المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > الملتقى العام
 

الملتقى العام لكل القضايا المتفرقة وسائر الموضوعات التي لا تندرج تحت أي من التصنيفات الموجودة

بائعات ... على ارصفة الرياض !!

بائعات على ارصفة الرياض !! كان آخر توقعاتها أن تفترش الرصيف مجلساً، تنثر أحلامها على عتباته لتدوسها أقدام المارة، يمازحها الشتاء بقليل من نفحاته لعلها تعي حواره فتلملم أشياءها

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18-06-2003, 11:51 PM   #1
البريفسور
عضو نشط


الصورة الرمزية البريفسور
البريفسور غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3747
 تاريخ التسجيل :  03 2003
 أخر زيارة : 17-08-2005 (04:55 PM)
 المشاركات : 79 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
بائعات ... على ارصفة الرياض !!



بائعات على ارصفة الرياض !!

كان آخر توقعاتها أن تفترش الرصيف مجلساً، تنثر أحلامها على عتباته لتدوسها أقدام المارة، يمازحها الشتاء بقليل من نفحاته لعلها تعي حواره فتلملم أشياءها وتمضي، لكنها تتجاهل مزاحه وتكمل ما هي مقدمة عليه، فيخاطبها بجدية ريحه وبرودة مطره، ترد كلماته بغمر نفسها في عباءتها ناشدة الدفء من أنفاسها، يغادرها تاركاً جسدها لصيف لا ترحم شمسه المحرقة من يفترش الأرض ويلتحف السماء لعله يقنعها.. لم يعي كل منهما ـ الصيف و الشتاء ـ أن هناك ما هو أقوى من حواراتهما؛ إنه حوار الفقر والحاجة، حوار المادة التي يطغى جدلها على أي حوار.

على رصيفها الذي اعتمرت ناصيته كانت تخفي نفسها وراء عباءتها السوداء، تخشى أن يتعرف عليها أحد، تمد قطعة قماش تنثر عليها ما حملته من البضائع وتجلس خلفها تنظر إلى الغادي والقادم، لعلها تجد من يشتري أشياءها، تصبر نفسها وتصبرها نفسها وليتها تسلم، فإن سلمت برد الشتاء وحر الصيف لا تسلم أذى البشر.

مرمية هي في الطرقات، لا حول لها ولا قوة اختزلت أحلامها في يد طفل تمتد إليها بقطعة نقدية ليشتري بها كيس بطاطس أو لعبة ما.

من أولئك النسوة؟! ولما يفترشن الأرض في حر الصيف وبرد الشتاء، في وهج الشمس وسواد الليل؟!

الرصيف الحنون

لم يظهر منها إلا كفيها التي تخبرك ببساطة عن عدد سنين عمرها، امرأة عجوز تجلس بسكينة، وأمامها مجموعة من أكياس البطاطس وتسالي للأطفال ومرطبات، تقول: أمضي بخطواتي الثقيلة باحثة عن مكان أجلس فيه مع بضاعتي، تمر الأيام بي دون أن أشعر بها، تأخذني الأفكار هنا وترميني هناك، وحيدة أنا.. مضت سنيني ولم أتزوج، فقدت أبواي، أخوة ناءوا بتحملي فأنصتوا إلى زوجاتهم اللاتي لم يرغبن بوجودي بينهن، رأيت من الذل والإهانة ما دفعني لأبحث عن عمل شريف أسترد فيه كرامتي الضائعة أياً كانت صعوبته.. ولا تستغربي إن أخبرتك أني وجدت الحنان في الشوارع والطرقات في حين فقدتها في بيوتهم. وهذه هي السنة العاشرة من عمري أمضيها على هذه الحال. اعتدت الطريق واعتادتني الأرصفة.

همي دراستهم

في منتصف العمر هي.. نشيطة في العمل، رحبة الصدر قالت: اسمي أم عبد الله من جيزان، أتيت برفقة زوجي إلى الرياض لكنه رحل وتركني هنا مع أولادي الصغار.
ـ إلى أين رحل؟ كان سؤالي المتعجب، وجاء الجواب منها مطرقاً:
ـ إلى حيث لا رجعة.. مات. ومن يومها قررت أن أعمل من أجل أن أوفر لأولادي ما يلزمهم، وهكذا أبدأ يومي بإيقاظهم وإرسالهم إلى مدارسهم ومن ثم تحضير طعام الغذاء لهم، وأنتظر عودتهم من المدرسة لأطعمهم ثم أتركهم يذاكرون دروسهم وأمضي في رزقي، همي أن يستمروا في دراستهم، وأنتظر تخرجهم بفارغ الصبر.. لأرتاح.

