حكمة امرأة !!

حكمة امرأة !!

تزوج عليها زوجها دون أن يُعلمها، ودون أن تكون هناك أسباب واضحة لهذا الزواج.


كانت نِعمَ الزوجة المطيعة الحنون، والأم الرؤوم، تزوج عليها بعد زواج دام خمس عشرة سنة، وبعد أن أنجبت منه خمسة أطفال .

صدمة ومواساة
صدمت للخبر، شل عقلها عن التفكير، لم تعد تعرف كيف تتصرف.
علم الأهل والصديقات بالخبر، فأسرعوا بكل شهامة ووفاء لمد يد العون لها، وإسداء النصح، ومواساتها في مصيبتها والكل يحثها على أن تثأر لكرامتها، وأن ترمي له الأولاد، وتعود إلى بيت أهلها كما جاءت منه.

لم يتمتع هو بحياته وشبابه وتظل هي تأكل الحصرم، وتفني شبابها في خدمة أبنائه، إنها لا تزال شابة في الثانية والثلاثين من عمرها، جميلة مثقفة، فهي تستطيع أن تتزوج مثله، وتبني حياة مستقلة.
جمعت ملابسها وكل حاجياتها، وهمت بالخروج، ولكن أوقفها صوت ابنتها الصغرى وهي تنادي عليها: ماما .. ماما أحضري لي معك حلوى حين قدومك ولا تتأخري، أريد أن أراك قبل أن أنام.

وقفت تتأمل ابنتها وهي تبتسم في براءة، وتقذف لها بالقبلات الحارة، ثم أخذت تجري وارتمت في أحضانها.
رفعت وجه ابنتها إليها تتأمله، وانهالت عواطف الأمومة على قلبها الذي انطفأ في لحظة تهور وغضب.
ما ذنب هذه الطفلة المسكينة؟ وما ذنب إخوانها الآخرين؟ لمن تتركهم؟ للأيام تضرسهم؟ أم للأحزان تمزقهم؟!
أطل زوجها من غرفته .. التفت نظراتهما، تذكرت أنه لم يكن سيئاً معها، ففيه كثير من الخصال الحميدة التي قلما تجتمع في رجال اليوم، وهو فوق ذلك كله يخاف الله ويخشاه. إذن لن يهضمها حقها، فما المانع في أن تعيش مع أولادها تحت سقف واحد تغدق عليهم من فيض حبها وحنانها، فينشأون أسوياء يستفيد منهم دينهم ومجتمعهم ؟

لِمَ لا تكيف نفسها مع الوضع الجديد من أجل دينها الذي يطالب بإكثار أمة محمد، من أجل بسمة أولادها، ومن أجل نفسياتهم، ومن أجل نفسها التي بنت قيماً ومبادئ في نفوس بشرية لمدة خمسة عشر عاماً ؟
لم لا تواصل المسير بثقة وصبر، لتدحر عيون الشامتين والشامتات؟ وهبي أن الزوج لم يكن عادلاً ولا منصفاً، وقد أضاع كثيراً من حقوقها بما يفتيه لنفسه وبالمخارج التي يجدها لهواه معتمداً على أحاديث ضعيفة، وأقوال واهية، ليبرر موقفه وتقصيره.

الصبر وحسن التصرف
فما عسى حواء فاعلة ؟ وأي نهج سالكة؟ انهجي نهج الصابرات المحتسبات للأجر، واعلمي أن هذه الدنيا دار امتحان وبلاء، وأنه لابد لك من أن تضحي، لأن طبع المرأة الوفاء والتضحية وإنكار الذات.
أمام سلوك زوجك غير العادل، تنزعجي، لأن هناك عيناً لا تغفل ولا تنام ترقب أحوال العباد، وتجازي كل مخلوق على عمله، فإن ضاعت لك حقوق في الدنيا فهي محفوظة لك في الآخرة.

وللأسف تخطئ كثير من النساء التصرف إذا ما تزوج عليهن أزواجهن فيثرن ثورة وهمية يشعلها الشيطان الذي يتفانى في التفريق بين الزوجين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجئ أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، قال : ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت، قال: الأعمش: أراه قال: فيلتزمه اللفظ المسلم .

إذن هم الشيطان الأول والأخير تفكيك الأسرة المسلمة ليتفكك المجتمع ويضيع الدين.
إعجاب
ولكن أعبجتني تلك الأخت التي علمت بزواج زوجها، فعالجت الموضوع بكل صبر وهدوء، ولم تدع فرصة لأي متطفل أن يقحم أنفه في حياتها، ولم تسمح لأي عين فضولية بأن تلج إلى جنتها، ولم تُشعر أطفالها بأي تغيير غير طبيعي في حياتهم حتى لا تتكدر نفوسهم.

فإذا ما سألها لسان ثرثار عن وضعها مع زوجها حمدت الله، وذكرت للجميع أنها تفاهمت مع زوجها على كل أمر، وهي على أتم وفاق معه، وبهذا الجواب آخرست كل الألسن، وأغمضت كل العيون.

مجلة الفرحة العدد (7) أبريل 1997 ـ ص : 38

المصدر: نفساني