|
|
||||||||||
ملتقى المقالات النفسية والأبحاث المقالات وخلاصة الكتب النفسية والإجتماعية |
|
أدوات الموضوع |
02-02-2011, 10:21 PM | #1 | |||
عـضو أسـاسـي
|
السكينة تجربة..!
السكينة تجربة..! د.سلمان العودة.. ربما يتظاهر المرء بالهدوء وفي أعماقه براكين من الانفعالات والغضب الذي يوشك أن ينفجر ! حين يتعرض الإنسان لشيء من الإثارة ثم يحافظ على هدوئه فهو يتصف بالسيطرة على النفس " يملك نفسه عند الغضب " . أن يكون تعبيره عن انفعالاته ومشاعره متوازناً معتدلاً ، في حالة الرضا والغضب ، والحب والبغض ، والعداوة والصداقة هنا يكون محموداً على لسان النبيين " كلمة الحق في الغضب والرضا " . الهدوء الروحاني ليس استعلاء على الآخرين ولا فوقية ، ولا استئثاراً بالخلق الأسمى ، وإنما هو سلوك يستلهم منه الآخرون مواقفهم ، ويشجعهم على الاستجابة . هدوء الكلمة واللغة ، وهدوء القلب ، وهدوء الملامح والقسمات والجسد . ليست الصلاة وحدها ولا الصيام أو الحج ، بل الحياة كلها هي " معبد " يربي المسلم على الانضباط حتى مع النفس ، وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ فُلاَنَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا ، وَصِيَامِهَا ، وَصَدَقَتِهَا ، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ :" هِيَ فِي النَّارِ " !رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد الانضباط مع النفس يعني ألا يستجيب المرء لمقتضى الموقف بعفوية متسرعة دون أن يطور أداءه مع الوقت ويستفيد من تجاربه وتجارب الآخرين . من السنة أن تمر بالمرء حالات اندفاع وحالات ضعف « فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَةٌ وَلِكُلِّ شِرَةٍ فَتْرَةٌ .. » . حتى الثورات هي اندفاع يتحول إلى تكوين حياتي ، ويصبح نظاماً ودولة وسياسة ، وبطبيعة الحال سيشعر بشيء من الحرج مع شعارات ومواعدات ومبادئ تم الاتكاء عليها أول الأمر . وقد يشعر بالحرج من أتباع أرادوا من هذا التكوين الحياتي أكثر مما يجب وأكثر مما يمكن .. الحب نفسه قد يبدأ ثورة ثم يتعقلن إذا تم الزواج ، وقد يضعف أو يتراجع أو يموت إذا لم يكن مبنياً على أساس صحيح , أو إذا أصبح أنانية واستحواذاً ومطاليب. الهدوء يكمن في جزء من الثانية ما بين المثير الذي صنع الاستفزاز وما بين الاستجابة وردة الفعل ، ويا لحكمة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- حين قال : « الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى ». كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه. حين تتعامل مع أي استفزاز على أنه " كاميرة خفية " وضعت لتسجل نوع استجابتك ثم تعرضها عليك وعلى الجمهور ، هنا ستكون أكثر إحكاماً للنفس وسيطرة عليها ، ومعنى هذا أن أي إنسان يدري أن السكينة والسيطرة على النفس هي فضيلة إنسانية ونبل كبير ، وأن الطيش والانفعال السريع غير المدروس مثلبة ونقص . حين يمر المرء بتجارب الحياة سيدرك أن من السهل أن يقول ومن الصعب أن يعمل ويمتثل .. سيكون مدافعاً بحرارة عن موقف انفعالي مر به ، لأنه لا يجدر به أن يستسلم أو يفوّت الأمر ! والقصة ببساطة أنه قد غسل يده من المحاولة وقرر أن يسوغ الطبع الذي هو عليه . الذين حصلوا على قدر من الهدوء لم يدركوه خلال فترة يسيرة ، ولكن عبر تراكم ممتد من المحاولات والفشل والخجل والتردد والإحباط ، ومع كل المعوقات قرروا ألا تسقط الراية من أيديهم ، وأن يكرروا المحاولة تلو الأخرى متدرعين بقول الحق -عز وجل- : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69) ، وألجموا أنفسهم عن البغي والعدوان والظلم متذكرين وصمة النفاق لمن " إِذَا خَاصَمَ فَجَرَ " . فهنا مواطن التقوى الصادقة ، وامتحان النفوس ، وحين عبر الله تعالى بقوله : (أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى) (الحجرات: من الآية3) ، كان ذلك في سورة الحجرات التي اشتملت على النهي عن رفع الأصوات فوق صوت النبي ، والنهي عن ترديد الشائعات ، وعن الوقوع في الأعراض ، وعن التعيير والتحقير ، وعن السخرية ، وعن سوء الظن ، وعن الاختلاف والتقاتل ، وعن العنصرية والانتساب .. وختمت بالآية الكريمة : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا) (الحجرات: من الآية14) ، فالإيمان الحق هو ممارسة أخلاقية على أعلى المستويات ، وانضباط في الحقوق والعلاقات . النظرة الإيجابية للأشياء والحوادث من منطلق الإيمان بحكمة الخالق الذي لا يقع شيء إلا بإذنه يعطي بعداً لقراءة النتائج البعيدة وحسن الظن بالله ، والهدوء في معالجة المواقف الغامضة والجديدة مع كمال الحرص على الإفادة من الفرص واقتناصها وحسن توظيفها ، وتوقع الأفضل كما قيل : فقت لقلبي .. إن نزا بك نزوةً... من الهمِّ؛ أقْصِرْ، أكثرُ الهول باطله استفراغ الطاقة في العمل الإيجابي النافع ليس نقيضاً للهدوء ، هو الوجه الآخر للهدوء ، فالمنجزون عادة لا تستفزهم الحوادث بسرعة ، لأنهم يراهنون على إنجاز تراكمي طويل ، وليس على مفاجآت أو صدف . حين يقولون إن القائد الهادئ هو الذي يتعامل مع الفجائع والنكبات على أنها أشياء عادية ، فهذا لا يعني أنه غير مبالٍ ، كلا ، وإنما هو يحتفظ بقدر كافٍ من الهدوء يمكنه من التفكير والبحث واختيار الحلول بعيداً عن أن يقع في أحبولة الخصم . وحين نتحدث عن الهدوء .. فليس معناه أن نلغي الطبيعة الشخصية ، ولا نطمس العنوانات الأخرى والمواقف المناقضة . كل ما هنالك أن يقال : أضف إلى العناوين الجميلة الموجودة لديك عنواناً اسمه " السكينة " ، تحاول استحضاره كلما ألمت بك مشكلة أو دهمتك نازلة ، أو واجهت موقفاً مستفزاً أو مثيراً ، تذكر فوراً أن هذا الموقف " مصمم " خصيصاً لاختبار صبرك وقدرتك على الانضباط, نعم إنه "القدر المقدور" . من المؤكد أن الطبع يغلب التطبع ، فإذا كان طبعك يساعد على الهدوء فأنت جبلت على ما يحبه الله ورسوله كما في حديث عبد القيس ، على أنه إن كانت الأخرى فإنما العلم بالتعلّم ، والحلم بالتحلّم ، والصبر بالتصبّر ..كما قال أبو الدرداء. لقد حدث لي أن تجرعت مرارات من الأذى كنت أظن أنني لا أحتاجها ، ثم تبين لي بعد سنين ؛ أنها أسهمت في صناعة ذاتي وإحكام تجربتي وتعويدي على قدر من الاحتمال والتجاوز والعفو وقهر الذات على عدم مقابلة ذلك بغير الرضا والهدوء والسكينة ، وقدرت بفضله تعالى على أن أعيش حياتي سعيداً مطمئناً هانئاً ، لقد أدركت أن السهام الموجهة لا تضر المرء إذا لم تضره نفسه ، بل تساعده على أن يكون أقوى وأرسخ ، ثم يتدرج إلى أن يتعود عليها فتبدو شيئاً من برنامج الحياة ذاتها وسنة الوجود ، ثم يرتقي إلى أن يستطيع أن يقتبس حتى الملحوظات الصغيرة أو يشرب قطرة من الماء العذب يستخلصها من ملح أجاج . فشكراً لك يا رب وحمداً على نعمائك وحسن تأديبك ، وزدنا من فضلك ثواب الشاكرين . المصدر: نفساني
|
|||
|
02-02-2011, 11:06 PM | #2 |
نائب المشرف العام سابقا
|
العزيزة ريمة
اشكرك على طرح هذا الموضوع من اصعب المهمات على الانسان مجاهدة النفس وضبط الاعصاب والتحكم بردة الفعل الهدوء والسكينة راحة للنفس وقوة في الشخصية ورجاحة في العقل دمتي بخير .... |
|
03-02-2011, 12:53 AM | #3 |
عـضو أسـاسـي
|
اهلا بك بسمة..
نعم أختي بسمة في الحقيقة هذه مهمة صعبة كما أشرتِ ولكن بطبيعة الحال ليست مستحيلة.. وفي المقطع الأخير الذي لخص فيه الدكتور تجربته .. ثم ختم تلك التجربة بحمد الله على تلك النعمة التي وهبها إياه.. يظهر ذاك جلياً.. وعندما نقرأ سيرة هذا الدكتور الفاضل ندرك حجم ما مر به من تجارب .. كان لها دور في تلك الشخصية الهادئة الحكيمة والمؤثرة.. والتي تظهر جلية في لقاءاته كما تظهر واضحة في كتاباته.. ولكن هنا ينبغي أن نقف مع أنفسنا وقفة جادة في طريقة تعاملنا مع ، ونظرتنا إلى، تجارب الحياة .. دمت بكل خير يا غااالية... |
|
03-02-2011, 08:14 AM | #4 |
عضومجلس إدارة في نفساني
حـلم واقعـــــى
|
جـزآك الرحـمن الـغــفرآن
وأجـزل لكِ الـعــطآء وأسبغ عــليكِ رضوآنآ يبلـغـكِ أعـآلي الجــنآن وأبـعـدكِ عـن جهنم و النيرآن لكِ وآفر الشكر.. |
|
03-02-2011, 05:27 PM | #6 |
مراقب عام
|
فالإيمان الحق هو ممارسة أخلاقية على أعلى المستويات ، وانضباط في الحقوق والعلاقات .
موضوع في غايه الروعه بارك الله فيك وجزاك الله خيرا اختي الكريمة وبارك فيك على انتقائك الرائع |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|