لا اريد ان اتزوج

لا اريد ان اتزوج

بسم الله الرحمن الرحيم

أعزائي أرجو التكرم بالإشارة علي بحل في المشكلة التي أعاني منها فأنا فتاة ابلغ من العمر 28 عاما قضيت خلالها مرحلتي الطفولة والمراهقة لا أجد لوصفها من عبارة تجسد حقيقتها, حيث أنها بدأت ولم تنتهي عند مشكلة انفصال والدي حين كنت ابلغ من العمر 8 سنوات واستقرار الحال بي أنا وأخوتي عند والدتي التي أثرت تحمل مسؤولية أبناءها, في حين اختار والدي طريقا أخر له ارتبط فيه بسيدة أخرى وأنجب منها عددا من الأبناء, وشغلته الحياة وتصاريفها, وذلك بعد جولات من الخلافات والتصارع الشديد بينهما التي دارت جلها في ساحات القضاء, دفع ضريبتها هؤلاء الأطفال من خلال معاصرتهم لها.
ومع تحمل والدتي لمسؤوليتنا جميعا ورضاءنا بالحياة معها لأننا نحن من اخترناها, تجرعنا خلال تلك المسيرة الالالم قصوى, لم يكن اقلها الجوع والحرمان وضيق ذات اليد, ولكن الحياة لا تدير ظهرها بالكامل كما يقولون فلقد أكملت أنا وإخوتي تعليمنا وتزوج البعض منا بفضل الله ثم بفضل والدتنا, التي انكبت على العمل حتى لا نحتاج لشيء أو لأحد بعد الله, في حين لم يكن لوالدي الذي اثر الانسحاب التام أي دور يذكر أو لا يذكر في تلك الحياة وتلك التنشئة.
المشكلة الحقيقية الآن التي أعاني منها الآن رغم محاولات مني لاقصاءها وتهميشها, هي أن المشكلة التي عانيت منها في حياة الطفولة والمراهقة والشباب قد ألقت بآثارها النفسية الجانبية عليّ, وتمثلت في إني كرهت الارتباط بأي رجل, بل وأصبحت أسخف من فكرة الزواج, واقلل من أهميتها في حياة البشر, على أساس "أن الذين لم يتزوجوا لم يموتون, وماذا استفاد المتزوجون من الزواج؟!!", .... وهكذا. وقد مضت الأيام وفكرة واحدة ترسخ في ذهني باستمرار, وهي أن أي ظهور لأي رجل في حياتي سيتبعه اختفاء مفاجئ كما ظهر, كما حصل مع والدي وإخوتي الذكور الذين بدءوا مشاريع حياة جديدة, كما انه من غير الممكن أن يكون لوجود الرجل في حياتي من معنى سوى المعاني المرادفة للألم والعذاب والخيانة, وعذاب الأبناء وتشتتهم.
وقد رسخت هذه الفكرة أكثر في مخيلتي من خلال وجهين رايتهما في حياتي لهذا الموضوع تمثلا أمامي فإما أن اخطب ولا تكتمل تفاصيل الخطبة التي تموت في مهدها كما إنها لم تكن, مع عدم إبداء أسباب حقيقية تبرر ذلك. وإما أن ارفض أنا أي إنسان يتقدم لي حيث تقدم لي مؤخرا احد الأشخاص الذين يقال بحق أنهم لا يرفضُون ومع ذلك رفضته, تاركة أكثر من علامة استفهام في وجوه من حولي الذين غبطوني على خطبة كهذه!!...وخطبت مرة أخرى ورفضت أيضا, ورفضت أخر من غير أهل بلدي بعد طلبي لمهلة في التفكير استمرت طويلا, حاولت خلالها إقناع نفسي أن ليس الجميع متشابهين, وان كنتي تخافين من أهل بلدك فهذا ليس منهم, ومع ذلك كانت النتيجة كما مثيلاتها...وقد جنيت من تضارب الأفكار تلك أن توترت علاقتي بوالدتي لإصراري على الرفض غير المبرر من وجهة نظرها, وانخفاض وزني لأكثر من عشر كيلوات, وانطوائي ورغبتي المستمرة في عدم مغادرة البيت, وحتى حين أغادره لا أجد في عيون الذين حولي سوى الشفقة علي اعتقادا منهم بأني مريضة كما يقولون وكما أرى في عيونهم...
وأخيرا تقدم لي شخص زميل لي في العمل, ولكن مع عدم شعوري بالرغبة في الارتباط أجدني اشعر بالحرج, ويقتلني معه التردد والتباطؤ ومحاولات "التطفيش" التي أمارسها عليه من حين لأخر, مع وجود مرعب لتلك الأفكار وتصورات سوداوية لحياتي معه, واشعر بالارتياح حين استشعر رفض والدي له لأنني أتوقع ذلك وبشدة لاعتبارات عدة...
حقيقي اشعر بخوف ورهبة من فكرة الارتباط بأي إنسان, خاصة و أن الذي سيتعذب هم أبنائي, الذين سيدفعون ثمن "لحظة طيش" قمت بها حين وافقت على الارتباط بوالدهم, حين يتركني وإياهم نقاسي الآلام الأيام كما قاسيتها أنا وإخوتي وأمي... ماذا افعل لا اعرف وكيف اقتص تلك الأفكار من مخيلتي أيضا لا اعرف خاصة واني أمام مشروع جديد يحتاج مني لحسم بالرفض أو القبول فبمَ تشورون علي؟!!...
أرجو التفضل بالرد عليّ لأهمية ذلك بالنسبة لي في التخلص من الآلام النفسية المرهقة التي أعانيها,,, ولكم مني فائق الشكر وجزيل التقدير ...

المصدر: نفساني

الاخت العزيزة
احييك وادعو لك بكل الخير والتوفيق في كل امور حياتك واود ان تطردي المخاوف من الزواج لأنها تحرمك من الاستمتاع بمباهجه ولابد من طرد ذكرياتك المريرة عن طلاق والديك والتوقف عن التعامل معها وكأنها الصورة الحتمية لكل زواج وتأكدي ان الطلاق هو الاستثناء وان استمرار الزواج ونجاحه هو القاعدة ومن الحكمة عدم التعامل مع الاستثناء وكأنه أمر واجب الحدوث .
ولذا اود ان تنفتحي على الحياة وان تطردي مخاوفك وتقومي "بزرع "الطمأنينة بداخلك فورا والى الابد وان تستعيني بالله عز وجل وتحسني الاختيار وزتتوكلي على الله وان تتعلمي مهارات التعامل مع الزوج بلطف ونعومة وان تحرضيه على حسن التعامل معك وابشرك انني عايشت الكثيرات من ابناء المطلقين وقد تزوجن ونجحن واثق انك بمشيئة الرحمن ستنضمي اليهن فلا تبخلي على نفسك .
اخيرا تذكري ان الحياة لن تمنحك الا ما تعطيه لنفسك فامنحي نفسك الطمأنينة والتفاؤل والاشراق واليقين بالعثور على النجاح في الزواج وتذكري دائما ان من يبحث عن شيء يجده فابحثي عن كل ما يفيدك وتوقفي عن التشاؤم والخوف لانهما يحرمانك من الحياة السعيدة التي ادعو لك بها من كل قلبي فساعدي نفسك واخرجي من هذه الدائرة المنهكة والتي تسرق العمر واحسني الظن بالله عز وجل وستربحين دائما .
وفقك الله
نجلاء محفوظ
كاتبة ومستشارة اجتماعية
رئيس القسم الادبي المناوب بجريدة الاهرام

الاستاذة الفاضلة نجلاء محفوظ ... تحية طيبة

اشكر لك كريم تفاعلك معي ومع مشكلتي, وصدقيني كم كنت في حاجة ماسة لكلماتك تلك جزاك الله تعالى خيرا عليها ... واعتذر لو طلبت منك بالتفضل بالاشارة علي بكيفية حسن الاختيار ... ولكي مني جزيل الشكر واقدم اعتذاري مجددا ودمتي بكل ود ... تحياتي