سنموت جوعاً

كانت الساعة متأخرة من الليل والبرد شديد حين رأيتها تجمع بضاعتها لتمشي.. استوقفتها وبلهفة التساؤل وبرودة الهواء اللافح سألتها على عجل:
ـ لما أنت هنا؟
ـ كان زوجي يعمل سائقاً عند إحدى المدارس، لكنهم طردوه من عمله ظلماً وهو الآن بلا عمل، ملَّ البحث دون جدوى، أتركه في المنزل مع الأولاد وأخرج إلى الطريق لأبيع. ماذا أفعل؟ إذا لم يعمل أحدنا سنموت جوعاً.
حتى الرصيف..استكثروه عليَّ
رأيتها غاضبة، تسب وتشتم حالها، تقدمت وسألتها ما الخبر، أخذت تشكي لي أصحاب المحلات الذين يزيدون همها هماً: إنهم يأخذون أشيائي ويرمونها بعيداً يقولون أني أسيء بجلوسي هنا إلى مظهر محلاتهم وبالتالي المبيع فيها. ماذا أفعل؟ من قال لهم أني سعيدة بافتراش الرصيف؟! حتى الرصيف استكثروه عليّ. من أين أعيش؟! كيف أعيل أبنائي؟! لا حول ولا قوة إلا بالله.

قال أخرجا من هنا

في سن الشباب هي، مطلقة.. رمى بها زوجها إلى الطريق دون أن يسأل عنها أو يتكفل بمصروفها، تحمل بين يديها طفلاً رضيعاً لا يظهر منه شيء، تخاف عليه برد الشتاء لكنها مضطرة إلى جلبه معها، تقول: طلقني.. وقال أخرجي، رجوته أن يتمهل.. إلى أين سأمضي؟! لم يسمع توسلاتي، ناولني ابني وقال: أخرجا من هنا لا أريد رؤيتكما.. كان يشرب والعياذ بالله.. وهذا جعله مزاجيّ في التعامل، لقد تحملته كثيراً وبالنهاية رمى بي إلى الشارع. أهل الخير اشتروا لي بضاعة؛ لأستطيع أن أعيل نفسي وابني، الذي أخاف عليه كلما خرجت به وجلست هنا، ولكن ما العمل؟! ليس من بديل.

زوجي يريد ربحاً

هزت رأسها أسفاً.. يرغمني زوجي للخروج إلى الطريق للبيع، وهو دائم التشكي أن ما يحصل عليه من المال لا يكفي متطلبات عائلتنا الكبيرة، وهو يوصلني إلى هنا بسيارته مع البضاعة ويتركني في الساعة الرابعة عصراً ويأتي لأخذي بعد أن يغلق السوق أبوابه.

لا نريد مالاً

تقول: ليس لي من طريق آخر، لدي أولاد يحتاجون للحياة قبل كل شيء وواجبي أن أؤمن لهم ما يريدونه. أثناء حديثي معها مر بنا طفل صغير اقترب منها وهمس في أذنها، ربتت على كتفه وقالت: لن أتأخر عد إلى المنزل. عرفت حينها أنه ابنها، لحقت به..
ـ ماذا تريد من ماما؟
ـ أريدها أن تعود إلى المنزل.
ـ لماذا؟
ـ أخي الصغير يبكي ولم أستطع إسكاته.. لا أعرف ماذا أفعل له؟
ـ هل تحب أن تبقى ماما إلى جانبك في المنزل؟
ـ أحبها وأشتاق لها وأحتاجها، وقد أخبرتها بذلك كثيراً، لكنها تجيبني دائماً بأنها خارجة لتأتي لنا بالمال.. أنا لا أريد مالاً.. أريدها بجانبي كما هو حال أصدقائي جميعاً.

كفا ما مضى

فتاة في عمر الورد تمكث جانب أمها.. قالت: لم آتي إلى هنا لمساعدة أمي، فهي لا تدعني أعمل شيئاً، لكني أرغب في مرافقتها؛ فقد مللت المكوث وحدي في المنزل، أمي هنا طوال النهار وأخوتي مع أصدقائهم. كفا ما مضى من أيام وهي بعيدة عني.

من يكفل هؤلاء النسوة؟

ما الذي يجعل هؤلاء النسوة ـ القوارير ـ يتعرضن لكل هذه المهانة ويتحملنها، ينقلن أغراضهن من مكان إلى آخر.. . انه حال يموت منه الغيور … و كيف الحال اذا كان باذن الله اول الميتون … انا ( البريفسور ) .

همسة أخيرة

أخيراً ستبقى دائماً واقفة.. بعيداً خلف النافذة الأمامية.. تلاحقها نظراتنا ويجتر حالها الموجعة حزننا، تقف الإشارة بنا، نراقبها من خلف نافذة السيارة تعاني البرد والحر، الإهانة والخوف.. بينما ينسينا ملطف الهواء في أي الفصول نحن، تعلن الإشارة المضي، نمشي و ننساها وكأننا لم نراها .

سؤال اين الملايين التي تصرف هناك و لماذا لا تصرف هنا ؟!

اتقوا الله فيهم …

اخوكم :

البريفسور
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:24 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا