|
|
||||||||||
الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة |
|
أدوات الموضوع |
15-05-2007, 03:03 PM | #1 | |||
مراقب إداري سابق
|
التربية بالحب
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما تكون الرحمة أما , ويكون الحب أبا . عندما تتجسد الرحمة جسدا وحسا , عندما تقف الرحمة على قدميها أما تلف بردائها من حولها . الحب فطري في النفس , والحب وإن كان ملكة إيجابية , فقد يأخذ صورا لا تمت للحب بصلة . الحب في أصله ملكة إيجابية تشبع النفس فتستكين وتهدأ فتتعزز فيها كافة الملكات الإيجابية , من حب الخير للناس , وحب الناس , وإحسان الظن بهم , وغير ذلك من الملكات الأخرى . صورة سلبية واحدة , صورة النفس وهي تحب ذاتها لذاتها بالقدر الخارج عن الطبيعة . وصورة سلبية أخرى عندما تتجاوز جرعة الحب قدرها فتنقلب إلى غشاوة تحجب البصيرة عن رؤية السلبية والعيب فيمن تحب . وإن رأته ببصرها فلا تراه ببصيرتها . حب الآباء لأبنائهم غريزة طبيعية . هذا الحب يضل رشيدا وسديدا ما دام في حدود الفطرة والطبيعة تحت مضلة العقل ورعايته وتسديده , ويكون مرفوضا عندما يحجب البصيرة عن أن ترى في الابن ما يعوج من سلوك , وتكون مرفوضة أكثر عندما تقف دون أن تردع من تحب عن طريق الغواية . التربية حب , والحب تربية , يوم أن يهدي المربي توجيهه للطالب , فإنما يهدي له مهجته . يقدم له عصارة فكره وجهده حبا لهذا الطالب , وحبا في أن يرى فكره وجهده رجلا رشيدا يمشي على الأرض ويسعى في دروب الحب . الطالب هو الآخر عندما يشعر بالحب من مدرسه يكون ذلك سببا مهما كي يتلقى منه بشغف ونفس متطلعة . الحب بين الأب والولد , الحب بين الأم والولد علاقة تبادلية تبدأ من طرف الوالد . حين يحس الولد بحب حقيقي يتدفق له من أحد الأبوين تغمره سعادة , ويثور لديه الإعجاب , ويكون عنده تعلق بهذا الوالد . هذا الحب , وهذا التعلق , وهذا الإعجاب , سبيل بإذن الله تعالى أن يكون هذا الولد على قدر كبير من الثقة بالوالد , وعلى قدر أكبر بالإعجاب به وبتصرفاته , وعلى استعداد عظيم لتمثل سلوك والده وتشرب طباعه وأخلاقه . حين يحس الولد بحب حقيقي من والديه يكون ذلك مدعاة وسببا قويا كي يسعى الولد ليقدم ما يسرهما , وأبعد من ذلك بأن يسعى لتجنب ما يزعجهما , أو يكون محل غضبهما من سلوك معوج , أو تصرفات مشينة . الإحساس بحلاوة ودفء الحضن الأبوي يجعل الولد يحاذر من أن يأتي بما يكدر هذا الدفء , أو يحرمه لذة التمتع به . الحضن المحب الدافئ , بالنظرة الحانية , بالكلمة العذبة , بتلمس المطالب وتلبية الاحتياجات . كل هذا مما يأسر الولد ويجعله يشحذ ذهنه سعيا لكسب رضاه الوالدين . هذا الحب يظل رشيدا نافعا , ويظل مؤثرا , ما دام في حدوده المقبولة ما دام هذا الحب لم يصل لحد التغاضي عن أخطاء الولد واستحسانها . حين يصل لهذا الحد , حين يكون الحب دلالا . حينذاك تتعطل فاعلية الحب , ويتوقف أثره الإيجابي التربوي , يضل حبا طبيعيا فجا غير راشد , كذاك الحب الذي تمارسه العجماوات مع صغارها . ويضل الطفل كشجرة تنبت أغصانها كيفما اتفق دون أن تحضا بالتقليم والعناية الكفيلة بظهور الثمر وتحقق الفائدة . الحب كسائر الثمار له ما يفسده . فقد يحب الأب ولده والأم كذلك . لكن حين يأتي التعامل حين تصدر التوجيهات تكون زجرا , تكون سبابا , تكون أوامر فوقية جافة قاسية . عندها , يضعف الحب , فالحب جبان لا يقف أمام العبارات الجارحة والأساليب الجافة . الحب نسمه رقيقة , وماء زلالا , لا تناسبه البيئات الجافة ولا الطبائع الغليظة . الحب يكون بعقل . والتوجيه يكون بأسلوب , والتخاطب يكون بحنية . وكل هذا مما يجعل الوالد يتقبل بل يتشرب كل ما يصدر من والدية من سلوك , ومن قول , ومن عمل . ولن يكون محل الاقتداء أب أو أم يمارس أمام أبنائه سلوكيات ينهى عنها , ولن يكون محل الاحترام أب أو أم يتصرف بما يخالف القواعد الشرعية التي تلقاها الابن من والديه . هذا التناقض بين القول والعمل من أكثر مفسدات الأعمال والسلوك . هل نعي ذلك , فهل نبادر لممارسة الحب , لممارسة التربية بالحب . الحب الرشيد الدافئ . وفق الله الجميع المصدر: نفساني
|
|||
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|