المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > ملتقيات التجارب الشخصية والأبحاث > ملتقى أصحاب الإكتئاب
 

ملتقى أصحاب الإكتئاب أكره مرض الإكتئاب بنفس القدر الذي أحب به مريض الإكتئاب .. فهو أرق الناس وأصفاهم وأصدقهم .. و من لا يدمع قلبه حين يعايش مريض الإكتئاب ، فإن قلبه من حجر ، أو أشد قسوة "

تلخيص كتاب التحرر من الاكتئاب

تلخيص كتاب التحرر من الإكتئاب, 1/4 كتبهاغسان الشريف ، في 27 نوفمبر 2010 الساعة: 12:08 م Undoing Depression, what therapy doesn’t teach you and

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14-03-2011, 11:33 PM   #1
يمكن بالعربي
عضو نشط


الصورة الرمزية يمكن بالعربي
يمكن بالعربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 31370
 تاريخ التسجيل :  08 2010
 أخر زيارة : 12-01-2020 (09:38 PM)
 المشاركات : 122 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
تلخيص كتاب التحرر من الاكتئاب



تلخيص كتاب التحرر من الإكتئاب, 1/4

كتبهاغسان الشريف ، في 27 نوفمبر 2010 الساعة: 12:08 م




Undoing Depression, what therapy doesn’t teach you and medication can’t give you

written by: Richard O’Connor

مقدمة:
الإكتئاب يظهر كالوباء في مجتمعاتنا, فالإحصاءات تقول أن واحداً من بين أربعة من الأمريكين قد عانى من حالة إكتئاب حقيقية في حياته, وأن واحداً من كل خمسة يعاني من الإكتئاب حالياً. والمصابون بالإكتئاب ليسوا حكراً على طبقة معينة من البشر, فقد أصيب به الكثير من المشاهير, كتشرشل وإبراهام لينكولن وفرويد عالم النفس وبروك شيلدز. فهو ظاهرة عالمية وتعاني منه كل الشعوب على إختلاف ألوانها وطبائعها وخلفياتها الثقافية والدينية.
ويقول المؤلف أن من الصعوبة بمكان على من أصيب بالإكتئاب أن يتخيل نفسه بعيداً عن دائرته. فقد تعلم من أصيب بالإكتئاب من الممارسات الخاطئة ما يجعله دائم الدوران في هذا الفلك من كظم للغيظ, والعزلة عن الناس, وتقديم رغبة الآخرين على نفسه, وغيرها مما يعرقل علاجه ويجعله لا يقوى على تخيل نفسه خارج دائرة الإكتئاب, كعدم قدرة الأعمى على تخيل شروق الشمس.
ومن المعلومات المهمة التي يستعرضها المؤلف أن الإكتئاب لا يخزن في الدماغ كما كان معروفاً في السابق, وإنما أن الدماغ يتشكل بالخبرات التي يمر بها الإنسان, فيقوم بإنشاء شبكات جديدة بين الخلايا الدماغية مع كل تجربة. وهو ما يجعل نسيانها صعباً.
ويؤكد الكتاب أن علاج الإكتئاب لا يكون بالأدوية والجلسات العلاجية فقط, وإنما أيضاً بممارسة مهارات تحل محل مهارات الإكتئاب, ومن هذه المهارات الإيجابية, السيطرة على النفس, مهارات الإتصال وتوضيح الذات, وتحدي القناعات عن الحياة والآخرين.
والكتاب مكون من أربعة أجزاء رئيسية, سأبدأ بتلخيص الجزء الأول منها وهو "ماذا نعرف عن الإكتئاب".

ماذا نعرف عن الإكتئاب

فهم الإكتئاب
يقول المؤلف أن ثلث المصابين بالإكتئاب الطويل فقط هم من يحاولون علاجه بالأدوية, وقليل من هؤلاء من يوفق في إختيار العلاج الصحيح. ويوضح المؤلف حقيقة الإكتئاب فيقول أنه عدم القدرة على الشعور, أي اللاشعور, وذاك أن المصاب بالإكتئاب لا يستطيع أن يشارك الناس مشاعر الفرح والغبطة والإنبساط, وإنما هو رهين الحزن والفراغ والتوتر وقلة الثقة بالنفس وإنعدام القيمة وجلد الذات والوحدة والتشاؤم. وهذا ما يؤثر على حياته كلها وعلى أكله وعمله ونومه وحتى ممارسته الجنس, فيعود مرهقاً وكثير اللوم لنفسه لمعاناته من هذه الأعراض ومعتقداً أنه لن يتمكن أحد من فهمه.

تجربة الإكتئاب
يقول الكاتب أن المصاب بالإكتئاب قد يكون من أكثر الناس تحقيقاً لذاته في العمل, وهذا ما يحضر له جزءًا من المتعة ولكنه لا يخرجه من دائرة الإكتئاب. فهم يمارسون الحياة برأس مرفوعة متقنعين بقناع الفرح والبهجة. وهذا هو ما يؤثر عليهم على المدى البعيد فيجعلهم يشعرون بالغربة لأنهم لا يستطيعون أن يشاركوا الآخرين مشاعر الإحباط التي بداخلهم بعد أن أوهموهم بالقناع المزيف. ومما يزيد من مشاعر الإكتئاب, ممارسة المصاب به عدداً من المهارات الخاطئة التي تجعله لا يكاد يخرج من دوامته تلك وهي كثيرة ولكنني أختار منها:

حجب المشاعر, فهو لا يقدر على إظهار المشاعر الحقيقة التي تصاحب الحدث ويقوم بحجبها وعدم إظهارها, ولهذا فهو عادة ما يوصف بالبرود وعدم الحميمية.
التشاؤم, وهذه ممارسة إعتادها المصاب بالإكتئاب حتى لا يجرح مشاعره بتوقع الأفضل الذي لم يحدث في تجاربه السابقة.
الإستقلالية, فهو لا يظهر الحاجة للآخرين ويتظاهر بالفوقية والبرود.
محاولة الحصول على أهداف مستحيلة أو عدم الإهتمام بتحقيق الأهداف.
تشخيص الإكتئاب
يقوم المؤلف في هذه الفقرة بتوضيح أنواع الإكتئاب. وهي متنوعة وتصيب النساء بشكل أكبر من الرجال, ومن هذه الأنواع:

الإكتئاب العميق: وهو ما يلاحظه المحيطون بمن أصيب به ويلاحظون عليه الكآبة وعدم الإهتمام بالنشاطات العادية لمدة تمتد لأسبوعين, والمصابون بهذا الإكتئاب يصاحبهم ما لا يقل عن أربعة من الأعراض التالية:
زيادة أو نقصان الوزن, وتغير في الشهية للأكل.
أرق أو نوم كثير كل يوم تقريباً.
قلة أو زيادة في الحركة.
قلة النشاط والتعب المستمر.
الشعور بإنعدام القيمة أو الشعور المفرط بالذنب.
عدم القدرة على التركيز, التفكير أو أخذ القرار.
التفكير بالموت أو الإنتحار.
الإكتئاب الطويل: وهذا الذي يعاني من أصيب به بالكآبة في معظم الوقت من اليوم, ويستمر معه إلى مدة طويلة تصل إلى سنتين. وهو يتشابه مع الأعراض السابقة إلا أن المريض لا يشعر بالرغبة في الإنتحار ولا يتغير نشاطه بين الحركة والخمول, بل يصاحبه شعور بقلة الثقة بالنفس.
إكتئاب التوتر: وهو الذي ينتج من كثرة التعرض للقلق والضغط النفسي, خاصة إذا أهمل علاجه في فترة مبكرة.
ما هو الإكتئاب؟
من الأخبار السيئة التي لابد أن يعرفها مريض الإكتئاب, أن الإكتئاب المستمر يؤثر على الدماغ ويؤدي إلى إنكماشه وإنعدام مرونته. وهذا ما يجعل الخلايا الدماغية غير قادرة على التخاطب الفعال, لقلة فعالية الدماغ في إنتاج المواد الكميائية التي تتحكم في الحركة والعواطف. فمع كل حالة إكتئاب ينكمش hippocampus, المعالج الرئيسي للعواطف في الدماغ إلى أن يصل مع التكرار إلى 20% من حجمه الطبيعة كما قدرته بعض الدراسات. وهذا ما يفسر قلة القدرة على التركيز وضعف الذاكرة. وذاك أن hippocampus له دور رئيسي في نقل الذاكرة من الذاكرة قصيرة المدى إلى طويلة المدى. ولكن الأخبار الطيبة أنه بإمكان المصاب بالإكتئاب أن يعوض هذه الخلايا الدماغية بالأدوية والعلاج السريري cognitive-behavior therapy وممارسة العادات الجيدة لمقاومة الإكتئاب.

ويسرد الكاتب الأسباب التي تجعل شريحة من الناس أكثر عرضة للإصابة بالإكتئاب, وهي:

الإستعداد الوراثي, حيث أن الدراسات أثبتت أن قشرة الدماغ في العوائل المصابة بالإكتئاب أنحف من غيرها.
مشاكل في علاقة الطفل مع أبويه من الصغر, وهو ما يؤثر على تفاعل الطفل مع بيئته ومن حوله فلايعود يقوى على بناء علاقات قوية أو يتمتع بالثقة بالنفس.
ضعف المهارات الشخصية, فالخجل والخوف من مخالطة الناس تنمي الإنعزال ومن ثم الأفكار السلبية.
ضعف الروابط الإجتماعية, فالزوجان الذان لا يجدا الحب في علاقتهما, يتنامى لديهما الشعور بعدم الأمن والوحدة. والطفل الذي يعيش في هذه البيئة يعاني بالتالي من حالة من الضياع.
قلة الثقة بالنفس.
التشاؤم.
المعاناة من مشاعر فقد حبيب أو صدمات في الصغر, فالضرب المبرح من الآباء والإهمال وتوبيخ الطفل ونقده بشكل مستمر ومناداته بأسماء مزعجة والصراخ عليه عندما تتملكهم مشاعر الغضب وسحب العاطفة عند مخالفة الطفل لآراء الأبوين, هي كلها من الأساليب الخاطئة في التربية والتي تؤثر على الطفل وتجعله أكثر عرضه عن غيره بالإكتئاب.
المرض, والذي يعاني فيه المريض من الخوف من الآثار الطويلة للمرض.
الفشل, وهو ما يعني منه أفراد المجتمع التنافسي الذي يحكم على المرء بما يملك من أصول وأموال. والفشل في هذه المجتمعات يعني بالضرورة ضياع الفرصة لحياة كريمة وتحقيق الذات.
فقد علاقة مهمة, وذلك أن الحصول على الحب والتقدير والراحة التي كانت مضمونة ببقاء العلاقة الحميمية ينتهي بإنتهائها. وهذا ما يجر إلى الإكتئاب إن لم يتجاوزه المرء سريعاً.
فقد مكانة إجتماعية, فقد يستمد الإنسان طاقته وقوته من مكانته الإجتماعية, حتى إذا فقدها أصبح فريسة لأعراض الإكتئاب.
ومن ثم يشرح الكاتب العادات السيئة للإكتئاب ليختم بها هذا الفصل. وهي كالدائرة المحكمة التي لا يقوى المصاب بالإكتئاب الخروج منها لوحده, وإنما يحتاج إلى المساعدة. وذلك أنه في كل محاولة للتحرر من السير في هذه الحلقة المفرغة, يتبع نفس الأخطاء السابقة, وبالتالي فهو يعود إلى السير فيها, ولا يكاد يجد فيها منفذاً للهرب. وهذه الدائرة الخبيثة هي كما يلي:

الإنشغال بالذات, بمعنى متابعة نقد الذات وجلدها وتحميلها كل الأخطاء.
التفكير المحبط, وهو ما يجعل المصاب بالإكتئاب مختلفاً عن غيره لأنه يفكر بشكل يساعد على الكآبة.
هدم الذات, بممارسة العادات السيئة من إدمان وتأجيل للمهام والفوضوية والخجل وعدم الحزم في الأمور والكسل واللافعالية والإستسلام للأمر الواقع. وهذه العادات هي ما تؤكد للمصاب بالإكتئاب إحباطه وخجله من نفسه وعدم قدرته على التحكم بها.
الخوف من إنعدام السيطرة على العواطف, وهي حالة من الهلع من فقدان للعقل الرشيد.
ضعف في معظم نواحي الحياة, وهي نتيجة عن الأعراض التي يعانيها المصاب بالإكتئاب من عدم قدرة على التركيز وضعف الذاكرة وصعوبة في إتخاذ القرارات وفي التعلم. وعدم الإلمام بمثل هذه المهارات يؤثر على مستقبل من أصيب بالإكتئاب ويدخله في دوامة من المشاكل.
مخالطة بيئة غير فعالة, وهو ما يقع فيه المصاب بالإكتئاب غالباً عندما يبعد عنه أولئك الذين يرغبون في مساعدته ويحبون له الخير, فيبقى بعد ذلك فريسة لمن يستفيدون من حالة إكتآبه ويتعاملون معه بأنانية. وهو ما يجعله مع الوقت منكراً لذاته لكي يتمكن من إشباع رغباتهم.
الرغبة في البقاء ضعيفاً, وذلك لجذب تعاطف الناس مع المريض ولإعتيادهم على التعامل معه برعاية خاصة.
المرض, حيث أن الإكتئاب المزمن يؤثر في جسد المصاب به ويجعله فريسة للمرض.
التحيز والشعور بالعار, وهذا ما يلقي به المجتمع على كاهل المصاب بالإكتئاب فيصبح خائفاً من التصريح بمشاعره أو الإحتكاك بالآخرين لكي لا يأخذوا عنه إنطباعات سلبية.

المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
قديم 14-03-2011, 11:34 PM   #2
يمكن بالعربي
عضو نشط


الصورة الرمزية يمكن بالعربي
يمكن بالعربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 31370
 تاريخ التسجيل :  08 2010
 أخر زيارة : 12-01-2020 (09:38 PM)
 المشاركات : 122 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تلخيص كتاب التحرر من الإكتئاب, 4/2

كتبهاغسان الشريف ، في 19 ديسمبر 2010 الساعة: 17:42 م

الجزء الثاني: تعلم مهارات جديدة

هذا الجزء ليس مهماً فقط لمن يعاني من الإكتئاب, بل أيضاً يشرح كيفية الوقاية منه. ويفصل المؤلف هنا أعراض الإكتئاب ويلقي الضوء على كيفية تجاوزها بانتهاج أسلوب حياة أفضل.

عالم الإكتئاب
يصاب الإنسان بالإكتئاب بشكل متدرج ومتسلسل من خلال تعرضه المستمر للضغط العاطفي والنفسي والإستعداد الجيني للمريض. فهو كمريض القلب الذي تتضافر عليه عدة عوامل تؤدي إلى إصابته بشكل تدريجي بهبوط مفاجء في القلب أو انسداد في الشرايين. وكما أن مريض القلب يمكنه تجاوز مرضه بتلقي العلاج اللازم, فإن مريض الإكتئاب يستطيع تجاوزه بتلافي الأسباب المؤدية إليه وبتلقي الرعاية اللازمة من خلال طبيب معالج therapist, وهو الذي يغيير من منظور المريض إلى الحياة بالتأثير على أسلوب تعامله مع نفسه والآخرين. ولقد جمع المؤلف الأساليب التي ينتهجها مريض الإكتئاب في ما يلي من نقاط, ومن ثم شرع في تفصيل علاجها:

العواطف: وذاك أن مريض الإكتئاب لا يقوى عادة على التعبير عن عواطفه مخافة من رفض الناس له أو أنه يخفيها تحت حجاب من التظاهر بالامبالاة حتى لا يتحمل عواقب العلاقات الإجتماعية.
السلوكيات: فمريض الإكتئاب يصبوا إلى الكمال في كل ما يفعله. ولهذا فهو إما فاقد الثقة في نفسه إن لم يحقق الكمال في ما يعمل, أو أنه كثير التأجيل لها خوفاً من التقصير فيها.
طرق التفكير: فالمصاب بالإكتئاب عادة ما يكون متشائماً ويشعر بأنه هو المسؤول وحده عن الأحداث السيئة التي تصيبه.
الضغط النفسي.
العلاقات: حيث أن مريض الإكتئاب يهتم جداً بإعتقاد الآخرين فيه, ويخاف الرفض منهم, وعادة ما تثقل عليه العلاقات الإجتماعية ويقوم يتجنبها.
الجسد: وهو الذي يتأثر كثيرا بالإكتئاب من قلة للطعام أو الإفراط فيه, مشاكل في النوم, أو الإدمان. وقد يعاني فيه من أعراض مرض القلب أو السكري وضعف جهاز المناعة.
الذات: فقلة الثقة بالنفس وعدم القدرة على أخذ القرارت المناسبة والدونية في التعامل مع الذات, هي الطريقة التي يتعامل فيها مريض الإكتئاب مع نفسه.
وفي مايلي من فصول يشرح الكاتب كلاً من هذه الأساليب على حده.

العواطف
تعديل العواطف هي أول الطرق في علاج الإكتئاب وذلك لأن المصابين به عادة ما يخافون من مشاعرهم ويخفونها إلى الدرجة التي تجعلهم لا يكادون يتعرفون عليها. ويصاحبهم شعور مستمر بالذنب لعدم تعايشعهم مع عواطفهم كغيرهم من الناس في الحب والكره, الفرح والغضب, الخيبة والسعادة. فمريض الإكتئاب عادة ما يمارس خطوط دفاعية لحجب مشاعره ودفنها. ويتفنن في طرق تفكير متعددة وأساليب كثيرة توصله إلى إغلاق باب عواطفه بمزلاج من حديد كنفيها وكبتها وعزل نفسه عنها. ويؤدي عادة هذا الإنكار لعواطف المصاب بالإكتئاب إلى أن يصبح غير عاطفي, بارد, وعقلاني إلى الدرجة التي تجعله غير محبوب من الآخرين. وأول الطرق التي ينبغي لمريض الإكتئاب ممارستها لعلاجه هي التعود على التعبير عن مشاعره والتحدث عنها بلا خوف أو وجل.

السلوكيات
الذي يعاني من الإكتئاب عادة يؤجل أعماله لإعتقاده أنه غير جاهز بعد لخوضها أو أنه لن ينجح في أدائها, ومرضى الإكتئاب يعتقدون خاطئين أن الناجحين هم أولئك الذين يثقون في قدرتهم على الأداء بدون صعوبة تذكر, والحقيقة عكس ذلك, حيث أن الناجحون هم الذين يعرفون مدي صعوبة الحصول على أهدافهم, ومن ثم يهيؤون أنفسهم للطريق الطويل والمسار الصعب في سبيل الحصول عليها. وينصح المؤلف أن يختار من إعتاد على تأجيل أعماله: عملاً مؤجلاً,ومن ثم يضع له المميزات والسلبيات, فإن كانت مميزات القيام به أكثر من عيوب تأجيله, وضع خطة لإنجازه. وفي تلك الخطة يقيم العقبات والمشاكل المصاحبة للبدء في العمل, ومن ثم التخطيط لتجاوزها. ولكي تنجح الخطة, لابد من وضع أهداف معقولة وسهل القيام بها. فإن كان العمل المؤجل هو قراءة كتاب مثلاً, فإن شراء الكتاب أو البحث عنه في المكتبة, هو خطوة أولية معقولة في الخطة. وحتى يتم إنجاز العمل, لابد من مصاحبة التفكير الإيجابي في كل مرحلة من مراحله ومقاومة الأفكار السبلية. كأن يقول لنفسه: سأكون فخوراً بنفسي إن أتممت قراءة هذا الكتاب, ويقاوم قوله: هذا الكتاب كبير ولن أتمكن من إتمامه. وأخيراً عند إتمام كل مرحلة ينبغي أن يكافئ المرء نفسه بشئ يحبه, ليشعر بالرضا عن نفسه ويحثها على مواصلة العمل حتى النهاية.

طرق التفكير
الحقيقة أن من يعاني من الإكتئاب يختلف في طريقة تفكيره عن الآخرين, فهو ينظر بإحتقار إلى نفسه معتقداً أنه لن يصل إلى السعادة لأنه لا يستحقها. وهو لا يتحلى بالأمل في غد أفضل لقناعته بإفتقاد الشخصية التي تساعده على ذلك ولأنه يخاف من الخسارة في خوض تجارب جديدة. ونظرته إلى الواقع عادة ما تكون شكاكة ومرتابة. والذي يعاني من الإكتئاب عادة ما يميل إلي التعميم إن صادف تجربة ما متخيلاً أنها ستكرر في كل مرة. وهو يقيس الأشخاص من حوله بلونين فقط, إما أبيض أو أسود, واضعاً أولئك الذين يحترمهم في الدائرة البيضاء, ونفسه وبعض من يحبه ويقدره في الدائرة الأخرى, لا لشيء إلا أنهم أحبوا شخصاً مثله.
ومن المعتقدات التي تجر الإنسان عادة إلى الإكتئاب:

كي أكون سعيداً, لابد أن أنجح في كل ما يوكل لي من أعمال.
لابد للآخرين من تقبلي في كل الأوقات لكي أشعر بالسعادة.
قيامي بالأخطاء هو دليل عجزي.
لا أستطيع الحياة بدونك.
إن لم يتفق أحد معي في رأي, فهذا يعني أنني لا أعجبه.
ويتم تصحيح طرق التفكير هذه بالإستعانة بالمعالج النفسي الذي يستخدم العلاج السلوكي cognitive behavior therapy وهي أحد الطرق الناجعة والتي أثبتت نجاحها الكبير في علاج الإكتئاب.

الضغط النفسي
الضغط النفسي هو سمة من سمات هذا العصر, حيث أن الإنسان تتناوشه الكثير من أعباء الحياة التي تلقي بظلالها الثقيلة على نفسه وتدفعه دفعاً إلى هاوية القلق والإكتئاب. ومما يزيد من عبئ الضغط النفسي على مريض الإكتئاب, أنه يحاول محاولات مستمرة ودائمة لتجاوز العقبات التي يواجهها في حياته من صعوبة في التذكر, التركيز, وأخذ القرارات, ولكنه غالبًا ما يفشل في تخطي هذه العقبات لأنه لا يسلك الطريق الصحيح في تجاوزها. وهذا ما يؤثر على فعاليته في عمله وحياته اليومية, ويجعله دائم اللوم لنفسه وكثير التقريع لها. ولكي يقل مثل هذا الإحساس المتواصل بالذنب عند المريض, يركز المعالج النفسي على معرفة الأسباب المؤدية إلى الشعور بالذنب ليرفعه فوق المشكلة ويجعله قادر على أخذ القرار المناسب سواءً بتعديلها لتناسبه, أو تقبلها, أو تفاديها.

ويذكر المؤلف في معرض حديثه عن العلاج لتجاوز الضغط النفسي دراسة عن مجموعة من النساك البوذيين الذين يطيلون التأمل كل يوم كجزء من عبادتهم اليومية, فتبين من ملاحظة نشاطهم الدماغي, أن القشرة الداخلية لفص أدمغتهم اليسري نشطة, بينما فصهم الأيمن أقل نشاطاً. وإذا علمنا أن الفص الأيسر في الدماغ مسؤل عن السعادة والنشاط والأيمن عن الإنزعاج والإكتئاب, لعرفنا تأثير العبادة والتركيز فيها على نفسية الإنسان ونظرته إلى الحياة. وتبين الدراسة أنه كلما كانت العبادة أطول وأكثر تركيزاً, كلما زاد النشاط في فص الدماغ الأيسر وقل في الأيمن, بالتالي يقل الضغط النفسي ويصبح المرء أكثر نشاطاً وحيوية ومقدرة على مواجهة صعوبات الحياة.

العلاقات
الإكتئاب والفشل في تكوين العلاقات وجهان لعملة واحدة. فعادة ما يؤدي تعثر علاقاتنا بالآخرين إلى الإكتئاب, كما أن الإكتئاب يؤدي إلى تفكك علاقاتنا بمن حولنا من الناس. ومن المفارقات, أن مريض الإكتئاب عادة ما يحن لتكوين علاقات قوية مع الناس, ولكن طبيعة مرضه تمنعه من ذلك. فهو لا يقوي على التصريح بمشاعره ورغباته بشكل مباشر, وهذا ما يؤثر على فهم الآخرين له. وهو أيضاً لا يستطيع أن يستجيب لفرح من حوله لأنه لا يقدر على قراءة تعابير السرور على وجوههم. وهو يتظاهر عادة بعدم رغبته للدعم والتأييد والمساندة من الآخرين بالرغم من حاجته الشديدة لذلك, ويحاول جاهداً أن يقنع نفسه بأنه يقوي على مواجهة مصاعب الحياة بدون مساعدة من أحد. ولو تمكن من أصيب بالإكتئاب من بناء علاقات قوية مؤسسة على الثقة والصدق والإهتمام المشترك, لأعطي نفسه فرصة كبيرة في الشفاء.

ومن أنجع الوسائل التي تنعكس على تطوير علاقاتنا بالآخرين, تحسين مهارات الإتصال بهم بشرح مشاعرنا وعدم تجاهلها أو كبتها. فإن سألت إمرأة زوجها: أتريد أن تتغدى اليوم مكرونة أم دجاج؟, فأجابها بقوله: الدجاج جيد, بصوت يعبر عن عدم رغبته في مقاطعته في ما يعمل, ستشعر بالرفض وهو ما سيؤثر على نفسيتها وبالتالي على قوة علاقتها بزوجها. ولهذا فإنه فمن الأفضل لتك الزوجة أن تعبر عن مشاعرها لزوجها بقولها مثلاً: لا تتجاهلني بهذه الطريقة. وهذا التعبير يعكس الإنفعال الذي شعرت به جراء تجاهل زوجها لها لعدم إعطائها الإنتباه الكامل. وهو ما سيشعره بالذنب ومن ثم تصحيح خطأه وبالتالي الإعتذار منها. وهذا ما سينعكس على علاقتهما بالنماء ويزيد من اواصر المحبة ويعزز من ثقة الزوجة بنفسها لأنها لم تقف صامتة عندما شعرت بالإهانة من زوجها.

ولكي يكون التعبير عن مشاعرنا وعواطفنا تجاه الآخرين فعالاً, فلابد من إنتهاج ما يسمي بالإتصال التوكيدي communication assertive. وهذا النوع الإتصال يمارسه المرء الذي يحترم ذاته ويقدرها كإحترامه للآخرين وتقديره لهم, بأن يعطي لنفسه الفرصة لفهم الموقف بالإستماع الجيد ومن ثم التصحيح بطريقة لا تخدش كرامة الآخر أو تشعره بالتسلط والفوقية. ولكي نمارس هذه الطريقة الفعالة في الإتصال لابد لنا أولاً أن نضع في قناعاتنا أن لنا الحق في معاملة أفضل. ومن ثم نختار الوقت المناسب للرد وتوضيح مدى تأثرنا بالموقف بطريقة واضحة ولبقة وغير مهاجمة, كأن تقول بصوت لا تنقصه الجدية أو الإستياء: عندما رفعت صوت المذياع عالياً اليوم, لم أتمكن من إنهاء واجبي!. وحتى يفهم الآخر سبب الغضب أو الإستياء, لابد أن تشرح له مشاعرك تجاه موقفه, كأن تتابع فتقول: فشعرت بالقلق من أنني لن أتمكن من تسليمه في موعده. وحتي لا يتحول الآخر للدفاع عن موقفه, لابد أن لا تنتقد شخصيته وإنما فقط تصرفه. وأخيراً من المفيد أن تبين عواقب تصرف الآخر بدون تهديد, كأن تقول: وإن لم أتمكن من إنهاء واجبي في موعده, فلن نتمكن من الخروج اليوم.

الذات:
عادة ما يراوح مريض الإكتئاب الإحساس بالذنب من تصرفاته الخاطئة والعار من آثارها بما يؤثر عليه بمشاعر سلبية تجعله قليل الثقة في نفسه وعديم الإحترام لها. فهو عندما لا يتمكن من وفائه بما قطع على نفسه من وعد بشكل مستمر مثلاً, فإنه يشعر بالعار وأنه عديم القيمة. ومما يزيد من آثار هذه الأحاسيس, أن من أصيب بالإكتئاب عادة ما يهتم جداً بمن حوله من الناس ويراعيهم على حساب نفسه. وللتخلص من هذه الأحاسيس, يرى المؤلف أن لابد لمن أصيب بالإكتئاب من ممارسة الثقة بمن حوله من أصدقاء وأقارب بالكشف لهم عن أحاسيسه, مشاعره, أحلامه, رؤاه وخيبات أمله في بيئة آمنة خالية من التقييم أو الرفض, وهذا ما يساعده على التعرف على حقيقة نفسه والتصحيح المستمر لنظرته لذاته.
وعموماً ينصح المؤلف بممارسة حياة صحية لوقاية ولعلاج أنفسنا من الإكتئاب بتحسين عاداتنا اليومية وتطويرها بمزاولة ما يلي:

مزاولة التمرينات الرياضية
التغذية الصحية
النوم لفترات كافية ومنتظمة
قضاء بعض الوقت في اللعب
تقليل مشاهدة التلفاز
المشي كل يوم
رفع حس الدعابة
الشعور بالرضا عن النفس عند الإنجاز
الإستماع للمجاملات والتمتع بالعاطفة
إعارة الإنتباه للمتع الصغيرة والإثارة
تحدى النفس
ويعرض الكاتب في نهاية هذا الجزء بعض النصائح العامة في العلاج بالأدوية والعلاج النفسي. فهو ينصح أولئك الذين يعانون من أعراض الإكتئاب العميق من بكاء مستمر وعدم قدرة على مزاولة الأعمال الطبيعية أوالتفكير بالإنتحار, بتناول الأدوية المهدئة والمواظبة على زيارة المعالج النفسي إلى أن يشعر بعدم حاجته لذلك. وقد يضطر مريض الإكتئاب العميق إلى زيارة المعالج النفسي أسبوعياً على مدار سنة كاملة لتخطي المرض. وأخيراً ينصح الكاتب أولئك المقربين من المريض بالصبر والتحمل لحالته, حيث أن من أصيب بالإكتئاب يحتاج إلى الكثير من العاطفة والتقبل من الآخرين, ولكنه في المقابل لا يكاد يظهر التقدير لأعمالهم ويبدوا لهم وكأنه جاحد لجميل صنعهم معه. ومع أن مثل هذه العلاقة تثير الحنق والغيظ ممن أصيب بالإكتئاب, إلا أنه لا ينبغي إستعجال الشفاء بالضغط عليه لتجاوز أعراض الإكتئاب عنده ليعود كسابق عهده. مثله في ذلك كمثل من إستعجل شفاء من كسرت ساقه, فالإستعجال لن يساهم في سرعة إلتأم الساق أو تقليل كمية الألم التي يشعر بها المريض.


 

رد مع اقتباس
قديم 14-03-2011, 11:36 PM   #3
يمكن بالعربي
عضو نشط


الصورة الرمزية يمكن بالعربي
يمكن بالعربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 31370
 تاريخ التسجيل :  08 2010
 أخر زيارة : 12-01-2020 (09:38 PM)
 المشاركات : 122 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


تلخيص كتاب التحرر من الإكتئاب, 3/4

كتبهاغسان الشريف ، في 13 مارس 2011 الساعة: 19:19 م



الجزء الثالث: ضع مهاراتك على محك التجربة

الآن وبعد أن تعلمنا مهارات في كيفية التخلص من الإكتئاب, يحاول الكاتب صنع وضعية تساعد من تجاوز عقبته كي لا تظهر له من جديد. فهو يشرح الفعاليات العامة التي تساعد على منع الإكتئاب, ويتناول بالتفصيل كيفية التغلب على المشاعر السلبية التي كانت تعصف بمن أصيب به قبل علاجه.

العمل والإحساس بقيمة الحياة
يشدد الكاتب هنا على العمل (الوظيفة) وأهميته في حياة الإنسان, ففي ممارستنا لهذا الروتين اليومي, نشعر بتحقيق ذواتنا وبفعاليتنا وبمقدرتنا على الإنجاز. فالعمل يساعد على إحترام الإنسان لنفسه من خلال الإلتزام بأشياء بسيطة ولكنها مهمة, كالمحافظة على الحضور مبكراً والمكوث إلى آخر وقت الإنصراف والتغلب على المواقف الصعبة. ولكن ما الحل إن كانت الوظيفة مزعجة أوغير مرضية؟ في هذه الحالة ينصح الكاتب بأن نحاول بقدر الإمكان تجميل أعمالنا, بالتدريب على مهارات جديدة أو بالحصول على شهادات تساعدنا على الترقية, وبالتالي تغيير طبيعة العمل وطريقته, وأيضاً ببناء علاقات جيدة مع زملاء العمل, لتسهل ممارسته في بيئة فعالة وإيجابية. أما إن كان العمل سيئاً للغاية, كأن يبتلى الموظف برئيس متسلط أو ببيئة مزعجة, فمن الأفضل في هذه الحالة البحث عن عمل آخر يوفر له السعادة والأمان بدون تأجيل.

ومن الأشياء التي تساعد على التميز في العمل وفي الحياة عموماً, وضع الأهداف والتخطيط لتنفيذها. فالأهداف تساعدنا على معرفة أولوياتنا وترتيبها, والتخطيط مهارة يستطيع الإنسان من خلالها صنع حياته بنفسه وخلق فرص جديدة تتناسب مع طموحاته ورغباته الشخصية وخلفياته وقيمه في الحياة. ومع أهمية الأهداف والتخطيط, إلا الكثير منا غير مدرك لأولوياته أو أهدافه في الحياة, فتجدنا كثيراً ما نهدر أوقاتنا وجهدنا خارج نطاق أولوياتنا. كمن يدعي مثلاً أن أسرته أهم ما في حياته, ومع ذلك فهو لا ينمي علاقته بأبنائه وزوجته ولا يقضي معهم وقتاً كافياً. ولكي نتعرف على أولوياتنا, ينصح المؤلف بعمل قائمة لأهم عشرة أشياء نريد تحقيقها, ومن ثم نرتبها حسب الأولوية, ومن ثم نحسب الوقت الفعلي الذي نقضيه يومياُ لإنجازها, ووضع خطة متكاملة لتحقيقها. وفي ما يلي بعض التفصيل لكيفية كتابة الأهداف ووضع الخطط:
الأهداف: لكي يكون الهدف فعالاً فلابد أن يكون مكتوباُ بصياغة محددة, بناءً ومن الممكن قياسه. فلا يكفي مثلاً أن نكتب أريد أن أنجح في عملي, ولكن من الممكن كتابة هدف أكثر دقة وفعالية بإعادة صياغة الجملة السابقة الذكر لتكون: أريد أن أحصل على منصب مشرف في الشركة التي أعمل بها في خلال سنة من الآن.
انسجام الأهداف مع الأولويات: فإن كان الإستمتاع بالحياة على قائمة أولوياتك, وكان أحد أهدافك بناء منزلاً فخماً كبيراً, فأنت بهذا تتعارض بين أولوياتك وأهدافك, وهذا ما قد يجرك للإكتئاب إن لم تتمكن من إنجاز البيت لحبك الإستمتاع بحياتك, أو العكس.
التخطيط: لابد من وضع تصور عام لترتيب الأهداف في حياتك, يظهر فيها ما تريد إنجازه في هذه السنة وفي الخمس سنوات القادمة وعند التقاعد. فإن كان أحد أهدافك تغير عملك وتدريب نفسك على القراءة مثلاً, فمن الممكن أن تضم هذين الهدفين في خطة متكاملة للخمس سنوات القادمة, بأن تكتشف الأعمال التي تحبها من خلال القراءة العامة في السنة الأولى. ثم بعد أن تتمكن من معرفة العمل الذي تريده, تبدأ بالبحث لمدة سنة عن أنواع التخصصات والدورات التي تتناسب مع المجال الذي تريد التخصص فيه. حتى إذا تمكنت من الحصول على شهادة في ذلك التخصص في خلال سنتين, تبدأ بالبحث عن وظيفة مرضية لك تعمل فيها بنهاية السنوات الخمس.
مراجعة الأهداف والخطط: فالمتغيرات التي يتسم بها عالم اليوم كثيرة, وغالباُ ما تنعكس على نظرتنا للحياة وعلى أولوياتنا أيضاً. ولهذا فلا بأس من تغير الأهداف وقائمة الأولويات ومراجعة التقدم أوالإخفاق في الإنجاز من حين لآخر, ومن ثم تعديل الخطط لتكون أكثر ملائمة للحالة الراهنة.
العلاقة الزوجية
الزواج هو أحد الطرق التي تحث الزوجين على إظهار رغبته والبوح بمشاعره والإبحار بعاطفته الجامحة بدون خوف الرفض من الآخر. وهذا بالطبع ما ينعكس على نفسية كلا الزوجين ويجعلهما أكثر قدرة على التعبير عن عاطفتهما بين بعضهم البعض ومع الأخرين أيضاً. ومن فوائد الحياة الزوجية في هذا المجال, أنها تسمح لكلا الزوجين بالتنفيس عن ضغوط الحياة في بيئة أمنة وحميمية بشكل صارخ وبدون رتوش. وفي هذه الحالة على الطرف الآخر أن يظهر رغبته في تخفيف الحزن عن شريكه بالإستماع الجيد, وبدون التسرع في عرض الحلول ومناقشتها, ومحاولة البحث عن بدائل وبث روح التفائل والثبيت. "لا يسعني هنا إلا أن أتذكر بكل إحترام وتقدير, موقف خديجة بنت خويلد, زوجة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم, يوم أن دخل عليها النبي المصطفى وهو يرتجف من هول صدمة إستقبال الوحي لأول مرة قائلاً: زملوني زملوني. فما كان من أم المؤمنين الرحيمة, إلا أن أخذت زوجها وغطته حتى هدأ, ومن ثم إستفهمت منه الذي حدث, ثم لما سمعت كلامه إلى النهاية, ألقت عليه السكينة بقولها: لا والله لن يخزيك الله أبداُ, فأنت تحمل الكل وتقرئ الضيف وتعين على نوائب الدهر. ثم لم تكتفي بذلك, وإنما طلبت من إبن عمها, ورقة بن نوفل, رأيه في أمر زوجها. وكأن أم المؤمنين خديجة, قد قرأت هذا الكتاب أو أنها اطلعت على آخر الأبحاث في علم العلاقات الإجتماعية. رضي الله عنها وأرضاها".

قد تصل الحياة الزوجية إلى مرفأ لا يتمكن لكلا الطرفين فيه من ركوب نفس السفينة, فيقع الطلاق وينفصل كلاً من الزوجين في حياة يبحر فيها بعيداً عن الآخر. وهنا غالباً ما يتشتت الأطفال لحيرتهم مع أي طرف يبحرون, وتبدأ معاناتهم بكبت مشاعرهم وعدم إظهارها كي لا يجرحوا أحد أبويهم عند تعبيرهم عن حبهم للآخر. وغالباً ما يكثروا من لوم أنفسهم, ظناً منهم أنهم كانوا سبباً في الطلاق. وهذا بالطبع ما يؤثر على هذه البراعم الصغيرة, ويجعلها تقع فريسة سهلة للمشاكل. ويستشهد المؤلف بإحصائية تقول أن عدد الزائرين للطبيب النفسي ممن عانوا من مشاكل طلاق ابائهم في طفولتهم, هو ضعف عدد غيرهم ممن عاشوا بين أبويهم. وأن الأطفال الذين طلقت أمهاتهم وهم أقل من سن 16 سنة سجلوا في حياتهم المستقبلية حالات طلاق ومشاكل في العمل وإضطرابات في المشاعر أكثر من غيرهم ممن لم يعانوا من حالات طلاق لآبائهم. ولهذا فالمؤلف ينصح هنا بالصبر على متاعب الحياة الزوجية وعدم التسرع في الحكم عليها بعدم إمكانية إستمرارها عند ظهور المشاكل, وإنما لابد من البحث عن الحلول والبدائل بشكل مستمر. ويذكر الكاتب بحقيقة لابد أن نعيها دوماً, أن العلاقة الزوجية ليست كلها مبينة على الحب, كما يظهر في القصص والروايات, وإنما هي شراكة وعقد, الأصل فيه الإستمرار والدوام وتحمل المصاعب وتجاوز العقبات.

الأطفال والمراهقون
كان من المسلم به في السابق, أن الأطفال بعيدون كل البعد عن الإكتئاب, ولكن الأبحاث الحديثة أثبتت أنهم ليسوا بمعزل عنه. بل أن الكثير ممن يعانون من الإكتئاب في الكبر, قد إنطبعت الكثير من مشاعر السلبية في عقولهم منذ الصغر, ومن هنا إكتسب الحديث عن الإكتئاب في سن الطفولة أهميته. ولابد من الإنتباه هنا إلى أن أعراض الإكتئاب عند الأطفال ليست كمثيلاتها عند البالغين, حيث أنها تحتاج إلى عين فاحصة وتشخيص دقيق, وتكمن الصعوبة في تشخيص الإكتئاب عند الأطفال في عدم قدرتهم عن التعبير عن مشاعرهم بشكل مباشر. ولعل الهيجان المفرط هو من أهم ما يعانيه الأطفال عند إصابتهم بالإكتئاب, فإن كان الطفل محبطاً وغريب الأطوار أو متقلب المزاج ولا يمكن إرضائه, واستمرت هذه الأعراض أسبوعاً ولم تكن ناتجة عن خيبة أمل أو فقد عزيز, فلابد لأهله عندها أن يعرضوه على طبيب معالج. وهناك أيضاً بعض العلامات الأكثر وضوحاً تساعد في تشخيص الإكتئاب, كقلة النوم والتأخر الدراسي وفقدان الشهية وانعدام الإهتمام بما كان يشد إنتباهه سابقاً من الألعاب أو النشاطات. ومن العلامات أيضاً, أن تتأثر علاقاته الإجتماعية بأقرانه, فيتبقى له القليل من الأصدقاء, ولا يعد قادراً على الإحتفاظ بعلاقات متينة معهم لمدة طويلة من الزمن. وفي حال تأكد إصابة الطفل بالإكتئاب, فعلى الأبوين أن يكثفا الرعاية له وإظهار المودة والإهتمام به, كأن يبقوا بجانبه عند حل الواجب وحين تناول الطعام وعند النوم ووقت الرياضة والأنشطة المدرسية. ولا شك أن مشاركة الآباء لأبنائهم في فعالياتهم المختلفة, ليست فرصة لتقوية العلاقة بينهما فقط, بل هي أيضاً وسيلة ناجعة للأبوين للخروج من رتابة الحياة وإيقاعها الممل.

إن كان الأطفال يتأثرون بالإكتئاب, فالمراهقين أكثر وقوعاً فيه. ففي أمريكا مثلاً, تضاعفت حالات الإكتئاب بين المراهقين فيما بين أعوام 1950 و 2000 ثلاث مرات. ولعل من أسباب هذه الزيادة الكبيرة في حالات الإكتئاب بين المراهقين, تأثرها بإيقاع الحياة المادية وإستهداف الإعلام الصاخب لهم. فقنوات التلفاز وخاصة أغاني الفيديو كليب, تعرض على هؤلاء الشباب سلع الحياة المادية بدون رقابة أو حياء. فالجنس والعنف وتقسيم العالم إلى رابح وخاسر وتحقير شأن الآباء وتقليل أهمية العمل الجاد الدؤوب في الحياة هي مما يعرض على عقول هؤلاء الشباب في قالب مغري ومحبب على مدار الساعة. فإذا ما ترسخت هذه الأفكار في عقول الشباب, شبوا على التحرر من قيود المجتمع وأغلال المسؤولية, فلم يعودوا قادرين على إنشاء أسرة أو العمل على بناء مستقبلهم بصبر وأناة, وهذا ما يجرهم إلى الإبتعاد عن القيم والمبادئ, ويجعلهم أقرب إلى الوقوع في الجرائم بالبحث عن أساليب جمع المال السهلة والسريعة بغض النظر عن مصادرها. لكي يجدوا أنفسهم بعد ذلك بسنين وقد مرت بهم الحياة وليس لهم أسرة تهتم بهم أو مصدر دخل نزيه يعيشون منه, وهذا ما يجرهم إلى دائرة الإكتئاب أكثر فأكثر.ولهذا فلابد للآباء أن ينتبهوا إلى ما يشاهده المراهقون في البيوت, ولا يدعونهم بمفردهم أمام هذا الصندوق الأسود في غرفهم المغلقة, وإنما ينصح المؤلف بمشاركة الآباء للأبناء في مشاهدة برامجهم المفضلة, وهذا ما سيجعل الأبناء أكثر حذراً في المشاهدة ويمكن الأب أو الأم من متابعة إبنهما أو بنتهما. ولكي تؤتي هذه الجلسة ثمارها, فلابد من الحرص على عدم التعليق على المشاهد بالسلب, لكي لا يتهمك إبنك أو بنتك حينها بعدم فهم جيله, وهذا ما سيجرك إلى نقاش غير مجدى وغير فعال. ولهذا فمن الأفضل أن تدير حواراً يناقش مفهوم العرض ومغزاه, كأن تقول مثلاً: ما معنى أن يرقص المغنى وحوله عشرة بنات بثياب غير محتشمة؟ وحاول أن تتحدث مع إبنك أو بنتك بعد إنتهاء العرض عن مشاعرك تجاه ما رأيت ورأيك فيه, واستمع منه أيضاً وحاول أن تتلقى ما يقول بصدر رحب.

ويؤكد الكاتب في ثنايا هذا الفصل أن إحتمالية معاناة الأبناء من الإكتئاب كبيرة, إن كان آبائهم مصابون به. فالأم التي تعاني من هذا المرض مثلاً, لن تكون قادرة على الإعتناء بأبنائها ورعايتهم والحرص عليهم بالطريقة المتعارف عليها. وهذا ما سيؤثر على سلوك الطفل سلباً, فيصبح الولد أكثر عدوانية وشراسة, والبنت ميالة للبحث عن الحب في غير مظانه كأن يكون عن طريق الجنس مثلاً. ومن خلال هذه الممارسات السيئة, تتكون نظرة احتقار ودونية عند هؤلاء المراهقين, وهو بالتالي ما يجعلهم أكثر عرضة للإكتئاب. ولهذا فلابد للآباء, إن كانو يعانون من الإكتئاب, أن يسارعوا بالعلاج, وأن لا ييئسوا من تأثر علاقتهم بأبنائهم وجلد ذواتهم بمشاعر التقصير إزائهم . ففي إظهار الحب والتقدير للأبناء الكفاية في علاج الكثير من نوبات الغضب والمشاعر السلبية التي يصبها الأباء المصابون بالأكتئاب عليهم. ويرجع هذا إلى مقدرة الطفل مع الوقت على التمييز بين أعراض المرض والحب الصافي من الأبوين, وهو الذي لابد أن يحرص الآباء على إظهاره على الدوام وفي كل الأحوال. ولكن ليس في هذا عذر على التقصير في العلاج, وإنما هو مما يساعد على تجاوز المرض في خلال علاج المريض.

المجتمع
يقع على المجتمع الكثير من المسؤولية في إنشاء الفرد وتقويمه أو المشاركة في إصابته بالإكتئاب. فالمدرسة التى لا تعامل طلابها بالعدل, وعدم إحترام الإختلافات بين الأفراد, وضغط العمل الذي يكلف الموظف خسارة علاقته بأهله وأصدقائه, ينتج عنه مجتمع ضاغط يتأثر أفراده بأعراض الإكتئاب. وفي المقابل, فالمجتمع المتعاون القائم على التفاهم والإحترام والإهتمام بالآخرين, على إختلافهم, هو مجتمع معطاء فعال فيه الكثير من الفرص والقدرة على إثبات الذات. وعلى هذا, فالمجتمعات الصحية ليست تلك التي يكثر فيها المال وتنتشر فيها المادية القبيحة التي تقطع أواصر المحبة بين الناس, ولكنها تلك التي يعم فيها العطف والتعاون والعطاء. فهناك بعض المجتمعات الصغيرة التي تقوى فيها الروابط الإجتماعية, لمعرفة الناس فيها بعضهم بعضاً, كما في القرى أو المجمعات السكنية مثلاً, ويتمكن الفرد فيها من صنع فرق بمشاركته البناءة وعطائه للآخرين, وهذا ما ينعكس حتماً على إستقرار أفرادها النفسي وحبهم للآخرين, وبالتالي تميزهم وتحليهم بنظرة إيجابية عن الحياة.


 

رد مع اقتباس
قديم 14-03-2011, 11:40 PM   #4
يمكن بالعربي
عضو نشط


الصورة الرمزية يمكن بالعربي
يمكن بالعربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 31370
 تاريخ التسجيل :  08 2010
 أخر زيارة : 12-01-2020 (09:38 PM)
 المشاركات : 122 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


اعتقد ان الجزء الرابع ما نزل لسه ...وترى ما قرات ربعه الا وحبيت تشاركوني في القرائه


 

رد مع اقتباس
قديم 17-03-2011, 04:02 AM   #5
ريم طلال
( عضو دائم ولديه حصانه )


الصورة الرمزية ريم طلال
ريم طلال غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 32640
 تاريخ التسجيل :  12 2010
 أخر زيارة : 18-06-2013 (06:26 PM)
 المشاركات : 1,902 [ + ]
 التقييم :  97
لوني المفضل : Cadetblue


مقال رائع ....... رائع ..........رائع ...

صراحة الكاتب قام بتشريحي نفسيا ً ...

و هناك الكثير من النقاط تشبهني و غيرها اثار انتباهي ..

نقل جميل اخي يمكن بالعربي ..

حفظك الرحمن من كل شر ..

في انتظار الجزء الرابع ..


 

رد مع اقتباس
قديم 18-03-2011, 06:13 AM   #6
يمكن بالعربي
عضو نشط


الصورة الرمزية يمكن بالعربي
يمكن بالعربي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 31370
 تاريخ التسجيل :  08 2010
 أخر زيارة : 12-01-2020 (09:38 PM)
 المشاركات : 122 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


اخيرا في شخص انتبة للموضوع....وابشري اختي اول ما احصل الجزء الرابع بنقلو


 

رد مع اقتباس
قديم 18-03-2011, 05:08 PM   #7
الشاكر
مراقب عام


الصورة الرمزية الشاكر
الشاكر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29965
 تاريخ التسجيل :  03 2010
 أخر زيارة : 28-03-2023 (01:07 PM)
 المشاركات : 34,379 [ + ]
 التقييم :  253
 الدولهـ
Yemen
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Royalblue


سلمت يمناك أخي الكريم


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:58 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا