعوا فيه من قبل من جحود النعمة ونكرانها والكفر بها، فقد جربوا عاقبة ذلك، فنزع الله منهم الأمن، وألبسهم لباس الخوف، ونزع منهم الشبع ورغد العيش، وألبسهم لباس الجوع، فخذوا إذن عبرة مما سلف:

{إن كنتم إياه تعبدون "114"}
(سورة النحل)


 

قديم 17-10-2011, 08:18 PM   #551
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 115

(إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم"115")
الحق سبحانه وتعالى بعد أن قال:

{فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً .. "114"}
(سورة النحل)


أراد أن يكرر معنى من المعاني سبق ذكره في البقرة والمائدة فقال في البقرة:

{إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم "173"}
(سورة البقرة)


وقال تعالى في سورة المائدة:

{حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به .. "3"}
(سورة المائدة)


وهذه الأشياء كنتم تأكلونها وهي محرمة عليكم، والآن مادمنا ننقذكم، ونجعل لكم معونة إيمانية من رسول الله، فكلوا هذه الأشياء حلالاً طيباً. ولكن، لماذا كرر هذا المعنى هنا؟
التكرار هنا لأمرين:
الأول: أنه سبحانه لا يريد أن يعطيهم صورة عامة بالحكم، بل صورة مشخصة بالحالة؛ لأنهم كانوا جوعي يريدون ما يأكلونه، حتى وإن كانت الجيف، ولكن الإسلام يحرم الميتة، فأوضح لهم أنكم بعد ذلك ستأكلون الحلال الطيب.
ثانياً: أن النص يختلف، ففي البقرة:

{وما أهل به لغير الله .. "173"}
(سورة البقرة)


وهنا:

{وما أهل لغير الله به .. "115"}
(سورة النحل)


وليس هنا من قبيل التفنن في الأسلوب، بل المعنى مختلف تماماً؛ ذلك لأن الإهلال هو رفع الصوت عند الذبح، فكانوا يرفعون أصواتهم عند الذبح، ولكن والعياذ بالله يقولون: باسم اللات، أو باسم العزى، فيهلون بأسماء الشركاء الباطلين، ولا يذكرون اسم الله الوهاب.
فمرة يهلون به لغير الله، ومرة يهلون لغير الله به. كيف ذلك؟
قالوا: لأن الذبح كان على نوعين: مرة يذبحون للتقرب للأصنام، فيكون الأصل في الذبح أنه أهل لغير الله به. أي: للأصنام.
ومرة يذبحون ليأكلوا دون تقرب لأحد، فالأصل فيه أنه أهل به لغير الله. إذن: تكرار الآية لحكمة، وسبحان من هذا كلامه.
وقوله:

{فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ .. "115"}
(سورة النحل)


الاضطرار: ألا تجد ما تأكله، ولا ما يقيم حياتك.
والحق سبحانه وتعالى يعطينا هنا رخصة عندما تلجئنا الضرورة أن نأكل من هذه الأشياء المحرمة بقدر ما يحفظ الحياة ويسد الجوع، فمعنى (غير باغٍ) غير متجاوز للحد، فلو اضطررت وعندك ميتة وعندك طعام حلال، فلا يصح أن تأكل الميتة في وجود الحلال.

{ولا عادٍ .. "115"}
(سورة النحل)


أي: ولا معتد على القدر المرخص به، وهو ما يمسك الحياة ويسد جوعك فقط، دون شبع منها. ويقول تعالى:

{فإن الله غفور رحيم "115"}
(سورة النحل)


وفي البقرة:

{فلا إثم عليه .. "173"}
(سورة البقرة)


 

قديم 17-10-2011, 08:18 PM   #552
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 116

(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون "116")
معنى (تصف ألسنتكم الكذب): تظهره على أوضح وجوهه، فليس كلامهم كذباً فقط، بل يصفه، فمن لا يعرف الكذب فليعرفه من كلام هؤلاء. والمراد بالكذب هنا قولهم:

{هذا حلال وهذا حرام .. "116"}
(سورة النحل)


فهذا كذب وافتراء على الله سبحانه؛ لأنه وحده صاحب التحليل والتحريم، فإياك أن تحلل شيئاً من عند نفسك، أو تحرم شيئاً حسب هواك؛ لأن هذا افتراء على الله:

{لتفتروا على الله الكذب .. "116"}
(سورة النحل)


وقوله تعالى:

{إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون "116"}
(سورة النحل)


 

قديم 17-10-2011, 08:19 PM   #553
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 117

(متاع قليل ولهم عذاب أليم "117")
أي: ما أخذتموه بكذبكم وافترائكم على الله متاع قليل زائل، سيحرمكم من المتاع الكثير الباقي الذي قال الله عنه:

{ما عندكم ينفد وما عند الله باقٍ "96"}
(سورة النحل)


ليس هذا فقط بل:

{ولهم عذاب أليم "117"}
(سورة النحل)


 

قديم 17-10-2011, 08:19 PM   #554
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 118

(وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"118")
بعد أن تكلمت الآيات فيما أحل الله وفيما حرم، وبينت أن التحليل أو التحريم لله تعالى، جاءت لنا بصورة من التحريم، لا لأن الشيء ذاته محرم، بل هو محرم تحريم عقوبة، كالذي مثلنا له سابقاً بحرمان الطفل من الحلوى عقاباً له على سوء فعله.
والذين هادوا هم: اليهود عاقبهم الله بتحريم هذه الأشياء، مع أنها حلال في ذاتها، وهذا تحريم خاص بهم كعقوبة لهم. وقوله تعالى:

{ما قصصنا عليك من قبل .. "118"}
(سورة النحل)


المراد ما ذكر في سورة الأنعام من قوله تعالى:

{وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون "146"}
(سورة الأنعام)


كل ذي ظفر: الحيوان ليس منفرج الأصابع، والحوايا: هي المصارين والأمعاء، ونرى أن كل هذه الأشياء المذكورة في الآية حلال في ذاتها، ومحللة لغير اليهود، ولكن الله حرمها عليهم عقوبة لهم على ظلمهم وبغيهم، كما قال تعالى:

{فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا "160" وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل "161"}
(سورة النساء)


أي: بسبب ظلمهم حرمنا عليهم هذه الطيبات.
ذلك لأن من أخذ حكماً افتراءً على الله فحرم ما أحل الله. أو حلل ما حرم الله لابد أن يعاقب بمثله فيحرم عليه ما أحل لغيره، وقد وقع الظلم من اليهود لأنهم اجترأوا على حدود الله وتعاليمه، وأول الظلم وقمته الشرك بالله تعالى:

{إن الشرك لظلم عظيم "13"}
(سورة لقمان)


والظلم نقل الحق من صاحبه إلى غيره.
ومن ظلمهم: ما قالوه لموسى ـ عليه السلام ـ بعد أن عبر بهم البحر، ومروا على قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا: يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة. قال تعالى:

{وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة "138"}
(سورة الأعراف)


ومن ظلمهم: أنهم عبدوا العجل من دون الله. ومن ظلمهم لموسى ـ عليه السلام ـ: أنهم لم يؤمنوا به. كما قال تعالى:

{فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم "83"}
(سورة يونس)


ومن ظلمهم:

{وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل .. "161"}
(سورة النساء)


إذن: بسبب ظلمهم وأخذهم غير حقهم حرم الله عليهم أشياء كانت حلالاً لهم؛ قال تعالى:

{وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "118"}
(سورة النحل)


 

قديم 17-10-2011, 08:20 PM   #555
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


تفسير سورة النحل - الآية: 119

(ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم"119")
الحق سبحانه وتعالى يعطي عبده فرصة، ويفتح له باب التوبة والرجاء، فمن رحمته سبحانه بعباده أن شرع لهم التوبة من الذنوب، ومن رحمته أيضاً أن يقبلها منهم فيتوب عليهم. ولو أغلق باب التوبة لتحول المذنب ـ ولو لمرة واحدة ـ إلى مجرم يعربد في المجتمع، ويفتح باب التوبة يقي الله المجتمع من هذه العربدة.

ويبين الرسول صلى الله عليه وسلم مكانة التوبة فيقول: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. أخطأ من شدة الفرح">

وقوله تعالى في بداية الآية: (ثم) تدل على كثرة ما تقدم من ذنوب، ومع ذلك غفرها الله لهم ليبين لك البون الشاسع بين رحمة الله وإصرار العصاة على الكفران بالله، وعلى المعصية.
وقوله تعالى: (بجالهة) أي: بطيش وحمق وسفه، وجميعها داخلة في الجهل بمعنى أن تعتقد شيئاً وهو غير واقع، فالجهل هنا ليس المراد منه عدم العلم، إنما الجاهل من كانت لديه قضية مخالفة للواقع وهو متمسك بها، والمراد أن ينظر إلى خير عاجل في نظره، ويترك خيراً آجلاً في نظر الشرع.
وقد ورد هذا المعنى في قول الحق سبحانه:

{إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب .. "17"}
(سورة النساء)


بجهالة: يعني في لحظة سفه وطيش، فالعاصي يعلم الحكم تماماً ولكنه في غفلة عنه، وعدم تبصر بالعواقب، ولو فكر في عاقبة أمره ما تجرأ على المعصية.
لذلك نقول: إن صاحب المعصية لا يقدم عليها إلا في غيبة العقل.

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن">

ولو استحضر قسوة الجزاء لما أقدم على معصيته، ولكن سفهه وطيش يغلف الجزاء ويستره عنه ويزين له ما ينتظره من لذة ومتعة عاجلة.
وهب أن شخصاً ألحت عليه غريزة الجنس، وهي أشرس الغرائز في الإنسان، ففكر في الفاحشة والعياذ بالله، وقبل أن يقع في هذه الوهدة السحيقة أخذناه إلى موقد النار، وذكرناه بما غفل عنه من جزاء وعقوبة هذه الجريمة.
بالله عليك، ماذا تراه يفعل؟ هل يصر على جريمته؟ لا، لأنه كان ذاهلاً غافلاً، وبمجرد أن تذكره يرجع. إذن: طيشه وسفهه صرفه عن التفكر في العاقبة وأذهله عن رد الفعل، وجعله ينظر إلى الأمور نظرة سطحية متعجلة.
وقوله:

{ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا .. "119"}
(سورة النحل)


والتوبة هنا هي التوبة النصوح الصادقة، التي ينوي صاحبها الإقلاع عنها وعدم العود إليها مرة أخرى، ويعزم على ذلك حال توبته، فإذا فعل ذلك قبل الله منه وتاب عليه.
ولا يمنع ذلك أن يعود للذنب مرة أخرى إذا ضعفت نفسه عن المقاومة، فإن عاد عاد إلى التوبة من جديد، لأن الله سبحانه من أسمائه (التواب) أي: كثير التوبة، فلم يقل: تائب بل تواب، فلا تنقطع التوبة في حق العبد مهما أذنب، وعليه أن يحدث لكل ذنبٍ توبة.
بل وأكثر من ذلك، إذا تاب العبد وأحسن التوبة، وأتى بالأعمال الصالحة بدلاً من السيئة، من الله عليه بأن يبدل سيئاته حسنات، وهذه معاملة رب كريم غفور رحيم.
وقوله سبحانه:

{إن ربك من بعدها لغفور رحيم "119"}
(سورة النحل)


فيه إشارة لحرص النبي صلى الله عليه وسلم علينا، وأنه يسره أن يغفر الله لنا. (إن ربك) يا محمد غفور رحيم، فكأنه سبحانه يمتن على نبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيغفر للمذنبين من أمته. ثم يقول الحق سبحانه واصفاً نبيه إبراهيم عليه السلام:


 

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:45 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا