المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > ملتقيات التجارب الشخصية والأبحاث > ملتقى المقالات النفسية والأبحاث
 

ملتقى المقالات النفسية والأبحاث المقالات وخلاصة الكتب النفسية والإجتماعية

الشخصية العراقية

الشخصية العراقية : يتردد هذه الأيام في وسائل الأعلام الحديث عن مصطلح (الشخصية العراقية) من قبل أشخاص يحاولون تسليط الضوء على سمات مشتركة لدى العراقيين جميعا ويتم بعد ذلك تعميمها

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 02-03-2009, 10:31 PM   #1
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الشخصية العراقية



الشخصية العراقية :
يتردد هذه الأيام في وسائل الأعلام الحديث عن مصطلح (الشخصية العراقية) من قبل أشخاص يحاولون تسليط الضوء على سمات مشتركة لدى العراقيين جميعا ويتم بعد ذلك تعميمها وأطلاقها على الجميع لتكون بذلك وصفا لما يدعى ب(الشخصية العراقية) , وبذلك يسهل التعامل معهم ! لنكن واقعيين ولنبدء من بداية كتابات التي اسهمت في بلورة رؤية محددة لتحديد ملامح الشخصية العراقية ، اذ كانت الثقافة العراقية قد استُقطبت آيديولوجيا منذ خمسينات القرن العشرين، أي وقت صدور كتب علي الوردي الأولى، بين قومية ويسارية وأصولية إسلامية، حزبية وشبه حزبية، فإن العالم الاجتماعي والمؤرخ العراقي لم يُحسَب على أيٍّ منها، بل ظل الرجل يواجه التفسير الأحادي الجانب لتلك الآيديولوجيات. وهذا ما يفسر شبه التعتيم الإعلامي الذي عاناه في حياته، وكذلك يفسر العودة لمؤلفات الوردي وإعادة طبعها بعد رحيله نهاية التسعينات، حيث اضمحل الزخم الثقافي لتلك الاتجاهات، وبدأت أسئلة الواقع العراقي الصعبة تعيد طرح نفسها بإلحاح، خصوصاً بعد الاحتلال الأميركي وتفكك الدولة ومكونات المجتمع بالطريقة المعروفة الآن، ما يجعل المنهج العلمي الموضوعي أكثر تطلباً للاجابة عن هذه الأسئلة وفهم الظواهر التي أنتجتها.
ضمن الطبعة الجديدة لمؤلفاته التي أصدرتها "دار الوراق - لندن" قبل شهور، هنا قراءة في كتابين منها، هما "شخصية الفرد العراقي" طبعة أولى - بغداد 1951، والثاني هو "الأخلاق: الضائع من الموارد الخلقية"، وهو بحث نُشر في مجلة "الأبحاث" عن الجامعة الأميركية بيروت حزيران 1958 ولم يصدر سابقاً في كتاب. ورغم السبع سنوات التي تفصل بينهما حيث أصدر الوردي عدة كتب مهمة خلالها، إلا أن "الأخلاق .." يبدو وكأنه توسعة وتعميق للكتاب الأول. إن ما ميـّز توجهات علي الوردي الفكرية، هو قلقه الواضح على مصير ومستقبل المجتمع العراقي، أي أن الهاجس الاجتماعي هو المحرك والدافع لتكريس عمرٍ بأكمله بين العمل الأكاديمي والإنتاج الفكري المتواصل ودون مكاسب مادية تقريباً، بل في مواجهة معاناة متعددة الجوانب، خصوصاً في وسط ثقافي استغرقه، في الغالب، الأدب والشعر بالذات، أي الابتعاد عن المعرفة الجادة والمنهج العلمي في فهم الذات ومستجدات العصر الحديث، ناهيك عن سطوة الثقافة الآيديولوجية والحزبية كما أسلفنا.
في "شخصية الفرد العراقي" استغرق توضيح "مفهوم الشخصية" نصف الكتاب تقريباً بسبب جدة الموضوع آنذاك والتباس هذا المفهوم عموماً. يقول المؤلف: "ليس من السهل علينا أن نحدد الشخصية أو نعرفها تعريفاً جامعاً مانعاً، فهي كالكهرباء أو الأثير أو المغناطيس لا تُعرف إلا بآثارها. ومن الصعب تحليل الشخصية إلى عناصرها الأولية، فهي إذا حُللت وفُصْلت عناصرها بعضها عن بعض، فقدت ارتباطها العضوي وقيمتها الكلية". ثم يورد تعريف كارل يونغ للشخصية بأنها "المجموعة المنظمة من الأفكار والسجايا والميول والعادات التي يتميز بها شخص ما عن غيره.. إن الإنسان يولد وقد ورث ميولاً أو اندفاعات بهيمية غير مهذبة، فتوضع هذه الاندفاعات العارمة تحت تأثير القيم الحضارية والقيود الاجتماعية.. إنها صراع متواصل بين قوتين متعاكستين: قوة بهيمية لا تفهم قيداً ولا تدرك معنى، وقوة أخرى اجتماعية تحاول أن تسيطر على تلك القوة الغاشمة..". وكان الوردي من المبكرين الذين أشاروا الى أهمية ابن خلدون وريادته في هذا الموضوع، يقول:"حاول هذا المفكر أن يدرس شخصية الإنسان، لا على أساس المواعظ والارشاد كدأب الناس قبله، بل على أساس الحقيقة الراهنة التي لا محيص عنها. وجد ابن خلدون أن البدو كانوا موسومين في ذلك العهد بالتخريب وبالنفرة من العلم والصناعة، فقام مدافعاً عنهم
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2009, 10:35 PM   #2
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


بأسلوب يقترب من أسلوب علماء الاجتماع الحديث. يقول ابن خلدون:"إن البدوي بطل شجاع وفاتح وهو أبي للضيم وحام للجار، ومثل هذه الصفات لا تتلاءم وصفات طلب العلم أو الصبر على الصناعة وفنون العمران.. فالإنسان في نظر ابن خلدون لا يستطيع أن يكون محارباً باسلاً وطالباً للعلم في نفس الوقت".
إن الاستنتاج الذي جاء به ابن خلدون يمكن تطبيقه على الحضارة في عصره، حيث كان من الممكن تصنيف الناس إلى صنفين متعاكسين: غالب ومغلوب. صاحب سيف وصاحب مهنة.. "أما اليوم فقد أصبح هذا التصنيف غير ممكن التطبيق بالنسبة للحضارة الغربية الراهنة، إذ إن السيف والمهنة قد أتحدا وبعبارة أخرى أصبح الغُلب والإنتاج مترادفين فلا يمكن للأمة أن تكون غالبة في المعترك الدولي إلا إذا كانت متفوقة في الميدان الصناعي والعلمي". وبعد عرض متنوع لمفاهيم الشخصية وطبيعتها، إذ تطرّق لمختلف النظريات بدءاً بالأغريق مروراً بعصر النهضة ثم النظريات الحديثة، فوصل إلى خلاصة مفادها:" أن شخصية الإنسان، بما فيها من نفس وعقل وضمير .. ليست في الغالب إلا صنيعة من صنائع المجتمع الذي تنشأ فيه. ومن الممكن القول بأن الشخصية صورة مصغرة للمجتمع، أو كما قال دوسن وكينز: إن الشخصية ممثلة للحضارة التي تنشأ فيها. ولهذا نجد الأفراد الذين ينشأون في مجتمع معين يتشابهون في بعض الخصائص التي تميزهم عن غيرهم من أبناء المجتمعات الأخرى، ورغم ما نلاحظ بين أفراد المجتمع الواحد من تباين وتفاوت، نراهم مشتركين في صفة عامة تجعلهم يختلفون عن غيرهم بفوارق شخصية واضحة .. ".
ثم نعود إلى (شخصية الفرد العراقي) فيرى "أن شخصية الفرد العراقي فيها شيء من الأزدواج، رغم أن نتيجة هذه الدراسة غير موثقه ، ولكن نجد الكثير من القرائن تؤيد فيما ذهبت إليه النتائج البحثيه ". مشيراً إلى كون الدراسة لا تعني (أن كل فرد في العراق متصف حتماً بتلك الخصائص العامة، فكثير من الأفراد يميلون إلى التمرد على ما تعودوا عليه) يحيل الوردي أسباب هذا الازدواج لثلاث نواح، هي الناحية الحضارية والاجتماعية والنفسية، فيقول (إن من غرائب الصدف حقاً أن نجد العراق واقعاً أكثر من أي بلد آخر تقريباً على هامش البداوة والمدنية معاً. فهو قد كان مهداً لمدنية من أقدم المدنيات البشرية.. ثم نجد من الناحية الأخرى أنه واقع على حافة صحراء تعج بالبدو وتمد الأقطار المجاورة بأمواج متوالية منهم.. وقد تلقى العراق من هذه الموجات البدوية أكبر نصيب.. ان هذه الحقيقة الحضارية تؤدي بنا إلى نتيجة عظيمة الأهمية، حيث نجد في العراق منذ بدء المدنية الأولى، طبقتين أو حضارتين تتصارعان: حضارة بدوية محاربة.. وحضارة زراعية خاضعة.. فنشأ بالعراق بناء على ذلك نظامان للقيم: نظام يؤمن بالقوة والبسالة وتسود فيه قيم الاباء والشجاعة.. وبجانبه نظام آخر يؤمن بالكدح والصبر ويمارس أداء الضريبة.. إن هذا الصراع الحضاري أو ما يسمى في علم الأنثربولوجيا: clash of cultures قد أثر في شخصية الفرد العراقي تأثيراً بليغاً. فالفرد العراقي أصبح مضطراً لأن يقتبس نوعين من القيم الاجتماعية، أو يقلد طبقتين من الناس: طبقة البدوي الغالب وطبقة الفلاح المغلوب .. هذا وقد ازداد هذا الازدواج وتأسس تأسيساً اجتماعياً في العهد العباسي عندما أصبحت بغداد عاصمة الامبراطورية الإسلامية. فقد نشأ في العراق آنذاك أغلب العلوم الإسلامية وَتُرجم المنطق اليوناني، ولو رجعنا نحو أولئك المفكرين الذين ساهموا في هذه الحركة العلمية الجبارة لوجدنا جلهم من أبناء الطبقة المغلوبة، إذ كانوا حضراً في الغالب ولم يكن فيهم من أبناء البداوة إلا القليل. ومعنى ذلك "إن تفكيرنا قد اصطبغ منذ ذلك الحين بصبغة المثالية الزاهدة الخاضعة، أما أعمالنا فبقيت تحت تأثير القيم البدوية لأنها كانت القيم السائدة فعلاً في الطبقات العليا. وبهذا أصبحنا نعيش في عالمين متناقضين، عالم الفكر المثالي من ناحية وعالم الفعل الواقعي من ناحية أخرى. فأصبح أحدنا يجادل على أساس المنطق الأرسطاطاليسي والمثالية الدينية بينما هو في الواقع من أبناء هذه الدنيا غضوب حقود. ومن العجيب حقاً أن نرى بين مثقفينا ورجال الدين فينا من يكون ازدواج الشخصية فيه واضحا: فهو تارة يحدثك عن المُثل العليا وينتقد من يخالفها، وتارة يعتدي أو يهدد بالاعتداء لأي سبب يحفزه إلى الغضب تافه أو جليل.." وبالإضافة إلى شرحه للأسباب الأخرى، فهو في الكتاب الثاني "الأخلاق" يضع يده على سبب أساسي آخر لهذه الازدواجية، فيقول:"أنَّ الحكومة العثمانية لم تكن حكومة بالمعنى الصحيح، فهي لم تكن تعنى بالمحافظة على الأمن والنظام في البلاد.. ولم يكن همها في حكم الناس إلا أن تجبي منهم الضرائب والمغانم، وليفعلوا بعد ذلك بأنفسهم ما يشاءون. وكانت سياسة الحكومة تجاه العشائر أنها تتركهم يتقاتلون ويتناهبون.. كانت تشجع فيهم هذا التقاتل والتناهب أحياناً في سبيل إضعافهم على طريقة (فرق تَسُد).. ولم يعرف العراق حتى عهد متأخر نظاماً ثابتاً لمسح الأراضي أو تسجيل الحقوق فيها، فكانت العشائر إذن تتقاتل على الأراضي الجيدة في العراق، كما كان الأسلاف يتقاتلون في الصحراء على العشب والماء.. ولي أن أقول بأن الفرد العشائري أصبح من جراء ذلك ذا وجهين، فهو أبي باسل يشعر بكرامته وعزته عندما يلتقي بأمثاله من أبناء العشائر، وتجده عند ذاك من أكثر الناس غضباً وعصبية وحرصاً على أخذ الثأر، إنما هو لا يكاد يلمح جباة الحكومة أو جلاوزتها قادمين عليه حتى يتقمص شخصية أخرى! وإزاء هذه الظروف القاهرة، فإن الازدواجية تُصبح نتيجة منطقية لها، ورغم إشارة المؤلف إلى كون الازدواجية صفة مشتركة بين البشر في كل مكان، إلا أنه يقول:"ولكني أؤكد لكم بأن الازدواج فينا مركّز ومتغلغل في أعماق نفوسنا. ان العراقي سامحه الله، أكثر من غيره هياماً بالمثل العليا ودعوة إليها في خطاباته وكتاباته ولكنه في نفس الوقت من أكثر الناس انحرافاً عن هذه المثل في واقع حياته" ثم يعود ويقول:"ان هذه الظاهرة موجودة في كل نفس بشرية، ولكنها في النفس العراقية أقوى وأوضح لأن قيم البداوة والزراعة قد ازدوجتا في العراق منذ أقدم العصور ولا تزال تصطرع في أنفسنا حتى اليوم" . وان كان هذا التوصيف واقعياً لكنه ينطوي على مبالغة واضحة، لأن الباحث الشاب (وقتها كان عمره 38 سنة) استخدم صيغة (أفعل) فقال ( العراقي أكثر انحرافاً.. أكثر من غيره.. في النفس العراقية أقوى وأوضح)!! ولكن علمياً عندما تريد استعمال صيغة أفعل، يجب أن تكون مطّلعاً على أوضاع جميع المجتمعات المعنية أولاً، لكي تقرر من هو الأكثر سلبيةً ومن هو الأقل. والسؤال هو: هل كانت تجربة علي الوردي تسمح له بمقارنة من هذا النوع، أي هل اطلع على تناقضات وأزمات وطرق حياة الشعوب الأخرى، أو هل لديه نتائج لدراسات من عدة مراكز بحوث عالمية تسمح له بالمقارنه لتأكيد رأيه بشكل حاسم؟! ومن جهة أخرى غفل الباحث عن سبب آخر يكرس الازدواجية، وهو المفارقة التاريخية والحضارية التي أدت إلى انشداد ذاكرة ووجدان العراقيين منذ انهيار الدولة العباسية، بين حالين متناقضين، هما الماضي الحضاري العريق والحاضر المنكفئ المشتت، بل وانسداد أفق الحلول أيضاً جراء الهيمنة الأجنبية والحكومات المتخلفة اللاحقة، حيث كلما تراكم بؤس الحاضر ازداد الحنين إلى الماضي. الماضي الذي لا يمضي بل يأتي مع الأيام أبداً، فـيـُنشّط الذاكرة ويداوي جروح الوجدان، ومن هنا تضخمت عقدة الحنين إلى الماضي ونشأت ثقافة الإقامة فيه عند بعض الاتجاهات السياسية.
لكن هذه الملاحظة وتلك المبالغة لا تلغي أهمية الدراسة وواقعية المشكلة وضرورة مواجهتها. ومن المفارقات الخطيرة التي فرضتها التقلبات السياسية على المجتمع العراقي، يتطرق المؤلف إلى حقبة تأسيس الدولة العراقية الحديثة 1921 وإلى من يسميهم بطبقة الأفندية حيث تضخّمت ازدواجية الشخصية في تصرفاتهم، والعادات المتخلفة التي كرسوها


 
التعديل الأخير تم بواسطة النسر الابيض ; 02-03-2009 الساعة 10:46 PM

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2009, 10:48 PM   #3
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


في تقاليد الحكم، يقول:" إن ظروف العراق الاستثنائية التي جابهته بغتةً عند تشكيل دولته، خلقت فيه طبقة متحذلقة مغرورة، هي طبقة [الأفندية] .. كانت موجودة في العهد العثماني ولكنها كانت آنذاك قليلة العدد .. أما بعد تشكيل الدولة العراقية، فقد بدأت طبقة الأفندية بالتضخم على نطاق واسع، وأصبحت تستوعب أفراداً من أبناء العامة، لم يكونوا يحلمون بأنهم في يوم من الأيام سيصبحون من الطبقة الحاكمة. ان هذا الصعود المفاجئ إلى مراتب الحكام والضباط، نفخ فيهم شعوراً زائفاً بالعظمة أو العبقرية أو المقدرة على المعجزات.. ان النجاح المفاجئ يؤدي إلى الشعور بالمقدرة الخارقة والبطر، ولهذا نجد أغنياء الحرب لا يُحتملون وأصحاب الشهادات في مجتمع جاهل لا حد لتحذلقهم وغرورهم".
يقول المثل الإنجليزي إذا كان بيتك يحترق لاتسأل عن هوية رجال الإطفاء، أما العراقي فهو يوقف رجال الإطفاء ويرمى عليهم القسم: والله ما تطفون قبل ما تتغدون! والفارق بين المعنيين ينطوي على قصة مأسأوية تحدثنا عن تطرف الشخصية العراقية، سواء في كرمها أو في بخلها، في شجاعتها أو في جبنها، في إقدامها أو في ترددها، في عقلانيتها أو في إنفلاتها وجنونها. ومن بين أكثر علماء الإجتماع دقة، في توصيف الشخصية العراقية، كان الباحث الراحل علي الوردي. والعراقي، إذا ما قارنت عاداته وتصرفاته ومشاعره، مع أشقائه، فستكتشف طبيعته المتنافرة والمتوترة. فهو أقل ليونة من اللبناني، وأدنى تسامحاً من السوري، وأضعف حيلة من المصري. وإذا كان العراقي بخشونة الأردني أو الليبي فهو أسرع غضباً من جميع هؤلاء. فاللبناني قد ينزعج ويغضب لكن لهجته الهفهافة وسماحة طبعه، قد تجعل من غضبه ناعماً وشفافاً. واللبناني لا يستخدم مفردات جارحة ومهينة عندما يتشاجر، في حين يمتلك العراقي فائضاً من هذه المفردات، التي تبدأ من الحزام وما تحت. والفرد العراقي لا يسأل ولا ينتظر جواباً، بل يعالج الموضوع فوراً مستخدماً أطرافه العليا والسفلى معاً. والسوري قد يقرضك مبلغاً من المال لكنه لا ينساه أبدأً وقد يستعيده بعد سنوات، أما العراقي فهو يقرضك المال وينسى لكن عندما يتذكر يسحب عليك سكيناً كي يستعيد دينه في الحال. وعندما يقدم لك السوري أو السورية فنجانا من القهوة وتنزل منه قطرة في الصحن، صدفة، يذهب لينظف الصحن ويعود ليقدمه لك مع إبسامة خجولة، في حين يمكن أن يدلق العراقي على قميصك نصف فنجان القهوة ثم يقول لك: آسف أستاد، مع تكشيرة. أما شقيقنا المصري فهو مثال للفهلوة والحيلة، والمصري صاحب نكتة تحضره في أصعب المواقف. وليس أدل على ذلك من تصريح أحد الرهائن المصريين ممن أطلق سراحهم مؤخراً، في بغداد. فعندما سأله مراسل الفضائية عن العصابة التي أختطفتهم، قال، وهو يبتسم: والله دول ناس بتوع دين ومحترمين وربنا يحفظهم!! ولو كان المختطف عراقياً لما شاهدناه على الفضائيات أصلاً، لأنه سيتشاجر معهم ويقتلونه. ويحتاج المصري الى فترة طويلة قبل أن يغضب ويستخدم يده في مشاجرة، في حين لا يجد العراقي الوقت الكافي لمعرفة المذنب من غير المذنب. وهو يمكن أن يعتذر منك ويتوسل إليك كي تسامحه، ولكن بعد أن يكون وجهك قد تورم وإزرق وأمتلأ بالكدمات!
أن الحديث عن (الشخصية العراقية) لا يعدو أن يكون كلاما أدبيا لا يمت للعلم بصلة فلا توجد هناك شخصية عراقية وشخصية أمريكية وأخرى فرنسية أو غيرها من تلك المسميات , وأنما هناك تصنيفات علمية لأنماط الشخصية تدخل فيها جميع القوميات والمذاهب وحتى الكيانات الأنتخابية التي لا عدّ ولا حصر لها!
أن نوع الشخصية (س ) مثلا هي نفسها تجدها في العراق أو أمريكا والهند واليابان وحتى في بوركينوفاسو, وكذلك أنواع الشخصيات الأخرى السوية وغير السوية فهي تضم المسلم والمسيحي والبوذي وغيره من الأديان والأجناس والألوان .
اذن لا توجد أبتداءا ما أصطلح على تسميته ب(الشخصية العراقية)وهو كلام غير علمي مطلقا أتمنى حذفه من سلسلة المصطلحات الحديثة أمثال الشفافية والنزاهة والتوافق السياسي والتي دائما تعني الضد تماما كما يطلق على الأعمى بالبصير!
المقصود –بأعتقادي – هو الأشارة الى ملامح مشتركة ومحددة تطبع غالبية المجتمع العراقي وهذه الملامح تكون لها أحيانا لونا عراقيا بارزا لاتشترك بقية الشعوب في أبراز هذه الملامح.
أن بروز تلك الملامح في مجتمع ما هي عملية طويلة ومعقدة تحتاج الى تعرض المجتمع الى ظروف وتحديات كبيرة ومزمنة مما تجعل بعضا من سلوكيات أفراد هذا المجتمع مطبوعة و يتشارك فيها معظم من عاش تلك الظروف معا.
أن الظروف (الأجتماعية والبيئية ) والزمن هما العاملان الحاسمان في بروز سمات مشتركة لدى الشعوب.
بعد ان وضحنا الموضوع نعود الى ما كان يرمي اليه الباحثون في مفهوم الشخصية العراقية وهو الأشارة الى مواضيع محددة من أبرزها أرتباط العنف بالعراق والعراقيين.
لقد تتبعت تأريخ العراق القديم ووجدت ما يشير الى أن أول جبهة حرب عرفتها الأنسانية كانت في العراق ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أننا قوم عنيفون ولكن ربما يشير الى أننا أقدم الحضارات في العالم والتي عرفت وأختبرت –كأنسانية- كل شيء ومن ضمنها العنف.
أن أرتباط العراقيين بالعنف هو موضوع شائك ومعقد ويحتاج – انشاء الله- الى مقالة خاصة لتسليط الضوء على هذه المفاهيم الخطيرة .
لقد أحيط العراق بظروف قاهرة كثيرة ساهمت في حفر ملامح حادة لدى العراقيين وصبغتهم بصبغة لا أعتقد أن لها مثيلا حتى لدى جيراننا لأنها ببساطة صبغة (عراقية) أصيلة من زمن نبينا العراقي أبراهيم (ع) والى الان وهي بالتأكيد ليست الصبغة التي صبغت بها المدارس والمستشفيات الحالية التي تتساقط ما أن تجف وبقدرة قادر وبعد ان تكون قد ألتهمت جميع أموال الميزانية الأنفجارية , سبحان الله!
كان لديّ شك يتاخم اليقين أن الشخصية العراقية أكثر ميلا الى الخلاف مع الآخر منه الى الاتفاق. وتحول هذا الشك الى يقين بعد أحداث السنوات التي تلت عام 2003 ، فرحت أبحث عن اسبابه فوجدت أن هذه الصفة ليست من صنع حاضر قريب او بعيد ، انما تعود الى تاريخ يمتد الاف السنين ، وانها ليست ناجمة عن سبب بعينه ( القول ان العراقيين جبلوا على هذه الصورة مثلا ) انما عن شبكة معقدة من الأسباب تفاعلت فيما بينها فأنتجت الشخصية العراقية بهذه الصورة .وقبل استقصاء عدد من هذه الاسباب اودّ ذكر معلومة قد تبدو جديدة للبعض.
هنالك نظرية في الشخصية تسمى النظرية التطورية Evolutionary ترى أن المورّثات " الجينات" السلوكية تخضع لقانون الانتخاب الطبيعي فتعمل – عبر التاريخ التطوري للانسان -على تقوية مورّثات "جينات" سلوكية معينة واضعاف مورّثات اخرى (مقارب لقانون دارون :البقاء للأصلح). وهذا يعني أن الأحداث التي عاشها الانسان عبرتاريخه التطوري تدخلت في عمل المورّثات "الجينات " بثلاث صيغ : تقوية مورّثات معينة ، واضعاف أخرى ، ودثر أخرى .
تأسيا على ذلك فاننا – أبناء هذا الجيل من العراقيين – لسنا فقط نتاج تكويننا البيولوجي الخالص،انما ايضا نتاج ما صنعته الأحداث من تأثير في مورّثات " جينات " أسلافنا العراقيين . ولك أن تقول : ان " جيناتنا "الحالية مشّفرة أو مسجّل عليها الأحداث التي عاشها أجدادنا ، وأننا نقرأ عناوين هذه الأحداث ونرى صورا منها عبر سلوكنا وتصرفاتنا.
ولكي لا يساء الفهم او يستنتج من قولي هذا أنني أميل الى تغليب العوامل البيولوجية في تكوين الشخصية ، فانني أعدّ الموروث الثقافي من أهم عوامل تكوين الشخصية . وأعني بالثقافة : القيم "بأنواعها الستة " والاتجاهات والمعتقدات والمعايير والفنون والآداب والعلوم ..وكل ما ينتجه المجتمع وينتقل عبر اجياله . وأزعم أن الثقافة - بالمفهوم أعلاه – تعمل على تكوين " مركز سيطرة" داخل الفرد يقوم بتوجيه سلوكه نحو أهداف محددة ، وأن الاختلاف بين الأفراد ، في سلوكهم وتعاملهم مع الناس والأحداث ، يعود في واحد من أهم أسبابه الى مركز السيطرة الثقافي هذا .
نعود الى الموضوع فنقول ان اتصاف الشخصية العراقية بسيكولوجيا الخلاف مع الآخر يعود الى أن العراق ينفرد عن بلدان المنطقة بأمور وأحداث لها تاريخ يمتد الاف السنين يتمثل أهمها بالآتي :
1. انه البلد الذي تؤخذ فيه السلطة بالقوة المصحوبة بالبطش بمن كانت بيده .
2. وأنه البلد الذي سفكت على أرضه أغزر دماء المحاربين من العراقيين والعرب والأجانب، لاسيما : المغول والأتراك والفرس والانجليز...وأخيرا ، الامريكان .
3. وأنه البلد الذي نشأت فيه حضارات متنوعة ومتعاقبة ، انهارت أو أسقطت بفعل صراع داخلي أو غزو أجنبي .
4. وأنه البلد الذي تنوعت فيه الأعراق والأديان والمذاهب ، في مساحة مسكونة صغيرة نسبيا.
5. وأنه البلد الذي كان مركز الشرق الاسلامي حتى الهند والسند ، وحيث عاصمته كانت مدينة الخلافة الاسلامية .

لقد عملت هذه الأحداث على تكوين شخصية الفرد العراقي بخصائص سيكولوجية وعقد نفسية معينة نوجز أهم ما له علاقة بالموضوع ، بالآتي :

1 . عقدة البارانويا .
تعني البارانويا : اسلوبا مضطربا من التفكير يسيطر عليه نوع غير منطقي " أو غير عقلاني " من الشك وعدم الثقة بالناس ، ونزعة دائمة نحو تفسير أفعال الأخرين على أنها تآمر أو تهديد مقصود أو مهين .
وقد نجمت هذه العقدة عن تواتر الاستيلاء على السلطة في العراق بالثورات والانقلابات الدموية والانتقامية ، فأصيب بها كل من أخذ السلطة ،وسيطرت على أغلبهم حالة هوسية من التآمر عليهم والشك بالآخر حتى لو كان بريئا.
وبالمقابل ، تولّد لدى الناس اقتران شرطي بين السلطة والظلم ، ناجم عن تكرار السلطات المتعاقبة لممارسة الظلم على الناس .
ومن هذه العلّة النفسية تحديدا (عقدة اليأس من مجيء سلطة عادلة ) نشأت فكرة " المخلّص المنتظر " الذي سيأتي ويملأ الأرض عدلا ، والتي يؤمن بها معظم العراقيين بغض النظر عن العرق والدين والمذهب والمستوى الثقافي سواء كان أمّيا أم حامل الدكتوراه .

2 . عقدة الاستهداف .
ان تكرار غزو العراق من قوى اجنبية ( لخيراته وموقعه الاستراتيجي ) ولّد لدى الفرد العراقي حالتين نفسيتين ، الأولى : يقينه أن العراق سيبقى مستهدفا وأنه " الضحيه " في كل غزو. وادراكه بالتجربة المتكررة أن كل غزو يحصل يشطر العراقيين الى ثلاثة أقسام : متعاونون مع الغزاة ، ومحايدون أو من جماعة " الياخذ أمّي يصير عمّي " ، ومعارضون ..يحكمهم جميعا : الخلاف مع الآخر .
والثانية : كره العراقي للحكومة وتعمّق الهوة النفسية بينهما ، الناجمة عن اعتقاده بأن أية حكومة تتولى السلطة لابد أن تكون مسنودة من قوة أجنبية ، وأنها تخدم مصالح الأجنبي أكثر مما تخدم مصالحه ، الأمر الذي أدى الى أن تكون نظرة العراقي للأمور في حال يشبه فيه حصان العربة : النظر باتجاه واحد هو الخلاف مع السلطة والعمل على اسقاطها .

3 . عقدة أخذ الثأر.
ان جسامة ما وقع من احداث وبطش الآخر بالآخر ، سواء بسسب الصراع على السلطة او بسبب معتقد او مذهب او فكرة ، عملت على توريث عقدة ( أخذ الثأر أو الحيف ) من الآخر ، وتحكّمت بسلوك العراقي في أزمات الحاضر ، بانفعالية تعطّل التفكير العقلاني بأسباب هذه الأزمات أو بمن يخلقها .

4 . عقدة التعصب لــ" الهوية ".
سكنت العراق أقوام متعددة : عرب ، كورد ، تركمان ، كلدان ، آشوريون ، يزيديون ، شبك..ونشأت فيه أديان ومذاهب متنوعة : اسلام ،مسيح ، يهود ،صابئة ،مجوس..،شافعي ، جعفري ، حنفي ، مالكي ، حنبلي .
وتفيد الاحداث أن هذه الأقوام والأديان والمذاهب تعايش أهلها بسلام حيثما كانت السلطة بعيدة عن التدخل في شؤون خصوصياتهم ، وأن الصراعات تنشأ فيما بينها ، حدّ ابادة الآخر ، حين تكون السلطة او قوة غازية محرضّا بشكل علني او خفي .
ولأن الانسان به حاجة نفسية الى (هوية ) فأنه يضطر الى الدفاع عن هويته حين تتعرض الى الخطر . ولأن كل ( هويات ) الجماعات العراقية لحقها أذى وتعرضت الى هذا القدر او


 

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2009, 10:52 PM   #4
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ذاك من الخطر ، فأنه نجم عن ذلك تغليب الانتماء الى الهوية الخصوصية (بدافع الحماية والأمن ) على الانتماء الى الهوية الوطنية ، مصحوبة بحالات من التطرف أو التعصب العرقي أوالديني أوالمذهبي .

6. الزهز بالذات والتباهي بالماضي .
يشعر الفرد العراقي بأنه سليل حضارات ، وأنه ابن بلد " الاوائل " : أول من اخترع الكتابة ، أول من اخترع العجلة ، أول من بنى المدن ، أول من سن القوانين ،أول من ابتكر آلة موسيقية ،أول من زرع الأرض وابتكر نظام الري ، أول البلدان في عدد الانبياء ... الأمر الذي نجم عنه نزوع سلوكي الى عدّ الخلاف مع الآخر من صفات الذي يريد أن يكون " الأول " أو من صفات التي تليق بأبن " الأوائل " .
ويتداول العراقيون مقولة ( ارفع راسك انت عراقي ) . ومع أنها حالة ايجابية حين تشكل موقفا" ضد الاذلال والنيل من الكرامة الا انها تتضمن معنى " التباهي " بالماضي ، وتشير ضمنا" الى بؤس الحاضر ، وحالة من عدم التوازن النفسي لدى الفرد تفضي بالنتيجة الى ميله نحو الخلاف مع الآخر .

6. العنف الثقافي .
يوصف العراق بأنه بلد التنوع الثقافي والعقائد العجيبة ، وفيه نشأت مدارس فلسفية وفكرية وفقهية وايديولوجيات من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ، اعتمدت في أطوار من مسيرتها أسلوب الاختلاف مع الآخر في الرأي ، نجم عنه ازدهار ثقافي ونزوع نفسي نحو الابداع المعرفي الذي من خصائصه الاتيان بما هو جديد ومخالف لما هو موجود .
غير أن السلطة تدخلت ، في اطوار اخرى من مسيرة هذا التنوع الثقافي ، فحولت الاختلاف مع الآخر على مستوى الرأي الى خلاف معه على مستوى الفعل ، اعتمد أساليب العداء والاضطهاد بأنواعه وانتهى بالعنف الذي يستهدف القضاء على " ثقافة " الآخر سواء بالسجن او بدس السم او الاعدام او الحرق علنا بتهم الكفر والالحاد والزندقة .
ما يعنينا هنا أن ذلك الواقع افرز حالة سيكولوجية بأن شطر المفكرين والمثقفين الى قسمين متضادين يتحكم في كل منهما أسلوب النظر الى الامور بثنائية " اما اسود واما ابيض " وهو اسلوب معرفي متصلّب يفضي الى الخلاف مع الآخر في السلوك والعناد العصابي في مواقف الصح والخطأ على السواء .
ومن مفارقات التنوع الثقافي الذي انفرد به العراق ، انه انتج نوعين متضادين من التفكير: علمي ، انتشر بشكل محدود بين النخب الثقافية ، وخرافي انتشر بين العامة من الناس وبين من يعدّون انفسهم مثقفين . فحين دخل القطار الى العراق بدايات القرن الماضي ، اعلن أحد رجال الدين المؤثرين تحريم استخدام القطار قائلا : " أتتركون حمير الله وتركبون الشمندفر ".

ان (الخلاف مع الآخر ) علّة نفسية مصابة بها الشخصية العراقية ، وقد لا استثني أحدا منها لاسيما الذين صارت أمور البلاد والعباد بأيديهم ، وأنها فعلت بنا ما فعلته ثارات الجاهلية باجدادنا.
وتبقى هنالك صفات سلبية أخرى تقابلها صفات ايجابية تمتاز بها الشخصية العراقية . وأرى أن موضوع ( الشخصية العراقية ) ينبغي أن يشكل مشروعا ثقافيا وطنيا . وعليه أقترح أن تتبنى هذا المشروع وزارات الثقافة وحقوق الانسان في كل من بغداد وأربيل ، ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والمواقع الالكترونية العراقية المهتمة بالثقافة . فالمكاشفة العلنية بما في شخصياتنا من عقد وعلل نفسية ، وفق برنامج علمي سيكوسوسيولوجي ، وسيلة أكثر نفعا في اصلاح الحال من مؤتمرات تدعو للمصالحة الوطنية لم تثمر حتى عن تصالح الانسان مع ذاته ، برغم ما يدعيه بعض من كبار السياسيين في الدولة بأن المصالحة قد تحققت بتأسيس هيئة كبرى تضم رجال الدين من طائفتي السّنة والشيعة كان القادة السياسييون في البرلمان والحكومة أحد ثلاثة أسباب ( مع الاحتلال والارهاب ) في هجرة وتهجير أكثر من مليونين وسفك دماء آلاف الأبرياء في اقتتال سخيف بينهما ، لم تخمد بعد نار الحقد أو يمت دافع الانتقام في نفوس من يفتقدونهم

مع أن كل الشعوب فيها الجميل من السمات والقبيح من الصفات الا أن جميلها في الشعب العراقي له نكهة خاصة وقبيحها فيه له هجنة خاصة .
ولأن الشعب العراقي اصبح الان " شاغل الدنيا " أكثر مما كان شاغلها في أزمنة إمبراطورياته القديمة والحديثة ، فأن الفضول العلمي يدفع الباحث الى معرفة ما ينفرد او يمتاز به الشعب العراقي عن باقي الشعوب فيما هو جميل وقبيح من السلوك او الصفات.
وللآسف فأن الباحثين النفسيين والاجتماعيين من الأكاديميين منشغلون في همومهم اليومية وأن الحكومة غير مهتمة بالبحوث الاجتماعية والنفسية ، وبصريح العبارة فانها لا ترتاح لعلماء النفس والاجتماع لأسباب سنفرد لها موضوعا خاصا ، فضلا عن أنه لا يوجد مشروع لبحوث ميدانية عن الشخصية العراقية .

تعليق استباقي :
كنا أشرنا في موضوع سابق " انظر : السادية والمازوشية في الشخصية العراقية " الى انه ليس من الصحيح علميا" وعمليا" القول بوجود شخصية عراقية " نموذجية او منوالية " تمثل المجتمع العراقي ، بمعنى انك اذا حللتها يمكن تعميم نتائجها على العراقيين جميعا" بطريقة مشابهة لتحليل قطرة من دم انسان لتعمم النتيجة على دمه كله وانت مطمئن . والحال الأقرب الى الواقع وجود شخصيتين في المجتمع العراقي الأولى تمثل جيل الكبار " 35 سنة فما فوق " والثانية تمثل جيل الشباب " اقل من 35 سنة ".
وثمة اعتراض اخر يرى أن الشعب العراقي ليس شعبا" واحدا" بل مجموعة شعوب ، ومع انه اعتراض سياسي وقومي أكثر منه اجتماعي ، (لاندماج "الشعوب العراقية" في حياة اجتماعية ونفسية مشتركة لمئات من السنين ) ، الا ان فيه وجة نظر تحتاج الى دراسات ميدانية . ومع ذلك فأنه توجد صفات ايجابية وسلبية مشتركة لدى العراقيين بشكل عام ، وهو افتراض نظري يحتاج ايضا" الى دراسات ميدانية رصينة .

دراسة استطلاعية :
بدأنا الخطوة الاولى باستطلاع اراء عدد من التدريسيين في الجامعة يمثلون عينة عشوائية مؤلفة من " 67 " تدريسيا وتدريسية من اختصاصات علمية وانسانية متنوعة ، وباعمار تراوحت من 24 الى 62 سنة ، من حملة الماجستير والدكتوراه ، خلال شهري آب وايلول 2007 . وكانت اداة الاستطلاع استبانة حملت الطلب الآتي :
( حدد ثلاث صفات ايجابية وثلات صفات سلبية ترى انها سائدة في الشعب العراقي او الشخصية العراقية ) .


نتائج الدراسة :
بعد تفريغ البيانات وحساب تكراراتها ونسبها المئوية كانت النتائج على النحو الاتي :

أولا :الصفات الإيجابية

1. خصائص شخصية : جاءت بالمرتبة الاولى وبنسبة 24% ، وتضمنت الاتي :
الغيرة ، النخوة ، الشهامة ، المروءة ، عزة النفس ، الطيبة ، الشجاعة ، حسن النية ، البساطة ، الاخلاص ، الوفاء ، الثقة بالنفس ، القدرة على التكيف والتأقلم وسرعة الاختلاط بالاخرين ، روح المقاومة ومجابهة الظلم ، الاصرار على تحقيق الهدف ، حلاوة اللسان ، حب المرح والفكاهة والنكتة حتى في احلك الظروف .
2. العلاقات الاجتماعية : جاءت بالمرتبة الثانية بنسبة 18% وتضمنت الاتي :
مساعدة الاخرين ، روح التعاون خاصة عند حصول مصائب وكوارث وحوادث غير متوقعة ، المشاركة الاجتماعية في مناسبات الاحزان والافراح والاعياد ، احترام الوالدين وكبار السن ، مساعدة الغريب والمحتاج وعابر السبيل .
3. صلابة الشخصية : جاءت بالمرتبة الثالثة بنسبة 14 % وتضمن الاتي :
القدرة على تحمل المصائب والمآسي والفواجع والصبر والجلد ، والقدرة على مواصلة الحياة برغم صعوباتها .
4. خصائص عقلية : جاءت بالمرتبة الرابعة وبنسبة 13% وتضمنت الاتي :
الذكاء العالي ، الذكاء الاكاديمي ، التفوق الفكري في الميادين المتنوعة ، الابداع في المجالات كافة ، الطموح ، حب العلم والتعلم .
5. الكرم والجوّد : جاءت بالمرتبة الخامسة وبنسبة 12% وتضمنت الاتي :
كرم الضيافة " يقدم العراقي كل ما يملك ليرضي ضيفه خاصة اذا كان غريبا" ، واحترام
الغريب وتقديره.
6. حب الوطن : جاءت بالمرتبة السادسة وبنسبة 10% وتضمنت :
حب الوطن والغيرة عليه والدفاع عنه ، والروح الوطنية العالية .
7. التمسك بالقيم : جاءت بالمرتبة السابعة وبنسبة 9% وتضمنت :


 

رد مع اقتباس
قديم 02-03-2009, 10:54 PM   #5
النسر الابيض
مراقب إداري سابق


الصورة الرمزية النسر الابيض
النسر الابيض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 22257
 تاريخ التسجيل :  12 2007
 أخر زيارة : 24-10-2009 (08:34 PM)
 المشاركات : 1,615 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الالتزام بالعادات والقيم الاصيلة ، كرم الاخلاق ، المحافظة على الشرف والعرض ،والتمسك بالقيم الدينية .

وقد وصف المجيبون الشعب العراقي بأنه ( شعب : صابر ، قوّي ، منتج ، مبدع ، وطني ، مضياف ، ومجبول على المحاولة والمجادلة).

ثانيا : الصفات السلبية :
1. النفاق الاجتماعي وازدواج الشخصية :
جاءت بالمرتبة الاولى وبنسبة 16% . ومع أن المجيبين لم يحددوا المقصود بالصفتين ألا أن المعنى الغالب لهما أن النفاق الاجتماعي يعني أن يظهر الإنسان عكس ما يبطن، كأن يكره الموظف مديره ويتمنى زواله ويسّبه في غيابه لكنه في حضوره يبدي له الاحترام والحب والدعاء بالبقاء في منصبه ، فيما يعني ازدواج الشخصية التناقض بين اتجاه الفرد وسلوكه كأن يدعو الى حرية المرأة في ممارسة العمل الذي ترغب فيه لكنه يمنع ابنته او اخته الناجحة بالاعدادية من التقديم الى كلية الفنون الجميلة او كلية التربية الرياضية مثلا".
2.صفات انفعالية : جاءت بالمرتبة الثانية بنسبة 14% وتضمنت :
تقلب المزاج ، سرعة الانفعال ، شدة الغضب وسرعته ، التصّرف بحدّه ، التسّرع في رد الفعل ، التسّرع في القرارات ، التطّرف بالحب وفي الكره ، والحماس الزائد.
3. الانانية : جاءت بالمرتبة الثالثة بنسبة 12% وتضمنت :
حب الذات ، ايثار المصلحة الشخصية على المصالح العامة ، حب المال والتوجه المادي ، والحسد
4.. التمسك بقيم وعادات متخلفة . جاءت بالمرتبة الرابعة بنسبة 11% وتضمنت :
العنصرية ، والتعصب الديني والمذهبي والعشائري ، والأخذ بالثأر ، وزواج البدل ، والقتل غسلا" للعار ، والايمان بالخرافات .
5. تدني الشعور بالمسؤولية : جاءت بالمرتبة الرابعة ايضا" بنسبة 11% وتضمنت :
ضعف الإخلاص للوظيفة الرسمية والعمل ، وضعف الشعور بالمسؤولية او التهرب منها ، الميل الى الكسل والراحة ، واللامبالاة ، وعدم الاهتمام بالوقت ، وعدم احترام المواعيد ، وعدم التخطيط.
6. مفهوم الذات السلبي : جاءت بالمرتبة الخامسة بنسبة 10% وتضمنت :
ضعف الثقة بالنفس ، الانغلاق على الذات ، استصغار الذات ، عدم الاعتماد على النفس في حل المشكلات ، الثقة العمياء بالاخرين ، الضعف في التعبير عن الرأي والبطء فيه .
7. سلوكيات مذمومة : جاءت بالمرتبة السادسة بنسبة 9% وتضمنت :
الغش والتزوير والكذب والفضول المزعج والغوغائية والتقليد .
8. تضخيم الذات: جاءت بالمرتبة السابعة بنسبة 6% وتضمنت :
التكبر والتعالي والفخفخة والغرور " وغير متفاهم " والسعي الدائم نحو التزعم والقيادة وحب السيطرة والتفرد بالرأي والتعصب له .
9. مخاوف نفسية : جاءت بالمرتبة الثامنة بنسبة 5% وتضمنت :
الخوف من المستقبل والمجهول وفقدان الامل .
10. تمجيد الحاكم : جاءت بالمرتبة التاسعة بنسبة 4% وتضمنت :
عبادة الفرد الحاكم ، وتمجيد الاشخاص وتقديس المسؤولين ، ومدح من يأتي للسلطة .
11. الإيحاء والمبالغة والثرثرة : جاءت بالمرتبة العاشرة والأخيرة بنسبة 3% وتضمنت :
تقبل الشائعات وترويجها وتضخيم الاحداث وكثرة القيل والقال وعدم التروي في صحة المعلومات.
تعليق
تمثل هذه الدراسة الاستطلاعية الأولية وجهة نظر عينة صغيرة نسبيا من أساتذة الجامعة بخصوص الصفات الايجابية والصفات السلبية في الشعب العراقي ، الأمر الذي يحتاج الى دراسات مماثلة على عينات من شرائح اجتماعية اخرى . غير أن هذه المهمة لا يمكن أن يقوم بها باحث واحد ولا حتى مجموعة محدودة العدد من الباحثين ، لأنها تحتاج الى إعداد أدوات بحث تتمتع بالصدق والثبات والموضوعية ، وتفريغ وتحليل كم هائل من المعلومات ، وتفسير ومناقشة النتائج بتفكير علمي رصين . وعليه فنحن ندعو الى أن تكون هذه المهمة مشروعا وطنيا يمكن أن تنهض بجانب منه أقسام الاجتماع وعلم النفس في الجامعات العراقية


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:02 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا