المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

الحياة مع القرأن العظيم0

بسم الله الرحمن الرحيم القرأن يا امة الاسلام0 فالحياة مع القرآن هي الحياة مع الله ؛ فالقرآن الحبيب كتاب الله المنزل ، وكلامه الموجه للإنسان إلى نفسه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 05-09-2002, 02:41 AM   #1
أبوأنـس
عضو


الصورة الرمزية أبوأنـس
أبوأنـس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2358
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 09-03-2003 (06:11 AM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
الحياة مع القرأن العظيم0



بسم الله الرحمن الرحيم

القرأن يا امة الاسلام0

فالحياة مع القرآن هي الحياة مع الله ؛ فالقرآن الحبيب كتاب الله المنزل ، وكلامه الموجه للإنسان إلى نفسه وقلبه وفكره وروحه ، وهو حديث متصل من الله تعالى ؛ يصفه بأسمائه وصفاته وأفعاله ... يصفه بقدرته المعجزة ، ورحمته الواسعة ، وعلمه الشامل ، يصفه بكبريائه وجبروته يصفه بمغفرته وحلمه ومعيته ورقابته ... يصفه بكل ما تستطيع النفس البشرية أن تدركه من صفات الكمال والجلال .

وحين يعيش المسلم مع القرآن فهو يعيش مع الله تعالى ؛ سواء حين يحس برحمته الواسعة وفضله الغامر الذي يتناوله بالرعاية ؛ فيرسل إليه رسوله الحبيب ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويقرئه كتابه المنزل يهدي به نفسه ويلمس مِنَـة الرب عليه : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 1 ) أو حين يتتبع الحديث المتصل في القرآن الكريم عن الله سبحانه وتعالى ، وما أسبغه عليه من النعم الظاهرة والباطنة ، يلمس ذلك بحسه ؛ إذ يسمع قول ربنا عز وجل : ( الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خلق الإنسان * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) ( 2 ) .

{ بهذا الرنين الذي تتجاوب أصداؤه الطليقة المديدة المدوية في أرجاء هذا الكون وفي جانب هذا الوجود . الرحمن : بهذا الإيقاع الصاعد الذاهب إلى بعيد يجلجل في طبقات الوجود ويخاطب كل موجود وتلفت على رنينها كل كائن ، وهو يملأ فضاء السماوات والأرض ، ويبلغ إلى كل سمع وإلى كل قلب ، ويسكت . وتنتهي الآية . ويصمت الوجود كله ، وينصت في ارتقاب الخبر العظيم ، بعد المطلع العظيم ، ثم يجيء الخبر المرتقب ؛ الذي يخفق له ضمير الوجود ... علّم القرآن ... هذه النعمة الكبرى التي تتجلى فيها رحمة الرحمن بالإنسان .. القرآن .. الترجمة الكاملة لنواميس هذا الوجود ومنهج السماء للأرض ؛ الذي يصل أهلها بناموس الوجود ، ويقيم عقيدتهم وتصوراتهم ، وموازينهم ، وقيمهم ، ونظمهم ، وأحوالهم : على الأساس الثابت الذي يقوم عليه الوجود فيمنحهم اليسر والطمأنينة والتفاهم والتجاوب مع الناموس .
القرآن الذي يفتح حواسهم ومشاعرهم مع هذا الكون الجميل ؛ كأنما يطالعهم أول مرة ، فيجدد إحساسهم بوجودهم الذاتي ، كما يجدد إحساسهم بالكون من حولهم ، ويزيد فيمنح كل شيء من حوله حياة نابضة تتجاوب وتتعاطف مع البشر ؛ فإذا هم أصدقاء ، ورفاق أحبة ، حيثما صاروا ، أو أقاموا طوال رحلتهم على هذا الكوكب ! . القرآن : الذي يقر في أخلادهم أنهم خلفاء في الأرض ، أنهم كرام على الله ، أنهم حملة الأمانة ... فيشعرهم بقيمتهم التي يستمدونها من تحقيق إنسانيتهم العليا } ..( 3 )
__________________________

( 1 ) (آل عمران:164)
( 2 ) ( الرحمن : 1/4 )
( 3 ) الظلال : 6/3446

================================================== ========
كفاية المؤمن

لقد تلقى الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ القرآنَ من رسول فيّ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأشربته قلوبهم ، و اقشعرت جلودهم ، ورطبت به ألسنتهم ، وكان للقرآن الحبيب المنزّل الأثر الكبير في نفوسهم ؛ منزل لا يعدله شيء .. كيف لا وهو كلام الله تعالى ، فقد روي عن سيدنا عكرمة بت أبي جهل ـ رضي الله عنه ـ فيما أخرجه الحاكم : ( كان عكرمة بن أبي جهل يأخذ المصحف فيضعه على وجهه ويبكي ويقول : كلام ربي كتاب ربي ) .
وعن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ـ رضوان الله عليه ـ قال : ( لو طهُرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا عز وجل ) .

و أدرك الصحابة الكرام الأطهار عِظم نعمة القرآن الكريم ، فتعاهدوه بالتلاوة وإدامة النظر ، آناء الليل وأطراف النهار ، وعلِم الصحابة الكرام فضل الله عليهم بإنزاله كلامه سبحانه وتعالى إليهم ،واستشعروا قول الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 4 ) .

يقول الأستاذ سيد رحمه الله : ( أولم يكفهم أن يعيشوا مع السماء بهذا القرآن ؟ وهو يتنزل عليهم ، ويحدثهم بما في نفوسهم ، ويكشف لهم ما حولهم ، ويشعرهم أن عين الله عليهم ، وأنه معنيٌ بهم ، حتى ليحدثهم بأمرهم ، ويقص عليهم القصص ويعلمهم .. وهم هذا الخلق الصغير الضئيل التائه في ملكوت الله الكبير ، وهو وأرضهم وشمسهم التي تدور عليها أرضهم .. ذرات تائهٍ في هذا الفضاء الهائل ، لا يمسكهن إلا الله ، والله بعد ذلك يكرمهم حتى لينزل عليهم كلماته تُتلى عليهم ..والذين يؤمنون هم الذين يجدون حس هذه الرحمة في نفوسهم وهم الذين يتذكرون فضل الله عليهم وعظيم مِنته على هذه البشرية بهذا التنزيل ، ويستشعرون كرمه وهو يدعوهم إلى حضرته ، وإلى مائدته ، وهو العلي الكبير ، وهم الذين ينفعهم هذا القرآن ، لأنه يحيا في قلوبهم ويفتح لهم من كنوزه ويمنحهم ذخائره ، ويُشرق في أرواحهم بالمعرفة والنور ) ( 5 )

وهذه النعمة وهذه الكفاية ـ القرآن الكريم ـ لَلَمسلم المعاصر أشد حاجةً إلى تذوقها وتنسم عبيرها والعيش في رحابها ؛ إذ الواقع المعاصر المادي لهو أشد ضغطاً وقوةً مما كانت عليه حياة سلف الأمة الأطهار ، ومن ثَم فإن تذوق معاني القرآن الكريم والعيش بها سيكون بتوفيق الله تعالى متناسباً مع قوة ضغط الحياة المادية المعاصرة .. وهذا لكون القرآن الكريم كتاب هذه الأمة الخالد وعندما يتذوق المسلم معاني القرآن ويستشعر بها في كيانه وكيان من حوله ، يقول ساعتئذ : لو إن أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي خير كبير .. إذ هو يعيش بكلام ربه الكبير المتعال .

يتبع إن شاء الله
_____________________________

( 4 ) (العنكبوت:51)
( 5 ) ( الظلال : 2747 )
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2002, 02:45 AM   #2
أبوأنـس
عضو


الصورة الرمزية أبوأنـس
أبوأنـس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2358
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 09-03-2003 (06:11 AM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تكــــــــــامل ... وانسجــــــــام


خلق الله تعالى الإنسان من طين لازب ، ثم نفخ فيه من روحه ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) ( 6 ) وأنزل عليه روحا من أمره ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ) ( 7 ) فتلتقي نفخة الروح في الإنسان مع القرآن من الرحمن فيكون الانسجام ... انسجام بين الروحين ؛ يصنع التكامل في الكيان الإنساني.

والروح التي أودعها الله في الإنسان ليعتريها كثير من الهزال والضعف ، وتتأثر بطغيان حمأة الطين عليها ، وبضغط المادة من حولها ! فلا تعود للروح إشراقتها ، وللنفس طمأنينتها ، وللإنسان إنسانيته إلا بروح أخرى ؛ هي القرآن الكريم ... لينتزع الروح الإنسانية من عالم المادة والشهوات إلى عالم الطهر والقداسة . هذا القرآن (‏ فِيهِ نَبَأُ ‏ مَا كَانَ ‏‏ قَبْلَكُمْ ‏ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ وَهُوَ ‏ ‏الْفَصْلُ ‏ ‏لَيْسَ بِالْهَزْلِ ‏‏ مَنْ ‏ تَرَكَهُ ‏ مِنْ جَبَّارٍ ‏ ‏قَصَمَهُ ‏ ‏اللَّهُ ‏ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى ‏ فِي ‏ غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لَا ‏ ‏تَزِيغُ ‏ ‏بِهِ الْأَهْوَاءُ وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَلَا يَشْبَعُ ‏ مِنْهُ ‏ الْعُلَمَاءُ وَلَا ‏ ‏يَخْلَقُ ‏ ‏عَلَى كَثْرَةِ ‏ ‏الرَّدِّ ‏ ‏وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ‏ مَنْ ‏ قَالَ بِهِ صَدَقَ ‏ وَمَنْ ‏ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ ‏ وَمَنْ ‏ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ ‏‏ وَمَنْ ‏ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ( 8 ) .

في هذا القرآن ما تعود به روح الإنسان إلى هديها الأول ، الإنسان الذي علمه ربه البيان ... فكان هذا القرآن غاية في البيان .. فالقرآن يخاطب روح الإنسان ( بألفاظ إذا اشتدت فأمواج البحار الزاخرة ، وإذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة ، تذكر الدنيا فمنها عمادها ونظامها ، وتصف الآخرة فمنها جنتها وصرامها ، ومتى وعدت من كرم الله جعلت الثغور تضحك في وجه الغيوب ، وإن اوعدت بعذاب الله جعلت الألسنة ترعد من حمى القلوب . ) ( 9 )

والقرآن الكريم " الروح " يلمس روح الإنسانية بهديه وهداياته ؛ بمعان بيان هي عذوبة ترويك من ماء البيان ، ورقة تستروح منها نسيم الجنان ، ونور به مرآة الإيمان في وجه الأمان ، وبينا هي ترف بندى الحياة على زهرة الضمير ، وتخلق في أوراقها من معاني العبرة معنى العبير ، وتهب عليها بأنفاس الرحمة فتنم بسر هذا العالم الصغير ... ثم بينا هي تتساقط في الأفواه تساقط الدموع من الأجفان ، وتدع القلب من الخشوع كأنه جنازة ينوع عليها اللسان ، وتمثل للمذنب حقيقة الإنسانية حتى يظن أنه صنف آخر من الإنسان ؛ إذ هي بعد ذلك أطباق السحاب وقد انهارت قواعده والتمعت ناره وقصفت في قلبه رواعده ، إذ هي السماء وقد أخذت على الأرض ذنبها ، واستأذنت في صدمة الفزع ربها ، فكادت ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ، وإنما هي عند ذلك زجرة واحدة ) ( 9 )

هكذا تعود للروح قيمتها الحقيقية ، ويحدث التكامل في كيان الإنسان عقله وروحه وجسده وعاطفته ومشاعره وأحاسيسه ... هكذا فقط يعود المسلم لنفسه بتعاهده لها بالقرآن الكريم ؛ كتاب الله .


فالدعوة الإسلامية المعاصرة روح يسري في جسد هذه الأمة بالقرآن ، وقبل أن تشع هذه الروح ـ المؤملة ـ على الأمة لابد وأن يعكف المسلم الداعية العامل على القرآن الكريم ، لتعود روحه إليه ، وليكون منه تعاهد دائم لها ، ثم يؤذن له من بعد ذلك السريان في جسد هذه الأمة ... ليس قبل ... وبالقرآن الكريم فقط تكون روح الداعية المؤمن متصلة بالسماء وله ذكر له ولدعوته في الأرض؛ فعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شيء ، وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن ؛ فإنه روحك في السماء وفكرك في الأرض ) . ( 10 )

______________________

( 6 ) (الحجر:29)
( 7 ) (الشورى:52)
(8 ) ذكر الإمام ابن كثير في فضائل القرآن أنه كلام حسن صحيح ينسب للإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه .
( 9 ) وحي القلم للرافعي .
( 10 ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
نور على نور ... ثم نور


من أوصاف القرآن الكريم أنه " نور " : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) ( 11 ) .

فهو : ( نور تتجلى تحت أشعته الكاشفة حقائق الأشياء واضحة ; ويبدو مفرق الطريق بين الحق والباطل محددا مرسوما في داخل النفس وفي واقع الحياة سواء حيث تجد النفس من هذا النور ما ينير جوانبها أولا ; فترى كل شيء فيها ومن حولها واضحا حيث يتلاشى الغبش وينكشف ; وحيث تبدو الحقيقة بسيطة كالبديهية وحيث يعجب الإنسان من نفسه كيف كان لا يرى هذا الحق وهو بهذا الوضوح وبهذه البساطة ؟
وحين يعيش الإنسان بروحه في الجو القرآني فترة ; ويتلقى منه تصوراته وقيمه وموازينه يحس يسرا وبساطة ووضوحا في رؤية الأمور ويشعر أن مقررات كثيرة كانت قلقة في حسه قد راحت تأخذ أماكنها في هدوء ; وتلتزم حقائقها في يسر ; وتنفي ما علق بها من الزيادات المتطفلة لتبدو في براءتها الفطرية ونصاعتها كما خرجت من يد الله ) ( 12 )

هذا هو " سيد " يصف ذلك النور ، ويقول أنه وصف قاصر ، وإنما يذاق هذا النور بالتجربة والشعور الشخصي ، ليجد المسلم ذلك النور في كل حنايا نفسه ، وليعجز عن الإتيان بألفاظ تناسب ما يجده من معاني ذلك النور ؛ إذ هو عاكف على كتاب ربه .

ويصور لنا ربنا ؛ نور السماوات والأرض ، يصور نوره في قلب المؤمن الذي عمّر قلبه بالإيمان ، وعمّر العبد قلبه بالقرآن ، يقول ربنا سبحانه : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ( 13 )

فالمشكاة : هي الكوة في الجدار ، والمصباح هو السراج ، والزجاجة هي القنديل الذي يحوي الفتيل المنير ... وهذه الأجزاء الثلاثة في الآية تقابل الإنسان المؤمن في ثلاثة أشياء : جسده ، وقلبه ، والنور الذي في قلبه ، ؛ فالجسد تقابله المشكاة ، والقلب الزجاجة ، والنور في القلب يقابله السراج .

والزجاجة التي تحوي المصباح ، أي القلب الذي يحوي النور ُشبه من شدة نوره بالكوكب المضي الذي يشبه الدر لفرط ضيائه وصفائه ، وقد جمع هذا التشبيه الجسد والقلب ، جمعهما وشبههما بالكوكب الدري للدلالة على شدة الصفاء والنور !.

ذلك النور المضيء إنما يستمد نوره من شجرة مباركة هي الشريعة ، تكاد أن تضيء لوحدها ، لأنها من نور الله ، نور السماوات والأرض ...

فلا مدد ، ولا حياة ، للقلب من غير القرآن الكريم .. والحياة مع القرآن ، فالقرآن هو المدد الدائم والزاد المتدفق المستمر للقلب ، الذي به يبقى القلب سراجاً مشتعلاً ، وبه يبقى الإنسان مهتدياً ، وبقدر حياة القلب بالقرآن بقدر زيادة اجتماع قلبه وإضاءته .

وحين تسري ينابيع الحياة في القلب بالقرآن ، يبدأ جسد المسلم وروحه بالتشبع ، وتظهر عليه أزهار الإيمان واليقين التي يزرعها القرآن زرعا ، هنا .. ينور القلب والجسد .. لتكون خطوة تالية هي : ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ ) ( 14 )

فبعد أن أنار القرآن جسد المسلم وقلبه ، يجعل له نورا يتحرك به لدعوة الناس إلى هدي الله ، إلى نور السماوات والأرض ، هكذا يكون التدرج ، وهكذا يجب أن تكون التربية لأجيال الدعاة والمربين ، ولعل من مشاكل الدعاة اليوم أنهم وجدوا أنفسهم " دعاة " وقذف بهم لزهق باطل ، وهم يحتاجون للكثير من أنوار القرآن ، قبل الولوج في مسالك الدعوة والتربية ، صحيح أن أنوار القرآن لا تنقضي ! ، لكنه القدر المطلوب والحد الأدنى من علاقة المسلم بكتاب الله تعالى ، ثم تأتي الانطلاقة للدعوة إلى الله ، ليس قبل .! ، حتى يكون لكلامه نورا يخرج من نور قلبه ، ويكون ثمة نور يحيط به ويكتنفه إذ هو يدعو إلى صراط العزيز الحميد .. وما كان من القلب وصل إلى القلب ، وما كان من اللسان لم يجاوز الأذان .
___________________

( 11 ) (النساء:174)
( 12 ) الظلال 821 .
( 13 ) (النور:35 )
( 14 ) (الأنعام:122)


 

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2002, 02:48 AM   #3
أبوأنـس
عضو


الصورة الرمزية أبوأنـس
أبوأنـس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2358
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 09-03-2003 (06:11 AM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


رأس الأمر ... وبدايته





الخطوة الأولى للحياة مع القرآن الكريم ؛ الحياة التي تبارك العمر وتنميه وتزكيه ، الخطوة الأولى هي إدامة التلاوة لكلام الله المعجز ؛ القرآن الكريم .. فكلما كان المسلم ذا علاقة قوية بالكتاب الكريم كلما ازداد شوقاً للمزيد ، إذ القرآن لا يخلق من كثرة الرد ، ولا تمله نفوس المؤمنين ؛ كلام من يعلم السر وأخفى ، ويعيش مع الله في كل لحظة يعيشها مع القرآن .

ومن هنا جاء الحث من النبي صلى الله عليه وسلم بإدامة التلاوة والإكثار من التعهد للقرآن الكريم ، كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام التحذير من الجفوة والقطيعة بين المسلم وبين مصدر الهداية والرقي .. وهاك بعض الأحاديث لتشحذ بها همتك لتتلو القرآن الكريم .. وترتقي .

قال عليه الصلاة والسلام : ( اقرأوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه ، أما إني لا أقول آلم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ، فتلك ثلاثون . ) ( 15 )

وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن لله تعالى أهلين من الناس ، قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : أهل القرآن هم أهل الله وخاصته . ) ( 16 )

وقال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها . ) ( 17 )

فكتاب الله ميدان المؤمن الأول لجمع الحسنات و مضاعفة رصيده عند الله تعالى ، والقرآن الكريم هو نسب المؤمن الرباني إن هو أراد أن يكون له نورا يمشي به في الناس .. كونه داعية ! وكلام الله تعالى هو رائحة المؤمن وطعمه الذي يشمه منه الناس ويتذوقون منه صدق كلامه ، وهو روح المؤمن في السماء وذكره في الأرض .

وقد ضرب لنا سلفنا الصالح أمثلة رائعة تدل على علو كعبهم في تلاوة القرآن الكريم والإقبال عليه ، واستجابوا لتوجيهات النبي عليه الصلاة والسلام بتعهد قلوبهم بالقرآن الكريم أناء الليل وأطراف النهار ، فكان منهم من يختم القرآن في ليلة ، ومنهم من يختمه في ثلاث ، وسبع ، ومنهم من ختمه كل عشر ، وفي كل ذلك أسانيد صحاح .

إلا أننا ونحن ننشد الحياة الطيبة مع القرآن الكريم ـ إذ نحن تحت رايته ـ ونسعى للربانية من بابها الأصيل ، ونحاول أن نخرج بنفوسنا من واقع آسر ، ومادية طاغية ! كل أولئك يجعل المسلم يفكر ـ بصدق ! ـ في أمر نفسه ، في أمر آخرته ، في أمر روحه ، ثم في أمر دعوته التي يريد لها القبول ... على المسلم أن يفكر في ذلك كله ويحدد لنفسه وردا يوميا من كتاب الله تعالى ، لا يفتر عنه ولا يتكاسل ، ولا يتركه لأي سبب كان .

وكوننا في شهر القرآن فإني أنصح بدورة تلاوة مركزة ، يجلس فيها المرء مع كتاب الله تعالى الساعات الطوال ؛ تكون بمثابة ملء القلب بكمية كبيرة من هذا الزاد حتى يستقر ويهدأ وتظهر عليه علامات الإخبات والوجل والعزة والطمأنينة ، حتى إذا ما فرغ من هذه الدورة ، ضرب لنفسه عهدا على ورد يومي ثابت .

إن هذا القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، كلام رب متصف بصفات الجلال والكمال ، منزه عن النقص والمثال ، نزل به الروح الأمين ، على قلب خير الخلق أجمعين ، فبلّغه على أكمل حال .

إن هذا القرآن ليصنع مسلماً متصفاً بصفات عليا ، تؤهله لأداء دوره الكبير من بعد أن ُأكرم بالقرآن بين يديه ، وُجعل له نورا على نور بسند عال وبصورة ناصعة البياض ...

أفبعد هذت يترك القرآن الحبيب العجيب ، ولا يتعهد صباح مساء ، ونسمع نداء السراج المنير ولا نجيب !؟ : ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) ( 18 )


ويظل الحديث عن القرآن ذو شجون ؛ لحياة قلوبنا والرقي بها في معارج القبول في الدنيا والآخرة ... فما من عصر إلا وهو مقلب صفحة منه حتى تنتهي الدنيا عند خاتمته ؛ فإذا هي خلاء من الـِجنة والناس .

جزاكم الله خيراً .

ولا تنسوني من صالح دعائكم .
______________________________

( 15 ) صحيح الجامع برقم 1164.
( 16 ) صحيح الجامع برقم 2165 .
( 17 ) البخاري .
( 18 )(الفرقان:30)




منقول




ابو أنـس


 

رد مع اقتباس
قديم 05-09-2002, 01:17 PM   #4
صمود
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية صمود
صمود غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2190
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 28-05-2003 (08:43 PM)
 المشاركات : 278 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
بارك الله فيك



صدقــــــــــــــت يا اخي في الله


القــــــــــــــــــــــــــــــــرآن حياة القلوب

انس المــــــــــــــــــــــــــــــــــــــؤمن

،،،،،،،،،
ســــــــــــــــــــــــــــــــــدد الله انـــــــــــاملك لكل خير


 

رد مع اقتباس
قديم 07-09-2002, 12:49 AM   #5
أبوأنـس
عضو


الصورة الرمزية أبوأنـس
أبوأنـس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2358
 تاريخ التسجيل :  08 2002
 أخر زيارة : 09-03-2003 (06:11 AM)
 المشاركات : 18 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


بسم الله الرحمـــــــــــــــن الرحيم


اختي-----صمود

جزاك الله خير ا





ابوأنس


 

رد مع اقتباس
قديم 07-09-2002, 02:58 AM   #6
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


بارك الله فيك اخي/ ابوانس


اللهم اجعلني من حفظة القرأن الكريم0


البتـــــار!!!


 

رد مع اقتباس
قديم 10-09-2002, 12:59 PM   #7
المخضرم
عضو نشط


الصورة الرمزية المخضرم
المخضرم غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1864
 تاريخ التسجيل :  07 2002
 أخر زيارة : 27-02-2005 (02:05 PM)
 المشاركات : 177 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


جزاك الله خير يابوالأنس


 

رد مع اقتباس
قديم 01-01-2003, 09:49 PM   #8
البتــار!!!!
شيخ نفساني


الصورة الرمزية البتــار!!!!
البتــار!!!! غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1771
 تاريخ التسجيل :  06 2002
 أخر زيارة : 15-05-2016 (07:36 AM)
 المشاركات : 5,426 [ + ]
 التقييم :  63
لوني المفضل : Cadetblue


اســأل الله ان يوفقك اخي/ ابو أنس





نعم والله ان الحياة مع القرأن حياة سعيدة




البتار


 

رد مع اقتباس
قديم 02-01-2003, 01:07 PM   #9
حرة
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية حرة
حرة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3027
 تاريخ التسجيل :  11 2002
 أخر زيارة : 08-04-2005 (11:37 PM)
 المشاركات : 416 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


بارك الله فيك .. ونفعنا بما كتبت ..


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا