|
الشهرة.. هل تعني الكذب والنفاق والتملق لمن ينشدها؟!
الشهرة بابها واسع جدا، فهذا يلج منه طالبا الشهرة متعمدا، وهمه الوصول بأي طريق كان ولو على أكتاف الآخرين، وآخر يلج منه وقد حسنت نيته ونقت سريرته، فلا هو طلب، ولا بأكباد الابل اليها ضرب، فالأول قد تتحقق له الشهرة ويلجها من اوسع الأبواب، فان لم يكن اهلا لها فلا شك بتعثره وسقوطه على هامته، وإن كان اهلا لها فستكون همه الذي يغلب على نفسه ويشغل ضميره فلا تجده لها الا مصافح، وللوصول اليها مكافح، والمهم هو وصوله اليها ولو على أكتاف الآخرين وهو الغالب على أصحاب هذه الحال وكفى به سوء تجرده من الاخلاص في عمله وبغيته تحقيق مراده بأي سبيل كان، وأما الآخر فقد جثت الشهرة أمامه على ركبتيها، وأتته وهي راغمة، ناشدة لذلك وده بعد أن أعياها الركون الى من لا يستحقها فكان لها ما ارادت، وأوت الى قرار مكين، فما غيرت من حاله، ولا نالت من خلقه، بل كانت سببا في العطاء، والعمل بوفاء، متعبدا بذلك رب الأرض والسماء، فله ولأمثاله منا الدعاء.وعودا على الأول وهو المعني بمقالنا فحال الولوج يختلف باختلاف صاحب الطلب ووسيلته، والمقصود بالحال ما يكون عليه من طباع تغلب عليه وتظهر منه كأنانية تمنعه من حب الخير للغير، او دهاء ومكر يأكل به الحقوق، او تسلط على عباد الله يكون به الظلم والتعسف وهضم حقوق الآخرين، وغير ذلك مما تعج به قواميس هؤلاء القوم، واما الوسيلة فتكون بالكذب على الآخرين لا سيما من ينشد عندهم الشهرة او هم سلمه اليها، او بالتملق الممجوج والتزين بثوب النفاق الذي يظهر به بريقه ويستر به عواره، او بنسبه ما فعله غيره الى نفسه عند مسؤول عنه وما اكثر هؤلاء لا كثرهم الله، او باهدار ما اؤتمن عليه فجعله وسيلة للوصول الى ما يريد. ويتحقق له بذلك الثناء عليه وستر مخازيه وتغطية عيوبه وبقائه في مخيلة القوم، اوبمديح وثناء لرب نعمته يقطر به لسانه ويكذبه قلبه، فبحضرته يدعو له وخلفه يسبه ويلعنه، وغير ذلك من الوسائل كثير تعج به وسائل الثعالب والصعاليك، وعلى العموم فغالب هؤلاء كان التذلل ووطئهم كرامتهم وتفانيهم العكر وصعودهم على أكتاف الغير جواد وصولهم أهدافهم، ولذا هضمت حقوق الآخرين الجادين الذين تشهد لهم ساعات عملهم بالتفاني الجد والاجتهاد وعدم التواني، ولربما لبث أحدهم دهرا ولم يزح عن جده ونشاطه ستار، وما ازيل عن وجهه الحقيقي ذرة غبار، وأما صاحبنا طالب الشهرة فعند وصوله الى مراده تتعطل جيوشه الشيطانية، وتنطفىء جذوة وسائله، وعندما ينكشف الغطاء ويظهر المكر والدهاء ويرتطم بجدار الحقيقة فتنثني سهام باطله وربما عادت اليه فكانت وبالاً عليه وصدق الله اذ يقول: {وأما الزبد فيذهب جفاء}.
م ن ق و ل
|
19-11-2003, 02:10 PM
