المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

السلام

كل عام وانتم بخير عاتبه لعدم علمي بالمنتدى لاكن ما اريده فزعه عن جد مقالات نفسيه الان ان امكن مساعدتي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07-11-2006, 01:18 AM   #1
مفتاحة
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية مفتاحة
مفتاحة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9633
 تاريخ التسجيل :  09 2005
 أخر زيارة : 21-06-2024 (11:18 PM)
 المشاركات : 3,640 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
السلام



كل عام وانتم بخير عاتبه لعدم علمي بالمنتدى لاكن ما اريده فزعه عن جد مقالات نفسيه الان ان امكن مساعدتي
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 01:40 AM   #2
همسة ليل
عضو نشط


الصورة الرمزية همسة ليل
همسة ليل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 18847
 تاريخ التسجيل :  11 2006
 أخر زيارة : 14-01-2007 (03:46 AM)
 المشاركات : 157 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ما فهمت بالضبط ماذا تريدين أختي مفتاحة

ممكن توضحين أكثر


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 01:57 AM   #3
ام عبدالله الاحسائيه
عضو شرف \عضو نادي المتفائلين


الصورة الرمزية ام عبدالله الاحسائيه
ام عبدالله الاحسائيه غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12433
 تاريخ التسجيل :  01 2006
 أخر زيارة : 24-06-2009 (06:38 PM)
 المشاركات : 2,708 [ + ]
 التقييم :  23
لوني المفضل : Cadetblue


اهلا بعودتك اختي مفتاحه ،،،،،،،،


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 02:48 AM   #4
مفتاحة
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية مفتاحة
مفتاحة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9633
 تاريخ التسجيل :  09 2005
 أخر زيارة : 21-06-2024 (11:18 PM)
 المشاركات : 3,640 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


اهلا ام عبود كيفك انشاء الله بخير بصراحه غيابي الفتره هذه لما انقطع المنتدى لم اعرف السبيل له يضهر انه مقطوع فتفاجئت من الرابط لاكن كان هو وسيله لربطي بكم ثانيه لاكن امتحاناتي تمنعني من التواجد فيادوب اكل وانام حتى اتواجد ادعو لي بالفرج وحين اتخرج ساكون متطوعه لهذا الموقع انشاء لله لفضله علينا اشكر القائمين عليه وصاحبه لانشائه لمثل هذه المواقع المفيده والقيمه ونتمنى رجوع اخصائين الموقع لانهم من ينورونه بنورهم وكذالك المتواجدين منهم جزاهم الله خيرا نفساني من افضل المواقع واجودها لولا المشاكل التي اراها بين الحين والحين يذكروني بايام الطفوله والله انكم مضحكين كانكم اطفال كافي مضاربداحس حرب داحس والغبرا بنحطكم بالتاريخ بدالهم من كثر الحرب بالموقع واسلم على النوري ومنسيه والمتوكله وكسره والجميع تمنياتي بالتوفيق اقول ذاكروا بدل المنتدى طول اليوم والمذاكره بالهوى الله يصلحكم بس اختكم فتوحه




ا قصد مقالات نفسيه عن الطفل او اي شي استفيد منه عن علم النفس


 
التعديل الأخير تم بواسطة الحوراني ; 08-11-2006 الساعة 05:40 AM

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:17 PM   #5
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


السلوك السوي والمضطرب عند الأطفال
تحديده،أسبابه وعلاجه




الدكتور سامر جميل رضوان


تشكل عملية تحديد السلوك السوي والمضطرب حجر الأساس لجميع المهن المتعلقة بالصحة النفسية. غير أن هذا التحديد بحد ذاته ليس بالأمر السهل.

وقبل أن يطلب منا البحث عن السبب المؤدي إلى حدوث الاضطراب أو المشكلة علينا أن نكون قد قمنا بتحديد الاختلال أو الاضطراب الذي نحن بصدده مهما كان بسيطاً. وقبل أن نبحث عن معنى مصطلحات مثل السلوك السوي أو السلوك الشاذ لا بد وأن يكون لدينا تصوراً عما نقصده بالسواء أو العادية أو عدم السواء.

والسلوك_ أي سلوك- يمكن فهمه من وجهة نظر علم النفس على أنه استجابة لمنبه ما سبب هذا السلوك. ولكن إذا أردنا أن نحكم على طبيعة هذا السلوك، أي فيما إذا كان هذا السلوك سوياً أو مضطرباً، فإننا هنا نحتاج إلى معيار أو مقياس لنحكم وفقه على هذا السلوك. ونحن عندما نطلق على سلوك ما صفة السلوك السوي أو العادي أو غير السوي فإنه لابد لنا من الاستناد إلى معيار معين نقيس وفقه هذا السلوك ونطلق حكمنا بناء عليه. ونحن في حياتنا اليومية، وعندما نحكم على سلوك أي شخص نستخدم معايير مختلفة، منها ما هو معيار شخصي نابع عن قياس تصرفات الآخرين وفق ما نراه نحن لأنفسنا بأنه سوي أو غير سوي، ومنها ما هو معيار اجتماعي، نستمده من تربيتنا وعاداتنا وقيمنا. ويستخدم علماء النفس معايير أخرى كذلك، تقوم على أسس علمية مستخدمين في ذلك التشخيص القائم على الاختبارات النفسية.

وإذا ما انتقلنا إلى سلوك الأطفال فإن الحكم على السلوك السوي أو المضطرب للطفل يزداد تعقيداً بسبب الطبيعة الخاصة لسلوك الأطفال المتعلقة بمراحل النمو، حيث قد تبدو بعض السلوكات في مرحلة ما طبيعية وتصبح في مرحلة أخرى غير ذلك، وللتشابه الكبير أحياناً بين أنماط السلوك غير السوية وبين أنماط السلوك التي تعد نتيجة للمرحلة العمرية (كسلوك اللعب العنيف عند الأطفال الذكور).

كما وأن الوظيفة التي يؤديها السلوك عند الأطفال تختلف عن الوظيفة التي يؤديها السلوك عند الكبار. وهذا الأمر ينبغي لنا فهمه من أجل التمكن من كسر الحلقة المفرغة التي قد يقع فيها المربون في هذا المجال. فالأطفال من خلال سلوكهم الملفت للنظر يسعون إلى تحقيق وظيفة من وراء هذا السلوك إلا وهي لفت انتباه الكبار، أي أنهم يبحثون عن اهتمام الكبار بهم، وعادة ما لا يهتم الكبار بالأطفال إذا كان سلوكهم عادياً، ولكن عندما يقومون بسلوك ملفت للنظر وأظهروا اضطراباتهم فإنهم يكونون متأكدين من أن الكبار سوف يلتفتون إليهم. وعندما يهتم الآخرون بالأطفال نتيجة هذا السلوك الملفت للنظر فإنهم بهذا يعززون الحلقة المفرغة بصورة ا إرادية، ويصبح الطفل مبرمجاً وفق ((يكفي في المرة القادمة أن أضرب هذا الطفل حتى أصبح مركز اهتمام الآخرين))، حتى وإن كانت العاقبة أحياناً عقاب الطفل من الأهل. فهذا لا يهم المهم لفت النظر. والحل هنا طبعاً يتمثل في إبداء الاهتمام والرعاية بالطفل حتى عندما لا يكون سلوكه ملفتاً للنظر وتعزيز إنجازاته البسيطة دائماً.

ويحتاج الأهل والمربون في تعاملهم اليومي مع الأطفال إلى معايير تساعدهم في الحكم على سلوك الأطفال، من أجل تحديد فيما إذا كان هذا السلوك طبيعياً أم لا وبالتالي من أجل تحديد فيما إذا كان هذا الطفل أو ذاك بحاجة إلى الإرشاد والرعاية، وبالتالي إما مساعدته أو تحويله إلى هيئات متخصصة إذا ما دعت الضرورة لذلك.

وبشكل عام يمكننا أن نعتمد على المعايير التالية المترابطة مع بعضها بشكل وثيق في الحكم على السلوك، معتمدين في ذلك على الملاحظة والمقارنة:



1- السن:

قد يبدو سلوك طفل ما في مرحلة من مراحل السن غير سوي ولكن إذا ما ظهر في مرحلة أخرى فقد يبدو سوياً. فحين يبكي طفل في عمر الثالثة بسبب عدم حصوله على قطعة حلوى فإننا نعتبر ذلك طبيعياً، أما حين يصدر السلوك نفسه عن طفل في سن الخامسة عشرة فإننا نعتبر ذلك غير سوي. وحين يخاف الطفل الذي يلتحق بالروضة لأول مرة ويبكي أو يحاول الهرب أو يلتصق بأمه ولا يتركها ..الخ، فإننا نعد ذلك سوياً أما إذا ما صدر هذا السلوك عن طفل في المرحلة الإعدادية مثلاً فإننا نعد هذا السلوك غير سوي.

2- الموقف الذي يظهر فيه السلوك

يعتبر الموقف أو الإطار الذي يظهر فيه السلوك محدداً هاماً من محددات السلوك السوي أو غير السوي. فالسلوك الذي قد يبدو لنا مستهجناً قد لا يصبح كذلك إذا ما حللنا الموقف الذي ظهر فيه هذا السلوك وقد نعتبره ردة فعل عادية على الموقف الذي وجد الشخص فيه. فعندما يرفض طفل في العاشرة من عمره مثلاً إعطاء قطعة حلوى لطفل آخر فقد يبدو هذا السلوك أنانياً للوهلة الأولى ولكن إذا ما حللنا الموقف وأدركنا لماذا يرفض الطفل ذلك فقد يصبح سلوكه عادياً بالنسبة لنا. فقد يكون رفض الطفل نابعاً من كون زميله يملك قطعة أخرى، أو أن الطفل جائع أو أن رفضه نابع من كون الطفل الآخر قد رفض مرة إعطاء الطفل شيئاً ما مثلاً. وقد يكون عدوان طفل على طفل آخر نتيجة أو ردة فعل على إثارة الثاني للأول بشكل مباشر أو غير مباشر.

إذاً فما يبدو في لحظة معينة سلوكاً مضطرباً قد يبدو في لحظة أخرى سلوكاً سوياً





3- التكرار

المعيار الثالث والمهم الذي يمكننا من خلاله الحكم على سلوك ما بأنه سوي أو مضطرب هو مدى تكرار سلوك ما. فالسلوك الذي يظهر لمرة واحدة فقط أو لمرات قليلة متباعدة لا يمكن اعتباره غير سوي اللهم إلا إذا كان هذا السلوك يلحق الأذى الشديد بالآخرين. فعندما يكذب الطفل مرة لينقذ نفسه من حرج معين مثلاً مرة واحدة لا يجيز لنا إطلاق صفة الطفل الكاذب عليه بعد. أو مسألة التدخل ولكن إذا تكرر هذا السلوك في أكثر من موقف وفي مناسبات مختلفة فإنه يمكننا الحكم هنا على هذا السلوك بأنه غير سوي.

وتعد مسألة تكرار السلوك مسألة مهمة في الحكم على السلوك بالإضافة إلى معيار الموقف والسن.

4- القيم والمعايير



الأطفال أنفسهم لا يطلقون على سلوكهم أو سلوك بعضهم بأنه سوي أو مضطرب، وإنما هم الكبار من يطلق ذلك. ومن هنا يوجد تفاوت كبير في أحكام الكبار نتيجة اختلاف رؤيتهم للسلوك واختلاف معايير قيمهم الخاص بهم. فقد ينظر شخص ما لسلوك طفله العدواني تجاه شخص آخر على أنه شاذ وغريب، في حين ينظر شخص إلى السلوك نفسه على أنه سوي وطبيعي. ونحن نلاحظ مثلاً أن كثير من الأهل يضحكون ويفرحون لأن ابنتهم تصرخ وتعض وتسيطر على الأطفال الآخرين في حين أن بعضهم الآخر ينزعج من هذا السلوك. فموقف الكبار من هذا السلوك يعد إلى جانب المعايير السابقة محدداً هاماً من محددات الحكم على السلوك السوي والمضطرب.

5- الاستغراب

المقصود بالاستغراب هنا أن يكون السلوك ملفتاً للنظر. وأي سلوك ملفت للنظر يمكن اعتباره مضطرباً. وهنا لا يوجد فرق إذا كان السلوك ((مزعجاً)) أو ((لطيفاً)، إذ يمكن لطفل هادئ ((سهل العناية)) أن يكون مضطرباً سلوكياً تماماً مثل الطفل الصاخب فخلف الهدوء الشديد قد يكمن حزن عميق أو حتى اكتئاب.





ما هي أسباب اضطرابات السلوك عند الأطفال؟

تتنوع الأسباب الكامنة خلف اضطرابات سلوك الأطفال بدءاً من مشاعر الغيرة والإحساس بالإهمال إلى مشاعر فقدان الأمن. ويمكن إجمال الأسباب الممكنة الكامنة خلف اضطرابات السلوك عند الأطفال في النقاط التالية:

- الغيرة من ولادة أخ جديد في الأسرة

- فقدان الإحساس بالأمن بسبب تبديل المدرسة أو السكن، أو انفصال الوالدين أو غياب أحدهما بسبب السفر..الخ

- نقص اهتمام الأهل بالطفل وعدم الاعتراف بالطفل أو بإنجازاته. فالطفل يحتاج دائماً إلى الحصول على اعتراف الأهل به من خلال ما ينجزه من أعمال حتى وإن كانت من وجهة نظرنا نحن الكبار غير كاملة، وعلينا عدم التقليل من أهمية ما ينجزه من أعمال أو التبخيس بها.

- الحث الزائد عن اللزوم للطفل من أجل الإنجاز من قبل الأهل . وغالباً ما تكمن عوامل لا شعورية خلف ذلك من الأب أو الأم عندما يرغبان بأن يحقق لهما ابنهما ما عجزا هما عن تحقيقه.

ما الذي يمكن فعله لمعالجة المشكلات السلوكية عند الأطفال
نعرف من خلال قوانين التعلم أن السلوك الذي يتم تجاهله وعدم تقويته أو تعزيزه ينطفئ بينما السلوك الذي يحظى بالتشجيع والدعم يميل للاستمرار. وهنا ليس من الضروري أن يعزز السلوك بالثواب حتى يستمر بل أن العقاب أيضاً يقود إلى تعزيز السلوك السلبي حتى وإن كانت النتيجة بالنسبة للطفل العقاب الجسدي. فالمهم هنا بالنسبة للطفل هو تحقيق الغاية من سلوكه بلفت نظر الراشدين إليه. فإذا كان السلوك مستغرباً ونادراً –كأن يستخدم الطفل كلمات نابية أو أن يصرخ ويبكي من أجل تحقيق غاية معينة كالحصول على قطعة حلوى مثلاً يكفي أن نتجاهل هذا التصرف، وكأننا لم نسمعه أو نلاحظه، ولا نلتفت للطفل أبداً. وهنا سوف يدرك الطفل بأن ما قام به من سلوك لا يحظى باهتمام الكبار، ولا بالاهتمام الإيجابي، أي بالرضوخ لمطالبه، ولا بالاهتمام السلبي، أي بضرب الطفل أو تأنيبه أو ما شابه. وبالتالي سوف لن يعود الطفل إلى مثل هذا السلوك لأن سلوكه هذا لم يحقق له النتيجة التي يرغبها. ولكن في حال ألحق الطفل الأذى بنفسه أو بالآخرين (كالعدوانية أو السرقة أو الكذب من أجل إلحاق الأذى المتعمد بطفل آخر) فعلى الوالدين أن يتدخلا هنا ومعاقبة الطفل عن طريق الحرمان من بعض المكاسب كمنعه من النزهة أو من الحصول على مصروف لفترة طويلة…الخ.

ومسألة الضرب هنا مسألة مهمة في التربية. فليس المقصود بالعقاب هنا هو ضرب الطفل لسلوك قام به. فهناك بدائل كثيرة ممكنة. ونحن عندما نعاقب الطفل بالضرب لسلوكه المضطرب، نكون قد حققنا الغرض له بالحصول عللا الانتباه. وهنا يستنتج الطفل الاستنتاج الخاطئ بأنه ليس علي في المرة القادمة إلا التصرف على هذا الشكل من أجل أن أحصل على الانتباه. وهنا يقع الأهل في فخ الدائرة المغلقة التي يمكن أن تكون مزعجة للوالدين والطفل معاً. عدا عن ذلك فإنه عندما نضرب طفلنا لسلوكه الخاطئ فإننا بذلك لا نكون قد قدمنا مساعدة له في إيضاح السلوك الصحيح. فالعقاب بالضرب قد يقود إلى إيقاف السلوك المزعج في اللحظة الراهنة ولكنه لا يعلم الطفل البديل السليم للسلوك. والمهم هنا في عقاب الطفل أن نوضح له أننا قد عاقبناه لسلوكه الخاطئ وليس لشخصه وأن نوضح له من خلال القدوة الأسلوب الصحيح للتعامل مع الأشياء. فليس من المعقول أن نطلب من أطفالنا أن يقولوا مثلاً أن والدهم ليس في البيت إذا ما كان هناك اتصال هاتفي معه، ونطالب أطفالنا ألا يكذبوا.


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:22 PM   #6
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


نقاط التحول

عندما تأخذ الحياة اتجاهاً جديداً[1]

هايكو ايرنستHeiko Ernst [2]

ترجمة الدكتور سامر جميل رضوان



في كل حياة هناك نقاط عدة من التحول. إننا نريد أو علينا إنهاء مرحلة من مراحل الحياة والبدء بمرحلة أخرى. وأحياناً تشكل الأزمات والانكسارات نقاط التحول - البطالة و الطلاق يخرجاننا عن السكة، وأحياناً تكون اللا أحداث هي التي تجبرنا على البدء من جديد - لقد انتظرنا طويلاً شيئاً ما لن يصل : النجاح، الاعتراف ، الحب. وفي كل الأحوال يتعلق الأمر بإنهاء العلاقات أو العادات القديمة بشكل صحيح - عندئذٍ فقط نكون أحراراً للبدء من جديد.



يستلقي بينيامين متهادياً على فراش هوائي في حوض السباحة بمنزل والديه. فهو منذ عدة أسابيع يتسكع في البيت على هذا النحو ، وبدأ قعوده يوتر والديه. وحتى النصيحة التي أسر له بها أحد أصدقاء والده في العمل والمتمثلة في ( " لن أقول إلاّ : بلاستيك ! " ) لم تعطه أي دفع . كان بينيامين - المعروف باسم دوستين هوفمان - قد أنهى تعليمه، غير أن " امتحان النضج " الحقيقي مازال بانتظاره: فما زال عليه العبور من خلال ضياع ولتشتت شاب على أعتاب الرشد.

أصبحت الحياة المهنية ” للأب " لوريوتس ( " ante Portas " ) وراءه. إنه يمثل صعوبة وسخرية التمكن من بناء معابر لاحقة في الحياة - على نحو المعبر من الحياة المهنية إلى التقاعد: فالمتقاعد لم يتقبل خروجه بشكل حقيقي وحاول " تنظيم " حياة الأسرة كما اعتاد ذلك في المهنة. وكانت النتيجة : فوضى كلية.



إننا نحب بعض الأفلام والمسرحيات لأننا نرى فيها أزمات ومتاعب حياتنا الخاصة. فعندما تعالج على المسرح أو الشاشة دراما وجودنا الخاص بصورة نموذجية فإننا نتأثر ويمكننا الضحك حول ذلك. وهذه الدراما هي بشكل خاص دراما المعبر:

فحياة الإنسان ما هي إلا نتيجة لأطوار بارزة كثيراً أو قليلاً. وتتعلق الصحة النفسية وسعادة الحياة بمدى جودة السيطرة على المعابر بين هذه المراحل . وعلى الرغم من أن بعض العلامات الفارقة كالدخول للمدرسة أو الشهادة الثانوية أو الدخول في الحياة المهنية أو الزواج أو التقاعد تشير خارجياً إلى أن مرحلة من مراحل الحياة قد انتهت وبدأت مرحلة أخرى ، غير أن التغلب النفسي على المعبر لا يتم دائماً.

فإلى جانب نقاط التحول المحددة ثقافياً أو زمنياً - المُعَلَّمة بالدخول إلى المدرسة أو خاتم الزواج أو بالساعة الذهبية في التقاعد - تخبئ الحياة عداً كبيراً من نقاط التحول الأخرى: فالانتقالات و الانفصالات ، العطالة عن العمل أو الطلاق أو تغيير المهنة أو الأمراض ناهيك عن الأحداث الإيجابية كالترقيات ونمو الأسرة تجبر - أو تتيح - البدء من جديد.

و تشكل كل واحدة من نقاط التحول هذه مواقف حرجة. وإعادة الضبط تنتج الاضطرابات والإرهاق وفوضى المشاعر والمخاوف وعدم الأمان. كما وتتنوع إمكانات خسران معبر ما - إذ قد يظل المرء غارقاً بما هو قديم، بما هو مألوف ، أو يغرق في الإمكانات الجديدة أو يحمل معه الكثير من الأثقال النفسية من المراحل الحياتية السابقة إلى المرحلة الجديدة.

إن من يصل إلى نقطة تحول في حياته عليه التغلب على ثلاث خطوات:

1- إيجاد نهاية: فكل بداية جديدة تبدأ بنهاية ولا بد من إنهاء و " إغلاق " العلاقات والعادات و المواقف القائمة حتى الآن ليس بشكل خارجي فحسب وإنما نفسياً كذلك.

2- إعادة التوجه: فنقاط التحول تشكل فرصة لتصحيح المسار وللنمو الشخصي - ومن أجل ذلك نحتاج إلى " منطقة حيادية " أو لوقت مستقطع نستطيع فيه إدراك كيف وإلى أين سنتابع.

3- البدء من جديد: عندئذ يمكن وبشكل متحرر من الأشياء " غير المنجزة " من المراحل السابقة وبهدف جديد أن يتم دفع التطور الشخصي والقيام بالبداية الجيدة.



وتشبه الخطوات الثلاثة طقوس العبور “ rites de Passage" التي لاحظها ووصفها عالم الأجناس الهولندي أرنولد فان غينيب Arnold van Genepp في الثقافات التقليدية . وتدور الطقوس حول ثلاثة أطوار عبور : الموت الرمزي والفوضى والخلق. وفي المجتمع الحديث لم يعد يوجد إلا القليل من الطقوس التي تسهل للفرد العبور من طور حياة إلى آخر. وعليه التعرف بنفسه على نقاط التحول و التغلب على أزمات تغيير الاتجاه وحده في الغالب. وبشكل أكثر بكثير من الناس في العصور السابقة يرى نفسه مواجهاً بضرورة التعامل مع التصدعات والتغيرات في اتجاهات برنامج الحياة. إن التبديل المستمر للاتجاه والبدء من جديد أقرب لأن يكونا علامات مميزة لسير حياة أناس مجتمع ما بعد الحداثة: فعدد التبديل الاختيارى أو القسري للمهنة والسكن أو أرقام الطلاق تظهر من الناحية الإحصائية الخالصة وحدها مدى الحراك الاجتماعي والنفسي في هذه الأثناء. فسيرة حياة أناس هذه الأيام تتميز بقسر التعلم مدى الحياة وإعادة التلاؤم المستمرة والتبديل المتعدد للأدوار.



المشكلة تكمن في إيجاد نهاية جيدة



فنحن نطور منذ وقت مبكر " أساليب شخصية من المعابر " : هل يصعب أو يسهل علينا البدء بشيء ما جديد والتخلي عن القديم ؟ وهل نحن " متشبثون " لا نستطيع الترك إلاّ بصعوبة أم أننا أقرب " للمتهورين " يسهل علينا البدء من جديد؟ إن تذكر مواقف الانفصال والعبور يعطينا دلالة على الأسلوب الذي سنقود فيه نقاط التحول في المستقبل أيضاً. ومهما يكن نوع الأسلوب الذي طورناه -فعند الخطوة الأولى لعبور ما يمكن أن نرتكب الكثير من الأخطاء:

إذ يصعب على كل إنسان تقريباً إيجاد نهاية جيدة ، على الرغم من أن ثقافتنا تفضل أسلوب الانفصال السريع، فقد تعلمنا أنه على المرء " إلا يولول على الحليب المدلوق " وبأن لكل شيء نهاية في الحياة وعلى الإنسان التطلع للأمام وما هو أكثر من حكم الحياة اليومية . ووفقاً لذلك نريد " الخروج " بسرعة كبيرة قدر الإمكان ونبدأ من جديد عندما يلوح المعبر ونأسف أو ننتقد أولئك الذين يصعِّبون على أنفسهم إيجاد نهاية . ولكن لابد من تمثل كل نهاية وهذا التمثل يحتاج إلى وقت كافٍ. فمن يجتاز خسارة ما ( كالموت أو الطلاق ) أو تغيير مهم

( كالانتقال أو تبديل العمل ) بسرعة كبيرة فإنه يخاطر على المدى البعيد بحدوث مشكلات نفسية.

لقد اعتدنا النظر للتطور على أنه نمو و صعود و تقدم مستمر. غير أن التطور يشترط وجود جدل بين التهديم Des-organization و إعادة التنظيم New - Organization ، الذي يتم دفعه للأمام أيضا ًمن خلال الخسارة بالتحديد : ففي البدء لا بد من نسيان أو التخلص من شيء ما قبل أن يتم التمكن من تعلم شيء جديد.

إن أزمات الحياة التي تفتح باب الوداع و إعادة التوجه تترافق مع واحد أو أكثر من السمات التالية :

n فقدان المعتاد: فالنوبة القلبية والانفصال وتبديل السكن تعني الخروج من سياق ما. فظروف الحياة الخارجية تتغير بسرعة وتتطلب تكيفاً.

n فقدان الهوية : تنتج غالبية نقاط التحول الشعور المقبض المتمثل في : " أأنا الذي يحدث معه ذلك؟ ما الذي فعلته في الواقع؟ " إننا نقف إلى "جانب أنفسنا " ولكننا لم نعد " نحن أنفسنا ".

n فقدان الأوهام: توجد في كل حياة سلسلة لا متناهية من الخيبات. فمنذ الطفولة علينا إدراك بأنه لا وجود لأرنب عيد الفصح وأن الوالدين ليسا كاملين . ولاحقاً يضايقنا جحود رئيس أو غدر صديق . ويتكشف غباء وأنانية المعبودين. والسياسيون القلائل الذين يعتبرهم الإنسان شرفاء هم فاسدون كالآخرين تماماً. ويسيء شريك حياتنا استخدام ثقتنا به. وتتحول العطلة إلى رحلة مقززة، وهكذا دواليك. ينبغي للخيبات أن تقود إلى تصحيحات للتصورات المثالية ( غير الواقعية ): فبمجرد أن نتخلى عن الأوهام يمكننا التعلم من جديد. غير أن الخيبات غالباً ما تشكل مناسبة للإزعاج المستمر . ولأنه لم يقم أي نزع حقيقي للأوهام فلا التغيير يمكن أن يتم ولا التقدم : فنبحث من جديد عن أصدقاء أكثر وفاء وشركات أكثر أمانة و معبودين أكثر جدارة بالتصديق. ويدور السيناريو في حلقة، بسبب اعتقادنا " بإيجاد شخص ما " لن يخيِّب أملنا هذه المرة - حتى المرة القادمة . أو أننا نشعر بالمرارة و السخرية و نصبح شكاكين مزمنين .

n فقدان التوجه : عندما ينتهي شيء ما فإن الجديد على الغالب غير موجود بعد. إننا نشعر بالفشل والضياع والفراغ الداخلي. ويشبه هذا في ميثولوجيا المعبر الطور الذي يهيم فيه البطل على وجهه في حديقة الضياع أو في غابة ما أو عندما يبتلعه حيوان.


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:23 PM   #7
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


نقاط التحول

عندما تأخذ الحياة اتجاهاً جديداً[1]

هايكو ايرنستHeiko Ernst [2]

ترجمة الدكتور سامر جميل رضوان



في كل حياة هناك نقاط عدة من التحول. إننا نريد أو علينا إنهاء مرحلة من مراحل الحياة والبدء بمرحلة أخرى. وأحياناً تشكل الأزمات والانكسارات نقاط التحول - البطالة و الطلاق يخرجاننا عن السكة، وأحياناً تكون اللا أحداث هي التي تجبرنا على البدء من جديد - لقد انتظرنا طويلاً شيئاً ما لن يصل : النجاح، الاعتراف ، الحب. وفي كل الأحوال يتعلق الأمر بإنهاء العلاقات أو العادات القديمة بشكل صحيح - عندئذٍ فقط نكون أحراراً للبدء من جديد.



يستلقي بينيامين متهادياً على فراش هوائي في حوض السباحة بمنزل والديه. فهو منذ عدة أسابيع يتسكع في البيت على هذا النحو ، وبدأ قعوده يوتر والديه. وحتى النصيحة التي أسر له بها أحد أصدقاء والده في العمل والمتمثلة في ( " لن أقول إلاّ : بلاستيك ! " ) لم تعطه أي دفع . كان بينيامين - المعروف باسم دوستين هوفمان - قد أنهى تعليمه، غير أن " امتحان النضج " الحقيقي مازال بانتظاره: فما زال عليه العبور من خلال ضياع ولتشتت شاب على أعتاب الرشد.

أصبحت الحياة المهنية ” للأب " لوريوتس ( " ante Portas " ) وراءه. إنه يمثل صعوبة وسخرية التمكن من بناء معابر لاحقة في الحياة - على نحو المعبر من الحياة المهنية إلى التقاعد: فالمتقاعد لم يتقبل خروجه بشكل حقيقي وحاول " تنظيم " حياة الأسرة كما اعتاد ذلك في المهنة. وكانت النتيجة : فوضى كلية.



إننا نحب بعض الأفلام والمسرحيات لأننا نرى فيها أزمات ومتاعب حياتنا الخاصة. فعندما تعالج على المسرح أو الشاشة دراما وجودنا الخاص بصورة نموذجية فإننا نتأثر ويمكننا الضحك حول ذلك. وهذه الدراما هي بشكل خاص دراما المعبر:

فحياة الإنسان ما هي إلا نتيجة لأطوار بارزة كثيراً أو قليلاً. وتتعلق الصحة النفسية وسعادة الحياة بمدى جودة السيطرة على المعابر بين هذه المراحل . وعلى الرغم من أن بعض العلامات الفارقة كالدخول للمدرسة أو الشهادة الثانوية أو الدخول في الحياة المهنية أو الزواج أو التقاعد تشير خارجياً إلى أن مرحلة من مراحل الحياة قد انتهت وبدأت مرحلة أخرى ، غير أن التغلب النفسي على المعبر لا يتم دائماً.

فإلى جانب نقاط التحول المحددة ثقافياً أو زمنياً - المُعَلَّمة بالدخول إلى المدرسة أو خاتم الزواج أو بالساعة الذهبية في التقاعد - تخبئ الحياة عداً كبيراً من نقاط التحول الأخرى: فالانتقالات و الانفصالات ، العطالة عن العمل أو الطلاق أو تغيير المهنة أو الأمراض ناهيك عن الأحداث الإيجابية كالترقيات ونمو الأسرة تجبر - أو تتيح - البدء من جديد.

و تشكل كل واحدة من نقاط التحول هذه مواقف حرجة. وإعادة الضبط تنتج الاضطرابات والإرهاق وفوضى المشاعر والمخاوف وعدم الأمان. كما وتتنوع إمكانات خسران معبر ما - إذ قد يظل المرء غارقاً بما هو قديم، بما هو مألوف ، أو يغرق في الإمكانات الجديدة أو يحمل معه الكثير من الأثقال النفسية من المراحل الحياتية السابقة إلى المرحلة الجديدة.

إن من يصل إلى نقطة تحول في حياته عليه التغلب على ثلاث خطوات:

1- إيجاد نهاية: فكل بداية جديدة تبدأ بنهاية ولا بد من إنهاء و " إغلاق " العلاقات والعادات و المواقف القائمة حتى الآن ليس بشكل خارجي فحسب وإنما نفسياً كذلك.

2- إعادة التوجه: فنقاط التحول تشكل فرصة لتصحيح المسار وللنمو الشخصي - ومن أجل ذلك نحتاج إلى " منطقة حيادية " أو لوقت مستقطع نستطيع فيه إدراك كيف وإلى أين سنتابع.

3- البدء من جديد: عندئذ يمكن وبشكل متحرر من الأشياء " غير المنجزة " من المراحل السابقة وبهدف جديد أن يتم دفع التطور الشخصي والقيام بالبداية الجيدة.



وتشبه الخطوات الثلاثة طقوس العبور “ rites de Passage" التي لاحظها ووصفها عالم الأجناس الهولندي أرنولد فان غينيب Arnold van Genepp في الثقافات التقليدية . وتدور الطقوس حول ثلاثة أطوار عبور : الموت الرمزي والفوضى والخلق. وفي المجتمع الحديث لم يعد يوجد إلا القليل من الطقوس التي تسهل للفرد العبور من طور حياة إلى آخر. وعليه التعرف بنفسه على نقاط التحول و التغلب على أزمات تغيير الاتجاه وحده في الغالب. وبشكل أكثر بكثير من الناس في العصور السابقة يرى نفسه مواجهاً بضرورة التعامل مع التصدعات والتغيرات في اتجاهات برنامج الحياة. إن التبديل المستمر للاتجاه والبدء من جديد أقرب لأن يكونا علامات مميزة لسير حياة أناس مجتمع ما بعد الحداثة: فعدد التبديل الاختيارى أو القسري للمهنة والسكن أو أرقام الطلاق تظهر من الناحية الإحصائية الخالصة وحدها مدى الحراك الاجتماعي والنفسي في هذه الأثناء. فسيرة حياة أناس هذه الأيام تتميز بقسر التعلم مدى الحياة وإعادة التلاؤم المستمرة والتبديل المتعدد للأدوار.



المشكلة تكمن في إيجاد نهاية جيدة



فنحن نطور منذ وقت مبكر " أساليب شخصية من المعابر " : هل يصعب أو يسهل علينا البدء بشيء ما جديد والتخلي عن القديم ؟ وهل نحن " متشبثون " لا نستطيع الترك إلاّ بصعوبة أم أننا أقرب " للمتهورين " يسهل علينا البدء من جديد؟ إن تذكر مواقف الانفصال والعبور يعطينا دلالة على الأسلوب الذي سنقود فيه نقاط التحول في المستقبل أيضاً. ومهما يكن نوع الأسلوب الذي طورناه -فعند الخطوة الأولى لعبور ما يمكن أن نرتكب الكثير من الأخطاء:

إذ يصعب على كل إنسان تقريباً إيجاد نهاية جيدة ، على الرغم من أن ثقافتنا تفضل أسلوب الانفصال السريع، فقد تعلمنا أنه على المرء " إلا يولول على الحليب المدلوق " وبأن لكل شيء نهاية في الحياة وعلى الإنسان التطلع للأمام وما هو أكثر من حكم الحياة اليومية . ووفقاً لذلك نريد " الخروج " بسرعة كبيرة قدر الإمكان ونبدأ من جديد عندما يلوح المعبر ونأسف أو ننتقد أولئك الذين يصعِّبون على أنفسهم إيجاد نهاية . ولكن لابد من تمثل كل نهاية وهذا التمثل يحتاج إلى وقت كافٍ. فمن يجتاز خسارة ما ( كالموت أو الطلاق ) أو تغيير مهم

( كالانتقال أو تبديل العمل ) بسرعة كبيرة فإنه يخاطر على المدى البعيد بحدوث مشكلات نفسية.

لقد اعتدنا النظر للتطور على أنه نمو و صعود و تقدم مستمر. غير أن التطور يشترط وجود جدل بين التهديم Des-organization و إعادة التنظيم New - Organization ، الذي يتم دفعه للأمام أيضا ًمن خلال الخسارة بالتحديد : ففي البدء لا بد من نسيان أو التخلص من شيء ما قبل أن يتم التمكن من تعلم شيء جديد.

إن أزمات الحياة التي تفتح باب الوداع و إعادة التوجه تترافق مع واحد أو أكثر من السمات التالية :

n فقدان المعتاد: فالنوبة القلبية والانفصال وتبديل السكن تعني الخروج من سياق ما. فظروف الحياة الخارجية تتغير بسرعة وتتطلب تكيفاً.

n فقدان الهوية : تنتج غالبية نقاط التحول الشعور المقبض المتمثل في : " أأنا الذي يحدث معه ذلك؟ ما الذي فعلته في الواقع؟ " إننا نقف إلى "جانب أنفسنا " ولكننا لم نعد " نحن أنفسنا ".

n فقدان الأوهام: توجد في كل حياة سلسلة لا متناهية من الخيبات. فمنذ الطفولة علينا إدراك بأنه لا وجود لأرنب عيد الفصح وأن الوالدين ليسا كاملين . ولاحقاً يضايقنا جحود رئيس أو غدر صديق . ويتكشف غباء وأنانية المعبودين. والسياسيون القلائل الذين يعتبرهم الإنسان شرفاء هم فاسدون كالآخرين تماماً. ويسيء شريك حياتنا استخدام ثقتنا به. وتتحول العطلة إلى رحلة مقززة، وهكذا دواليك. ينبغي للخيبات أن تقود إلى تصحيحات للتصورات المثالية ( غير الواقعية ): فبمجرد أن نتخلى عن الأوهام يمكننا التعلم من جديد. غير أن الخيبات غالباً ما تشكل مناسبة للإزعاج المستمر . ولأنه لم يقم أي نزع حقيقي للأوهام فلا التغيير يمكن أن يتم ولا التقدم : فنبحث من جديد عن أصدقاء أكثر وفاء وشركات أكثر أمانة و معبودين أكثر جدارة بالتصديق. ويدور السيناريو في حلقة، بسبب اعتقادنا " بإيجاد شخص ما " لن يخيِّب أملنا هذه المرة - حتى المرة القادمة . أو أننا نشعر بالمرارة و السخرية و نصبح شكاكين مزمنين .

n فقدان التوجه : عندما ينتهي شيء ما فإن الجديد على الغالب غير موجود بعد. إننا نشعر بالفشل والضياع والفراغ الداخلي. ويشبه هذا في ميثولوجيا المعبر الطور الذي يهيم فيه البطل على وجهه في حديقة الضياع أو في غابة ما أو عندما يبتلعه حيوان.

يتبع


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:24 PM   #8
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


مأساة اللاحدث

لا تقتصر ضرورة السيطرة على المعابر في الحياة على نقاط التحول التي نحددها نحن بأنفسنا أو على الأحداث الخارجية التي نصطدم بها . فعندما لا يكون مفرق الطريق معلماً بوضوح تصبح المهمة أصعب بكثير جداً - أي عندما يتعثر نمونا لأن شيء ما بالتحديد لا يحصل.

واللاأحداث تعد خطيرة على الصحة النفسية والعافية مثلها مثل الفوضى والأزمات المرتبطة بمواقف عبور واضحة . إننا نعاني من عدم حدوث شيء ما: إذ لا نجد شريك حياتنا المناسب، بل ولا حتى الحب الكبير. ولا نستطيع العمل في المهنة التي نرغب ولا تتم ترقيتنا. ولم ندرك فرصة ما كبيرة ، وربما تكون هي فرصة حياتنا، ولا نحصل على الاعتراف الذي نتوقعه، ولا نحصل على النجاح الذي نأمل ، ولا نستطيع الحصول على الطفل الذي نتوق إليه ، أو حتى عندما لا يقتفي الابن أثرنا . إننا نأمل بشيء بلا طائل، لن يحصل ، إننا ننتظر غودوت Godot.

واللا أحداث عبارة عن خيبات، بل إنها توقعات غير محققة ومجالات متصدعة . اللاحدث ليس دراما، ولكنه غالباً ما يكون مأساة صامتة . لقد انزلقنا في مأزق - ولا نرى مخرجاً: لقد استقلنا " داخلياً " ، ولكننا لا نرى فرصة لترك العمل غير المحبوب. ‎‎‎نجد أنفسنا محصورين في علاقة ولكننا لا نريد المغامرة بالطلاق فما زال الأولاد هنا و القرض العقاري للمنزل. اللاأحداث تنخر في وعي الذات وغالباً ما تكون أسباباً متجاهلة للاكتئابات.

إن الإحساس بتفويت شىء ما جوهري وبعدم وجود أمل يشل ويعيق التطور النفسي. ويمكن وصف الإحساس بالحياة للإنسان الذي يعاني من اللاحدث من خلال ملاحظة لهينري ديفيد تورري Thoreau Henry David مؤلف رواية التطور تحت عنوان Walden " " على النحو التالي: " تعيش غالبية البشر حياتها في شك صامت " . يمكن للاّأحداث أن تحطم الفؤاد بالحرف الواحد. وتشكل مقاومة هذا القنوط وإدراك الخيبات عموماً والتوديع المبكر للأحلام غير المحققة وغير القابلة للتحقيق مهمة مركزية في الحياة، يجد كل الناس تقريباً أنفسهم في مواجهتها منذ سن الثلاثين على الأكثر .

ويغلب ألاّ يتم الاهتمام بهذه المهمة الحياتية لأنه من الممكن أن يكون أن يكون الاعتراف بالأخطاء وتوديع الآمال مؤلماً جداً. وهكذا يتشبث كثيرون بمخططاتهم ورغباتهم بصورة لا شعورية - حتى عندما يصبح واضحاً بأنها لن تتحقق على الإطلاق. إنهم يفضلون التمسك بالتعاسة وأخيراً " باليأس الصامت " ، بدلاً من وضع " البرنامج ب "، من وضع بديل ومنح حياتهم اتجاهاً جديداً.

وغالبية اللاأحداث يدركها الإنسان فجأة - يراها أمام أنفه : جواب قاطع بالرفض لا يترك ما يمكن للمرء أن يتمناه. أو نلتقي بصديق دراسة تجاوزنا مهنياً ويتباهي بالإضافة إلى ذلك بحظه الخاص ( " منزلي ، سيارتي، سائسة خيولي " ). و أخرى تأتينا بالتدريج: لقد رفض مخطوط الرواية من 23 دار نشر . وتنهار لاأحداث أخرى علينا ثانية و بعد سنين - يتلف الأمل بالتدريج ونقترب بخطوات قصيرة من توديع الأحلام والأهداف.

وبعض الاأحداث تؤلم لأنها تفضحنا ويصبح الآخرون شهود فشلنا ( " لم يحقق \ تحقق

النجاح ") ، في حين أن لا أحداث أخرى تؤلم لأنها خاصة جداً وعلينا وحدنا التعامل معها . في كل حال ترهقنا المشاعر السلبية- إنها الإشارات الأكثر وضوحاً بأننا أمام لا حدث : الخجل والحزن و الغضب والحسد وكذلك اللامبالاة والبلادة.

وتغلب ملاحظة اللاأحداث المؤلمة في بعض مجالات الحياة بشكل خاص:

n تشكل الرغبة في الحب المفعم والحميمية والمشاركة السماد للآمال الخائبة . ويمكن ملاحظة مدى شدة التوقعات من شريك الحياة ( أو حتى من رفيق المرحلة الحياتية ) على سبيل المثال من إعلانات الزواج في الجرائد اليومية : فبما أن الإنسان يصور نفسه وكأنه فارس الأحلام ( بعيوب صغيرة على أقصى تقدير ولكن محببة )، فإنه يحتمل - طبعاً كشريك فقط - أن يكمن خلف ذلك إنسان مثالي آخر. فالرغبات الرومانسية ، مختلطة غالباً مع الخوف من فوات قطار الزواج ، تولد وجداناً مدهشاً، لا يمكن واقعياً إلاّ وأن ينجم عن واقع خائب.

n فإذا ما حصل وتم تأسيس أسرة فإنها تتحول إلى بيت بلاستيكي للاأحداث. فالخيبات تكمن في كل مكان : الرغبة بالأطفال لا تتحقق. أو لا يتطور الأولاد بالشكل المرغوب _ إنهم ناكرون للجميل (الأولاد الجاحدون أحدُّ من ناب الأفعى : الملك ليير Leer )، إنهم "يفشلون " في المدرسة أو لا ينفذون "وصايا " أخرى لوالديهم ، لوطيون أو سحاقيون أو أنهم بشكل آخر " غير " التصورات المرغوبة.

n تعتبر الحياة المهنية بالنسبة لغالبية البشر أهم مصدر لأحاسيس القيمة الذاتية .إن الحاجة الأساسية بأن يكون الإنسان نافعاً ومهماً والتمكن من إثبات قدراته الذاتية والانتماء إلى كل أكبر ، تكون قوية إلى درجة أننا غالباً ما نستثمر الجزء الأكبر من طاقتنا في المهنة. وما زال اعتبارنا في المجتمع يتعلق بدرجة كبيرة بالنجاح المهني. وبالتالي تكون اللا أحداث المهنية والإحباطات والخيبات أشد مأساوية. وغالباً ما تمتد آلام الإزعاجات المهنية حتى التقاعد: عدم الاعتراف، انكسار في الترقي المهني ، عدم الترقية ، عدم النجاح . وضمن ظروف سوق العمل الراهنة فإن الاأحداث المهنية مبرمجة : فالتطور المهني الحلم في المهنة الحلم يعتبر من الناحية الإحصائية الخالصة استثناء كبيراً ، وفرص الترقي - وفق قانون الهرم - محدودة جداً. : فإيجاد عمل عموماً غالباً ما يكون اليوم عبارة عن حظ خالص. حتى أن التعليم الشكلي الجيد لم يعد يضمن إيجاد العمل. ومن يمتلك عملاً لا يجوز له اعتباره وظيفة ثابتة ولا الاعتماد على " امتنان " أو على الأقل على إخلاص مؤسسته له.



والتغلب على المآزق واللاأحداث المهنية يصبح أسهل عندما :

n لا يتمسك المرء بشدة بهدف رغبة ، أي بسيرة مهنية محددة.

n لا يحدد " النجاح " من خلال رموز الوضع الاجتماعي والدخل، وإنما من الرضى عن العمل: المساحات المتاحة من حرية اتخاذ القرار ، الاعتراف من الزملاء، حق المشاركة بالرأي.

n يستطيع تقبل بأنه حتى عند وجود كفاءة جيدة فإن الترقي لا يمكن برمجته ( حتى البابا قد وصل مهنياً إلى مرحلة النجد Plateauphase ): غالباً ما يعني الترقي القليل من الحرية وأسرة أقل وإرهاق أكثر .

وبرجع كون اللاأحداث سبباً لعدم الرضى والاكتئابات " والمآسي الصامتة " في تاريخ بشر هذه الأيام لأنهم يرون أنفسهم في مواجهة ضغط توقعات رهيبة:

n توقعات مجتمع جعل من الإنجاز واللياقة البدنية والنجاح آلهة له ويقدم لنا باستمرار نماذج جديدة علينا الإقتداء بها. وفي الوقت نفسه يقيد المجتمع ذاته فرص إمكانية تحقيق هذه

" المُثُل " .

n التوقعات التي نطرحها نحن على أنفسنا ( والتي أصبحنا عاجزين عن التفريق بينها وبين توقعات الآخرين ): فنحن نتوقع الشيء الكثير جداً من أنفسنا. لقد تمثلنا إيديولوجية التوقعات ونريد تحقيق كل ما خُدعنا به على أنه قابل للتحقيق: سعادة لا متناهية في الحب، جنس رائع ، ترقي مهني متصاعد ، أولاد مطيعون ، نحافة، لياقة بدنية، إبداعية وذكاء ..الخ.

متى يحين الوقت للخطة ب

لقد استنتجت بيرنايس نويغارتن Bernice Neugarten المتخصصة بعلم النفس النمائي بأن راشدين هذه الأيام يميلون بشكل دائم تقريباً إلى الملاحظة الذاتية : من أكون ؟ أين أقف؟ وهنا يتم وضع " برنامجاً زمنياً " : أما زلت ضمن البرنامج؟ أم أنني قد تجاوزت الحدود " التقليدية " للوقت من أجل تحقيق هدف حياتي ما؟

صورتنا عن ذاتنا صارت أكثر فأكثر تشبه تحت قسر المقارنة باستمرار مع التصورات المثالية ، موازنة عاجزة. ما الذى لم نفعله، لم نحققه، لم ننجزه؟ . إننا أقل تساهلاً مع أنفسنا، بالإضافة إلى أنه من النادر جداً أن ندرك بأن اللاأحداث هي بشكل خاص تحديات للطبع والخيال: فهناك دائماً طريق آخر، الخطة ب . فالإنسان يستطيع التعلم من الخيبات - حتى وإن كان ذلك مجرد المعرفة بعدم هدر وقت أطول بأهداف غير قابلة للتحقيق أو بتوقعات الآخرين. ومن أجل إدراك فيما إذا كنا قد عنَّدنا -أو أننا ننتظر حدثاً بلا طائل، ينصح مارتين سيلغمان بتقنية " الجدل " Disputation : نتناقش مع أنانا الأعلى الذي لا يرحم حول التقديرات الخاطئة ومشروعيتها إلى أن يقتنع بأن الأهداف كانت غير واقعية و نقد الذات قاسياً.

ويمكن التغلب على الإحساس بالشلل والخسارة الذي ينطلق من اللاحدث عندما نحدده على أنه نقطة تحول ونبدأ بالبحث عن " الخطة ب " .

علينا أن نخضع للحقيقة وندرك الأوهام على أنها أوهام : فجائزة نوبل أو الأوسكار واقعان خارج المدى في هذه الحياة. إننا لن نجد فارس أحلامنا و لن نتمكن من كسب حب طفل أو احترام رئيسنا حتى عندما نجهد أنفسنا في سبيل ذلك. لقد لاحظ النفساني جيمس بوغنتال بأننا نبتلي في أواسط حياتنا تقريباً بخبرات " اللاعودة ". وهذا الشعور يظهر في أغنية لماريانه فايتفول Marianne Faithful، : " ففي سن 37 أدركت بأنها مجرد ربة منزل ولن تسافر مع كابريو Cabrio في رياح الصيف الدافئة إلى باريس ….."

وعندما يساورنا الشعور بأننا قد تهنا في الحياة نبحث عندئذ - مثلما هو الأمر في مدينة غريبة - عن إحدى تلك الخرائط التى تظهر لنا : أنت هنا! وعندما نعرف موقعنا عندئذ نستطيع التفكير، إلى أين سنمضي؟ ما هي الطرقات التي مازالت متاحة لي ؟ ماذا أمتلك من وسائل وإمكانات ؟ وبدلاً الهدف غير المحقق وغير القابل للتحقيق أبداً لا بد من أن يظهر مخطط آخر.

وتقترح النفسانية نانسي شلوسبيرغ قاعدة أل 75% : فعندما نشعر في موقف حياتي ما بأننا غير سعداء في ثلاثة أرباع الوقت ونمعن التفكير بالفرص الضائعة والرغبات غير المحققة ، عندئذ يحين الوقت للثورة. علينا أن نرمي الصابورة[4] النفسية للخطة أ ونتوجه نحو الخطة ب.

برنامج المعابر ذو النقاط العشرة

1- أخذ الوقت الكافي: قد تتغير الظروف الخارجية بسرعة كبيرة ، غير أن السيرورة الداخلية للتلاؤم تأخذ وقتها ولا يمكن تسريعها.

2- التخطيط لحلول مرحلية : من أجل حدوث التلاؤم الداخلي بدون أن يصل كل شيء إلى السكون لابد في كثير من الأحيان تغيير روتين الحياة اليومية من خلال حلول مؤقتة - التنظيم المؤقت للبيت أو للعمل يساعدان في تخطي زمن التوجه.

3- عدم فعل أي شيء، من أجل أن يحدث شيء ما: غالباً ما تكون أوقات العبور مرهقة ومقلقة - والإغراء من أجل فعل أي شيء كي تتحرك الأمور أخيراً يكون كبيراً.

4- ملاحظة الذات: إدراك لماذا يشعر المرء بالضيق . يشير القلق والتوتر إلى أن المرء واقع في مرحلة عبور.

5- تدليل النفس: في مراحل العبور بالتحديد تكون الترابطية Continuity أو الاستمرارية مهمة - العادات التي تمتعنا، بدون التأثير على سيرورة التغير الكبيرة : الموسيقى المفضلة، الطعام المحبب طقوس الاسترخاء الخ.

6- استقصاء " الوجه الآخر" : فسواء كان التغيير اختيارياً أم قسرياً فإنه من المناسب في كل الأحول التفكير بثمن وفوائد الموقف " فيما بعد ".

7- إيجاد شخص يستطيع الإصغاء: إنه لمن المهم الحديث حول التغيرات التي يستتبعها العبور معه . ولا يتعلق الأمر هنا كثيراً بالحصول على نصيحة ما وإنما صياغة السيرورة الداخلية و إدراكه بوضوح.

8- استقصاء الإمكانات الذاتية: ما هي المواهب والمهارات التي كانت مهملة حتى الآن والتي يمكن استخدامها في المرحلة الجديدة؟ ما هي الاهتمامات التي يمكن أن تتفتح؟

9- التعلم الجديد: غالباً ما تتطلب المرحلة الجديدة معارف ومهارات جديدة - فكرية

واجتماعية. فالتقنيات من المراحل السابقة لا تساعد كثيراً . والاستعداد

للتعلم ضروري.

10- إدراك النمط الأساسي للمعبر : يتمثل النمط الأساسي لكل معبر بانحلال التنظيم القديم وما ينجم عن ذلك فوضى ونشوء تنظيم جديد. ومما يساعد هو إدراك هذه المراحل كضرورة للتطور اللاحق والإحساس بمشاعر الفوضى على أنها مشاعر طبيعية وبشكل أقل توتراً.


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:27 PM   #9
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


الجانب المظلم من الأنوثة

عقدة ليليت
Lilith-complex[1]


هانس يوأخيم ماس

ترجمة الدكتور سامر جميل رضوان




ترمز الصورة الأسطورية لليليت إلى الجزء المحرم من النفس الأنثوية. فليليت تعتز باستقلاليتها وفاعليتها الجنسية، وترفض الأمومة. ليليت هي كل امرأة، ولكن ليس كل امرأة تجرؤ، على خبرة هذا الجانب. الأمر الذي يقود إلى عواقب وخيمة كما يظهر ذلك المحلل النفسي، هانس يوأخيم ماس.








تعني ليليت في اللغة العبرية "العتمة". ومنذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة تطلق عليها في الأساطير تسمية جنية الليل المجنحة. واعتبرها السومريون و البابليون والآشوريون والكنعانيون والفرس والعبريين والعرب والتويتونيون[2] آلهة وغاوية وقاتلة للأطفال. ووفق التفسيرات العبرية المتأخرة كانت ليليت وفق سفر التكوين الزوجة الأولى لآدم. فحسب الروايات اليهودية خلق الله سبحانه وتعالى ليليت، الزوجة الأولى لآدم بالطريقة نفسها التي خلق بها آدم. غير أن آدم وليليت لم يتفقا مع بعضهما أبداً. فلم تكن ليليت مستعدة للخضوع لآدم. وقد بررت مطالبتها بالمساواة مع آدم بأنها قد خلقت من التراب نفسه الذي خُلق منه آدم. وقد عبرت ليليت عن مساواتها مع آدم من خلال امتناعها عن أن يلقي آدم جسده فوقها أثناء ممارسة الجنس. فقد أرادت أن تكون مشاركة في الفعل الجنسي بصورة فاعلة و "تنام" فوق آدم.

قاد امتناع ليليت عن الخضوع لآدم إلى قلقه وغضبه. و أدت حدة الخلافات بينهما إلى هروب ليليت من الجنة في النهاية. ومن هنا نشأت الصورة الأولى لليليت باعتبارها "الأنثى الشهوانية"، ولاحقاً باعتبارها آلهة الدعارة و الجن والاستمناء.

ويصور التلموديون[3] ليليت على شكل أنثى متبرجة و مغرية، ذات شعر طويل ونهدين نصف عاريين تغوي الرجال وتهدد الأطفال. وفي قصة فاوست لغوته يسأل الدكتور فاوست في أثناء الطيران السحري على ظهر وعل الجبال: ومن هذه التي هنا؟ أجاب ميفستو: إنها ليليت، الزوجة الأولى لآدم، احذر من شعرها الرائع ، من عقدها التي تزهو به، فإذا ما طوقت الشاب به، فإنها لن تدعه يذهب أبداً.

وحسب الروايات فقد عاقب الله ليليت لرفضها الخضوع، وعلى هروبها من الجنة. وكان العقاب: بأن قضي عليها أبداً أن تظل غاوية شهوانية وقاتلة أطفال مرعبة وأن تعيش في الأماكن الموحشة والمقفرة من الأرض-بين الحيوانات الكاسرة.

أما بالنسبة للحضارة المسيحية فيعد من الأهمية بمكان أن ترجمة لوثر للتوراة لم تتمسك بدقة بالنص التوراتي الأصلي. فالنص التوراتي الأصلي يشير بوضوح إلى أن حواء هي الزوجة الثانية لآدم. ويروي النص الأصلي عن آدم قوله: "هذه المرة رجل من رجلي". ووفقاً لذلك فقد كانت حواء "المحاولة الثانية". وعلى عكس حواء فقد استبعدت ليليت من التوراة كلية تقريباً ولا يرد ذكر لها إلا عند jesaja (34.14).

فعندما اشتكى آدم ربه بعد هروب ليليت من الجنة بأنه قد مل البقاء وحيداً، حلت رحمة الله عليه، فخلق له حواء. ولكنه لم يخلقها من التراب كما فعل بليليت، وإنما من أحد أضلاعه هذه المرة. ومن ثم فقد خلق الله حواء لتكون خاضعة وليس مساوية لآدم. ونتيجة لهذا فقد كان من الممكن أن يحل الود والوفاق الدائم بين الزوجين في الجنة، من خلال وجود جنس مسيطر وجنس خاضع، لو لم تتدخل الأفعى –التي ترمز في هذه الصورة إلى ليليت كذلك- وتغري حواء نحو دفع آدم لتغريه بأكل التفاح، وتعيد بهذا تأجيج نار المعصية والصراع من جديد.

وعلى هذا النحو قُسمت صورة الأنثى منذ عشرات الآلاف من السنين إلى حواء وليليت، حيث تقدس البطريركية صورة حواء و تلعن صورة ليليت وتحرمها. وعليه فإن حواء ترمز لخضوع المرأة والسلبية الجنسية وللزواج الأحادي monogamy و للأمومة "المضحية" وللمطبخ والعبادة وتربية الأولاد وخدمتهم. و هو في الواقع مجرد جانب واحد فقط من الأنوثة. أما الجانب الآخر فتعبر عنه ليليت التي ترمز للمساواة والفاعلية الجنسية والرغبة ورفض الإنجاب والأمومة.

وعليه فإننا نتعرف في كل من حواء وليليت على وجهين من الوجود الأنثوي، منفصلان عن بعضهما ومتنافران على الأغلب، ويمتلكان مشاعر عدائية تجاه بعضهما. يمثلان نمطين مختلفين من النساء: القديسة والعاهرة.

حواء، المرأة الحنون والوفية المخلصة والخاضعة للرجل. بالمقابل نجد ليليت تمثل حياة اللذة والرغبة والإغراء والشهوة والاستقلال. أما الرجال فهم دائماً مشتاقون إلى كلا الوجهين وخائفون في الوقت نفسه من كلا الوجهين من الأنوثة. إنهم يصدون خوفهم من الملل وفقدان الرغبة في الزواج بحواء من خلال المعشوقات أو الانغماس مع للعاهرات. ونتيجة للخوف من القوة الأنثوية و جيشان الرغبة والاستقلالية يحاولون قمع ومقاومة أي مظهر من مظاهر ليليت في كل امرأة وتحريمه أخلاقياً.

غير أن تحريم وإنكار ليليت بالنسبة للرجال والنساء معاً يعد منبعاً للمعاناة الوخيمة التي لا يمكن وصفها ولصراع الجنسين المرير وللعلاقات غير السعيدة، وهو السبب الكامن خلف ما يسمى "الاضطرابات المبكرة" لدى الأطفال.

تحتوي عقدة ليليت على ثلاثة مظاهر مقموعة أومنكرة أومنقسمة أومهملة أو محرمة من الأنوثة:

1- المرأة المساوية للرجل، والتي لاهي أدنى ولا أعلى منه، وإنما مساوية له، الناشئة من الأصل نفسه ومجهزة من ثم بالحقوق نفسها.

2- المرأة الفاعلة جنسياً، المستقلة برغباتها والتي تتمتع بقوة جذب وإغراء، الأمر الذي يجعلها غير مهتمة بأن يتم اختيارها و "أخذها". إنها واعية لحاجاتها الجنسية، و تستطيع تأمين إشباع رغباتها ويمكن أن تكون معطاءة فاعلة في ممارسة الجنس.

3- المرأة الكارهة للأطفال التي ترفض الأمومة، كي لا تكون مربوطة ومأسورة وملزمة ومتعلقة.



تنشأ عقدة ليليت في الباثولوجيا المبكرة للعلاقة بين الأم وطفلها. فعندما تنجب امرأة تعاني من مشاعر النقص وتتسم بالخوف وعدم الثقة بأمومتها، فإن حيوية الطفل العارمة و حاجاته الملحاحة سوف ترعبها، لأنه قد تم تنشيط قَدَرَها الذاتي المبكر بشكل حتمي من خلال الطفل، الأمر الذي يجعلها تنقل عدم استقرارها الذاتي الناجم عن أزمتها المتذبذبة إلى طفلها. وسوف تنقل إلى طفلها الرفض والصد بشكل لاشعوري، طالما ظلت تتهرب من حقيقتها الذاتية المبكرة، ولم تتمثلها انفعالياً، بعكس كل القناعات والرغبات الشعورية المتمثلة في رغبتها في أنها ستقوم بالأمر بشكل أفضل من أمها، وهنا يتحول إنكار العدوانية تجاه الطفولة إلى مأساة.

فالطفل، غير المرغوب من أمه وغير المرحب به والمرفوض وغير المقبول في حيويته وفردانيته لا شعورياً، يدرك الرفض وانعدام قيمته منذ البداية، وهذا ما يجعل الطفل يشكك في حقه في الحياة وفي قيمته الذاتية. أما المأساة الحقيقية فتتمثل في أن مثل هذا الرفض يمكن أن يتم توصيله للطفل من الأم بصورة لا شعورية كلية- بالضبط كتعبير عن عقدة ليليت. ونتيجة للجرح النرجسي للطفل ينشأ ضعف في التماهي لديه كاضطراب أساس[4]. وهكذا ينشأ من الطفل "آدم"، الذي لا يستطيع أن يتحمل سوى "حواء" ضعيفة وخاضعة ،كي يكون هو قوياً وصلباً، ومن البنت تنشأ "حواء" التي عليها أن تنكر قيمتها من تلقاء نفسها، كي يتم تحملها في العلاقة الزوجية، و كي لا تضطر للهروب إلى الوحدة. وكوالدين سوف يعيق "آدم وحواء" طفلهما في تفتحه الانفعالي و نشاطاته الحيوية، ويعتبرانه موضوعاً للتربية عليه أن يكون مجبراً على النظام والأدب والسيطرة على مشاعره، كي يتم لجم حيويته وتدفقه الجنسي الهدار. ومن خلال هذا الأمر يتم تحريف المرأة المستقبلية إلى امرأة مطيعة والرجل المستقبلي إلى مستفيد بارد لا حياة فيه.

غير إن القصور في الأمومة الطيبة والأصيلة بشكل خاص يجعل الطفل يعيش حالة نقص الأم (الفقدان النفسي للأم (Mother Deficit، الأمر الذي يجعله في المستقبل، كرجل أو امرأة، يبحث في شريكه الزوجي عن بديل، وهو ما لا يتم أبداً بصورة مرضية على الإطلاق. والأب المقيد بعقدة ليليت لن يتمكن-كثالث- من إيجاد الطاقة والشجاعة للتثليث، ولهذا أيضاً لن يشكل بالنسبة للطفل إمكانية تعويضية وحامية ضد نقص الأم وتسممها. و كأب غير مثالث أو أم غير متثالثة تظل العلاقات كلها مثبته على الأم وتتجلى على الأغلب من خلال لوم الأب واتهامه و كرهه. ومن ثم يتم اتهام الأب بأنه مسؤول عن كل اضطرابات النمو، ويظل نقص الأم المبكر متخفياً يعيث فساداً. ويبرز هذا بصورة أشد كلما كان الأب أكثر فشلاً بالفعل و يخشى مواجهة الأم.

أما العواقب النفسية الاجتماعية لمركب ليليت فهي وخيمة. وتتمحور الأعراض العامة لدى كلا الجنسين حول ضعف التماهي كرجل أو كامرأة، بكل المخاوف وعدم الثقة في العلاقة الزوجية. إذ تلقي المرأة بنفسها طواعية نتيجة حاجة لا شعورية أو حتى مجبرة نتيجة سيطرة بطريركية في موضع أدنى و تابع، تعذب من خلاله الرجل بأشواقها ورغباتها غير المحققة وتهدد العلاقة بخيباتها وحقدها وتدمرها. وتجعلها ليليت المكبوته في داخلها تعيسة-ضمآنة ، لوامة-متذمرة، تفرغ انفعالاتها بشكل شيطاني. (والمقصود بالشيطاني[5] هنا سلوكاً تحاول المرأة من خلاله بشكل مباشر و متخف الحصول على السلطة من خلال الشكوى والمعاناة و الاتهامات).

والرجل في عقدة ليليت يظل غير مخلص وغير واثق من رجولته. ويحاول إخفاء ضعف تماهيه من خلال النقود والسلطة والوجاهة. إنه ينفخ نفسه ويسعى للحفاظ على علاقاته مسيطراً وسائداً من خلال التباعدDistance . و يظل الاندماج المشحون بالحب والثقة مهدداً ويتم تلافيه. أما العلاقات بالنساء فيتم تجنيسها Sexualization ، وهكذا يتم تحقير التوق نحو شريكة مساوية بالقيمة من خلال الاستعمال الجنسي "والطيران"[6]. الجانب الآخر للمشكلة الكامنة نفسها يتم تفريغها من خلال العجز الجنسي. ومن خلال حرمان المرأة من الحصول على استجابة لتهيجها، من خلال قضيب نائم، لا ينتصب، فإنها تعاقب لوجودها كحوا، بدلاً من الاعتراف كرجل بالشهوانية الذاتية اليليتية[7] و تحدي المرأة.

وعادة يحاول كلا الجنسين التنافس مع بعضهما في علاقتهما نحو السعادة المفقودة. ففي طور العشق يبدو الآخر وكأنه يحقق ويرغب بكل الأشواق، إلى أن يرهق كلاهما الآخر في سباقه نحو التوكيد والاهتمام وأن يكون مقبولاً. وينقلان غضب خيبتهما الوجودية والمبكرة والموجودة أصلاً منذ أمد طويل نحو بعضهما، وهي ما كان يفترض أن يوجهانها بالأصل لوالديهما، ويدمران بهذا كل تقارب ودي وشفافية متفهمة لأزمتهما الذاتية.

ويتم بالنيابة توليد المعاناة من صراعات العلاقة الزوجية ومن الحروب الصغيرة اليومية و الخيبات و الاعتلالات المتكررة اللامتناهية، التي تصبغ الحياة الزوجية بطابعها، من أجل التمكن من إبراز صراعات مفهومة وقابلة للتحديد، وكي لا يجدان نفسيهما مجبران على تذكر قدرهما الباكر والغامض كلية. وبالتالي يتم تحويل المعاناة المبكرة التي لا تطاق إلى مأساة راهنة مستقرة ودائمة.


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:30 PM   #10
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


لقد أسهمت عقدة ليليت في نشوء حركة تحرير المرأة. إنهن يناضلن بالدرجة الأولى ضد السيطرة غير المحقة للرجال، المستندين في تسلطهم إلى السلطة التي منحهم إياها العهد القديم. ولكن كما رأينا فإن هذا الفهم خاطئ، لأن وجود ليليت وبالتالي عدم نضج آدم قد تم حجبه بالأصل. وكذلك فعلت المسيحية، حيث أنكرت ليليت إلى أكبر حد، ويندر جداً أن نجد أي طفل قد عرف شيئاً في الكنيسة عن ليليت. غير أن الحركة النسائية قد جعلت من أسطورة ليليت أسطورتها هي وغالباً ما استخدمت اسم ليليت، غير أن عقدة ليليت الكلية عادة ما لايتم إدراكها، لأن صراع الجنسين يظل هو النقطة المركزية. فالرجل يعد هدفاً منافساً ووغداً، وغالباً ما يتم تمجيد الجنسية في صورتها الاستمنائية أو السحاقية، وغالباً ما تظل إشكالية الأمومة محجوبة. وفي صراع المرأة نحو الحصول على العمل والشهرة الاجتماعية الموازية للرجل يتم إنكار الأمومة وتبخيسها، ويتم النظر لرياض الأطفال مع الانفصال المبكر جداً للطفل عن أمه على أنه ضرورة لا بد منها. وعلى هذا النحو يتم بشكل حتمي توريث نقص الأم الذي تقوم عقدة لوليت عليه، إلى الجيل التالي.

أما أهم جزء من عقدة ليليت، الذي اعتبره شخصياً مدمراً للحضارة ومصدراً أساسياً للعنف والحروب –الصغيرة منها والكبيرة- فهو المظهر المعادي للأطفال. إنه الطراز البدئي للأم المرعبة والموحشة والمستنزفة والملتهمة، التي تسرق الأطفال المولودين حديثاً وتقتلهم، التي تمتص دماء الطفل وتشفط حتى لب العظم. ولهذا فإن اليهود الأرثودوكسيين ما زالوا حتى اليوم يلبسن النساء اللواتي يلدن حجباً. وفي ثقافات و ميثولوجيا كثير من الشعوب تظهر المخلوقات الخاطفة للأطفال والماصة للدماء على هيئة امرأة غاوية، وهذا يدل على نموذج بدئي عام.

يدرك و يشير المرضى الذين يعانون من ضعف في التماهي و اضطرابات القيمة الذاتية وحالات من القلق –أي من أعراض أمراض مبنية بصورة مبكرة للذات- في الجلسات التحليلية المعمقة إلى خبرات رفض مهددة من الأم. وغالباً ما يكونوا قد فصلوا بشكل مبكر عن أمهاتهم وكانوا ضحايا للاستغلال النرجسي من الأم. وتتحول معرفة أن الأم كانت متسلطة وعدوانية ومطالبة و وماصة، وأن الطفل كان موضوعاً لإشباع هذه الحاجات، تتحول إلى معرفة مرة ومؤلمة وممزقة للقلب ومعذبة، غالباً ما تثير كذلك حنقاً قاتلاً واشمئزازاً مكثفاً.

والمظهر المعادي للأطفال للأم ليس هو المشكلة المرهقة والمهددة بحد ذاته، وإنما إنكاره وكبته في عقدة ليليت. فأسطورة ليليت تظهر لنا جانباً طبيعياً وحتمياً من شخصية الأنثى، يتيح لنا فهم رفض الأم، لأنه من خلال الولادة تتم إعاقة الاستقلالية والمساواة المهنية والاجتماعية، وحتى الاهتمامات الجنسية لفترة زمنية معينة. وغالبية الأمهات يرفضن هذه الحقيقة من خلال من خلال الأمومة نفسها أو من خلال الالتزام بحركة تحرير مع صراع إيدويولوجي من أجل حقوق المرأة، لا يحتل فيه الأطفال أي مكان.

وعلينا ونتيجة لكم من الخبرات العلاجية أن نفترض بأن الطفل يشعر باتجاه الأم هذا نحوه، قبل فترة طويلة من تمكنه من فهم ذلك بطريقة منطقية وقبل أن يتمكن من مواجهة ذلك لفظياً.

وقد تعلمنا من خلال الأبحاث الحديثة حول الرضيع، أنه ينشأ منذ البداية تواصل متبادل بين الطفل والأم. أي أن الطفل ليس مجرد متلق سلبي للرعاية الأمومية الطيبة أو السيئة، وإنما يسهم بفاعلية في بناء العلاقة مع الأم. وبالتالي فهو مجهز بمجموعة من المنعكسات الولادية والقدرات التواصلية، تساعده على الاتصال وتنظيم العلاقة. وبهذا فإن كل أم ستتذكر لا شعورياً من خلال طفلها بصورة حتمية خبراتها الأولى المبكرة. فالطفل يتواصل مع "الطفل الداخلي" لأمه إن صح التعبير. ويتحدث دانييل شتيرن عن "تشكيلة الأمومة" motherhood-consنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةlation الخاصة. وهي حالة تدخل فيها كل أم بعد الولادة، تختلط فيها لا شعورياً الخبرات مع أمها- الخبرات كابنة- مع بديهية الأم الشعورية المترافقة بالاتجاهات المعروفة والمرغوبة تجاه الطفل. إن القدرة المهمة للأم على التعاطف المتفهم مع طفلها يتحدد بدرجة كبيرة من خلال خبراتها الباكرة عندما كانت هي نفسها رضيعاً. فالكيفية التي استجابت من خلالها لها أمها، وتفهمتها وفهمتها وتقبلتها فيها، ووضعت حدودها، وعاشت فيها حبها و أوصلت إعاقاتها، تحدد إلى مدى بعيد على ما يبدو الأمومة الذاتية.

تنتقل حالة الأم، أي مخاوفها وشكها، عدم ثقتها وصراعاتها المتناقضة، رفضها وخيباتها، وحبها وتعاطفها بصورة جسدية في بادئ الأمر، حيث تحتوي نوعية النظرات والملامسات وطريقة الحمل والحضن والإيماءات والإشارات والصوت تأثيرات جوهرية. ومن هنا فليس من المستغرب أن يعزى لبريق عينا الأم، و تقبلها للوجود الطفولي و التعرف الحنون على حاجاته أهمية كبيرة في تشكيل خبرة القيمة الذاتية عند الطفل.



في كثير من العلاجات كان علي أن أشهد الضياع الحائر للناس و رعبهم العميق عندما يدركون أنهم لم يحصلوا ولا مرة على نظرات الحب من أمهاتهم، وأحياناً لم تقع نظراتهم على نظرات أمهاتهم على الإطلاق. إن الاتجاه اللاشعوري للأم نحو طفلها، وحتى الخبرات الباكرة غير المذللة وغير المعروفة للأم تؤثر على ما يبدو على الطفل بشكل أشد بكثير من الأمومة المرغوبة والشعورية، وحتى أكثر من تلك الأمومة المكتسبة من خلال دراسة كتب التربية والإرشاد. وهكذا يتحول الطفل المستجيب والطبيعي جداً والناشط حيوياً إلى تهديد للدفاع الأمومي ويضع تعويض خبراتها الذاتية المبكرة الصادمة موضع الشك. وهذا بالأصل نتيجة لعقدة ليليت أم الأم، أي عقدة الجدة. وعندما تقوم الأم الشابة بإنكار ذلك الجزء من عقدة ليليت فيها، ذلك الجزء الرافض للطفل والخائف منه لأنه يمكن أن يلحق الأذى بالأنوثة المستقلة والتواقة، فإنها سوف تنقل إلى طفلها نتيجة عدم أصالتها أو إرهاقها المتعب للأعصاب وتوترها الاتهامي، وتفرخ فيه "اضطراباً مبكراً" من خلال الجرح النرجسي.

لا يوجد رجل يستطيع أن يكون رجلاً مع "حواء" ، ولا توجد امرأة تمتلك فرصة أن تنضج مع "آدم" إلى امرأة. فآدم وحواء يعيدان إنتاج حياة لا تطاق نتيجة عقدة ليليت، يسممان حياتهما المشتركة من خلال خيباتهما المتنامية ويزيدان بهذا معاناة أطفالهما التي يمكن تجنبها. فقط من خلال دمج "ليليت" في ذاتهما يمكنهما أن يصبحا مثالاً لأولادهما في الحب والحياة السعيدة ولتمثل وتقبل المعاناة التي لا يمكن تجنبها في حياة زوجية مسؤولة. غير أن كلاهما أرادا بكل السبل الهروب من "ليليت". وهنا يتحول "آدم" بالنتيجة إلى "محارب" و "حواء" إلى "شيطان رجيم".

ولا يستطيع الطفل الانفكاك من أمه وكسب زوجته كشريك حياة وشريك جنسي مساو له، إلا عندما يكون اشتياقه الأمومي مشبعاً، أو عندما يتعلم التمكن من الحزن على نقص الأم لديه بين الحين والآخر-ليس بهدف تصحيح الواقع أو تهدئة النقص لاحقاً، كما هو الأمر في ثقافة كاملة متمركزة على المتعة تسعى نحو التسويق بشكل إدماني أو حتى كما يوهم كثير من المعالجين النفسيين متعالجيهم.

ترغب كثير من النساء إعطاء الرجل الذي يعاني من عقدة ليليت ما كان يمكن لأمه أن تعطيه إياه وما هو مفقود للأبد. أو أنه يريد معاقبة كل امرأة بكل وسيلة ممكنة لتعاسة أمه.

كان على فرويد أن يخترع "عقدة أوديب" من أجل جنسنة التثبيت المنتشر بكثرة على الأم ، ومن أجل إعطاء –بطريقة خاطئة للأسف- المأساة النفسية الاجتماعية الباكرة تفسيراً دافعياً نظرياً. إن إساءة استخدام التحليل النفسي الفرويدي الأرثوذوكسي لأسطورة أوديب و تحميل الذنب العظيم للوالدين اللذين أرادا قتل ابنهما في علم نفس الجنس الموهوم، جعلت جزءاً كبيراً من العلاج النفسي يتحول إلى نظام إنكار وتكيف في خدمة عقدة ليليت.

.


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:34 PM   #11
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


يفيد تشكل الصراعات العصابية "الأوديبية" بشكل خاص في صد المحتويات النفسية المهددة الناجمة عن الرفض و التقليل من القيمة المبكرين. وكل العلاجات النفسية التي تهتم بشكل مكثف ولفترة طويلة بتفسير التورطات الإنسانية اللانهائية والأزمات والاعتلالات المتصدرة، تشكل بأسلوبها هذا خطراً كبيراً يتمثل "بتهذيب" عواقب الأزمات الباكرة، من أجل تمويه عدم الأمن الحياتي الأساسي والسببي. ولابد من الاعتراف أنه لن يتمكن المرء في كثير من الحالات فتح الهلع الباكر على الإطلاق أو لا يجوز له ذلك على الإطلاق، لأن الإطار العلاجي أو الطاقة الموجودة للمعالج لن تكفي، من أجل أن يترك مارد الحياة الباكرة الذي لا يمكن تصوره يصبح مدركاً و يتم تمثله انفعالياً.

والأريكة Couch ليست في كل الأحوال هي المكان الأمثل الذي ينفجر عليه الغضب القاتل والكره العميق والألم الجارح والنفور المسبب للإقياء والحزن الممزق للقلب، والذي يمكن نقله بشكل مقصود من خلال عملية النقل إلى المعالج. إذ أن الانفعالات الباكرة والتوق الباكرين يكونان شديدان إلى درجة أنه لا بد من اتخاذ إجراءات علاجية أخرى، نسعى إلى تحقيقها في علاج نفسي تحليلي للجسد في غرفة نكوص وحماية مركزية. وتشير الخبرات العلاجية التي أمكن حتى الآن جمعها في هذه الأطر العلاجية إلى أن الأطفال الذين يعانون من نقص باكر في الأم (عجز أمومي)، أي يعانون من انجراج نرجسي أساسي يحاولون بطرق ووسائل متنوعة ومتعددة الحصول على حب الأم، ذلك أن نقص الحب يهدد بقاءهم.

تمثل جنسنة العلاقة محاولة متكررة للشبان، من أجل "امتلاك" الأم، ومحاولة البنت نحو إيجاد نوع من التعويض عند الأب على الأقل. ويبعث الاهتمام الجنسي genital النامي والمعرفة المتنامية حول جنسانية الوالدين مع ما ينتمي لذلك من هوامات إضافية الأمل بإمكانية التحرر و إيجاد سر الحب في الجنسية. ولا يمكننا أن نؤيد ونثبت وجود ما يسمى بالتشكيلة "الأوديبية:" باعتبارها مرحلة طبيعية من النمو النفسي ، يرغب فيها الولد تبجيل أمه و ويكبت الأب. ففي كل الأحوال فإن مثل هذه الرغبات تقوم على أساس اضطراب طفلي مبكر. ففي "عقدة أوديب" يتم السعي نحو تعويض نقص الأم المبكر، الأمر الذي لا يمكن أن ينجح على الإطلاق، غير أن التثبيت غير السعيد على الأم والصراعات بالنيابة تضمن ذلك التوازن، ويمكنها أن تقدم دعماً كذلك.

تصف أسطورة أوديب عواقب الذنب الأسري: فعندما لا يريد الوالدان تقبل الطفل، ينزلق الأب وابنه – بتحد من الأب- في نزاع قاتل كرمز للعنف الدموي بين الرجال، وتدخل الأم وابنها في زواج غير مسموح – الأمر الذي لا يمكن أن يعرفه إلا الأم- كرمز للعلاقات الزوجية غير السعيدة والمدمرة. كلاهما ناجم عن الكره وضعف التماهي من المأساة المبكرة.

أما في عقدة ليليت فإنه يرمز إلى عدم نضج الرجل والمرأة بشكل خاص، الذي نمى عن حاجة مبكرة غير مذللة (للأم). و "آدم" و" حواء" يورثان عدم نضجهما إلى أولادهما، بحيث أنهما يتوقعان بالنسبة لحاجاتهما من الأطفال أكثر مما يكونان قادران على إدراك حاجات طفلهما وإشباعها بقدر ما يستطيعون. وعن عقدة ليليت عند الوالدين تنشأ "الاضطرابات المبكرة" عند الأطفال، والتي يرغبان بشفائها من خلال التورط "الأوديبي".

عقدة ليليت تجعل من الأمهات أمهات كاذبات، يخدعن أطفالهن بوعود الحب الزائفة، أكثر مما يستطعن منحه لهم في الواقع. ويردن في النهاية وبشكل لاشعوري أن يكافئهن أولادهن على مساعيهن الشديدة، لأنهن هن أنفسهن غير ممتلئات بحب الأم بالأصل، حيث يقمن عندئذ باستغلال حب أطفالهن، الأمر الذي يبرر "تسمم الأم[8] " Poisoning –Mother . أما الرجال فيظلون في عقدة ليليت صبيان طفليون متعلقون بالأم، ويتحولون إلى آباء محبطين أو هاربين، حيث لا يكونوا موجودين كثالث محرر و موازن، لأنهم يستجيبون بغيرة مرضية على اهتمام زوجاتهم بأطفالهم، حتى وإن كانت هذه الأمومة تعاش ناقصة ومتشنجة.

وهكذا يتم إهداء عقدة ليليت غير المتغلب عليها عند الأمهات والآباء في كل الأحوال إلى الطفل على شكل نقص الأم وتسممها وفشل الأب وسوء استخدام الأب و إرهاب الأب.

والمرأة التي تنكر "ليليت" وتعيش "حواء" سوف تلحق بشكل حتمي بطفلها الأذى من خلال إنكارها اللاشعوري و أنوثتها المخفضة و الأحادية الجانب. وهذا يفسر لنا كثرة اضطرابات الشخصية النرجسية لدى كثير من الناس، عدا عن العنف الصريح النادر على سبيل المقارنة ضد الأطفال و والخطر المتنامي لمرض مجتمع نرجسي متفش – مجتمع عليه أن يوجد مزيداً من مصادر الإشباع النرجسي الأولي وبالتالي ينمي طبيعة إدمانية هدامة على المستوى الفردي والجماعي.

والرجل الذي ينكر "ليليت" ويعيش "آدم" سوف يعيش بشكل حتمي في الطفل صورة منافس على الأم. ولهذا سوف يرعب الطفل أو يسيء معاملته، وسوف يوجه غضب خيبته نحو شريكته ويهرب إلى المومسات أو إلى الكحول أو إلى العمل أو إلى صراع السلطة.

أما المرأة المدموجة فيها ليليت (المتكاملة فيها كل من حواء وليليت بالتساوي) سوف ترغب بالرجل كشريك لها تكمل ذاتها معه كند لها، لا تكون معه مضطرة للخضوع ولا ترغب بالسيطرة ولا ترهق نفسها معه في صراع تنافسي. وتكون أماً مع إدراك ما يرتبط بذلك من تقييد وارتباط حر، الأمر الذي يمكنها من مواجهة الطفل بإخلاص وصراحة ضمن حدودها، وإدراك الألم حول القصور الذي لا يمكن تجنبه والتعبير عنه. وسوف تمتلك الشجاعة للاعتراف أمام الطفل بشكل خاص أنها يمكنها أن تشعر بالرفض والخوف والكره لطفلها، ولكن هذه مشكلتها هي وليست مشكلة الطفل، وأن الأمور ستسير بخير عندما يستجيب الطفل لهذا بضيق و حزن. غير أنه لن يكون للحقيقة التي تشعر بها أية عواقب هدامة على الإطلاق. بالمقابل فإنه من المؤكد أن الحب الكاذب والاتجاه المتخفي يسبب الاضطرابات والمرض والعنف. والأم الصادقة والأصيلة سوف تبارك منذ البداية انفصال واستقلالية الطفل من حيث المبدأ.

أما الرجل المدمجة ليليت فيه (التي تتكامل فيه كل من ليليت وحواء) فسوف لن يحول زوجته إلى أم له وسوف يعيش زوجته نداً وإغناء وإكمال وتنمية له، ويتشارك معها الحياة ويبنيها بشكل فاعل وإبداعي. إنه رجل منفصل عن الأم، يتصرف بالفعل من داخله، من ذاته، دون أن يكون عليه لأن يحقق شيئاً أو يبرهنه أو يصارعه مدفوعاً بعوزه الداخلي. إنه لا يستطيع تحمل وجوده لوحده فحسب بل ويستطيع الاستمتاع بفردانيته النادرة وخصوصيته الوجودية. طفله ليس منافساً له وإنما وظيفة طبيعية، يتحول بالنسبة له معلماً و مدرباً ومثالاً أعلى. ويستطيع احترام اختلاف الخلف بوصفه تعبير عن عمليات النمو الحيوية


 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2006, 11:40 PM   #12
يتيم الحظ
V I P


الصورة الرمزية يتيم الحظ
يتيم الحظ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12743
 تاريخ التسجيل :  02 2006
 أخر زيارة : 19-06-2009 (03:19 PM)
 المشاركات : 6,234 [ + ]
 التقييم :  45
لوني المفضل : Cadetblue


الغضب والكره – انفعالات هدامة
الدكتور سامر جميل رضوان[1]



نعيش في عالم تعصف فيه مشاعر لاشعورية عنيفة. إنها مزيج من الانفعالات والرغبات. ومنها ما هو هدام ومنها ما هو بناء. إنها في الواقع علاقة معقدة بين الفرح والحزن والحب والكره والغيظ والغضب والحقد والانتقام والحسد والغيرة.

وعلاقاتنا بالناس من حولنا هي دائماً علاقات انفعالية..علاقات مشاعر. وفهم لغة المشاعر هذه يساعدنا في النمو والارتقاء ويمنحنا طاقة خلاقة في التعامل مع المواقف الحياتية. ولكن عندما لا نتمكن من فهم هذه اللغة وكيفية التعامل معها قد تكون العواقب وخيمة.

فلنتأمل الغضب، هذا الانفعال الهدام الذي يمكن أن يقود إلى الحقد والحسد والكره.

فعندما لا تتحقق مقاصدنا فإننا لا نشعر إلا بالغضب، وعندما يقول لنا شخص ما لا لطلب نطلبه منه نشعر بالغضب، وعندما يتهمنا أحدهم اتهاماَ ما نشعر بالغضب ونرد بغضب عندما يواجهنا شخص ما بالغضب…عندئذ يمكننا أن نفقد صوابنا …أن ننفجر من الغيظ. وعندما نكون غاضبين من أمر ما فإننا قد ننفجر غضباً بشخص آخر لا علاقة له بغضبنا كزوجتنا أو أولادنا.

وعندما نكظم غضبنا ولا نعبر عن غضبنا نحو الخارج فإنه يتحول إلى غضب كامن خفي خانق. إننا نبتلع غضبنا كما يقال. غير أن ابتلاعه لا يعني أنه أصبح عديم التأثير، إنه يحفر في الداخل. فتكون عاقبته الهم والاستياء والتبرم والتقزز وصولاً حتى النفور والصد الذي يبلغ حد القرف‎.

ويمكن للغضب أن يحفر فينا عميقاً إلى درجة أنه يسبب مرضاً نفسياً جسدياً كالقرحة أو مرض المرارة أو إلى معاناة في القولون.

ويقول الناس "لقد طقت مرارتي من القهر".وهذا صحيح. فالغضب المقموع والمكظوم لابد وأن يقود إلى مثل هذه العواقب. ويمكن للإنسان أن يحمر ويصفر ويزرق من الغضب …بل ويمكن له أن يموت….



والغضب المكبوت أو المقموع يتحول إلى حقد. إنه شكل من أشكال الكره المزمن، الذي يحمله وينميه شخص ما تجاه عدو ما. ويمكننا هنا الحديث عن طبع مشحون بالكره. ومثل هؤلاء الأشخاص يجرون خلفهم سلسلة من الخيبات والإحباطات والإزعاجات التي بدأت منذ الطفولة الباكرة. وكثير من الأطفال الذين يربون في الملاجئ ودور الأيتام والمشردين يكونون مشحونين بالكره "إنهم أبناء الكره"، وبالتالي يكونون أكثر استعداداً للجنوح وميلاً للعنف الذي يشبه العنف الذي تعرضوا له هم أنفسهم في طفولتهم.

فمن خلال الصد والرفض والشعور بأن الطفل متروك وحده دون مساعدة يصبح الإنسان غير قادر على تنمية وعيه بذاته. ومثل هذا النوع من الأطفال المهملين يظهرون لنا مدى العلاقة بين الغضب المقموع ووعي الذات.

والأشخاص الذين يكون لديهم استعداد للعنف هم من حيث الجوهر أناس مصابون في أعماقهم ومجروحين وغير واثقين من أنفسهم.

والشعور الكامن بالغضب أو الحقد يعبر عن شدة الإحباط والخيبة التي عانوا منها. فظمأهم نحو الحب لم يطفأ. وليس من المفاجئ إذا ما كانوا دائماً غاضبين وكانوا باردين وقاسيين مع من حولهم ويتعاملون معهم بلا رحمة، كما عوملوا وهم أطفال.

فالحاجات الأولية نحو الحماية والأمن لم تشبع هنا . وأضيف إلى ذلك رفض صريح وسوء معاملة واحتقار وغبن نفسي.

وبالتالي يحصد الوالدين في أطفالهم ما زرعوه هم بأنفسهم: أي الرفض الشديد لكل المعايير والقيم المعترف بها والامتناع المتحدي لكل ما يقدره الوالدين.


ويتصاعد الغضب والغضب المقموع إلى سورات من الغضب، وذلك عندما يغلي الدم في العروق، عندما يشتعل الإنسان غضباً، عندما يهيج ويصل درجة الانفجار ويقذف كل شيء حوله ويطير في الهواء من الغضب ويحطم ويدمر كل ما يقف في طريقه إنه يصبح كالمسعور. وسورات الغضب حسب التعريف هي عبارة عن انفعال، إنها ردة فعل مباشرة تستمر لوقت قصير على المضايقات النرجسية القادمة من الخارج.

والعدوانية اتجاه انفعالي أو معرفي يتوجه نحو شخص ما يمكن أن يشعر بها الإنسان وقد لا يلاحظها.

أما العنف بالمقابل فهو سلوك عدواني ملحوظ لا يتوانى عن إلحاق الأذى النفسي والجسمي بالآخرين، مباشرة أو غير مباشرة.



ويمكن للحنق أن يتأجج إلى غيظ أو سخط ويتفرغ في سورة غضب، وينتهي بسرعة مثلما بدأ. ومن هذه الناحية يمكنه أن يحرر الإنسان. كما ويمكن للغيظ أو السخط " المتوازن" أن يدفع الإنسان إلى وضع هدف ما أمام عينيه وأن يسعى لتحقيقه ولا ييأس من السعي نحو هدفه. غير أنه يمكن أن يأخذ شكلاً هداماً عندما يتحول إلى تدمير الآخرين.

وكلنا يعرف مدى الشر الكامن في الأشخاص المحيطين به، عندما يتحدثون عن الشخص الثالث الغائب، أي عندما يمارسون النميمة، و كلنا يعرف الهزء والسخرية اللاذعة التي يصغر من خلالها الناس بعضهم.



الكره، والثأر المرعب – الحياة الفاشلة



هناك بشر يزرعون الشر في كل مكان يدخلونه، يكرهون الجميع ويحملون الكره والحقد في قلوبهم حيث تبدو شخصيتهم كلها مملوءة بالكره.

وقلما توجد مناسبة إلا ويكون فيها نزاع وعراك أو نميمة.

والكره لا يعرف المساومة أو المهادنة. ويتمسك الكاره بحقده وكرهه بشدة ، إنه ينميه ويحافظ عليه. ويصبح عنيداً لا يمكن نقاشه أو مهادنته. إنه يجري وراء عدوه أو منافسه بكره أعمى دون كلل أو ملل. أو أنه يمتنع عنه يرفضه ويقلل من قيمته، يتركه ينتظر ويهتم بشخص آخر. وهناك شكل من الكره لا يلقى الاهتمام الكبير: فكثير من أشكال الخيانة وعدم الإخلاص هي تعبير عن الكره للآخر…الكره الكامن واللاشعوري. والكره المخفي هو في كثير من أشكاله الدافع للافتراء والمكائد والمؤامرات والخيانة. ويمكن كذلك لعدم الحفاظ على المواعيد وعدم الموثوقية العامة أن تكون تعبيراً عن الكره الكامن.

والكره ظاهرة إنسانية خاصة بالإنسان. وعلينا أن ندرك نحن كبشر أننا نكره وأنه علينا التعامل مع هذه المشاعر.

يغلب أن يتجه الكره تجاه الذات وغالباً ما تكون هذه المشاعر لا شعورية. وكره الذات هذا يمكن أن يقود إلى تحطيم الذات. ويمكن أن يتجلى هذا النوع من خلال تحطيم الممتلكات الشخصية والإسراف والتبذير وعدم الرضى الظاهر والكامن والشك بالذات والإدمانات المعروفة ( كالتدخين وتناول المشروبات الكحولية بإفراط وتعاطي المخدرات…الخ ) والاكتئابات . ويشكل الانتحار قمة كره الذات حيث يتم هنا تحطيم الموضوع المكروه الذي هو الذات


كيف يمكننا التعامل مع الغضب والكره؟



ليس الهدف هو عدم الغضب أو عدم التعبير عنه. وإنما الهدف هو في تعلم التعامل معه وعدم كبته وتعلم التعبير عنه بالصورة المناسبة. فالأطفال الذين لا يسمح لهم بالتعبير عن غضبهم في الطفولة ولا يتعلمون كيفية التعامل مع الغضب معرضون للاضطرابات والانحرافات في المراهقة أكثر من غيرهم.

وهناك طرق كثيرة يمكن التعبير من خلالها عن مشاعر الغضب دون إلحاق الأذى بالآخرين. والمهم هنا هو فهم أسباب الغضب ومحاولة إزالتها. ويكفي في بعض الأحيان الحديث حول الأمور التي تغضب الإنسان أو التعبير عن مشاعر الظلم والإهانة التي يشعر بها الإنسان من قبل مديره مثلاً. وأحيانا يمكن التنفيس عن مشاعر الغضب من خلال الرياضة والأنشطة الترفيهية الأخرى.

ودور المربين هو تعليم الأطفال تحمل درجة أكبر من الإحباط وتعلم أن الإنسان قد لا يستطيع دائما تحقيق ما يريد وبسرعة كبيرة وتعليم الأطفال ومساعدتهم على التعبير عن مشاعر الغضب بالطريقة المناسبة والبحث دائماً عن الحلول الوسط.

أما في حالة مشاعر الكره فلا بد في البدء من التفريق بين كون الإنسان يكره شخصاً ما أو هو نفسه مكروهاً:

فعندما يكون الإنسان نفسه مكروهاً ، أي عندما يكتشف أن شخصاً ما يكرهه فهناك إمكانيتين للاستجابة: إما مناقشة الشخص أو تجنبه. والإمكانية الأولى هي الأفضل ، لأنه فقط عندما يتم النقاش ويحاول المرء إيجاد الأسباب التي أدت للكره يمكن للإنسان أن يتغلب على مشاعر الكره. ولكن ما يحدث غالباً هو عدم وجود إمكانية أخرى غير الابتعاد عن الكاره وذلك لحماية الذات وخصوصاً إذا كان هذا الكاره في موقع المسؤولية المهنية مثلاً، لأنه قد يلحق الأذى الفعلي بالشخص بدون سبب واضح.

وعندما يكون المرء نفسه هو الكاره ، أي إذا نمت مشاعر الكره تجاه شخص آخر على المرء ألاّ يكبت هذا الشعور مباشرة . ولابد في البدء من اكتشاف الأسباب والمبررات. على الإنسان أن يطرح الأسئلة التالية:

ما الذي أثار عندي مشاعر الكره؟

ما هى الإيماءات والتصرفات والكلمات التي أثارت ذلك عندي ؟

هل تبدو هذه المثيرات معروفة لي ؟

هل هناك أحداث مشابهة أثارت الكره في السابق؟

إلى أي تصرف يحاول الكره أن يقودني؟

كيف أتمكن من السيطرة على هذا الدافع

كيف سأشعر في الواقع لو كرهني شخص ما؟

وعندما يحاول المرء الإجابة عن هذه الأسئلة يمكنه اكتشاف بعض الوجوه التي يمكن أن تكون قد قادت لهذه المشاعر ومدى إسهامه هو نفسه بهذا الأمر


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2006, 08:50 AM   #13
مفتاحة
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية مفتاحة
مفتاحة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9633
 تاريخ التسجيل :  09 2005
 أخر زيارة : 21-06-2024 (11:18 PM)
 المشاركات : 3,640 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


شكرا بس ياليت المواضيع عن الاطفال والي يعرف بريدي يرسل لي عليه مواضيع لاني بحاجه لمواضيع كبيره عن الاطفال الغضب الكره زي كذا


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2006, 09:54 AM   #14
راشد السيكولوجي
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية راشد السيكولوجي
راشد السيكولوجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12361
 تاريخ التسجيل :  01 2006
 أخر زيارة : 03-01-2010 (02:41 AM)
 المشاركات : 2,174 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


هل تربية الأطفال مهمة صعبة ؟

كان الأزواج الشباب قديما يستعينون بالآباء والاجدادفي حل مشاكلهم مع أنفسهم وأطفالهم أيام ما كانت الأسرة من النوع الممتد ، وكان الأبناء يستفيدون من خبرة الأجداد في التربية , وكانت الحياة على بساطتها لاتستدعي الذهاب إلى الأطباء النفسانييين أو المراكز النفسية أمااليوم فتغيرت الحال وظهر ما يسمى بالأسرة النووية التي تتألف من الزوج والزوجة والأطفال ، وتعقدت الحياة أكثر بظهور التكنولوجيا الحديثة ، وصارت الاسرة الصغيرة تملك فيلا وخدم وحشم وسائق ولم يعد الناس بحاجة إلى غيرهم ، وانقطعت الصلات بين بعض الاسر فأصبح الأخ لايرى أخته الا في السنة أو السنتين مرة واحدة ، ولم يعد الجار محتاجا لجاره بسبب سعة ذات اليد ، فانعكست هذه الأمور سلبا على الحياة الطبيعية فنشأ القلق والإكتئاب والتوتر ، وكثرت المشاحنات الزوجية والإنفصال بين الزوج والزوجة والطلاق ، وأصبح الأب مشغولا عن بيته وأولاده وأصبحت الأسرة بدون راع يرعى شئونها فكثرت الإنحرافات بين الاطفال والمراهقين والزوجات ،

نعم إن مهمة تربية الأطفال صعبة في هذا الزمن الصعب ، فالطفل لم يعد يؤثرفيه أمه أو أبوه فتاثيرهما فيه قليل إذا ما قارنا به تاثير الصديق أو الصديقة أو العاب الفيديو والإنترنت وما يستجد في هذا العصر من مغريات التكنولوجيا الحديثة كالموبايل والبلو توث وادوات التصوير ، والأم ليس لديها الوقت الكافي للجلوس مع ابنتها والحديث معها حول ما تعانيه من إحباطات في المدرسة أو ماتتعرض له من إيذاء من زميلاتها ، ولقد نفد صبر الأم وصارت تتعلق بما هو أهم من ابنتها ، الموضه وأحدث ماتوصلت إليه دور الأزياء العالمية ، فتراها دائما أمام المرآة تتفقد جمالها هل زاد أو نقص ؟ فمعظم وقتها أمام التلفاز أو التيلفون إو في السوق ، والأب منشغل بتجارته وأعماله الخاصة ومع أصدقائه في الإستراحات أو السفر وفي بيته من المراهقين والأطفال من يتعطشون إلى رؤيته فضلا عن جلوسه معهم ، قلت لأحد الأطفال أين والدك ؟ قال إنه مسافر : قلت علشان يجيب عمالا ، قال لا لا نريد عمالا نريد أبي : ماذا تحمل هذه الكلمة من معني الطفل يحتج على والده بانه تركه وانشغل بماهو أهم منه وهي التجارة ، وهل هناك أغلى من الولد ؟

صحيح التربية صعبة في هذا الزمن الصعب لأن الوالدين لايجدان متسعا من الوقت للإهتمام بأطفالهما ، بسبب مشاغل الحياة والجري وراء زخارفها ، المشكلة عند كثير من الناس أنهم لايميزون بين الضروريات والكماليات بل أصبحت الكماليات هي و الضروريات في مستوى واحد 0 الأسرة فقدت وظيفتها القديمة الأم تزرع الحب وتسقيه حتى ينضج ، ثم تحصده وتدوسه ثم تطحنه وتعجنه وتخبزه ثم تقدمه لزوجها ، الأم كانت قديما تقوم وتصلي الفجر ثم تشعل النار وتجهز الطعام للفلاحين وتوصله إليهم ، الأم كانت تغسل وتكنس وتنظف الدار وتهتم بالأولاد ولا تعرف الطباخات أو الشغالات أو السائقين ، فأين أم اليوم من أم الأمس، الأب يكدح يخرج من بعد صلاة الفجر للحقول يكد ويسقي النخيل والزرع وبدون راتب ويسمونه قديما بالجازه أو بمقدار مايشبع بطنه فقط هذه حياة الآباء وألأجداد فأين نحن وهذه الحياة الكسيفة ؟، العناية الصحية غير متوفرة والأكل غير متوفر والتعليم أيضا غير متوفر أوفي بدايته لاكهرباء ولا ماء في المنازل الطينية ،التي يخشى عليها السقوط عندما تشتد الأمطار 0
في هذا العصر انقلبت المفاهيم والقيم صار الابن يضرب أباه أو يقتله وصارت الزوجة تضرب زوجها أو تقتله وصار الأخ الأصغر يضرب أخاه الأكبر ، هذه أمور مؤسفة حقا لم تكن معروفة من قبل ، فما الذي أحدث هذا الإنقلاب الفكري الرهيب ، ماذا سيحدث في المستقبل ياترى ؟ الخطر قادم مع الأسف شئنا أم أبينا ، وأعتقد أن السبب في ذلك بعدنا عن الشريعة وتطبيق مثلها السمحة التي تدعو إلى التراحم والتعاطف و احترام الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير ، الله سبحانه وتعالى قال : ( ولاتقل لهما أف ) كلمة تأفف فقط لاتقولها لوالدك أو والدتك ، فما بالك بمن يضرب والدته أو والده ، أنا أعتقد أن ضرب الوالدين جريمة كبيرة لاتغتفر ، ونكران للجميل ، ( واخفظ لهما جناح الذل من الرحمة ، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) 0
من يعتقد أنه ربى ابنه لأنه أمن له الغذاء والملبس والمسكن واشترى له سيارة ، وأنه لم يقصر معه من الناحية المادية في شيء فقد أخطأ ، فالتربية ليست في إشباع النواحي المادية فقط ، التربية في احترام مشاعر الابن ، الاستماع له ومساعدته فيما يعترضه من مشكلات ، إشعاره أنه مهم في الاسرة وله دور وتحميله المسئولية واحترام رفقائه ، واصدقائه ، والتاكد بأنهم جلساء صالحين ،و عدم تحقيره والاستهزاء به أوكثرة نقده أمام الغير ومحاورته ومناقشته فيما يقع فيه من أخطاء بهدوء بدون ازعاج أو تأنيب والأهم من هذا كله جعل الأسرة أرضية جيدة لنمو الأبناء


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2006, 09:55 AM   #15
راشد السيكولوجي
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية راشد السيكولوجي
راشد السيكولوجي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 12361
 تاريخ التسجيل :  01 2006
 أخر زيارة : 03-01-2010 (02:41 AM)
 المشاركات : 2,174 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الاعتداء العاطفي على الطفل


يمكن تعريف الاعتداء العاطفي بوصفه النمط السلوكي الذي يهاجم النمو العاطفي للطفل وصحته النفسية وإحساسه بقيمته الذاتية. وهو يشمل الشتم والتحبيط والترهيب والعزل والإذلال والرفض والتدليل المفرط والسخرية والنقد اللاذع والتجاهل.
والاعتداء العاطفي يتجاوز مجرد التطاول اللفظي ويعتبر هجوما كاسحا على النمو العاطفي والاجتماعي للطفل وهو تهديد خطر للصحة النفسية للشخص. وهو يجئ في أشكال عديدة منها:
o تحقير الطفل والحطّ من شأنه
o البرود
o التدليل المفرط
o القسوة
o التضارب
o المضايقة والتهديد

تحقير الطفل والحطّ من شأنه:
يؤدي هذا السلوك إلى رؤية الطفل لنفسه في الصورة المنحطّة التي ترسمها ألفاظ ذويه مما يحد من طاقة الطفل ويعطّل إحساسه الذاتي بإمكاناته وطاقاته. إطلاق أسماء على الطفل مثل "غبي"، "أنت غلطه"، "أنت عالة" أو إي اسم أخر يؤثر في إحساسه بقيمته وثقته بنفسه خاصة وإذا كانت تلك الأسماء تطلق على الطفل بصورة مكررة.
من الأجدى إن يمارس الوالدين الانتقاد الفعال بمعنى إن ينتقدا فعل الطفل و ليس شخصيته. مثلا عندما تكون درجة الطفل في الامتحان دون المستوى المتوقع منه، فمن الأفضل إن يقال للطفل بأنه لم يستغل وقته بطريقة صحيحة أو انه لم يعط الاهتمام أو الوقت الكافي الذي يحتاجه للدراسة. فكلمات مثل هذه تساعد الطفل على معرفة مكمن المشكلة وتساعده على إيجاد حلول لها ويعلم إن فعله هو المشكلة فلن يؤثر ذلك على نظرته لنفسه على انه إنسان فاشل بعكس إذا ما استخدمت كلمات مثل "أنت غبي"، "لن تفلح أبدا"، "لقد أخجلتنا وأنت عار علينا" فهذه الكلمات تضرب في صميم شخصيته وثقته بنفسه.

البرود:
يتعلم الأطفال كيف يتفاعلون مع العالم من حولهم من خلال تفاعلاتهم المبكرة مع والديهم. فإذا كان سلوك الوالدين مع أطفالهم مفعما بالدفء والمحبة، فإن هؤلاء الأطفال يكبرون وهم يرون العالم مكانا آمنا مليئا بفرص التعلم والاستكشاف. أما إذا كان سلوك الوالدين يتسم بالبرود فإنهم سيحرمون أطفالهم من العناصر الضرورية لتحقيق نموهم العاطفي والاجتماعي. والأطفال الذين يتعرضون للبرود بشكل دائم يكبرون ليرون العالم مكانا باردا مثيرا للسأم والأغلب أن معظم علاقاتهم المستقبلية لن تكون ناجحة. كما أنهم لن يشعروا أبدا بالثقة المحفزة للاستكشاف والتعلم.
مثال على ذلك هو عندما يرسم الطفل لوحة يشعر بالفخر بها ويأتي لوالديه بكل حماس لينظروا فيما يراه هو انجازا ولكنه يقابل بعدم اكتراث أو الصراخ في وجهه بأنه يضيع وقته في أمور غير ذات فائدة. عموما فان الطفل يشعر بالبرود من والديه إذا ما كانوا غير مباليين في التعبير عن مشاعرهم لانجازات الطفل ونجاحاته. مثال أخر على البرود هو عدم حضور الوالدين مدرسة الطفل عندما يدعون إليها خاصة إذا كانت هناك فعاليات يشارك فيها الطفل ويتغيب والداه لسبب لا يراه مقنعا خاصة إذا تكرر ذلك فما يرسخ في عقل الطفل وذاكرته هو إن والداه "لا يهتمان".

التدليل المفرط:
عندما يعلّم الوالدان أطفالهم الانخراط في سلوك غير اجتماعي، فإنهم يحرمونهم من عيش تجربة اجتماعية طبيعية في المستقبل. فالتدليل المفرط لا يساعد الطفل على تعلم واقع الحياة والظروف المحيطة به مما يؤدي لصعوبات في تحمل المسؤولية والمشاعر مع الآخرين في الكبر.
يشمل التدليل المفرط عندما يقول أو يفعل الطفل خطأ يؤثر سلبا على شخصيته (خاصة عندما يكون هذا الخطأ يكرر وأصبح عادة للطفل) فتكون ردة فعل الوالدين سلبية ولا يحاولان تعديل سلوك الطفل لكي لا ينزعج ويعتقدون انه "سوف يصلح حاله عندما يكبر".
صحيح انه يبدو إن الطفل سعيدا بهذا الوضع في الوهلة الأولى لأنه حر بان يفعل ما يريد ولا يرى من يحاسبه أو يردعه، ولكن واقع الأمر ليس كذلك. فالطفل قد يفقد شعوره بالأمان لأنه ترك لوحده إن يقرر من دون إن يشعر بأنه يوجد من يساعده في اتخاذ القرار الصحيح إذا ما اخطأ أو احتاج إلى مسانده. فشعور الطفل بعدم الأمان و التوتر قد يكون له تأثير سلبي على شخصيته خاصة وإذا كان المجتمع و الإفراد المحيطون به لا يقبلون أو يرفضون تصرفاته الغير لائقة.
مثال على التصرفات الغير لائقة و المرفوضة من المجتمع هي عندما يذهب الطفل إلى مجمع تجاري مثلا ويتصرف بطريقة تزعج الآخرين أو إن يلحق خرابا بالمجمع. هذا صحيح ايضا عندما تطلب الأم، من ولدها بأن يدخل البيت بعد لعبه بالخارج وبإصرار شارحة له إضرار كونه في الشارع إلى هذا الوقت، ولكن يصر الطفل على عدم الدخول و البقاء في الشارع فتتراجع الأم وتترك الطفل ليقرر هو متى يريد الدخول. فالطفل الذي يعلم إن آمه لا تتهاون معه عندما يكون الموضوع يتعلق بأمنه مثلا يشعر بالأمان أكثر من الطفل الذي تتسامح آمه معه وتتركه يقرر هو ما يرتبط بأمنه.

القسوة:
وهي أشد من البرود ولكن نتائجها قد تكون مماثلة. فالأطفال بحاجة للشعور بالأمان والمحبة حتى ينطلقوا في استكشاف العالم من حولهم ويتعلموا تشكيل علاقات صحية. أما حين يتعرض الأطفال لمعاملة قاسية من ذويهم فإن العالم لا يعود له "معنى" بالنسبة إليهم وستتأثر كل مجالات التعلم بتجربتهم القاسية وسيتعطل نموهم العاطفي والاجتماعي والثقافي.
مثال على القسوة هو العقاب القاسي لأخطاء لا تستحق هذه الدرجة من القسوة و الأسوأ هو عندما يعاقب الطفل ولا يعلم ما هو خطأه ولماذا يعاقب. مثال أخر على القسوة هو عندما يكون للوالدين توقعات غير واقعية من أبنائهم لا تتناسب مع أعمارهم أو حتى نموهم العقلي والعاطفي.

التضارب:
إن أسس التعلم تكمن في التفاعلات الأولى بين الطفل وذويه. فعبر التفاعلات المنسجمة يشكّل كل منهما الآخر ويتعلم الطفل أن لأفعاله نتائج منسجمة ومتطابقة، وذلك هو الأساس الأول للتعلم. ومن هذه التجربة يتعلم الطفل أيضا أن يثق بأن حاجاته سوف تلبّى. ولكن عندما لا يكون المربي منسجما في استجابته للطفل وتصرفاته، فإن هذا الطفل لن يتعلم ما الذي يجب عليه توقعه من البداية مما سيؤثر على خبرات التعلم لديه طيلة حياته.
عندما يعلم الطفل ما هي ردة الفعل التي يتوقعها لكل فعل، صحيح كان أم خاطئ، فان مهارات الطفل الحياتية سوف تتطور ويتعلم الطفل التفكير بطريقة منطقية. ولكن عندما لا يستطيع الطفل إن يتوقع نتائج افعاله وردود الفعل عليها فعملية التعليم، وخاصة في المهارات الحياتية، تتأثر سلبا فضلا عن أنها سوف تترك الطفل يعيش ضغطا معنويا لأنه لا يعلم يتوقع وما هي عاقبة الأمور خاصة إذا ما أراد إن يبدأ تجربة جديدة.
مثال بسيط على التضارب هو عندما يتصرف الوالدان بطرق مختلفة في أمور متشابهة. مثلا يذهب الطفل إلى مكان ما من غير استئذان فيقوم والداه بمعاقبته بشدة بينما قد يذهب مرة أخرى إلى المكان ذاته من غير استئذان ويتغاضى الوالدان عن ذلك تماما من دون إعطاء إي سبب يمكن للطفل فهمه و استيعابه.
مثال أخر على ذلك هو عندما يكسر الطفل شيء عزيز على الأم في البيت. تحاول الأم إن تفهم الطفل بأنه ارتكب خطأ فادح وان هذا الشيء عزيز عليها وقد يكون سعره مرتفعا وكم هي بائسة ألان بعد فقدانه، فتستخدم العقاب الجسدي و النفسي وتصف الطفل بأوصاف جارحة. ولكن عندما تأتي صديقة العائلة مع أطفالها في زيارة إلى منزل الطفل ويقوم احد أطفال الضيوف بكسر الشيء ذاته، وعندما تغضب الصديقة على طفلها، تحاول الأم تهدئة الوضع وإقناع صديقتها بأنه لم يحصل شيئا مهما وانه من السهل شراء قطعة أخرى مماثلة وبالتالي فأن الطفل لا يستحق العقاب. موقف كهذا يترك الطفل في حيرة عميقة وثقة بالنفس هابطة عندما يرى التضارب و التناقض في تصرف أمه عندما كسر هو الشيء وعندما كسره ابن صديقتها. عندما يشاهد الطفل هذا التضارب وخاصة إذا كان بصورة مستمرة، فأنه يخلف أثارا سلبية على صحة الطفل النفسية وعلى قدرته التعليمية.

المضايقة والتهديد:
وذلك يشتمل على تهديد الطفل بعقوبات شديدة أو غير مفهومة تثير الفزع في نفس الطفل وخاصة إذا ما ترك الطفل ينتظر العقاب ولا يعلم متى وماذا سوف يحل به. قد تصل المضايقة إلى التهديد بتحقير الطفل أمام اصدقائة، كسر يده أو رجله، طرده من المنزل أو حتى قتل حيوان في البيت أو إنسان يحبه الطفل إذا لم يتمكن الطفل من انجاز ما يطلب منه القائم بأمره.
إن أثار المضايقة و التهديد تشبه أثار التحقير وإن كانت تتضمن عنصر ضغط إضافي. والتهديد يفزع الطفل مما يؤدي إلى تشويه نفسيته وتعطيل قدرته على التعامل مع المواقف العصيبة أو الضغوط. فالخوف المستمر وانتظار الأسوأ يهدد إحساس الطفل بالأمان و الطمأنينة مما يولد لديه مشاكل نفسية كأن يصبح دائم التوتر، قليل التركيز ولكن الأمر لا يقتصر على الجانب النفسي فقط إذ قد تظهر عليه أعراض جسدية أيضا الضعف المستمر وعدم القدرة على مقاومة الإمراض. فالطفل الذي يعيش تحت طائلة المضايقة و التهديد المستمر لديه فرصة ضئيلة في النمو النفسي السليم و القدرة على إيجاد علاقات اجتماعية سليمة من دون مشاكل.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:25 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا