المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

الغزو الثقافي وثقافة الخضوع:

بسم الله الرحمن الرحيم الغزو الثقافي وثقافة الخضوع: من اجل التصدي للغزو الثقافي يجب استرداد الاعتبار الحضاري العربي طوال قرون اسهم الاوروبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17-04-2004, 06:25 PM   #1
العاصف
عضو نشط


الصورة الرمزية العاصف
العاصف غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3612
 تاريخ التسجيل :  02 2003
 أخر زيارة : 06-03-2005 (03:20 PM)
 المشاركات : 118 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الغزو الثقافي وثقافة الخضوع:



بسم الله الرحمن الرحيم

الغزو الثقافي وثقافة الخضوع:

من اجل التصدي للغزو الثقافي يجب استرداد الاعتبار الحضاري العربي

طوال قرون اسهم الاوروبي عن وعي وغير وعي اسهاما كبيرا في الطمس الثقافي او المحو الثقافي للشعوب غير الاوروبية. ومنذ قرون فان الاتجاه السائد في اوروبا وفي البلدان التي تقطنها شعوب متحدرة من اصول اوروبية هو وصف ثقافات الشعوب الاصلية في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية بانها "وثنية"و "وحشية" و "همجية". ومنذ سنين كثيرة لا تزال الدعاية الغربية تشيع الفكرة الخاطئة ان الثقافات في تلك القارات "متخلفة" و "متأخرة" وانه بالتالي ليس من السليم، من منظور "التقدم"، ان تواصل تلك الثقافات البقاء في ظل الظروف التي تغيرت - حسبما يقوله المشيعون لتلك الدعاية - تغيرا جذريا. ومنذ عقود ينفذ المحو الثقافي في تلك القارات تحت شعارات "التنمية الاقتصادية" و "التنمية الثقافية" و "التنمية الاجتماعية" و "التحديث" و "اضفاء الطابع العصري". ويسوق غربيون وغير غربيين الحجة الخاطئة بان الثقافة الغربية هي فقط الثقافة "الحديثة" و "المستكملة" المناسبة للحياة المعاصرة، وبان الثقافات الاخرى متخلفة وبالية وغير صالحة. ويسوق غربيون وغير غربيين ايضا الحجة الخاطئة بان الدواء لكل علل بلدان القارات الثلاث هو ما يطلق عليه "التحديث" التام الذي يؤدي الى طمس ما تبقى من ثقافات الشعوب الاصلية.

ولا اقصد بكتابة هذا المقال نقد مثل هذه الحجج وتبيان سخفها وسفه الذين ينتحلون لانفسهم وظيفة ممحضي النصيحة المخلصة لتنعم شعوب العالم الثالث بالسعادة التي لم تذق طعمها الاغلبية الساحقة من شعوب الغرب نفسه. انما اقصد بهذا المقال ان اتناول تناولا سريعا بعض الجوانب المترتبة على الغزو الثقافي الغربي.

لمفهوم "التحديث" مقومات او مكونات موضوعية وقيمية وذاتية مستمدة من العلم والثقافة والمجتمع والتاريخ. ومن هنا لمفهوم التحديث سمات المجتمع الذي يحقق التحديث فيه. وذلك ينطبق على مفاهيم اخرى مماثلة. وباحتضان "التحديث" بالمفهوم الغربي وبتبنيه ومحاولة تطبيقه دون معرفة الخصائص الثقافية للبلدان المرسلة ودون مراعاة الخصائص الثقافية للبلدان المتلقية ودون ان يحدث تفاعل بين ثقافة البلدان المرسلة والبلدان المتلقية ودون ان يسهم المتلقي ايضا في ثقافة المرسل ودون ان يكون للمتلقي الاسس الثقافية القوية التي يستطيع بها ان يصمد في وجه التاثيرات الثقافية الغربية التي يتضمنها مفهوم "التحديث" تنشأ ثقافة الخضوع.

ثقافة الخضوع طريقة سلوك اجتماعي وفكري وعاطفي تنم عن اعتماد شعب على ثقافة اجنبية مبجلة في عيني هذا الشعب. خلال التاريخ حدثت تبادلات ثقافية واقتبس الناس بعضهم من بعض في المجال الثقافي. وثمة اختلاف جوهري بين عملية الاقتباس هذه وثقافة الخضوع. ويتعلق هذا الاختلاف بالموقف. ثقافة الخضوع تبقى دائما سلبية ومتلقية ومقتبسة وخاضعة لثقافة الاسياد المتلقى منهم والمقتبس عنهم. ثقافة الخضوع ليست ثقافة خلاقة مبدعة. انها ثقافة التقليد الاعمى.

قد يخضع شعب من الشعوب للحكم السياسي الذي يمارسه اجانب دون ان يشيع هذا الحكم الرضى في نفوس افراده ودون اعتباره للحكام الاجانب وثقافتهم اعلى مقاما منه ومن ثقافته. وفي حالة الخضوع هذه قد يحمي الشعب ثقافته بالابقاء على احترامه لنفسه وكرامته وكبريائه وبالاعتزاز بالجوانب الايجابية في ثقافته وتراثه حتى في الظروف الصعبة او حالة الهزيمة وباقامة سياج اجتماعي ونفسي عاطفي حوله. بذلك الاحترام للذات والاعتزاز بالثقافة يمكن ان توقد شعلة التجدد الثقافي في صفوف الشعب المعاني المخضع. وقد تقوي صدمة الهزيمة الثقافة التي اخضع اصحابها بدلا من ان تمحوها او ان تضعفها.

غير ان من الممكن ان يحدث عكس ذلك تماما، وفي الواقع فانه يحدث عكس ذلك في اماكن مختلفة في العالم النامي، ومنه العالم العربي. في حالة تعرض شعوب في العالم النامي للخضوع السياسي يحدث الخضوع الثقافي والطمس الثقافي. ومن الدلائل على ذلك ان الكثيرين من الناس يقلدون جوانب من ثقافة البلد الاجنبي الحاكم. ويتبنى بعض الناس مظاهر الثقافة الغربية حتى تميزهم عن اهل البلد وحتى يعززوا مكانتهم الاجتماعية. وهذا السلوك نابع من الشعور بالنقص والتدني ومن انعدام الثقة بالنفس وبالتراث الثقافي. وهو نابع ايضا من الشعور بالاحتقار لاهل البلد ولثقافتهم. انهم لا يشعرون بهدوء البال الاجتماعي الا حينما يرتدون مثلا المعطف في الجو الملتهب من حرارة الصيف، وهو الجو الذي يستلزم الا يرتدي المرء المعطف. ومن دلائل الخضوع والطمس الثقافيين ان كثيرين في هذه البلدان ينشئون ويقتنون اشياء لا يستعملونها ولكنهم يفعلون ذلك لمجرد انها تجعلهم يشعرون ان لهم ثقافة الاسياد الاجانب او انهم يودون ان يتركوا الانطباع لدى الشعب بانهم ينتمون الى ثقافة اخرى مختلفة عن الثقافة الاصلية على الرغم من انهم قد لا يكون في وسعهم المالي اقتناء تلك الاشياء.

ومن دلائل الطمس الثقافي تباهي عدد من الناس في العالم النامي بان ابناءهم لا يتكلمون الا لغة اوروبية، مثلا اللغة الانكليزية او اللغة الفرنسية. ذلك التباهي اقرار بقبول القول بتدني الثقافة غير الغربية ازاء الثقافة الغربية. وباعتماد مناح مختلفة من مناحي الحياة الثقافية الغربية وبتقليد الغرب في جوانب ثقافية مختلفة نقبل عن وعي او دون وعي القول بافضلية هذه المناحي على مناحي الحياة العربية ونجعل المعايير الغربية الحكم على ذوقنا ونظرتنا وبالتالي على جزء كبير جدا من سلوكنا.

ويبدو ان الكثيرين منا قبلوا النظرة الغربية التي تحتقر مجتمعنا والتي غذتها وعززتها سنوات كثيرة من الجهل والتحيز الغربيين ومن الدعاية الغربية الجاهلة والمناوئة لثقافتنا وتراثنا وشخصيتنا. وقد جعل الغزو الثقافي كثيرين منا يخجلون من التقيد بقيمنا ومن اتباع تقاليدنا وعاداتنا دون التمييز بين الطالح والصالح منها. ويقترن بعقلية الخضوع الشعور بالتدني ازاء الغربي وانعدام الثقة بالتراث الثقافي وعدم الاعتزاز بجوانب ايجابية من هذا التراث. وبلغ الامر حدا يستغرب فيه بعض في اماكن مختلفة من العالم العربي من رجل يقدم الى مكتبه وهو يرتدي الدماية او الجلابية او يعتمر الحطة ويضع العقال على رأسه.

ومن الذرائع التي تساق دفاعا عن موقف العرب المندفعين الى قبول او تبني مظاهر الثقافة الغربية انها ذات مزايا وانها دولية. ولكن هذا الزعم ليس صحيحا. فللثقافة الغربية جوانب سلبية بالاضافة الى الجوانب الايجابية، وان ما يناسب الشخص الغربي ثقافيا لا يناسب بالضرورة الشخص من آسيا وافريقيا بحكم اختلاف الخلفية الاجتماعية الثقافية القيمية. وبينما يقبل بحماس كثيرون من غير الغربيين على تبني مظاهر الثقافة الغربية من الملابس وصنوف الاكل والشرب وغيرها الكثير لا يجد المرء مثلا مجموعة غربية واحدة ترتدي الملابس البلدية العربية او تشرب المشروبات العربية او تتخلق بالاخلاق العربية او تقلد او تتبنى العادات العربية او تقرأ الصحف والمجلات العربية او تتغنى بالآداب العربية.

ان معظم ما يسمى بالثقافة "الدولية" هو في الحقيقة طريق باتجاه واحد من الغرب الى آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية. ان ما تدعى "الثقافة الدولية" هي الثقافة الغربية.

وتعرضنا للثقافة الغربية القوية عن طريق التلفزيون والراديو وبرامج تبادل الطلاب والشبكة الدولية ومنح الدراسة في الغرب يؤثر تاثيرا قويا في شعوب العالم الثالث وخصوصا الشباب الذين يقل احترامهم لبلدهم ومجتمعهم وتاريخهم وثقافتهم وتراثهم. وان كثيرين من ابناء هذه الاجيال، الذين نشئوا على تدفق غير منته من القيم والافكار الغربية المؤثرة، ليس من المحتمل ان يقيموا تقييما سليما كافيا المضمون القيمي الايديولوجي لمجتمعات العالم الثالث، ناهيكم عن ان يدافعوا عنه.

وما فتئت هذه المجتمعات تعاني من التجربة المذلة، تجربة كونها تخضع سياسيا واقتصاديا وعسكريا ونفسيا لاملاءات دول اجنبية. واحد الاسباب الرئيسية للخضوع لهذه الاملاءات اعتمادنا على الغرب. ولا يقتصر هذا الاعتماد على المجال التكنولوجي. في الواقع نحن نعتمد على الغرب في المجالات الاقتصادية والمالية والغذائية وفي مجال العلوم. ان مضامين التقارير والتعليقات والمجلات والكتب المتدفقة الصادرة عن الغرب تغزو افكارنا ونفوسنا وتطغى على جوانب كثيرة من جوانب حياتنا وقد تكون طاغية على كل او جل كياننا وتجعل من الاصعب علينا التفكير المتعمق في انفسنا خطابا او كتابة. وان كثرة الافكار والقيم الغربية المتدفقة على حياتنا ونوعيتها ووتيرة تدفقها لها دور اكبر في منع نمو الوعي بانفسنا وثقافتنا وتاريخنا، وفي منع معرفة ما ينبغي ان نكون عليه من التميز الثقافي والحضاري وفي منع ادراك شخصيتنا الثقافية على مدى التاريخ وفي منع نشوء الموهبة الاصيلة المتجذرة في تاريخنا وثقافتنا. وفي مناح ثقافية وقيمية كثيرة من مناحي حياتنا نقلد تقليدا اعمى او غير مدروس بما فيه الكفاية القيم والافكار الغربية دون ان يكون لدينا التخطيط القومي الوافي بالغرض لجوانب حياتنا، وهو التخطيط الذي يخضع تلك الافكار والقيم لمقتضياته. ولا توجد في وعينا الحالي تلك القيم والافكار العربية الاصيلة التي يمكن عن طريقها التصدي لذلك الغزو القيمي والفكري الغربي.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 18-04-2004, 10:28 AM   #2
بحر الغموض
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية بحر الغموض
بحر الغموض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5782
 تاريخ التسجيل :  02 2004
 أخر زيارة : 02-01-2006 (09:55 AM)
 المشاركات : 2,095 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أخي الكريم الأستاذ ....عاصف الحربي....

لقد ظلت حضارة الأندلس ثمانية قرون ...شامخة ....ثم إنهارت ...ولم تعود الى الآن ...وذهبت معها كل كنوز ....الحضارة العربية الاصيلة ....علومه... ثقافتها...تراثها...وبنى الغرب على أنقاضها .....علومهم ...وتباهى بأن الاصل في الحضارة للغرب ....ونحن شعوب نائمة في سبات عميق لن يستقيظ منه...

فمتى نسترد حضارتنا الأصيلة؟؟؟ ونسترد هويتنا العربية ؟؟؟ونتصدى للغزو الملوث؟؟؟

لقد أبدعت ياأستاذي الفاضل...في طرحك ...المتميز... الملئ بالحزن والحسره على حال ثقافتنا.....


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:27 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا