بالروح بالدم نفديك يا صدام

بالروح بالدم نفديك يا صدام

وبعد أن أمتلأت الصحف الخضراء والصفراء والبيضاء وفي صفحاتها الأولى قبل صور زعمائنا بوضع صور مايزعمون أنهما لـ( عدي وقصي) أبناء الرئيس المخلوع صدام حسين (القائد المختبيء) تساقطت أقنعة العروبة وبدأت تتلاشى أصوات العرب العاربة .
أمهزلة تعصف بعالمنا العربي أن تشوه أجسادا أسلامية والكل يتباهى بالنظر أليها ؟
مهزلة أميريكية مابعدها مهزلة وضعو لنا صورهما وهما ملتحين ثم وضعوهما بعد التعديل والنسخ واللصق والمكياج وقد أستعانو بخبراء هوليوود ليقربوهما للشعب العربي أكثرا فأكثر صدقونا هؤلاء هما (عدي وقصي).
البنتاغون يصر على إقناعنا بأنهما هما ياناس ياهو صدقوهم ..!!
أذكر في بداية التسعينيات زار الكاتب المستشرق الألماني بيتر شولاتور بلدا عربيا ثوريا وليعذرني القراء بإسم هذا البلد الثوري !!.
وبين حطام المدينة التي تعرضت للقصف الصاروخي انتصبت صورة القائد (...)شاهقة فوق الأشلاء.
يقول شولاتور كنت أسمع عن تحريم الإسلام للصور فلم أفهم المعنى حتى واجهت هذا الموقف. وفي بلدان أخرى يفهم الناس المسألة معكوسة فلا بأس من أن يقوم (مداح كذاب أشر) فيصف الحاكم بصفات الألوهية دون صورة ..
( والجميع قرأ صحيفة الجزيرة يوم أن صعد الأخ الأمير سلطان بن سلمان إلى الفضاء الخارجي ) لازلت أحتفظ بتلك القصاصة التي عنونت صفحتها الأولى بقولها : ( لاتنفذون إلا بسلطان) !!.
الناس تفهم أمرا والإعلام يفهم أمرا ربانيا آخر ..!!
الأمران هما في الحقيقة وجهان لعملة واحدة فهما صورة وصورة دون صورة. ومسألة الوثنية في بلاد العرب شيء مستغرب فقد أعيد إحياؤها بعد أن بكى عليها أبو لهب وأبو سفيان لولا أن إبراهيم(عليه الصلاة والسلام) دعا ربه أن ينجيه وذريته أو يعبدوا الأوثان. فالوثنية هي ليست فقط عبادة الأصنام ولكن تدخل معها تقديس الصور والرموز من غير الله ، أعود وأقول ومن المنطقة التي هرب منها إبراهيم عليه السلام تحديدا بعث النمرود من جديد في صورة وحش اسمه أبوعداي( عذرا الرئيس المخلوع) وليس الوحيد يقول أنا أحيي وأميت. وصدام عاجلا أم آجلا سيصبح في مزبلة التاريخ (وقد سبقوه أبناؤه)ولكن هل قبر معه المرض الفرعوني في غابة العرب؟
ومحمد إقبال(يرحمه الله) الفيلسوف المسلم من الهند قال في شعره شكوى وجواب:
شكوى أن مناة تتبدل حسب العصور
شاب بنو الدهر وهي فتاة.
والعلاقة بين الحكم والعلة حركة عقلية كتب لها ابن رشد كتابا مستقلاً بعنوان فصل المقال. وعندما يتوقف العقل عن فهم العلاقات الخفية يقع في مصيدة الوثنية. واليوم في ألمانيا لو انطلقت مظاهرة تضم السيد شرودر مثلا لترك الكل أعمالهم وعشرات أمثالهم لينطلقوا في شوارع هامبورج وهم يهتفون بالروح بالدم نفديك ياشرودر فلسوف ينظر إليهم الألماني الجديد المنطلق إلى عمله أنهم رهط ضلوا طريقهم من مصحة أمراض عقلية؟
فهل العالم العربي في مصحة كبرى دون أسوار وأطباء وحراسة؟
بالروح بالدم نفديك ياصدام .. بالروح بالدم نفديك ياصدام ..
قالها 14 مليون عراقي في يوم ميلاده ، واليوم ماذا يقولون ؟
أين الروح والدم ياأبناء العراق ؟ لايوجد .. يوجد .. أنا أقول لايوجد .
أنها متناقضات الحياة يا أمة محمد إنها الوثنية المبطنة بسواد الحاكمية الجاهلة
يبدو أن الأمر كذلك فالعاقل منهم أو هكذا يبدو يقول لو أن صدام خرج الآن في شوارع بغداد فكم من البسطاء سيقولون وراؤه : بالروح بالدم نفديك ياصدام ؟
أظن أنهم سيفكرون بالـ 25 مليون دولار قيمة المكافأة ...
وفي قناعتي أن هناك كثيراً مثلهم يرون في صدام قريبا مما رأى الشيعة في اختفاء الإمام الأخير في السرداب.
وسراديب صدام كثيرة كما رأيناه في القنوات والأخبار نقلت أنه أنفق المليارات في إنشاء شبكة سراديب تحت أرضية بما يعجز عنه الخلد والجرذان والأرانب والصراصير.
وفي قناعتي أيضا لو أنه ظهر واستطاع أن يقود شبه مقاومة يائسة عكس اتجاه التاريخ الذي طحنه طحنا لهرعت إليه جموع المجاهدين المغفلين من أمثال مجاهدي غوار ..!!
كما هي الآن في طائفة من العقلاء أو هكذا تظنهم، فما معنى هذا؟ هذا يقول إن الوثنية عندنا تشبه مرض بني إسرائيل مع العجل فالقرآن يقول إنهم أُشربوا العجل في قلوبهم وتأمل كلمة أُشربوا المبنية للمجهول.
إنها أزمة طاحنة للعقل العربي ليس لها من دون الله كاشفة؟
لايضيرنا إن ذهب هذا الحاكم أو ذاك إن هي الا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان.
إنها تساؤلات يخفيها الجميع علناً. والكل يتهامس بها سراً : صدام حي أو ميت ؟
هل الأمريكان قتلو عدي وقصي فعلا أم لا ؟
في أكثر من بلد عربي يعرف الجميع ان الجيش والحكم بيد فئة معينة أو أسرة معينة أو قبيلة معينة . وأنه مواطن من الدرجة الخامسة. ولكن لا احد يصرح بها ولو في منشور سري وعزاؤنا أننا بخير ونحن أفضل من غيرنا بكثير ..
في العراق قبل 15 عاما كان المواطن المصري ملكا يعيش في غير بلده ، قبل 15 عاما كان العراقي يدخل يده البحر فيصطاد سمكة ويشويها بنفس اللحظة ويقول هذه هدية من السيد الرئيس !!
كانوا يعيشون وليس بداخلهم صداما واحدا ولكن أكثر من صدام ، والعياذ بالله كان يحلفون به من دون الله ..
صدام تبرأ منه جميع القادة لا لأنه قال لأمريكا لا .. ، ولكن تبرأو منه لأنه قال لهم: لا لأمريكا ..
أخرج منها أنك مذموم . وإن عليك اللعنة ألى يوم الدين ، كان لهم شيطان فأستحق العقاب. إذن من نحن ؟
في الواقع نحن العرب فعلا أفضل من العراقيين أمنا وسخاء ودلالا وسلامة الدين ولكن في المقابل نحن في حالة نفاق مزمن ليس له إيمان. وخراج خفي ينفجر مثل انسمامات الدم في الحروب الأهلية.
لننتظر الفرج من الله ثم من من ؟
نلقاكم في الحلقة الثانية

النفيسي

المصدر: نفساني