المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > ملتقيات التجارب الشخصية والأبحاث > ملتقى أصحاب الإكتئاب
 

ملتقى أصحاب الإكتئاب أكره مرض الإكتئاب بنفس القدر الذي أحب به مريض الإكتئاب .. فهو أرق الناس وأصفاهم وأصدقهم .. و من لا يدمع قلبه حين يعايش مريض الإكتئاب ، فإن قلبه من حجر ، أو أشد قسوة "

خطبة من ذهب

بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الأولى الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا، وما توفيقي، ولا اعتصامي، ولا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 28-03-2016, 03:39 PM   #1
محمد البدراني
عضومجلس إدارة في نفساني
((جينرال الدواسر))


الصورة الرمزية محمد البدراني
محمد البدراني متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 42049
 تاريخ التسجيل :  01 2013
 أخر زيارة : يوم أمس (03:44 AM)
 المشاركات : 16,306 [ + ]
 التقييم :  169
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkseagreen
خطبة من ذهب



بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى
الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا، و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا، وما توفيقي، ولا اعتصامي، ولا توكُّلي إلا على الله، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيته وإرغاما لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمدا صلَّى الله عليه وسلم رسولُ الله سِّيدُ الخلق والبشر، ما اتَّصلت عينٌ بنظر أو سمعت أذنٌ بخبر،اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذرِّيته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقا، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة المؤمنون، في الخطبة السابقة تحدثت بفضل الله تعالى عن أن الذي يعين على الصبر أن تعرف حقيقة الحياة الدنيا، لماذا خلقك الله فيها ؟ وما طبيعتها ؟ وما جوهرها؟ وقد لخَّصها النبيُّ عليه الصلاة و السلام بأنها:
((دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمــن عرفها لم يفرح لرخاء، و لم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، و جعل الآخـرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، و جعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضـا، فيأخذ ليعطي، و يبتلي ليجزي...))
ومن الأشياء التي تعين على الصبر أن تعرف طبيعة الإنسان، من هو الإنسان، إنما هو عبد لله عزوجل، و قد لخَّص النبي عليه الصلاة والسلام عبوديته لله، و أنه ملكٌ لله، وأن الله مالك الملك، فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
((أَرْسَلَتْ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ فَأْتِنَا فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمَعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرِجَالٌ فَرُفِعَ إِلــَى رَســُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ قَالَ حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ فَفَاضَتْ عَيْنـَاهُ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ))
[رواه البخاري]
هذا يعين على الصبر.
ومن الأشياء التي تعين على الصبر اليقين بالعوض، فإذا صبرت ابتغاء وجه الله فلابد من أن يعوِّضك الله عزوجل جزاء صبرك على الذي فقدته خيرا من الذي فقدته، النبي عليه الصلاة و السلام نوَّه إلى هذا المعنى فقال:
((من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا في دينه ودنياه))
و اليوم نتابع الموضوع، يعين على الصبر أن تعرف طبيعة الحياة الدنيا، يعين على الصبر أن تعرف حقيقة عبودية الإنسان، يعين على الصبر أن توقن بالعوض، و يعين على الصبر أن توقن بالفرج، فنصر الله قريب، و الفرج آتٍ، وما بعد الضيق - كما يقول عامة الناس - إلا السعة، و بعد العسر اليسر، و أن ما وعد اللهُ المؤمنين من النصر و ما وعد المبتلين من العوض و الإخلاف، لا بد أن يتحقق، هذا اليقين أيها الإخوة، هذا اليقين بمجيء الفرج على مستوى كل مؤمن، كل مؤمن يعاني من ضائقة أو من مشكلة أو من مرض أو خلاف ذلك يجب أن يوقن بالفرج، وهذا اليقين ليس من عندي، من عند الله عزوجل، بنص القرآن الكريم، ربنا سبحانه و تعالى يقول:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
عظمة الآية أن الله عزوجل لم يقل: إن بعد العسر يسرا، قال:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
اليسر مع العسر، ليطمئنك، ليبثَّ في نفسك الرضى، ليبث في نفسك الأمل، اليسر مع العسر.
يا أيها الإخوة المؤمنون، سيدنا يعقوب عليه و على نبينا أفضل الصلاة و السلام حينما فقد ابنه قال:
﴿جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً﴾
[سورة يوسف]
هذا اليقين بالفرج، قال تعالى:
﴿يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾
[سورة يوسف]
اليأس من لوازم الكفر، القنوط من لوازم الكفر، الاستبشار والتفاؤل من لوازم الإيمان، فكل من أصابته مصيبةٌ عليه أن يوقن بناء على وعد الله عزوجل أن الفرج آت، وأن نصر الله قريب، و أن بعد الضيق السعة، أن بعد العسر اليسر، و أن ما وعد الله المؤمنين من النصر، وما وعد به المبتلين من العوض الإخلاف لا بد من أن يتحقق.
يا أيها الإخوة الأكارم هذا اليقين يبدِّد ظلام القلق، هذا اليقين يطرد شبح اليأس، هذا اليقين يضيء الصدر بالأمل والظفر، هذا اليقين يبث في النفس الثقة بالغد، هذا كسب نفسي كبير يتمتع به المؤمن، الثقة بالمستقبل، الثقة بأن فرج الله آت، الثقة بأن الله سبحانه و تعالى لا يخلف وعده، الثقة بأن الله ناصر عبده المؤمن.
يا أيها الإخوة الأكارم، الأمل قوة محرّكة كبيرة، و شحنة دافعة إلى الأمام، أما اليأس فهو داء وبيل قتَّال.
أيها الإخوة الأكارم، ربنا سبحانه و تعالى يقول:
﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾
[سورة غافر]
أي وعد المؤمن بالنصر، وعد المؤمن بالفرج، وعد المؤمن بالتيسير، وعد المؤمن بالإمداد، هذا وعد من الله عزوجل، قال تعالى:
﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً﴾
[سورة النساء]
قال تعالى:
﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ﴾
[سورة التوبة]
يا أيها الإخوة الأكارم، من الذي يخلف وعده ؟ إنه العاجز، إنه الكاذب صنفان من الناس يخلفان وعدهما، العاجزون و الكاذبون، والله سبحانه و تعالى جلَّ شأنه، و تعالت أسماؤه عن أن يتَّصف بالعجز وما سوى ذلك.
يا أيها الإخوة الأكارم، عودة ثانية إلى قوله تعالى:
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
في القرآن آيتان، الأولى قوله تعالى:
﴿سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾
[سورة الطلاق]
و الآية الثانية قال تعالى:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
هناك لفتة بلاغية، هو أن اليسر إذا جاء غير معرَّف و تكرَّر واختلف قال تعالى:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
اليسر الأول غير اليسر الثاني، لأن الكلمة منكَّرة و متكررة، أما إذا الكلمة عُرِّفت وتكررت فهي شيء واحد، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
((لن يغلب عسر يسرين))
اليسران هما الغالبان، شيء آخر في الآية، ربنا سبحانه و تعالى أراد من خلال الآية الثانية أن يبين لعباده المؤمنين قرب تحقق اليسر بعد العسر، حتى كأنه معه، القرب، لم يقل كما قلت قبيل، لم يقل: إن بعد العسر يسرا، قال:
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
فلو دخل العسر جحرا لدخل اليسر معه، و بعضهم يقول: لو دخل العسر جحرا لتقدَّمه اليسر، هذا هو المعنى الأول، فإذا ألَّمت بالإنسان ضائقة، فإذا نزلت به نازلة، فإذا شعر بضيق نفسي، فإذا شعر بقلق كبير يجب أن يعلم علم اليقين أن مع العسر اليسر، وأن مع الضيق الفرج، وأن مع هذه البلية الرفعة، و أن هذه الشدة تعقبها شَدَّة إلى الله عزوجل، و أن هذه المحنة تعقبها منحة، و أن كل شيء وقع أراده الله، و أن لإرادة الله حكما بليغة، و إن حكمته البليغة متعلقة بالخير.
يا أيها الإخوة المؤمنون، المعنى الثاني لقوله تعالى:
﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾
[سورة الشرح]
لن يغلب عسر يسرين، هذا المعنى الأول، و تحقق اليسر بعد اليسر، حيث جاء معه، هذا المعنى الثاني، و المعنى الثالث فسَّر العلماء اليسر في هذه الآية باللطف الإلهي، قد يقع حادث، و لكن الركاب ينجون بلطف الله عزوجل، فهذا لطف، قد يأتي المرض، و لــه مضاعفات خطيرة، ولكن الله سبحانه و تعالى يحمي هذا المؤمن من هذه المضاعفات الخطيرة، قد تأتي البلية فينجو منها المؤمن، قد تأتي البلية بشكل نخفَّف، المعنى الثالث هو اللطف، من هنا يدعو المسلمون ربَّهم فيقولون: يا ربنا لا نسألك ردَّ القضاء، و لكن نسألك اللطف فيه، هذا الذي يعين على الصبر، اليقين بالفرج، و الله سبحانه و تعالى وعد المؤمنين باليسر بعد العسر، و ما جعل هذا العسر إلا دافعا لهم إلى باب الله تعالى، ما جعل هذا العسر إلا محرِّضا لهم على طاعة ربهم، ما جعل هذا العسر إلا مذكِّرا لهم بمهمتهم في الحياة، ما جعل هذا العسر إلا طريقا إلى اليسر، ما قبض إلا ليبسط، ما خفض إلا ليرفع، ما أذل إلا ليعز، ما أخذ إلا ليعطي، فيأخذ ليعطي، و يبتلي ليجزي، و لو كُشف الغطاء لاخترتم الواقع، و لو أن الإنسان تأمل في هذا الذي أصابه لأيقن يقينا قاطعا أن هذا الذي أصابه وراءه حكمة بالغة، ويد رحيمة، وربٌّ كريم، وأن الله سبحانه وتعالى سيجعل هذه المحنة ذكرى، و يجعل العس من بعده يسرا.
أيها الإخوة الأكارم، يقول ابن عطاء الله السكندري: من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره "، و الله سبحانه و تعالى يقول:
﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ﴾
[سورة يوسف]
يشاء شيئا و يأتي معه اللطف، يشاء بلية و تأتي معها النجاة، يشاء أمرا، ويأتي معه التيسير، آية دقيقة من آيات القرآن الكريم، يقول الله عزوجل:
﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾
[سورة الليل]
هذه آيـــة التيسير، و آية التعسير، و للتيسير قانون، و للتعسير قانون، و التيسير والتعسير ليسا جزافا، إنهما بيد حكيم عليم، خبير قدير، رحمن رحيم، إذا فهمت الأحداث التي تجري هذا الفهم رضيت، إذا فهمت أن المصائب يسوقها الله سبحانه و تعالى ليدفع عباده الذين يحبهم إلى بابه، إن هؤلاء الذين يتمتعون، ويأكلون كما تأكل الأنعام، هؤلاء خارج المعالجة، هؤلاء خارج الحماية، قال تعالى:
﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾
[سورة الأنعام]
شيء آخر يا أيها الإخوة المؤمنون يتعلق باليقين بالفرج، وهو أن الله سبحانه و تعالى وعد المؤمن بحسن العاقبة فقال تعالى:
﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة الأعراف]
لو لم يكن في كتاب الله كله إلا هذه الآية لكفت المؤمنين، خالق السماوات والأرض، ومن بيده كل شيء يقول:
﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة الأعراف]
قال تعالى:
﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾
[سورة آل عمران]
و قال تعالى:
﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة هود]
ألا تكفي هذه الآية.
يا أيها الإخوة المؤمنون، قد تشتد المحن، وتتفاقم الفتن، وتقبل الشدائد كأمواج البحر، وتأخذ بخناق المؤمن، تزيغ الأبصار، تبلغ القلوب الحناجر، يظن الناسُ بالله الظنون، يُبتلى المؤمنون، يُزلزلون زلزالا شديدا، ويأتي بعد ذلك الفرج، ويأتي بعد ذلك اليسرُ.
يا أيها الإخوة المؤمنون، قال بعض العارفين:
ولرُبَّ نازلة يضيق بها الفتى ذرعا و عند الله منها المخرجُ
نزلت فلما استحكمت حلقاتُها فُرِجت، وكنت أظنها لا تُفرَجُ
أيها الإخوة الأكارم، ربنا سبحانه و تعالى نوَّه بهذا المعنى فقال:
﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾
[سورة يوسف]
هذا على المستوى الفردي، قد تحيط بالإنسان المحن، قد تتَّفق عليه المصائب، قد تأتيه المصائبُ من كل جهة، فإذا هي تنحلُّ عُقدَةً عقدةً، واحدةً وَاحدةً، وهذا من فضل الله و رحمته.
أيها الإخوة المؤمنون، النبي عليه الصلاة و السلام يطمئن المؤمن أنه لو أن له جارا منحرفا، لو أن له جارا فاسقا، لو أن صديقا كافرا، يطمئن المؤمن فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ))
[رواه البخاري]
قال تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾
[سورة هود]
مرة ثانية، مما يخفِّف من وقع المصيبة يقين المؤمن بحسن العوض عما فات، والإخلاف عما فقد، و الله سبحانه و تعالى لا يضيِّع أجر عامل، لا مثوبة محسن، أمُّ سلمة تلك الصحابية الجليلة كان لها زوج من أفضل الأزواج، أبو سلمة، صحابي جليل و متفوِّق في كل الميادين، وتوفِّي هذا الزوج، فالنبي عليه الصلاة و السلام فيما رواه الإمام مسلم علَّمنا فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهَا فَجَعَلْتُ كُلَّمَا بَلَغْتُ وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهـَا قُلْتُ فــِي نَفْسِي وَمَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ ثُمَّ قُلْتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعَثَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُهَا فَلَمْ تَزَوَّجْهُ فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَخْطُبُهَا عَلَيْهِ فَقَالَتْ أَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى وَأَنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَقُلْ لَهَا أَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي امْرَأَةٌ غَيْرَى فَأَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ فَسَتُكْفَيْنَ صِبْيَانَكِ وَأَمَّا قَوْلُكِ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدًا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ))
[رواه أحمد]
ثم كانت المفاجأة، لقد طلبها النبي عليه الصلاة و السلام، و كانت زوجة رسول الله، ورسول الله صلى الله عليه و سلم أفضل من أبي سلمة، فإذا ألَّمت بالمؤمن مصيبةٌ فليدعُ بهذا الدعاء:
((مَنْ أَصَابَتــْهُ مُصِيبَةٌ فَلْيَقُلْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي فَأْجُرْنِي فِيهَا وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُهَا فَجَعَلْتُ كُلَّمَا بَلَغْتُ وَأَبْدِلْنِي بِهَا خَيْرًا مِنْهَا))
[رواه مسلم]
هذا كلام النبي عليه الصلاة و السلام، والحديث صحيح رواه الإمام مسلم، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
أيها الإخوة الأكارم، شيء آخر يعين على الصبر، هو أن تستعين بالله، قال الله تعالى:
﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
[سورة الأنفال]
و قال تعالى:
﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾
[سورة الطور]
قال بعض العارفين: من كان بمعية الله مصحوبة كان بعين الله محفوظة "، و قد بيَّنت في خطبة سابقة أن المعية التي وردت أربع مرات في القرآن للصابرين هي معية خاصة، و ليست معية عامة، إنها معية الحفظ، والرعاية، والتأييد، والنصر، وإذا العناية لاحظتك جفونها نَم فالمخاوف كلهن أمانُ
لكن شيئا دقيقا يلفت النظر هو أن الله سبحانه وتعالى في بعض الآيات قرن الصبر بالتوكُّل، فرعون هدَّد بني إسرائيل فقال موسى في القرآن الكريم:
﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
[سورة الأعراف]
قد تأتي المصيبةُ و تخاف منها، ليس لك إلا الله ملجأ تستعين به، فينقذك مما أنت فيه، تعرف ربوبيته، تعرف أنه سمع دعاءك، تعرف أن الأمر بيده، يتقدَّم إيمانُك بهذه الطريقة، قال تعالى:
﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾
[سورة النحل]
و قال تعالى:
﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾
[سورة إبراهيم]
الله سبحانه و تعالى ربط الصبر بالتوكل، وربط التوكُّل بالتوحيد، إذا كنت موحِّدا تتوكل، و إذا كنت ألَّمت بك مصيبة عندها تتوكل، فالتوكل يرتبط بالصبر من جهة، و بالتوحيد من جهة أخرى.
أيها الإخوة المؤمنون، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا، وسيتخطَّى غيرنا إلينا، فلنتَّخذ حذرنا، الكيَّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأمانيَّ، و الحمد لله رب العالمين.
***
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، و أشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ و سلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
أيها الإخوة المؤمنون، يقول الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم:
﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾
[سورة الرحمن]
و البيان الذي في هذه الآية، و الذي ورد بعد خلق الإنسان، و قبل تعليم القرآن، آية دالة على عظمة الله سبحانه و تعالى، قبل الحديث عن هذه الآية لا بد من الإشارة إلى أن الله سبحانه وتعالى حينما قدَّم تعليم القرآن على خلق الإنسان هذا تقديم رتبي، بمعنى أن المنهج مقدَّم على وجودك، فما قيمة وجودك من دون منهج ؟ ما قيمة حياتك من دون دليل ؟ ما قيمة معيشتك من دون مبدأ ؟ قال تعالى:
﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾
[سورة الرحمن]
حينما قدَّم تعليم القرآن على خلق الإنسان أراد الله سبحانه و تعالى أن يبيِّن أن وجود المنهج مقدَّم على وجودك في الأهمية، فهذا الذي يتيه في الأرض، هذا الذي يشرد على الله عزوجل، هذا الذي ينطلق من شهواته، هذا الذي تتحكَّم فيه غرائزه، هذا إنسان يعيش على هامش الحياة، قال تعالى:
﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾
[سورة الرحمن]
في القرآن الكريم لقطات دقيقة، لم يقل الله عزوجل: الرحمن علم القرآن خلق الإنسان وعلمه البيان، قال:
﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾
[سورة الرحمن]
جعل تعليم البيان تفسيرا لخلق الإنسان، بل جعل تعليم البيان خصيصة للإنسان يُميَّز بها، لذلك قال بعض العلماء: ما الإنسان لولا البيان إلا بهيمة مهماة أو صورة ممثَّلة "، هذه اللغة التي نتواصل بها، هذه اللغة التي نعبِّر بها عن حاجاتنا، عن مشاعرنا، عن أفكارنا، هذه اللغة التي نعرف بها تراث الأقدمين، هذه اللغة التي هي وسيلة لإدراك ما حولك، هذه اللغة من آيات الله الدالة على عظمته، قال بعض العلماء: البيان أنواع ثلاثة ؛ علَّمه البيان الذهني، والبيان القولي، والبيان الكتابي، فأنت تفكر باللغة، القلب يهتدي إلى الحقائق وأنت ساكت، عن طريق التأمل الذاتي، و اللغة هي الوسيلة، لاحظ نفسك حينما تفكِّر، إنك تفكر بوساطة اللغة، و أنت صامت، الأفكار و العلل و الأسباب و المرجِّحات، كلها تأتي إلى ذهنك عن طريق اللغة، فالبيان بيان الذهن للقلب وأنت صامت، و البيان بيان اللسان، هذا البيان المسموع، و البيان بيان القلم، هذا البيان المكتوب، إنك تفكر، وإنك تستمع، وإنك تقرأ، أو إنك تفكر، و إنك تتكلم، وإنك تكتب، هذا البيان من آيات الله الدالة على عظمته.
يا أيها الإخوة المؤمنون، لكن الذي يلفت النظر أن هناك آية أخرى متعلقة بهذه الآية، قال تعالى:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾
[سورة الروم]
الله سبحانه و تعالى كرَّم الإنسان، فجعل لكل إنسان صورة خاصة به، جعله متميِّزا، ليس على وجه الأرض رجلان يتشابهان، قال تعالى:
﴿وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾
[سورة الروم]
وكذلك نبرة الصوت، لكل أمة لغة خاصة، ولكل قبيلة لهجة خاصة، و لكل حي أسلوب خاص، ولكل أسرة، ولكل رجل، ولكل مخلوق من ذكر أو أنثى، هذا التفرّد، الشعوب تتفَّرد باللغات، و القبائل تتفرَّد باللهجات، والأسرة الواحدة لها طريقة في الحديث، و المنطقة الواحدة لها طريقة في البيان.
والحمد لله رب العالمين
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 28-03-2016, 04:20 PM   #2
Lady sara
عضو موقوف
مثيرة للجدل


الصورة الرمزية Lady sara
Lady sara غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 52717
 تاريخ التسجيل :  01 2016
 أخر زيارة : 05-07-2020 (05:27 AM)
 المشاركات : 3,941 [ + ]
 التقييم :  203
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Blueviolet


ما شا الله الخطبة طويلة
جزاك الله خير اخوي البدراني علي النقل المفيد


 

رد مع اقتباس
قديم 28-03-2016, 04:27 PM   #3
الوردي
مشرف ملتقى الاكتئاب
للادويه سلبيات قد تدمرك


الصورة الرمزية الوردي
الوردي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 37575
 تاريخ التسجيل :  02 2012
 أخر زيارة : 18-07-2020 (11:37 PM)
 المشاركات : 4,905 [ + ]
 التقييم :  234
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Teal


ما شاء الله عليك يا حمودي . قريت كل الخطبه

انا شفت طولها تعبت نفسيا


 

رد مع اقتباس
قديم 28-03-2016, 04:53 PM   #4
سلفر
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية سلفر
سلفر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 52877
 تاريخ التسجيل :  02 2016
 أخر زيارة : 29-09-2021 (07:13 AM)
 المشاركات : 694 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يعطيك العافيه


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا