المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > المنتديات الإسلامية > الملتقى الإسلامي
 

الملتقى الإسلامي قال تعالى : (( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ))

هـل السـعـادة حقاً حـلـم لا يـتحــقـق؟!..فريق علمي (يبحث عن السيطرة على السعادة)

هـل السـعـادة حقاً حـلـم لا يـتحــقـق؟!.. بلغت الحضارة في عصرنا العتيد أوج التقدم والرقي العلمي، بما أحدثته الثورة التقنية من اختراعات وابتكارات، حققت لأربابها ما يطمحون إليه من

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 19-03-2008, 11:54 PM   #1
طالب الاله
عضو فعال


الصورة الرمزية طالب الاله
طالب الاله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23050
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
هـل السـعـادة حقاً حـلـم لا يـتحــقـق؟!..فريق علمي (يبحث عن السيطرة على السعادة)



هـل السـعـادة حقاً حـلـم لا يـتحــقـق؟!..

بلغت الحضارة في عصرنا العتيد أوج التقدم والرقي العلمي، بما أحدثته الثورة التقنية من اختراعات وابتكارات، حققت لأربابها ما يطمحون إليه من أغراض ووسائل تؤمن لهم معيشة أكثر رفاهية مما سبق، وذلك باختلاق النظم و القوانين، بغية تسخير موارد الطبيعة، لتجود لهم أكثر مما كانت عليه، وتبديل أنماط حياتهم نحو الأفضل والأرقى، فكان اختراع السيارات والطائرات واكتشاف الكهرباء والالكترونيات، وبناء القصور الشامخات، وتشييد المصانع الضخمة بأكبر قدر من التكنولوجيا.
كل هذا سعياً وراء حياة يَهنَؤون فيها بالعيش الرغيد والسعادة المأمولة .
إلا أنه رغم جميع السنن والخطط التي سلكوها، والوسائل التي أحدثوها، بقيت حلقة مفقودة في سلسلة حياتهم، أورث ضياعها قلقاً نفسياً حاداً، عانت منه البشرية قاطبة، فرغم العلم الحديث المتطور، الذي حلَّق فوق بلادهم بقوانينه الجبارة وكشوفاته وتقنياته كانت السعادة غائبة عنهم، والسرور القلبي قد انعدم لديهم، بسبب الحجاب المادي الكثيف الذي ألقى ظلاله القاتمة على الأنفس، فسدَّ عنها النور والسرور والحياة الإلهية القلبية والسعادة.
عندها أخذ البعض يتساءل عن سبيل لبلوغ السعادة المرجوة، وهل يمكن السيطرة بالقوانين المادية على جوهر السعادة للوصول بالأصول لتحصيلها علمياً، والسيطرة عليها ونوالها.
هل من الممكن إخضاع السعادة لتلك القوانين العلمية الجبارة، فتأتيهم صاغرة خادمة طائعة بين أيديهم؟!. فيتمتعون بالسعادة المأمولة وتغدو الأرض جنَّة!.


فريق علمي (يبحث عن السيطرة على السعادة) بالقوانين المادية وذلك في النصف الأول من القرن العشرين :

لأجل هذا الهدف، وحبّاً للاكتشاف والنوال للسعادة وبحثاً عنها، قامت هيئة باحثة دارسة ضمَّت فريقاً بريطانياً حوى كبار العباقرة والجهابذة والعلماء والفلاسفة وأطباء النفس المتخصصين ليدرسوا هذه القضية الهامة( السعادة )،
ويطلقوا سهماً علَّهم يصيبون به هدفهم الذي كل ما سواه إنما اخترع لأجل تحصيله.
أخذ الفريق يقلب طبقات وشرائح المجتمعات البشرية، رفيعها ووضيعها، فقيرها وغنيها، يتفحصها بدقة واهتمام ( يسبر مدى السعادة المكنونة في طياتها، وعند من تنحصر مادة السعادة، ومن هم مالكوها، وكيف السبيل للوصول إليها )؟.


كل ذلك ليقروا منهجاً يحتذي المجتمع بقوانينه، ويكون لهم مرشداً ودليلاً لبلوغ مسرات مطلقة بديمومة مدى الحياة دون نغص أو كدر، فيمتطي الجميع سفينة السعداء، ويخوضوا بحار الصفاء والهناء، ليسعدوا بحياة ملؤها الحبور والسرور، فنتقلب بأحضان النعيم من جميل لأجمل، ونعرج من حسن لأحسن، ومن طيب لأطيب، ببدع لذيذة ممتعة جذابة خلابة تأخذ بمجامع القلوب وتسلب الألباب، وتسحر الأفئدة، فتمتصُّها بكليتها بغبطة وهناء، وأفانين متزايدة متعاظمة، وذلك ضمن قوانين وقواعد صارمة بالدقة، تُتَّبع لنيل سبل السعادة.
كثيرون هم أولئك الذي يسعون نحو الحياة الأفضل، ليكونوا فيها أسعد حالاً، وأهدأ بالاً، وأكثر استقراراً وطمأنينة وبسطاً وهناء، إذ أن السعي نحو الكمال بتحقيق السعادة ضمن قانون شامل تخضع له البشرية قاطبة، وتتميز به عن سائر المخلوقات، هو الهدف المنشود.




في سماء الأغنياء المترفين :


وحيث أن الأكثرية الساحقة من الناس يحسبون أن السعادة الكاملة والحياة الطيبة يحققها المرء إذا أصبح ذا مال وفير، وغنى كبير،وقصر رائع مهيب،

وممالك تنحني لها الرؤوس إكباراً، لذلك تراهم يتبارون ويتنافسون في جمع أكبر ما يمكن من الأموال والكنوز، ويبذلون قصارى الجهد في سبيل الحصول عليها، من دراسات ومشاريع وتجارات، فيركبون المخاطر والمشاق، ويضربون في مشارق الأرض ومغاربها، برّاً وجوّاً وبحراً لنيل شهادات، بغية قطف ثمار السعادة بنتاجها المعنوي والمادي، أو عقد صفقات تجارية رابحة ضخمة، أو الحصول على مشاريع مالية كبرى، فيتحملون في سبيل ذلك ما يتحملون، ظناً منهم بأنهم يحصلون بالمال على ما يشاؤون، كما يؤمِّنون به ما يرغبون ويحبون ( فلا مانع ولا حاجز يحول بينهم وبين العيش الرغيد بأعظم ما يمكن من الرفاهية والرقي )، فالدنيا فتحت لهم أبوابها وقالت هَيت لكم، ولكن هيهات..
بدأ الفريق العلمي يبحث ويمحِّص ويحقق في تلك الشريحة من المجتمع، وهي الطبقة الراقية من الأغنياء والأثرياء، عله يصل إلى ما يصبو إليه، ويعثر على تائهته من السعادة المأمولة، ضمن أصول القوانين المادية، ولكن سرعان ما رجع الفريق بخيبة الأمل، وضياع الجهد والمسعى، على غير طائل ولا نتيجة تحمد، هذا عندما استقبله قلق هذه الفئة واضطرابها، إذ أخذ أفرادها يرنون بأبصارهم إلى الماضي، حين كانوا لا يملكون من الدنيا شيئاً يذكر، فلا همّ ولا غمّ ولا نغص، بل راحة بال وصفاء وبسط.
ذلك لأنهم عندما حازوا القصور الفخمة، والمعامل و المصانع الضخمة، بدأ التنافس على أشده، والتناحر والصراعات المحمومة المنتهية بالنزاعات و المحاكمات، والأحقاد للأضداد، والشغل الشاغل في التخطيط والكيد والمؤامرات، بغية قهر المنافسين، ولا تخلو أمسياتهم من حسابات ودراسات، فضاعت حقوق زوجاتهم وبنيهم، وفقدوا السعادة الأسروية، وانشغلوا بالجمع والمنع عن منح حقوق ذويهم من الأهل والأقرباء، ونسوا حظَّ المساكين والفقراء، وعندما يبدو لهم نصر الأعداء وفشل تجارتهم تغدو لياليهم مليئة بالرعب والهلع، وقلما يطرق النوم أجفانهم، فلا ذوق لراحة البال،ولا معنى للاطمئنان في أمسيات حياتهم، فشبح الاغتيال يعكِّر صفوهم، والفشل والخسارة المحتملة بصراعاتهم تقض مضاجعهم، تهدد شموخ بنيانهم بالانهيار، وحيث أنهم أيضاً يشكِّلون نقطة هدف عند المجرمين والسارقين، فبات القلق خليلهم، وإن استطاعوا حماية أنفسهم كانت احتمالات الخسارة تلوح دائماً في مخيلتهم، فلا أمان على تجارتهم من البوار، فهم في شغل دائم بحسابات الربح والخسارة.
قلوبهم وجلة مضطربة على هيكل المجد والغنى الذي شيدوه، خشية السقوط والاضمحلال كيلا يفقدوه.





يتبع بحلقة اخرى ان شاء الله
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 20-03-2008, 12:19 AM   #2
طالب الاله
عضو فعال


الصورة الرمزية طالب الاله
طالب الاله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23050
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
متابعة



متابعة

في حين لا تجد مثل هذه النسبة ولا القليل منها في دولنا، رغم عدم توفر متطلبات النفس التي بحوزة الدول الراقية ذوات المنتحرين، ففي إمارة دبي التي تفوق غيرها من الدول العربية بنسبة الانتحار تبين من خلال مقالة لخبير بالطب الشرعي بدبي، حيث أكد أن ظاهرة الانتحار بدبي تشكل أقل نسبة من البلدان الأوربية
وكندا وأمريكا.
كما أن الكوكائين و الأفيون و المشروبات الكحولية والمخدرات منتشرة بين أفراد الدول الراقية انتشاراً ملحوظاً، يتناولونها ليغيبوا بها عمَّا يخالط نفوسهم من أهوال تمزقهم، وتبعث فيهم وهج نار قلبية حامية، حتى أنها تقذفهم نحو الانتحار والموت راجين فرج الكرب، آملين الخلاص مما فيهم من نصب وتعب، وضجر وملل، كالمستجير من الرمضاء بالنار، فهم يجهلون تماماً وبعلومهم الماديَّة ماذا بعد الموت من أهـوال.
ولنا في قصة علاَّمتنا " محمد أمين شيخو " خير عون وسند لاستجلاء وجه الحقيقة بوضوح، تمَّ هذا عندما اجتمع بعميد عائلةٍ شهيرةٍ بالغنى والسلطان في مدينتنا "دمشق الحبيبة "، فوجده كئيباً مترعاً بالهمِّ والغمِّ والملل، فسأله علامتنا :
(خيراً يا بيك، ما هو المصاب الذي أصابك فحلَّت بساحتك الهموم والأكدار، علماً بأن لديك قصراً شامخاً في مصيف بلودان الشهيرة، وقصراً في لبنان، البلاد الفاتنة الجمال، كما أن لك فنادق ومشاريع في سويسرا وأوربا وأمريكا، فلماذا لا تتنزه بها وتجلو عن نفسك الصدأ وتذهب عنها الأكدار ؟! ..
فأجابه: يا بيك بلودان أعرفها وقد مللتها، ولبنان وسويسرا وأمريكا قد شبعت منها و مللتها، ولا أستطيع النجاة من الملل والضجر الذي يكاد يقتلني، لقد شاهدت كل شيء، ومللت من كل شيء.
وبعد أربعة أيام من هذا اللقاء و الحديث قرأ العلاَّمة الشهير " محمد أمين شيخو " نعوة هذا المليونير على الجدران).
لقد عاف الحياة وما فيها، وزهد بالمال وكرهه، فلم يحصل على السعادة في شيء رغم حصوله على كل شيء، بل أورثه الضنك والشقاء، ولقد صدق رسول الله (ص) إذ قال:


« تعس عبد الدينار وتعس عبد الدرهم.. »(1).


وهكذا الدنيا وطالبوها يسعون ويركضون، حتى إذا تم لديهم بالمال كل شيء ولم يصلوا إلى السعادة، فضَّلوا الموت أو الانتحار. ناهيك عن مرضى الكآبة الذين لا يعرفون للشفاء منها سبيلاً، ولا طريق بالأدوية الطبية إلا التخفيف المؤقت، ولا جدوى ولا شفاء.
لِمَ ذلك؟.

وفي الحقيقة نقول إن طاقة الجسم البشري محدودة أمام طموح النفس


ومشتهياتها الكبرى،إذ تتمنى النفس أن تحوز كل المشتهيات والثروات، وأن تحصل على كل الملذات، فتصطدم مع إمكانيات الجسد المحدودة الصغرى، فتركيب طاقة غير محدودة على طاقة محدودة، هو مبعث الألم ومبعث الشقاء .
ويظهر هذا جلياً عند سن العجز، حيث يتهافت الجسم انهياراً مع تقدم السن، ويكون بعد الخمسين والستين قد اسْتُهْلِك، ولا يتمكن من تحقيق طموحات النفس اللامحدودة بسبب الأمراض والعجز والإنهاك، ناهيك عن ضعف البصر والسمع والسقوط والتراجع الجسدي المستمر، بما يورث القنوط للنفس، والإصابة باليأس وربما الانتحار .
وهذا شاعرنا العربي يقول:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حْولاً لا أبا لَك يسأم




هذا وكم من الأغنياء حصلوا على الملايين من الدنانير يتمنون من صميمهم أن لو لم يكونوا مالكين لشيء من المال، ولهم من الصحة والنشاط والحيوية ما للآخرين، فليس للسعادة من سبيل عند رجل أضنته علته ومزقته آلامه الجسدية، والأمراض والأوجاع أخذت منه كل مأخذ، فأرهقته وسلبته الهناء،على كلٍّ ليست اللذة الحسية عن طريق الجسد سعادة حقيقية، إنما هي لذائذ منقضية عابرة، وقضاء شهوات ورغائب يعقبها الشقاء. شتان بين هذه اللذات المنقضية، وبين السعادة الدائمية، والفرق جدُّ واسع وكبير.
ذلك أن السعادة تستقر بالنفس وتخالطها وتمازجها، وبما أن النفس هي الذات الشاعرة وطاقاتها غير محدودة بينما الطاقات الجسدية محدودة، لذا لا يستطيع الجسد تلبية كافة رغباتها وتطلعاتها.
فتركيب طاقة غير محدودة على طاقة محدودة كما قدَّمنا، يجعل الأخيرة لا تستطيع تلبية رغائب الأولى، إذ النفس كالفرس الجموح، كلما قضت من شهوة وطراً، طلبت الأخرى من غير ملل أو كلل، لأن ماهية تكوينها غير مادية، وباستطاعتها أن تبتلع لذة الوجود من غير أن تشبع، أو من غير أن ترتوي طاقاتها اللانهائية.
فالنفس البشرية لم تُخلق لتُملأ أوضاراً، إنما أعدت لتُملأ كمالاً وجمالاً مطلقيْن، وسعادة أبدية متسامية، ولترتوي من معينٍ لا ينضب، ولترتشف من جمال خالقها وجلاله وعلمه ورحمته الذي لا يتناهى، وبه تقر عيناً وترتوي ريّاً متواصلاً بلا حدٍّ ولا عدٍّ، فالسعادة بالله ومن الله فقط، فهو تعالى خالق الكون والجمال والسعادة.




يتبع باذن الله


 

رد مع اقتباس
قديم 20-03-2008, 02:42 AM   #3
اسامه السيد
عضومجلس إدارة في نفساني


الصورة الرمزية اسامه السيد
اسامه السيد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19648
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 10-11-2020 (02:43 AM)
 المشاركات : 12,794 [ + ]
 التقييم :  94
لوني المفضل : Cadetblue


شكراً أخى / طالب الاله لهذه المقالات المفيده ؛ وفى انتظار البقيه بإذن
الله ................
اسامه


 

رد مع اقتباس
قديم 20-03-2008, 08:48 PM   #4
نجلاء الهاجري
الزوار


الصورة الرمزية نجلاء الهاجري

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية :
 أخر زيارة : 01-01-1970 (03:00 AM)
 المشاركات : n/a [ + ]
لوني المفضل : Cadetblue


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


 

رد مع اقتباس
قديم 28-03-2008, 01:38 AM   #5
طالب الاله
عضو فعال


الصورة الرمزية طالب الاله
طالب الاله غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23050
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 29-03-2008 (12:40 AM)
 المشاركات : 49 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
متابعة



الاخوة الكرام شكرا لتشجيعكم وجبر الله خواطركم احسن جبر




متابعة

المـوت بالمرصاد :
على حين نظر المترفون إلى الرفاه المادي نظرة المنقذ لهم من الشقاء والآلام، فبدأ التسابق وبدأ السعي

في اختلاق تفننات جديدة في الحياة غير مألوفة، وبذلك أخذت الحياة نحو التعقيد بدل التبسيط والشقاء بدل السعادة. على كلٍّ مهما حقق الإنسان، فإنه يبقى أمام المصير المحتوم الذي لا بدَّ منه ولا فرار، ألا وهو الموت" هاذم اللذات ومفرِّق الجماعات" وانتهاء مرحلة الحياة، فما أعظم تلك الساعة، وما أشقى صاحبها!.
إنها ساعة الفراق والرحيل إلى غائب مجهول، والإنسان عدو ما يجهل.
لقد نسي الإنسان أن مع الحياة موتاً، ومع الدنيا آخرة، بل غفل عن تلك الساعة التي يجرَّد فيها المرء من جميع ما يملك حتى ملابسه التي على جسده، ثم يساق إلى القبر فريداً وحيداً بلا أنيس ولا جليس، ولا فراش ولا مستند مادي، إنه الأجل قد حلَّ وجاء، وما أصعب العيش بعد فقدان الأمل. فهل يغني عنه ماله؟. وهل يدفع عنه شيئاً مما سيحل به؟. ولو كان ملء الأرض ذهباً في ذلك القبر الضيق، والظلام الدامس!.
هذا الذي اعتمد طيلة حياته الدنيا على أنوار مادية، وعلى حواس جسدية، لا على أحوال قلبية إيمانية، ومشاهداتٍ ربانية، الآن أضحى الجسم جثة هامدة، وزالت الحواس وفقد النور البصري، وبقي المسكين غارقاً في الظلمات رهيناً، فمن هو؟. وأين هو؟. ومن أتى به إلى هذه الدنيا؟!. النفس والجسد غريبان، والمكان مظلم ورهيب .. إنه انتقال سريع ومفاجئ، فأين الصاحب والحبيب، و المال والبنون ؟ ..
إنه سجن وأغلال وقيد ثقيل لا مفرَّ منه يومها ولا مخرج، لقد انطفأت آخر شعلة بالمصباح، وانقطعت الحياة، وانهار أساس ذلك البرج الذي بناه على الرمال:
يا من بدنياه انشغل ................وغرَّه طول الأمل
الموت يأتي بغتــة ..................والقبر صندوق العمل

فأين السعادة المرجوة إذا كان هذا هو المصير؟. وأين السرور و الحبور إذا كانت النهاية تنحصر في هذه الحفرة؟. أين النعيم المقيم والصفاء المنشود إن لم يعرف الإنسان الخالق أو لم يتعرف عليه، إذ المصير الحتمي إليه، والحياة الأبدية به وإليه؟! ..


وبعد هذه الجولات وجد الفريق العلمي الكبير أن الرفاهية لدى الأغنياء طعامها ذو غصة، وأن عليها لشوباً من حميم، والسعادة المنتظرة التي كان الأغنياء يحلمون بها إنما كانت كسراب بقيعة، يحسبه المترفون ماءً فيه الحياة والهناء، فلمَّا جاؤوه لم يجدوه إلا وهماً وضنكاً، وكان المال مبعثاً لشقائهم وضياعهم عن السعادة الأبدية الحقيقية. وعند الموت ينزلون عراة، لا يأخذون معهم درهماً ولا بنساً.


في سماء الفقراء :


عند هذه النتيجة غير المتوقعة بادئ ذي بدء قام الفريق الباحث عن السعادة ويمَّم وجهه نحو البسطاء

والفقراء، علَّه يجد السعادة عندهم،تلك الطبقة الكادحة في المجتمع التي تسعى وراء لقمة العيش، لترد شبح الموت والجوع أن يفترس أفرادها.
وعند السؤال ظهر السخط والتذمر وعدم الرضى هو الجواب، وفُتح الباب ليُسفر عن منظر رهيب من الكآبة والقنوط واليأس وفقدان الأمل، فكل فقير يندب حظه التعيس أن قضى عمره في القلَّة والحرمان، وينشد أناشيد يحلم فيها أن يكون له كما للأغنياء ( أهل السعادة بظنه وخياله ) من مال وفير، وغنى كبير ، وقصور تناطح السحاب، فنراه يكدّ ويسعى لبلوغ أمجاد كبرى، ولكن دون جدوى، يخال في مسيره نحو أحلامه أنه سوف يصل للسعادة إذا كان لديه ما للأغنياء من رفاهية وبحبوحة في الحياة، فالجوع قد عضَّه بنابه، والحاجة مزَّقت رداءه، والفقر قرض بنانه، فليس للسعادة من سبيل لدخول بيته أو حتى أن تطير فوق سمائه.
هذا لأن طبقة الأغنياء قد أفسدت معيشته، فبيته الذي كان في عينه جميلاً، قد أصبح كوخاً حقيراً أمام القصر المنيف الذي شيد إلى جانبه، فالإنسان يظل راضياً بمعيشته في مجتمع متوازن، أما إن حصل التفاوت، عندئذ ينظر إلى ما كان يستحسنه بالأمس ويرتضيه، نظرة ازدراء واحتقار، ويحل بساحته الضجر والسخط والتبرم من الحياة.
فلقد أفسد المترفون على السواد من أفراد المجتمع حياتهم، إذ ليس بوسع الناس جميعاً أن تبني قصوراً، وتقتني أثاثاً فاخراً فخماً.
لهذا نرى الفقراء وقد أكل الحقد نفوسهم، وسيطر عليهم حب الانتقام، ولا عجب أن يتكتلوا ضد الأغنياء، ليُسْقِطوا فوق رؤوسهم فؤوساً، ويسقونهم كأساً علقماً، كما هم يتجرعونه. .
هذا نتيجة الظلم والاستغلال الذي يمارس عليهم بظنهم من قبل الأغنياء، من أجل لقمة العيش وستر للحال، فذاقوا بسببها الذل والهوان، إنها حقيقة تطوف البلاد، وتمر بها العامة من الناس، إنها فقدان السعادة من كلتا الطبقتين على السواء، واستبدالها بالأحقاد والسخط والتبرُّم والضغائن وعدم الرضى، جراء التفاوت الطبقي بين الفقراء والأغنياء.
فالعمال الكادحون تراهم يخططون لإحداث انقلاب أو ثورة على أرباب العمل والانتقام منهم، لأن أولادهم في ، يشقون.
وكذلك الفلاحون يثورون ضد الإقطاعي المستبد، إلا أن الأخير يضع كعب رجله على أفواه الألوف من ذوي الحقوق، فيقهرها ويخرسها عن المطالبة بحقوقها المسلوبة بنظرهم .
فالمترفون يزدادون غنى وتسلطاً واستغلالاً، والمحرومون يزدادون فقراً وعبودية وحقداً وإذلالاً.
أمام هذه الصراعات والأضداد، وقف الفريق الباحث عن السعادة خلف جدار منيع تلفُّه الحيرة وتحيط به إحاطة السوار بالمعصم، فعبثاً صرفت اللجان العلمية العليا الباحثة عن السعادة الجهد في البحث والتنقيب، وهباءً ضاعت المساعي، فلم يعثروا على أثرٍ للسعادة لدى الأغنياء المترفين، ولا عند الفقراء البسطاء.



يتبع باذن الله مع فئة الشباب


 

رد مع اقتباس
قديم 28-03-2008, 10:58 PM   #6
خواطر العشاق
روح المنتدى


الصورة الرمزية خواطر العشاق
خواطر العشاق غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 19557
 تاريخ التسجيل :  03 2007
 أخر زيارة : 03-09-2017 (10:42 PM)
 المشاركات : 5,683 [ + ]
 التقييم :  83
لوني المفضل : Cadetblue


بارك الله فيك ....اسال الله ان تكون في ميزان حسناتك


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:15 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا