|
|
||||||||||
ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي . |
|
أدوات الموضوع |
01-05-2008, 03:46 AM | #1 | |||
عضومجلس إدارة في نفساني
|
العوده .. قصه قصيره
ثلاث سنوات ...
ثلاث سنوات كامله لم يطأ فيها فريد أرض مصر منذ أن سافر للعمل بتلك الدوله من دول الخليج العربى ... ويالها من فتره !! لم يدر كيف أمكنه أن يقضى كل تلك الفتره بعيداً عن زوجته وأولاده !! كيف أمكنه أن يحتمل فراقهم وبعادهم طوال هذه السنوات؟! تنهد بعمق وهو يسترخى داخل سيارة الأُجره التى تحمله من مطار القاهره الى منزله ؛ ويستعيد ذكريات ثلاث سنوات مضت.. لم يكن هناك من حل حينذاك لكل مشاكل الأُسرة الإقتصاديه سوى أن يقبل عقد العمل فى تلك الدوله .. الأولاد يحتاجون الى دروس خصوصيه فى كل المواد تقريباً .. زوجته تشكو متاعب العمل والمواصلات والحياة ... حموه بدأ يعلن عن تبرمه من وجودهم معه فى منزله ؛ على الرغم من أنه يحيا وحده بعد وفاة زوجته ؛ وسفر الأولاد الآخرين للعمل فى دول أُخرى .. ومتاعبه هو الشخصيه .... حتى علبة سجائره ؛ كان يدخر القروش لشرائها ... وكان الحل الوحيد هو السفر ... وسافر .. وهناك . بين آبار النفط ومرارة الغربه وذُل الوحده ؛ راح يعمل ليل نهار ؛ ويحرم نفسه من كل شىء ؛ فيما عدا علبة السجائر الأجنبية الصُنع ؛ حتى يرسل الجانب الأعظم من راتبه كل شهر الى زوجته فى القاهره .. وبعد العام الأول ؛ أبلغته رسائل زوجته أن كل شى أصبح أفضل : الأولاد يحصلون على دروسهم الخصوصية ؛ ولم تعُد هناك مشاكل فى المواصلات والعمل .. ووقعت الزوجه عقد تملُك شقه جديده .. ضايقه فى البدايه أنها سجلت عقد الشقه باسمها ؛ ولكنه لم يلبث أن تفهم ضرورة هذا ؛ حتى لا يحتاج لكتابة توكيل شامل لها لدفع أقساط الشقه واستلامها ؛ وما يستتبع ذلك من اجراءات .. وفى أول محادثه هاتفيه بينهما أخبرته زوجته أنها دفعت كل ما أرسله كمقدم للشقه ؛ ومازالت هناك الأقساط الشهريه الضخمه .. وقرر التنازل عن اجازته السنوية هذا العام ؛ لتدبير مصروفات المنزل ؛ وأقساط الشقه الجديده .. يكفى أن يتحقق الحلم ؛ ويصبح لديه شقه خاصه بعد اكثر من 15 عاماً من الزواج ... ومضى العام الثانى أكثر مشقه ؛ ولكن النتائج كانت أروع مما يتصور .. لقد تسلمت زوجته الشقه الجديده وأثثتها ؛ وأرسلت اليه صورها المُبهجه ؛ وصور أولاده الثلاثه داخلها .. ولقد تغيرت هيئة الأولاد كثيراً !! أحمد أصبح أطول .. مها ازداد وزنها .. وسامح يبدو أكثر أناقه .. ومع أول عائد الى القاهرة من زملاء العمل أرسل للأولاد حقيبه ضخمه تمتلىء بالملابس واللعب .. وأرسل لزوجته حقيبه مثلها .. وواصل ارسال اقساط الشقه ومصروفات المنزل ؛ واضطر فى العام الثانى للتنازل عن اجازته السنويه أيضاً ؛ لأن أحمد اصبح فى الشهاده الإعداديه ويحتاج الى مزيد من الدروس الخصوصيه وزوجته تشكو من متاعب السيارة المستعمله ؛ وتلح فى استبدالها بسيارة جديده ؛ وأقساط الشقه لم تنته بعد و.. ومضى عام ثالث من التعب والكفاح والمهانه .. وعندما حان موعد اجازته السنوية الثالثه قرر أن يسافر لرؤية الأولاد وزوجته وشقته الجديده ؛ وقرر أن يفاجئهم بعودته . وعندما أوقف سائق الأُجره سيارته أمام هذه البناية الفاخرة التى يحتل منزله الجديد أحد طوابقها خفق قلبه فى سعاده ؛ ونقد السائق بقشيشاً سخياً وهو يحمل حقيبته الوحيده ؛ ويستقل المصعد الى شقته الجديده ... وفى المصعد ابتسم فى حنان وهو يرسم صوره جميله للقائه بأولاده وزوجته ؛ ويتصور سعادتهم بعودته ؛ وتأثير المفاجأة الجميله عليهم .. وأمام باب الشقه ؛ انتبه لأو ل مرة أنه لا يمتلك مفتاحاً للشقه فدق جرس الباب وهو يأسف لضياع المفاجاه التى يحلم بها منذ وصوله ... ومضت لحظات من الصمت ؛ ثم فتحت مها الباب .. ولثوان تطلعت اليه والى ابتسامته فى حذر وتساؤل قبل أن تقول فى تردد : ـــ بابا ؟! هتف بكل سعادته لرؤيتها : ــ نعم يامها ؛ أنا أبوكِ .. صاحت : ــ بابا مرحب بك مرحب .. عانقها فى حرارة وسعاده ؛ ودخل معها لأول مره الشقه الجديده .. كانت شقه واسعه فاخرة بالفعل ؛ كل ركن فيها يشف عن ذوق زوجته وأناقتها ؛ ولكن أين ذهبت صورة زفافهما؟ انتبه فجأه الى أنه لاتوجد له أى صورة فى أى ركن بالمنزل ؛ وأدرك لحظتها لم ترددت مها قبل أن تصافحه .. لقد نسيت ملامحه تقريباً !! ثلاث سنوات لم يرسل فيها الى أولاده صورة واحده ولا يرون صوره بالمنزل فى الوقت ذاته ؛ فمن الطبيعى إذن أن ينسوا ملامحه تقريباً .. شعر بمزيج من الأسف والمرارة لهذا ؛ وأدهشه أن قادته ابنته الى حجرة الصالون وهى تقول : ــ ستعود أمى بعد قليل .. قال مُحتجاً : ــ سانتظرها فى حجرتنا .. لاحظ تردد ابنته فردد فى حزم : ــ أين حجرتنا ؟! قادته الى الحجرة فى استسلام وكأنها مرغمه على هذا ؛ وسألها وهو يُلقى سترته فوق الفراش ويضع حقيبته الى جواره: ــ أين ذهبت أُمكِ ؟؟ أجابته فى خفوت : ــ الى الكوافير .. ــ وأين أخواكِ أحمد وسامح ؟! أجابته ولهجتها تحمل شئ من الضجر : ــ أحمد عند مدرس الجغرافيا ؛ وسامح لم يعد من مدرسته بعد ثم سألته فى لهفه : ــ ماذا أحضرت لنا معك ؟؟!! أجابها فى ضيق : ــ لقد أرسلت لكم أشياء كثيرة الشهر الماضى ؛ واليوم أحضرت حقيبتى فحسب .. ألقت نظرة مفعمه بخيبة الأمل على الحقيبه وهى تُغمغم : ــ حقاً !! قال فى حنق : ــ ألا تشعرين بالفرحه لر ؤيتى ؟؟!! ألقت عليه نظرة حذرة قبل أن تقول : ــ بالطبع .. قالتها بلهجة خاويه من أية انفعالات ثم غادرت الحجرة وتركته وحده حائراً متوتراً .. ماذا أصابها ؟؟!! لماذا تتعامل معه وكأنها تستقبل ضيفاً ثقيلاً ؟؟!! لم يفهم سر هذا الأسلوب حتى عاد أحمد وسامح فى وقت واحد تقريباً .. ولم يكد يعلن عن عودته حتى هتف أحمد : ــ أبى عاد ؟؟!! ماذا أحضرت لنا معك ياأبى ؟؟!! وصاح سامح فى سعاده : ـــ هل احضرت السيارة الصغيرة التى طلبتها منك ؟ أحنقه كثيراً اهتمامهم بما أحضره أكثر من اهتمامهم بحضوره فأجاب فى عصبيه : ــ لا .. لم أُحضر شيئاً .. بدت خيبة الأمل على وجهى أحمد وسامح ؛ وفتر حماسهما تماماً حتى ان أجوبتهما عن اسئلته جاءت مقتضبه مجاملة كما لو كانا يجيبان ضيفاً أو أحد مدرسيهما !! ضاق صدره بالموقف وراح يتطلع الى ساعته فى قلق ؛ وفى انتظار عودة زوجته ؛ عسى أن يجد فى سعادتها برؤيته عوضاً عما أزعجه من لقاء أولاده ... واخيراً حضرت الزوجه ... أدهشته رؤيتها فى البداية ؛ بشعرها الأصفر الذهبى المصبوغ ؛ وزينتها المبالغه وهى تهتف به : ــ فريد ؟! يالها من مفاجأة !! متى وصلت ؟؟!! صافحها فى حرارة وأخبرها أنه وصل منذ قليل ؛ ثم سألها: ــ اتصبغين شعركِ ؟؟!! ابتسمت قائلةً وهى تتحسس شعرها فى زهو : ــ هل يروق لك اللون ؟ أجابها مجاملاً : ــ نعم .. إنه يناسبكِ تماماً .. كان كاذباً فى قوله .. فلون شعرها الذهبى لم يكن يناسب أبدا بشرتها السمرا ء ؛ ولكنه آثر الهدوء وعدم الدخول فى مجادلات عقيمه ؛ وفضل عدم مناقشتها أمام اولادهما ؛ وانتظر حتى ضمتهما حجرة نومهما ؛ وسألها : ــ لماذا تصبغين شعركِ ؟ قالت فى بساطه : ــ الأشقر هو الموضه هذه الأيام .. أخرجت من حقيبتها علبة سجائر أجنبيه التقطت منها سيجارة دستها بين شفتيها المصبوغين وأشعلتها بقداحة ذهبيه ؛ فسألها فى دهشه : ـــ منذ متى تدخنين ؟؟!! أجابته فى هدو ء: ـــ منذ عامين .. ثم أضافت وهى تنفث دخان السيجارة فى عمق : ــ كل نساء الطبقه الراقيه تفعلن هذا .. هتف فى دهشه : ــ الطبقة الراقيه ؟! من وضع هذه الفكرة الغبيه فى رأسكِ ؟؟ أجابت بحده : ــ ليست فكره غبيه ؛ إنها واقع .. ألا تشاهد أفلام السينما؟ لعن أفلام السينما وكل الأفكار العجيبه التى تغرسها فى رؤوس الناس ؛ وبدأت بينه وبين زوجته مشاده حسمها وهو يقول فى مرارة : ــ حسناً ؛ لم أقطع كل هذه المسافه لنتشاجر فى أمر كهذا !! تلفتت حولها فى لهفه وهى تسأله : ــ أين حقائبك ؟؟ أجابها وقد فهم ماترمى اليه : ــ لم أُحضر سوى حقيبتى .. هتفت فى ضيق : ــ فقط؟؟!! أجابها وهو يختنق غيظاً : ــ كان سفراً مفاجئاً سريعاً .. قالت فى أسف : ــ ياللخسارة !! لحظتها أدرك لماذا قضى فى الغربه ثلاث سنوات كامله .. لقد احتمل كل هذا لينساه أولاده .. ليخلو بيته من صوره .. لتصبغ زوجته شعرها وتبدل سيارتها .. احتمل الوحده والعذاب والمرارة والهوان لتنفث زوجته كل هذا مع دخان سيجارتها الأجنبية الصنع !!! وفى آليه ؛ وبدون أدنى لهفه أو انفعال سألته زوجته : ــ كم ستبقى ؟ وبكل مرارة الدنيا فى أعماقه أجاب : ــ سأرحل فى الصباح الباكر .. لم يعد لى مكان هنا .. وكان يعنى مايقول ..... ***********( الكاتب / د. نبيل فاروق ) ************* ________ ×× مع أطيب التمنات بأحلى الأوقات ××______ المصدر: نفساني
|
|||
|
01-05-2008, 01:29 PM | #2 |
مراقبه إداريه سابقة
|
نعم أسامة..................يا للأسف.................
يعني صحيح قصة.........ولكن حقيقية تحصل............... الله يلهم هكذا أشخاصاً الصبر والحلم............. على هذا البلاء ........... تقبل تحياتي العطرة . |
|
01-05-2008, 11:11 PM | #3 |
عضومجلس إدارة في نفساني
|
أشكرك جداً ياورده لهذا التفاعًل الحى والمُشاركه الإيجابيه ...
على فكره : هذا حال كثيرين ممن يُسافرون للعمل خارج البلاد ؛ ولاهم لهم إلا رفع مستوى المعيشه ( مادياً ) فقط لأُسرهم ؛ مُتغافلين عن الجانب المعنوى والتربوى المنوط بهم تجاه أُهليهم .... |
|
02-05-2008, 12:30 AM | #6 |
( عضو دائم ولديه حصانه )
|
اسمع اسامة مش مستحيل ولكن مبالغة
ان يدخر امواله التي عمل بها في الخليج الى يصل الى مستوى معيشي مثل القصة رفاهية قد تكون متناهية ما رسخه التلفاز عند عودة ابناء العرب الى اوطانهم بعد رحلة عمل في الخليج وهم محملين بكل سمين ونفيس اراها اكذوبة وزيف ابناء الخليج انفسهم لايعيشون فيها وشكرا امتعتنا بهذه الاقصوصة |
|
02-05-2008, 12:42 AM | #7 |
عضومجلس إدارة في نفساني
|
شكراً جزيلاً ياكيميائيه لصراحتكِ وشجاعتكِ فى التعبير عن رأيك ( فى
هذه المُشاركه وفى غيرها من مُشاركات ) ولإفصاحكِ عن إنطباعاتكِ العقلانيه بارك الله لنا فيكِ رأياً حراً واعياً نزيهاً ....... |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|